البند التاسع: لا يُؤدُّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يخونون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء الثالث)

ثانيًا: مصالح أضداد المسيح

ب. سمعتهم ومكانتهم الخاصة

في المرة السابقة، عقدنا شركة حول البند التاسع من المظاهر المختلفة لأضداد المسيح. لنقم بتلخيصٍ بسيطٍ لذلك. إلى كم قسم فرعي قسَّمنا مصالح أضداد المسيح من أجل تشريحنا؟ (ثلاثة أقسام فرعية. الأول كان سلامة أضداد المسيح، وكان الثاني هو سمعتهم ومكانتهم، وكان الثالث هو المنافع). المصالح التي تتعلَّق بأضداد المسيح تشمل هذه الأقسام الفرعية الثلاثة: سلامتهم، ومكانتهم، ومنافعهم الشخصية؛ هل هذا صحيح؟ (نعم). القسم الفرعي الأول، وهو سلامتهم، سهل الفهم نسبيًا؛ فهو يتعلق بالبيئات الخطرة التي يواجهونها، ويمسّ المصالح المباشرة لأضداد المسيح: سلامتهم الشخصية. لقد انتهينا بشكل أساسي من عقد شركة حول هذا القسم الفرعي. القسم الفرعي الثاني هو سمعتهم ومكانتهم. في المرة السابقة، عقدنا شركة حول بعض مظاهر هذا، لكن بعبارات فضفاضة إلى حدٍ ما. أظن أنكم جميعًا ليس لديكم سوى استيعاب ومعرفة إدراكيين لهذا القسم الفرعي. إذا لم أقدّم لكم بعض الأمثلة، وتحليلًا مُفصّلًا وملموسًا، فقد لا تمتلكون إلا القليل من الفهم الحرفي المتعلق بالتعاليم تجاه هذا الجانب من جوهر أضداد المسيح ومظاهرهم، وقد لا تتمكَّنون من التعرُّف على أي من هذه الكشوفات والمظاهر الحقيقية والمُحدّدة. من منظوركم، عندما يتعلَّق الأمر بعقد شركة حول هذه الموضوعات، كلما كان الأمر أكثر تحديدًا كان أفضل، أليس كذلك؟ (بلى). أنتم تحبون سماع الأشياء الجاهزة؛ لا تحبون الاضطرار إلى استنتاج الأمور بأنفسكم. بعد أن تستمعوا إلى هذه العظات، هل تقومون بقدر من الواجب المنزلي؟ إذا عقدتُ شركةً بتفصيل كبير، هل ستشعرون بأنني متحذلق وأسهب في الكلام؟ قد تقولون: "أنت تُقلِّل حقًا من شأن معدلات ذكائنا؛ هل نحن حقًا بمستوى القدرات الضعيف هذا؟ يكفي أن تُعطي مثالًا أو مثالين. أيضًا، فيما يتعلق بتشريح جوهر أضداد المسيح، فقد عقدنا الشركة كثيرًا بالفعل حول الأشياء المتعلقة بحبهم للمكانة والسلطة. لماذا تتطرّق شركتنا عن مصالح أضداد المسيح إلى هذا الموضوع أيضًا؟ أليس هذا إفراطًا في التكرار والتدقيق؟ هل من الضروري حقًا عقد شركة حول هذا؟". في الواقع، قليلٌ من التكرار ليس شيئًا سيئًا. إذا عقدنا شركة من جميع الزوايا، فسيكون لديكم فهم أشمل لهذا الجانب من جوهر أضداد المسيح. علاوة على ذلك، عند عقد الشركة حول الحق، يجب ألا تتجنَّبوا التكرار. هناك بعض الحقائق التي تعُقَد الشركة عنها منذ سنواتٍ دون أن يربح الناس دخولًا إليها. هل من الصحيح أن نسعى دائمًا لتجنُّب التكرار، وأن نطلب دائمًا أساليب وتعبيرات جديدة؟ (هذا خطأ). الحق نفسه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بحياة الناس. كل الأشياء المختلفة والشخصيات الفاسِدة التي يكشف عنها الناس في حياتهم، ومظاهرهم، ووجهات النظر والمواقف التي لديهم تجاه مُختلف الأمور، تتكشَّف باستمرار مرارًا وتكرارًا كل يوم. إن عقد الشركة حول الحق وتشريح المحتوى والجواهر المختلفة من زوايا مختلفة مفيد تمامًا لدخول الناس في الحق. في المرة السابقة، قدّمنا شركة بطريقة بسيطة وعامة حول القسم الفرعي الثاني من مصالح أضداد المسيح: سمعتهم ومكانتهم. اليوم سأقدم بعض الأمثلة حتى نتمكَّن من عقد الشركة حول هذا بالتفصيل. بالطبع، إذا اكتسبتم بعض الفهم الجديد أو حصلتم على قدر من الوحي أو النور بناءً على أساس شركتي، أو إذا رأيتم بعض الأمثلة ذات الصلة في سياق اختباركم أو حياتكم، فيمكنكم أيضًا المشاركة في الشركة. بعد ذلك، دعونا نُشرِّح بشكلٍ مُحدَّدٍ – من منظور مصالح أضداد المسيح – ما الذي يُظهِره أضداد المسيح فيما يتعلَّق بسمعتهم ومكانتهم، وما الشخصيات الفاسِدة التي يكشف عنها أضداد المسيح، وبأيّ طرقٍ يكشف أضداد المسيح عن مثل جواهر الطبيعة هذه.

إن اعتزاز أضداد المسيح بسمعتهم ومكانتهم يتخطى اعتزاز الأشخاص الطبيعيين، وهو شيء في داخل جوهر شخصيتهم؛ إنها ليست مصلحة مؤقتة، أو تأثيرًا عابرًا لمحيطهم – إنه شيء في حياتهم، وعظامهم، ومن ثمَّ فهو جوهرهم. أي إن الاعتبار الأول لأضداد المسيح في كل ما يفعلونه، هو سمعتهم ومكانتهم، ولا شيء آخر. السمعة والمكانة بالنسبة إلى أضداد المسيح هما حياتهم وهدفهم مدى الحياة. الاعتبار الأول لديهم في كل ما يفعلونه هو: "ماذا سيحدث لمكانتي؟ ولسمعتي؟ هل القيام بهذا سيمنحني سمعة جيدة؟ هل سيرفع مكانتي في أذهان الناس؟" هذا هو أول ما يفكرون فيه، وهو دليل كافٍ على أن لديهم شخصية أضداد المسيح وجوهرهم؛ وهذا هو السبب في أنهم يفكرون في الأمور بهذه الطريقة. يمكن القول إن السمعة والمكانة بالنسبة إلى أضداد المسيح ليستا بعض المتطلبات الإضافية، فضلًا عن أن يكونا شيئيين خارجيين عنهم. إنهما جزء من طبيعة أضداد المسيح، إنهما في عظامهم، وفي دمائهم، إنهما فطرة لديهم. أضداد المسيح ليسوا غير مبالين بما إذا كان لديهم سمعة ومكانة، هذا ليس موقفهم. ما هو موقفهم إذًا؟ السمعة والمكانة ترتبطان ارتباطًا وثيقًا بحياتهم اليومية، وحالتهم اليومية، وما يسعون إليه يوميًا. وهكذا فإن المكانة والسمعة هما حياة أضداد المسيح. بغض النظر عن الطريقة التي يعيشون بها، وبغض النظر عن البيئة التي يعيشون فيها، وبغض النظر عن العمل الذي يقومون به، وبغض النظر عمَّا يسعون لتحقيقه، وما هي أهدافهم، وما هو اتجاه حياتهم، كل ذلك يدور حول كونهم يتمتعون بسمعة طيبة ومكانة عالية. وهذا الهدف لا يتغير، ولا يمكنهم أبدًا تنحية مثل هذه الأشياء جانبًا. هذا هو الوجه الحقيقي لأضداد المسيح وجوهرهم. يمكنك وضعهم في غابة بدائية في أعماق الجبال، ومع ذلك لن ينحوا جانبًا سعيهم وراء السمعة والمكانة. يمكنك وضعهم ضمن أي مجموعة من الناس، وسيظل كل ما يمكنهم التفكير فيه هو السمعة والمكانة. ومع أن أضداد المسيح يؤمنون أيضًا بالله، فإنهم يرون أن السعي وراء السمعة والمكانة مساوٍ للإيمان بالله، ويضعون هذين الأمرين على قدم المساواة. وهذا يعني أنهم بينما يسيرون في طريق الإيمان بالله، يسعون أيضًا إلى سمعتهم ومكانتهم. يمكن القول إن في قلوب أضداد المسيح، السعي إلى الحق في إيمانهم بالله هو السعي وراء السمعة والمكانة، والسعي إلى السمعة والمكانة هو أيضًا السعي إلى الحق؛ فاكتساب السمعة والمكانة هو اكتساب الحق والحياة. سيشعرون بالإحباط الشديد إذا شعروا أنه ليس لديهم سمعة أو ربح أو مكانة، وأن لا أحد يتطلع إليهم أو يُقدِّرهم، أو يتبعهم، ويظنون أنه لا فائدة من الإيمان بالله ولا قيمة له، ويتساءلون في قرارة أنفسهم: "هل مثل هذا الإيمان بالله فشلٌ؟ ألست ميؤوسًا مني؟". إنهم غالبًا ما يحسبون هذه الأمور في قلوبهم، ويحسبون كيفية ترسيخ مكان لأنفسهم في بيت الله، وكيف يمكن أن يكون لهم سمعة رفيعة في الكنيسة، وكيف يجعلون الناس يستمعون إليهم عندما يتحدثون، ويساندونهم عندما يتصرفون وكيف يجعلون الناس يتبعونهم أينما ذهبوا؛ وكيف يكون لهم صوت مؤثر في الكنيسة، وشهرة وربح ومكانة؛ إنهم يركزون في قلوبهم بالفعل على مثل هذه الأمور. هذا هو ما يسعى إليه هؤلاء الناس. لماذا يفكرون دائمًا في مثل هذه الأشياء؟ بعد قراءة كلام الله، وبعد الاستماع إلى العظات، أفلا يفهمون كل هذا حقًا؟ ألا يستطيعون حقًا تشريح كل هذا؟ ألا يقدر كلام الله والحق فعليًا على تغيير مفاهيمهم وأفكارهم وآرائهم؟ هذا ليس هو الحال على الإطلاق. تكمن المشكلة فيهم، وهذا كله لأنهم لا يحبون الحق، ولأنهم سئموا من الحق في قلوبهم، ونتيجة لذلك فهم غير متقبلين تمامًا للحق، وهو ما يحدِّده جوهرهم وطبيعتهم.

بعد أن يستمع أضداد المسيح إلى كلام الله والحق، يبدو أنهم يجدون اتجاهًا في قلوبهم. ولكن ما هو هذا الاتجاه المزعوم في الواقع؟ إنه حصولهم على أداة ما – أو، يمكن القول، سلاح نافع من نوع ما – ما يُمكِّنهم من أن يكونوا أكثر ثقةً في الحصول على المكانة. لذا، فإنهم يستغلون هذه الفرصة ليستمعوا أكثر، ويقرأوا أكثر، ويتعلَّموا أكثر، ويقدموا شركة أكثر، ويمارسوا أكثر، ويصلوا تدريجيًا إلى النقطة التي يمكنهم فيها التحدُّث عن العديد من الكلمات والتعاليم، والوعظ بمجموعة من العظات المزعومة التي لا تُنسى وتجعل الناس يقدِّرونهم. فور أن يستوعبوا هذه التعاليم التي يعتقد الناس أنها جيدة من حيث معناها الحرفي، يبدو الأمر كما لو أنهم أمسكوا بحبل نجاة، ووجدوا اتجاهًا ووجدوا نور الفجر. لذا، لا يستمع أضداد المسيح إلى العظات ويقرأون كلام الله من أجل ممارستهم أو اتباع طريق الله، وبالتأكيد لا يفعلون هذه الأشياء لفهم مقاصده. إنهم يفعلون هذه الأشياء حتى يتمكَّنوا من كسب ود الناس وإغراء المزيد من الناس لعبادتهم واتباعهم باستخدام كلام الله، أو باستخدام هذه النظريات التي يعتقدون أنها روحية، أو من خلال وعظ عظات سامية. وعلى نحو غير ملموس، يصبح كلام الله، والحق، وطريقه، بمثابة قناة، وبمثابة سلم، وبمثابة أداة يستخدمها هؤلاء الأشخاص لنيل المكانة والهيبة بين الآخرين. لذلك، أيًا كانت الطريقة التي تنظر بها إلى الأمر، فلن تتمكَّن من العثور على أي إيمان حقيقي أو أي خضوع حقيقي داخل أضداد المسيح. على العكس من ذلك، بغض النظر عن مقدار الجهد الذي يبذلونه في الاستماع إلى العظات وقراءة كلام الله، ومهما بدا مدى ما عليه إيمانهم بكلامه من "تقوى"، فثمة شيء واحد لا يمكن إنكاره، وهو أنه بينما يفعل أضداد المسيح هذه الأشياء، فإن نيتهم وخطتهم هما عدم اتباع مقاصد الله، وهما بالتأكيد ليسا أداء واجباتهم جيدًا؛ إنهم لا يرغبون في أن يكونوا أقل الأتباع أو أن يكونوا كائنات مخلوقة، يقبلون بطاعة إرسالية الله وسيادته وترتيباته بطريقة مُهذَّبة. بدلًا من ذلك، يريدون فقط استخدام هذه الأشياء لتحقيق أهدافهم الفردية، ولنيل مكانة في قلوب الآخرين، وتقييم إيجابي أمام الله – هذا كل ما يريدونه. لذا، مهما كانت طريقة وعظ أضداد المسيح بكلام الله، ومهما بلغت صحة العظات التي يعظون بها وسموها وروحانيتها وملاءمتها لأذواق الناس، فلن يكون لديهم أي ممارسة أو دخول. في الوقت نفسه، سيؤتي سعيهم للمكانة والسمعة المزيد والمزيد من "الثمار". لماذا أقول هذا؟ أقول هذا لأنه أيًا يكن ما يفعله أشخاصٌ مثل هؤلاء، وما يتمكَّنون من تحقيقه من خلال جهد كبير، وأيًا يكن اتجاههم والأهداف التي يسعون إليها، وأيًا كان الدافع وأيًا كانت نقطة الانطلاق التي يُضمِرونها في أعماق قلوبهم متى تصرَّفوا – فلا يمكن فصلها عن المكانة والسمعة المتشابكتين بشكلٍ وثيقٍ مع مصالحهم.

يرد في المثل: كما تزرع تحصد. أيًا كان نوع مستوى القدرات الجيد والمواهب التي يمتلكها أضداد المسيح، أو المظاهر التقيّة والروحيّة التي يُظهِرونها – بما أنهم يُضمِرون الطموح والرغبة في ممارسة السلطة والسيطرة على شعب الله المختار، وبما أنهم لا يسعون إلى الحق ويسعون فقط إلى السمعة والمكانة – فهل يمكنهم الممارسة وفقًا لمتطلبات الله؟ هل يمكنهم تلبية المعايير التي يطلبها الله في أفعالهم؟ (لا). إذًا، ما العواقب التي ستؤدي إليها أفعالهم وسلوكهم فعليًا؟ (بالتأكيد إلى تأسيسهم مملكتهم المستقلة واتخاذ القرارات). هذا صحيح. أيًا كان ما يفعله أضداد المسيح، فهذه هي النتيجة النهائية. إذًا، ما الذي يؤدي إلى هذه العاقبة؟ يرجع هذا في المقام الأول إلى عدم قدرتهم على قبول الحق. بغض النظر عما إذا كانوا قد هُذِّبوا أو أُدينوا أو وُبِّخوا، فلن يقبل أضداد المسيح ذلك في قلوبهم. أيًا كان ما يفعلونه، دائمًا ما يكون لدى أضداد المسيح أهدافهم ومقاصدهم الخاصّة بهم، يتصرَّفون دائمًا وفقًا لخطتهم، وموقفهم تجاه ترتيبات بيت الله وعمله هو: "قد يكون لديك ألف خطة، لكنّ لديَّ قاعدة واحدة"؛ كل هذا تُحدِّده طبيعة أضداد المسيح. هل يمكن لأضداد المسيح تغيير عقليتهم والتصرُّف وفقًا لمبادئ الحق؟ سيكون ذلك مستحيلًا تمامًا، ما لم يطلب منهم الأعلى مباشرة القيام بذلك، وفي هذه الحالة سيكونون قادرين على القيام بالقليل على مضض، بداعي الضرورة. إذا لم يفعلوا شيئًا على الإطلاق، فسيتمّ فضحهم وإعفاؤهم. فقط في ظل هذه الظروف يمكنهم القيام ببعض العمل الحقيقي. هذا هو الموقف الذي يكِنّه أضداد المسيح تجاه القيام بالواجبات؛ وهو أيضًا الموقف الذي يكِنونه تجاه ممارسة الحق: عندما تكون ممارسة الحق نافعة لهم، وعندما يستحسنهم الجميع ويعجبون بهم لذلك، فمن المؤكَّد أنهم سيلتزمون، ويبذلون بعض الجهود الرمزية التي تبدو مقبولة إلى حد ما للآخرين. إذا كانت ممارسة الحق لا تنفعهم، وإذا لم يرها أحد، ولم يرها القادة الأعلى منهم، فمن غير الوارد أبدًا أن يمارسوا الحق في مثل هذه الأوقات. ممارستهم للحق تعتمد على السياق والوضع، وهم يُفكِّرون في كيفية القيام بذلك بطريقة تكون ظاهرةً للآخرين، وفي مدى عظم المنافع؛ لديهم استيعاب بارع لهذه الأمور، ويمكنهم التكيُّف مع المواقف المختلفة. إنهم في جميع الأوقات يُراعون شهرتهم ومكاسبهم ومكانتهم، ولا يُظهِرون أيّ مراعاة على الإطلاق لمقاصد الله، وفي هذا يقصرون عن ممارسة الحق والتمسك بالمبادئ. لا يهتم أضداد المسيح إلا بشهرتهم ومكاسبهم ومكانتهم ومصالحهم الشخصية، وعدم نيلهم لأي منفعة أو عدم إظهار أنفسهم أمر غير مقبول، وممارسة الحق مسبِّبة للمتاعب بالنسبة لهم. إن لم يُعترَف بجهودهم، وحتى إن كانوا يعملون أمام الآخرين ولم يُرَ عملهم، فلن يمارسوا أيّ حق على الإطلاق. فإذا كان العمل مرتبًا من بيت الله مباشرة ولم يكن لديهم خيار سوى أدائه، فإنهم لا يزالون يأخذون في الاعتبار ما إذا كان هذا سوف يفيد مكانتهم وسمعتهم. فإذا كان ذلك مفيدًا لمكانتهم ويمكنه تحسين سمعتهم، فإنهم يبذلون كل ما لديهم في هذا العمل ويؤدونه أفضل أداء؛ فهم يشعرون أنهم يصيدون عصفورين بحجر واحد. وإذا لم يكن ذلك مفيدًا لشهرتهم وربحهم ومكانتهم، وكان أداؤه بطريقة رديئة قد يشوه سمعتهم، فإنهم يفكرون في طريقة أو عذر للتخلص منه. مهما كان الواجب الذي يؤديه أضداد المسيح، يلتزمون دائمًا بنفس المبدأ: يجب أن يحصلوا على قدر من الربح من حيث السمعة أو المكانة أو مصالحهم، ويجب ألا يتكبدوا أي خسائر. نوع العمل الذي يحبه أضداد المسيح بأكبر درجة هو عندما لا تكون هناك كلفة عليهم، عندما لا يضطرون إلى المعاناة أو دفع أي ثمن، بينما تكون هناك فائدة لسمعتهم ومكانتهم. باختصار، أيًّا كان ما يفعله أضداد المسيح، فهم يأخذون بعين الاعتبار مصالحهم الخاصة أولًا، ولا يتصرفون إلا بعد أن يفكروا في كل شيء؛ ولا يخضعون للحق على نحوٍ حقيقي وصادق ومُطلَق دون مساومة، لكنهم يفعلون ذلك على نحوٍ انتقائي ومشروط. ما هذا الشرط؟ إنه وجوب الحفاظ على مكانتهم وسمعتهم، وألا يتعرضوا لأي خسارة. فقط بعد استيفاء هذا الشرط، سيقررون ويختارون ما يجب عليهم فعله. أي أن أضداد المسيح يولون اهتمامًا جادًّا لكيفية التعامل مع مبادئ الحق، وإرساليات الله، وعمل بيت الله، أو كيفية التعامل مع الأشياء التي يواجهونها. إنهم لا يفكرون في كيفية إرضاء مقاصد الله، أو كيفية تجنب الإضرار بمصالح بيت الله، أو كيفية إرضاء الله، أو كيفية إفادة الإخوة والأخوات؛ هذه ليست الأشياء التي يضعونها في اعتبارهم. فما الذي يضعه أضداد المسيح في اعتبارهم؟ ما إذا كانت مكانتهم وسمعتهم ستتأثر، وما إذا كانت هيبتهم ستقل. إذا كان القيام بشيء وفقًا لمبادئ الحق يفيد عمل الكنيسة والإخوة والأخوات، ولكنه يؤدي إلى تضرر سمعتهم ويجعل كثيرًا من الناس يدركون قامتهم الحقيقية ويعرفون نوع جوهر الطبيعة الذي لديهم، فمن المؤكد أنهم لن يتصرفوا وفقًا لمبادئ الحق. إذا كان القيام ببعض العمل الفعلي سيجعل المزيد من الناس يقدرونهم، ويتطلعون إليهم، ويعجبون بهم، أو يتيح لهم ربح هيبة أكبر، أو يجعل كلماتهم تحمل سُلطانًا ويجعل المزيد من الناس يخضعون لها، فسيختارون القيام بذلك بهذه الطريقة؛ وإلا، فلن يختاروا إهمال مصالحهم اعتبارًا لمصالح بيت الله أو الإخوة والأخوات. هذا هو جوهر طبيعة أضداد المسيح. أليس أنانيًا وحقيرًا؟ في أي موقف، يرى أضداد المسيح أن مكانتهم وسمعتهم لهما أهمية قصوى. لا أحد يمكن أن ينافسهم. ومهما كانت الطريقة المطلوبة، ما دامت تكسب الناس وتجعل الآخرين يُبجِّلونهم، فإن أضداد المسيح سوف يفعلونها. إذا حظي شخصٌ آخر بتقدير شعب الله المُختار واستحسانه لتقديمه الشهادة لله، فسيستخدم أضداد المسيح أيضًا هذه الطريقة لكسب ود الناس. لكن أضداد المسيح لا يمتلكون الحق، ولا الاختبار العملي، لذلك يعصرون أدمغتهم في اختلاق مجموعة من النظريات التي تشهد لله بناءً على تصورات بشرية، مُتحدِّثين عن مدى عظمة الله، ومدى محبة الله للإنسان، وكيف يدفع الله ثمنًا لخلاص الإنسان، وكم يتواضع الله ويخفي نفسه. بعد أن يشهدوا لله بهذه الطريقة، تكون العاقبة التي يُحقِّقونها هي أن الناس يقدِّرونهم أكثر، وتكون لهم مكانة أكبر في قلوبهم، ولا مكانة لله. إذا رأوا أن التحدُّث عن معرفة الذات يمكن أن يجعل المزيد من الناس يثقون بهم ويتطلعون إليهم ويقدِّرونهم، فسيتحدَّثون كثيرًا عن معرفة أنفسهم، وسيُشرِّحون أنفسهم كثيرًا. سيشرّحون حقيقة أنهم من الأبالسة، وأنهم ليسوا بشرًا، وأنه ليس لديهم عقل، وأنهم لا يسعون إلى الحق، وأنهم لا يمتلكون الحق. سيعقدون شركة عن بضعة مواضيع زائفة وتافهة لتضليل الآخرين، وكسب ثقتهم، ودفع المزيد من الناس إلى الثناء عليهم والتطلع إليهم. هكذا يتصرَّف أضداد المسيح. إذا كانت طريقة معينة لمشاركة الشهادة الاختبارية ستُمكِّنهم من ربح استحسان الآخرين وإعجابهم، فلن يتردَّدوا في استخدامها. سيُركِّزون حقًا في هذه الطريقة، ويبذلون فيها جهدًا، ويعصرون أدمغتهم. باختصار، هدفهم ودافعهم في القيام بكل هذا لا يتمحور إلا حول المكانة والسمعة فحسب. بغض النظر عما إذا كانت لغتهم الخارجية، أو أساليبهم، أو تصرفاتهم، أو نوعًا من الخواطر، أو وجهة النظر، أو طريقة السعي، فإن هذه الأشياء كلها تتمحور حول السمعة والمكانة. هذه هي الطريقة التي يعمل بها أضداد المسيح.

إذا هوجِمَت سمعة أضداد المسيح أو مكانته، أو تعرضتا للسلب، فهذا أمر أكثر خطورة من محاولة الانتحار. مهما كان عدد العظات التي يستمع إليها أو عدد كلمات الله التي يقرأها، فلن يشعر بالحزن أو الندم لأنه لم يمارس الحق مطلقًا واتخذ مسار أضداد المسيح، ولا لامتلاكه جوهر طبيعة ضد المسيح. وعوضًا عن ذلك، فهو دائمًا ما يجهد عقله بحثًا عن سُبل لربح المكانة وتحسين سمعته. يمكن القول إن كل ما يفعله أضداد المسيح إنما هو للتباهي أمام الآخرين، وهو لا يُفعل أمام الله. لماذا أقول هذا؟ ذلك لأن هؤلاء الأشخاص يحبون المكانة لدرجة أنهم يعتبرونها حياتهم ذاتها، وهدفهم على مدار الحياة. علاوة على ذلك، لأنهم يحبون المكانة كثيرًا، فإنهم لا يؤمنون أبدًا بوجود الحق، بل يمكن القول إنهم لا يكنّون أيّ إيمان على الإطلاق بوجود الله. وهكذا، مهما أجروا حساباتهم لاكتساب السمعة والمكانة، ومهما حاولوا استخدام المظاهر الزائفة لخداع الناس والله، ففي أعماق قلوبهم، ليس لديهم أيّ وعي أو لوم، فضلًا عن أي قلق. وفي سعيه المستمر للسمعة والمكانة، ينكر أيضًا باستهتار ما فعله الله. لماذا أقول ذلك؟ يؤمن أضداد المسيح في أعماق قلوبهم أن: "الناس يكتسبون كل سمعة ومكانة من خلال جهودهم، ولا يمكنهم التمتع ببركات الله إلّا من خلال كسب موطئ قدم راسخ بين الناس وربح السمعة والمكانة. ليست للحياة قيمة إلا عندما يربح الناس القوة والمكانة المطلقة. هذا وحده هو العيش كإنسان. على العكس من ذلك، سيكون من غير المجدي أن نعيش بالطريقة المتَحَدث بها في كلمة الله، أن نخضع لسيادة الله وترتيباته في كل شيء، ونقف عن طيب خاطر في موضع المخلوق، والعيش كشخص عادي؛ لا يتطلع أحد إلى شخص مثل ذلك. على المرء كسب مكانته وسمعته وسعادته من خلال كفاحه. يجب أن يقاتل من أجل هذه الأمور والاستحواذ عليها من خلال سلوك استباقي ونشط. لن يمنحها أي شخص آخر لك. فالانتظار على نحوٍ سلبي لا يمكن أن يؤدي إلّا إلى الفشل". هذه هي الطريقة التي يجري بها أضداد المسيح حساباتهم. هذه هي شخصية أضداد المسيح. إذا كنت تأمل أن يقبل أضداد المسيح الحق، ويعترفوا بالأخطاء، وأن تكون لهم توبة حقيقية، فهذا مستحيل؛ هم لا يستطيعوا فعل ذلك على الإطلاق. لدى أضداد المسيح جوهر طبيعة الشيطان، ويكرهون الحق، لذلك أينما يذهبون، حتى لو ذهبوا إلى أقاصي الأرض، فإن طموحهم في السعي إلى السمعة والمكانة لن يتغيَّر أبدًا، وكذلك وجهات نظرهم حول الأشياء، أو الطريق الذي يسلكونه. سيقول بعض الناس: "هناك قلّة من أضداد المسيح يمكنهم تغيير وجهات نظرهم حول هذا". هل هذا القول صحيح؟ إذا كان بإمكانهم التغيُّر حقًا، فهل يظلون أضدادًا للمسيح؟ أولئك الذين لديهم طبيعة ضد المسيح لن يتغيَّروا أبدًا. أولئك الذين يمتلكون شخصية ضد المسيح لن يتغيّروا إلا إذا سعوا إلى الحق. بعض الأشخاص الذين يسلكون طريق ضد المسيح يرتكبون بعض الشر الذي يزعج عمل الكنيسة، وعلى الرغم من تصنيفهم أضدادًا للمسيح، فإنهم، بعد إعفائهم، يشعرون بندم حقيقي، ويقررون أن يتصرّفوا بطريقة جديدة، وبعد فترة من التأمل ومعرفة الذات والتوبة، يمرون ببعض التغيير الحقيقي. في هذه الحالة، لا يمكن تصنيف هؤلاء الأشخاص أضدادًا للمسيح؛ إنهم يمتلكون فقط شخصية ضد المسيح. إذا سعوا إلى الحق، فسيمكنهم أن يتغيروا. ومع ذلك، يمكن القول بشكلٍ قاطعٍ إن معظم أولئك الذين يُصنَّفون كأضداد للمسيح، أو يُخرَجون، أو يُطرَدون من قبل الكنيسة لن يتوبوا أو يتغيَّروا حقًا. إذا فعل أي منهم ذلك، فهم حالات نادرة. سيسأل بعض الناس: "إذًا، هل صُنِّفَت تلك الحالات النادرة خطأً؟". هذا مستحيل. لقد ارتكبوا شرورًا، رغم كل شيء، وهذا لا يمكن إلغاؤه. ومع ذلك، إذا كانوا قادرين على التوبة حقًا، وإذا كانوا مستعدين للقيام بواجب، وإذا كانوا يمتلكون شهادة حقيقية عن توبتهم، فلا يزال بإمكان الكنيسة قبولهم. إذا رفض هؤلاء الأشخاص الاعتراف بالخطأ أو التوبة بعد تصنيفهم كأضداد للمسيح رفضًا قاطعًا، واستمروا في محاولة تبرير أنفسهم بأي وسيلة مُمكنة، فمن الدقيق والصحيح تمامًا تصنيفهم بوصفهم أضدادًا للمسيح. لو كانوا قد أقرّوا بأخطائهم وشعروا بندمٍ حقيقيٍ حينها، فكيف أمكن للكنيسة أن تصنفهم كأضداد للمسيح؟ سيكون ذلك مستحيلًا. بغض النظر عمن هم، وبغض النظر عن مقدار الشر الذي فعلوه، أو مدى خطورة أخطائهم، فإن كون الشخص مُصمِّمًا على أن يكون ضد المسيح أو يمتلك شخصية ضد المسيح يعتمد على ما إذا كان قادرًا على قبول الحق والتهذيب، وما إذا كان يمتلك ندمًا حقيقيًا. إذا كان بإمكانه قبول الحق وقبول التهذيب، وإذا كانوا يمتلكون ندمًا حقيقيًا، وإذا كانوا مستعدين لقضاء حياتهم كلها يعملون من أجل الله، فهذا يشير حقًا إلى القليل من التوبة. لا يمكن تصنيف شخصٍ كهذا على أنه ضد للمسيح. هل يمكن لأضداد المسيح الحقيقيين قبول الحق حقًا؟ بالتأكيد لا. إنه – على وجه التحديد – لأنهم لا يحبون الحق وينفرون منه، لن يكونوا قادرين أبدًا على التخلي عن السمعة والمكانة، اللتين تتشابكان بشكلٍ وثيق مع حياتهم كلها. يؤمن أضداد المسيح إيمانًا راسخًا في قلوبهم أنه فقط بالسمعة والمكانة يكون لديهم كرامة ويكونون كائنات مخلوقة حقيقية، وأنه فقط بالمكانة سيُكافؤون ويُتوّجون، ويؤهَّلون لاستحسان الله، ويربحون كلّ شيء، ويكونون أشخاصًا حقيقيين. كيف يرى أضداد المسيح المكانة؟ يرونها باعتبارها الحق؛ يعتبرونها أسمى هدف يجب أن يسعى إليه الناس. أليست هذه مشكلة؟ الأشخاص الذين يمكن أن يصيبهم الهوس بالمكانة على هذا النحو هم أضداد للمسيح حقيقيون. إنهم نوع الأشخاص نفسه الذي ينتمي إليه بولس. يعتقدون أن السعي إلى الحق، وطلب الخضوع لله، وطلب الصدق كلها عمليات تؤدي بالمرء إلى أعلى مكانة مُمكنة؛ إنها محض عمليات، وليست الهدف والمعيار لكون الإنسان إنسانًا، وأنها تُفعَل بالكامل لكي يراها الله. هذا الفهم مثير للضحك وسخيف! وحدهم السخفاء الذين يكرهون الحق يمكنهم طرح مثل هذه الفكرة السخيفة.

عندما يتعلَّق الأمر بأضداد المسيح، أيًا كان جانب الحق الذي تعقد شركة عنه، فإن طريقتهم في الاستيعاب والفهم ستكون مختلفة عن طريقة الأشخاص الذين يسعون إلى الحق. بعد سماع الحق، يفكر الأشخاص الذين يسعون إليه: "أنا لا أمتلك هذا الجانب من الحق، ويمكنني الربط بين هذه الحالة التي كشفها الله عنها وبين نفسي. لماذا، بعد الاستماع إليه، أشعر بكلّ هذا الندم والمديونية لله؟ ما زلتُ بعيدًا للغاية عن السعي إلى الحق، ولستُ قريبًا على الإطلاق من أن أكون قادرًا على الخضوع حقًا. أشعر بخوف شديد؛ لقد كان هذا بمثابة نداء استفاقة لي. ظننتُ أنني كنتُ أبلي بلاءً حسنًا مؤخرًا، ولم يكن لدي أي فكرة أنني في الواقع لستُ شخصًا يمارس الحق أو شخصًا يُرضي الله. من الآن فصاعدًا، يجب أن أكون حذرًا وحصيفًا، وأن أُركِّز على الصلاة أمام الله والتوسُّل إليه من أجل الإرشاد والإضاءة. يجب ألا أسلك طريقي الخاصّ. سأدخل بعمق في هذا الجانب من الحق، ولا يزال لديّ مجال للتقدم. آمل أن يهيئ الله بيئة تُمكِّنني من الأداء بشكل أفضل، وتقديم صدقي وإخلاصي". هكذا يُفكِّر الأشخاص الذين يسعون إلى الحق. إذًا، كيف يستوعب أضداد المسيح أنواعًا مختلفة من الحقائق؟ بعد سماع كلام الله الذي يؤنِّب الإنسان، فيمَ يُفكِّرون؟ "لم أحسن القيام بذلك العمل، لقد أفلت مني شيء في تصرّفاتي، وظهرت أخطاء. كم عدد الأشخاص الذين يعرفون بذلك؟ لقد نُطِق كلام الله بوضوح تام؛ هل يعني ذلك أنه رآني على حقيقتي تمامًا؟ حسنًا، هذه ليست عاقبة عظيمة؛ ليس هذا ما أريده. إذا رآني الله على حقيقتي تمامًا، فهل يعرف أي شخص آخر بذلك؟ إذا اكتشف شخصٌ ما ذلك، فسيكون الأمر أسوأ. إذا كان الله وحده يعرف، ولا أحد آخر، فلا بأس. إذا سمع بعض الناس كلام الله هذا الذي يكشف الإنسان وربطوه بي وطبّقوه عليَّ، فسيكون ذلك سيئًا لسمعتي. سأحتاج إلى التفكير في طريقة لإصلاح هذا. كيف يمكنني إصلاح هذا؟". يتأمل أضداد المسيح بهذه الطريقة. على سبيل المثال، بعد الاستماع إلى الله يعقد شركة حول كيف يجب أن يكون الناس صادقين، سيُفكِّر ضد المسيح على الفور: "الحمقى فقط هم مَن يحاولون أن يكونوا أناسًا صادقين. كيف يمكن لشخصٍ ذكيٍ مثلي أن يكون شخصًا صادقًا؟ الأناس الصادقون أغبياء وحمقى؛ يقولون كل ما يخطر ببالهم، يخبرون الآخرين بكل شيء ويسمحون لهم بفهم كل شيء. لن أفعل ذلك أبدًا! قول الله إنه يجب أن نكون أناسًا صادقين هو أمر نسبي، لذلك سأكون فقط شخصًا حكيمًا، وهذا كل شيء. أما بالنسبة لكوني شخصًا صادقًا، فسأنتقي وأختار متى أكون كذلك. سأكون منفتحًا حيال بعض الأشياء، لكنني لن أتحدَّث عن كل تلك الأسرار والأشياء الخفية التي أُكنّها في أعماق قلبي، الأشياء التي قد تجعل الناس ينظرون إليَّ بازدراء إذا تحدثتُ عنها. ما الميزة في أن تكون شخصًا صادقًا؟ لا أعتقد أن هناك أي مزايا لذلك. بعض الناس دائمًا ما يُشرِّحون أنفسهم، مُحاوِلين أن يكونوا صادقين وأن يتحدَّثوا بصدق، وأن يكشفوا عن شخصياتهم الفاسِدة، لكنهم لم يربحوا نعمة الله، وعندما يجب أن يُهذَّبوا، لا يزالون يُهذَّبون؛ لا يمنحهم الله أي تمجيد إضافي". يُفكِّرون مليًا: "سأضطر إلى اختيار طريقة أخرى. ليس هذا هو الطريق الذي يجب أن أسلكه؛ سأتركه للآخرين. كيف يمكن لشخص ذكي مثلي أن يعيش هكذا؟". مهما كان جانب الحق الذي يسمعه ضد المسيح، ما الحسابات التي يجريها في قلبه؟ هل يمكنهم استيعاب ذلك الحق بشكلٍ خالص؟ هل هم قادرون على قبوله في أعماق قلوبهم باعتباره الحقّ؟ بالتأكيد لا. إنهم يحسبون ويُدِّبرون باستمرار، ويراقبون باستمرار. كيف يستجيبون في النهاية؟ يتغيرون وفقًا للموقف، يتكيَّفون مع الظروف، إنهم سلسون وماكرون في تعاملاتهم مع الآخرين، ويتصرَّفون بسرية تامة. مهما كان ما يفعلونه، ومهما كان ما يُفكِّرون فيه أو يحسبونه في أعماقهم، لا يمكنهم السماح للآخرين بمعرفة ذلك، ولا يمكنهم السماح لله بمعرفة ذلك؛ لا يمكنهم كشف هذه الأشياء لله، فضلًا عن التكلُّم بشأنها بوضوح مع الناس – يعتقدون أن هذه الأشياء هي شأنهم الشخصي. وهكذا، فإن أضداد المسيح هم نوع الأشخاص غير القادرين تمامًا على ممارسة الحق. إلى جانب عدم ممارستهم الحق هم أنفسهم، فإنهم أيضًا يزدرون الأشخاص الذين يمارسون الحق، والأكثر من ذلك، يسخرون من أولئك الأشخاص الذين يُهذّبون لأنهم ارتكبوا بعض الانحرافات في أثناء ممارسة الحق، أو لأنهم سلكوا بعض المنعطفات الخاطئة، أو ارتكبوا بعض الأخطاء، ويستهزؤون بهم من بعيد. إنهم لا يؤمنون ببرّ الله، فضلًا عن أن الطرق المختلفة التي يعامل بها الناس تحمل الحق وتحمل محبته؛ لا يؤمن أضداد المسيح بهذه الأشياء. من وجهة نظرهم، يعتقدون أن كل هذه الأشياء أكاذيب تهدف إلى خداع الناس؛ يعتقدون أنها كلها مُجرَّد نوع من الأعذار، مجموعة من الأقوال التي تبدو لطيفة. وما الذي يبتهجون به سرًا في كثير من الأحيان؟ "لحسن الحظ، لستُ غبيًا بما فيه الكفاية لأُقدم كلّ شيء؛ لحسن الحظ، لم أتحدَّث عن تلك الأشياء القذرة والبشعة التي أُضمِرها في أعماقي؛ لحسن الحظ، ما زلتُ متمسكًا بمكانتي وسمعتي وأبذل قصارى جهدي للسعي إليهما، وأعمل كثيرًا من أجلهما. لو لم أعمل كثيرًا من أجل نفسي، فمن سيُفكِّر فيَّ؟". أضداد المسيح ليسوا مُخادِعين فحسب، بل هم أيضًا أشرارًا، ينفرون من الحقّ، وشخصيتهم شرسة؛ أي إن جميع جوانب الشخصيات الفاسِدة التي تتجلَّى في البشر الفاسِدين قد تأكَّدت في أضداد المسيح و"ارتَّقت" درجة أعلى. إذا كنتَ تريد أن تنظر إلى الشخصيات الفاسِدة للبشرية، فابحث عن ضد للمسيح تشرحه وتتفاعل معه؛ فهذه هي أفضل طريقة لتوضيح المسألة، وأفضل طريقة لرؤية الجوهر الفاسِد للبشرية الفاسِدة ووجه الشيطان على حقيقتيهما. إذا اتخذتَ ضد المسيح مثالًا رئيسًا، وقمتَ بتشريحه والتعرُّف عليه، فستكون قادرًا على فهم هذه الأمور بشكلٍ أوضح.

إن سعي أضداد المسيح للمكانة والسمعة يتجاوز سعي الأشخاص العاديين بدرجة كبيرة، وينطبق الأمر نفسه على رغبتهم في المكانة والسمعة. لا يمتلك الأشخاص العاديون مثل هذه الرغبة الهائلة في المكانة والسمعة، في حين أن تلك الرغبة لدى أضداد المسيح قوية وجليّة للغاية. بمُجرَّد أن تتفاعل مع ضد المسيح وتتحدَّث معه وتقضي وقتًا معه، سينكشف جوهر طبيعته أمام عينيكَ، وستراه على حقيقته تمامًا. هذا هو مدى ضخامة رغبتهم. عندما تتعمق تفاعلاتك معهم، ستشعر بالاشمئزاز منهم وترفضهم. في النهاية، لن ترفضهم فحسب، بل ستشجبهم وتلعنهم أيضًا. أضداد المسيح ليسوا أشياء جيدة؛ إنهم أعداء الله، وكذلك أعداء كل من يسعى إلى الحق. أضداد المسيح ينفرون من الحق، وهم قادرون على فعل كل أنواع الأشياء السيئة من أجل المكانة والسمعة. في كل ما يفعلونه، سيتنكَّرون وفقًا للموقف، ويُقلِّدون ويسايرون بحسبه، مُقدِّمين تنازلاتٍ من أجل المكانة والسمعة. إن نفوس مثل هؤلاء الأشخاص وجواهرهم قذرة؛ إنهم مُقزِّزون. ليس لديهم ذرة واحدة من الحب للحق أو الأمور الإيجابية. في الوقت نفسه، يستخدمون الأمور الإيجابية والوعظ بالكلمات والتعاليم الصحيحة لتضليل الناس، حتى يتمكنوا من اكتساب السمعة والمكانة، وإرضاء رغباتهم وطموحاتهم. هذا هو سلوك أضداد المسيح وجوهرهم. لا يمكنكَ رؤية كيف يبدو الشيطان، وكيف يتصرَّف الشيطان في العالم ويتعامل مع الناس، وأي نوع من جوهر الطبيعة لدى الشيطان؛ أنتَ لا تعرف أي نوع من الأشياء هو الشيطان بالضبط في عيني الله. هذه ليست مُشكلة؛ كل ما عليكَ فعله هو مُراقبة ضد المسيح وتشريحه، وسترى كلّ هذه الأشياء – جوهر طبيعة الشيطان، ووجهه القبيح، وشرّ الشيطان وشراسته – كلها ستكون واضحة بالنسبة لك. أضداد المسيح هم شياطين أحياء؛ إنهم أبالسة أحياء.

1. كيف يتعامل أضداد المسيح مع التهذيب

يكِنُّ أضداد المسيح طموحاتٍ ورغباتٍ هائلةً فيما يتعلَّق بالمكانة والسمعة، ويجد الآخرون هذا مُقزِّزًا وبغيضًا بشكل لا يُصدَّق. هذا يكفي لإثبات أن جوهر طبيعة ضد المسيح بشع وخبيث للغاية. إذًا، أي مظاهر مُحدَّدة تُوضِّح جوهر طبيعة ضد المسيح؟ أولًا، لنفكر في كيفية تعامل أضداد المسيح مع التهذيب. (إنهم يكرهونه ولا يقبلونه). بأيِّ طريقة يكرهونه؟ ادخل في التفاصيل. (كان هناك ضد للمسيح ارتكب كثيرًا من الشر، وعندما شرع الإخوة والأخوات في كشف بعض مظاهره، لم يتب إطلاقًا، كان عنيدًا جدًا، ولم يشعر بأدنى قدر من الندم؛ حتى إنه شعر أنه قد ظُلم. هذا هو نوع من المظاهر التي رأيتُها). هذا مظهر كلاسيكي لضد المسيح. إن الموقف النموذجي لأضداد المسيح تجاه التهذيب هو الرفض الشديد لقبوله أو الاعتراف به. مهما كان مقدار الشر الذي يقترفونه، أو مدى الضرر الذي يلحقونه بعمل بيت الله ودخول شعب الله المختار في الحياة، فإنهم لا يشعرون بأدنى ندم أو بأنهم مدينون بأي شيء. من وجهة النظر هذه، هل لأضداد المسيح إنسانية؟ حتمًا لا. إنهم يتسببون في كل أنواع الضرر لشعب الله المختار، ويُلحِقون الضرر بعمل الكنيسة، ويمكن لشعب الله المختار أن يروا هذا واضحًا كوضوح الشمس، ويمكنهم رؤية الأعمال الشريرة المتعاقبة لأضداد المسيح. ومع ذلك فإن أضداد المسيح لا يقبلون تلك الحقيقة أو يعترفون بها، ويرفضون بعناد الاعتراف بأنهم مُخطئون أو بمسؤوليتهم. أليس هذا مؤشرًا على أنهم ينفرون من الحق؟ أضداد المسيح ينفرون من الحق إلى هذا الحد – مهما بلغ عدد الأشياء السيئة التي يفعلونها، فهم يرفضون الاعتراف بعناد ويظلّون مُتصلِّبين حتى النهاية. وهذا يثبت بما فيه الكفاية أن أضداد المسيح لا يأخذون أبدًا عمل بيت الله على محمل الجد، ولا يقبلون الحق. لم يؤمنوا بالله – إنهم خُدَّام للشيطان وجاءوا لعرقلة عمل بيت الله وإزعاجه. في قلوب أضداد المسيح، لا يوجد سوى السمعة والمكانة. ويظنون أنه لو كان عليهم الاعتراف بخطئهم، لكان عليهم تحمُّل المسؤولية، ومن ثمَّ لتعرضت مكانتهم وسُمعتهم للخطر الشديد. ونتيجة ذلك أنهم يقاومون بموقف "الإنكار حتى الموت". مهما كشفهم الناس أو شرَّحوهم، فإنهم يبذلون قصارى جهدهم للإنكار. وسواء أكان إنكارهم متعمدًا أم لا، فباختصار، هذه التصرفات تكشف في أحد جوانبها جوهر طبيعة أضداد المسيح المتمثل في النفور من الحق وكراهيته. من ناحية أخرى، يُظهر ذلك مدى اعتزاز أضداد المسيح بمكانتهم وسمعتهم واهتماماتهم. في الوقت نفسه، ما موقفهم تجاه عمل الكنيسة ومصالحها؟ إنه موقف ازدراء وانعدام للمسؤولية. فهم يفتقرون تمامًا إلى الضمير والعقل. أليس تنصُّل أضداد المسيح من المسؤولية يبرهن على هذه المشكلات؟ من ناحية، فإن التنصُّل من المسؤولية يثبت جوهر طبيعتهم المتمثل في النفور من الحق وكراهيته، ومن ناحية أخرى، فإنه يظهر افتقارهم إلى الضمير والعقل والإنسانية. مهما تضرَّر دخول الإخوة والأخوات في الحياة بسبب إزعاجهم وفعلهم الشرّ، فإنهم لا يشعرون بأيّ لومٍ للذات، ولا يمكن أن يشعروا بالسوء حيال هذا أبدًا. أي نوع من المخلوقات هذا؟ حتى الاعتراف بقدر ضئيل من أخطائهم سيُعد كشيء من الضمير والعقل، لكن أضداد المسيح لا يتمتعون حتى بهذا القدر الضئيل من الإنسانية. ماذا ستقولون عنهم إذًا؟ أضداد المسيح أبالسة في جوهرهم. مهما بلغ الضرر الذي يلحقونه بمصالح بيت الله، فهم لا يدركونه. إنهم لا يحزنون ولو قليلًا في قلوبهم، ولا يوبِّخون أنفسهم، ولا يشعرون بأنهم مدينون. هذا تمامًا ما لا ينبغي رؤيته في الأشخاص الطبيعيين. إنهم أبالسة، والأبالسة مُجرَّدون من أيِّ ضمير أو عقل. مهما كان عدد الأشياء السيئة التي يفعلونها، ومهما بلغت ضخامة الخسائر التي يجلبونها لعمل الكنيسة، فإنهم يرفضون الإقرار بذلك بشدّة. يعتقدون أن الإقرار به سيعني أنهم فعلوا شيئًا خاطئًا. هم يُفكِّرون: "هل يمكنني أن أفعل شيئًا خاطئًا؟ ما كنت لأفعل شيئًا خاطئًا أبدًا! إذا أُجبرتُ على الإقرار بخطئي، ألن يكون ذلك إهانة لخُلُقي؟ على الرغم من أنني كنت مُتورِّطًا في تلك الحادثة، فإنني لم أتسبَّب في حدوثها، ولم أكن الشخص المسؤول الرئيس. اذهب وابحث عمن تريد، لكن لا ينبغي أن تأتي بحثًا عني. على أيّ حال، لا يمكنني الإقرار بهذا الخطأ. لا يمكنني أن أتحمَّل هذه المسؤولية!" يعتقدون أنهم سيُدانون إذا أقرّوا بخطئهم، وسيُحكَم عليهم بالموت، وسيُرسَلون إلى الجحيم وبحيرة النار والكبريت. أخبروني، هل يمكن لأشخاص كهؤلاء قبول الحق؟ هل يمكن للمرء أن يتوقَّع منهم توبة حقيقية؟ بغض النظر عن كيفية عقد الآخرين شركة عن الحق، لا يزال أضداد المسيح يقاومونه، ويعارضونه، ويتحدّونه في أعماق قلوبهم. حتى بعد إعفائهم، يظلون لا يقرّون بأخطائهم، ولا يُظهِرون أي مظاهر توبة على الإطلاق. عندما يُذكر الأمر بعد عشر سنوات، لا يزالون لا يعرفون أنفسهم، ولا يعترفون بأنهم ارتكبوا خطأً. عندما يُطرح الأمر بعد عشرين عامًا، لا يزالون لا يعرفون أنفسهم، ولا يزالون يحاولون تبرير أنفسهم والدفاع عنها. وأبغض من ذلك أنهم، عندما يُذكَر الأمر بعد ثلاثين عامًا، لا يزالون لا يعرفون أنفسهم، ولا يزالون يحاولون الجدال دفاعًا عن أنفسهم وتبريرها، قائلين: "لم أرتكب خطأً، لذلك لا يمكنني الاعتراف بارتكابه. لم تكن مسؤوليتي؛ لا يجب أن أتحمَّلها". ولدهشة الجميع، فبعد ثلاثين عامًا من إعفائهم، لا يزال أضداد المسيح هؤلاء يكنّون موقف مقاومة تجاه الطريقة التي تعاملت بها الكنيسة معهم. حتى بعد ثلاثين عامًا، لم يتغيَّروا على الإطلاق. إذًا، كيف قضوا تلك الأعوام الثلاثين؟ هل يُعقَل أنهم لم يقرأوا كلام الله أو يتأملوا في أنفسهم؟ هل يُعقَل أنهم لم يصلوا إلى الله أو يُناجوه؟ هل يُعقَل أنهم لم يستمعوا إلى العظات والشركة؟ هل يُعقَل أنهم بلا عقل، ولا يمتلكون تفكير إنسانية طبيعية؟ إن كيفية قضائهم تلك الأعوام الثلاثين لهي لغزٌ حقًا! بعد ثلاثين عامًا من وقوع الحادث، لا يزالون ملؤهم الاستياء، مُعتقِدين أن الإخوة والأخوات ظلموهم، وأن الله لا يفهمهم، وأن بيت الله أساء معاملتهم، وسبَّب لهم مشاكل، وصعَّب عليهم الأمور، وألقى عليهم اللوم ظلمًا. أخبروني، هل يمكن لمثل هؤلاء أن يتغيّروا؟ لا يمكنهم أن يتغيّروا على الإطلاق. قلوبهم مليئة بالعداء تجاه الأمور الإيجابية، ومليئة بالمقاومة والمعارضة. يعتقدون أن الآخرين، من خلال كشف أعمالهم الشريرة وتهذيبهم، قد أضروا بخُلُقهم، وأهانوا سمعتهم، وتسبَّبوا في ضرر هائل لسمعتهم ومكانتهم. هم لن يأتوا أبدًا أمام الله للصلاة والطلب والاعتراف بأخطائهم في هذا الأمر، ولن يكون لديهم أبدًا موقف توبة أو إقرار بأخطائهم، بل إنهم لن يقبلوا دينونة كلام الله وتوبيخه. اليوم، لا يزالون يُضمِرون العصيان والسخط والتظلُّمات بينما يبررون أنفسهم لله، ويطلبون من الله جبر هذه المظالم، وكشف هذا الأمر، والحكم بالضبط مَنْ كان مصيبًا ومَنْ كان مخطئًا، حتى إنهم يُشكِّكون في برّ الله وينكرونه بسبب هذا الأمر، ويُشكِّكون في حقيقة أن بيت الله يحكمه الحق والله وينكرونها. هذه هي العاقبة النهائية لتهذيب أضداد المسيح؛ هل يقبلون الحق؟ إنهم لا يقبلون الحق على الإطلاق؛ إنهم مُصمِّمون للغاية على عدم قبوله. من هذا، يمكننا أن نرى أن جوهر طبيعة ضد المسيح ينفر من الحق ويكرهه.

بما أن أضداد المسيح لا يقبلون التهذيب، فهل لديهم أي معرفة بالتهذيب؟ عندما يعقدون شركة حول هذا الجانب من الحق، ماذا يقولون؟ ماذا يُعلِّمون الآخرين؟ يقولون: "تهذيب الناس هو إحدى الطرق التي يستخدمها الإله لتكميلهم. فهو يمكّن الناس من معرفة أنفسهم بشكل أفضل. عندما يُهذَّب الناس، يجب عليهم قبول هذا والخضوع له دونما شرط. أولئك الذين لا يقبلون التهذيب هم أناس يتمردون على الإله ولا يحبون الحق. إذا كنتَ تريد أن تُمارس الحق، فيجب عليك أولًا قبول التهذيب؛ هكذا يُكمّل الإله الناس، ويجب على كلّ فرد أن يختبر هذا. يمكن القول إن قبول التهذيب هو أحد أفضل طرق ممارسة الناس من أجل فهم الحق ومن ثمَّ تحقيق معرفة الذات وإرضاء الإله. بصرف النظر عمَّن تكون – قائدًا أم مؤمنًا عاديًا – ومهما كان الواجب الذي تؤديه، يجب عليك الاستعداد لأن تهذَّب. إذا كنتَ لا تستطيع قبول التهذيب، فهذا يُثبِت أنكَ شخص بلا قامة، طفل. كل من يستطيع قبول التهذيب هو شخص بالغ ناضج له حياة وقادر على أن يكمَّل". هذه الكلمات الرنَّانة تخرج من أفواه أضداد المسيح مثل ضربات المطرقة، وتبدو عظيمة! ولكن ما هي هذه الكلمات؟ هل سطر واحد مما ينطقون به هو الحق؟ هل يمكنكم تمييز هذا؟ أنتم أيضًا تقولون مثل هذه الأشياء غالبًا، أليس كذلك؟ (بلى). أخبروني، ما هذه الكلمات؟ (تعاليم). استخدموا عبارة شائعة لتلخيص ماهية التعاليم وتعريفها. (شعارات). هل يمكنكم التفكير في أي عبارات أخرى؟ (كلمات نظرية، عديمة الفائدة). أي عبارات أخرى؟ (إنها كلها حثالة وثرثرة). هذا صحيح، هذا التعريف يصل إلى صُلب الموضوع، وهو واقعي. يسمى هذا لغة يومية: التعاليم كلها ثرثرة. ما الذي يُفهم ضمنيًا من كلمة "ثرثرة"؟ كلمات فارغة. في الواقع، كيف نوصِّفها؟ على أنها كلمات وتعاليم. هذه الكلمات التي يتفوّه بها أضداد المسيح هي محض كلمات وتعاليم. فيما يتعلق بموضوع التهذيب، يمكنهم نطق مثل هذه التعاليم بشكل مُتكرِّر، ولكن هل يثبت ذلك أن لديهم فهمًا واستيعابًا حقيقيين له؟ حالما تسمعهم ينطقون بهذه الكلمات، تعرف أنهم ليس لديهم أيّ فهم حقيقي للتهذيب. قدرتهم على التفوّه بمثل هذا الكم من الهراء تُظهِر أنهم لا يسعون إلى الحق. إذا كانوا سيُهذبون بالفعل، فلن يقبلوه بأيّ حال من الأحوال. موقف أضداد المسيح تجاه التهذيب هو موقف عداء ومقاومة؛ إنهم لا يقبلونه أو يخضعون له باعتباره الحقّ على الإطلاق. بالنسبة لهم، فإن القيام بذلك سيكون إهانة لخُلُقهم وكرامتهم.

هل لديكم أيّ أمثلة أخرى بخصوص كيفية تعامل أضداد المسيح مع التهذيب؟ (بعض أضداد المسيح، عند مواجهة التهذيب، قد يبدون ظاهريًا وكأنهم يشرعون في معرفة أنفسهم، لكن بين السطور، سينطوي هذا على سفسطةٍ ونوعٍ من محاولة تضليل الناس. في بعض الأحيان إذا ارتكبوا خطأً، سيقولون: "لقد سمح الله بحدوث هذا، يجب على الجميع الخضوع لسيادة الإله". في بعض الأحيان، سيُقدِّم أضداد المسيح حتى اتهامات مُضادة زائفة، قائلين: "يجب ألا تحاولوا اكتشاف خطأ القادة والعاملين، أو أن تُبالغوا في مطالبكم منهم". يقول أضداد المسيح مثل هذه الأشياء في محاولة لتضليل الناس ومنع الناس من تمييزهم). هذا مظهر واحد؛ وهو أن أضداد المسيح يُحرِّفون الخطأ إلى صواب، ويقلبون الأبيض والأسود رأسًا على عقب. رعبًا من أن يفهم الناس حقيقة مشاكلهم، يندفع أضداد المسيح للانخراط في السفسطة واستخدام كل أنواع الحيل اللفظية لتضليل الناس، وإرباك عقولهم، وتشويش رؤيتهم، من أجل منعهم من الحصول على أي معرفة بالأشياء التي فعلوها أو تمييزها، ومن ثمَّ الاحتفاظ بمكانتهم العالية وسمعتهم الطيبة في أذهان الناس. هذا هو نوع المواقف نفسه، الذي تحدَّثنا عنه قبل لحظة، بخصوص أن أضداد المسيح لن يتحوَّلوا تحولًا جذريًا عندما يُهذَّبون، أو عندما يكونون قد ارتكبوا خطأً أو سلكوا الطريق الخطأ. ما بعض الأمثلة الأخرى؟ (يضمر أضداد المسيح ضغائن ضد أي شخص يُهذِّبهم، وقد يبحثون لاحقًا حتى عن فرص للانتقام منه ومُهاجمته). الهجوم والانتقام مظهر آخر. كيف يرتبط هذا بحماية أضداد المسيح لمكانتهم وسُمعتهم؟ لماذا يريدون الهجوم والانتقام؟ (مَنْ هذَّبهم كشف كلّ الشر الذي فعلوه والوقائع الحقيقية للمسألة؛ لقد أضرَّ بمكانتهم وسُمعتهم، ودمَّر صورتهم التي كانت موجودة في قلوب الناس، لذلك يضمرون ضغينة له). هذا صحيح، هنا تكمن العلاقة. يعتقدون أن الأشخاص الذين هذَّبوهم جرحوا كبرياءهم، ووضعوهم في موقف مُحرج، ودمَّروا سُمعتهم، وأضرُّوا بشدّة بمكانتهم في أذهان الآخرين من خلال فضحهم أمام الكثير من الناس. هذا هو سبب انتقامهم. في هذا الأمر، تضرَّرت سُمعتهم ومكانتهم، ومن أجل التنفيس عما يوجد في قلوبهم من استياء وكراهية، يبحثون عن فرص لمهاجمة الأشخاص الذين كشفوهم وهذَّبوهم والانتقام منهم. ما المظاهر الأخرى التي يُظهِرها أضداد المسيح؟ (بعض أضداد المسيح أيضًا ماكرون للغاية. عندما يُهذِّبهم شخص ما، قد لا يعارضونه أو يدلون بأي تصريحات ظاهريًا، وقد يبدون في الواقع وكأنهم يفهمون شيئًا عن أنفسهم، لكن لاحقًا، سيستمرون في ارتكاب الأعمال الشريرة نفسها كما فعلوا من قبل دون أن يتوبوا توبة حقيقية أبدًا. هم يستخدمون مظاهر زائفة كهذه لتضليل الناس). هذا مظهر آخر. نوع معين من أضداد المسيح يفعل ذلك بالضبط. يُفكِّرون في أنفسهم: "حيثما توجد الحياة، يوجد الأمل". سأتحلَّى بالصبر في الوقت الحالي ولن أدعكَ ترى حقيقتي. إذا عارضتكَ علانية ورفضتُ قبول التهذيب، ستقول إنني شخص لا يمارس الحق أو يحبّه، وإذا انتشر ذلك، فسيكون له تأثير على سُمعتي. إذا اكتشف إخوتنا وأخواتنا ذلك، فمن المُؤكَّد أنهم سيرفضون قبول قيادة شخص ليس لديه أيّ حب للحق على الإطلاق. يجب أن أبني صورة جيّدة أولًا. عندما أواجه التهذيب، ويكشف شخص ما أيّ أخطاء أو تعديات ارتكبتها، سأبتسم وأتحمَّلها مُتظاهرًا بقبولها وأومئ برأسي اعترافًا، فلا أسمح لأي شخص أن يكتشف حقيقتي أو يعرف ما أُفكِّر فيه حقًا. حينها يمكنني التظاهر، وذرف بعض الدموع، وقول بعض الأشياء عن كوني مدينًا للإله، وإنهاء الأمر. بهذه الطريقة، سيعتقد الإخوة والأخوات أنني شخص يقبل الحق، ويمكنني الاستمرار عن حق في أن أكون قائدًا؛ ومن ثم ستُحفَظ سُمعتي ومكانتي، أليس كذلك؟" كل ما يفعلونه هو مظهر زائف. هل ترون أن أشخاصًا مثل هؤلاء تسهل رؤية حقيقتهم؟ (ليس من السهل رؤية حقيقتهم). يتطلَّب الأمر فترة من المُراقبة والتفاعل معهم لمعرفة ما إذا كانوا يحمون مصالح بيت الله عند مواجهة المشاكل، وما إذا كانوا يمارسون حقًا وفقًا لمبادئ الحق أم لا. مهما قد يبلغ مدى جودة حديثهم ظاهريًا أو صحته، فهذا مؤقت فقط؛ عاجلًا أم آجلًا، ستظهر الطريقة التي يُفكِّرون بها حقًا. حتى لو لم يكشفهم الله، فهل يمكن لأضداد المسيح إخفاء أفكارهم الحقيقية وجوهر طبيعتهم بإحكام؟ هل يمكنهم التستُّر عليها طوال حياتهم؟ سيكون ذلك مستحيلًا؛ عاجلًا أم آجلًا، ستظهر هذه الأشياء. لذلك، مهما كان مدى خبث أضداد المسيح أو مكرهم، ما داموا يكنون مقاصد ودوافع ويخالفون الحق في أفعالهم، ففي النهاية، سيُميِّزهم الأشخاص الذين يفهمون الحق وسيرون حقيقتهم. أضداد المسيح الذين هم على هذه الشاكلة، هم الأكثر مكرًا على الإطلاق؛ ظاهريًا، يبدو أنهم يقبلون الحق والأمور الإيجابية، لكن في الواقع، في أعماق قلوبهم وفي جوهرهم، لا يحبّون الحق، بل إنهم ينفرون من الأمور الإيجابية والحق. لأنهم فصحاء، لا يستطيع معظم الناس تمييزهم، ووحدهم الأشخاص الذين يفهمون الحق هم القادرون على تمييز هذا النوع من الأشخاص ورؤيتهم على حقيقتهم. هل هناك أي أمثلة أخرى؟ (كان هناك أحد أضداد المسيح مِمَنْ رأى أن زملاءه في العمل لديهم مستوى قدرات أفضل منه وكانوا أفضل منه في أداء العمل. من أجل تأمين مكانته، قام سرًا بتحريف الحقائق وأصدر أحكامًا على زملائه وشركائه، مُضلِّلاً الناس، ومُستدرجًا إياهم، وجعلهم يستمعون إليه. أدّى هذا إلى انعدام ثقة مُتبادل بين زملائه. لم يعودوا يتعاونون معًا بانسجام، ولم تُحقَّق أيّ نتائج في أيّ جانب من جوانب العمل. عندما كُشفت أعماله الشريرة، لم يرفض قبولها فحسب، بل إنه اختلق أعذارًا وحاول التهرُّب من المسؤولية. كان من الواضح أنه سيفعل أي شيء من أجل سُمعته ومكانته؛ فمهما بلغ عدد الإخوة والأخوات الذين أضرَّ بهم، ومهما بلغت شدة إزعاجه لعمل بيت الله وعرقلته إياه، فإنه لم يكترث قط، ولم يشعر بأدنى ضيق أو ذنب. لم يكن لديه ذرة واحدة من الإنسانية أو العقل). باختصار، لا يتحرَّج أضداد المسيح في التضحية بمصالح أيّ شخص لحماية سُمعتهم ومكانتهم. حتى لو اضطروا إلى أن يدوسوا على الجميع من أجل الحفاظ على مكانتهم، فلن يتردّدوا في القيام بذلك. عندما يتعلَّق الأمر بحماية سُمعتهم ومكانتهم، فإنهم لا يهتمون بما إذا عاش الآخرون أو ماتوا، وببساطة، فإن عمل بيت الله ومصالح الكنيسة ليس لهما حتى وجود في أذهانهم وهما ليسا ضمن نطاق مراعاتهم على الإطلاق. من هذه الأفعال، يمكننا أن ندرك أن أضداد المسيح ليسوا من أناس بيت الله؛ إنهم أناس غير مؤمنين تسلَّلوا إليه. بيت الله ليس بيتهم، لذلك لا علاقة لهم بأيّ من مصالحه. يريدون فقط تحقيق هدفهم في ممارسة السلطة والسيطرة على الناس، وإرضاء طموحاتهم ورغباتهم الشخصية في بيت الله. لأن هذا هو نوع جوهر الطبيعة الذي يمتلكه أضداد المسيح، فإنهم لن يقبلوا التهذيب على الإطلاق، ولن يقبلوا أي جانب من جوانب الحق.

من الأمثلة التي ذكرناها للتوّ، يمكنك أن ترى أن طموح أضداد المسيح ورغبتهم في السعي إلى السُمعة والمكانة فطري. أضداد المسيح يولَدون على هذا النحو، بهذا النوع من جوهر الطبيعة. هم قطعًا لا يتعلَّمون هذا بعد ولادتهم، وليس نتيجة لبيئتهم. الأمر شبيه ببعض المرضى الذين لا يُصابون بأمراضهم بعد ولادتهم، بل يرثونها بدلًا من ذلك. هذه الأنواع من الأمراض مستحيلة الشفاء. يُولد أضداد المسيح بطموح للسعي إلى السُمعة والمكانة، ولا يختلفون عن تجسيدات ملوك الأبالسة. أضداد المسيح ينفرون من الحق ويكرهونه، ولا يقبلون دينونة الله وتوبيخه على الإطلاق. لذا، أيًا كان نوع التهذيب الذي يواجهونه، فلن يقبلوه. إذا قام أخ عادي أو أخت عادية بتهذيبهم، فسيكونون حتى أقل استعدادًا لقبوله. هم يُفكِّرون: "أنتَ لستَ مؤهلًا لتهذيبي، لستَ جديرًا! كم يومًا كنتَ مؤمنًا؟ عندما أصبحتُ مؤمنًا، لم تكن قد ولدتَ بعد! عندما أصبحتُ قائدًا، لم تكن قد بدأتَ حتى في الإيمان بالإله!" هذا هو الموقف الذي يكِنُّونه تجاه تهذيب الإخوة والأخوات لهم. يُركِّزون على المؤهلات والأقدمية، ويرفضون التهذيب على هذه الأسس. إذًا، هل يمكنهم قبوله عندما يُهذِّبهم الأعلى؟ بناءً على جوهر طبيعتهم، لن يقبلوا ذلك أيضًا. مع أنهم قد لا يقولون شيئًا ظاهريًا، فإنَّ قلوبهم ستُقاوِمه وترفضه بالتأكيد. هذا لا شك فيه. عندما يواجهون حقًا تهذيب الأعلى، فإن المظهر الأكثر شيوعًا لأضداد المسيح هو المراوغة والجدال باستماتة نيابة عن أنفسهم من أجل التهرُّب من المسؤولية، حتى إنهم يكذبون على الأعلى ويخفون الأشياء عمَّن هم دونهم حتى يتمكَّنوا من الإفلات دون عقاب. غالبًا ما يستخدم أضداد المسيح نهج الكذب على الأعلى وإخفاء الأشياء عمَّن هم دونهم لتجنُّب تهذيب الأعلى لهم. على سبيل المثال، إذا كان هناك الكثير من المشكلات في كنيسة ما، فإنهم لا يُبلِّغون عنها أبدًا. إذا أراد إخوتهم وأخواتهم الإبلاغ عن تلك المشاكل، فإن أضداد المسيح لا يسمحون لهم بذلك، ومن يفعل ذلك يواجه قمعهم وإقصاءهم. نتيجة لذلك، يُجبر معظم الناس على عدم التدخل، وترك المشاكل دون حلّ، والتصرف كأشخاصٍ ساعين لرضى الناس. يحجب أضداد المسيح جميع مشكلات الكنيسة، ويبقونها سرية تمامًا، ولا يسمحون للأعلى بالتدخُّل أو الاستفسار. يحجب أضداد المسيح أيضًا ترتيبات عمل الأعلى قدر الإمكان، ولا ينقلونها أو يُنفِّذونها. إذا كانت ترتيبات عمل الأعلى لا تؤثر على سُمعتهم الشخصية أو مكانتهم على الإطلاق، فقد يُدلون ببعض التصريحات السطحية، ويكتفون بالإجراءات الشكلية، لكنهم بالتأكيد لن يُنفِّذوها بالفعل. إذا كانت ترتيبات عمل الأعلى تُشكِّل تهديدًا لسمعتهم ومكانتهم، أو لها تأثير معين عليهما، فإنَّ أضداد المسيح يتعين عليهم التفكير. يجب عليهم أن يُفكِّروا كيف يتصرَّفون، ومع مَنْ يتصرَّفون، ومتى يتصرَّفون. يجب عليهم الموازنة وكأنهم يسيرون على شعرةٍ دقيقةٍ فيما يتعلَّق بهذه الأمور، وحسابها مرارًا وتكرارًا في أذهانهم. إذا ظهرت بعض المشاكل في عمل الكنيسة، يعرف أضداد المسيح أنهم سيُهذَّبون بالتأكيد، أو حتى يُعفَون عندما يكتشف الأعلى المشاكل، لذلك يكتمونها، ولا يُبلِّغون الأعلى عنها. إنهم لا يهتمون على الإطلاق بالتأثير أو الضرر الذي ستجلبه تلك المشاكل على عمل بيت الله إذا لم تُحل؛ فهم لا يبالون بأي خسائر سيتكبَّدها عمل بيت الله. لا يُفكِّرون بشأن أي مسارات العمل سيفيد عمل بيت الله أو يُرضي الله، هم لا يُراعون إلا سُمعتهم ومكانتهم، ورأي الأعلى فيهم ومعاملته لهم، وكيفية حماية سُمعتهم ومكانتهم حتى لا تتأثرا. هذه هي الطريقة التي ينظر بها أضداد المسيح إلى الأشياء ويُفكِّرون بها في المشاكل، وهي تُمثِّل شخصيتهم تمامًا. لذلك، لن يقوم أضداد المسيح بالإبلاغ بصدق عن المشاكل الموجودة داخل الكنيسة، أو التي تنشأ في عملهم. مهما كان العمل الذي يقومون به، ومهما كانت الصعوبات التي يُواجهونها في أثناء القيام بذلك العمل، أو إذا واجهوا مواقف لا يعرفون كيفية التعامل معها، أو حيث لا يعرفون أيّ خيار يتخذونه، فسيتستَّرون عليه ويخفونه، خوفًا من أن يقول الأعلى إن مستوى قدراتهم ضعيف جدًا، أو أن يكتشف وضعهم الحقيقي، أو يُهذِّبهم لأنهم لم يتعاملوا مع تلك الصعوبات أو المواقف ويحلّوها على الفور. يتجاهل أضداد المسيح مصالح بيت الله وعمل الكنيسة من أجل تجنُّب تهذيب الأعلى لهم. لا يتردَّدون في التضحية بعمل الكنيسة ومصالحها للحفاظ على مكانتهم وسبل عيشهم، ولضمان أن يكون لدى الأعلى انطباع جيد عنهم. لا يهتمون بتأخير تقدُّم عمل الكنيسة أو التأثير عليه، ناهيك عن اهتمامهم بدخول شعب الله المُختار في الحياة. بغض النظر عن الصعوبات التي يواجهها الإخوة والأخوات، أو المشاكل الموجودة بخصوص دخولهم إلى الحياة، لا يستطيع أضداد المسيح حلّها، ولن يطلبوا من الأعلى. إنهم يعلمون تمامًا أن كتمان المشاكل وتركها دون حلّ سيُؤخِّر تقدُّم عمل الكنيسة ويؤثر عليه، وسيُسبِّب خسائر لحياة الإخوة والأخوات، لكنهم يتجاهلون هذه الأشياء، ولا يهتمون بها. مهما كانت المشاكل الكبرى التي تنشأ في الكنيسة، فإنهم لا يُبلِّغون عنها أبدًا، بل يبذلون قصارى جهدهم لإخفائها والتكتُّم عليها. إذا اكتشف الإخوة والأخوات أعمالهم الشريرة وكتبوا رسائل يُبلِّغون عنها، يحاول أضداد المسيح بجهد أكبر حجب تلك الرسائل والتكتُّم عليها. ما هدفهم في حجب تلك الرسائل والتكتُّم عليها؟ إنه الحفاظ على مكانتهم، وحماية سُمعتهم وهيبتهم، والاحتفاظ بكلّ ما يمتلكونه في تلك اللحظة. بالنسبة لهم، أن يتم إعفاؤهم، أو أن يقيمهم الأعلى على أنهم غير مناسبين لعملهم، هو بمثابة فقدان حياتهم والحكم عليهم بالموت، إنه بمثابة الوصول إلى نهاية الطريق في إيمانهم بالله. لذا، مهما كان الأمر، فإنهم لا يطلبون أبدًا من الأعلى. بدلًا من ذلك، يُفكِّرون في طرق لإخفاء جميع المشاكل الموجودة في عملهم ومنع الأعلى من اكتشافها. أليست ممارستهم هذه حقيرة جدًا؟ يعتقدون أن القائد الجيّد في عيني الله والأعلى يجب أن يكون شخصًا لا يُواجه أيّ مشاكل أو صعوبات أبدًا، ويمكنه التعامل مع جميع الأمور بشكلٍ جيّد، ومناسب لجميع أنواع العمل. إنهم يعتقدون أن القائد الجيد لا يشكو أبدًا من الصعوبات، أو يطلب بشأن المشاكل، وأن القائد الجيد يجب أن يكون شخصًا مثاليًا لا تشوبه شائبة في أذهان الله والأعلى، ويمكنه إنجاز العمل بشكلٍ جيد دون الحاجة إلى أن يُهذِّبه الأعلى. وبالتالي، فإنهم يحمون مكانتهم بشدة، آملين في ترك انطباع جيد لدى الأعلى، وجعل الأعلى يعتقد خطأً أنهم مناسبون لعملهم، وأنهم يستطيعون تحمُّل مسؤولية عملهم، وأنه لن تحدث مشاكل كبيرة، وبالتالي يعتقدون أنه ليست هناك حاجة للاستفسار مباشرة عن عملهم أو إعطائهم التوجيه، وبالتأكيد ليست هناك حاجة لتهذيبهم. يريد أضداد المسيح خلق هذا النوع من الصورة لأنفسهم، لجعل الآخرين يعتقدون خطأً أن الله يثق بهم ويُوكل إليهم كلّ شيء، وأنه يُكلِّفهم بمهام مُهمة ويثق بهم ثقة كبيرة، لدرجة أنه مُتردِّد في تهذيبهم، خوفًا من أن تؤثر سلبيتهم وتراخيهم على العمل. أضداد المسيح يجعلون الإخوة والأخوات يعتقدون أنهم أشخاص مرغوبون في بيت الله والكنيسة، وشخصيات مهمة في بيت الله. لماذا يريدون ترك هذا النوع من الوهم والمظهر الزائف لدى الإخوة والأخوات؟ ذلك حتى يتسنى لهم أن يجعلوا الناس يقدرونهم ويعبدونهم، حتى يتمكَّنوا من التمتُّع بمنافع المكانة في الكنيسة، وكذلك المكانة العالية والمعاملة التفضيلية، لدرجة أنهم قد يحلون محل الله. غالبًا ما يقولون للإخوة والأخوات: "لا يستطيع الله التحدُّث إليكم شخصيًا، لا يمكنه النزول إلى مستواكم والقيام بالعمل شخصيًا، ولا يمكنه بأيّ حال من الأحوال العيش بجانبكم، وإرشادكم في جميع الأشياء المختلفة التي تواجهونها في حياتكم اليومية. إذًا، فمن سيقوم بهذه المهام المُحدَّدة؟ ألن يكون القادة والعاملون مثلنا؟" بينما يبذلون قصارى جهدهم لحماية مكانتهم، غالبًا ما يقولون أشياء كهذه ويُعبِّرون عن هذه الأنواع من الأفكار، حتى يؤمن الإخوة والأخوات بهم ويثقون بهم تمامًا وبلا شك. ما طبيعة ممارستهم هذه؟ أليست كذبًا على الأعلى وإخفاءً للأشياء عن الأشخاص الذين هم دونهم؟ (إنها كذلك). هذا هو الجزء الذكي من نهجهم. معظم الناس لديهم مستوى قدرات ضعيف، لا يفهمون الحق، ولا يستطيعون تمييز أضداد المسيح، ولا يسعهم إلا أن يضللهم أضداد المسيح ويستخدمونهم. إذا حاول أضداد المسيح تضليل الناس مباشرة بقولهم: "الأعلى لديه ثقة بي حقًا، يستمع إليّ في جميع الأمور"، فقد يحذر الناس منهم قليلاً ويكون لديهم القليل من التمييز بشأنهم، لكن أضداد المسيح لا يتحدَّثون بهذه الطريقة المُباشرة. يستخدمون طريقة معينة في الكلام لتضليل الناس، ولجعلهم يعتقدون خطأً أنه لا بد أنْ يكون لدى الأعلى إيمان وثقة بهم، لكي يكون قد ائتمنهم على عمل القيادة. الحمقى الذين يفتقرون إلى التمييز ولا يسعون إلى الحق يقعون في هذا الفخ ويتبعونهم. وعندما يحدث شيء ما، لا يصلي هؤلاء الحمقى إلى الله، أو يطلبون الحق في كلام الله، بدلًا من ذلك يأتون أمام أضداد المسيح، طالبين منهم أن يبينوا لهم الطريق ويختاروا لهم مسارًا. هذا هو الهدف الذي يريد أضداد المسيح تحقيقه بأفعالهم. إذا لم يكن هناك عدد قليل من الأشخاص الذين يفهمون الحق في الكنيسة يُميِّزون أضداد المسيح ويكشفونهم، فإن معظم الناس سيُؤمنون بهم بشكل أعمى، ويعبدونهم ويتبعونهم، ويعيشون تحت سيطرتهم. هذا خطير جدًا! إذا ضُلِّل شخصٌ ما وخضع لسيطرة ضدّ المسيح لمدة ثلاث أو خمس سنوات، فستعاني حياته من خسارة كبيرة. وإذا ضُلِّل وخضع لسيطرة ضدّ المسيح لمدة ثماني سنوات أو عشرة، فسوف يُدمَّر تمامًا؛ حتى وإن أراد استعادة نفسه، فلن تتاح له الفرصة لفعل ذلك.

غالبًا ما يُضلِّل أضداد المسيح الناس، ويكسبون ودّهم، ويسيطرون عليهم، باستخدام ادعاءاتٍ بأنهم أشخاص مرغوبون في بيت الله، وقد عيَّنهم الله في مناصب مهمة، وأنهم يحظون بتقدير الله وثقته، وذلك سعيًا لتحقيق هدفهم المتمثِّل في التمتُّع الدائم بالمكانة، وأن يكون لهم دائمًا القول الفصل. ما أكثر ما يخشاه أضداد المسيح؟ إن أكثر ما يخشونه فقدان مكانتهم وأن تسوء سُمعتهم. يخشون أن يعتقد الإخوة والأخوات أنهم لا يسعون إلى الحق، وأن مستوى قدراتهم ضعيف جدًا، وأنهم لا يمتلكون فهمًا روحيًا، ولا يقومون بأيّ عمل فعلي، وغير قادرين على القيام به. هذه هي الأشياء التي يرتعب أضداد المسيح من سماعها أكثر من أيّ شيء آخر. عندما يسمع أضداد المسيح مثل هذه الأقوال والتصريحات، يُصابون بالذعر، بل إنهم ينزعجون، ويصل بهم الأمر أحيانًا إلى حد أن تصيبهم نوبة غضب، قائلين: "لديّ مستوى قدرات سيء، فامضِ قدمًا واستخدِمْ من تستطيعُ استخدامه؛ لا يمكنني القيام بهذا العمل على أيّ حال! أليس الإله بارًا؟ لقد آمنتُ به كلّ هذه السنوات، وتخلَّيتُ عن عائلتي وحياتي المهنية من أجله، وبذلتُ الكثير من الجهد من أجلكم جميعًا، يا إخوتي وأخواتي. لماذا لا تستطيعون حتى قول كلمة مُنصِفة في حقّي؟" لا يعود بوسعهم إيلاء أي اهتمام لسُمعتهم ومكانتهم، ولا يعودون يحاولون التستُّر على أنفسهم أو التظاهر؛ قبحهم واضح تمامًا للعيان. بعد التنفيس عن غضبهم، يمسحون دموعهم ويفكرون: "أواه؛ لقد فُضِحت. يتعيَّن عليَّ أن أنهض من جديد!" وبعد ذلك يستمرون في التظاهر، ويستمرون في تعلم الشعارات والتعاليم البرَّاقة، والاستماع والقراءة والوعظ وتضليل الناس. يشعرون أنه يجب عليهم إنقاذ سُمعتهم ومكانتهم، ويأملون أنه في يوم من الأيام، عندما يحين وقت الانتخابات، سيظلّ الإخوة والأخوات يتذكَّرونهم، ويتذكَّرون الأشياء الجيدة التي فعلوها، ويتذكَّرون الأثمان التي دفعوها، والأشياء التي قالوها. هذه وقاحة مطلقة، أليس كذلك؟ طبيعتهم القديمة تلك لم تتغيَّر على الإطلاق، أليس كذلك؟ لماذا لا يتغيَّر أضداد المسيح أبدًا؟ هذا يُحدِّده جوهر طبيعتهم، لا يمكنهم التغيير؛ هكذا هم فحسب. عندما تتبَّدد طموحاتهم ورغباتهم تمامًا، يُصابون بنوبات غضب، ثم يصبحون حسني السلوك بدرجة أكبر كثيرًا. كنت قد سألتُ مؤخرًا عن حال شخص ما، وقال بعض الإخوة والأخوات إنه كان حسن السلوك للغاية. ماذا تعني عبارة "حسن السلوك"؟ إنها تعني أنه قد تصرَّف مؤخرًا بشكل أفضل كثيرًا، وكان أفضل بكثير مما كان عليه من قبل؛ لم يعد يُسبِّب المتاعب، أو يُهاجم الناس، أو يتنافس على المكانة، وكان يتعلَّم كيف يتحدَّث إلى الناس بلطف وتواضع وهدوء بدرجة أكبر. وكان يستخدم كلمات مناسبة لمساعدة الآخرين، وفي حياته اليومية، كان يُظهِر اهتمامًا ورعايةً كبيرين بالآخرين. بدا الأمر كما لو أنه تحوَّل إلى شخص جديد تمامًا. ولكن هل فعل ذلك حقًا؟ لا. إذًا، ماذا كانت تلك الممارسات؟ (سلوكيات خارجية جيّدة).

بعد أن يُكشَف عن بعض أضداد المسيح وتُفضَح جميع أعمالهم الشريرة، عندما يرون الإخوة والأخوات، يقولون: "أشعر وكأنني قد استُنِرتُ وأُضِئتُ من قِبل الإله مؤخرًا، وأنا في حالة جيّدة حقًا. أشعر بكراهية عميقة تجاه أفعالي السابقة، ولن أستطيع أبدًا نسيان الخسائر التي تسببتُ فيها لإخوتي وأخواتي أو التغاضي عنها. أشعر بحزنٍ شديد". بينما يقول هذا، ينفجر في البكاء، بل يبادر هو حتى بطلب التهذيب من الإخوة والأخوات، قائلًا: "لا تقلقوا بشأن ضعفي. إذا رأيتموني أفعل شيئًا خاطئًا، فهذِّبوني، يمكنني قبول هذا – يمكنني قبوله من الإله؛ لن أحمل أيّ ضغينة ضدكم". لقد انتقلوا من الرفض العنيد لتهذيب الإخوة والأخوات لهم ومقاومته وتحدّيه، والتبرير، والجدال نيابة عن أنفسهم، والامتلاء بالاستياء، إلى السعي الحثيث للتهذيب. هذا تغيير سريع جدًا في الموقف، أليس كذلك؟ هل يعني هذا أنهم يشعرون بالندم؟ بناءً على هذا الموقف، يبدو أنهم قد تغيروا، لذلك يجب عليك أن تُهذِّبهم. يمكن أن يمكّنهم القيام بذلك من إدراك الأخطاء التي ارتكبوها في الماضي، ويساعدهم على معرفة أنفسهم. في تلك اللحظة، يجب عليك مساعدتهم بإظهار بعض الصدق، والقول: "أستطيع أن أرى أنكَ تتصرَّف بشكل جيد جدًا مؤخرًا. سأتحدث إليكَ من القلب. إذا كان هناك شيء قلته غير صحيح، ولا يمكنكَ قبوله، فلا تُعِره اهتمامًا؛ إذا كنتَ تعتقد أن ما أقوله صحيح، فاقبله من الله. مقصدي هو مساعدتكَ، لا أن أزيد الطين بلّة أو أهاجمك. لنفتح قلوبنا لبعضنا البعض ونعقد شركةً بقلبٍ مفتوح. عندما كنتَ قائدًا في الماضي، كنتَ تصول وتجول في كل مكان، وترفض الاعتراف بأخطائكَ؛ حتى لو اعترفتَ ظاهريًا ببعضها، لم تكن تقبل الخطأ فعليًا في أعماقك؛ وعندما واجهت مشكلة من النوع نفسه لاحقًا، ظل تصرفك هو نفسه كما كان من قبل. لنتحدَّث عن تلك الحادثة الأخيرة، على سبيل المثال. لأنكَ كنتَ غير مسؤول، حدث خطأ ما، ولحقت خسارة كبيرة بأصول بيت الله. أدى عدم تحملك المسؤولية أيضًا إلى اعتقالِ العديد من الإخوة والأخوات وسجنِهم، ودفعِهم الثمن لهذا. ألا تعتقد أنه يجب عليك أن تتحمَّل المسؤولية عن ذلك؟ لقد كنتَ الشخص المسؤول مباشرةً عن تلك الحادثة، لذلك يجب عليكَ المثول أمام الله، والاعتراف بخطاياكَ، والتوبة. في الواقع، إذا اعترفتَ بخطئكَ، فسيرى الله ذلك تعديًا في أسوأ الأحوال، ولن يؤثر ذلك على سعيكَ إلى الحق في المستقبل. سيتمكَّن الإخوة والأخوات أيضًا من معاملتكَ بشكل صحيح ورؤيتكَ بصفتك عضوًا في بيت الله؛ لن ينبذوكَ أو يُهاجموكَ. صحيح أن كلّ شيء يتعلق بالشخص في يدي الله، ولكن إذا لم تسعَ إلى الحق أبدًا، فمن المُؤكَّد أن الله سيبغضك وينبذكَ، وعندئذٍ ستكون هدفًا للهلاك. إذا قبلتَ عمل الله وخضعتَ له وتمكَّنتَ من التوبة حقًا، فلن يتذكَّر الله تعدياتكَ السابقة وستظلّ شخصًا يسعى إلى الحق أمام الله. نحن لا نطلب عفوه أو مغفرته، ولكن على الأقل، يجب أن نفعل ما ينبغي للبشر فعله؛ هذه هي مسؤولية كلّ كائن مخلوق وهذا هو واجبه، وهو الطريق الذي يجب أن نسلكه جميعًا". هذه كلمات حقيقية، أليس كذلك؟ هل بها أيّ سخرية أو خداع؟ هل فيها أيّ تهكم أو استهزاء؟ (لا). ليست هذه سوى كلمات من القلب، قيلت بهدوء وبما يتماشى مع مبدأ مساعدة الناس وبنائهم. هذه الكلمات صحيحة؛ فبداخلها، يوجد طريق للممارسة، وكذلك حق يجب أن يُطلَب. ومع ذلك، هل يمكن لأضداد المسيح قبول هذه الكلمات؟ هل يمكنهم استيعابها وممارستها باعتبارها الحقّ؟ (لا يمكنهم ذلك). كيف سيستجيبون لهذه الكلمات؟ "حتى الآن، تستمرون جميعًا في التمسُّك بخطئي، رافضين التخلِّي عنه، أليس كذلك؟ حتى الإله لا يتذكَّر تعديات الناس، فلماذا تفحصون دائمًا تعدياتي؟ تقولون إنكم تريدون التحدُّث معي من القلب إلى القلب وأنكم تساعدونني. أيّ نوع من المساعدة هذا؟ من الواضح أن هذه محاولة للتركيز على الماضي ومحاسبتي. أنتم تحاولون فقط أن تجعلوني أتحمَّل المسؤولية، أليس كذلك؟ هل أنا وحدي المسؤول عن تلك الحادثة؟ كل شيء في يدي الإله، مما يعني أنه هو المسؤول. عندما وقعت تلك الحادثة، لماذا لم يُعطنا الإله أيّ تلميحات عنها؟ أليس هذا مُعدًّا من قِبل الإله؟ حسنًا إذًا، كيف يمكنكم إلقاء اللوم علي؟" هذا هو تعبيرهم عما يدور في بالهم، أليس كذلك؟ أين تكمن مشكلتهم؟ ظاهريًا، بدا أنهم قد تغيروا وأصبحوا أكثر تواضعًا؛ بدا أنهم أفضل سلوكًا بكثير مما كانوا عليه من قبل، كما لو أنهم لم يعودوا يسعون إلى المكانة والسُمعة وكما لو أنهم يستطيعون الجلوس بهدوء، والتحدُّث مع أحدهم وإجراء محادثة من القلب إلى القلب. فكيف لا يزالون قادرين على قول شيء كهذا؟ ما المشكلة التي يمكن رؤيتها في هذا؟ (الطريقة التي تصرَّفوا بها كانت مُجرَّد وهمٍ أقاموه حتى يتمكَّنوا من النهوض من جديد). ماذا أيضًا؟ (هم أيضًا لا يعرفون أنفسهم حقًا على الإطلاق، وليست تلك مظاهر توبة حقيقية. إنها مُجرَّد نوع من الممارسة المُرائية. عندما يعقد الآخرون شركةً معهم حول مشاكلهم، يظلون غير قادرين على قبول الحق. من الواضح أن جوهر طبيعتهم عدواني تجاه الحق). ثمة نقطتان واضحتان جدًا في هذا. أولًا، عندما يفقد ضد المسيح مكانته، فإن إحدى حالاته، "حيثما توجد الحياة، يوجد الأمل"؛ إنه مُستعِد دائمًا للنهوض من جديد. النقطة الثانية هي أنه فيما يتعلق بالطريق الخاطئ الذي سلكوه من قبل والتعديات التي ارتكبوها، فإنَّ أضداد المسيح لن يتأملوا أبدًا في أنفسهم بصدق. لن يعترفوا بأخطائهم ولن يقبلوا الحق، ناهيك عن فهم جوهرهم من خلال أعمالهم الشريرة، أو تلخيص كيفية الممارسة وفقًا للحق. عندما يتم إعفاؤهم ويفقدون مكانتهم، لا يُفكِّرون: "ما الخطأ الذي فعلته بالضبط؟ كيف ينبغي أن أتوب؟ إذا حدث هذا النوع من الأشياء مرّةً أخرى، كيف يجب أن أتصرَّف حتى أكون متوافقًا مع مقصد الله؟" ليس لديهم هذا الموقف لتغيير أنفسهم. حتى لو هُذِّبوا، وحتى لو أُعفَوا، فلن يعودوا ويسعوا إلى الحق، أو يطلبوا طريقًا للممارسة، أو يغيِّروا اتجاه سعيهم. مهما بلغ حجم الخسائر التي يُسبِّبونها لبيت الله، ومهما بلغ حجم السقوط الذي يسقطونه، فلن يعترفوا بخطاياهم أبدًا. لن تتسبَّب إخفاقاتهم في أن يسعوا إلى الحق ويطلبوه في الوقت الذي يلي ذلك؛ بدلًا من ذلك سيحسبون فقط ما يمكنهم فعله لإنقاذ كلّ شيء واستعادة المكانة التي فقدوها. هاتان هما النقطتان. الأولى هي نوع من حالة تكون لديهم بعد فقدان مكانتهم، وهي الاستعداد المُستمر للنهوض من جديد. النقطة الثانية هي رفضهم الاعتراف أو فهم الطريق الخاطئ الذي سلكوه. ضمن هذه النقطة الثانية، يُعدّ عدم فهم الطريق الخاطئ الذي سلكوه جزءًا منها؛ وإضافةً إلى ذلك، لن يتوبوا بصدق على الإطلاق، ولن يقبلوا الحق، وهم بالتأكيد لن يُعوِّضوا عن الضرر الذي ألحقوه ببيت الله بقلوبٍ نادمة. لن يُفكِّروا على الإطلاق في كيفية التحوّل، في كيفية التغيُّر من أناس لا يسعون إلى الحق إلى أناس يسعون إلى الحق ويمارسونه. هاتان النقطتان تُبيِّنان بوضوحٍ أن أضداد المسيح ينفرون من الحق وخبثاء بطبيعتهم؛ إنهم بارعون للغاية في التنكُّر والتكيُّف مع بيئتهم، مثل الحرباء. لديهم جوهر مُتقلِّب، وفي أعماق قلوبهم، سعيهم للمكانة وطموحاتهم ورغباتهم لا يهدأ أبدًا، ولن يتغيَّر أبدًا. لا أحد يستطيع تغيير هؤلاء الناس. بالنظر إلى هذه المظاهر، ما هو جوهر طبيعة هذا النوع من الأشخاص؟ هل ضدّ المسيح أخ أو أخت؟ هل ضدّ المسيح شخص حقيقي؟ (لا). إذا كنتم ترون هؤلاء الأشخاص كإخوة وأخوات، ألا يعني ذلك أنكم مُشوّشو الذهن للغاية؟ هذه المظاهر هي كشوفات لجوهر ضد المسيح. عندما لا يكون لدى أضداد المسيح مكانة، فهذا نوع الحالة التي يكونون فيها – الحسابات الموجودة في قلوبهم، وما يكشفونه، وكيف يتصرَّفون ظاهريًا، ونوع الموقف الذي لديهم في أعماق قلوبهم تجاه الحق وتجاه تعدياتهم، هي على هذا النحو، ووجهة نظرهم لن تتغير. مهما عقدتَ شركة عن الحق أو تحدَّثتَ عن طرق الممارسة الصحيحة والإيجابية، فلن يقبلوها حقًا في أعماقهم، بل إنهم سيُقاومونها. إنهم حتى سيُفكِّرون: "حسنًا، لم يعد لدي مكانة، لذا فإن ما أقوله لا يُعتَد به. لم يعد أحد يدعمني؛ أنتم فقط تريدون السخرية مني وأن تلقنوني درسًا. هل أنت مُؤهل لأن تلقنني درسًا؟ مَنْ تظنّ نفسك؟ عندما أصبحتُ قائدًا، لم تكُن أنت قد تعلَّمتَ المشي بعد! ألم تتعلَّم الأشياء القليلة التي تتحدَّث عنها مني؟ وتحاول أن تلقنني درسًا! أنتَ حقًا لا تعرف مكانك في الكون!" إنهم يعتقدون أن الناس بحاجة إلى درجة ما من الأقدمية لتهذيبهم، أو التحدُّث إليهم، أو تبادل أطراف الحديث معهم، أو إجراء محادثة من القلب إلى القلب معهم. أيّ نوع من الأشياء هؤلاء الناس؟ أضداد المسيح وحدهم هم القادرون على قول مثل هذه الأشياء؛ الأناس الطبيعيون، والأشخاص الذين لديهم بعض الشعور بالخزي وقليل من العقلانية، لن يقولوا هذه الأشياء أبدًا. إذا كان شخص ما يعظكم بعظة ما، ويُجري معكم مُحادثة هادئة من القلب إلى القلب، ويشير إلى المشاكل التي لديكم ويُقدِّم لكم بعض الاقتراحات، فهل ستكونون قادرين على قبول هذا؟ أم سيكون لديكم النوع نفسه من عقلية ضد المسيح؟ على سبيل المثال، لنفترض أنكَ مؤمن منذ عشر سنوات لكنكَ لم تخدم بصفتك قائدًا قطّ. ثمة شخص آخر لا يؤمن إلا منذ عامين فقط، لكن لديه مكانة أعلى منكَ، وأنت تشعر بالانزعاج حيال هذا. لنفترض أنكَ آمنتَ بالله لمدة عشرين عامًا قبل أن تصبح أخيرًا قائد منطقة. وثمة شخص آخر يصبح قائدًا إقليميًا بعد الإيمان لمدة خمس سنوات فقط ويبدأ في قيادتك، وأنت تجد صعوبة في قبول ذلك. إذا هذَّبكَ، فإنك تشعر بعدم الارتياح، وحتى لو كان على حق في تهذيبكَ، تظل غير راغب في قبول تهذيبه. هل سبق قط أن امتلكتم هذا النوع من المواقف أو المظاهر؟ (نعم). هذه شخصية ضدٍّ للمسيح. هل تعتقد أن أضداد المسيح فقط هم مَنْ لديهم شخصية ضدّ المسيح؟ أي شخص لديه شخصية ضدّ المسيح هو في خطر، وقد يشرع في اتخاذ طريق ضد المسيح، وهذه الشخصية قد تُدمِّره. هكذا هي الأمور. عندما نعقد شركة عن جوهر ضد المسيح ونشرِّحه، فهذا أيضًا يشمل الأشخاص الذين لديهم شخصية ضد المسيح. في رأيكم، هل الأشخاص الذين يشملهم هذا هم الأقلية أم الأغلبية؟ أم أن هذا يشمل الجميع؟ (يشمل الجميع). هذا صحيح، لأن شخصية ضدّ المسيح هي شخصية الشيطان، وجميع البشر الفاسِدين يمتلكون شخصية الشيطان. الآن، لقد عقدنا الشركة قليلًا حول هذا الموضوع المتمثل في كيفية تعامل أضداد المسيح مع التهذيب. لتوفير درجة أكبر من التفصيل، يمكن تقديم بعض الأمثلة الملموسة. سأترك ذلك لكم لتعقدوا شركة عنه خلال اجتماعاتكم. بينما تقدمون الشركة، لا تتحدَّثوا دائمًا عن حال الآخرين. بالطبع، عقد الشركة حول مظاهر الآخرين أمرٌ لا مفر منه، لكن يجب عليكم بشكل أساسي عقد شركة حول مظاهركم الخاصّة بكم. إذا تمكنتم من العثور في أنفسكم على بعض المظاهر أو الكشوفات المرتبطة بشخصية ضد المسيح، فسيكون ذلك مفيدًا ونافعًا لمعرفتكم بأنفسكم، وسيُساعدكم على التخلُّص من تلك الشخصية.

لقد سبق وعقدنا شركةً حول موضوع المظاهر المُختلفة لشخصية ضد المسيح؛ هل أنتم قادرون الآن على مقارنة أنفسكم بها؟ هل تمكَّنتم من تحقيق بعض الفهم؟ هل يمكنكم حلّ بعض المشاكل الحقيقية؟ بغض النظر عن جانب شخصياتكم الفاسِدة الذي تُغيِّرونه، فإن كلّ ذلك يتحقَّق على أساس فهم الحق، ومقارنة أنفسكم بالحق، ثم الوصول إلى فهم أنفسكم. لذلك، فإن القدرة على تمييز المظاهر المختلفة للشخصية الفاسِدة وتشريحها طريقٌ يجب عليكم أن تسلكوه عندما يتعلَّق الأمر بمعرفة أنفسكم وتحقيق تغيير في الشخصية. هل توصَّلتم إلى فهم هذه النقطة بعد؟ قد لا يكون البعض منكم قد توصل إلى ذلك، ويُفكِّر: "أنتم تعقدون شركة دائمًا حول هذه الموضوعات والأشياء التافهة؛ أنتم لا تتحدَّثون أبدًا عن بعض الحقائق العميقة أو تكشفون أيّ أسرار عميقة. هذا ممل ومضجر للغاية! ما علاقة هذه الأشياء التي تعقدون شركة عنها بدخولنا ملكوت السماوات، ونيل بركات ٍعظيمة، والتكميل في المستقبل؟" هؤلاء الناس لا يفهمون أبدًا؛ يشعرون بالنعاس وهم يستمعون إلى هذه الأشياء. الأشخاص الذين ليس لديهم فهم روحي لا يفهمون؛ إنهم لا يفهمون الحالات البشرية المختلفة التي يتطرَّق إليها كل حق، أو العلاقات بين الحقائق المختلفة. إنهم لا يفهمون هذه الأشياء. كلما كان الشرح الذي تقدمه لهم أكثر تفصيلًا، زاد ارتباكهم وقل ما يستوعبونه، لذلك يشعرون دائمًا بالنعاس. في بداية اجتماع ما، يغنون ويرقصون، ولا يشعرون بالنعاس مهما كانت القواعد والطقوس مملة أو متكررة. ومع ذلك، حالما تعقد شركة عن الحق وحالات الناس المختلفة، يبدأ الغفو في أن يحل بهم. ماذا بشأن الأشخاص الذين يشعرون دائمًا بالنعاس هكذا؟ ألم يُكشَف عنهم؟ هذا مظهر من مظاهر عدم محبة الحق، أليس كذلك؟ فيما يتعلَّق بتفاصيل الحقائق المختلفة المتعلقة بدخول الحياة، فإن الأشخاص الذين يسعون حقًا إلى الحق والذين يمتلكون مستوى قدراتٍ معينًا يفهمونها بشكل أفضل كلما سمعوا عنها أكثر، بينما أولئك الذين لا يحبون الحق وليس لديهم فهم روحي يصبحون أكثر ارتباكًا كلما سمعوا عنها أكثر. كلما استمعوا أكثر، وجدوها مملة بدرجة أكبر، ومهما استمعوا، يظل شعورهم على النحو نفسه؛ لا يمكنهم سماع طريق فيها. يشعرون أن الأمور المُتعلِّقة بدخول الحياة ليست مُعقَّدة في الواقع إلى هذا الحد، لذلك ليست هناك حاجة لعقد شركة كثيرًا بشأنها. هكذا هم الأشخاص الذين ليس لديهم فهم روحي. يتضمَّن تغيير الشخصية عددًا كبيرًا جدًا من الحقائق. إذا لم يبذل الناس – في طريق السعي إلى تغيير شخصياتهم – وقتًا وجهدًا في كلِّ حق، ويحققوا في كلِّ حق فهمًا واستيعابًا ومعرفة، ويجدوا طريقًا للممارسة – فلن يتمكَّنوا على الإطلاق من دخول أيّ حقائق. ما هي الطريقة التي يمكن للناس من خلالها معرفة الله؟ إنها من خلال فهم جميع الحقائق المختلفة والدخول فيها؛ هذه هي الطريقة الوحيدة. علاوة على ذلك، كل حق ليس نظرية من نوع ما أو معرفة أو فلسفة من نوع ما؛ إنه يتعلق بحياة الناس وحالة وجودهم، والحالات التي هم فيها والأشياء التي يُفكِّرون فيها كل يوم، ومختلف الخواطر والأفكار والمقاصد والمواقف التي ينتجونها تحت سيطرة جواهرهم الفاسِدة. لذا، هذه هي الموضوعات التي نتحدَّث عنها. عندما تفهمون هذه الموضوعات، وتربطونها بأنفسكم، وتجدون مبادئ الممارسة، وتتعرَّفون على مختلف الحالات ووجهات النظر التي تنتجها شخصياتكم المختلفة، ستكونون قد فهمتم حقًا الحقائق المرتبطة بها، وعندها فقط ستكونون قادرين على الممارسة بدقة وفقًا لمبادئ الحق. إذا كنت تفهم الكلمات حرفيًا فقط، وعندما ترى كشف الله لأنانية أضداد المسيح وحقارتهم، تُفكِّر: "أضداد المسيح أنانيون وحقيرون، لكنني شخصيًا غير أناني تمامًا؛ لدي الكثير من المحبة لأعطيه، وأنا متسامح، وقد لدتُ في عائلة من العلماء، وتلقَّيتُ تعليمًا عاليًا، وتأثرتُ بشخصياتٍ بارزة وأعمال من الروائع، أنا لستُ شخصًا أنانيًا" – هل قول هذه الأشياء قبول للحق؟ هل هو معرفة للذات؟ من الواضح تمامًا أنكَ لا تفهم هذا الحق المعيَّن، أو الحالات المختلفة التي يشملها هذا الحق المعيَّن. عندما تفهم الحالات المختلفة التي تحدَّث عنها الله وكشفها والتي يشملها حق مُعيّن، ويمكنكَ مقارنة نفسكَ بها والعثور على مبادئ الممارسة الدقيقة، ستكون قد شرعتَ في سلوك طريق ممارسة الحق، وستكون قد دخلتَ واقع الحق. إن لم تفعل هذا، فليس ما فهمته سوى محض تعاليم؛ لم تفهم الحق. الأمر أشبه بالموضوع الذي تحدَّثنا عنه للتو، حول كيفية تعامل أضداد المسيح مع التهذيب. الحالات والمظاهر والكشوفات المختلفة التي عقدنا شركة عنها كلها تتعلَّق بجوهر طبيعة ضد المسيح وبشخصيته. كم تفهم منها؟ كم حالةً منها قارنتَ بنفسكَ؟ هل ما استوعبته من الأقوال والتفاصيل والحالات الواردة في هذا الموضوع مرتبطة بأشخاص آخرين أم بك؟ هل لكَ أنتَ أي صلة بهذه الحالات؟ هل ربطتَها حقًا بنفسك، أم أنكَ اعترفتَ بها ووافقتَ عليها على مضض فحسب؟ هذا يعتمد على استيعابكَ وعلى موقفكَ تجاه الحق. ربط هذه الحالات بنفسكَ هو مُجرَّد شرط مُسبق لكونك قادرًا على ممارسة الحق؛ إنه لا يعني أنكَ بدأتَ بالفعل في ممارسته. ومع ذلك، إذا لم تتمكَّن من ربط هذه الحالات بنفسكَ، فلن يكون لكَ أيّ علاقة على الإطلاق بمُمارسة الحق. وبناءً على ذلك، ما الذي ستسمعه عندما تستمع إلى العظات؟ ستكون مُتظاهرًا فحسب؛ سيبدو كما لو أنكَ تؤمن بالله، ولكنكَ في الواقع لن تمارس وفقًا لكلماته، ولن تكون قادرًا على دخول واقع كلماته. ستكون مُجرَّد شخص دخيل، أداة للخدمة، شخصية الضد. فيما يتعلَّق بكيفية مقارنة نفسكَ بهذه الحالات والكيفية التي ينبغي أن تشرِّح بها الحالات المختلفة المتعلقة بالأشياء التي قلتها، فهذا يعتمد على معرفتكم أنتم. كل ما يمكنني فعله هو أن أخبركم بهذه الكلمات وأُزوِّدكم بها، أما الباقي، فستحتاجون إلى بذل الجهد بأنفسكم. وما إذا كان بإمكانكم قبول هذه الكلمات أم لا، فهذا يعتمد على موقفكم. بعض الناس عنيدون في قلوبهم؛ إنهم يتظاهرون دائمًا ويحاولون حماية مكانتهم وسُمعتهم. من الواضح أن لديهم مشاكل، لكنهم لا يستطيعون رؤية هذه المشاكل ولا يعترفون بها، بل إنهم حتى يأخذون على عاتقهم فضح الآخرين وتشريحهم. نتيجة لذلك، ينتهي الأمر بأن يستفيد هؤلاء الآخرون من هذا، بينما لا يكسبون هم أنفسهم شيئًا. هؤلاء الناس حمقى، أليس كذلك؟ هذا سلوك أحمق. ليس الهدف من الاستماع إلى العظات هو تعلُّم كيفية تمييز الآخرين، ولا الاستماع نيابة عنهم؛ بل لكي تسمع أنتَ بنفسكَ ما يُقال وتكتسبه. تستمع إلى كلمات الله، والحق، والعظات، ومن خلال كل ذلك تتوصَّل إلى فهم الحق، وتربح الحياة، وتحقِّق تحوّلًا في الشخصية. هل لهذا أي علاقة بالآخرين؟ هذه الكلمات لها علاقة بكَ. إذا تبنيتَ هذا النوع من المواقف، فقد تتمكَّن هذه الكلمات من تغييركَ، وتصبح واقعكَ، وتُمكِّنكَ من تحقيق تغيير في الشخصية.

في هذا الموضوع الأول، تحدَّثنا عن المظاهر المُختلفة لكيفية تعامل أضداد المسيح مع التهذيب. من ناحية، فإنَّ عقد الشركة حول هذا الموضوع يساعدكم جميعًا على فهم نوع الموقف لدى أضداد المسيح، وكشوفات جوهر طبيعتهم، فيما يتعلَّق بهذا الأمر؛ ومن ناحية أخرى، يمنحكم بعض التوجيه الإيجابي والتحذيرات. يمكنكم عقد الشركة حول المشاكل المتبقية وحلّها بأنفسكم؛ فهذه شؤونكم الخاصّة.

2. كيف يعامل أضداد المسيح من هم أقوى منهم

عندما يتعلَّق الأمر برغبة أضداد المسيح في حماية سمعتهم ومكانتهم، فإن الأمر لا يقتصر على أنهم يُظهِرون جوهر طبيعتهم ويكشفونه عند تهذيبهم فحسب؛ أضداد المسيح يواجهون العديد من المواقف والأمور الأخرى. لذلك، فإن الموضوع الثاني الذي سنعقد شركةً عنه هو كيف يُحافِظ أضداد المسيح على مكانتهم وسمعتهم بين مجموعات الناس. بينما يكون أضداد المسيح في مجموعة من الناس، ما السلوكيات التي يُظهِرونها والتي يمكن أن تُوضِّح أنهم في كل ما يفعلونه، يحاولون حماية سمعتهم ومكانتهم؟ هل هذا الموضوع واضح أم لا؟ هل هو واسع النطاق أم ضيق؟ هل هو معبِّر أم لا؟ (إنه معبِّر). يرتبط هذا الموضوع ارتباطًا مباشرًا بجوهر طبيعة أضداد المسيح. ما المظاهر التي يظهرها أضداد المسيح في أثناء العيش بين مجموعات الناس؟ أيّ نوع من المواقف والأفعال يستخدمونها لحماية سُمعتهم ومكانتهم؟ أولًا وقبل كل شيء، إذا لم يكن لدى أضداد المسيح مكانة، فهل يظلون أضداد المسيح؟ (نعم). تحتاجون إلى أن يكون لديكم فهم واضح لهذا المفهوم. لا تعتقدوا أن الأشخاص ذوي المكانة فقط هم مَنْ يمكنهم امتلاك جوهر أضداد المسيح وأن يكونوا أضداد المسيح، أو أن الأشخاص العاديين الذين ليس لديهم مكانة ليسوا أضداد المسيح. هذا النطاق واسع جدًا في واقع الأمر. أيّ شخص يمتلك جوهر أضداد المسيح يظل ضدًا للمسيح، بغض النظر عما إذا كان لديه مكانة أم لا، وما إذا كان قائدًا أم مؤمنًا عاديًا؛ هذا يتحدد بجوهره. إذًا، ما المظاهر التي يُظهِرها الأشخاص الذين يمتلكون جوهر أضداد المسيح بينما يكونون أتباعًا عاديين؟ أيّ كشوفات جوهر الطبيعة تعدّ دليلًا كافيًا على أنهم، في الواقع، أضداد المسيح؟ أولًا، لننظر إلى كيفية عيشهم داخل مجموعات الناس، وكيفية معاملتهم للآخرين، والموقف الذي يضمرونه تجاه الحق. ما ينبغي أن نعقد شركة عنه أكثر من غيره ليس ما يأكله أضداد المسيح، وما يرتدونه، وأين يقيمون، أو كيف يتنقلون – بل كيف يحمون سُمعتهم ومكانتهم بينما يكونون في مجموعات. حتى لو كانوا مؤمنين عاديين، فهم يظلون يحاولون باستمرار حماية سُمعتهم ومكانتهم، كاشفين باستمرار عن هذا النوع من الشخصية والجوهر، ويفعلون هذه الأنواع من الأشياء. لذلك، هذا يُمكِّننا من اتخاذ خطوة أخرى في فهمنا لشخصية أضداد المسيح وجوهرهم. سواء كان لدى أضداد المسيح مكانة أم لا، وبغض النظر عن الزمان أو المكان الذي يوجدون فيه، فإن شخصية أضداد المسيح وجوهرهم تُكشَفان وتظهران فيهم دائمًا. هذا لا يقتصر على مكان ما أو بيئة جغرافية ما أو أشخاص أو أحداث أو أشياء.

عندما يقوم أضداد المسيح بواجبٍ ما، أيًا كان نوعه، وبغض النظر عن المجموعة التي هم فيها، فإنهم يُظهِرون شكلًا مميزًا من السلوك، وهو أنهم دائمًا ما يريدون التميُّز وإظهار أنفسهم في كلّ شيء، ويميلون دائمًا إلى تقييد الناس والسيطرة عليهم، ويريدون دائمًا قيادة الناس واتخاذ القرارات، ويريدون دائمًا أن يكونوا في دائرة الضوء، ويريدون دائمًا جذب أنظار الناس واهتمامهم إليهم، ويريدون إعجاب الجميع. متى انضمّ أضداد المسيح إلى مجموعة، بغض النظر عن أعدادها، أو مَنْ هم أعضاء المجموعة، أو ما هي مهنتهم أو هويتهم، فإنَّ أضداد المسيح يقيٍّمون الأمور أولًا لمعرفة مَنْ هو المهيب والمُتميِّز، ومَنْ هو الفصيح، ومَنْ هو المثير للإعجاب، ومَنْ هو المؤهل أو ذو الهيبة. يُقيِّمون مَنْ يمكنهم التغلب عليه ومن لا يمكنهم التغلب عليه، وكذلك مَنْ يتفوق عليهم ومن هو أدنى منهم. هذه هي أول الأشياء التي ينظرون إليها. بعد تقييم الوضع بسرعة، يبدأون في اتخاذ إجراء، مع تنحية أولئك الذين هم دونهم في الوقت الحالي وتجاهلهم. يذهبون أولًا إلى أولئك الذين يعتقدون أنهم مُتفوّقون، والذين لديهم بعض الهيبة والمكانة، أو أولئك الذين لديهم مواهب وقدرات. هؤلاء هم الأشخاص الذين يقيسون أنفسهم بهم أولًا. إذا كان أيّ من هؤلاء الأشخاص يحظى بتقدير الإخوة والأخوات، أو كانوا مؤمنين بالله منذ فترة طويلة وفي مركز جيد، فإنهم يصبحون أهدافًا لحسد أضداد المسيح، وبالطبع يُنظر إليهم كمنافسين. بعد ذلك، يُقارِن أضداد المسيح أنفسهم بهدوء بهؤلاء الأشخاص الذين لديهم هيبة، والذين لديهم مكانة، والذين يحظون بإعجاب الإخوة والأخوات. يبدأون في تأمُّل مثل هؤلاء الأشخاص، وفحص ما يمكنهم فعله وما أتقنوه، والسبب في أن بعض الناس يقدرونهم. بالمراقبة والملاحظة، يدرك أضداد المسيح أن هؤلاء الأشخاص خبراء في مهنة معينة، إضافة إلى حقيقة أن الجميع يحترمونهم احترامًا كبيرًا، لأنهم آمنوا بالله لفترة أطول، ويمكنهم مُشاركة بعض الشهادات الاختبارية. يعتبر أضداد المسيح هؤلاء الأشخاص "فريسة" ويعتبرونهم خصومًا، ثم يُشكِّلون خطة عمل. ما خطة العمل؟ ينظرون إلى الجوانب التي لا يرقون فيها إلى مستوى خصومهم ثم يبدأون العمل على هذه الجوانب. على سبيل المثال، إذا لم يكونوا على مستوى براعتهم نفسه في مهنة معينة، فسوف يدرسون تلك المهنة، ويقرأون الكتب أكثر، ويبحثون عن جميع أنواع المعلومات أكثر، وبكل تواضع يطلبون الإرشاد من الآخرين أكثر. سيشاركون في كل نوع من أنواع العمل المتعلق بتلك المهنة، ويكتسبون الخبرة تدريجيًا وينمون قوتهم الخاصّة. وعندما يعتقدون أن لديهم رأس المال للتنافس مع خصومهم، غالبًا ما يتقدَّمون للتعبير عن "آرائهم اللامعة" الخاصّة، وغالبًا ما يدحضون خصومهم ويُقلِّلون من شأنهم عمدًا، لإحراجهم وتشويه سمعتهم، وبالتالي إبراز مدى ذكائهم وتميُّزهم، وقمع خصومهم. يمكن للأشخاص ذوي البصيرة الثاقبة رؤية كل هذه الأشياء، فقط أولئك الذين هم أغبياء وجهلة ويفتقرون إلى التمييز لا يستطيعون ذلك. معظم الناس لا يرون إلا حماس أضداد المسيح، وسعيهم، ومعاناتهم، ودفعهم للثمن، وحسن سلوكهم الخارجي، لكن الوضع الحقيقي مخفي في أعماق قلوب أضداد المسيح. ما هو هدفهم الأساسي؟ إنه اكتساب المكانة. الهدف الذي يتركَّز عليه كل عملهم، وكل كدهم، وكل الثمن الذي يدفعونه، هو الشيء الذي يكنون له في قلوبهم أقصى درجات العبادة: المكانة والسلطة.

من أجل نيل السلطة والمكانة، فإن أول شيء يفعله أضداد المسيح في الكنيسة هو محاولة كسب ثقة الآخرين وتقديرهم، حتى يتمكَّنوا من إقناع المزيد من الناس، وجعل المزيد منهم يحترمونهم ويعبدونهم، ومن ثمَّ تحقيق هدفهم المُتمثِّل في أن يكون لهم القول الفصل في الكنيسة، وامتلاك السلطة. عندما يتعلَّق الأمر بنيل السلطة، فإنهم الأكثر مهارة في التنافس والقتال مع الآخرين. الأشخاص الذين يسعون إلى الحق، والذين يتمتَّعون بالهيبة في الكنيسة والذين يحبهم الإخوة والأخوات، هم منافسوهم الرئيسيون. أي شخص يُشكِّل تهديدًا لمكانتهم هو منافسهم. يتنافسون مع مَنْ هم أقوى منهم بلا هوادة؛ ويتنافسون ضد من هم أضعف منهم، دون الشعور بأيّ شفقة على الإطلاق. قلوبهم مليئة بفلسفات المعركة. يعتقدون أن الناس إذا لم يتنافسوا ويقاتلوا، فلن يتمكَّنوا من الحصول على أيّ منافع، وأنهم لا يستطيعون الحصول على الأشياء التي يريدونها إلا من خلال التنافس والقتال. من أجل الحصول على المكانة، وتبوؤ مكانة مرموقة داخل مجموعة من الناس، فإنهم يفعلون كلّ ما يلزم للتنافس مع الآخرين، ولا يعفون عن شخص واحد يُشكِّل تهديدًا لمكانتهم. أيًا كان مَنْ يتفاعلون معه، تملؤهم الرغبة في خوض المعركة، وحتى مع تقدمهم في السن، لا ينفكون يقاتلون. كثيرًا ما يقولون: "هل يمكنني التغلُّب على ذلك الشخص إذا تنافستُ معه؟". مَنْ يتسمّ بالفصاحة، ويمكنه التحدُّث بطريقة منطقية ومُنظَّمة ومنهجية، يصبح هدفًا لحسدهم وتقليدهم؛ وعلاوةً على ذلك، يصبح منافسًا لهم. مَنْ يسعى إلى الحق ويمتلك الإيمان، ويكون قادرًا على مساعدة الإخوة والأخوات بشكل مُتكِّرر ودعمهم، وتمكينهم من الخروج من السلبية والضعف، يصبح أيضًا منافسًا لهم، وكذلك أيّ شخص خبير في مهنة معينة، ويحظى إلى حدٍ ما بتقدير الإخوة والأخوات. مَنْ يُحقِّق نتائج في عمله، وينال تقدير الأعلى، يصبح بطبيعة الحال منافسًا أكبر بالنسبة لهم. ما هي شعارات أضداد المسيح، أيًا كانت المجموعة التي هم فيها؟ شاركوا أفكاركم. (القتال مع الآخرين ومع السماء مصدر متعة لا نهاية لها). أليس هذا جنونًا؟ هذا جنون. هل هناك أيّ شعارات أخرى؟ (يا الله، أليسوا يعتقدون: "لا أحد غيري يملك السيادة في الكون كله"؟ أيّ إنهم يريدون أن يكونوا في المكانة الأعلى، وبصرف النظر عمَّن يوجد معهم، فإنهم يريدون دائمًا التفوق عليه). هذه إحدى أفكارهم. أيّ أفكار أخرى؟ (يا الله، فكَّرتُ في ثلاث كلمات: "الفائز هو الملك". أعتقد أنهم يريدون دائمًا أن يكونوا مُتفوّقين على الآخرين وأن يتميزوا، أيًا كان مكان وجودهم، ويسعون جاهدين ليكونوا في المكانة الأعلى). معظم ما تحدَّثتم عنه هو أنواع من الأفكار؛ حاولوا استخدام نوع من السلوك لوصفهم. لا يرغب أضداد المسيح بالضرورة في أن يشغلوا المنصب الأعلى حيثما كانوا. إنهم متى ذهبوا إلى مكان ما، توجد في داخلهم شخصية معينة وعقلية معينة تجبرانهم على التصرف. ما هذه العقلية؟ إنها عقلية "يجب أن أتنافس! أتنافس! أتنافس!"، فلماذا ترد كلمة "أتنافس" ثلاث مرَّات وليست مرَّة واحدة؟ (لأن المنافسة أصبحت حياتهم، وهي ما يعيشون به). هذه هي شخصيتهم. لقد وُلدوا بشخصية متكبرة إلى حد بعيد ويصعب احتواؤها؛ وهي أنهم يرون أنفسهم فوق الجميع، وهم مغرورون للغاية. لا أحد يستطيع تقييد شخصيتهم المتكبرة فوق الوصف؛ وهم أنفسهم لا يستطيعون السيطرة عليها. ولذلك، فإن حياتهم تدور حول القتال والمنافسة. ما الذي يتقاتلون ويتنافسون من أجله؟ إنهم بطبيعة الحال يتنافسون على الشهرة والربح والمكانة والكرامة ومصالحهم الخاصة. ومهما كانت الطُّرق التي يتعين عليهم استخدامها، فإنهم يكونون قد حققوا هدفهم طالما أن الجميع يخضع لهم، وطالما حصلوا على المزايا والمكانة لأنفسهم. فرغبتهم في المنافسة ليست تسلية مؤقتة، بل نوعٌ من الشخصية ينبع من طبيعة شيطانية. إنه أشبه بشخصية التنين العظيم الأحمر الذي يتقاتل مع السماء والأرض والناس. والآن، عندما يتقاتل أضداد المسيح ويتنافسون مع الآخرين في الكنيسة، ماذا يريدون؟ إنهم يتنافسون بلا شك على السمعة والمكانة. ولكن إن ربحوا المكانة، فما الفائدة التي تعود عليهم؟ ما الفائدة أن يطيعهم الآخرون ويُعجبوا بهم ويبجلوهم؟ لا يستطيع أضداد المسيح أنفسهم حتى تفسير ذلك. إنهم في الواقع يحبون أن يتمتعوا بالسمعة والمكانة، وأن يبتسم الجميع لهم، وأن يلاقوا الترحيب بإطراء وتملق. ولذلك، في كل مرَّة يذهب أحد أضداد المسيح إلى الكنيسة، فإنه يفعل شيئًا واحدًا: يتقاتل ويتنافس مع الآخرين. وحتى إن فاز بالسلطة والمكانة، فإنه لا يكتفي بذلك. إنه يواصل مقاتلة الآخرين والتنافس معهم لحماية مكانته وتأمين سلطته. وسوف يفعل هذا حتى يموت. ولذلك، فإن فلسفة أضداد المسيح هي: "لا تتوقف عن القتال ما دمت على قيد الحياة". إن كان يوجد شخص شرير كهذا داخل الكنيسة، هل سيزعج الإخوة والأخوات؟ على سبيل المثال، لنفترض أنَّ الجميع يأكلون كلام الله ويشربونه بهدوء ويعقدون شركة عن الحق، والأجواء هادئة والمزاج لطيفًا. في هذا الوقت، سوف يغلي ضد المسيح بالسخط. سوف يشعر بالغيرة من أولئك الذين يقدمون شركة الحق ويكرههم. سوف يبدأ في الهجوم عليهم وإدانتهم. ألن يزعج هذا جو السلام؟ إنه شخص شرير جاء لإزعاج الآخرين وتنفيرهم. ذلك هو حال أضداد المسيح. أحيانًا، لا يسعى أضداد المسيح إلى محو أو هزيمة أولئك الذين يتنافسون معهم وقمعهم. ما داموا ينالون السمعة والمكانة والفخر والكرامة ويجعلون الناس يُعجبون بهم، فإنهم يكونون قد حققوا هدفهم. في أثناء تنافسهم، يكشفون عن نوع من الشخصية الشيطانية الواضحة. ما هذه الشخصية؟ هي أنهم، أيًا كانت الكنيسة التي يظهرون فيها، فهم يريدون دائمًا التنافس والقتال مع الآخرين، يريدون دائمًا التنافس على الشهرة والربح والمكانة، ولا يشعرون بأنهم قد حقَّقوا هدفهم إلا عندما تعمّ الكنيسة الفوضى والاضطراب، وعندما يكتسبون مكانة ويُذعن لهم الجميع. هذه هي طبيعة أضداد المسيح، وهي أنهم يستخدمون المنافسة والقتال لتحقيق أهدافهم.

ما شعار أضداد المسيح بصرف النظر عن المجموعة التي ينتمون إليها؟ "يجب أن أتنافس! أتنافس! أتنافس! يجب أن أتنافس لأكون الأعلى والأقوى"! هذه هي شخصية أضداد المسيح. فأينما ذهبوا يتنافسون ويحاولون تحقيق أهدافهم. إنهم خدام الشيطان ويزعجون عمل الكنيسة. إن شخصية أضداد المسيح هكذا: يبدأون بالبحث في الكنيسة ليروا من آمن بالله لأعوام عديدة ولديه رأسمال، ومن لديه بعض الهبات أو المواهب، ومن كان مفيدًا للإخوة والأخوات في دخولهم إلى الحياة، ومن لديه هيبة أكبر، ومن يتمتع بالأقدمية، ومن يحظى بمكانة بين الإخوة والأخوات، ومن يتمتع بمزيد من الأشياء الإيجابية. فأولئك الناس هم منافسوهم. وباختصار، في كل مرَّة يكون فيها أضداد المسيح بين مجموعة من الناس، فإن هذا ما يفعلونه دائمًا: يتنافسون على المكانة، ويتنافسون على السمعة الجيدة، ويتنافسون على أن تكون لهم الكلمة الفصل في الأمور والحق في اتخاذ القرارات في المجموعة، ويشعرون بالسعادة بمجرد أن يربحوا هذه الأشياء. هل هم قادرون على القيام بعمل فعلي بعد أن يكتسبوا هذه الأشياء؟ قطعًا لا، فهم لا يتنافسون ويُقاتِلون من أجل القيام بعمل فعلي؛ هدفهم هو التغلب على أيّ شخص آخر. "لا يهمني ما إذا كنتَ مستعدًا للإذعان لي أم لا؛ فأنا الأعظم من حيث رأس المال، وأنا الأفضل من حيث مهارات التحدث، وأنا مَن لديّ الأكثر من الهبات والمواهب". أيًا كان المجال، فهم يريدون دائمًا التنافس على المركز الأول. إذا اختارهم الإخوة والأخوات ليكونوا مُشرفين، فسيتنافسون مع شركائهم على أن يكون لهم القول الفصل والحق في اتخاذ القرارات. إذا وضعتهم الكنيسة مسؤولين عن عمل مُعيّن، فسيصرّون على اتخاذ القرارات بشأن كيفية تنفيذه. سيريدون السعي لجعل كلّ ما يقولونه وكل ما يُقرِّرونه ينجح ويصبح واقعًا. إذا تبنَّى الإخوة والأخوات فكرة شخص آخر، فهل سيفوتهم هذا؟ (لا). هذا يعني وقوع متاعب. إذا لم تستمع إليهم، فسيُعلِّمونكَ درسًا، ويُشعِرونك بأنكَ لا تستطيع الاستغناء عنهم، وسيجعلونك ترى التبعات التي ستحدث إن لم تطعهم. هذا هو مدى غرور شخصية أضداد المسيح وقبحها وعدم معقوليتها. ليس لديهم ضمير ولا عقل ولا حتى ذرَّة من الحق. يمكن للمرء أن يرى في أعمال أحد أضداد المسيح وأفعاله أن ما يفعله يفتقر إلى أي عقل يتمتع به الشخص العادي، ومع أنه يمكن للمرء أن يقدم شركة الحق معه، فإنه لا يقبله. ومهما كان ما تقوله صحيحًا، فإنه لا يقبله. فالشيء الوحيد الذي يرغب في السعي إليه هو السمعة والمكانة اللتان ينظر إليهما نظرة تبجيل. إنه يكون راضيًا ما دام يمكنه التمتع بفوائد المكانة. ويعتقد أن هذه هي قيمة وجوده. وبصرف النظر عن مجموعة الناس التي يكون بينها، عليه أن يُظهر للناس "النور" و"الدفء" اللذين يمنحهما، ومواهبه وتفرده. ونظرًا لاعتقاده بالتميز، فإنه يعتقد بطبيعة الحال أنه ينبغي معاملته معاملة أفضل من الناس العاديين، وأنه ينبغي أن يتلقى دعم الناس وإعجابهم، وأن ينظر إليه الناس نظرة تقدير ويبجلوه. يعتقد أنه يستحق هذا كله. أليس هؤلاء الناس وقحين وصفيقين؟ ألا يتسبب وجود مثل هؤلاء الناس في الكنيسة في المتاعب؟ عندما يحدث شيءٌ ما، من البديهي أن يستمع الناس إلى من يتحدَّث بشكل صحيح، أيًا يكن، وأن يخضعوا لمن يُقدِّم اقتراحًا نافعًا لعمل بيت الله، أيًا يكن، وأن يتبنَّوا اقتراح مَن يتماشى اقتراحه مع مبادئ الحق. إذا قال أضداد المسيح شيئًا لا يتوافق مع المبادئ، فقد لا يستمع إليهم أيّ شخص آخر، أو يتبنَّى اقتراحهم. في هذه الحالة، ماذا سيفعل أضداد المسيح؟ سيستمرون في محاولة الدفاع عن أنفسهم وتبريرها، والتفكير في طرق لإقناع الآخرين، وجعل الإخوة والأخوات يستمعون إليهم ويتبنَّون اقتراحهم. لن يراعوا التأثير الذي قد يلحق بعمل الكنيسة إذا تم تبني اقتراحهم. هذا ليس ضمن نطاق مُراعاتهم. ما هو الشيء الوحيد الذي سيُراعونه؟ "إذا لم يتم تبني اقتراحي، فأين سأتمكن من إظهار وجهي؟ لذا، يجب أن أنافس، وأسعى جاهدًا لأن يجري تبنِّي اقتراحي". متى حدث شيءٌ ما، هكذا يُفكِّرون ويتصرَّفون. إنهم لا يتأملون أبدًا فيما إذا كان هذا يتوافق مع المبادئ أم لا، ولا يقبلون الحق أبدًا. هذه هي شخصية أضداد المسيح.

ما هو المظهر الأساسي لافتقار أضداد المسيح التام للعقل؟ إنهم يعتقدون أن لديهم هبات، وأنهم قادرون، ويمتلكون مستوى قدرات جيّد، وأنه ينبغي أن يعبدهم الآخرون ويدعموهم، وأن يتبؤوا منصبًا مهمًا في بيت الله. علاوة على ذلك، يعتقدون أن بيت الله يجب أن يتبنَّى جميع الاقتراحات والأفكار التي يُقدِّمونها ويُروِّج لها، وإذا لم يتبنَها بيت الله، فإنهم يغضبون بشدة، ويُعارضون بيت الله، ويؤسسون ممالكهم المستقلة الخاصّة بهم. ألا يتسبَّب هذا الكشف عن شخصية أضداد المسيح وجوهرهم في عراقيل واضطرابات في الكنيسة؟ يمكن القول إن جميع أفعال أضداد المسيح تُسبِّب عراقيل واضطرابات هائلة لعمل الكنيسة ودخول شعب الله المختار إلى الحياة. عندما يتنافس أضداد المسيح على مناصب قيادة الكنيسة والهيبة بين شعب الله المختار، فإنهم يستخدمون كلّ وسيلة ممكنة لمهاجمة الآخرين والرفع من شأن أنفسهم. إنهم لا يفكرون في مدى الضرر الذي قد يُلحقونه بعمل بيت الله ودخول شعب الله المختار إلى الحياة. لا يفكرون إلا فيما إذا كان يمكن إرضاء طموحاتهم ورغباتهم، وما إذا كان يمكن تأمين مكانتهم وسُمعتهم الخاصّة. دورهم في الكنائس وبين شعب الله المختار هو دور الأبالسة، دور الأشرار، دور خدام الشيطان. إنهم ليسوا أشخاصًا يؤمنون حقًا بالله على الإطلاق، ولا هم أتباع لله، فضلًا عن أن يكونوا أشخاصًا يحبون الحق ويقبلونه. عندما تكون مقاصدهم وأهدافهم لم تتحقَّق بعد، فإنهم لا يتأملون أبدًا في أنفسهم ويعرفونها، ولا يتأملون أبدًا فيما إذا كانت مقاصدهم وأهدافهم تتماشى مع الحق، ولا يبحثون أبدًا عن كيفية سلوك طريق السعي إلى الحق لتحقيق الخلاص. إنهم لا يؤمنون بالله بحالة ذهنية خاضعة ولا يختارون الطريق الذي ينبغي عليهم أن يسلكوه. بدلًا من ذلك، يعصرون أدمغتهم، مُفكِّرين: "كيف يمكنني الحصول على منصب قائد أو عامل؟ كيف يمكنني التنافس مع قادة الكنيسة وعامليها؟ كيف يمكنني تضليل شعب الله المختار والسيطرة عليه، وتحويل المسيح إلى مُجرَّد شخصية رمزية؟ كيف يمكنني أن أضمن لنفسي مكانًا في الكنيسة؟ كيف يمكنني التأكُّد من أن لدي موطئ قدم راسخ في الكنيسة واكتساب مكانة، وضمان أن أنجح ولا أفشل، وأن أحقق في النهاية هدفي المُتمثِّل في السيطرة على شعب الله المختار وتأسيس مملكتي الخاصّة بي؟". هذه هي الأشياء التي يُفكِّر فيها أضداد المسيح ليلًا ونهارًا. أيّ شخصية هذه وأي طبيعة؟ على سبيل المثال، عندما يكتب الإخوة والأخوات العاديون مقالات شهادة، يُفكِّرون في كيفية التعبير عن اختباراتهم وفهمهم بأمانة في الكتابة. لذا، يصلون أمام الله أملًا في أن يمنحهم المزيد من الاستنارة فيما يتعلَّق بالحق، ويُمكّنهم من أن يكتسبوا له فهمًا أكبر وأكثر عمقًا. لكن عندما يكتب أضداد المسيح مقالات، فإنهم يعصرون أدمغتهم في التفكير في كيفية الكتابة بطريقة تجعل المزيد من الناس يفهمونهم، ويعرفونهم، ويعجبون بهم، وبالتالي يكتسبون مكانة في أذهان المزيد من الناس. إنهم يرغبون في استخدام هذا الشيء العادي والبسيط للغاية لزيادة شهرتهم. لا يمكنهم حتى تفويت هذا النوع من الفرص. أي نوع من الأشخاص هم؟ بعض أضداد المسيح، عند رؤية أن الآخرين يمكنهم كتابة مقالات شهادة اختبارية، يرغبون في كتابة شيء أكثر روعة من الشهادة الاختبارية لأيّ شخص آخر، في محاولة للتنافس معه على المكانة والهيبة. ومن ثمَّ، يلفقون القصص ويسرقونها؛ حتى إنهم يجرؤون على فعل أشياء مثل الإدلاء بشهادة زور. من أجل أن يصبحوا مشهورين، ولتعريف المزيد من الناس بهم، ونشر اسمهم، لا يتردَّد أضداد المسيح في فعل كل أنواع الأشياء المخزية. لن يُفوّتوا حتى أدنى فرصة ليصبحوا مشهورين، وليحصلوا على مكانة، وليحظوا بالتقدير بين مجموعة من الناس وليُنظر إليهم باحترام خاص. ما الغرض من أن يُنظَر إليهم باحترام خاصّ؟ ما النتائج والأهداف التي يرغب أضداد المسيح في تحقيقها؟ يرغب أضداد المسيح في أن يراهم الآخرون أشخاصًا استثنائيين، أشخاصًا أنبل من غيرهم، ومُتفوّقين في مجالات معينة؛ يريدون ترك انطباع جيد في أذهان الآخرين، انطباع عميق، بل إنهم يدفعون الآخرين تدريجيًا إلى أن ينظروا إليهم بعين الحسد والإعجاب والنظر إليهم بإكبار. وبينما يسعون بكلّ قوتهم لتحقيق هذا الهدف، فإنهم أيضًا يواصلون السير في نفس الطريق الذي كانوا يسيرون فيه من قبل.

أيًا كانت مجموعة الأشخاص التي هم فيها، وبغض النظر عما إذا كانوا يتظاهرون أو يكدحون، فإن ما هو مخفي في أعماق قلوب أضداد المسيح ليس سوى رغبة في المكانة. الجوهر الذي يكشفون عنه ويُظهِرونه ليس إلا قتالًا وتنافسًا. أيًا كان ما يفعله أضداد المسيح، فإنهم يتنافسون مع الآخرين على المكانة والكرامة والمصالح. المظهر الأكثر شيوعًا لهذا هو التنافس على سُمعة طيبة، وتقييم جيد، ومكانة في أذهان الناس، حتى يقدرهم الناس ويعبدونهم، ويلتفّون ويتمركزون حولهم. هذا هو الطريق الذي يسلكه أضداد المسيح؛ وهذا ما يتنافسون عليه. بغض النظر عن كيفية استذناب كلمات الله لهذه الأشياء وتشريحها، لن يقبل أضداد المسيح الحق، أو يقبلوا دينونة كلمات الله وتوبيخها، أو يتخلّوا عن هذه الأشياء التي يدينها الله ويستذنبها. على العكس من ذلك، كلما زاد كشف الله لهذه الأشياء، أصبح أضداد المسيح أكثر مكرًا. إنهم يتبنّون أساليب خفية ومراوِغة بدرجة أكبر للسعي وراء هذه الأشياء، حتى لا يستطيع الناس رؤية ما يفعلونه، ويعتقدون خطأً أنهم تخلوا عنها. كلما زاد كشف الله لهذه الأشياء، وجد أضداد المسيح طرقًا لاستخدام أساليب أكثر خداعًا وذكاءً للسعي إليها واكتسابها. علاوة على ذلك، يستخدمون كلمات لطيفة لإخفاء دوافعهم الخفية. باختصار، أضداد المسيح لا يقبلون الحقّ على الإطلاق، ولا يتأملون في سلوكهم، ولا يأتون أمام الله مُصلين وطالبين الحق. على العكس من ذلك، هم حتى مستاؤون في قلوبهم بدرجة أكبر من كشف الله ودينونته، لدرجة أنهم يتبنّون موقفًا عدوانيًا تجاه هذه الأشياء. ليس الأمر فحسب أنهم لا يتخلّون عن سعيهم للسُمعة والمكانة، بل إنهم يعتزون بهذه الأشياء أكثر، ويُفكِّرون في طرق لإخفاء هذا السعي والتستُّر عليه، ومنع الناس من رؤيته واكتشافه. مهما كان الموقف، لا يقتصر الأمر على أنَّ أضداد المسيح يفشلون في ممارسة الحق، بل إنهم – عندما تُكشف حقيقتهم، أي عندما يكشفون عن طريق الخطأ هذه الطموحات والرغبات الموجودة لديهم – يشعرون بقلق أكبر من أن يرى الآخرون جوهرهم ووجههم الحقيقي بناءً على كلمات الله والحق، لذلك يحاولون إخفاء هذا، ويبذلون قصارى جهدهم للدفاع عن أنفسهم. ما الغرض من إخفائهم هذا؟ حماية مكانتهم وسُمعتهم من تكبُّد الخسائر، والحفاظ على قوتهم لمعركتهم التالية. هذا هو جوهر أضداد المسيح. أيًا كان الزمان، أو الوضع، فإن أهداف تصرفهم واتجاهه سلوكهم لن يتغيَّرا، ولا أهدافهم في الحياة، ولا المبادئ التي تنطوي عليها أفعالهم، ولا ما في أعماق قلوبهم من الرغبة والطموح والهدف للسعي إلى المكانة. لا يقتصر الأمر على أنهم لن يبذلوا قصارى جهدهم للسعي من أجل نيل المكانة، بل إنهم سيُكثِّفون جهودهم للحصول عليها. كلما زاد بيت الله من عقد شركة عن الحق، ابتعدوا بدرجة أكبر من الذكاء عن استخدام بعض السلوكيات والمظاهر الواضحة التي يمكن للآخرين رؤيتها على حقيقتها وتمييزها. سيتحوَّلون إلى نوع مختلف من الأساليب، ويبكون بمرارة وهم يعترفون بأخطائهم ويستذنبون أنفسهم، فيفوزون بتعاطف الناس، ويجعلونهم يعتقدون خطأً أنهم تابوا وتغيَّروا، ويصعِّبون على الناس تمييزهم. ما جوهر أضداد المسيح هذا؟ أليس ملتويًا إلى حد ما؟ (إنه كذلك). عندما يكون الناس ملتوين إلى هذا الحد، فهم أبالسة. هل يمكن للأبالسة أن يتوبوا حقًا؟ هل يمكنهم حقًا التخلِّي عن طموحهم ورغبتهم في السعي إلى المكانة؟ الأبالسة يفضلون الموت على التخلِّي عن هذا الطموح. مهما عقدت معهم شركة عن الحق، فلن يُجدي ذلك نفعًا، ولن يتخلّوا عن هذا الطموح. إذا خسروا المعركة في هذا الموقف وفضحهم الإخوة والأخوات، فإنهم عندما ينتقلون إلى المجموعة التالية، سيستمرون في القتال، والتنافس على المكانة، والكرامة، والقول الفصل، والحقّ في اتخاذ القرارات. سينافسون للحصول على هذه الأشياء. أيًا كان الموقف، أو مجموعة الناس التي هم فيها، فإن المبدأ الذي يلتزمون به دائمًا هو التنافس: "أنا وحدي أستطيع القيادة؛ وليس لأي شخص آخر أن يقودني!". إنهم غير مُستعِدين على الإطلاق لأن يكونوا أتباعًا عاديين، أو أن يقبلوا قيادة الآخرين أو مساعدتهم. هذا هو جوهر أضداد المسيح.

في الكنيسة، هل يوجد آناس يؤمنون بالله منذ سنوات طويلة ومع ذلك لا يسعون إلى الحق إطلاقًا، ويسعون دائمًا إلى المكانة والسُمعة؟ ما مظاهر هؤلاء الناس؟ في رأيكم، هل هذا النوع من الناس يستعرض نفسه دائمًا، وكثيرًا ما يأتي بأفكار أصلية ويتفوه بأفكار رنانة؟ ما أنواع الأشياء التي يفعلونها غالبًا؟ (يُعبِّر شخصٌ ما عن وجهة نظره وتبدو صحيحة بالنسبة للجميع، لكن لكي يظهر هذا النوع من الناس مدى ذكائه، فإنه يأتي بوجهة نظر مختلفة سيشعر الناس أنها صائبة أكثر من سابقتها، وهو ما سيدحض وجهة نظر الشخص الأول، ومن ثمَّ يظهر مدى ذكائه). هذا يُسمَّى التباهي. يرفضون آراء الآخرين، ثم يأتون بمنظورهم الخاصّ الفريد، منظور حتى هم لا يشعرون بأنه واقعي أو صالح – محض شعار – لكنهم لا بد أن يظهروا للناس مدى ذكائهم ويجعلوا الجميع يستمعون إليهم. يجب أن يكونوا دائمًا مختلفين، يجب أن يأتوا دائمًا بأفكار أصلية، ويتفوهون دائمًا بأفكار رنانة، ومهما كان ما يقوله الآخرون عمليًا ويمكن تطبيقه، فلا بد أن يصوتوا ضده، وأن يجدوا أسبابًا وأعذارًا مختلفة لإبطال وجهات نظر الآخرين. هذه هي السلوكيات الأكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين يحاولون أن يأتوا بأفكار أصلية ويتفوهوا بأفكار رنانة. مهما كانت أفعال شخص ما صحيحة أو ملائمة، فسوف يرفضونها ويتجاهلونها. على الرغم من أنهم يعلمون بوضوح أن هذا الشخص تصرف بشكلٍ مُناسب، يظلون يقولون إن أفعاله لم تكن مناسبة، ويجعلون الأمر يبدو كما لو أنهم كانوا سيقومون بالعمل بصورة أفضل، وأن ذلك الشخص ليس أفضل منهم بأي حال من الأحوال. مثل هؤلاء الأشخاص يعتقدون أنه لا أحد في براعتهم، وأنهم أفضل من الآخرين في جميع النواحي. بالنسبة لهم، كل ما يقوله الآخرون غير صحيح؛ الآخرون لا قيمة لهم، لكن هم أنفسهم جيدون من كلّ النواحي. حتى لو فعلوا شيئًا خاطئًا وهُذِّبوا، فلن يكونوا مُستعدين للخضوع، ولن يقبلوا الحق على الإطلاق، وقد يختلقون أيضًا كومةً من الأعذار، مما يجعل الآخرين يعتقدون أنهم لم يرتكبوا خطأً، وأنه ما كان ينبغي تهذيبهم. الأشخاص الذين يحبون ابتكار أفكار أصلية والتفوه بأفكار رنانة، مُتغطرسون وبارون في عينيِّ ذاتهم على هذا النحو. في الواقع، الغالبية العظمى من هؤلاء الأشخاص يفتقرون إلى الموهبة الحقيقية، ولا يُجيدون فعل أيّ شيء، وكلّ ما يفعلونه يصبح فوضى عارمة. لكنهم يفتقرون إلى المعرفة بالذات، ويعتقدون أنهم أفضل من الآخرين، ويجرؤون على التدخُّل في كلّ ما يفعله الآخرون والانخراط فيه، ويستمرون في التفوه بأفكار رنانة، ويريدون دائمًا أن يقدِّرهم الآخرون ويستمعون إليهم. أيًا كان الوضع، أو المجموعة التي هم فيها، فإنهم لا يريدون إلا أن يخدمهم الآخرون ويستمعون إليهم؛ لا يريدون خدمة أيّ شخص آخر أو الاستماع إلى أي شخص. أليس هؤلاء أضداد المسيح؟ إلى هذه الدرجة يكون أضداد المسيح مُتغطرسين وبارين في عينيِّ ذاتهم؛ وإلى هذه الدرجة يفتقرون إلى العقل. إنهم يتحدَّثون فقط عن تعاليم زائفة، وإذا أشار الآخرون إلى أخطائهم، فإنهم يُضطرون إلى تحريف الكلمات والمنطق، والتحدُّث بطريقة زائفة ولطيفة لكي يُشعِروا الناس بأنهم على حق. مهما كانت صحة رأي شخص آخر، فسيستخدم أضداد المسيح أسلوبًا بليغًا في الكلام لجعله يبدو غير صحيح، وليجعلوا الجميع يقبلون رأيهم. هكذا يكون أضداد المسيح – هم قادرون بشكل استثنائي على تضليل الآخرين، يموهم– فإنهم لا يشعرون بانزعاجٍ كنهم تضليلهم لدرجة أنهم قد يُوقِعونهم في حيرة من أمرهم، ويجعلونهم مُشتَّتين فلا يعودون يعرفون الصواب من الخطأ. في النهاية، كل أولئك الذين يفتقرون إلى التمييز سيُضللهم أضداد المسيح تمامًا ويأسرونهم. ثمة أشخاص يُضلِّلون الآخرين هكذا في معظم الكنائس. عندما يعقد شعب الله المختار شركةً عن الحق أو يشاركون شهادتهم الاختبارية، يقف أضداد المسيح دائمًا ويُعبِّرون عن آرائهم الخاصة. إنهم لا يفتحون قلوبهم لعقد شركة عن اختبارهم ومعرفتهم بطريقة صريحة؛ بدلًا من ذلك، هم دائمًا يشيرون إلى أشياء ويُقدِّمون حول اختبارات الآخرين ومعرفتهم ملاحظات نقدية وغير مسؤولة، للتباهي بمدى ذكائهم، وتحقيق هدفهم المُتمثِّل في جعل الآخرين يقدرونهم. أضداد المسيح ماهرون إلى أقصى درجة في التحدُّث عن الكلمات والتعاليم؛ فهم لا يستطيعون أبدًا مشاركة شهادة اختبارية حقيقية، ولا يتحدَّثون أبدًا عن معرفة الذات. بدلًا من ذلك، يبحثون دائمًا عن مشاكل لدى الآخرين ويُثيرون ضجةً كبيرةً حولها. لا ترى أضداد المسيح أبدًا يقبلون آراء الآخرين بعقول منفتحة، أو يعقدون شركة بشكل استباقي عن شخصياتهم الفاسِدة ويعرُّون أنفسهم أمام الآخرين. وأنت لا تراهم بالطبع يعقدون شركة عن الآراء الخاطئة والسخيفة التي اعتنقوها، وكيفية تغيير هم لها، ولا تسمعهم قطعًا يُقرّون بالأخطاء التي ارتكبوها أو بنقائصهم... مهما طال تفاعل أضداد المسيح مع الآخرين، فهم يُشعِرون الآخرين دائمًا بأنهم ليس لديهم أي فساد، وأنهم وُلِدوا قديسين وأشخاصًا كاملين، وأن الآخرين يجب أن يعبدوهم. الأشخاص الذين يمتلكون العقل حقًا لا يرغبون في أن يقدرهم الآخرون أو يعبدوهم. إذا قام الآخرون حقًا بتقديرهم وعبادتهم، فإنهم يجدون هذا مخزيًا، لأنهم يعرفون أنهم بشر فاسِدون لديهم شخصيات فاسِدة، وأنهم لا يمتلكون وقائع الحق. إنهم يعرفون قدر أنفسهم، لذا فإنَّ أيَّ فساد يكشفونه، وأيَّ آراء خاطئة ينتجونها، يمكنهم عقد الشركة عنها بصراحة والسماح للآخرين بمعرفتها، والقيام بذلك يجعلهم يشعرون بالاسترخاء الشديد والتحرُّر والسعادة. لا يشعرون أن القيام بذلك صعب على الإطلاق. حتى لو حكم عليهم الآخرون، أو نظروا إليهم بازدراء، أو وصفوهم بالغباء، أو كرهوهم – فإنهم لا يشعرون بانزعاجٍ كبيرٍ. على العكس من ذلك، يشعرون أن هذا طبيعي جدًا، ويمكنهم التعامل معه بشكل صحيح. لأن الناس لديهم شخصيات فاسِدة، فإنهم سيكشفون بطبيعة الحال عن الفساد. هذه حقيقة بغض النظر عما إذا كنتَ تعترف به أم لا. إذا كان بإمكانك التعرُّف على فسادكَ الخاصّ، فهذا شيء جيد، والأفضل حتى من ذلك أن يكون الآخرون قادرين على رؤيته بوضوح، وهكذا فإنهم لن يعبدوكَ أو يقدروك. الأشخاص الذين يفهمون الحق ويمتلكون القليل من العقل يمكنهم فتح قلوبهم وعقد شركة عن معرفة أنفسهم؛ لا يجدون صعوبة في ذلك؛ لكن هذا صعب جدًا على أضداد المسيح. إنهم ينظرون إلى أولئك الذين ينفتحون بطريقة نقية على أنهم أغبياء، وينظرون إلى أولئك الذين يتحدَّثون عن معرفتهم بأنفسهم ويتحدَّثون بصدقٍ على أنهم حمقى. لذلك، ينظر أضداد المسيح إلى هؤلاء الأشخاص بازدراء تام. إذا استطاع شخصٌ ما فهم الحق واستحسنه الجميع كثيرًا، فسيعتبره أضداد المسيح مسمارًا في أعينهم وشوكة في جوانبهم، وسيحكمون عليه ويستذنبونه. سيرفضون الممارسات الصحيحة والأمور الإيجابية التي يمتلكها ذلك الشخص، ويجعلونها تبدو كفهم خاطئ ومُحرَّف. أيًا يكن مَن يفعل شيئًا ينفع الكنيسة أو الإخوة والأخوات، سيُفكِّر أضداد المسيح في طرق للتقليل من شأنه والسخرية منه والاستهزاء به؛ مهما كان الشيء الذي فعله جيدًا، أو مهما كان مفيدًا للناس، فإنّ أضداد المسيح لن يعتبروه جديرًا بالذكر، وسوف يُقلِّلون من شأنه ويُصغِّرونه، مُقلِّلين منه لدرجة أنه يبدو عديم القيمة تمامًا. بينما، إذا فعل أضداد المسيح شيئًا جيدًا، فسيبذلون قصارى جهدهم للمبالغة فيه وتضخيمه، لجعل الجميع يرونه، ويعرفون أنهم فعلوه، وأنه هذا الشيء هو خدمتهم الجديرة بالإشادة، وذلك حتى ينظر إليهم الإخوة والأخوات باحترامٍ خاصّ، ويتذكَّرونهم باستمرار، ويشعرون بالامتنان الشديد تجاههم، ويتذكَّرون ما فيهم من خير. كلّ أضداد المسيح قادرون على التصرُّف بهذه الطريقة، وكذلك أولئك الذين يمتلكون شخصية أضداد المسيح. في هذا الصدد، لا يختلف أضداد المسيح عن الفريسيين المرائين؛ في الواقع، هم أسوأ منهم. هذه هي المظاهر النموذجية الأكثر شيوعًا ووضوحًا لدى أضداد المسيح.

ما الموقف الذي يضمره أضداد المسيح عندما يفعلون الأشياء؟ إنهم يريدون فعل الأشياء الجيّدة أمام الآخرين، ويريدون فعل الأشياء السيئة سرًا. يريدون أن يعرف الجميع بالأشياء الجيدة التي يفعلونها، وأن يتستَّروا على كل الأشياء السيئة حتى لا يكتشفها أحد، لدرجة أنه لن تخرج عنها كلمة واحدة، ويشعرون بأنهم مرغمون على بذل قصارى جهدهم لإخفائها. شخصية أضداد المسيح هذه مُقزِّزة، أليس كذلك؟ ما الغرض من تصرُّف أضداد المسيح بهذه الطريقة؟ (إنه حماية سُمعتهم ومكانتهم). هذا صحيح. ظاهريًا، يبدو أنهم لا يتنافسون على المكانة ولا يقولون أيّ شيء من أجل المكانة، لكن كل ما يفعلونه ويقولونه هو من أجل حماية مكانتهم والاحتفاظ بها، ومن أجل امتلاك هيبة عالية وسُمعة طيبة. في بعض الأحيان، هم حتى يسعون إلى المكانة داخل مجموعة دون السماح لأيّ شخص برؤية أنهم يفعلون ذلك. حتى وإن قدَّموا تزكيةً لشخصٍ ما، أيّ قاموا ببعض الأشياء التي يجب عليهم القيام بها، فإنهم يريدون أن يشعر الشخص الذي زكَّوه بالامتنان الشديد تجاههم، وأن يجعلوه يعرف أنه لم يكن ليحصل على فرصة أداء هذا الواجب إلا بفضل تزكيتهم. لن يُفوِّت أضداد المسيح هذا النوع من الفرص أبدًا. يُفكِّرون: "على الرغم من أنني زكَّيتَك، فإنني ما زلتُ قائدكَ، لذا لا يمكنكَ التفوق علي". إن شغف أضداد المسيح بالمكانة والسُمعة واضح تمامًا. للتنافس على المكانة وحمايتها، فإنهم لا يغفلون عن أيّ نظرة أو كلمة غير مقصودة من أي شخص، فضلًا عن أي شيء يحدث في أي زاوية. يلاحظ أضداد المسيح كلّ هذه الأشياء، كبيرة كانت أم صغيرة، وتتردد الكلمات التي نطق بها الآخرون مرارًا وتكرارًا في أذهانهم. ما هدفهم من القيام بذلك؟ هل يستمتعون بالدخول في جدالات؟ لا؛ بل إنهم يريدون أن يجدوا في كل هذا سبيلًا وفرصة لحماية مكانتهم الخاصّة. لا يريدون أن تتكبَّد مكانتهم أو سمعتهم خسائر بسبب بعض الإهمال أو تهاون عابر. من أجل المكانة، تعلَّموا كيف يكتسبون "بصيرة" بشأن كل شيء؛ متى قال أخ أو أخت أيّ شيء يشعرون أنه غير محترم أو يُعبِّر عن رأي يتعارض مع رأيهم، فإنهم لا يتجاهلون ذلك، بل يأخذونه على محمل الجد، ويُجرون بحثًا مفصلاً وتحليلاً عميقًا، ثم يجدون ردًا مناسبًا للتعامل مع ما قالوه، لدرجة أن مكانتهم تترسَّخ بقوة في أذهان الجميع ولا تتزعزع على الإطلاق. حالما تتضرَّر سمعتهم أو يسمعون بعض الكلمات التي تضرّ بها، سيتعقبون المصدر بسرعة ويحاولون إيجاد أعذار وتبريرات ليفتدوا أنفسهم. لذلك، مهما كانت الواجبات التي يقوم بها أضداد المسيح، وبغض النظر عما إذا كانوا يعملون قادةً وعاملين أم لا، فإن كل شيء يشغلون أنفسهم به وكل كلمة ينطقون بها هي من أجل مكانتهم، ولا يمكن فصلها عن رغبتهم في حماية مصالحهم. في أعماق قلوب أضداد المسيح، ليس لديهم أيّ مفهوم على الإطلاق لممارسة الحق أو حماية مصالح بيت الله. لذلك، يمكن تعريف جوهر أضداد المسيح بدقة على النحو التالي: إنهم أعداء الله؛ إنهم عُصبة من الأبالسة والشياطين جاءوا لإرباك عمل بيت الله وتعطيله وتدميره. إنهم خدام الشيطان؛ ليسوا أشخاصًا يؤمنون حقًا بالله، ولا هم أعضاء في بيت الله، ولا هم مَن يستهدفهم الله بالخلاص.

هل أثرت فيكم أي من الأشياء التي عقدنا شركة عنها اليوم؟ أي جزء أثَّر فيكم؟ (الجزء الأخير، أي عندما شرَّح الله الطبيعة التنافسية لأضداد المسيح). ليس شيئًا جيّدًا أن تتنافس دائمًا. يرتبط هذا السلوك بأضداد المسيح وبالدمار. إنه ليس طريقًا جيدًا. ماذا يجب أن يفعل الناس عندما يمتلكون هذه المظاهر والكشوفات؟ ما الخيار الذي ينبغي عليهم اتخاذه؟ كيف ينبغي لهم أن يتجنَّبوا هذه الأشياء؟ هذه هي المشاكل التي ينبغي أن يُفكِّر فيها الناس الآن بأقصى درجة ويتأملوا فيها، وهي أيضًا مشاكل يواجهها الناس كل يوم. الكيفية التي يمكنهم بها الامتناع عن التنافس عندما تحدث الأشياء، والكيفية التي ينبغي أن يعالجوا بها الألم وعدم الارتياح في قلوبهم بعد التنافس – هذه مشكلة يجب على كل شخص مُواجهتها. الناس لديهم شخصيات فاسِدة، لذا يتنافسون جميعًا على الهيبة والربح والكرامة، ومن الصعب عليهم الامتناع عن التنافس. إذًا، إذا لم يتنافس شخص ما، فهل يعني ذلك أنه تخلَّص من شخصية أضداد المسيح وجوهرهم؟ (لا، هذه مُجرَّد ظاهرة سطحية. إذا لم تُعالَج شخصيته الداخلية، فلا يمكن حلّ مشكلة أنه يسلك طريق أضداد المسيح). إذًا، كيف يمكن حلّ مشكلة أنه يسلك طريق أضداد المسيح؟ (من ناحية، يجب عليه فهم هذه المسألة، والمثول أمام الله للصلاة عندما يكشف عن أفكار السعي للمكانة. علاوة على ذلك، يجب عليه تعرية نفسه أمام الإخوة والأخوات، ثم التمرُّد بوعي على هذه الأفكار الخاطئة. يجب عليه أيضًا أن يطلب من الله أن يدينه ويُوبِّخه ويُهذِّبه ويُؤدِّبه. حينئذٍ سيكون قادرًا على أن يشرع في اتخاذ الطريق الصحيح). هذه إجابة جيدة جدًا. ومع ذلك، ليس من السهل تحقيق ذلك، والأمر أصعب على أولئك الذين يحبون السُمعة والمكانة كثيرًا. إن التخلي عن الشهرة والمكانة ليس بالأمر الهين؛ لا يمكن للناس تحقيقه إلا بالسعي إلى الحق. فمن خلال فهم الحق فقط، يمكن للمرء أن يعرف نفسه، وأن يرى بوضوح ما ينطوي عليه السعي وراء الشهرة والربح والمكانة من خواء، ويدرك حقيقة فساد الجنس البشري. لا يمكن للمرء أن ينصرف عن الشهرة والسمعة إلا عندما تكون لديه معرفة بذاته. ليس من السهل أن يتخلص المرء من شخصية فاسدة. إذا أدركت أنك تفتقر إلى الحق، وأنك مُحاط بأوجه القصور، وتكتشف الكثير من الفساد، ومع ذلك فأنت لا تبذل أي جهد في السعي وراء الحق، وتتقنَّع وتنخرط في النفاق، مما يوجه الناس إلى الاعتقاد بأنك تستطيع فعل أي شيء – فسيعرضك هذا للخطر؛ وعاجلًا أم آجلًا، سيحين وقت تصطدم فيه بعثرة في الطريق وتسقط. يجب أن تعترف أنك لا تمتلك الحق، وأن تتحلّى بالشجاعة الكافية لمواجهة الواقع. لديك نقاط ضعف، وأنت تكشف عن فساد، وتحيط بك كل أوجه القصور. هذا طبيعي لأنك شخص عادي، ولست شخصًا خارقًا أو ذا قدرة كلية، ويجب أن تقرَّ بذلك. عندما يسخر منك الآخرون أو يستهزؤون بك، لا تستجب بعدائية على الفور لأن ما يقولوه غير لطيف، ولا بأن تقاومه لأنك تعتقد أنك قادر وكامل – لا ينبغي أن يكون هذا هو موقفك تجاه هذه الكلمات. ماذا يجب أن يكون موقفك؟ يجب أن تقول لنفسك: "لدي أخطائي، كل شيء فيّ فاسد وبه عيوب، وأنا ببساطة شخص عادي. بغض النظر عن تهكمهم عليّ وسخريتهم مني، هل تنطوي على أي حق؟ إذا كان جزء مما يقولونه صحيحًا، فيجب أن أقبله من الله". إذا كان لديكَ هذا الموقف، فهذا دليل على أنكَ قادر على التعامل مع المكانة والسُمعة وما يقوله الآخرون عنكَ بشكل صحيح. ليس من السهل التخلي عن المكانة والسُمعة. وبالنسبة لأولئك الموهوبين إلى حدٍّ ما، أو لديهم درجة معينة من مستوى القدرات، أو يمتلكون بعض الخبرة العملية، فإن التخلي عن هذه الأشياء أصعب. مع أنهم ربما يدعون أحيانًا أنهم تخلَّوا عنها، فهم لا يستطيعون فعل ذلك في قلوبهم. حالما يسمح الموقف وتتاح لهم الفرصة، سيُواصِلون السعي إلى الشهرة والربح والمكانة كما كانوا يفعلون من قبل، لأن جميع البشر الفاسِدين يحبّون هذه الأشياء؛ كل ما في الأمر أن أولئك الذين لا يمتلكون مواهب أو قدرات لديهم رغبة أضعف قليلًا في السعي للمكانة. أولئك الذين يمتلكون المعرفة والموهبة والمظهر الحسن ورأس المال الخاصّ، لديهم رغبة قوية جدًا في السُمعة والمكانة، إلى درجة أنهم ممتلئون بهذا الطموح وهذه الرغبة. هذا هو الشيء الأصعب في التخلي عنه. عندما لا تكون لديهم مكانة، تكون رغبتهم في طور النشوء. بمُجرَّد أن يكتسبوا مكانة، عندما يُوكِل إليهم بيت الله مهمةً ذات أهمية، ولا سيما إذا كانوا يعملون منذ سنوات طويلة ولديهم الكثير من الخبرة ورأس المال، لا تعود الرغبة ناشئة، بل ترسَّخت بالفعل، وازدهرت، وباتت على وشك أن تؤتي ثمارها. إذا كان لدى شخص ما رغبة وطموح دائمان لفعل أشياء عظيمة، وليصبح مشهورًا، وليصبح شخصية عظيمة، فإنه سينتهي تمامًا ويُستبعَد فور أن يرتكب شرًا عظيمًا، وتظهر تبعاته. وهكذا، قبل أن يؤدي هذا إلى كارثة عظيمة، يجب عليه تغيير الوضع بسرعة، بينما لا يزال ثمة وقت. متى فعلتَ أي شيء، وأيًا يكن السياق، فيجب عليكَ طلب الحق، وممارسة أن تكون شخصًا صادقًا ومطيعًا لله، والتخلِّي عن السعي للمكانة والسُمعة. عندما يكون لديك الفكرة والرغبة المستمرتان للتنافس على المكانة، فيجب عليك إدراك التبعات الضارة التي سيُؤدِّي إليها هذا النوع من الحالات إذا تُركت دون حلٍّ. ابحث إذًا عن الحق في أسرع وقت ممكن، وتغلب على رغبتك في التنافس على المكانة بينما لا تزال في طور النشوء، واستبدلها بممارسة الحق. فعندما تمارس الحق سوف تقِلُّ رغبتك في التنافس على المكانة وكذلك طموحك، ولن تزعج عمل الكنيسة. وبهذه الطريقة، سوف يذكر الله أفعالك ويستحسنها. ما الذي أحاول التأكيد عليه إذًا؟ يجب عليك التخلُّص من رغباتك وطموحاتك قبل أن تزهر وتثمر وتُؤدِّي إلى كارثةٍ كبيرة. فإذا لم تعالجها وهي في مهدها، فسوف تفقد فرصةً عظيمة؛ وبمُجرَّد أن تُؤدِّيَ إلى كارثةٍ كبيرة سوف يكون الوقت قد فات لحلّها. إذا كنت تفتقر حتَّى إلى العزيمة للتمرد على الجسد، فسوف يصعب عليك للغاية أن تطأ قدمك على طريق السعي إلى الحقّ؛ وإذا واجهت انتكاسات وفشلًا في سعيك إلى الشهرة والربح والمكانة، ولم تعد إلى صوابك، فهذا أمرٌ خطير: ثمة احتمالية في أنك ستُستبعَد. عندما يواجه أولئك الذين يحبّون الحقّ إخفاقًا واحدًا أو اثنين ونكسةً واحدة أو اثنتين من حيث سمعتهم ومكانتهم، يمكنهم أن يروا بوضوحٍ أن السمعة والمكانة لا قيمة لهما على الإطلاق. وهم قادرون على التخلي عن المكانة والسمعة كليًا، ويُصمِّمون على أنهم حتَّى إذا لم تكن لهم مكانة أبدًا، فسوف يستمرون في السعي إلى الحقّ وأداء واجبهم بصورة صحيحة، ومشاركة شهادتهم الاختبارية، ومن ثمَّ يحققون نتيجة أنهم يشهدون لله. وحتَّى عندما يكونون تابعين عاديّين، فإنه لا يزال بإمكانهم التبعيَّة إلى النهاية، وكلّ ما يريدونه هو نيل استحسان الله. هؤلاء فقط هم الناس الذين يحبّون الحقّ حبًّا صادقًا ولديهم عزيمة. لقد استبعد بيت الله كثيرين من أضداد المسيح والأشرار، وبعد أن يرى بعض ممَّن يطلبون الحقّ فشل أضداد المسيح، يتأمَّلون في الطريق الذي سلكه أولئك الناس ويتأملون أيضًا في أنفسهم ويعرفونها. ومن هذا يفهمون مقصد الله ويُصمِّمون على أن يكونوا أتباعًا عاديّين، ويُركِّزون على طلب الحقّ وأداء واجبهم جيِّدًا. وحتَّى إذا قال الله إنهم مؤدين للخدمة أو نكرة وضعاء، فلا بأس لديهم من ذلك. سيحاولون فقط أن يكونوا وضعاء في نظر الله، وتابعين ضئيلين غير مُهمّين، ممَن يُدعوَن في نهاية المطاف على أنهم كائنات مخلوقة مقبولة من الله. الناس من هذا النوع هم الجيدون، وهم الذين يستحسنهم الله.

الله يحبّ الناس الذين يسعون إلى الحقّ، وأكثر ما يبغض أن يفعله الناس هو السعي وراء الشهرة والمكسب والمكانة. بعض الناس يعتزون حقًا بالمكانة والسمعة، ويرتبطون بهما بشدة، ولا يمكنهم تحمل التخلي عنهما. إنهم يشعرون دائمًا أنه من دون المكانة والسمعة، لا يوجد فرح أو رجاء في العيش، وأن ليس هناك رجاءً في هذه الحياة إلَّا عندما يعيشون من أجل المكانة والسمعة، وسيواصلون القتال حتى إذا كان لديهم القليل من الشهرة، ولن يستسلموا أبدًا. إذا كانت هذه فكرتك ووجهة نظرك، وإذا كان قلبك مملوءًا بمثل هذه الأشياء، فأنت غير قادر على محبة الحق والسعي وراءه، وتفتقر إلى الاتجاه الصحيح والأهداف في إيمانك بالله، وغير قادر على السعي وراء معرفة ذاتك، والتخلُّص من الفساد والحياة بحسب الشَبه الإنساني؛ أنت تتجاهل الأمور عند القيام بواجبك، وتفتقر إلى أي إحساس بالمسؤولية، ولا يرضيك سوى عدم ارتكاب الشر، وعدم التسبب في الإزعاج، وعدم إخراجك. هل يمكن لمثل هؤلاء الناس القيام بواجبهم وفقًا لمعيار مقبول؟ وهل يمكن أن يخلّصهم الله؟ غير ممكن. عندما تتصرف من أجل السمعة والمكانة، فإنك حتى تفكر: ما دام ما أفعله ليس عملًا شريرًا ولا يشكل إزعاجًا، فحتى لو كان دافعي خاطئًا، فلا أحد يستطيع رؤيته أو إدانتي". أنت لا تعرف أن الله يفحص كل شيء. إذا لم تقبَل الحق أو تمارسه، وكان الله يزدريك، فقد انتهى أمرك. كل من ليس لديه قلب يتقي الله يظن نفسه ذكيًا. في الواقع، إنه لا يعرف حتى متى أساء إليه. بعض الناس لا يرون هذه الأشياء بوضوح. ويفكرون: "أنا فقط أسعى إلى السمعة والمكانة من أجل القيام بالمزيد، لتحمل المزيد من المسؤولية. هذا لا يشكل عرقلة أو إزعاجًا لعمل الكنيسة، وهو بالتأكيد لا يضر بمصالح بيت الله. إنها ليست مشكلة كبيرة. أنا ببساطة أحب المكانة وقد أحمي مكانتي، لكن هذا ليس عملًا شريرًا". ظاهريًا، قد يبدو أن مثل هذا السعي ليس عملًا شريرًا، لكن ما الذي يؤدي إليه في النهاية؟ هل سيربح مثل هؤلاء الناس الحق؟ هل سينالون الخلاص؟ بالطبع لا. لذلك، فإن السعي وراء السمعة والمكانة ليس الطريق الصحيح، بل يسير في الاتجاه المعاكس تمامًا للسعي وراء الحق. باختصار، مهما كان الاتجاه أو الهدف من سعيك، إذا لم تتأمل في السعي إلى المكانة والسمعة، وإذا وجدت أنه من الصعب جدًا أن تطرح هذه الأمور جانبًا، فإن هذا سيؤثر على دخولك الحياة. ما دام للمكانة موضع في قلبك، فستكون قادرة تمامًا على التحكم في اتجاه حياتك وهدف سعيك، وفي هذه الحالة سيكون من الصعب جدًا عليك الدخول في واقع الحق، فضلًا عن أنك لن تستطيع تحقيق تغييرات في شخصيتك. ومن البديهي بالطبع أن تتمكن في النهاية من ربح استحسان الله. بالإضافة إلى ذلك، إذا لم تكن قادرًا أبدًا على التخلي عن سعيك وراء المكانة، فسيؤثر ذلك على قدرتك في القيام بواجبك على نحو يفي بالمعيار، مما سيصعِّب عليك أن تصبح كائنًا مخلوقًا يفي بالمعيار. لماذا أقول هذا؟ الله لا يكره شيئًا أكثر من سعي الناس وراء المكانة، لأن السعي وراء المكانة هو شخصية شيطانية، وهو مسار خاطئ، شخصية مولودة من فساد الشيطان، وهي الشيء الذي يدينه الله، والشيء عينه الذي يدينه الله ويطهِّره. لا يبغض الله شيئًا أكثر من سعي الناس وراء المكانة، ومع ذلك فأنت ما زلت تتنافس بعناد شديد على المكانة، وتعتز بها وتحميها بلا كلل، وتحاول دائمًا أن تأخذها لنفسك. أليس في هذا كله شيء من معاداة الله؟ لم يأمر الله بالمكانة للناس. يمنح الله الناس الحق والطريق والحياة، كي يصبحوا في النهاية كائنات مخلوقة تفي بالمعيار، كائنات مخلوقة ضئيلة وغير مهمة – وليست شخصيات لها مكانة وهيبة ويوقرها الآلاف من الناس. وهكذا، بغض النظر عن المنظور الذي من خلاله يُنظر إلى السعي وراء المكانة، فإنه طريق مسدود. مهما كانت معقولية عذرك للسعي وراء المكانة، فإن هذا المسار لا يزال هو الطريق الخطأ، ولا يستحسنه الله. مهما حاولت بجدٍ، أو دفعت ثمنًا ضخمًا، إذا كنت ترغب في المكانة، فلن يمنحها الله لك؛ وإذا لم يمنحك الله إياها، فستفشل في القتال من أجل الحصول عليها، وإذا واصلت القتال، فلن تكون هناك سوى عاقبة واحدة: سيُكشَف عنك وستُستبعَد، وستجد طريقًا مسدودًا. أنت تفهم هذا، أليس كذلك؟

7 ارس 2020

السابق:  البند التاسع: لا يُؤدُّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يخونون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء الثاني)

التالي:  البند التاسع: لا يُؤدُّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يخونون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء الرابع)

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب

Connect with us on Messenger