البند العاشر: يحتقرون الحقَّ، وينتهكون المبادئ بشكل صارخ، ويتجاهلون ترتيبات بيت الله (الجزء الأول)

قبل أن نبدأ اجتماعنا اليوم، سنستمع إلى محادثة ما. إنهما شخصان يتحدثان. يقول الأول: "إذا هُذِبتُ، فلن يرغب الإخوة والأخوات في القيام بواجباتهم بعدها". ويقول الثاني: "لن يرغبوا في القيام بواجباتهم؟ لا بأس. لو استُبدِلت، سيصبح الإخوة والأخوات سلبيين وضعفاء". وإذ يرى الأول أن صاحبه قد تفوق عليه، يقول: "إذا توقفت عن الإيمان، فإن الإخوة والأخوات الذين معي سيتبعونني جميعًا". وعند سماع ذلك، يقول الثاني: "حسنًا، أنت أقوى مني حضورًا إذًا. رغم ذلك، إذا أُخرِجت فسيتوقف الكثير من الناس في كنيستنا عن الإيمان. ما رأيك في ذلك؟ أنا أقوى حضورًا منك، أليس كذلك؟" هل تفهمون ما يقولانه في هذه المحادثة؟ ما الذي يتنافسان عليه؟ (يتنافسان على تحديد من هو الأكثر قدرة على كسب الناس، ومن هو أكثر قدرة على تأسيس مملكة مستقلة؛ يتنافسان على من منهما أكثر دهاءً من الآخر). إنهما يتنافسان على من هو الأكثر مكرًا، ومن هو الأكثر مقدرة، ومن لديه قدرة أكبر، ومن منهما نجح في كسب عدد أكبر من الناس. هل يتنافسان على من منهما لديه قدر أكبر من واقع الحق؟ من منهما لديه قدر أكبر من الإنسانية؟ من منهما يفهم الحق أكثر؟ (كلا. إنهما يتنافسان على من منهما سيكون لديه عدد أكبر من الناس يهرعون إلى الدفاع عنه إذا استُبدِل، أو أُبعِد). ما نوع هذه القدرة؛ تلك التي يتنافسان عليها؟ يتنافسان على من لديه القدرة الأكبر على السيطرة على الناس، وإيقاعهم في الشراك، وتضليلهم. خمنوا: أي نوع من الأشخاص هما هذان الشخصان؟ (كلاهما من أضداد المسيح). وماذا يكونان؟ أليس كلاهما من الأشرار، ومن الطغاة؟ (بلى، إنهما كذلك). من الواضح أنهما اثنان من الأشرار؛ يتنافسان بوقاحة من منهما الأكثر قدرة على ارتكاب الشر، ومن هو الأكثر قدرة على تضليل الناس والسيطرة عليهم، ومن هو الأكثر قدرة على كسب الناس، ومن هو الأكثر قدرة على التنافس مع الله على شعبه المختار. وأيهما يستطيع السيطرة على عدد أكبر من الناس، فهذا هو الأكثر قدرة. هذا ما يتنافسان عليه. أخبرني، هل يوجد أضداد مسيح يخوضون مثل هذه المنافسات؟ (‏‏نعم). هل يخوضون مثل هذه المنافسات علنًا، أم يتنافسون بعضهم مع بعض سرًا؟ (في السر). هل محتوى المحادثة بين الاثنين في هذه القصة موجود بالفعل إذًا؟ هل هو حقيقي؟ (إنه موجود، وحقيقي). نظرًا لأنهما يتنافسان مع بعضهما البعض سرًا، فهل سيقولان هذه الأشياء صراحةً؟ الغالبية العظمى من أضداد المسيح ماكرون وأشرار؛ لن يقولوا ذلك علنًا أو بشكل مباشر، حتى لا يعطوا الناس سببًا لانتقادهم. ولكن هذه هي الطريقة التي يفكرون بها في السر، وهذا ما يفعلونه بالفعل. ومهما حاولوا التغطية على الأشياء، وإخفائها، وإخفاء أنفسهم، فإن طبيعتهم بوصفهم من أضداد للمسيح وطبيعتهم الخبيثة لا يمكن تغطيتها. سوف يُكشَف عنها بالتأكيد. ربما لا يقولون أي شيء بصوت مرتفع، ولا يوجد شيء واضح يمكن للآخرين سماعه، لكنهم يتصرفون دون أدنى قدر من التستر أو الغموض، ودون اختباء أو سرية. إنهم أيضًا لا يتحركون من وراء ظهور الناس، فضلًا عن أن يقدموا أي تنازلات. ليس هناك أي غموض أو إهمال على الإطلاق في سلوكياتهم وأفعالهم لإيقاع الناس في شراكهم، وتضليلهم، والسيطرة عليهم، وتأسيس مملكة مستقلة. إنهم يعارضون الله بشكل صارخ، ويوقعون الناس في الشراك ويضللونهم بشكل سافر. إنهم يأملون أنهم إذا تعرضوا للتهذيب، فإن العديد من الإخوة والأخوات سوف يدافعون عنهم، وسوف يعارضون الله وبيته، وسوف يصبحون سلبيين ومتقاعسين، ولا يقومون بواجباتهم. هذا سيسعدهم ويحقق رغبتهم. وإذا استُبدلوا، فإنهم يرغبون بشدة في أن يصبح العديد من الناس سلبيين، ويقفون إلى جانبهم، ويدافعون عنهم، ويقدمون تفسيرات وحجج نيابة عنهم خلف الكواليس. إنهم يرغبون بشدة في أن يقدم الناس إحصاءً لمزاياهم، وأن يدافعوا عن كونهم على صواب؛ بل أن يحكموا حتى على ترتيبات بيت الله ويدينوها، ويثوروا ضد الله سرًا في قلوبهم، وينكروا بره، وينكروا أن كل ما يقوله ويفعله هو الحق، وينكروا أنها جميعًا أشياء إيجابية. وإذا توقفوا عن الإيمان، يرغبون بشدة في أن يتبعهم الجميع في عدم الإيمان، وأن يغادروا معهم، ليصبحوا أتباعًا لهم؛ يرغبون بشدة في أن ينكر الجميع أن الله هو الحق، وأن يعتقد الجميع أنهم هم من يمتلكون الحق، وأن كل ما يفعلونه هو الصواب، وأنهم قادرون على تغيير الناس وتخليصهم. وإذا أبعدتهم الكنيسة أو طردتهم بسبب ارتكاب الشر، فإنهم لا يدخرون جهدًا في حث العديد من الناس على إنكار وجود الله والعودة إلى العالم، حيث سيصبحون أناسًا لا يؤمنون. هذا سوف يسعدهم؛ سوف يعيد التوازن إلى قلوبهم، ويكون بمثابة تحرر لهم. هذه الكشوفات عن شخصية شيطانية، وهذه السلوكيات، وهذا الجوهر، وحتى هذه الأفكار والخواطر المعقدة والمفصّلة؛ مَن تمثل؟ هل هؤلاء الناس إخوة وأخوات حقيقيون؟ هل لديهم إيمان حقيقي بالله؟ هل يخضعون حقًا لله؟ هل لديهم أدنى قدر من تقوى الله؟ (كلا). من هذا، يمكن أن نرى أن أضداد المسيح هم في جوهرهم معادون لله وهم أعداء الله. هل هذا التعبير صحيح؟ هل هو الحق؟ (نعم، إنه صحيح، وهو الحق). هكذا تسير الأمور بالضبط. التعبير هو الحق، وهو ليس أقل من ذلك قيد أنملة، لأنه حقيقة؛ حقيقة لا تتغير إلى الأبد. هذه هي الطريقة التي يفكر بها أضداد المسيح، وهذا ما يفعلونه. كل أفعالهم وأعمالهم تحكمها طموحاتهم ورغباتهم الشخصية، وتحكمها وتحرض عليها طبيعة أضداد المسيح. هل يمكن إذًا تخليص أشخاص مثل أضداد المسيح؟ (كلا). إنهم معادون لله عند كل منعطف، ومعادون للحق عند كل منعطف. وأيًا كان من يرون أنه يضر بمصالحهم، ويتسبب في خسارة لسمعتهم، ويحرمهم من رغباتهم وطموحاتهم، ومن أملهم في أن يُبارَكوا، فسوف يثورون ضده ويكونون أعداء له، بغض النظر عمّا إذا كان ما فعله صحيحًا أم خاطئًا. هذه هي طبيعة أضداد المسيح. ولهذا السبب، بغض النظر عن الأشياء الخاطئة والشريرة التي فعلها هؤلاء الأشخاص من أضداد المسيح، أو الأشياء التي فعلوها والتي تتعارض مع مبادئ عمل بيت الله وترتيباته، فلن يسمحوا للآخرين بتهذيبهم، أو فضحهم والتعامل معهم. فما إن تقع لهم هذه الأشياء، فلن يفشلوا فحسب في الخضوع لها وقبولها، أو يفشلوا في الاعتراف بأن ما فعلوه كان عملًا شريرًا؛ لا، بل سيقاومون ويحاولون استعادة سمعتهم الطيبة بأي وسيلة ضرورية. وبأي وسيلة يمتلكونها، سيحاولون تحميل شخص آخر خطاياهم وأخطائهم، ولن يتحملوا أي قدر من المسؤولية بأنفسهم. وفوق ذلك، فإن أعظم أمنياتهم هي خداع الناس وتضليلهم حتى يتمكنوا من إيجاد الأعذار لأفعالهم الشريرة والجدال دفاعًا عنها، وأن ينهض المزيد من الناس ويقفون إلى جانبهم. هذا هو أكثر ما يودون رؤيته.

سننهي قصتنا هنا. لقد أصبتم في تخمنكم: هذان الاثنان من أضداد المسيح بالفعل. وحدهم أضداد المسيح هم من يمكنهم إجراء مثل هذه المحادثة، والتعبير عن مثل هذه الأشياء، والرغبة فيها. قد يكون لدى الأشخاص العاديين الفاسدين بعض هذه الأفكار من وقت لآخر، ولكن عندما يحدث لهم شيء حقيقي، فإنهم يعودون أمام الله لطلب رضوانه والصلاة له. وشيئًا فشيئًا، سوف يخضعون. جميع المؤمنين الحقيقيين، وجميع الذين لديهم ضمير وعقل، سيكون لديهم شيء من قلب يتقي الله عندما يُهَذبون أو يُستَبدلون. سيكون لديهم شيء من موقف الخضوع، والرغبة في الخضوع. إنهم لا يرغبون في الوقوف أمام الله، مُعادين له. وهكذا ينبغي للإنسان العادي الذي لديه شخصية فاسدة أن يتصرف. غير أن أضداد المسيح لا يمتلكون أيًا من هذا. ومهما سمعوا من عظات فلن يتخلوا عن رغباتهم، ولن يتخلوا عن طموحاتهم في السيطرة على الناس، وكسبهم، وتضليلهم. وعلاوة على ذلك، لن تتضاءل هذه الأشياء على الإطلاق؛ فمع مرور الوقت وتغير الظروف، فإن طموحاتهم ورغباتهم سوف تصبح أسوأ وأكثر تضخمًا. هذا هو الاختلاف الجذري بين جوهر طبيعة أضداد المسيح وطبيعة الناس العاديين الفاسدين.

انتهينا للتو من عقد شركة حول البند التاسع من المظاهر المختلفة لأضداد المسيح. وهذه المرة، سنتحدث عن البند العاشر: يحتقرون الحقَّ، ويسخرون من المبادئ بوقاحة، ويتجاهلون ترتيبات بيت الله. احتقار الحق، والسخرية من المبادئ بوقاحة، وتجاهل ترتيبات بيت الله؛ أي واحد من هذه الأشياء سيكون خطيرًا جدًا بحد ذاته، ولا يمكن اعتبار أي منها كشفًا عن شخصية فاسدة عادية. يمكن للمرء أن يرى في أي منها أن جوهر أضداد المسيح الذي يشتملون عليه يحمل في طياته الخبث والشر. هذان هما العنصران الواضحان والخطيران. فهل يجوز في هذه الحالة أن نستخدم كلمات مثل: الغطرسة، والتعنت، والخداع لوصف جوهر أضداد المسيح؟ (كلا). سيكون من الصعب للغاية الوصول إلى قلب هذه السمات الخاصة بجوهر أضداد المسيح باستخدام هذه الأوصاف. لا يمكن استخدام سوى الشخصيتين المتمثلتين في الخبث والشر لتلخيص جوهر أضداد المسيح.

وسوف نتناول هذه العناصر واحدًا تلو الآخر. إنهم يحتقرون الحق؛ فماذا تعني كلمة "احتقار"؟ (النظر بازدراء إلى شيء ما). (التقليل من شأن شيء ما، والاستخفاف به، وتهوينه). (التفكير في شيء ما على أنه تافه). الكلمات التي تستخدمونها كلها تعني الشيء نفسه تقريبًا. إن "احتقار" شيء ما يعني تجاهله، والاستخفاف به، والتقليل من شأنه، والتهوين منه، وازدراءه. وبصورة عامة، تعني الكلمة مقاومة شيء ما، والاشمئزاز منه، وكرهه من أعماق القلب، وعدم قبوله، بل حتى إدانته، إلى جانب الحكم العدائي عليه والتشنيع عليه. كيف يُقارَن هذا من حيث الدرجة مع ما قلتموه؟ (إنه أكثر تفصيلًا وتحديدًا). إنه أكثر تحديدًا وواقعية مما قلتموه. كانت معظم التعريفات التي قدمتموها مرادفات لكلمة "احتقار". وما قلته هو مزيد من التحسين لجوهر فعل وسلوك "الاحتقار"؛ إنه وصف ملموس ومفصّل لسلوك احتقار الحق وجوهره. وهذا يعني أنه عندما يحتقر شخص ما الحق، ففي أفعاله، وفي كيفية تعامله مع الحق في حياته اليومية، وفي الموقف الذي يتبناه في قلبه تجاه الأمور التي تنطوي على الحق والأشياء الإيجابية، يمكن للناس أن يروا أن موقفه تجاه الحق هو كالتالي: عدم قبوله، ومقاومته، والنفور منه، وحتى الحكم عليه، وإدانته، والطعن فيه. كل هذه هي الطرق المحددة التي يتجلى بها "احتقار الحق" وينكشف؛ إنها محددة لدرجة أنها تشمل كل جانب من جوانب مواقف مثل هذا الشخص تجاه الحق ونهجه تجاهه: إنه ينفر من الحق، وكلام الله، والأشياء الإيجابية. إنه يقاومه من أعماق قلبه، ولا يقبله. وعندما تخبره أن شيئًا ما هو كلام الله، وأنه الحق، فماذا سيكون موقفه؟ "كلام الله، الحق؛ من يهتم! أنت تستخدم كلام الله والحق في كل شيء. أليست هناك أشياء أخرى إلى جانب كلام الله في حياة البشر التي نعيشها؟ لقد قرأنا الكثير من الكتب، واكتسبنا الكثير من التعاليم، فهل كان كل ذلك بلا فائدة؟ الناس لديهم أدمغة وعقول؛ ولديهم القدرة على التفكير بشكل مستقل تجاه المشكلات. أليس تأسيس كل شيء على كلام الله والحق نوعًا من التأكيد الزائد عن الحد؟" وماذا سيكون موقفه عندما يحدث له شيء ما، وتخبره أنه بحاجة إلى الصلاة لله، وطلبه، وقراءة كلامه؟ سيقول: "أقرأ كلام الله؟ عندما يحدث لنا شيء ما، تكون تلك مشكلتنا الخاصة. ما علاقة مشكلات الإنسان بالله؟ ما علاقتها بالحق؟ هل تعتقد حقًا أن كل شيء موجود في كلام الله، وأنه موسوعة؟ كلام الله لا يذكر كل شيء بالضرورة. مشكلات الناس هي من مسؤولية الناس، والمشكلات المحددة تتطلب حلولًا محددة. إذا لم تتمكن من التعامل مع شيء ما، فابحث على الإنترنت، أو استشر خبيرًا بشأنه. يوجد حتى أساتذة جامعيون هنا في كنيستنا، والكثير من الإخوة والأخوات طلاب جامعيون. ألا يمكن لنا مجتمعين أن نضاهي الحق؟" وما إن تذكر له طلب الله وطلب الحق، وما إن تقول له إنهم يجب أن يقرأ كلام الله، فلا يتبادر إلى ذهنه إلا أن ينظر إليك بازدراء. إنه غير راغب في الممارسة بهذه الطريقة؛ وسيجدها مهينة ومذلة للغاية، ويعتقد أنها ستجعله يبدون غير كفء. أليس هذا شكلًا من أشكال احتقار شيء ما؟ هذا مظهر فعلي، وسلوك فعلي، لاحتقار الحق. مثل هؤلاء الناس ليسوا أقلية. قد يستمعون كثيرًا إلى العظات، ويحملون مجلدات من كلام الله في أيديهم، ويقومون بواجبات في بيت الله، ولكن عندما يحدث لهم شيء ما، ويُطلب منهم طلب الحق وقراءة كلام الله، يجدون ذلك سخيفًا، ويشعرون بالنفور تجاهه. لا يمكنهم قبوله؛ بل إنهم ينفرون منه. ولهذا السبب، عندما يحدث لهم شيء ما، يستخدمون الأساليب البشرية لحله، قائلين: "تتطلب الأمور المحددة حلولًا محددة، ومشكلات الناس يجب على الناس حلها. ليست ثمة حاجة للبحث عن الله. ليس على الله أن يعتني بكل شيء. إضافة إلى ذلك، هناك بعض الأشياء التي لا يستطيع الله أن يهتم بها. هذه أمورنا الخاصة، والتي لا علاقة لها بالله، ولا علاقة لها بالحق. لا ينبغي لله أن يتدخل في حريتنا الشخصية، ولا ينبغي له أن يتدخل في شؤوننا الخاصة. لدينا الحق في الاختيار؛ لدينا الحق في اختيار كيفية عيشنا، وكيفية سلوكنا، وكيفية حديثنا. الحق وكلام الله هما لأوقات الحاجة القصوى، والأوقات الحرجة، وأوقات الضرورة القصوى، عندما يحدث شيء ما لأحد الأشخاص ولا يستطيع حله، ولا يملك أي ملاذ ضده؛ حينها يجب عليه إخراج كلام الله وقراءته قليلًا، للتخفيف عنه، ولمنحه القليل من السلوى الروحية. وهذا أكثر من كافٍ". يمكن أن نرى من هذا أن موقف أناس مثل أضداد المسيح تجاه الحق هو بوضوح موقف لا يُقر بأن الحق يمكن أن يكون حياة الإنسان، أو أن كلام الله مرتبط بكل ما يحدث للناس في حياتهم الواقعية. وهم لا يؤمنون بحقيقة أن كل ما يخص الإنسان هو بيد الله.

أضداد المسيح يحتقرون الحق؛ وهذا يشمل الكثير من الأمور. ماذا يعني قولنا إن أضداد المسيح يحتقرون الحق؟ ما هو نطاق ذلك؟ سنقسمه إلى ثلاثة بنود للتشريح. سيكون الأمر أكثر وضوحًا لكم بهذه الطريقة. أولًا، إنهم يحتقرون هوية الله وجوهره. ألا تدل هوية الله وجوهره على الحق؟ (بلى). ثانيًا، يحتقرون الجسد الذي تجسد فيه الله. أليس الجسد الذي تجسد فيه الله والعمل الذي يقوم به هو الحق؟ (بلى). وما يتبقى هو أنهم يحتقرون كلام الله. الأول هو أنهم يحتقرون هوية الله وجوهره؛ والثاني يمكن اختصاره بالقول إنهم يحتقرون المسيح؛ والثالث هو أنهم يحتقرون كلام الله. وسوف نُشرح كل من هذه الأمور على حدة.

1. احتقار هوية الله وجوهره

سنعقد أولًا شركة عن نوع الموقف الذي يتبناه أضداد المسيح تجاه هوية الله وجوهره، والذي سيوضح أنهم يزدرون الحق في هذا الصدد. ما هو موقف أضداد المسيح تجاه هوية الله وجوهره؟ ماذا يعتقدون بشأن هذه الأشياء؟ كيف يقومون بتعريفها؟ وكيف ينظرون إليها؟ ما الذي ينطوي عليه جوهر الله؟ شخصية الله البارة، وقدرته، وقداسته، وتفرده. فيما يتعلق بحقيقة أن هويته هي هوية الخالق، وأنه هو صاحب السيادة على قدر البشرية جمعاء، هل يُقر أضداد المسيح بذلك؟ (كلا). كيف يتجلى عدم إقرارهم بذلك على وجه التحديد؟ (لن يقبل أضداد المسيح الأشخاص، والأحداث، والأشياء التي تحدث لهم كل يوم من الله؛ بل سيُفرطون في تحليل هذه الأمور، ويتعاملون معها بمفاهيم وتصورات بشرية). سيتعاملون معها بمفاهيم وتصورات بشرية؟ كان النصف الأول مما قلته صحيحًا: عندما يحدث شيء لأحد أضداد المسيح، فإنه سيُفرط في تحليل المسألة. لكن النصف الثاني؛ حيث قلت إنه سيعالج الأمور بمفاهيم وتصورات بشرية، فهذه سلوكيات يقوم بها الناس العاديون الفاسدون. ما نعقد شركة عنه ونكشفه هنا هو أن أضداد المسيح يزدرون الحق وحقيقة سيادة الله على قدر البشرية. ولكي تجد الدليل على ذلك، عليك أن تجد أساليب وسلوكيات ذات صلة بأضداد المسيح. في الواقع، يُقر أضداد المسيح حسب كلامهم بأن "الإنسان خلقه الله، وقدر الإنسان بيد الله، لذا ينبغي للناس أن يخضعوا لسيادة الله"؛ لكن هل يقبلون بهذا عندما تحدث لهم الأشياء؟ تلك الكلمات التي يتحدثون بها لطيفة وصحيحة للغاية، لكن هذه ليست الطريقة التي يمارسون بها عندما يحدث لهم شيء ما. إن نهجهم وموقفهم تجاه الأشياء عندما يحدث لهم شيء ما هما اللذان يكشفان أن الكلمات التي يقولونها هي عبارة عن شعارات، وليست معرفة حقيقية. عندما تحدث لهم الأشياء؛ ما نوع الآراء، والأفكار، والتعبيرات، والمواقف التي تكون لديهم والتي تثبت أن لديهم جوهر ضدٍ للمسيح؟ عندما يحل شيء ما بضدٍ للمسيح، هل يمكن أن يكون رد فعله الأولي هو قبول هذه الحقيقة؟ هل هذا هو الموقف الذي يتبنونه: الهدوء والخضوع أمام الله، وقبول البيئة التي هيئها الله، سواء كانت جيدة أو سيئة، وسواء كانت مفيدة لهم أم لا؟ من الواضح أنهم لا يتبنون مثل هذا الموقف. إن أول ما يفكرون فيه عندما يحدث لهم شيء ما هو كيفية تأثيره على مصالحهم ومكانتهم، وبعد ذلك، يخططون لوسائل للتحرر منه، وإيجاد طريق للخروج، وتجنبه. نظرًا لأنهم لا يرغبون في تحمل المسؤولية عن هذا الشيء، فإنهم يبحثون بشكل غير مباشر عن التبرير والأعذار؛ ويستخدمون الأساليب البشرية لحله، ويستخدمون عقولهم لتحليل المشكلة ومعالجتها. بل إنهم سيلقون بالمسؤولية على شخص آخر، ويشكون من أن هذا الشخص مخطئ وأنه لا يفعل ما يُطلب منه، ويأسفون لأنهم كانوا مهملين ومقصرين منذ البداية، ولأن الأمور كانت على الحال الذي كانت عليه منذ البداية. ومن الواضح أن لديهم موقفًا مقاومًا، ومراوغًا، ورافضًا، وغير متقبل للظروف التي تواجههم، والظروف التي ينظمها الله. رد فعلهم الأول تجاه هذه الظروف هو مقاومة حدوثها؛ ورد فعلهم الثاني هو استخدام الأساليب البشرية لتلطيفها، وتجاوز العاصفة بوسائل بشرية، وحتى استخدام الوسائل البشرية للتغطية على الحقائق، والتغطية على الخسائر التي يسببونها لعمل الكنيسة ودخول الإخوة والأخوات إلى الحياة. إنهم يوجهون كل طاقاتهم العقلية نحو استخدام الوسائل البشرية للتغطية على أعمالهم الشريرة وإخفائها. إنهم لا يُقرون بطبيعة الأشياء السيئة التي فعلوها، أو مبادئ الحق التي انتهكوها، حتى إنهم يصدرون تعليمات لمن حولهم قائلين: "لا تدعوا هذه الأشياء تخرج للعلن. ينبغي ألا يقول أحد منا أي شيء؛ وبذلك لا يمكن لأحد آخر أن يعرف". لا يقتصر الأمر على أنهم لا يخضعون ويرفضون قبول هذه الظروف؛ بل إنهم سيردون أيضًا بالخداع والتحفظ، محاولين التغطية على الحقائق الحقيقية، على أمل التهوين من تأثيرها، والتقليل من أهميتها، حتى لا يسمحوا لقادتهم الأعلى أو الله بمعرفة الأمر. هذه هي الطريقة التي يتعامل بها أضداد المسيح مع الأشياء التي تحدث لهم. هل طريقتهم في التعامل مع الأشياء متسقة مع الشعارات التي ينادون بها؟ من بين الشعارات التي ينادون بها وموقفهم عندما تحدث لهم الأشياء، أيهما يُعتبر كشفًا عن جوهر طبيعتهم؟ (موقفهم عندما تحدث لهم الأشياء). ما هو هذا الموقف بالضبط إذًا؟ هل لديهم موقف الخضوع؟ هل لديهم مثل هذا الموقف الذي يقبل بتواضع تأديب الله وتهذيبه لهم؟ هل لديهم استعداد للخضوع لسيادة الله؟ هل موقفهم وسلوكياتهم الحقيقية تمثل إيمانًا حقيقيًا بأنه أيًا كان ما يحدث لهم فإن الله هو صاحب السيادة على كل ما يخص الإنسان؟ (كلا). على الإطلاق. ما هو موقفهم إذًا؟ إنه واضح تمامًا: إنهم يقصدون رفض الأشياء والتستر عليها، والخداع، ويقصدون المعارضة حتى النهاية، وعدم السماح لله بالتصرف أو السيادة. إنهم يعتقدون أن لديهم القدرة والإمكانية لتصحيح كل شيء. وفي مناطق نفوذهم، لا يجوز لأحد أن يتدخل في عملهم أو يديرهم؛ فلا بد أنهم هم الأعظم. هل لا يزال الإله الذي يؤمنون به موجودًا في تلك اللحظة إذًا؟ ليس بعد الآن؛ بل هو الآن مجرد قشرة فارغة. ما هو إيمانهم في تلك اللحظة إذًا؟ إنه إيمان غامض وفارغ، ويحمل في طياته الغش. ليس لديهم إيمان حقيقي.

عندما لا يحدث شيء لأضداد المسيح، سوف يتظاهرون بالاستماع إلى الخطب، وقراءة كلام الله، وتعلم الترانيم. كذلك سيشاركون في الحياة الكنسية ويشاركون بشكل استباقي في جميع مشاريع عمل الكنيسة، وغالبًا ما سيقولون: "نحن نؤمن بالله، لذلك يتعين علينا أن نؤمن بسيادته، ونخضع لسيادته. كل شيء بيد الله، وكل ما يفعله هو الخير". علاوة على ذلك، غالبًا ما يوجّهون الآخرين قائلين: "لا ينبغي للناس أن يُصروا على التصرف بطريقتهم الخاصة. وعندما يحدث لهم شيء ما، يجب أن يصلّوا لله، لأن كل شيء بيد الله". إنهم يهتفون بهذه الشعارات بصوت مرتفع للغاية، ويبدو موقفهم حازمًا وحاسمًا للغاية؛ لكنهم يفشلون في تلبية التوقعات، وعندما يحدث لهم شيء ما، فإن الحقائق الواضحة، وما يكشفون عنه صراحةً، تكشف عن قامتهم الحقيقية وجوهرهم، تمامًا وبشكل كامل. كما يعرضهم ذلك لعدم الإيمان بحقيقة هوية الخالق وجوهره، وعدم الإقرار بحقيقة أن له السيادة على كل شيء. إنهم غير راغبين في قبول هذه الحقائق، فضلًا عن الاعتراف بها. والأمر الأكثر فظاعة هو أنهم لا يفشلون في الاعتراف بها أو قبولها فحسب، بل يظلون معارضين لها بعناد حتى النهاية. وعندما يحدث لهم شيء ما، فإنهم يشعرون بالحزن، إن لم يكن بسبب شيء معين، فبسبب شيء آخر. إنهم لا يأتون أمام الله بطريقة حسنة وخاضعة لطلب رغباته ومقاصده؛ لا يأتون أمام الله بخضوع، ولا يخضعون لسيادته وترتيباته، ولا يقبلون تنظيماته وسيادته؛ ولا يقبلون تأديبه بخضوع. وبدلًا من ذلك، فإنهم يرغبون في تسوية الأمر باستخدام أساليب ومخططات بشرية، وبوسائل بشرية؛ في قمع الأمر، وتضليل الآخرين وتضليل الله. إنهم يعتقدون أنه من خلال تسوية الأمر، فإنهم سيتخلصون منه؛ وأنه من خلال تسوية الأمر، سيغطون أخطائهم وشخصياتهم الفاسدة، ولن يعرف أحد بشأنهم، أو يكون قادرًا على اكتشاف أي خطأ لدى أضداد المسيح، أو متابعة الأمر إلى أبعد من ذلك. سيكونون قد أنجزوا شيئًا ضخمًا، وبعد ذلك، سوف يستقر أمرهم. بالنظر إلى الأمر من خلال كلمات وسلوكيات أضداد المسيح، وأفعالهم وتصرفاتهم عندما يحدث لهم شيء، وكذلك جوهر سلوكهم وأدائهم، سنجد أنهم يقاومون سيادة الله بعناد. سيقاتلون بعناد حتى النهاية. ومهما كان ما فعلوه من خطأ، فلن يسمحوا لله أن يهذبهم، أو يهيئ لهم بيئات يخضعون فيها للتأديب، فضلًا عن أن يسمحوا له أن يكشفهم ويفضحهم. وما إن ينكشف أمرهم، ويظهر سرهم، حتى يصابوا بالذعر، ويشعرون بالإحباط والغضب؛ حتى أنهم سيقلبون الطاولة ويوجهون الاتهامات بشكل استباقي، قائلين إن الله فشل في حمايتهم، وأنه لم يباركهم، وأنه غير عادل؛ وإلا فلماذا، عندما حدثت لهم ولشخص آخر الأشياء نفسها، لم يكشف الله الشخص الآخر، وإنما كشفهم هم وحدهم؟ لماذا إذن عندما حدثت الأشياء نفسها، لم يؤدب الله الشخص الآخر، وإنما هم وحدهم؟ بل إنهم سيقولون: "بما أن الله ليس بارًا، سيتعين عليَّ حماية تفسيي بأساليب بشرية، بأساليبي الخاصة". إنهم يؤمنون أن الله لا ينبغي له تأديبهم وكشفهم عندما يرتكبون شيئًا خاطئًا، ولكن يجب أن يسترهم، ويمنحهم الضوء الأخضر عند كل منعطف، والمخرج السهل، متغاضيًا عن كل أخطائهم. إنهم يعتقدون أن هذا ما سيفعله الله. وإذا كشفهم الله، ولم يعاملهم معاملة خاصة عندما تحدث لهم الأشياء، ولم يمنحهم رؤية أو قيادة خاصة، فإنهم يشعرون أن مثل هذا الإله ليس جديرًا بالمحبة، وأنه غير لائق للسيادة على مصيرهم. لذا، عندما يحدث لهم شيء ما، فإنهم لا يريدون الخضوع لله وقبول كل ما يأتي منه بوصفهم كائنات مخلوقة؛ وبدلًا من ذلك، يريدون من الله أن يخدمهم، وأن يمنحهم الأفضلية في كل شيء، وألا يوبخهم أو يؤدبهم بسبب أيٍّ من التجاوزات التي يرتكبونها، أو على أي فساد، أو تمرد، أو مقاومة يكشفون عنها. في كل مظهر وسلوك من سلوكيات أضداد المسيح يمكننا أن نرى أنه ليس لديهم إيمان حقيقي بالله. إن ما يسمى بإيمانهم الحقيقي هو مجرد محاولة لجني الفوائد والمزايا. إنهم لا يخضعون لترتيبات الله، بل يريدون أن يلبي الله رغباتهم، ويرغبون في استغلاله ليفعل كل شيء من أجلهم ويفتح لهم الأبواب. إنهم لا يقبلون سيادة الله وترتيباته، أو خلاصه، باعتبارهم كائنات مخلوقة فاسدة. وبدلًا من ذلك فإنهم يشعرون أنهم يقدمون لله معروفًا استثنائيًا بالإيمان به، وأن الله يجب أن يتذكر ذلك، ويحميهم، ويباركهم دون قيد أو شرط، ويغفر لهم، بغض النظر عن أي شيء سيئ فعلوه، ويمنحهم عفوًا خاصًا. إن هذا النوع من الناس الذين هم من أضداد المسيح أشرار حقًا. ليس لديهم أي خجل على الإطلاق. إنهم لا يعرفون حتى نوع الشيء الذي هم عليه أو من هم، لذا، عندما يحدث لهم شيء ما، فإنهم يقدمون المبررات والأعذار بلا خجل، ويترافعون ويدافعون عن قضيتهم، ويتجاهلون المسؤولية، ويخفون الحقائق. إنهم يعارضون الله حتى النهاية، خوفًا من أنهم إذا انكشفوا ورأى الناس حقيقتهم، فلن يتمتعوا بمكانة أو منلة. إن إيمانهم بالله يتوقف عند ما تنطق به أفواههم؛ فهم لا يبذلون شيئًا، ولا يخضعون بصدق، فضلًا عن أنهم أبعد ما يكونون عن القبول. لذا، فيما يتعلق بحقيقة هوية الله، يمكن أن نرى في جوهر أضداد المسيح أنهم ضد هذه الحقيقة من أعماق قلوبهم، وأنهم غير راغبين في السماح لله بالسيادة على مصيرهم وتدبير كل ما يتعلق بهم. إنهم لا يرغبون في السماح لله بأن يكون صاحب السيادة؛ فمن الذي يرغبون في أن يكون صاحب السيادة؟ إنهم يرغبون في أن يكون لهم هم أنفسهم القول الفصل، وهذا يعني ضمنًا السماح للشيطان بالتلاعب بالأشياء، والسماح للشخصية الفاسدة وجوهر الشيطان الفاسد بأن يكون حياتهم، ويحكم بوصفه ملكًا في قلوبهم. هكذا تسير الأمور. أما بالنسبة لجوهر الله؛ فكيف يتعامل أضداد المسيح مع هذا؟ يُضمر أضداد المسيح شكوكًا حول العناصر التي يتضمنها جوهر الله. إنهم لا يؤمنون؛ بل يشككون؛ وتكون لديهم أفكارًا حول كل تلك العناصر، إلى جانب إدانتهم لها. بل إنهم في بعض الأحيان يستخدمون تصوراتهم، ومعرفتهم، وعقولهم لتحليل هذه العناصر وتفسيرها. حتى أن بعض الأشخاص الأغبياء يعتقدون أن تفسيراتهم جيدة جدًا، وروحانية، ومشروعة، وعملية للغاية. وهذا أكثر إثارة للاشمئزاز.

أ. احتقار برّ الله

يتعامل الناس من أمثال أضداد المسيح مع بر الله وشخصيته بالمفاهيم، والشكوك، والمقاومة. يقولون لأنفسهم: "إن بر الله مجرد نظرية. فهل يوجد حقًّا شيء اسمه البر في هذا العالم؟ في جميع أعوام حياتي، لم أجده ولم أره مرَّةً واحدة. العالم مظلم وشرير للغاية، والأشرار والأبالسة ناجحون ويعيشون في رضا. لم أرهم يحصلون على ما يستحقونه. لا يمكنني رؤية مكمن بر الله في هذا. وأتساءل: هل بر الله موجود حقًا؟ مَن رآه؟ لم يره أحد ولا يمكن لأحد أن يُثبته". هذا ما يفكرون به في أنفسهم. إنهم لا يقبلون عمل الله كله، وكلامه كله، وجميع ترتيباته على أساس الإيمان بأنه بار، لكنهم يشككون دائمًا ويُصدرون أحكامًا، وتملؤهم المفاهيم التي لا يسعون أبدًا إلى طلب الحق لمعالجتها. وهذه دائمًا هي طريقة إيمان أضداد المسيح بالله. فهل لديهم إيمان حقيقي بالله؟ كلا. يتمسك أضداد المسيح دائمًا بموقف شك عندما يتعلق الأمر ببر الله. وبطبيعة الحال، تكون لديهم شكوك حول شخصية الله، وقداسته، وما لديه وما هو عليه. إنهم لا يؤمنون بهذه الأشياء، وإنما يعتمدون فقط على ما تراه العين؛ فإذا لم يتمكنوا من رؤية شيء بأعينهم، فلن يؤمنوا به أبدًا. إنهم مثل توما، يشككون دائمًا في الرب يسوع، ولا يؤمنون بأن الرب يسوع قام من الموت، ولا يؤمنون بقدرة الله العظيمة. هل يمكن لمثل هؤلاء الخبثاء من أضداد المسيح، الذين لا يملكون فهمًا روحيًا ولا يسعون إلى الحق، أن يؤمنوا بأن كلام الله هو الحق؟ إنهم لا يؤمنون بأيٍّ من هذا؛ ففي أعماق قلوبهم، لديهم دائمًا شكوكهم. وبالنظر إلى جوهر أضداد المسيح، فإنهم يعتمدون على ما تراه العين، لذا فهم ماديون. إنهم لا يستطيعون رؤية قدرة الله المطلقة، ولا يؤمنون بأن كلماته هي الحق، وأنها حقائق قد حققها بالفعل. ونظرًا لأنهم لا يملكون فهمًا روحيًا، وليس لديهم إيمان حقيقي، فلا سبيل لديهم لرؤية أفعال الله. والحقيقة أن لديهم دافعًا خفيًا للإيمان بالله. إنهم مثيرو شغب متهورون؛ وهم خدام للشيطان. هل يستطيع الإنسان الذي لا يقبل الحق ولا يؤمن بوجود الله، والذي ينظر إلى كل الأشياء بعين بشرية، أن يكتشف وجود الحق؟ هل يستطيع أن يكتشف حقيقة سيادة الله على البشرية؟ كلا بالتأكيد. إنه ينظر إلى الأشياء بنظرة فاحصة، ونظرة متشككة، وموقف متشكك، بل ويقاوم كل ما يفعله الله، لذا فإن أضداد المسيح غير مؤمنين بشخصية الله البارة. إن لديهم شكوكهم ولا يقبلونها. ما سلوكيات أضداد المسيح التي تُظهر للآخرين أنهم لا يقبلون الحق أو يُقرون بجوهر الله؟ هناك العديد من السلوكيات المحددة. على سبيل المثال، عندما تنشأ مشكلة في عمل الكنيسة، بصرف النظر عن مدى اللوم الموجه لهم بسبب وقوعها وبغض النظر عن ماهية عواقبها، فإن رد الفعل الأول من ضد المسيح هو تبرئة نفسه وتحويل اللوم إلى كل مكان آخر. وحتى لا يتحمل المسؤولية، يجعل الآخرين يحيدون بأنظارهم بعيدًا عنه، ويقول بعض الكلمات الصحيحة واللطيفة ويؤدي مهمة سطحية للتستر على حقيقة الأمر. في الأوقات العادية، لا يستطيع الناس رؤية المشكلة، ولكن عندما يحدث لهم شيء ما، يُفتضح قبح ضد المسيح. ومثل القنفذ، الذي تكون جميع أشواكه منتصبة، يحمي ضد المسيح نفسه بكل قوته، راغبًا في عدم تحمل أي مسؤولية. أي نوع من المواقف هذا؟ أليس هو موقف عدم الإيمان بأن الله بار؟ إنه لا يؤمن أن الله يفحص كل شيء أو أنه بار؛ ويرغب في استخدام طرقه الخاصة لحماية نفسه. يقول لنفسه: "إن لم أحمِ نفسي، فلن يحميها أحد. ولا يستطيع الله أن يحميني أيضًا. يقولون إنه بار، ولكن عندما يقع الناس في المتاعب، هل يعاملهم حقًّا بإنصاف؟ مستحيل – فالله لا يفعل ذلك". عندما يواجه ضد المسيح المتاعب أو الاضطهاد، يشعر بافتقاره إلى المساعدة فيفكر قائلًا: "أين الله إذًا؟ لا يستطيع الناس رؤيته أو لمسه. لا أحد يمكنه مساعدتي؛ لا أحد يمكنه أن يعاملني بإنصاف ويقيم الإنصاف من أجلي". إنه يعتقد أن الطريقة الوحيدة لحماية نفسه هي بطرقه الخاصة، وإلا فسوف يعاني من الخسارة، ويتعرض للتنمر والاضطهاد؛ وأن بيت الله ليس استثناءً من هذا. سيكون ضد المسيح قد خطط بالفعل كل شيء لنفسه قبل أن يحدث له شيء ما. فمن ناحية، ما يفعله هو محاولة جاهدة للتخفي خلف قناع شخص قوي بحيث لا يجرؤ أحد على إزعاجه، أو العبث معه، أو التنمر عليه. ومن ناحية أخرى، يتمسك في كل منعطف بفلسفات الشيطان وقوانينه الخاصة للوجود. فما هي هذه القوانين في الأساس؟ "اللهم نفسي، وليبحث كل امرء عن مصلحته فقط"؛ "اترك الأشياء ما دامت لا تؤثر عليك"؛ "العقلاء يجيدون حماية أنفسهم ولا يسعون إلا لتجنب ارتكاب الأخطاء"، ويتصرف حسب ما تسمح به الظروف، ويتسم بالخفة والدهاء؛ "أسالم من يسالمني وأعادي من يعاديني"؛ "التناغم كنز؛ والصبر ذكاء"؛ "تحدَّث بكلمات طيبة تتناغم مع مشاعر الآخرين وعقلهم لأن الصراحة تزعج الآخرين"؛ "الحكيم يخضع للظروف"، وغير ذلك من مثل هذه الفلسفات الشيطانية. إنه لا يحب الحق، وإنما يقبل فلسفات الشيطان وكأنها أشياء إيجابية، معتقدًا أنها قادرة على حمايته. وهو يعيش وفق هذه الأشياء؛ فلا يقول الحق لأحد، بل يقول دائمًا أشياء مرضية، ومتملقة، ومجاملة، ولا يسيئ لأحد، ويفكر في طرق للتفاخر بنفسه لكي يحترمه الآخرون. إنه لا يهتم إلا بسعيه وراء الشهر والربح، ولا يفعل أي شيء على الإطلاق لدعم عمل الكنيسة. لا يكشف عمن يرتكب خطأً ومن يضر بمصالح بيت الله أو يبلغ عنه، بل يتصرف وكأنه لم يره. بالنظر إلى مبادئه في التعامل مع الأشياء ومعاملته لما يحدث من حوله، هل يكون له أي معرفة بشخصية الله البارة؟ هل لديه أي إيمان بها؟ ليس لديه أي شيء. لا يعني تعبير "أي شيء" هنا أنه ليس لديه وعي بشخصية الله البارة، وإنما يعني أن لديه شكوك بشأنها في قلبه. إنه لا يقبل حقيقة أن الله بار ولا يُقر بها. وعندما يرى الكثير من الناس يشهدون بأن الحق والبر يسودان في بيت الله، فإنه يقاوم ذلك ويُدينه في قلبه قائلًا: "لماذا لم يواجه التنين العظيم الأحمر أي عقاب بسبب اضطهاده لشعب الله المختار؟ إن الأشرار من غير المؤمنين يتنمرون على شعب الله المختار، ويشهرون بهم، ويدينونهم، ومع ذلك لم يواجهوا أي عقاب أيضًا. إنهم جميعًا يجلسون مرتاحين، فلماذا يكون المؤمنون بالله هم دائمًا من يتعرضون للتنمر؟" في صميم قلوبهم، هم لا يؤمنون بشخصية الله البارة. لا يؤمنون بأن الله يعامل كل شخص بالبر، ولا يؤمنون بالأفكار القائلة إن الله سيعطي كل شخص ما يستحقه، بحسب أفعاله، وأن أولئك الذين يسعون إلى الحق فقط هم الذين سيباركهم الله وتكون عاقبتهم جميلة. أضداد المسيح لا يؤمنون بهذه الأشياء. إنهم يقولون لأنفسهم: "إذا كانت هذه حقائق، فلماذا لم نرها؟ أنت تقول إن من يسعى إلى الحق سوف يباركه الله. حسنًا، ثمة شخص في كنيستنا يسعى إلى الحق، ويبذل نفسه من أجل الله، ويقوم بواجبه بإخلاص؛ فكيف انتهى به الأمر؟ لقد طارده التنين العظيم الأحمر حتى أنه بالكاد يستطيع العودة إلى المنزل؛ وتفككت أسرته لدرجة أنه لا يستطيع رؤية أطفاله. هل هذا هو بر الله؟ وهناك شخص آخر أُلقي في السجن بسبب إيمانه بالله، حيث تعرض للتعذيب حتى الموت. أين كانت شخصية الله البارة إذًا؟ لقد تمسك بشهادته؛ ولم يكن يهوذا. لماذا لم يباركه الله ويحميه؟ لماذا سمح الله للتنين العظيم الأحمر بضربه حتى الموت؟ وكان هناك أيضًا قائد في كنيستنا تخلى عن عائلته ومهنته من أجل عمل الكنيسة. لقد قام بواجبه لسنوات عديدة وواجه الكثير من الصعوبات، وفي النهاية أُدين وأُبعد لقيامه ببعض الأعمال الشريرة وإزعاج عمل الكنيسة. أين كانت شخصية الله البارة حينها؟ وثمة بعض الإخوة والأخوات الذين يقومون بواجبات في بيت الله في سن مبكرة جدًا، ويتحملون المشاق ويكدحون، ولكن ما إن يرتكبوا خطأ وينتهكون المبادئ حتى يتعرضوا للتهذيب. بعضهم يبكي بشدة خوفًا من طردهم واستبعادهم، دون وجود من يواسيهم. لماذا لا أستطيع أن أرى بر الله في ذلك؟ بأي طريقة بالضبط تتجلى شخصية الله البارة في هذه الأشياء؟ لماذا لا أستطيع رؤيتها؟ وهناك حالتي أنا أيضًا؛ قد أكون لا مباليًا بعض الشيء في أداء واجبي، وقد أكشف أحيانًا عن قدر من الشخصية الفاسدة، لكن مع ذلك، لديَّ موهبة. لماذا لا يرقّيني بيت الله؟" خلال كل هذه الأمور، لا يستطيع أضداد المسيح أن يروا بوضوح ما يحدث. إنهم يرون الظواهر الخارجية فقط، لكنهم لا يستطيعون رؤية مقاصد الله من وراء الأشياء. إن أعماق قلوبهم مليئة بالشكوك والمخاوف، والأفكار والمفاهيم؛ وهناك الكثير من العقد في قلوبهم، والتي لا يستطيعون حلها. وكلما فكروا في هذه الأشياء، يمتلئون بالاستياء، والإدانة، والتجديف على شخصية الله البارة. يقولون لأنفسهم وهم غاضبون: "إذا كان الله بارًا، فلماذا يتعرض الأشخاص الأبرياء للتهذيب؟ إذا كان بارًا، فلماذا لا يعذر الناس على كشفهم عن بعض الفساد؟ إذا كان بارًا، فلماذا يُطرَد بعض الأشخاص الذين قاموا بواجبهم وعانوا كثيرًا، لمجرد فشلهم في القيام بعمل فعلي؟ إذا كان بارًا، فلماذا نُضطهد ونُعذب ونحن الذين نتبعه بإخلاص راسخ، وربما نُرسل إلى السجن، وفي بعض الحالات، نُضرب حتى الموت؟" ليس لدى أضداد المسيح أي تفسير واضح لأيٍّ من هذه الظواهر. إنهم لا يعرفون ما يجري معهم؛ ولا يمكنهم رؤية الأمر بوضوح. إنهم غالبًا ما يسألون أنفسهم: "هل الإله الذي أؤمن به بار أم لا؟ هل الإله البار موجود أم لا؟ أين هو؟ عندما نواجه الصعوبات، وعندما نتعرض للاضطهاد، فما الذي يفعله حينها؟ هل يمكنه إنقاذنا أم لا؟ إذا كان الله بارًا، فلماذا لا يدمر الشيطان؟ لماذا لا يدمر التنين العظيم الأحمر؟ لماذا لا يعاقب هذه البشرية الشريرة؟ لماذا لا يمنحنا العدالة ويقيم الإنصاف من أجلنا، نحن الذين نؤمن به والذين عانينا كثيرًا؟ لماذا لا يدافع عنا؟ نحن نكره الأبالسة والشيطان، ونكره الأشرار؛ فلماذا لا ينتقم الله لمظالمنا؟" "لماذا" تعقبها "لماذا"، في متوالية لا تنقطع من قلب أضداد المسيح، مثل مدفع رشاش، لا يمكن السيطرة عليه بأي وسيلة. وعندما لا يستطيعون التحكم في هذه الأشياء، لماذا لا يأتون أمام الله للصلاة والطلب، أو قراءة كلامه والتماس الإخوة والأخوات لعقد شركة معهم؟ ألن يحلوا مثل هذه المشكلات حينها، واحدة تلو الأخرى؟ هل حل هذه المشكلات أمر صعب حقًا؟ إذا تبنيت موقف الخضوع لله والحق، وقبول الحق، فإن هذه المشكلات لن تعود بمثابة المشكلات، ويمكن حلها جميعًا. لماذا لا يستطيع أضداد المسيح أن يفعلوا ذلك؟ لأنهم لا يقبلون الحق، أو يؤمنون بأن كلام الله هو الحق، أو يعترفون بالحق. لا يمكنهم الخضوع لسيادة الله وترتيباته، فضلًا عن أن يقبلوا منه كل الأشياء التي تحدث. لهذا السبب تمتلئ قلوب أضداد المسيح بالشكوك حول بر الله. وعندما يواجهون الاختبارات، سوف تنفجر الشكوك التي تملأ قلوبهم، وفي داخلهم، يشككون في الله: "إذا كان الله بارًا، فلماذا يسمح لنا بالمعاناة كثيرًا؟ إذا كان الله بارًا، فلماذا لا يرحم أولئك منّا الذين تحملوا ما يكفي من البؤس باتباع المسيح؟ إذا كان الله بارًا، فلماذا لا يحمي أولئك منّا الذين يبذلون أنفسهم من أجله ويقومون بواجباتهم، أو يحمون عائلاتهم؟ إذا كان الله بارًا، فلماذا يسمح لبعض الناس الذين يؤمنون به بصدق بالموت في السجن، على يد التنين العظيم الأحمر؟" ومن ثم يبدؤون في الصراخ ضد الله: "إذا كان الله بارًا، فلا ينبغي له أن يدعنا نعاني كل هذه المعاناة؛ وإذا كان الله بارًا، فلا ينبغي له أن يؤدبنا ويكشفنا من دون سبب أو منطق؛ وإذا كان الله بارًا، فيجب أن يكون متسامحًا مع كل الأفعال الشريرة التي نرتكبها، ويغفر كل سلبيتنا وضعفنا، ويتسامح مع كل ذنوبنا. إذا كنت لا تستطيع حتى أن تفعل هذه الأشياء، فأنت لست إلهًا بارًا!" كل هذه الأشياء تدور في أذهان أضداد المسيح. إنهم مليئون بالمفاهيم عن الله، ولا يطلبون الحق على الإطلاق لمعالجة هذه الأشياء. وعندما يأتي اليوم الذي ينكشفون فيه، فمن المؤكد أن هذه المفاهيم سوف تتدفق منهم. هذه هي العقلية القبيحة والوجه الحقيقي لأضداد المسيح.

لا يُقر أضداد المسيح بالحق أو يقبلونه، فضلًا عن الاعتراف بحقيقة أن الله هو الخالق، لذا، بالنسبة لهم، تظل شخصية الله البارة سؤالًا عظيمًا ينتظر الإجابة. ومع مرور الوقت، ووقوع الأحداث، وظهور مشكلات مختلفة، فإن علامة الاستفهام هذه تنمو وتكبر؛ وتتحول تدريجيًا إلى علامة صليب. ماذا تعني علامة الصليب هذه؟ إنها تعني أنهم ينكرون تمامًا حقيقة أن الله بار. وعندما تُرسم علامة الصليب هذه – عندما ينكر أضداد المسيح أن الله بار – فإن كل تخيلاتهم ورغباتهم تتلاشى. فكر في هذا: ما هي نقطة البداية التي تؤدي إلى مثل هذه النتيجة؟ (يعتقد أضداد المسيح أنه من خلال الإيمان بالله، ينبغي أن ينالوا البركة، ويحصلوا على حمايته. لذلك، عندما يقوم الله بعمل لا يتفق مع مفاهيمهم وتصوراتهم، يشعرون أنه ليس بارًا، ولا يمكنهم قبول ذلك منه. كما أنهم لا يصلّون لله ولا يطلبون الحق ما إن تظهر مفاهيمهم عن الله، ولا يجدون لها حلًا على الفور. وبهذه الطريقة، تتراكم مفاهيمهم وتتكدس، وهذا ما يؤدي إلى مثل هذه النتيجة في نهاية المطاف). أنتم تتحدثون عن ظواهر على المستوى السطحي؛ ولا تصلون إلى جذر المشكلة. لماذا أقول ذلك؟ لأن ثمة شيئًا ما يكمن وراء قدرة أضداد المسيح على التصرف بهذه الطريقة وأن يكون لديهم مثل هذه الآراء، مع قدرتهم على الشك في الله وإنكاره. يتحدد ذلك من خلال جوهر طبيعة أضداد المسيح بالطبع. هذا هو جذر المشكلة؛ وسنتركه هناك. السبب الجذري الرئيسي إذن هو أنه منذ البداية، افتقر أضداد المسيح إلى حب الحق أو قبوله. لماذا لا يقبلون الحق؟ هذا أيضًا له جذوره: إنهم لا يُقرون بأن الله هو الحق، وأن كلامه هو الحق؛ وبما أنهم لا يُقرون بذلك، فلا يمكنهم قبوله. وبما أنهم لا يقبلون الحق، فهل يمكنهم النظر إلى أي مشكلة على الإطلاق بنظرة الحق؟ (كلا). لا يستطيعون فعل ذلك؛ فما هي العواقب إذن؟ إنهم لا يستطيعون رؤية الأشياء التي تحدث لهم، مهما كانت؛ الأشياء الكبيرة والصغيرة التي تحدث من حولهم، وكذلك كلمات الآخرين. لا يمكنهم رؤية حقيقة الأشخاص أو الأحداث؛ لا يمكنهم رؤية حقيقة أي شيء. تبدو بعض الأشياء ظاهريًا على النحو الذي يصفونه، ولكنها ليست كذلك في جوهرها. وهذا له علاقة بالحق. إذا كنت لا تفهم الحق أو تقبله، فهل يمكنك فهم الحق الذي تتضمنه هذه الأشياء؟ لن تفهم ذلك، لذا فإن كل ما يمكنك فعله هو تحليل الأشياء ودراستها بنظرة بشرية، ومعرفة بشرية، وعقل بشري. وما النتائج التي ستترتب على مثل هذه الدراسة؟ هل سيتوافقون مع الحق؟ هل سيتوافقون مع متطلبات الله ومقاصده؟ كلا، لن يفعلوا ذلك أبدًا. وكما هو الحال مع قصة أيوب، التي يعرفها جميع من يؤمنون بالله. كل من يُقر بالحق ويقبله ويستطيع أن يؤمن بالله ويخضع له يُثني على أيوب ويعجب به من قلبه؛ وكلهم يتمنون أن يكونوا مثل أيوب. كما أنهم يثنون على عبارات ثناء أيوب على الله ومعرفته به وسط اختباراته ويعجبون بها. يمكن للناس أن يفهموا في قلوبهم أن المحن والآلام المختلفة التي حلت بأيوب كانت من عمل الله. بشكل عام، كان أيوب، كشخص، يمثل تطلعًا لجميع الذين يسعون إلى الحق. إنهم جميعًا يريدون أن يحذوا حذوه وأن يكونوا مثل هذا الشخص. كيف يمكن تحقيق مثل هذه النتيجة الإيجابية إذًا؟ ما هو أساسها؟ الإيمان الصادق والاعتراف بأن هذا هو الحق، وأن كل هذا هو عمل الله؛ هذا هو الأساس الذي ينطلق منه الإنسان خطوة بخطوة ليتمنى أن يكون مثل أيوب، ويتمنى أن يصبح شخصًا يتقي الله ويحيد عن الشر. إنهم يؤمنون بكل هذا ويُقرون به في قلوبهم، وفي النهاية، يسعون بطموح نحوه، ويواصلون السعي لتحقيقه في حياتهم. لتحقيق مثل هذه النتيجة، فإن الأمر الأساسي هو أن يعترف المرء بكل هذا ويؤمن به في صميم قلبه. هل لدى أضداد المسيح مثل هذا الإقرار والاعتقاد إذًا؟ لا، ليس لديهم. كيف يرى أضداد المسيح كل ما مر به أيوب؟ هل يعتقدون أن هناك أهمية لكل ما فعله الله؟ هل يمكنهم أن يروا أن كل هذا كان تحت سيطرة الله؟ لا يستطيعون أن يروا ذلك، ولا أن هناك أهمية لكل ما فعله الله. ما الذي يرونه في هذا الأمر؟ كان لدى أيوب ثروة كبيرة، مع غنم وبقر تملأ جبلًا، وأجمل الأبناء والبنات في الأرض. هذا ما يرونه. وبعد كل معاناته، باركه الله مرة أخرى. ماذا يرون في ذلك؟ سيقولون: "لقد عقد الرجل صفقة من أجل تلك البركات، فاستحقها. ومن الصواب أن يمنحها الله له". في فهمهم الشامل للأمر، هل موقع أضداد المسيح هو موقع يقبلون منه الحق ويخضعون لله؟ (كلا). ما نوع وجهة النظر التي يتبنونها إذًا؟ ثمة وجهة نظر واحدة فقط ينظر منها أضداد المسيح إلى الأمر برمته، وهي وجهة نظر الشخص عديم الإيمان. ينظر الشخص عديم الإيمان إلى ما إذا كان ثمة ربح، أو ميزة مكتسبة، أو خسائر؛ وكيف يستفيد وكيف لا يستفيد؛ وما الذي قد يؤدي إلى الخسارة والمعاناة؛ وما الذي لا يستحق القيام به وما الذي يستحق. هذه هي وجهة نظر عديمي الإيمان. ينظر عديمو الإيمان إلى كل شيء، ويتعاملون معه، ويقومون به بهذه الطريقة، وبهذا النوع من الجوهر. هذا هو موقف أضداد المسيح تجاه شخصية الله البارة.

ب. احتقار قُدرة الله

كيف ينظر أضداد المسيح إلى قدرة الله؟ من الإنصاف أن نقول إن كلمة "القدرة" بالنسبة لضِدَ المسيح هي كلمة عاطفية للغاية؛ كلمة يمكن أن تحفز طموحاتهم ورغباتهم. هذا لأنهم يرغبون بشدة في أن يكونوا هذا النوع من الأشخاص. أن يكونوا قادرين، أن يكونوا كليي القدرة وكليي الوجود، أن يكونوا قادرين على أي شيء، وأن يعرفوا كيفية القيام بأي شيء، وقادرين على فعل أي شيء؛ إذا حصل شخص ما على هذه القدرة، إذا كان يمتلك هذه القوة، فإن كل شيء سيكون سهلًا بالنسبة له. لن يضطر إلى الخوف من أي شخص؛ سيكون لديه أعلى سلطة، وأعلى مكانة، وسوف يمكنه السيطرة على الآخرين. سيكون لديه السلطة المطلقة للسيطرة على الآخرين والتلاعب بهم. هذا يتجاوز بكثير قدرة أضداد المسيح، ويكشف عن طموحاتهم، ورغباتهم، وحقيقتهم. جزء من هذا أن عبارة "قدرة الله" تملأهم بكل أنواع التخيلات، والفضول، والمفاهيم. وجزء آخر هو رغبتهم في أن يستطيعوا إدراك قدرة الله من خلال الإيمان به، لتوسيع آفاقهم، وزيادة بصيرتهم، وإشباع فضولهم. ويبقى جزء آخر هو أنهم يسعون أيضًا إلى أن يكونوا كليي القدرة، وأن يعبدهم الآلاف، وأن يسجد لهم المزيد والمزيد من الناس، ويحتفظون لهم بمكان في قلوبهم. إذًا، هل لأضداد المسيح معرفة حقيقية بقدرة الله؟ هل يؤمنون بها إيمانًا حقيقيًا؟ مرة أخرى، الأمر نفسه كما هو الحال مع شخصية الله البارة – لا يمتلئ أضداد المسيح بالمفاهيم والتصورات الغامضة والجوفاء التي لا تتفق مع الحقائق فحسب – بل إنهم أيضًا ينتجون شكوكًا عميقة بشأن قدرة الله. إنهم متشككون؛ لا يؤمنون بها: "القدرة؟ أين يوجد في هذه الدنيا من هو قدير؟ أين يوجد شخص كلي الوجود وكلي القدرة؟ لا يوجد مثل هذا الشخص! ثمة كثير من الأشخاص العظماء والمشاهير في العالم، وكثير من الأشخاص ذوي القوى الخارقة: الأنبياء، على سبيل المثال، وجميع أنواع المنجمين ومفسري النبوءات، وحتى هؤلاء ليسوا كليي القدرة. لا يزال من الضروري وضع علامة استفهام وراء "قدرة الله"؛ فهي تحتاج إلى بحث شامل. إذًا، بالنسبة لضِدَ المسيح، لا وجود لجوهر قدرة الله، لأنه، كما يعتقد: "لا أستطيع أن أتصور أو أفهم كيف يمكن أن يكون الله قديرًا، لذا فإن هذه "القدرة" غير موجودة. أنا لا أُقر بها. ما مدى عظمة إمكانات الله وقدراته حقًا؟ لم يرَها أحد – في الماضي، أو الحاضر، أو المستقبل – ولن يراها أحد". أضداد المسيح في حالة شك دائم وعدم يقين في قلوبهم، لذا فإن كل ما يحدث في الكنيسة وللإخوة والأخوات يصبح موضوع بحثهم ونطاق ذلك البحث. فما الذي يبحثون فيه؟ إنهم يبحثون في كل ما يطرأ، وفي كل ما يحدث لجماعة أو لشخص، وفي كل ما فعله الله، وكيف كان يعمل، وما إذا كانت ثمة آيات وعجائب في عمله، أو أي أحداث جديدة وفريدة من نوعها تتجاوز ما يمكن للإنسان أن يتصوره أو تتجاوز قدرة الإنسان ومبلغه. وبالإضافة إلى ذلك، يبحثون عما إذا كان أي من الإخوة أو الأخوات قد تحدث عن اختباره لله وهو يقوم بعمل فيهم يفوق توقعات الإنسان. مثال على ذلك، فتاة تخرج من قوقعة حلزون نهري، كما في الحكاية الشعبية، وتعد لهم مأدبة، في الوقت الذي كانوا فيه في أشد الجوع. ومثال آخر أن يظهر الذهب من العدم في منزلهم، في الوقت الذي كانوا فيه يعانون من نقص في الأموال، أو إصابة مطارديهم فجأة بالعمى، وعدم القدرة على رؤية أي شيء، في وقت كانوا فيه مطاردين، وينزل ملاك ويقول لهم: "لا تخف يا صغيري، أنا هنا لمساعدتك". مثال مختلف، في وقت كان الإخوة والأخوات يعانون فيه من الضرب الوحشي والتعذيب القاسي، يسطع نور الله العظيم ويغشى عيون الجناة، ويتركهم يتقلبون على الأرض، يتوسلون الرحمة، ولا يجرؤون مرة أخرى على ضرب الإخوة والأخوات، وقد انتقم الله منهم؛ أو في الوقت الذي كانوا يقرؤون فيه كلام الله لكنهم لم يستطيعوا فهمه مهما حاولوا جاهدين، وكانوا على وشك أن يناموا، فيروا شكلًا في الضباب يقول لهم: "لا تناموا، استيقظوا؛ هذا هو معنى كلامي"؛ أو عندما يحدث شيء ما ويوشكوا على ارتكاب خطأ، فيُنبَّهُوا بتوبيخ داخلي قوي وتأديب بأن فعل ذلك سيكون خطأ، وأن فعل هذا سيكون صوابًا. لو حدث أي من هذه الأمور، التي لا يمكن للناس العاديين أن يختبروها وليسوا قادرين عليها، في الكنيسة، أو في بيت الله، أو في أي شخص يتبع الله، لكان ذلك كافيًا لإثبات أن الله قدير. أما إذا لم تحدث مثل هذه الأمور، أو إذا كانت نادرة الحدوث، وحتى إذا حدثت فهي مجرد أقاويل على أي حال، وبالتالي فإن واقعيتها ومصداقيتها منقوصتان إلى حد كبير، فهل قدرة الله حقيقة أم لا؟ هل يمتلك الله جوهر القُدرة أم لا؟ في قلب أضداد المسيح، تنشأ أسئلة عن هذه الأفكار.

يسعى أضداد المسيح دائمًا إلى هذه الآيات، والعجائب، والقوى الخارقة بينما يعمل الله ويتكلم ويخلّص الإنسان. إنهم يسعون إلى أشياء لا تتناسب مع الواقع أو الحقائق. فهذه الأمور التي يسعون إليها لا علاقة لها على الإطلاق بعمل الله لخلاص الإنسان، أو بالحق، أو بتغيير شخصية الإنسان. لكنهم يظلون عازمين على السعي إليها. يملؤهم الفضول حول قدرة الله. وغالبًا ما يطلبون من الله في صلواتهم: "يا إلهي، هلا كشفت لي عن قدرتك؟ يا إلهي، ألستَ قديرًا؟ إن كنتَ قديرًا، فإنني أطلب منك تسوية هذا الأمر لي. يا إلهي، إن كنتَ قديرًا، وكلي القدرة، وكلي الوجود، فإنني أتوسل إليك أن تُعينني، فأنا الآن أواجه تحديات. إلهي، إن كنت قديرًا، فإنني أتوسل إليك أن ترفع عني الأمراض، وتبعد عني ما أنا فيه من ظروف، وتعينني على درء الخطر. إلهي، إن كنتَ قديرًا، فإني أتوسل إليك، وأنا أقوم بواجبي، أن تجعلني ذكيًا وبارعًا، وموهوبًا ومتفوقًا بين عشية وضحاها، حتى أتمكن من استيعاب المهارات المهنية دون الحاجة لدراستها، وأصبح خبيرًا، وأتميز عن الآخرين. إلهي، إن كنتَ قديرًا، فأسألك أن تعاقب وتنتقم من الذين يسيئون إلي ويسخرون من إيماني بك. اجعلهم عميًا وصمًا، بقروح في رؤوسهم، وقيح يخرج من باطن أقدامهم. اجعلهم يموتوا مثل الكلاب. إلهي، إن كنتَ قديرًا، فإنني أتوسل أن تُريني قدرتك". لقد قال الله الكثير من الكلام وقام بالكثير من العمل، لكن أضداد المسيح يغضّون الطرف عنه، ويتجاهلونه؛ إنهم لا يأخذون كلام الله على محمل الجد، ولا يضعون في اعتبارهم عمله وكل خطوة من خطوات عمله المهم لخلاص الإنسان، ولا يأخذونه على محمل الجد. وبدلًا من ذلك، يصرون على طلب الآيات والعجائب، وأن يصنع الله معجزات وسط عمله، ويطلبون أن يفعل الله أمورًا خاصة تفتح أعينهم وتشبع فضولهم، لكي يثبت وجوده، ويثبت أنه قدير. والأمر الأكثر إثارة للسخرية هو أن أضداد المسيح يلجأون إلى الله في صلواتهم: "يا إلهي، لا أستطيع رؤيتك، لذلك فإن إيماني ضعيف. أسألك أن تكشف لي عن شخصك الحقيقي، حتى لو كان ذلك في المنام فقط؛ أسألك أن تكشف لي عن قدرتك حتى أؤمن بك وأتيقن من وجودك. إن لم تفعل، فستظل الشكوك تساورني في إيماني بك". إنهم لا يستطيعون رؤية وجود الله أو معرفة جوهره وشخصيته وسط عمله وكلامه، لكنهم يريدونه أن يفعل أشياء إضافية، أشياء لا يستوعبها البشر، ليقويهم ويرسّخ إيمانهم. لقد قال الله الكثير من الكلام وقام بالكثير من العمل، ولكن مهما كان كلامه عمليًا، ومهما كانت الحقائق التي يقولها للناس تنويرية، ومهما كانت حاجتهم إلى فهمها ملحة، فإن أضداد المسيح لا يهتمون بها، ولا يأخذونها على محمل الجد. في الواقع، كلما تكلم الله أكثر، وكلما كان عمله أكثر تحديدًا، زاد شعورهم بالنفور، والانزعاج، والمقاومة. بل وأكثر من ذلك، ستنشأ في نفوسهم إدانة الله والتجديف عليه؛ وسوف يتذمرون ضده قائلين: "هل قدرتك في هذه الكلمات؟ هل هذا كل ما تفعله؛ التعبير بالكلمات؟ لو لم تتكلم، ألن تكون قديرًا؟ إذا كنت قديرًا، فلا تتكلم إذًا. لا تستخدم الكلام أو تعقد شركة عن الحق وتزود الإنسان بالحق لتمكيننا من نيل الحياة وتحقيق تغيير في الشخصية. لو جعلتنا جميعًا ملائكة بين عشية وضحاها، وجعلتنا رُسُلك؛ لكانت تلك قدرة!" بينما ينطق الله بكلامه ويقوم بعمله، تتكشف طبيعة أضداد المسيح وتظهر، شيئًا فشيئًا دون أي خفاء، كما ينكشف جليًا تمامًا جوهرهم المتمثل في نفورهم من الحق ومقاومتهم له. كما تنكشف شيئًا فشيئًا شخصية وجوهر أضداد المسيح، الذين يحتقرون هوية الله وجوهره، مع مرور الوقت والتقدم المستمر الذي يحققه الله في عمله. يسعى أضداد المسيح إلى الأمور الغامضة؛ إنهم يسعون إلى رؤية الآيات والعجائب؛ يحكمهم هذا الطموح وتلك الرغبة التي لا تتوافق مع الواقع، وتُظهر إلى النور طبيعتهم المتمثلة في النفور من الحق وكراهيته. وعلى النقيض من ذلك، فإن أولئك الذين يسعون حقًا إلى الواقع والحق، الذين يؤمنون بالأمور الإيجابية ويحبونها، يرون قدرة الله في طريقة عمله وكلامه؛ وما يمكن أن يراه هؤلاء الناس وما يمكنهم أن يربحوه وما يمكنهم أن يعرفوه هو بالضبط ما يعجز أضداد المسيح عن معرفته واكتسابه إلى الأبد. يعتقد أضداد المسيح أنه لو أراد الناس نَيْلَ الحياة من الله، فلا بد من وجود آيات وعجائب؛ يعتقدون أنه بدون الآيات والعجائب، فإن نيل الحياة والحق من كلام الله وحده – وبالتالي تحقيق التغيير في الشخصية ونيل الخلاص – هو أمر مستحيل. بالنسبة لضِدَ المسيح، هذه استحالة أبدية؛ إنه أمر غير صحيح. لهذا السبب فإنهم ينتظرون ويُصلُّون بلا كلل، على أمل أن يُظهر الله آيات وعجائب ويصنع لهم معجزات، وإن لم يفعل، فإن قدرته لا وجود لها. والمعنى الضمني من هذا أنه إذا لم تكن قدرة الله موجودة، فلا وجود لله قطعًا. هذا هو منطق أضداد المسيح. إنهم يدينون برّ الله ويدينون قدرته.

بينما يخلص الله الناس، يكون أضداد المسيح غير مكترثين تمامًا بكلامه، ومتطلباته المختلفة، ومقاصده. إنهم يقاومون هذه الأمور، وينفرون منها من أعماق قلوبهم. ما يهمهم ليس واقع كل الأمور الإيجابية، ولا الخلاص والكمال اللذين يمكن للإنسان أن يحققهما نتيجة السعي إلى الحق والخضوع لترتيبات الله. ما الذي يهمهم إذًا؟ إنهم مهتمون بأن يكشف الله لهم عن آيات وعجائب ويصنع لهم المعجزات ليروها، وأن يمكّنهم من اكتساب البصيرة من خلال ذلك، وأن يجعلهم يتحولون إلى أشخاص رائعين، وبشر خارقين للعادة، إلى أشخاص ذوي قوى خاصة، إلى أشخاص استثنائيين. إنهم يريدون أن يتخلصوا من التسميات، والهويات، والمكانات الخاصة بالأشخاص العاديين، والعامة، والفاسدين، وذلك من خلال قدرة الله. لذا، مهما كانت المفاهيم أو المشكلات التي قد تكون لديهم وسط عمل الله، فإنهم لا يبحثون عن الحق لمعالجتها. إنهم ليسوا غير قادرين على فهم الحق أو تحقيق تغيير في شخصيتهم فحسب؛ كلا، بل سيُصدرون أيضًا حكمًا على الله، ويدينونه، ويقاومونه بسبب كل ما يفعله ولا يتفق مع مفاهيمهم. في نظر أضداد المسيح، كل عمل الله العملي الذي يقوم به هو ما لا يعترفون به؛ وهو ما يُدينونه. وفي نهاية المطاف، هذه الآراء، وهذه التعريفات لله هي التي تقودهم إلى إنكار وجود جوهر الله في قلوبهم إنكارًا تامًا، بل وإدانة وجود جوهر الله، وتشويهه، والتجديف عليه. ذلك لأن إيمانهم بالله مبني على أساس أن الله قدير، وأن الله سوف يتدارك مظالمهم، وأنه سينتقم لهم، وأنه سينتصر لهم على كل من يكرهونه ويزدرونه، وأن الله سوف يُشبع رغباتهم وطموحاتهم. هذا هو أساس إيمانهم بالله. ولكن بعد أن وصلوا إلى الوقت الحاضر، يرى هؤلاء الأشرار الآن أن مثل هذا الإله غير موجود، وأنه لا توجد إمكانية أن يفعل الله أي شيء من أجلهم. من وجهة نظرهم، هذا وضع غير مواتٍ لهم؛ إنه أمر فظيع. وهكذا، بعد أن اختبروا أمورًا كثيرة، فإن مخاوفهم وشكوكهم في الله تزداد أكثر فأكثر، حتى يقرروا ترك الله وبيته، والسعي إلى الدنيا، واتباع نزعات الشر، والارتماء في أحضان الشيطان. هكذا تنتهي الأمور بالنسبة لهؤلاء الأشخاص. ووفقًا لموقف أضداد المسيح من شخصية الله البارة، وقدرته، فإن أضداد المسيح هم في الواقع غير مؤمنين. ليس لديهم أدنى قدر من الإيمان بالله، ولا أدنى قدر من الخضوع أو القبول بما يفعله الله. عندما يتعلق الأمر بالأشياء الإيجابية والحق، فإنهم ينفرون منها ويقاومونها. ولهذا السبب، وبغض النظر عن الطريقة التي تنظر بها إلى الأمر، فإن جوهر عديم الإيمان في أضداد المسيح موجود بالفعل. إنه ليس شيئًا يفرضه الآخرون عليهم، وليس تهويلًا للأمور الصغيرة؛ بل إن جوهرهم هذا يتحدد بناءً على جميع الآراء والمقاربات التي يكشفون عنها عندما تحدث لهم الأشياء.

لقد آمن أضداد المسيح بالله لسنوات دون أن يتمكنوا من رؤية حقيقة أن الله هو صاحب السيادة على مصير الإنسان. إنهم لا يستطيعون فهم تلك الحقيقة. لا يستطيعون فهم حقيقة رغم أنها أمام أعينهم؛ أليس هذا عمى؟ غالبًا ما تتجلي شخصية الله البارّة وقدرته في عمل الكنيسة، وفي شعبه المختار، وفي كل أنواع الأمور التي تحدث. إنه يسمح للناس برؤية هذه الأمور في كل مكان؛ لكن أضداد المسيح – لأنهم عميان – لا يستطيعون رؤيتها. عندما يتبع أضداد المسيح الله لسنوات عديدة، سيقولون تلك العبارة الشهيرة: "لقد آمنت بالله لسنوات عديدة، فماذا ربحت؟" يبدو أنهم لم يربحوا أي شيء حقًا. لقد بذل الله حياته من أجل الإنسان، ولكن أضداد المسيح لم يربحوا شيئًا. أليس ذلك مثيرًا للشفقة؟ إنه كذلك حقًا! هذه العبارة الخاصة بأضداد المسيح توضح المشكلة بشكل جيد للغاية. كل من يسمع كلام الله ويختبر عمله، ويقبل كلامه باعتباره حياة له، سيقول: "لقد آمنا بالله لسنوات عديدة، وربحنا منه الكثير. ليس فقط نعمة الله وبركاته وحمايته ورحمته؛ بل الأهم من ذلك هو أننا فهمنا من الله واكتسبنا الكثير من الحقائق. نحن نعيش شبه الإنسان بكرامة. نحن نعرف كيف نتصرف. نحن مدينون لله بالكثير. ومقارنةً بالثمن الذي يدفعه، وبما يفعله من أجلنا، فإن مصاعبنا الصغيرة لا تستحق الذكر. على الإنسان أن يبادل الله محبته". أما أضداد المسيح، فهم على العكس تمامًا. إنهم يقولون: "لقد كان الله يعمل في هذه السنوات القليلة الماضية، فكيف لم أكسب شيئًا؟ أنتم جميعًا تقولون إنكم كسبتم هذا وذاك، وخضتم هذا الاختبار أو ذاك؛ ولكن هل ستُطعِمكم هذه الاختبارات؟ ما الذي تساويه هذه الاختبارات؟ بالمقارنة بالبركات، والنعمة، ورؤية الآيات والعجائب، أليست هذه أشياء لا تستحق الذكر كليًا؟ لهذا السبب أشعر أنه خلال سنوات إيماني العديدة بالله، لم أكسب أي شيء. مقارنةً بما تحملته من معاناة، وما تركته وبذلته في سبيل الله، فإن ما كسبته لا يستحق كل هذا العناء على الإطلاق! أليس الحق إلا بعض الأقوال والنظريات؟ أليس سوى بعض التعاليم؟ لقد سمعتُ هذ الكلام، وهذه الحقائق، ولا أشعر أن تغييرًا بارزًا قد تحقق بداخلي! في البداية، لا يكون ذهني حاضرًا بهذه السرعة عندما أفكر في الأمور. والأكثر من ذلك أنني أتقدم في العمر، وصحتي لا تتحسن كما كانت من قبل. لقد شاب شعر رأسي، وظهرت تجاعيد أكثر على وجهي؛ بل إنني فقدت بعض الأسنان، ولم تنمُ أسنان جديدة. يقول الله إن أولئك الذين نالوا الخلاص هم مثل الأطفال المفعمين بالحياة، وها أنا ذا، كيس عظام عجوز، بوجه رجل عجوز. لم أتحول إلى طفل. وفقًا لكلام الله، يمكن لكبار السن ذوي الشعر الأشيب أن يتحولوا إلى شباب ذوي شعر أسود. كيف لم أتغير؟ يقول الله إنه سيغير الناس كليًا، لكن هذا لم يحدث معي؛ لم أصبح شخصًا جديدًا. أنا ما زلت أنا، وعندما تحدث لي أمور، لا يزال عليّ أن أكتشف كيف أتعامل معها بمفردي. كما تتزايد صعوباتي الجسدية أيضًا؛ وكثيرًا ما أكون ضعيفًا وسلبيًا. والأكثر من ذلك أن ذاكرتي كانت سيئة خلال العامين الماضيين. إنني أقرأ كلام الله كثيرًا، لكنه لم يقوِّ ذاكرتي. ألا يستطيع الله أن يمنح الناس قدرةً خاصة، قدرةً تحمي أجسادهم من التقدم في العمر؟ أشعر أن أكبر مشكلة في الوقت الحالي هي تحول الناس كليًا؛ ولا يبدو أن الحق قادر على حل هذه المشكلة. لو أن الله قال شيئًا يستطيع حقًا أن يحول شخصًا ما إلى شخص جديد، بمظهر ملاك ساطع، يمكنه أن يصبح بلا جسد، ويستطيع أن يهرب من خلال الجدران الصلبة، وعندما يواجه الاضطهاد والخطر، يمكنه أن ينطق بتعويذة ويختفي، ويصبح بعيدًا عن متناول الأيدي إلى الأبد – لو أن الناس بقراءتهم لكلام الله كثيرًا لا يشيب شعرهم، ولا تتجعد وجوههم، وتنمو لهم أسنان جديدة بدلًا من تلك التي فقدوها – لكان هذا أمرًا عظيمًا! هذا ما يعنيه التحول الكامل! لو أن الله فعل تلك الأمور، لآمنتُ بأنه إله، دون أي تحفظات. لو استمر في قول الحق والوعظ به، فسرعان ما سَيَبْلى إيماني، وسرعان ما لن أستطيع الاستمرار في الإيمان، وربما لن أستطيع أداء واجبي بعد ذلك. لن أرغب في ذلك". في الفترة الزمنية التي يتبع فيها أضداد المسيح الله، غالبًا ما ينشأ في قلوبهم هذا المطلب أو ذاك، وغالبًا ما تنشأ في مفاهيمهم كل أنواع الشكوك والمطالب الشاقة، واستجابة لبيئاتهم ورغباتهم الشخصية، ستأتيهم كل أنواع الأفكار الغريبة. لكن ثمة شيء واحد فحسب: إنهم لا يستطيعون فهم الكلام الذي يتكلم به الله، ولا يستطيعون رؤية حقيقة أن الله يعمل لخلاص الإنسان، فضلًا عن أنهم لا يستطيعون فهم أن كل ما يفعله الله هو من أجل خلاص الإنسان، وأن كل ذلك يهدف إلى تمكين الإنسان من تحقيق التغيير في شخصيته. وهكذا، كلما استمروا في الإيمان، يفقدون دافعهم؛ وكلما استمروا في الإيمان، تنشأ في قلوبهم مشاعر السلبية واليأس، وتنتابهم مشاعر وأفكار الانسحاب والاستسلام. أما بالنسبة لجوهر الله، فدعك من أن يؤمنوا به أو يعترفوا به أو يقبلوه؛ فبينما هم ماضون في الإيمان، لا يمكن أن يكلفوا أنفسهم عناء الاهتمام بالأمر. ولهذا السبب، عندما تقول في الشركة إن شيئًا ما هو بر الله وقدرته وسيادته، وأن على الناس الخضوع له ومعرفته، فإن أضداد المسيح لن يُصدروا أي صوت في الظاهر؛ لن يُعبّروا عن أي آراء على الإطلاق. أما في باطنهم، فسينشأ لديهم نفور. لن يرغبوا في الاستماع؛ لن يكونوا على استعداد للاستماع، وبعضهم سوف يقف ويغادر فحسب. عندما يستمع الجميع إلى العظات، وعندما يعقد آخرون شركة عن كلام الله، وعندما يعقد الإخوة والأخوات شركة عن شهادتهم الاختبارية بحماسة شديدة، ماذا يفعل أضداد المسيح؟ يشربون الشاي، ويقرؤون المجلات، ويعبثون بهواتفهم، ويثرثرون بلا مبالاة. وباحتجاجهم ومقاومتهم بهذه الأفعال الصامتة، يسعون بسلوكياتهم إلى تأكيد أن كل ما يفعله الله لا طائل منه: "أنتم تحاولون فقط تبرير الأمور، وتخدعون أنفسكم؛ الله والحقيقة ببساطة غير موجودين، ومن المستحيل أن يخلص الله البشرية!" في نظرهم، كل من يؤمن بالحق، ويخضع لله، ويؤمن بقدرة الله على تخليص البشر هم حمقى؛ جميعهم بلا عقل، وجميعهم مخدوعون. إنهم يؤمنون بأن مصير الإنسان بيده، وأنه لا يمكن للمرء أن يسمح للآخرين أن يدبروا له مصيره، وأن الناس ليسوا دمى، بل لديهم عقول وقدرة على التفكير باستقلالية في المشكلات، وإذا لم يستطع أحد أن يتحكم في قدره بنفسه، فهو شخص تافه ودوني. لذلك، مهما كان الأمر، فإنهم غير مستعدين لتسليم مصيرهم لله ليتحكم به. هذا هو موقف أضداد المسيح من كل ما يفعله الله. يظلون من البداية إلى النهاية متفرجين وعديمي الإيمان، يلعبون دور أتباع الشيطان. إنهم مستغلون ومشاغبون؛ إنهم أشرار تسللوا إلى الداخل.

ج. احتقار قداسة الله وتفرده

أضداد المسيح لا يعترفون أو يؤمنون بأدنى قدر من البر والقدرة في جوهر شخصية الله، فضلًا عن أن يكون لديهم أي معرفة بهما. ومن الأصعب عليهم، بالطبع، أن يؤمنوا بقداسة الله وتفرده ويعترفوا بهما ويعرفوهما. لذلك، عندما يذكر الله أنه يريد من الناس أن يكونوا صادقين، وأن يكونوا كائناتٍ مخلوقة متواضعةٍ يمكنها الالتزام بمواقعها، تنشأ في أضداد المسيح أفكارٌ، ويتكوّن لديهم موقفٌ ومشاعر. يقولون: "أليس الله ممجَّدًا؟ أليس عاليًا؟ إذا كان الأمر كذلك، فيجب أن تكون متطلباته من الإنسان عظيمةً ومجيدة. كنت أعتقد أن الله غامض للغاية؛ لم أكن أعتقد أنه سيطلب مثل هذه المطالب التافهة من الإنسان. هل يُمكن اعتبار أن هذه المطالب هي الحق؟ إنها بسيطة للغاية! من الصواب أن تُرفع مطالب الله: يجب على المرء أن يكون شخصًا خارقًا، شخصًا عظيمًا، شخصًا قادرًا؛ هذا ما يجب أن يطلبه الله من الإنسان. إنه يريد أن يكون المرء صادقًا؛ هل هذا حقًا عمل الله؟ أليس مزيفاً؟" لا يكتفي أضداد المسيح في أعماق قلوبهم بمقاومة الحق فحسب؛ بل يأتيهم التجديف أيضًا بينما يفعلون ذلك. أليس هذا احتقارًا منهم للحق؟ إنهم مُفعَمون بالاحتقار والازدراء لمطالب الله؛ يُعرّفونها ويعاملونها بموقف من الازدراء، والاستخفاف، والسخرية، والاستهزاء. من الواضح أن أضداد المسيح بغيضون في جوهر شخصيتهم؛ إنهم غير قادرين على قبول الأشياء أو الكلمات التي هي حقيقية، وجميلة، وعملية. إن جوهر الله حقيقي وعملي، ومتطلباته من الناس تتماشى مع احتياجاتهم. "عظيم ومجيد"، كما يذكر أضداد المسيح؛ ما هذا؟ إنها عبارة زائفة وفارغة وجوفاء؛ إنها تفسد الناس وتضللهم؛ إنها تجعلهم يسقطون وتبعدهم عن الله. إن الحقائق التي يعبّر عنها الله وحياته، من ناحية أخرى، هي حقائق صادقة، وجميلة، وعملية. ما إن يختبر المرء كلام الله ويعيشه لفترة من الوقت حتى يكتشف أن حياة الله وحدها هي الأجمل، وأن كلامه وحده هو الذي يمكنه أن يغير الناس ويكون حياتهم، وهو ما يحتاجه الناس؛ في حين أن تلك الآراء والأقوال العظيمة والمجيدة التي يطرحها الشيطان وأضداد المسيح تتعارض تمامًا مع حقيقة مطالب الله من الإنسان وعمليتها. لذلك، بناءً على جوهر أضداد المسيح من هذا النوع، فإنهم غير قادرين تمامًا على قبول قداسة الله وتفرده. من المستحيل تمامًا أن يعترفوا بهذه الأمور. وأما بالنسبة لمختلف أوجه الشخصية الفاسدة للناس وجوهرهم الفاسد الذي فضحه الله – تعنتهم وعجرفتهم، وشخصياتهم التي تتسم بالخداع والشر والنفور من الحق، والخبث – فلا يقبلها أضداد المسيح على الإطلاق. وأما بالنسبة لدينونة الله للناس وتوبيخه الصارم لهم، فإن أضداد المسيح ليسوا فقط عاجزين عن إدراك قداسة الله وجماله فيهم؛ بل على العكس، هم في قرارة أنفسهم ينفرون من كلام الله ويقاومونه. في كل مرة يقرأون فيها كلام الله الذي يوبخ ويدين ويكشف شخصية الإنسان الفاسدة، يكرهونه ويرغبون في السب. وإذا قال أحدهم إنهم متعجرفون، أو متعنتون، أو أشرار ينفرون من الحق، فسوف يجادلون ذلك الشخص ويقسمون بأسلافهم؛ وإذا كشف أحد جوهرهم الفاسد وأدانهم، فكأن ذلك الشخص قصد قتلهم؛ ولن يقبلوا ذلك مطلقًا. ذلك لأن أضداد المسيح لديهم مثل هذا الجوهر، ويكشفون عن أشياء تجعل من الممكن التعرف عليهم، دون أن يعرفوا ذلك، ويتم عزلهم وكشفهم عن غير قصد، في بيت الله والكنيسة. غالبًا ما تذهب طموحاتهم ورغباتهم أدراج الرياح، وهكذا تتصاعد كراهيتهم لكلام الله الذي يتكلم به، ولوجوده، ولعبارة "الحق يسود في بيت الله". إذا قلتَ لهم هذه العبارة، سيرغبون في محاربتك حتى الموت، وتعذيبك، ومعاقبتك حتى الموت. ألا يُظهِر هذا في حد ذاته أن أضداد المسيح معادون لله؟ بلى، بالفعل! لو قال أحدهم: "الله واحد، ولا يجوز للإنسان أن يعبد أحدًا سواه، ولا معبود غيره"، فهل يرضى ضِدَ المسيح بأن يسمع ذلك؟ (كلا). لم لا؟ لأن هذه الكلمات تدينه، أليس كذلك؟ ألا تحرمه من حقه في أن يكون إلهًا؟ هل سيكون سعيدًا دون أن يكون له الحق في أن يكون إلهًا، سعيدًا بتلاشي هذا الأمل؟ (كلا). لهذا السبب إذا كشفته، وتركته مدمرًا في مكانته وسمعته، دون أن يعبده أحد، وتركته غير قادر على كسب الناس، وبلا مكانة، فسوف يمد يديه بأظافره الشيطانية الخبيثة ليعذبك. عندما تحدث أمور في الكنيسة، وينوي أحدهم أن يبلغ عنها إلى الأعلى، فهل يسمح له قائد الكنيسة – إذا كان من أضداد المسيح – أن يبلغ؟ لن يتمكن من تجاوزه. سوف يقول له: "إذا أبلغت عن هذا، فستكون العواقب وخيمة عليك! إذا قام الأعلى بتهذيبنا وأخرج الناس من كنيستنا، سأحرص على أن تندم؛ سأجعل الجميع ينبذونك. ثم ستتذوق طعم الشعور بأنه قد تم إخراجك!" ألا يخيف هذا الشخص الذي كان سيبلغ ويهدده؟ يقول ضِدَ المسيح: "الله واحد فريد، أليس كذلك؟" حسنًا؛ سأكون فريدًا أيضًا. ما أقوله ينطبق على كنيستنا. أيًا كان ما تريد أن تفعله، عليك أن تمر من خلالي؛ ولن تتمكن من تجاوزي. هل تريد أن تتجاوزني؟ سيكون عليك أن تفعل ذلك على جثتي! أنا أحكم في كنيستنا؛ ما أقوله هو ما يحدث هنا. أنا الحق؛ أنا الفريد! أليس هذا شيطانًا متجسدًا؟ إنه كذلك؛ وجهه الشيطاني مكشوف، وكلماته الشيطانية منطوقة.

أما بالنسبة لكيفية تعامل أضداد المسيح مع جوهر الله، فإنهم ينتقلون من عدم الإيمان والشكوك إلى التريث والامتحان، وفي نهاية المطاف، إلى الدينونة والتجديف. هذا يقودهم خطوة بخطوة إلى مستنقع، وهاوية لا قرار لها، ويقودهم إلى طريق مقاومة الله وأن يكونوا أعداءه، وعلى خلاف تام معه، والصياح ضده حتى النهاية التي لا عودة منها. إنهم لا يخفقون في الاعتراف بوجود جوهر الله فحسب؛ بل تنشأ فيهم كافة أنواع المفاهيم والتصورات حول كل جانب من جوانب جوهر الله، والتي يُضلون بها الناس من حولهم والناس الذين يتصلون بهم. هدفهم هو جعل المزيد من الناس على ما هم عليه من التشكيك في وجود الله ووجود جوهره. وعندما يموتون، فإنهم يسحبون الآخرين معهم. إنهم لا يكتفون بفعل الأشياء السيئة بمفردهم؛ بل يريدون أن يجدوا آخرين يرافقونهم، ليفعلوا معهم أشياء سيئة، ليقاوموا الله ويعيقوا عمل بيته معهم، ليشككوا في الله وينكروه معهم. يمتلئ أضداد المسيح بالمفاهيم والتصورات حول كل جانب من جوانب جوهر الله. إنهم ليسوا فقط غير قادرين على معرفة جوهر الله من كل ما يفعله؛ بل إنهم أيضًا يحللون جوهر الله، ويدرسونه، ويمتحنونه بصرامة، ويصدرون الأحكام عليه، بل ويتحدُّون الله سرًا، قائلين: "ألست فريدًا؟ ألستَ الإله الذي له السيادة على مصير البشرية؟ كيف تسمح بحدوث مثل هذه الأمور لأشخاص يؤمنون بك؟ إذا كنت أنت الإله الواحد المتفرد، فلا ينبغي أن تسمح لأي قوة معادية على الإطلاق بالتعدي على مكان عملك". أي كلام هذا؟ كلما حدث شيء في الكنيسة، سيكون أضداد المسيح أول من يقفون ويقولون أشياء مُوهِنة، وكلمات سلبية ونقدية. سيكونون أول من يقف ويجادل الله، ويواجهه، ويطالبه بفعل هذا وذاك. في تلك الأوقات تحديدًا التي يواجه فيها بيت الله صعوبات أو مشكلات شائكة، يشعر أضداد المسيح بفرح غامر. تلك هي الأوقات التي يكونون فيها في أسعد حالاتهم وأكثرها فرحًا، عندما يقفزون لأعلى فرحين. إنهم ليسوا فقط غير قادرين على دعم مصالح بيت الله؛ كلا، بل إنهم يقفون دون أن يشاركوا، ويراقبون ويضحكون، وينتظرون بفارغ الصبر ظهور التمرد في بيت الله، واعتقال جميع شعبه المختار، وتفريقهم، وانعدام قدرة عمل بيته على التقدم أكثر. سيكونون سعداء حينها كما يكونوا عشية رأس السنة الجديدة. وفي كل مرة يتم فيها تسوية أمر يحدث في بيت الله ومعالجته، وعندما يتعلم الإخوة والأخوات منه درسًا، سيكون ذلك هو الوقت الذي يُصدر فيه أضداد المسيح "الدينونة". وهو أيضًا الوقت الذي يكون فيه أضداد المسيح في أوج قنوطهم، وحزنهم، ويأسهم. إنهم لا يستطيعون تحمل رؤية الإخوة والأخوات يحققون النجاح، أو رؤية أتباع الله يتمتعون بالإيمان، وتغمرهم الثقة وهم يتبعونه؛ إنهم لا يستطيعون تحمل رؤية الإخوة والأخوات يتغيرون في شخصياتهم في ظل توجيه كلام الله، ويؤدون واجباتهم بإخلاص، وينمو العمل أفضل وأفضل. إنهم لا يستطيعون أن يتحملوا رؤية الكنيسة تزدهر، أو خطة تدبير الله تتطور تدريجيًا في الاتجاه الصحيح؛ وأكثر من ذلك أنهم يكرهون رؤية الناس دائمًا يعظون بكلام الله، ويشهدون له، ويمجدون جماله وشخصيته البارة. وأكثر من كل ذلك، هم يبغضون الأمر عندما يطلب الناس الله، ويُصَلُّوُن إليه، ويطلبون كلامه مهما حدث لهم، خاضعين له وملتزمين بترتيبه. حتى عندما يأكل أضداد المسيح من بيت الله، ويستمتعون بكلام الله، ويتمتعون بكل فوائد بيته، فإنهم غالبا ما يرغبون في الحصول على فرصة ليسخروا من بيت الله. إنهم ينتظرون بفارغ الصبر أن يتفرق جميع المؤمنين بالله، وأن يُترك عمل الله غير قادر على التقدم أكثر. لذلك، عندما يحدث شيء في بيت الله، بدلًا من الدفاع عنه، أو التفكير في طرق لحل المسألة، أو حماية الإخوة والأخوات بكل قوتهم، أو الانضمام إليهم لمعالجة المسألة بتناغم، والوقوف أمام الله معًا والخضوع لسيادته، سيقف أضداد المسيح دون أن يشاركوا، يضحكون، ويقدمون نصائح سيئة، ويدمرون ويزعجون. وفي لحظة حاسمة، سوف يقدمون يد العون للغرباء على حساب بيت الله، وبالتالي يتصرفون بوصفهم أتباعًا للشيطان، متعمدين إحداث الاضطراب والخراب. أليس هذا الشخص عدوًا لله؟ كلما كانت اللحظة أكثر حسمًا، كُشف عن شبههم الشيطاني بوضوح أكبر؛ وكلما كانت اللحظة أكثر حسمًا، وكانت مليئة بالأحداث أكثر، اتضح شبههم الشيطاني، بأدق تفاصيله وإلى أقصى مدى؛ وكلما كانت اللحظة أكثر حسمًا، زادت المساعدة التي سيقدمونها للغرباء على حساب بيت الله. أي نوع من الأشياء هم؟ هل هؤلاء الناس إخوة وأخوات؟ إنهم أشخاص يقومون بأشياء مدمرة وبغيضة؛ إنهم أعداء لله؛ إنهم أبالسه، إنهم شياطين؛ إنهم أشخاص أشرار، أضداد للمسيح. إنهم ليسوا إخوة وأخوات، وليسوا مرشحين للخلاص. لو كانوا حقًا إخوةً وأخوات، وكانوا من أهل بيت الله، لَوَحَّدوا قلوبهم وعقولهم مع إخوتهم وأخواتهم في أي مشكلةٍ تطرأ في بيت الله، لمواجهتها ومعالجتها معًا. ما كانوا ليقفوا متفرجين، فضلًا عن أن ينظروا ويضحكوا. وحدهم أولئك من أمثال أضداد المسيح هم من يقفون دون أن يشاركوا، ويضحكون، وينتظرون بفارغ الصبر حلول الشرور على بيت الله.

قد ينكشف جوهر أضداد المسيح في أي أمرٍ وفي كل أمر. إنه أمر لا يمكن إخفاؤه على الإطلاق. مهما فعلوا، ومهما كانت المشكلة، فإن كل الآراء والشخصيات التي يكشفون عنها بغيضة عند الإنسان وعند الله. لا يقتصر الأمر على أنهم يتسببون في الدمار، والعراقيل، والاضطراب في جميع أنواع الأمور التي تظهر، ويضحكون دون أن يشاركوا؛ بل يواجهون الله غالبًا ويمتحنوه أيضًا. ماذا يعني ذلك، أن يمتحنوا الله؟ (في أعماقهم، لا يؤمنون بالله، ويقولون بعض الأشياء أو يستخدمون بعض الحيل لامتحان أفكاره، محاولين معرفة ما هي). أنت ترى هذا يحدث كثيرًا. في مسألة أيوب، كيف امتحن الشيطان الله؟ (في المرة الأولى التي تكلم فيها الشيطان، قال إنه إذا ابتلى الله أيوب في عائلته وممتلكاته، فلن يعبد الله بعدها؛ وفي المرة الثانية، قال إنه إذا ابتلى الله جسد أيوب وعظامه، فإنه سينكر الله. أراد الشيطان امتحان الله بجعل الكوارث تحلّ على أيوب). هل هذا امتحان؟ هل هذا تعريف دقيق للمصطلح؟ (كلا). بالمعنى الدقيق للكلمة، تشير هذه المقاطع إلى اتهام. ما قصده الشيطان بقوله هذه الأمور هو: "ألم تقل إن أيوب شخص كامل؟ مع كل الأمور الطيبة التي قدمتها له، كيف يمكنه ألا يعبدك؟ إذا نزعت منه تلك الأشياء الطيبة، هل تعتقد أنه سيظل يعبدك حينها؟" هذا اتهام. أي نوع من الأشياء هو الامتحان إذًا؟ كان لدى الشيطان لصوص يسرقون وينهبون ممتلكات أيوب. بالنسبة لأيوب، كان ذلك امتحانًا. كيف يكون ذلك امتحانًا؟ كما يلي: "ألا تؤمن بالله؟ حالما أبتليك في هذه الأشياء، دعنا نرى إذا كنت ستظل تؤمن به بعدها!" ولكن كيف فهم أيوب ذلك؟ اعتقادًا منه أنه امتحان من الله، لم يُجاهد ولم يُقاتل، ولم يقل أي شيء؛ لقد خضع، وقبل الأمر من الله. وهناك أيضًا الأمور التي حلت بالرب يسوع: الشيطان جعله يحول الحجارة إلى طعام، وأظهر للرب يسوع كل مجد العالم وثرواته، وجعله ينحني له عبادةً. كانت تلك إغواءات. والآن، ما هي الأمور التي يفعلها أضداد المسيح بوصفها امتحانات لله؟ (أضداد المسيح لا يملكون قلوبًا تتقي الله. إنهم يفعلون الشر، حتى وهم يعلمون أنه كذلك؛ يريدون امتحان الله ليروا ما إذا كانت ستحل بهم عقوبته. لأنهم لا يؤمنون بشخصية الله البارة، فإنهم عندما يفعلون الشر، يكونون غير واعين بذلك). هذا امتحان. إنهم يدخلون إلى هذا الأمر بعقلية "لنجرب ونرى"؛ يريدون أن يروا ما سيفعله الله: "أليس الله جليلًا ومنتقمًا؟ حسنًا، أنا أستبد بالكنيسة، وقد فعلت الكثير من الأمور السيئة من وراء ظهر الله والإنسان؛ فهل يعرف الله عنها أم لا؟ إذا لم يكن ثمة حزن بداخلي ولم أعاني من أي عقاب جسدي، فهذا يعني أن الله لا يعرف". إنهم يفعلون بعض الحماقات لامتحان ما إذا كان الله قديرًا أم لا، لامتحان ما إذا كان يراقب أعماق قلوب الناس أم لا. هذا هو ما تعنيه الامتحانات. إنهم يريدون التأكد من صحة الأمر، لامتحان ما إذا كان الله سيتخذ إجراءً حقًا، وما إذا كان موجودًا حقًا. هذا هو معنى الامتحانات.

ذات مرة، كان ثمة أحد أضداد المسيح في البر الرئيسي للصين، وقد أضل مجموعة من الناس. رأى أن بيت الله ينظم جوقات ويغني الترانيم بالخارج، وفكر قائلًا: "إذا كان بإمكانكم تنظيم جوقات في الخارج، فيمكننا فعل ذلك هنا أيضًا". لذلك، جمع الناس من أماكن مختلفة معًا ليغنوا في جوقة. وجمع لهم جمهورًا كبيرًا أيضًا؛ كان مشهدًا رائعًا. لماذا فعل هذا؟ من ناحية، كان يؤسس مملكة مستقلة، وهذا لا يحتاج إلى توضيح. ومن ناحية أخرى، ما قصده هو: "الإله الذي نؤمن به هو الإله الحقيقي، ولدينا عمل الروح القدس. قد نكون في بيئة عدائية، حيث يضطهدنا التنين العظيم الأحمر ويبقينا تحت المراقبة الدقيقة والصارمة، لكن دعونا نظهر للناس ما إذا كان الله يحمينا أم لا. دعونا نرى ما إذا كان يمكن أن يحدث لنا أي شيء؛ دعونا نرى ما إذا كان يمكن اعتقالنا". ما هذا النوع من العقلية؟ (عقلية امتحان). إنه امتحان؛ إنه رفع لافتات واستخدام عبارات رنانة مثل الإيمان بأن الله قديرٌ وكلي الوجود، وذلك لامتحان ما سيفعله الله بالفعل، والرهان معه، والتنافس معه. هذا يُسمى "امتحان". بالنسبة لبعض الأشخاص، عندما يقول لهم الآخرون: "لا يمكنك تناول هذا؛ سوف يسبب لك اضطرابًا في المعدة"، يقولون: "لا أصدقك، سوف أتناوله! دعنا نرى ما إذا كان الله سيصيبني باضطراب في المعدة أم لا". لذلك، يأكلونه، وبالفعل، يسبب اضطرابًا لمعدتهم. إنهم يفكرون في أنفسهم: "لماذا لم يحمني الله؟ إنه يسبب اضطرابًا لمعدة الآخرين، لكن هذا لأنهم لا يؤمنون بالله. لكنني أؤمن بالله. لماذا تسبب في اضطراب معدتي مثل أي شخص آخر؟" أي نوع من السلوك هذا؟ (امتحان). إنه نتيجة لعدم معرفتهم بالله. لكن مع أضداد المسيح، ثمة شيء إضافي: إنهم لا يعترفون بوجود جوهر الله على الإطلاق، لذا يفعلون الأشياء بجهودهم وتصوراتهم الخاصة، ولا يفعلونها بالإيمان. بدلًا من ذلك، يمتحنون الله. إنهم يستخدمون سلوكهم، وأفكارهم، ودوافعهم اللحظية للتحقيق فيما إذا كان الله موجودًا، وما إذا كانت قدرته حقيقية، وما إذا كان بإمكانه حمايتهم بالفعل. فإذا كانت تجربتهم ناجحة، فسوف يستمر إيمانهم على هذا الأساس؛ وإذا أخفقت، وإذا خيب الله آمالهم، ماذا سيفعلون؟ سيقولون: "لن أؤمن بالله بعد الآن. إنه لا يهتم بالناس. الجميع يقولون إن الله هو ملاذ الإنسان؛ لكنني أرى أن الأمر ليس كذلك بالضرورة. فيما يتعلق بهذه الكلمات، يحتاج الناس إلى وضع بعض الخطط الاحتياطية لأنفسهم في المستقبل؛ فلا يمكنهم أن يكونوا بهذا الغباء بشأن الأمور. يحتاج الناس إلى معالجة شؤونهم بأنفسهم؛ لا يمكنهم الاعتماد على الله في كل شيء". هذه هي النتيجة المستفادة من امتحانهم. ما رأيكم في هذه النتيجة؟ هل ستكون هذه هي النتيجة للناس إذا سعوا إلى الحق؟ (كلا). لمَ لا؟ لو أن الناس سعوا إلى الحق، فسوف يصلون في نهاية المطاف إلى إنجاز جيد وإيجابي ومكافأة. وهذا يعني أنه بغض النظر عن الأمور التي يفعلها الناس، فإن لله طرقه ومبادئه فيما يتعلق بكيفية عمله في الرد وكيف ينظر إلى هذه الأمور، وللناس واجبات يجب عليهم أداؤها، ولهم غرائزهم الخاصة. الله يمنحهم غرائزهم. لقد أعطاهم بالفعل مبادئ، لذلك يجب على الناس أن يتصرفوا وفقًا لتلك المبادئ في ظل توجيه كلام الله. في بعض الأمور، يبدو للوهلة الأولى أنه يجب أن يحمي الله الإنسان، ولكن هل هذا "الوُجُوب" يأتي من الإنسان أم من الله؟ (من الإنسان). إنه مُتَخَيَّل في ذهن الإنسان. هذا "الوُجُوب" ليس هو الحق، وليس مسؤولية الله. إذًا، ماذا سيفعل الله بالضبط؟ لله طرقه في العمل، وله مبادئه. في بعض الأحيان، من خلال عدم حمايتك، يكشفك، ويرى أي طريق تختار. في بعض الأحيان، من خلال بيئة معادية، يُكمِّل الله معرفتك في مجال ما، مما يتيح لك اكتساب جانب من الحق والتغير في جانب ما. إنه يقويك وينمّيك. باختصار، مهما كانت طريقة عمل الله، فإن له مبادئه وأسبابه، بالإضافة إلى أهدافه وغاياته. إذا اعتبرت أن فكرة أنه: "يجب على الله حمايتي، وعليه أن يعمل بطريقة كذا أو كذا" هي الحق، وتمسكتَ بها على هذا النحو، مطالبًا الله بها، فعندما لا يعمل الله بهذه الطريقة، سينشأ صراع بينك وبين الله. وعندما ينشأ هذا الصراع، فلن يكون الله هو المخطئ. من سيكون المخطئ؟ (الإنسان). يبدأ الأمر بمشكلة في آراء الناس، وفي تبنيهم لموقف خاطئ، وفي شغلهم لموقع خاطئ. عندما تطلب من الله أن يعمل بطريقة معينة، ستشعر بأن طلبك مبرر تمامًا. لكن لنأخذ خطوة إلى الوراء، عندما تتمكن من الخضوع والقبول، ستشعر حينها أن مبرراتك واهية، وأن هذه هي شخصيتك الفاسدة ومطالبك غير المعقولة. عندما يمكنك أن تتقبل، سيمنحك الله مقدار الحق والمعرفة التي ينبغي أن تكتسبها. من منظور الله، هذا هو عنصر الحق الذي يجب أن تكتسبه أكثر، وليس نعمة أو بركة تافهة. الله وحده يعلم ما هو الأهم بالنسبة لك، وسيمنحك إياه عندما يحين الوقت المناسب وعلى دفعات. ومن ناحية أخرى، لا يعترف أضداد المسيح بالحق أو بعمل الروح القدس. وأيًا كان من قد يعقد شركة عن الحق ويشهد لمحبة الله وخلاصه، فإن ضِدَ المسيح لن يرفض قبوله فحسب، بل سينفر منه ويقاومه. هذا هو الفارق بين أضداد المسيح والأشخاص العاديين الفاسدين.

سوف نختتم شركتنا هنا عن صفة أضداد المسيح المتمثلة في إنكار هوية الله وجوهر تفرده. هل لديكم أي أسئلة أخرى؟ (يا إلهي، لديَّ سؤال. إنني أقابل الكثير من المؤمنين بالرب عندما أنشر الإنجيل، وهم جميعًا مصممون على التمسك برأي بولس الذي يقول: "لِأَنَّ لِيَ ٱلْحَيَاةَ هِيَ ٱلْمَسِيحُ وَٱلْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ". إنهم يعتقدون أنه إذا تمكنوا من تلبية معيار كلمات بولس، فيمكنهم أن يصبحوا إلها. هل هذا مظهر آخر لأضداد المسيح، وأيضًا إنكار لجوهر تفرد الله؟) نوعًا ما. إنكار أضداد المسيح لتفرُّد الله يعود أساسًا إلى رغبتهم في أن يكونوا الله. وهم يفضلون كلمات بولس على وجه الخصوص: "لأن لي الحياة هي المسيح، الحياة هي الله، وبحياة الله أكون الله". إنهم يؤمنون بوجود رجاء لهم أن يصيروا الله، وأن يحكموا مثل الملوك، وأن يملكوا على الناس، إذا ثبتت صحة هذا الرأي؛ أما إذا لم يحدث ذلك، تتبدَّد آمالهم في أن يحكموا مثل الملوك ويصيروا الله. باختصار، يريد الشيطان دائمًا أن يكون على قدم المساواة مع الله، وكذلك يفعل أضداد المسيح، إذ يمتلكون هذا الجوهر عينه. على سبيل المثال، من بين أولئك الذين يتبعون الله، هناك أشخاص يمجدِّون الله على الدوام، ويشهدون له، ويشهدون لعمله، ويشهدون لتأثير دينونة كلامه وتوبيخه في الإنسان. إنهم يمدحون كل العمل الذي يقوم به الله لخلاص الإنسان، ويمدحون أيضًا الثمن الذي دفعه الله. فهل يرغب أضداد المسيح أيضًا في التمتُّع بكل هذا، أم لا؟ إنهم يرغبون في التمتع بالمساندة والإطراء والتمجيد، وحتى المديح من الناس. وما الأفكار المُخزية الأخرى التي يتوصلوا إليها؟ يريدون من الناس أن يؤمنوا بهم، وأن يتكلوا عليهم في كل شيء؛ ولا بأس أن يتكل الناس على الله أيضًا؛ ولكن – في الوقت الذي يتكلون فيه على الله – إذا كان من الأكثر واقعية وصدقًا بالنسبة لهم أن يتكلوا على أضداد المسيح، فعندئذٍ سيكون أضداد المسيح في غاية السرور. إذا كنت، في الوقت نفسه الذي تسبِّح فيه الله، وتعدِّد النعم التي منحها لك، وتضيف أيضًا جميع الإنجازات الجديرة بالتقدير لأضداد المسيح، وتتغنى بتسبيحاتهم بين إخوتك وأخواتك، وتحكي للقاصي والداني كل ما يفعلونه، فعندئذٍ سيشعرون في قلوبهم بارتياح رائع، وسيشعرون بالرضا. وهكذا، عند الحديث من وجهة نظر طبيعة جوهر أضداد المسيح، فعندما تقول إن الله يملك السلطان، وإنه بار، وإنه قادر على خلاص الناس، وعندما تقول إن الله وحده يملك مثل هذا الجوهر، وإن الله وحده قادر على القيام بهذا النوع من العمل، ولا يمكن لأحدٍ أن يحلَّ محلَّه أو يمثله في القيام بهذه الأشياء، ولا يمكن لأي شخص أن يمتلك هذا الجوهر ويقوم بهذه الأشياء؛ عندما تقول هذا، فإن أضداد المسيح لا يقبلون هذه الكلمات في قلوبهم، ويرفضون الاعتراف بها. لماذا لا يقبلونها؟ لأن لديهم طموحات؛ هذا جانب واحد من القضية. والجانب الآخر هو أنهم لا يؤمنون ولا يعترفون بأن الجسد المتجسِّد هو الله. عندما يقول أي شخص إن الله فريد، وإن الله وحده بار، فإنه يقوم باستثناء في قلبه، ويقاومه من الداخل، فيقول: "خطأ، أنا بارٌّ أيضًا!" عندما تقول إن الله وحده هو القدوس، فإنه يقول: "خطأ، أنا أيضًا مقدَّس!" بولس مثال على ذلك: عندما نشر الناس كلمة الرب يسوع المسيح قائلين إن الرب يسوع المسيح بذل دمه الثمين عن البشرية، وإنه قدم نفسه ذبيحة خطية، وخلَّص البشرية بأسرها، وفدى البشرية بأسرها من الخطية، فكيف شعر بولس عندما سمع هذا؟ هل اعترف أن هذا كله كان عمل الله؟ هل اعترف أن الواحد الذي كان قادرًا على فعل كل هذا هو المسيح، وأن المسيح وحده هو مَن كان بوسعه فعل كل هذا؟ وهل اعترف أن الواحد الوحيد الذي كان قادرًا على فعل كل هذا هو الذي يمكن أن يمثِّل الله؟ كلا. بل قال: "إذا كان ممكنًا ليسوع أن يُصلَب، فعندئذٍ يمكن للناس أن يُصلَبوا أيضًا! وإذا كان بإمكانه بذل دمه الثمين، فعندئذٍ يمكن للناس أن يفعلوا ذلك أيضًا! وفوق ذلك، يمكنني أن أعظ أيضًا، وأنا أكثر دراية منه، ويمكنني تحمُّل الألم! إذا كنت تقول إنه المسيح، أفلا ينبغي أن أُدعى أنا أيضًا المسيح؟ إذا نشرت اسمه المقدس، ألا ينبغي أن تنشر اسمي أيضًا؟ إذا كان يستحق أن يُدعى المسيح، وإذا كان بوسعه تمثيل الله، وإذا كان ابن الله، أليس نحن أيضًا مثله؟ نحن القادرون على التألم ودفع الثمن، ومَن بوسعنا أن نكد ونعمل من أجل الله؛ ألا يمكننا أن نُدعى المسيح أيضًا؟ كيف يختلف استحسان الله لنا وتسميتنا بالمسيح عن المسيح نفسه؟" باختصار، لقد فشل أضداد المسيح في فهم جانب التفرد من جوهر الله، ولا يفهمون ماهية تفرُّد الله في الواقع. إنهم يؤمنون بأن "كون المرء هو المسيح أو كونه الله هو شيء يسعى المرء لتحقيقه بقوة المهارة والقدرة، تمامًا كما يكتسب المرء القوة من خلال القتال. لا يمكن أن تُدعى المسيح لمجرد أنك تمتلك جوهر الله. أن تكون المسيح هي النتيجة المكتسبة بشق الأنفس للمهارات الشخصية للمرء؛ إنه تمامًا كما تسير عليه الأمور في العالم؛ فأيًا كان صاحب الموهبة الأكبر والقدرة الأعظم هو الذي يصير مسؤولًا كبيرًا وله القول الفصل". هذا هو منطقهم. لا يعترف أضداد المسيح بأن كلمة الله هي الحق. إن جوهر الله وشخصيته اللذين تحدث عنهما كلام الله غير مفهومين لهما؛ إنهم أناس عاديون، ودخلاء، ولا فكر لديهم، لذا فإن حديثهم يتكون بالكامل من كلمات الدخلاء، وهي كلمات دون فهم روحي. إذا كانوا قد عملوا لبضع سنوات وكانوا يظنون أنهم قادرون على المعاناة ودفع الثمن، وأن بإمكانهم إثارة الحماس كثيرًا أثناء الوعظ بالتعاليم، وأنهم تعلموا كيف يلعبون دور المرائي، ويمكنهم تضليل الآخرين، وأنهم قد نالوا استحسان البعض، فإنهم إذن يؤمنون، بطبيعة الحال، أنهم قادرون على أن يصبحوا المسيح، وأن يصيروا الله.

هل لديكم أي أسئلة أخرى؟ (يا إلهي، هل يمكنك أن تعقد شركة معنا أكثر حول ما يعنيه امتحان الله؟ كيف يظهر امتحان الله في الناس؟) امتحان الله هو عندما لا يعرف الناس كيف يتصرف الله، ولا يعرفونه أو يفهمونه، وبالتالي فإنهم في كثير من الأحيان يطرحون عليه بعض المطالب غير المعقولة. على سبيل المثال، عندما يمرض شخص ما، قد يدعوا الله أن يشفيه. "لن أطلب العلاج؛ لنرَ إن كان الله سيشفيني أم لا". وهكذا، بعد الصلاة لفترة طويلة دون أي استجابة من الله، يقولون: "بما أن الله لم يفعل شيئًا، فسأتناول الدواء وأرى ما إذا كان سيُعيقني. إذا علق الدواء في حلقي، أو إذا سكبت بعض الماء، فقد تكون هذه طريقة الله لإعاقتي ومنعي من تناوله". هذا هو الامتحان. أو أنك خُلقت لنشر الإنجيل، على سبيل المثال. في الظروف العادية، يقرر الجميع من خلال الشركة والتشاور ما تتطلبه واجباتك وما يجب عليك فعله، ثم تتصرف عندما يحين الوقت المناسب. إذا حدث شيء ما أثناء عملك، فتلك سيادة الله؛ إذا كان الله سيعيقك، فسوف يفعل ذلك بشكل استباقي. ومع ذلك، لنفترض أنك تقول في الصلاة: "يا إلهي، سأخرج اليوم لنشر الإنجيل. هل يتوافق ذلك مع مقصدك أن أخرج؟ لا أعلم إن كان المُتلقى المحتمل للإنجيل اليوم يمكنه قبوله أم لا، ولا كيف ستحكم أنت هذا الأمر تحديدًا. أنا أطلب ترتيباتك، وتوجيهك، وأن تُريني هذه الأمور". وبعد الصلاة، تجلس بلا حراك، ثم تقول: "لماذا لا يقول الله شيئًا عن ذلك؟ ربما لأنني لا أقرأ كلامه بما يكفي، فلا يمكنه أن يريني تلك الأمور. إذا كان الأمر كذلك، سأخرج إلى هناك على الفور. فإذا سقطتُ أرضًا، فقد يكون الله يمنعني من الذهاب، وإذا سارت الأمور بسلاسة ولم يعيقني الله، فقد يكون الله يسمح لي بالذهاب". هذا امتحان. لماذا نسمي ذلك امتحانًا؟ يتسم عمل الله بالعملية؛ فلا بأس أن يقوم الناس بالواجبات التي من المفترض أن يقوموا بها فحسب، وأن يرتبوا حياتهم اليومية، وأن يعيشوا حياتهم الإنسانية العادية بطريقة تتفق مع المبادئ. لا حاجة لامتحان كيفية تصرف الله أو الإرشاد الذي سيقدمه. عليك الاهتمام بفعل ما يفترض أن تفعله فحسب؛ ولا تنشغل دائمًا بأفكار إضافية مثل: "هل يسمح لي الله بفعل هذا أم لا؟ إذا فعلتُ هذا، فكيف سيتعامل معي؟ هل من حقي أن أفعله بهذه الطريقة؟" لو أن شيئًا ما كان صحيحًا بوضوح، فاهتم بفعله فحسب؛ لا تُفكّر في هذا وذاك. لا بأس بأن تصلي بالطبع، أن تصلي لطلب إرشاد الله، وأن يوجه حياتك في هذا اليوم، وأن يوجه الواجب الذي تؤديه اليوم. يكفي أن يكون للشخص قلب وموقف خضوع. على سبيل المثال، أنت تعلم أنه إذا لمست الكهرباء بيدك، فسوف تُصعق، وقد تفقد حياتك. ومع ذلك، فأنت تفكر في الأمر: "لا داعي للقلق، الله يحميني. لا بد أن أجرب لأرى إن كان الله سيحميني، ولأرى ما هو شعور حماية الله". ومن ثم تلمسها بيدك، ونتيجة لذلك تُصعق؛ هذا امتحان. بعض الأمور خاطئةٌ بوضوح ولا ينبغي فعلها. لو كنتَ ستفعلها لترى كيف سيكون رد فعل الله، فهذا امتحان. بعض الناس يقولون: "الله لا يحب أن يتزين الناس ببهرجة، ويضعون مكياجًا صارخًا. سأفعل ذلك إذًا، وأرى كيف أشعر عندما يوبخني الله في داخلي". ومن ثم، بعد أن يتزينوا تمامًا، يلقون نظرة في المرآة: "يا إلهي، أبدو وكأنني شبح حي، لكنني أشعر فقط أن هذا الأمر مقزز بعض الشيء ولا أستطيع أن أجبر نفسي على النظر في المرآة. لا يوجد شعور أقوى من ذلك؛ أنا لا أشعر بمقت الله، ولا أشعر بكلامه ينزل في الحال ليضربني ويدينني". أي نوع من السلوك هذا؟ (امتحان). إذا كنت أحيانًا مهملًا في واجبك، وأنت تعلم بوضوح أنك كذلك، فيكفي أن تتوب وتغير مسارك. لكنك دائمًا تدعو: "أوه، يا إلهي، لقد كنتُ سطحيًا، أطلب منك أن تُؤدبني!" ما الغرض من ضميرك؟ إذا كان لديك ضمير، فيجب عليك أن تتحمل مسؤولية سلوكك. يجب أن تكبح جماحه. لا تصلِ لله؛ فستصبح هذه الصلاة امتحانًا. إن أخذ شيء جدي للغاية وتحويله إلى مزحة، أو إلى امتحان، هو أمر يمقته الله. عندما يصلي الناس لله ويلجأون إليه عندما يواجهون مسألة ما، وكذلك في بعض مواقفهم ومطالبهم وطرق تعاملهم مع الله، فسوف تظهر بعض الامتحانات في كثير من الأحيان. ماذا تتضمن هذه الامتحانات بشكل أساسي؟ الأمر هو أنك ترغب في رؤية كيف سيتصرف الله، أو ترغب في رؤية ما إذا كان الله قادرًا على فعل شيء ما أم لا. أنت ترغب في امتحان الله، وفي استخدام هذا الأمر للتحقق مما هو عليه الله، والتحقق من أي الكلام الذي قاله الله صحيح ودقيق، وأي منه يمكن أن يكون صحيحًا، وأي منه يمكنه تحقيقه. هذه كلها امتحانات. هل تظهر هذه الطرق في القيام بالأمور بانتظام فيكم؟ افترض أن ثمة شيئًا لا تعرف ما إذا كنت قد فعلته بشكل صحيح أم لا، أو ما إذا كان يتماشى مع مبادئ الحق أم لا. هنا، توجد طريقتان يمكنهما تأكيد ما إذا كان ما فعلته في هذه المسألة هو امتحان، أو ما إذا كان إيجابيًا. إحداهما أن يكون لديك قلب متواضع باحث عن الحق، يقول: "هكذا تعاملت مع هذا الأمر الذي حدث لي، وما هو عليه الآن نتيجة تعاملي معه بهذه الطريقة. لا يمكنني أن أعرف ما إذا كان هذا هو ما كان يجب أن أفعله حقًا أم لا". ما رأيك في هذا الموقف؟ هذا هو موقف طلب الحق؛ لا يوجد امتحان فيه. لنفترض أنك تقول: "يُقرّر الجميع هذا الأمر معًا بعد الشركة". يسأل أحدهم: "من المسؤول عن هذا؟ من هو صانع القرار الرئيسي؟" فتقول: "الجميع". مقصدك هو: "إذا قالوا إن هذا الأمر تم التعامل معه وفقًا للمبادئ، فسأقول إنني فعلت ذلك. وإذا قالوا إنه لم يتم التعامل معه وفقًا للمبادئ، فسأبدأ بإخفاء هوية من فعل ذلك ومن اتخذ القرار. بهذه الطريقة، حتى لو ضغطوا وحاولوا إلقاء اللوم، فلن يلقوه عليَّ، وإذا جُلبَ الخِزي لأي شخص، فلن أكون وحدي". إذا كنت تتحدث بهذه النية، فذلك امتحان. قد يقول قائل: "إن الله يكره أن ينشغل الإنسان بأمور الدنيا. إنه يمقت أمورًا مثل أيام ذكرى البشر والمهرجانات". الآن وقد عرفت هذا، يمكنك بذل قصارى جهدك فحسب لتجنب مثل هذه الأمور، بقدر ما تسمح الظروف. ومع ذلك، لنفترض أنك تتبع الأمور الدنيوية عمدًا أثناء قيامك بأمور خلال أحد المهرجانات، وعندما تقوم بها، فإن نيتك هي: "أنا أرى فحسب ما إذا كان الله سيؤدبني على القيام بذلك، وما إذا كان سيُعيرني أي اهتمام. أنا أرى فحسب ما موقفه حقا تجاهي، ومدى عمق مُقته. يقولون إن الله يمقت هذا، ويقولون إنه مقدس ويمقت الشر، لذلك سوف أرى كيف يمقت الشر وكيف سيؤدبني. عندما أفعل هذه الأمور، إذا جعلني الله أتقيأ من فتحات جسدي، وأشعر بالدوار، وغير قادر على النهوض من الفِراش، فحينها سيبدو أن الله بالفعل يمقت هذه الأمور. لن يتكلم فحسب؛ بل ستظهر الحقائق". إذا كنت تأمل دائمًا في رؤية مثل هذا المشهد، فما نوع سلوكك ونواياك؟ أنت تمتحن. لا ينبغي للإنسان أن يمتحن الله أبدًا. عندما تمتحن الله، فإنه يتوارى منك ويحجب وجهه عنك، وتكون صلواتك عديمة الفائدة. قد يتساءل البعض: "لن يفلح الأمر حتى لو كنت صادقًا من القلب؟" نعم، حتى لو كنت صادقًا من القلب. إن الله لا يدع الناس يمتحنونه؛ إنه يمقت الشر. عندما تفكر في هذه الأفكار والخواطر الشريرة، فإن الله سوف يتوارى عنك. لن ينير الله لك الطريق بعد الآن، بل سوف ينحيك جانبًا، وستستمر في القيام بأشياء حمقاء، وهدامة، ومزعجة إلى أن تُكشف على حقيقتك. هذه هي العاقبة التي تأتي من امتحان الناس لله.

(إلهي، لديَّ سؤال. أنا أدير المعدات في الكنيسة. وموقفي تجاه هذه الواجب دائمًا ما يكون وقحًا وغير مسؤول. أشار الإخوة والأخوات إلى أخطائي وقاموا بتهذيبي، وعقدوا شركة معي عن المثال الذي أعطاه الله ذات مرة عن رجل شرب شراب السعال سرًا: لم يؤدبه الله أو يوبخه، بل استبعده ما إن شربه. إن شخصية الله لا تتسامح مع إساءات البشر؛ إنني أعرف هذه الكلمات، ولكن لديَّ وجهة نظر مفادها أن الله رحيم ومحب، وأنه ربما لن يعاملني بالطريقة نفسها التي عامل بها ذلك الرجل. لذا، لم أكن خائفًا. بناءً على شركة الله اليوم، أشعر أن لديَّ موقفًا من الشك تجاه شخصيته البارّة، وسلوكًا من سلوكيات أضداد المسيح: سلوك امتحان الله، وعدم الخوف منه أبدًا). إن موقف الله تجاه شخص ما لا يستند إلى ما إذا كان هذا الشخص خائفًا منه أم لا، ولا يستند إلى موقف عابر قد يكون لدى هذا الشخص تجاه مسألة معينة. لا يعتبر الله العادات السيئة والطرق غير المسؤولة التي قد يُظهرها شخص ما ويكشفها في أمورٍ تافهةٍ من أمور الحياة بمثابة مشكلات خطيرة. يكفي أن تكون قادرًا فحسب على بذل نفسك لأداء واجبك الأساسي وتحمّل مسؤوليته. فإذا شعرتَ أنك عاجزٌ دائمًا عن تحمل مسؤولية إدارة المعدات، ولا تستطيع بذل كل طاقتك للقيام بذلك على أكمل وجه، فما الذي يظهره ذلك؟ يُظهر ذلك إلى حد ما أنك لست جيدًا في الإدارة؛ وعلاوة على ذلك، يُظهر أنك لست مناسبًا تمامًا للوظيفة. إذا كنت تشعر أن بقاءك في تلك الوظيفة قد يؤدي يومًا ما إلى كارثة، فمن الأفضل أن توصي بشخص آخر للقيام بها؛ دع شخصًا في الكنيسة مناسبًا للمهمة يتولى الأمر بدلًا منك، ثم اذهب للقيام بالعمل الذي تجيده والذي يثير اهتمامك، وكن مخلصًا في أداء ذلك الواجب. علاوة على ذلك، إذا كان الشخص حقًا يحب الحق ويرغب في تقوى الله والحيد عن الشر، والعيش بكرامة، وألا يبغضه الآخرون، بل يحترمونه، فعليه أن يعقد العزم على أداء كل شيء على أكمل وجه. وعندما يفعل ذلك، ينبغي أن تكون لديه الإرادة أمام الله ليقول: إلهي، أدّبني إن أسأتُ في أدائي؛ إلهي، أرجوك أن تقوم بعملك. الناس لا يحسنون إدارة الآخرين؛ وفي أفضل الأحوال قد يعلمون شخصًا ما أن يصبح موهوبًا في مجال واحد. ولكن عندما يتعلق الأمر بالطريق الذي يسلكه شخص ما، وآرائه في الحياة، والأهداف التي يختارها في الحياة، ونوع الشخص الذي سيختار أن يكونه، فلا أحد يستطيع مساعدته. كلام الله، والله وحده، هو القادر على تغيير الناس. كيف يتحقق هذا؟ ذلك أن الناس أنفسهم عاجزون؛ عليهم أن يتركوا الله يتولى الأمور. إذًا، ما هي المعايير التي يجب أن يلبيها الشخص لكي يدع الله يعمل، قبل أن يكون مستعدًا للعمل؟ يجب أن تكون لديه أولًا هذه الإرادة والطموح، قائلًا: "أعلم أنني لم أتمكن قط من أداء هذه المهمة على أكمل وجه. لم يكن الإخوة والأخوات راضين – وأنا شخصيًا لم أكن راضيًا – لكنني أريد أن أفعل ذلك بشكل جيد. فماذا أفعل؟ سأتي أمام الله في الصلاة وأدعه يعمل فيَّ". إذا أردتَ أن يعمل الله فيك، فأول ما يجب عليك هو أن تكون قادرًا على المعاناة؛ عندما يُؤدِّبك الله، وعندما يُوبِّخك، يجب أن تكون قادرًا على تقبُّل ذلك. أن تكون مطيعًا ومتقبلًا بقلبك هو بداية فعل أي شيء بشكل جيد. من الإنصاف أن نقول إن كل شخص سيكون لديه شكوك بشأن بر الله وقدرته قبل أن يمكن تخليصه كليًا. والاختلاف هو أن الأشخاص العاديين الفاسدين يستطيعون – رغم شكوكهم البسيطة – أداء واجباتهم بشكل طبيعي، والسعي إلى الحق، والتعرف على الله شيئًا فشيئًا؛ فطموحهم الذاتي نشط وإيجابي. أما أضداد المسيح، فهم على النقيض تمامًا؛ فطموحاتهم الذاتية لا تتسم بالقبول والطاعة، ولا يتطلعون إلى الاعتراف، بل إنهم يقاومون. إنهم لا يقبلون. ما الجيد إذًا في الأشخاص العاديين الفاسدين؟ إنهم في أعماق قلوبهم يقبلون الأمور الإيجابية ويحبونها، لكن بسبب شخصيتهم الفاسدة، تمر عليهم أوقات لا يستطيعون فيها مساعدة أنفسهم، عندما يكونون سيئين، وتكون الأمور خارجة عن إرادتهم، وخارجة عن متناول أيديهم، ولذلك غالبًا ما يكونون سلبيين وضعفاء في قلوبهم، شاعرين أن الله لا يريدهم، وأنه يبغضهم. هل هذا شعور جيد؟ إنه شعور جيد؛ فهو يعني أن لديك فرصة للخلاص، وهو علامة على إمكانية تخليصك. إذا لم تشعر بذلك حتى، فإن آمالك في ربح الحق ونيل الخلاص ضئيلة للغاية. إن هذا الشعور تحديدًا هو ما يُظهر أنك لا تزال تتمتع بضمير وكرامة واستقامة؛ أنك لا تزال تتمتع بالعقلانية. إذا لم يكن لديك حتى هذه الأشياء، فأنت أحد أضداد المسيح حقًا، أنت عديم الإيمان. في الوقت الحالي، ليس لديك سوى بعض سلوكيات عديمي الإيمان، قليلًا مما يظهرونه، قليلًا من شخصيتهم، ومع ذلك فأنت لست عديم الإيمان. في منظور الله، أنت مؤمن به، وأنت من أتباعه، على الرغم من أنه لا تزال لديك العديد من المشكلات والنقائص على طريق الإيمان به، وفي سعيك، وفي آرائك، وفي كل جانب من جوانب حياتك الشخصية. فكيف إذًا يمكن معالجة هذه المشكلات؟ هذا سهل. ما دمت تلبي المتطلبات الأساسية لامتلاك الضمير والعقل، والسعي إلى الحق، وحب الأمور الإيجابية، فيمكن معالجة كل هذه المشكلات؛ إنها مسألة وقت فحسب. ما دمت قادرًا على قبول الحق والتأنيب والتأديب من الله، فقد تجاوزت العقبة الأولى. أما العقبة الثانية فهي أنك تحتاج، من جانبك، إلى تعلم كيفية معالجة شخصيتك الفاسدة، ومختلف الحالات التي تنشأ فيك مع كل أمر يصيبك، وتعلم معالجة المشكلات بكلام الله، بينما تقرأه، وتستمع إلى شركة، وإلى الشهادات الاختبارية للإخوة والأخوات. أنت بحاجة إلى أن تكون قادرًا على أن تأتي أمامه كثيرًا، وتخبره بظروفك وحالاتك، وكذلك المشكلات التي تواجهها، وأن تقولها له بصراحة، وأن تقبل بصدق تهذيبه وتأديبه وتأنيبه، وحتى كشفه لك، وموقفه منك؛ إن قلبك بحاجة إلى أن يظل مفتوحًا أمامه، وليس مغلقًا. وما دام قلبك مفتوحًا، فإن ضميرك وعقلك قد يخدمان غرضًا ما، وسيتمكن الحق من الولوج إليك وإحداث تغيير فيك. عندها يُمكن حل جميع هذه المشكلات. إنها ليست مُستعصية على الحل؛ ولا تُمثل أيٌّ منها مشكلة كبرى. من الشائع أن يكون الناس لا مبالين في أداء واجبهم. هذه هي الحالة الأكثر شيوعًا بين جميع البشر الفاسدين. إحدى الحالات هي أن يكون المرء مليئًا بالكذب، وحالة أخرى هي أن يكون متقاعسًا، ولا مباليًا، وغير مسؤول في كل شيء، أن يكون في حالة من التشوش، في حالة من التخبط؛ هذه هي القاعدة السائدة بين جميع البشر الفاسدين. هذه أمورٌ أقل فظاعة بكثير من مقاومة الإنسان لله ورفضه للحق. إنها ليست حتى ما ينظر إليه الله في الإنسان. لو كان الله يزن الناس بدقة، لما أرادهم إذا قالوا كلمة خاطئة واحدة؛ وإذا ارتكبوا خطأ صغيرًا مرة واحدة، لما أرادهم؛ وإذا كانوا متهورين في شبابهم وفعلوا الأمور بنفاد صبر، لما أحبهم؛ وسيكونون حينها ممن يتخلى الله عنهم ويستبعدهم. لو كانت الأمور على هذا النحو، لما أمكن خلاص شخص واحد. سيقول البعض: "ألم تقل إن الله يدين الناس ويقرر عواقبهم من خلال سلوكهم؟" تلك مسألة أخرى. في طريق سعي الناس إلى الحقّ من أجل تحقيق التغيير في الشخصية والخلاص، فإن مثل هذه الحالات في الإنسان هي، في نظر الله، أكثر الأمور شيوعًا على الإطلاق، عادية ومألوفة تمامًا. إن الله لا ينظر إليها حتى. فإلى ماذا ينظر؟ إنه ينظر إلى ما إذا كان لديك سعي إيجابي أم لا، وما هو موقفك تجاه الحق والأمور الإيجابية، وتجاه سعيك إلى تغيير شخصيتك. إنه ينظر إلى ما إذا كانت لديك مثل هذه الرغبة، وإلى ما إذا كنت تسعى جاهدًا أم لا. عندما يرى الله أن لديك هذه الأمور، وأن ضميرك يوبخك عندما ترتكب خطأ، وأنك تعرف أن تكره الخطأ، وتعرف أن تأتي أمام الله في الصلاة، وتعترف له وتتوب، فإنه يقول لك حينها إن لديك أمل، وأنك لن تُستبعد. هل تعتقد أن شخصية الله البارّة، ورحمته، ومحبته كلها عبارات جوفاء؟ تحديدًا لأن الله له هذا الجوهر، فإن لديه موقف تجاه كل نوع من الأشخاص، وهذه المواقف عملية للغاية؛ إنها ليست جوفاء على الإطلاق.

هذا الحديث عن جوهر أضداد المسيح الذي كنا بصدده لفترة موجه للجميع، جزئيًا حتى يتمكنوا من فهم أضداد المسيح وتمييزهم وتحديد من هم، ورفضهم؛ وكذلك ليعلم الجميع أن كل شخص لديه شخصية ضِدَ المسيح، تمامًا مثل أضداد المسيح، ولكن أضداد المسيح الحقيقيين فقط هم الذين يجب استبعادهم والتخلي عنهم، بينما الأشخاص العاديون الذين لديهم شخصية ضد المسيح هم الذين سيخلصهم الله، وليس أولئك الذين سيستبعدهم. إن عقد شركة مع الناس حول جوهر أضداد المسيح وكل جانب من جوانب شخصيتهم لا يهدف إلى إدانة الناس؛ بل إلى خلاص الناس، وإعطائهم طريقًا، والسماح لهم أن يروا بوضوح ما هي الشخصيات الفاسدة التي لديهم، وما الذي يتحدث عنه الله حقًا عندما يقول إن البشر أعداؤه، ولماذا يقول ذلك، وما هي الأنواع الدقيقة للشخصية الفاسدة في الإنسان، وما هي مظاهر المقاومة والتمرد على الله في الإنسان، التي تجعله يقول ذلك، ويصدر هذه الإدانات. تحديدًا لأن اللهَ يُريدُ خلاصَ الإنسانِ، ولأنهُ لا يتخلى عن البشرِ، أو عن أتباعِهِ، أو عن أولئك الذين اختارَهم، فإنه يتحدث بلا كللٍ بهذه الطريقة ويعمل بها. إن كلام الله وعمله على هذا النحو لا يهدف فقط إلى جعل الناس يفهمون مدى جماله، ومدى جديته وصبره مع الناس، ومدى الجهد الذي يبذله. وما الفائدة من فهم هذه الأمور؟ عندما يفهم الناس هذه الأمور، لا يكون لديهم سوى القليل من الامتنان لله؛ ومع ذلك فإن شخصيتهم الفاسدة لا يتم معالجتها على الإطلاق. يتحدث الله بمثل هذا الصبر الصادق لكي يرى الناس أن الله قد بذل جهودًا نحو خلاص الناس وعقد عزمه على ذلك؛ إنه لا يمزح؛ الله يريد أن يخلّص البشرية، وهو عازم على ذلك. كيف يمكن رؤية ذلك؟ لا يوجد جانب من جوانب الحق يتحدث الله عنه من جانب واحد أو من زاوية واحدة، ولا يتحدث الله بطريقة واحدة؛ بل إنه يخبر الناس به من زوايا مختلفة، وبأساليب مختلفة، وبألفاظ مختلفة، وبدرجات مختلفة، لكي يعرف الناس شخصيتهم الفاسدة ويعرفوا أنفسهم، ومن هنا يفهموا الاتجاه الذي يجب أن يسلكوه في سعيهم، ونوع الطريق الذي يجب أن يسلكوه. إنه يفعل ذلك لكي يتخلى الناس عن شخصيتهم الشيطانية الفاسدة ويغيروها، ويتخلوا عن فلسفات التعاملات الدنيوية، وسبل البقاء، وطرق وأنماط العيش التي يفسد بها الشيطان الناس، ويجعلهم يعيشوا بدلًا منها وفق الطرق، والأنماط، والاتجاهات، والأهداف التي بيّنها الله للناس وأخبرهم بها. لا يفعل الله كل هذا ليجعل الناس يقتنعون به، أو ليُريهم مقاصده الطيبة بعناية، أو مدى صعوبة فعل كل ما يفعله. إنك لست بحاجة إلى معرفة ذلك. عليك التركيز فحسب على إيجاد ما يجب عليك أن تمارسه في كلام الله الذي يقوله، وفهم الحق ومقاصد الله في كلامه، والدخول إلى واقع الحق؛ والعيش وفقًا لمبادئ الحق، والتصرف والعمل وفقًا لمبادئ الحق، وإكمال الإرسالية التي أوكلها الله إليك، حتى تحقق الخلاص. هكذا سيرضى الله، وستتم مسألة خلاص الإنسان بأكملها، وبالتالي يستفيد الإنسان أيضًا. أما بالنسبة لتلك الأوقات التي لا يزال فيها الكثير من التعاليم فيما يقوله الناس، عندما يكونون سطحيين للغاية في تصرفاتهم، وعندما يكونون دائمًا لا مبالين، وعندما تطغى حقارتهم؛ لا سيما لدى الشباب الذين لا يميلون إلى اتباع القواعد، والذين يستمتعون أحيانًا بالتأخر في الاستيقاظ، والذين لديهم بعض العادات غير المعقولة أو المفيدة للآخرين؛ لا تفرض هذه الأمور. تمهل معهم. ما دمت على استعداد للسعي إلى الحق، ويمكنك أن تبذل جهدًا وفقًا لكلام الله، ويمكنك أن تأتي كثيرًا أمام الله، وتفتح قلبك له، فسوف يعمل. لا يمكن لأحد أن يغير أي شخص آخر بالقوة البشرية أو الوسائل البشرية، بما في ذلك والديك، اللذين لا يستطيعان تغييرك.

إن مجيئك اليوم إلى بيت الله هو من عمل الله، وأن تتمكن من الاستماع إلى العظات هنا، بأمانٍ وباستمرار، حتى في هذا العصر، وسط تيارات الشر، وأن تؤدي واجبك دون أن تكسب سنتًا واحدًا؛ هذا هو عمل الله. لماذا يفعل الله هذا؟ ما الذي يحبه الله فيك؟ أن يكون لديك شيء من حس العدالة، وأن يكون لديك ضمير؛ أن تنفر من الاتجاهات الشريرة، وأن تُحب الأمور الإيجابية؛ وأن تتطلع إلى مجيء ملكوت الله، إلى سيادة المسيح والحق. لديك هذه الطموحات، والله يحبها فيك، ولهذا السبب أحضرك إلى بيته. هل تظن أن الله لا يرى عيوبك وعاداتك السيئة؟ الله يدرك عيوبك؛ إنه يعلمها كلها. قإذا كان يعلم، فلماذا لا يهتم بها؟ مثل هذه الأمور تُسبب صراعًا داخليًا في قلوب الناس في كثير من الأحيان. إنهم يقولون: "هل يخلص الله شخصًا مثلي؟ هل يمكن لشخص مثلي أن ينال الخلاص؟ أنا شرير وفاسد للغاية، وغير راغب في الخضوع للتأديب، ومتمرد للغاية، وأقاوم الله وأشك فيه. كيف يمكن أن يظل الله يختارني؟" ما الذي يزعجك؟ الله وحده قادر على تخليصك؛ يجب أن تؤمن بأنه قادر على ذلك. يكفيك فقط التركيز على الاستماع إلى كلام الله، وقبوله، وممارسته. لا تتعثر في تلك الأمور الأخرى؛ لا تكن دائمًا سلبيًا بسببها. لا أحد ينال منك؛ لا أحد يملك ذريعة ضدك. لا ينظر الله إلى تلك الأمور. إذا كنتَ منزعجًا من سعيك إلى الطريق الصحيح والحق بسبب العادات السيئة أو العيوب أو الحقارة التي تَنتُج عن التورط في هموم الحياة، أليست تلك خسارة؟ أليس الأمر لا يستحق ذلك؟ (بلى). لا بد أن هناك عدد لا بأس به من الأشخاص عالقين في مثل هذه الحالة حاليًا. بعض الناس يقولون إن شخصيتهم تتسم بالعجلة الشديدة، وأنهم أفظاظ للغاية في كل ما يفعلونه، وأنهم لا يحبون الدراسة. يقولون إن لديهم عادات سيئة أيضًا: لا يحبون الاستيقاظ في الصباح أو الذهاب إلى الفراش في المساء، ويحبون الألعاب؛ يحبون النميمة تارة، ويحبون إلقاء النكات تارة أخرى. إنهم يسألون: هل يخلصني الله؟ أليست مشكلة أن يكون لديك الكثير من المفاهيم والتصورات عن نفسك؟ لماذا لا تطلب قليلًا؟ ما هو رأي الله حقًا، وماذا يقول كلامه حقًا؟ هل تُذكر هذه الأمور على أنها مشكلات في كلامه؟ يقول بعض الناس إنهم يحبون التأنق ويجب عليهم كبح جماح أنفسهم دائمًا. ويقول آخرون إنهم يحبون أكل اللحوم بشهية مفرطة. هذه مشكلات صغيرة. هذه العيوب، أو هذه الشخصيات، أو هذه العادات الحياتية هي على الأكثر عيوب في إنسانية المرء؛ ولا تُعدّ شخصية فاسدة. ما يحتاجه الناس حقًا هو معالجة شخصيتهم الفاسدة. لا تغفل عن الصورة الأكبر. عندما تعلم أن لديك شخصية فاسدة، وتبدأ في التركيز على التفكير فيها وتمييزها، وتبذل جهدًا فيها، وتبدأ في كراهيتها، ستتغير عيوبك الصغيرة تلك ببطء؛ لن تكون مشكلات بعد ذلك. بعض الشباب يعشقون المرح. ما إن ينتهوا من أداء عملهم المناسب، فلا بأس بالاستمتاع لبعض الوقت. وتحب بعض الشابات أن يكن جميلات، ويرتدين الملابس الأنيقة، ويضعن المكياج. لا بأس بذلك أيضًا، ما دمن لا يُبالغن، ولا يرتدين ملابس غريبة أو يضعن مكياجًا صارخًا. كل شيء على ما يرام؛ لا أحد يفرض عليهن قيود. لا شيء من هذه الأمور يمثل مشكلة. هذه العادات في الحياة، والمطالب المتعلقة بجودة حياتك، والمشاكل الصغيرة في الشخصية؛ لا شيء من هذا يمكن أن يجعلك تقاوم الله، ولا يمكن أن يجعلك تخالف الحق. إن ما يجعلك تقاوم الله حقًا، وما يمنعك من القدوم أمامه، ويجعلك تتمرد عليه، هو شخصيتك الفاسدة. عندما يمكنك أن تكتشف شخصيتك الفاسدة وتعرفها وتكرهها، وتكتسب الرغبة الذاتية في الممارسة وفقًا لمبادئ الحق، يمكن معالجة كل هذه العيوب الصغيرة. ومع معالجة شخصيتك الفاسدة – أي معالجة المشكلة الكبرى وهي مقاومتك لله – هل ستظل تلك العيوب الصغيرة التي تعاني منها تُعتبر مشكلات؟ عندما يحين ذلك الوقت، فسوف تتأصل المبادئ شيئًا فشيئًا في الأمور الصغيرة مثل طريقة تصرفك، وكيف تعيش، وماذا تأكل، وماذا تشرب، وكيف تسترخي، وكيف تؤدي واجبك، وكيف تتعامل مع الآخرين. ولن تعرف إلا حينها أن معالجة شخصية المرء الفاسدة كانت ولا تزال هي المشكلة الكبرى في حياة الإنسان، وأنه بمجرد معالجتها، تُعالج جميع المشكلات الأخرى أيضًا. عندما تُعالج مشكلة التمرد على الله، عندها ستعيش شبه الإنسان، بكرامة. قد توجد الآن بعض العيوب الطفيفة التي لم تعد تظهر عليك. قد يمدحك الناس قائلين إنك شاب صالح، وأنك مخلص في إيمانك بالله، وأنك تبدو مؤمنًا بالله. لكن لو قال الله إنك قد تتمرد عليه، فلا قيمة لسلوكياتك الخارجية الصالحة، مهما بلغت عظمتها. المشكلة الأساسية لم تُحل بعد؛ لم تُعالج مشكلة شخصيتك الفاسدة بعد، وربما لا تزال متمردًا على الله. أنت لا تزال بعيدًا عن الخلاص! ما فائدة أن يكون لديك سلوكيات جيدة فحسب؟ ألست تخدع نفسك بها فحسب؟

ما المشكلة التي من المهم جدًا أن تحلها الآن؟ (مشكلة الشخصية الفاسدة). قد يقول البعض: "أنا أحب ارتداء الملابس الملونة، لكن بيت الله لا يحبها، لذلك سوف أتمرد عليها". لستَ مضطرًا لذلك؛ ارتدِها إن شئتَ. يقول البعض: "أحب وضع المساحيق والمكياج، وأن أبدو جميلة عند مقابلة الناس كل يوم؛ إنه لأمر رائع!" ما دام لديكِ الوقت، فلا بأس. ويقول البعض: "أحب تناول الطعام الفاخر؛ أحب الأطعمة الحارة والحامضة أيضًا". ما دمت تمتلك الإمكانيات، والفرصة، والوقت، يُمكنكَ تناول تلك الأشياء حتى تكتفي. حتى لو تركت هذه الأشياء دون الاكتفاء منها، وكبحتها، وتمردت عليها، فلن تُعالج شخصيتك الفاسدة. ما الذي قد يترتب على كبحك لها؟ ستتحمل الكثير من المعاناة الجسدية، لكنك ستشعر بالظلم في قلبك؛ وأي نوع من العواقب السلبية سيقع عليك إذن كأثر جانبي؟ سوف تشعر أنك عانيت معاناة شديدة من أجل الله، وأنك ربحت الحق، بينما في الواقع، لن يكون لديك أي شيء، ولن تكون شيئًا. قد ترتدي الملابس بأناقة وبكرامة ووقار – قد تبدو وكأنك أخ أو أخت، وتكون منظمًا للغاية – ولكن إذا لم تتمكن من العثور على مبادئ الحق عندما تُكَلَّفُ بأحد الواجبات، وإذا كنت قد تستمر في تعطيل وإزعاج عمل الكنيسة، فهل تكون مشكلتك الأساسية قد عولجت؟ (كلا). لذا، أيًا كانت طريقة نظرك للأمر، فإن الأهم هو فهم كلام الله والحق والدخول في واقع الحق، ومعالجة شخصيتك الفاسدة. لا تهدر جهودك على بعض المشكلات التافهة والسلوكيات الخارجية، فتنشغل بها ولا تتخلى عنها، وتشعر دائمًا بالذنب والدَيْن في قلبك، وتعالج تلك الأمور دائمًا كما لو كانت أمورًا عظيمة. وما يترتب على ذلك هو أن شخصيتك الفاسدة سوف تظل بلا علاج إلى الأبد. حتى لو لم تكن تعرف أي نوع من الأشخاص أنت، أو أي نوع من الشخصية الفاسدة لديك؛ إذا لم يكن لديك أدنى فهم لذلك، ألن يفسد ذلك الأمور؟ عندما تتعرف على جوهرك الفاسد، فإن مشكلاتك الصغيرة تلك لن تكون مشكلات بعد ذلك. وبطبيعة الحال، عندما تفهم الحق وتدخل إلى واقع الحق، وتنمو قدرتك على التصرف وفقًا لمبادئ الحق، سوف تتخلص تدريجيًا من تلك المشكلات الصغيرة. الأمر يشبه الشخصيات المتململة أو بطيئة الحركة، أو الثرثارة أو قليلة الكلام؛ فهذه ليست مشكلات. إنها أشياء تتعلق بطابع الشخصية. فبعض الناس يتمتعون بأسلوب واضح، بينما لا يتمتع البعض الآخر بذلك؛ بعض الناس أكثر جرأة ويتجرؤون على التحدث أمام الكثير من الناس، بينما البعض الآخر أقل جرأة ولا يجرؤون على التحدث عند وجود الكثير من الناس حولهم؛ بعض الناس منفتحين، بينما البعض الآخر انطوائيين. لا مشكلة في أيٍّ من هذه الأمور. فما هي المشكلة؟ شخصية أضداد المسيح التي تُقاوم الله؛ تلك مشكلة. إنها أكبر مشكلة، إنها مصدر فساد الإنسان. فإذا عولجت مشكلة الشخصية الفاسدة، فلن تُشكل أي مشكلة أخرى مشكلة حقيقية بعد ذلك.

هل لديكم أي أسئلة أخرى؟ (يا إلهي، لديَّ سؤال: في سعيي إلى الحق، لديّ حياة روحية طبيعية، لكن قلبي المحب للحق والساعي إليه ليس عظيمًا للغاية. عندما أشعر أن حالتي خاطئة، أسعى بجد لبضعة أيام، ولكن عندما تمر تلك الأيام، أتراخى مرة أخرى. تتكرر هذه الحالة مرارًا وتكرارًا، وأنا أعلم أنها شخصية تنفر من الحق، ولكنني لا زلت لا أستطيع حلها من جذورها). لا يوجد حل لهذه المشكلة؛ هكذا يكون دخول الإنسان في الحياة. من خلال رغبتك الدائمة في معالجة هذه المشكلة، أنت ترتكب خطأً. على سبيل المثال: بعض النساء، في محاولتهن العثور على زوج، لديهن معيار أنه ليس بالأمر المهم أن يكون متوسط المظهر، ولكنه يجب أن يكون رومانسيًا. يجب عليه أن يتذكر متى وأين التقيا أول مرة، وتاريخ عيد ميلادها، وذكرى زواجهما، وما إلى ذلك. يجب عليه أن يتذكر كل يوم مهم، وأن يتذكر أيضًا أن يقول لها: "أحبكِ يا حبيبتي!" من حين لآخر، وأن يشتري لها الهدايا من حين لآخر. سوف تختبره: "في أي يوم كان موعدنا الأول؟ متى عيد الحب؟" إنهن غالبًا ما يبحثن عن الرومانسية والإثارة من هذا القبيل، وإذا ما أصبحت حياتهن أكثر مللًا، يمتعضن منها ويشتكين لأزواجهن: "انظر إلى نفسك، أيها الأحمق. أنت لا تعرف شيئًا عن الرومانسية. إن قضاء أيامي معك ممل للغاية! لقد دُمّرت حياتي بين يديك!" أليس هناك الكثير من النساء اللاتي يعانين من هذا العيب؟ وعندما تقول إن زوج امرأة أخرى رومانسي، أو أنه يعرف كيف يلاطف امرأة، أو أنه يعامل زوجته كأميرة، فإن هؤلاء النساء يشعرن بغيرة لا تطاق، ويتمنين لو يستطعن انتزاع هذا الزوج لأنفسهن. إنهن ببساطة لا يرغبن في عيش حياة بسيطة وعادية. هل ظهر عليك هذا العيب؟ (نعم). بينما يقوم الله بالعمل، ويخلص الناس، لا يوجد الكثير من تلك اللحظات المثيرة والمشوقة، ولن يخلق لك مفاجآت. إنه أمر بسيط وعادي؛ هذا ما يعنيه أن تكون عمليًا. السعي إلى الحق لا يتطلب مشاعر. ما دام السعي موجودًا في قلبك، وما دمت تتفحص بين الفينة والأخرى ما إذا كان ثمة انحراف في الطريق الذي تسلكه، وما إذا كانت ثمة هفوات أو خسائر ناتجة عن خطأ بشري في الواجب الذي تؤديه، وما دمت تعقد شركة حول ما إذا كان الإخوة والأخوات قد اكتسبوا في هذا الوقت أي رؤى أو معرفة جديدة عن أداء واجب تفتقر إليه، حول ما إذا كان ثمة تحريفات في فهمك لكلام الله عند قراءته، وحول ما إذا كانت ثمة أشياء فيه تتجاوز قدرتك، أو لم تختبرها، أو تجاهلتها، وهكذا؛ ما دامت كل هذه المسارات، والأهداف، والاتجاهات طبيعية وصحيحة، فسيكون هذا كافيًا. ما دام اتجاهك العام صحيحًا، فهذا يكفي. لا تطلب الإثارة، ولا تبحث عن المفاجآت. لن يفاجئك أحد. الإيمان بالله والسعي إلى الحق هو نفسه الطريقة التي يعيش بها الناس الطبيعيون حياتهم. إنها حياة هادئة في معظم الأحيان، لأنك تعيش في هذه الدنيا، حيث لا شيء خارق للطبيعة، ولا شيء منفصل عن الحياة الواقعية. هذا هو مدى هدوئها. ولكن ثمة فارق بين هذا النوع من الحياة الهادئة وحياة أولئك الذين لا يؤمنون: بينما أنت تؤمن بالله وتؤدي واجبك، تتعلم باستمرار عن شخصيتك الفاسدة، وتصحح باستمرار علاقتك مع الله وتغيرها، وتتعلم باستمرار الحقائق التي لا تفهمها، وتعرف وتقبل الحقائق التي لا تعرفها أو لا تفهمها. ذلك هو الفارق. إنه فارق كبير بالفعل؛ فماذا تريد غير ذلك؟ ألا تحدث أمور كافية في بيت الله، في الكنيسة، وحولك؟ الأمور التي حدثت منذ بداية عمل الله حتى الآن كافية لحساب الناس. تمضي الأيام بسرعة فائقة: تمر عشر أو عشرون سنة في لمح البصر، ثم في لمح البصر، تمضي ثلاثون أو خمسون سنة. ينطبق هذا الأمر على حياة الشخص. ما هي الإثارة الأخرى التي يمكن البحث عنها؟ هذه الأمور مثيرة بما يكفي. ينبغي لكل الأمور التي تحدث حولك أن تسمح لك باكتشاف أمور فريدة من نوعها، وكشف الحق، وأن تكون مفاجئة لك. إنها ليست هادئة، أليس كذلك؟ (بلى). السعي إلى الحق ليس هو البحث عن الإثارة. وهذا هو الحال بالنسبة للأشخاص، الذين يعيشون في إنسانيتهم الطبيعية، في هذا العالم المادي. لا تبحثوا عن الإثارة؛ فالبحث عن الإثارة والشعور هو ما يفعله ذوو البطون الممتلئة عبثًا. الناس، في أثناء أداء واجباتهم وسعيهم إلى الحق، يتعلمون دروسًا جديدة كل يوم. سيقول البعض: "لماذا لا أتعلم إذًا؟" حسنًا، قد يكون تقدمك أبطأ؛ إذا تعلمت بعض الأمور كل شهر، فذلك كاف. ما دمتَ تُحرز تقدمًا وتسعى إلى الحق، فسيكون لديك ما يُظهر ذلك. هل عالجت هذه الشركة المشكلة؟ (نعم). كيف؟ ما الكلمات التي عالجتها؟ (لقد عولجت لأنني صرت أعرف أن آرائي عن السعي في إيماني بالله ليست عملية؛ طريقتي ليست طريقة عملية للسعي. أتطلع دائمًا إلى السعي إلى التحفيز، وأسعى دائمًا إلى الشعور بالأشياء، ولا أتعامل مع الله بأكثر من المفاهيم والتصورات، وأحافظ على علاقة معه من مسافة الاحترام، ولكنني أتجاهل فكرة أن الناس سيكون لديهم ضعف في مسار دخولهم الحياة، وأنهم سوف ينمون بطريقتهم، وأنهم سيواجهون كل أنواع الظروف. ذلك طبيعي). لقد فهمت الأمر بشكل صحيح. عندما لا تطرأ أي ظروف، فعلى الناس أداء واجباتهم كما ينبغي، ومواصلة سعيهم كما ينبغي. لا تبحث عن الإثارة، أو تشعر بالأشياء؛ لا تكن مفرط الحساسية وتقول: "لماذا أنا في مزاج سيئ اليوم؟ أوه، إن علاقتي مع الله بعيدة؛ سوف أسارع بالصلاة!" لا داعي لمثل هذه الحساسية المفرطة. إن الله لا يمانع؛ إنه لا يعبأ بتلك الأمور التافهة التي تخصك! قد تقول: "أنا لم أصلِّ منذ أيام، لكنني كثيرًا ما أطلب الله في قلبي عندما أعمل، وأحافظ على قلبٍ يتقي الله". لا مشكلة في ذلك. قد يقول البعض: "أوه، لقد كنت مشغولًا بواجبي لدرجة أنني لم أقرأ كلام الله منذ أيام". أنت لم تمر بهذا الإجراء – بل تجاهلته – ولكنك في سياق أداء واجبك، اكتشفت العديد من المشكلات، وكشفت عن شخصية فاسدة، واستمعت إلى شركة الآخرين خلال تلك الفترة، مما كان له عظيم الأثر في نفسك. أليس هذا ربحًا حقيقيًا؟ ألا تقرأ كلام الله لفهم الحق وربحه؟ ما فائدة الإصرار على القيام بذلك بطريقة أو أسلوب معين؟ حسنًا. سنختتم شركتنا اليوم هنا. وداعًا! (شكرًا لك يا إلهي، وداعًا!)

30 مايو 2020

السابق:  البند التاسع: لا يُؤدُّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يخونون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء العاشر)

التالي:  البند العاشر: يحتقرون الحقَّ، وينتهكون المبادئ بشكل صارخ، ويتجاهلون ترتيبات بيت الله (الجزء الثاني)

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب

Connect with us on Messenger