كيف تتعرف على طبيعة بولس وجوهره

لقد عقدتم الشركة لفترة طويلة حول جزء كلمات الله الذي عنوانه: "النجاح أو الفشل يعتمدان على الطريق الذي يسير الإنسان فيه"؛ فما القضايا التي يناقشها وما الحقائق يُعنى بها؟ (إنه يُعنى بالطريق الذي يسلكه الإنسان بصفته مؤمنًا). يتمحور الموضوع بشكل أساسي حول الطرق التي سلكها بطرس وبولس، ألستُ محقة؟ بعد عقد الشركة لمثل هذه الفترة الطويلة، فإنني على يقين من أنكم قد اكتسبتم شيئًا من ذلك؛ أشياء كثيرة على الأرجح. ولا بد أن تُلخّصوا جوهر العظات التي قد استمعتم إليها خلال هذه الفترة الزمنية، ثم تنظِّموا الخيوط الرئيسية فيها، وتخوضوا الاختبار بما يتماشى مع هذه الطريقة في التفكير، والأشياء والخيوط المهمة التي قد لخصتموها. وهذا سيساعدكم في كيفية اختبار عمل الله، وكيفية أداء واجبكم بشكل صحيح، وكيفية الشهادة بشكل جيد في الحياة الواقعية. وإني لآمل أن يتخذ دخولكم الحياة وقامتكم الروحية خطوة كبرى إلى الأمام بعد أن تفرغوا من التلخيص. إذن، عندما تلخصوا وقائع الحق التي كان من المفترض أن تفهموها من هذا الفصل، هل ستبدأون باختبار بولس أم اختبار بطرس؟ (اختبار بولس). لماذا؟ (من خلال التأمل في ذواتنا، استنادًا إلى أسباب فشل بولس، سنعرف ما إذا كنا نسير على طريق بولس. سننظر بعد ذلك في نوع الطريق الذي كان يسلكه بطرس، حتى يصير لدينا هدف نسعى إليه واتجاه نسعى فيه). في الواقع، هذا ما ينبغي أن يكون عليه الأمر. استخلصْوا الدروس ولخِّصوا الاختبارات من كل ما مرّ به بولس والطريق الذي اتبعه. وافهموا ما الطريق الذي كان يسلكه، والسبب في أنَّ الله يطلب من المؤمنين اتباع المسار الصحيح، وما هو المسار الصحيح؟ إذا استطعتَ أن تتبع طريق السعي إلى الحق، فستتمكن من تجنب أن تضل في المواقف الحياتية الواقعية، وأيضًا بينما تختبر عمل الله في أثناء تأدية واجبك. ستتمكن أيضًا من تجنب تعطيل عمل الله، والسقوط في الطريق الخاطئ من دون قصد، أو أن ينتهي بك الأمر في النهاية إلى جلب العقاب على نفسك، كما فعل بولس.

والآن، في ضوء اختبارات بولس، لنلخّص خصائص الطريق الذي سلكه، وطريقة إيمانه بالله، والأهداف التي سعى إليها والاتجاه الذي سعى فيه. سنلقي نظرة أولًا على نوعية إنسانية بولس وشخصيته من هذه الزوايا. وانطلاقًا من حياة بولس والقصص المتعلّقة بما حدث له، فإنه توجد بضعة جوانب في شخصيته: الغطرسة والبرّ الذاتي والخداع وكراهية الحق والخبث والشراسة. ومهما يكن عدد الجوانب الرئيسية في شخصية بولس التي يمكن للناس أن يروها أو يلخّصوها، فإنك إذا لم تتحدث إلا عن هذه الجوانب من شخصيته، فستشعر على الأرجح أنها جوفاء تمامًا، ألستُ محقة؟ عندما تذكر هذه الجوانب من شخصيته، هل هي مرتبطة بمساعيه، واتجاه حياته، والطريق الذي اتبعه بصفته مؤمنًا؟ عندما تتحدث عن غطرسته، هل تملك أي حقائق تدعم ذلك؟ ما الذي يجعلك تراه متغطرسًا؟ ما الذي يجعلك تراه مخادعًا؟ وما الذي يجعلك تراه كارهًا للحق؟ إذا اكتفيت بتلخيص جوهر هذه الجوانب من شخصيته ولم تتحدث عن مساعيه واتجاه حياته والطريق الذي اتبعه بصفته مؤمنًا، فهي كلمات جوفاء، ولن يكون لها أي فائدة إيجابية أو نافعة للناس الآن. من الأفضل أن نتحدث من منظور مساعي بولس وطريقه. إن فهم جوهر الشخص ليس بالأمر البسيط. فلا يمكن استنتاج جوهر طبيعة الشخص عندما لا يفعل شيئًا، أو عندما يفعل بعض الأشياء غير المهمة فحسب. لا بد أن تنظر إلى الكيفية التي يكشف بها عن نفسه بانتظام والنية والدافع وراء أفعاله، أي أن تنظر إلى مساعيه ورغباته والطريق الذي يتبعه. وثمة جانب أكثر أهمية، وهو أن ننظر إلى كيفية تعامل الشخص مع الأمر عندما يواجه موقفًا قد هيّأه الله له، أو عندما يفعل الله له شيئًا بصفة شخصية، مثل تجريبه وتنقيته وتهذيبه، أو عندما يضيء الله له شخصيًا ويرشده. إن الله ينظر بشكل رئيسي إلى هذه الجوانب. بماذا تتعلق هذه الجوانب؟ إنها تتعلق بالمبادئ التي يتصرف بموجبها الشخص ويعيش ويسلك ويتفاعل مع العالم، وكذلك الأهداف التي يسعى إليها والاتجاه الذي يسعى فيه، والطريق الذي يتبعه، وكيف يعيش، وما الذي يعيش بموجبه، وأساس وجوده. وهذا ما تتعلق به. لهذا السبب أقول إننا إذا تجنبنا كل هذه الأمور ولم نتحدث إلا عن جوهر طبيعة بولس، فبغض النظر عن مقدار ما نقوله أو مدى شموليتنا، فإنها ستظل مجرد كلمات جوفاء. إذا أردنا أن ننظر في جوهر بولس من كل جانب من جوانب هويته، وأن نساعد الناس اليوم، أو نعطيهم مرآة يرون فيها أنفسهم، فعلينا أولًا أن نلخص الطريق الذي اتبعه بولس، والأهداف التي سعى إليها، وأساس وجوده، وموقفه من الله. إذا شرَّحنا كل جانب من جوانب شخصيته من خلال تناوله من هذه الزوايا، ألا يكون لدينا أساس؟ إن عقد الشركة والتلخيص بهذه الطريقة يهدفان جزئيًا إلى أن تتمكنوا من رؤية بولس بشكل أوضح، لكن الهدف الأساسي هو أن يعرف الناس – عندما يواجهون في الوقت الحاضر خلاص الله وسيادته – كيف يتعاملون معهما، وكيف ينبغي لهم أن يسعوا إلى الحق، بحيث يمكنهم أن يتجنبوا اتباع خُطى بولس ويتجنبوا أن ينتهي بهم الأمر إلى أن يُعاقبوا مثله. وهذه هي الطريقة الأكثر فعالية.

عندما تلقي نظرة على جميع الطرق التي قدّم بها بولس نفسه، يجب أن تكون قادرًا على رؤية جوهر طبيعته، وتتمكن تمامًا من استنتاج أن اتجاهه وأهدافه ومصدره ودافعه لمساعيه كان خاطئًا، وأن هذه الأمور كانت متمردة ومقاومة لله وغير مرضية لله وكانت مكروهة من الله. فما الطريقة الرئيسية الأولى التي قدّم بها بولس نفسه؟ (لقد كدح وعمل مقابل إكليل). أين رأيتموه يقدم نفسه بهذه الطريقة، أو رأيتم أنه كان في هذه الحالة؟ (من خلال كلماته). من خلال أقواله الشهيرة. عادةً ما تكون الأقوال الشهيرة إيجابية، وهي مفيدة وذات نفع لذوي العزم والرجاء والتطلعات؛ ويمكنها أن تشجع وتحفز مثل هؤلاء الناس، ولكن ماذا كانت وظيفة أقوال بولس الشهيرة؟ كان لديه الكثير من الأقوال. هل يمكنكم سرد أحد أشهر أقواله؟ ("قَدْ جَاهَدْتُ ٱلْجِهَادَ ٱلْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ ٱلسَّعْيَ، حَفِظْتُ ٱلْإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ ٱلْبِرِّ" (2 تيموثاوس 4: 7-8)). وما الجانب الذي تمثله هذه الكلمات من جوهر طبيعته؟ كيف ينبغي لنا تعريفه وفقًا للحق؟ (متغطرس وبارّ في عينيّ ذاته ويعقد الصفقات مع الله). لقد كانت طبيعته المتغطرسة هي التي دفعته إلى قول هذه الكلمات؛ هو لم يكن ليخوض السباق أو يعمل أو حتى يؤمن بالله إن لم يكن هناك إكليل في نهاية الأمر. بعد الاستماع إلى الكثير من العظات، ينبغي أن يكون الناس الآن قادرين على تمييز هذا المظهر وهذه الحالة اللذين كشف عنهما بولس، لكن هل يمكنكم تعريف جوهر طبيعته؟ فعندما نقول "التلخيص" فإننا نعني به تعريف الشيء؛ فالكلمات التي تستخدمونها لتعريف شيء ما هي فهم حقيقي. وعندما تستطيع تعريف شيء ما بدقة، فهذا يثبت أنك ترى الأمر بوضوح؛ وعندما لا تستطيع تعريف شيء ما وتكتفي بنقل تعريفات الآخرين فحسب، فهذا يثبت أنك لا تفهمه حقًّا. فما العقلية أو الحالة التي دفعت بولس للتحدث بتلك الكلمات في تلك اللحظة؟ وأيُّ نيّة دفعته لفعل ذلك؟ وما جوهر مساعيه التي تُظهرها لك هذه الكلمات؟ (لكسب البركات). لقد جاهد وبذل نفسه وأعطى كثيرًا من نفسه لأن نيّته كانت كسب البركات. كان هذا هو جوهر طبيعته، وما يكمن في أعماق قلبه. بينما كنتم تُشرِّحون المشكلة للتو، قلتُم إن بولس كان يعقد صفقة مع الله. أيّ موقف في بولس يمثِّله هذا؟ نحن الآن نحاول أن نلخص أصدق موقف لبولس تجاه الإكليل والحصول على البركات والإيمان بالله؛ فنحن لا نحاول أن نلخص ما إذا كان بولس يعقد صفقة مع الله وما إذا كان مؤمنًا حقيقيًا. أخبروني مجددًا. (لم يكن يحب الحق وكان محتقرًا له). هذا ليس موقفًا؛ بل هو جزء من شخصيته. نحن الآن نتحدث عن موقفه. (لقد كان جشعًا). وهذا جانب من جوهر طبيعته، تمامًا مثل نيته في كسب البركات، ورغبته. ما هو الموقف؟ على سبيل المثال، أقول إن تناول الأطعمة الحارة طوال الوقت مضرّ للمعدة، فيردّ أحدهم: "أعلم أن تناول الطعام الحار مضرّ، لكني أحب تناول الطعام الحار! ماذا يمكنني أن آكل إذا كنت لا أتناول الطعام الحار؟" فأجيبه: "من أجل صحتك، ما دمت لا تأكل أي طعام حار، فسأعطيك خمسة دولارات في كل وجبة لتشتري بها طعامًا آخر لتأكله". عندئذٍ يسعد هذا الشخص حقًّا، ويقول: "حسنًا إذن، لن أتناول الطعام الحار!" ثمة صفقة قد عُقِدَت وهو يلتزم بها. لكن لماذا هو قادر على منع نفسه من تناول الطعام الحار؟ هذا بسبب المال في واقع الأمر. لو لم أعطه المال، لما استطاع السيطرة على نفسه؛ وكان سيستمر في تناول الطعام الحار كما كان يفعل من قبل. إنه لم يمتنع عن تناول الطعام الحار إلا لأن هناك ما يستفيده من هذا: المال. هذا هو موقفه. هذا ما هو مخفي في أعماق قلبه. هل امتنع عن تناول الطعام الحار لأنه يمارس الحق، أو يفعل ما أُمِر به، أو يفعله إرضاءً لله؟ (لا). لا، ليس لأيّ من تلك الأسباب. هو لم يمتنع عن تناول الطعام الحار لأنه يمارس الحق، أو لأنه يراعي صحته؛ بل كان موقفه لا مباليًا وسطحيًّا؛ فهو ينظر إلى الأمر على أنه صفقة، ويفعل ذلك تملُّقًا. إذا لم يحقق هدفه ولم يحصل على المال، فسيعود إلى تناول ما يريد بل قد يأكل أكثر من ذي قبل. قد لا يكون هذا هو المثال الأنسب، ولكن ما أوجه التشابه الموجودة عندما نقارنه ببولس؟ (الأمر يشبه كيف أنَّ دافع بولس تمثل في الحصول على البركات، وكيف أنه عقد صفقة مع الله). رأى بولس أن جهاده الجهاد الحسن، وخوض السباق، والعمل، وبذل النفس، وحتى سقاية الكنيسة، بوصفها قسيمة كان يمكنه استخدامها مقابل إكليل البرّ، وعلى أنها طُرُق باتجاهه. إذًا، سواء عانى وبذل نفسه أو خاض السباق، ومهما بلغ مدى معاناته، فإن الهدف الوحيد الذي كان في ذهنه هو الحصول على إكليل البر. لقد تعامل مع السعي إلى إكليل البر والسعي إلى البركات بوصفهما الهدف المناسب للإيمان بالله، وتعامل مع المعاناة وبذل النفس والعمل وخوض السباق على أنها طرق تؤدي إليه. كان كل سلوكه الحسن في الظاهر من أجل الاستعراض؛ لقد فعل ذلك مقابل الحصول على البركات في نهاية المطاف. هذه هي أولى خطايا بولس الكبرى.

كل ما قاله بولس وفعله، وما كشف عنه، والنية والهدف من كلٍّ من عمله والسباق الذي خاضه، وكذلك موقفه من كليهما – هل يوجد في هذه الأشياء ما يتوافق مع الحق؟ (لا، لا يوجد). لا يوجد في بولس أي شيء يتوافق مع الحق، ولا يوجد في أي شيء فعله ما يتماشى مع ما أمر به الرب يسوع الناس، ولكن هل تأمّل في هذا؟ (لا، لم يفعل ذلك). لم يتأمل في ذلك قطّ، ولم يطلب، فما الأساس الذي استند إليه في افتراض صحة تفكيره؟ (مفاهيمه وتصوراته). ثمة مشكلة في هذا الأمر؛ إذ كيف أمكنه أن يتعامل مع شيء تصوره على أنه الهدف الذي يسعى إليه طوال حياته؟ هل سبق له أن فكر في الأمر أو سأل نفسه: "هل ما أعتقده صحيحًا؟ لا يفكر الآخرون بهذه الطريقة، بل أنا فحسب. أثمّة مشكلة؟" ليس الأمر فحسب أنَّ هذه الشكوك لم تكن تساوره، بل إنه كتب أفكاره في رسائل وأرسلها إلى جميع الكنائس ليقرأها الجميع. فما طبيعة هذا السلوك؟ ثمة مشكلة في هذا الأمر؛ لماذا لم يتساءل قطّ عما إذا كان تفكيره يتماشى مع الحق، أو يطلب الحق، أو يقارنه بما قاله الرب يسوع؟ وبدلًا من ذلك، تعامل مع ما تصوره، وما اعتقد أنه صحيح في مفاهيمه على أنه الأهداف التي يجب أن يسعى إليها. فما المشكلة هنا؟ تعامل مع ما تصوره، وما اعتقد أنه صحيح في مفاهيمه على أنه الحق وأنه هدف يجب أن يسعى إليه. أليس هذا تعجرفًا وبرًّا ذاتيًّا مُفرطًا؟ هل كان الله لا يزال لديه مكان في قلبه؟ هل كان لا يزال قادرًا على التعامل مع كلام الله على أنه الحق؟ إذا كان عاجزًا عن التعامل مع كلام الله على أنه الحق، فما كان سيكون عليه موقفه تجاه الله؟ هل أراد أن يكون الله أيضًا؟ لولا ذلك ما تعامل مع ما تصوره في أفكاره ومفاهيمه على أنه أهداف يجب أن يسعى إليها، ولم يكن ليسعى إلى مفاهيمه أو ما تصوره كما لو كانت هي الحق. لقد آمن بأن ما كان يعتقده هو الحق، وأنه يتماشى مع الحق ومقاصد الله. وشارك أيضًا ما كان يعتقده صحيحًا مع الإخوة والأخوات في الكنائس وغرسه فيهم، جاعلًا الجميع يلتزمون بالأشياء السخيفة التي قالها؛ فقد جعل كلامه هو يحل محل كلام الرب يسوع، واستخدم كلماته السخيفة هذه ليشهد أن حياته هي المسيح. أليست هذه هي الخطيئة الكبرى الثانية التي ارتكبها بولس؟ هذه المشكلة خطيرة للغاية!

كان ثمة العديد من الأشخاص على مر العصور ممن يشبهون بولس، فلماذا نستخدم بولس بوصفه مثالًا كلاسيكيًّا؟ لأنه مدوَّن في الكتاب المقدس، ولأن الهرطقات والمغالطات التي قالها، وأيضًا هو نفسه، لها تأثير بالغ على جميع المسيحيين. يمكنكم القول إن الضرر الذي أحدثه جسيم للغاية. ثمة الكثير من الناس الذين قد أضلَّهم وسمَّمهم. إنه لم يسمِّم أجيالًا عديدة من الناس فحسب، بل إن السم عميق للغاية. ما مدى عمقه؟ (كل المسيحيين يرونه مثالًا يُحتذى به ويقلِّدونه؛ ويمارسون كلامه كما لو كان كلام الله). إذا عقدتَ الشركة عن كلام المسيح وكلام الله، فلا أحد يولي الموضوع اهتمامًا كبيرًا، لكن عندما تعقد الشركة حول كلمات بولس، فإنهم يجلسون ويصغون على الفور. ماذا يعني ذلك؟ (يعني أنهم يعاملون بولس مثل المسيح). عندما يعامل الناس بولس مثل المسيح، يكون قد حل محل الرب يسوع المسيح في قلوبهم. أليست هذه خطيئة ضخمة النطاق للغاية؟ (بلى). إن بولس هو أكبر ضدٍّ للمسيح في التاريخ! إن النية من كلامه واضحة للغاية؛ فأهدافه وخبثه كلاهما بارز بوضوح؛ وجوهره خبيث وسام إلى أبعد الحدود. إنَّ طبيعة هذا بالغة الخطورة! لهذا السبب توجب عليَّ أن أتطرّق إليها وأُشرِّحها. ولو لم أفعل، لظل الناس مضلَّلين به. ورغم ذلك، إذا كنت سأُشرِّح قضايا بولس، فكان عليَّ أن أجعله يخدم غرضًا أفضل للناس اليوم، بصفته مثالًا لما لا ينبغي فعله. لقد لخصنا للتو اثنين من خطايا بولس. ما الخطيئة الأولى؟ (لقد تعامل بولس مع العمل وخوض السباق على أنهما قسيمة يمكن مقايضتها بإكليل. وقد عدَّ الحصول على البركات والإكليل هدفًا مناسبًا يجب أن يسعى إليه). هذا صحيح. كانت مشكلة بولس الكبرى هي أنه تعامل مع هذه الأمور على أنها أهداف يجب أن يسعى إليها. فمنذ البداية، كانت صفقة تحمل في طيّاتها تمردًا وطبيعة خبيثة، لكن بولس تعامل معها على أنها هدف مناسب للسعي إليه. وهذه هي المشكلة الأشد خطورة. وماذا كانت الخطيئة الثانية؟ (لقد تعامل بولس مع الأمور التي تصورها واعتقد أنها صائبة في مفاهيمه على أنها الحق. فهو لم يتأمل في هذا الأمر قط أو يطلب فيما يتعلق به؛ بل ضلل الناس وجعل الإخوة والأخوات يتمسكون بكلامه ونظرياته السخيفة، جاعلًا الناس يعاملونه مثل المسيح). هذه مشكلة خطيرة للغاية. فلتدونوا هذه المشكلات بدقة؛ وبعد أن ننتهي من تلخيصها، عليكم أن تقارنوا أنفسكم بها. فعندما نناقش موضوعًا ما، لا بد أن نتحدث أولًا عن ذلك الجانب المعّن من الحق، ثم نعقد المقارنات. إن تشريح الطريقة التي أظهر بها بولس نفسه هو بمثابة تحذير للجميع، وهو أيضًا يخبر الناس بأن عليهم أن يختاروا الطريق الصحيح، ثم يجدوا طريقًا دقيقًا للممارسة ويتجنبوا اتباع خُطى بولس. بهذه الطريقة، الأمر فعال تمامًا.

وثمّة خطيئة أخرى خطيرة لبولس، وهي أنه قام بعمله بالكامل على أساس مستوى قدراته العقلية ومعرفته الأكاديمية ومعارفه اللاهوتية والنظرية وهذا أمر يتصل بجوهر طبيعته. عليكم أن تلخصوا ذلك، ثم تفحصوا موقفه تجاه هذه الأمور. هذه خطيئة جوهرية ومهمة للغاية، وهي إحدى الخطايا التي يجب أن يفهمها الناس. تفكروا للحظة في أي مظهر من مظاهر بولس ينطوي على هذه الخطيئة؛ وانظروا في جوهر طبيعته من خلال هذه المظاهر، وشكِّلوا صورة واضحة لما كان يوليه من أهمية في قرارة نفسه، وفي ماهية أهدافه. إن نيته وأهدافه هي السبب الجذري في أنه بدأ السير في الطريق الخاطئ. هذه هي أهم الأمور التي يجب أن تفهموها بوضوح. ما المواهب التي امتلكها بولس؟ (لقد تمتع بولس بفهم جيد للكثير من المعرفة الكتابية من عصر الناموس). لم يكن هناك سوى العهد القديم هو الموجود في ذلك الوقت. كان بولس على علمٍ بهذه الكتب المقدسة، وكان مُلمًّا بها للغاية مثل آباء اليوم ومعلميه اللاهوتيين وقساوسته ووعَّاظه. ربما كانت معرفته اللاهوتية أوسع حتى من معرفتهم، لكنه تعلمها بعد مولده في هذا العالم. فما الذي امتلكه بولس منذ ميلاده؟ (قدراته الفطرية). كان بولس ذكيًّا بالفطرة، وبارعًا في الكلام، ويجيد التعبير عن نفسه، ولم يكن يعاني من رهبة المسرح. فلنركز الآن على الحديث عن قدراته الفطرية ومواهبه وذكائه وإمكانياته، إضافة إلى المعرفة التي تعلمها طوال حياته. فماذا تعني حقيقة أنه كان بارعًا في الكلام؟ وبأي طريقة كان يكشف عن نفسه ويقدمها؟ كان يحب الإسهاب في الحديث عن النظريات السامية؛ وكان دائم الحديث عن التعليم الروحي العميق وعن النظريات والمعارف، ونصوصه وأقواله الشهيرة التي كثيرًا ما يذكرها الناس. ما الكلمة التي تلخص كلام بولس؟ (فارغة). وهل الكلمات الفارغة بنَّاءة بالنسبة للناس؟ إنهم يشعرون بالتشجع عندما يسمعون تلك الكلمات، لكن بعد فترة من الوقت تتلاشى حماستهم. كانت الأمور التي تحدّث عنها بولس غامضة ووهمية؛ أمور لا يمكنك حقًّا أن تضعها في مصطلحات ملموسة. لا يمكنك أن تجد في النظريات التي تحدث عنها أي طريق للممارسة، أو اتجاه للممارسة؛ ولا يمكنك أن تجد أي شيء يمكنك تطبيقه بدقة على الحياة الواقعية – سواء كانت نظريات أو أسس، فلا شيء منها يمكن تطبيقه في الحياة الواقعية. لهذا السبب أقول إن النظريات الدينية والتعاليم الروحية التي تحدث عنها كانت كلامًا فارغًا وغير عملي. ما كان هدف بولس من الحديث عن هذه الأمور؟ يقول بعض الناس: "كان دائمًا ما يتحدث عن هذه الأمور لأنه أراد أن يستميل المزيد من الناس إليه، ويجعلهم يتطلعون إليه ويعبدونه. لقد أراد أن يحل محل الرب يسوع، وأن يكسب المزيد من الناس. إذا كسب المزيد من الناس، ألن يكون مباركًا؟" أهذا هو الموضوع الذي نريد التحدث عنه اليوم؟ (لا، ليس هو). إنه لأمر طبيعي للغاية بالنسبة لشخص لم يُهذَّب، ولم يُدَن أو يُوبَّخ، ولم يمر بتجارب أو تنقية، ويمتلك هبات مثل هباته، ولديه جوهر طبيعة ضد المسيح أن يتباهى هكذا ويُظهر سلوكه الذي أظهر، لذلك لن نخوض في هذا الأمر. وما الذي سنخوض فيه؟ جوهر مشكلته هذه، والسبب الجذري والدافع وراء قيامه بهذه الأمور، وما دفعه إلى التصرف بهذه الطريقة. فبغض النظر عما إذا كان الناس اليوم ينظرون إلى كل الأمور التي تحدث عنها على أنها تعليم أو نظريات أو معرفة لاهوتية أو مواهب فطرية أو تأويله الخاص للأمور، فإن مشكلة بولس الكبرى، بشكل عام، تكمن في أنه تعامل مع الأمور التي تنبع من الإرادة البشرية على أنها الحق. ولهذا السبب كان يمتلك الشجاعة لاستخدام هذه النظريات اللاهوتية بشكل حاسم وجريء وعلني ليستميل الناس إليه ويُعلّمهم. وهذا هو جوهر المشكلة. أهذه مشكلة خطيرة؟ (نعم، إنها كذلك). ما الأمور التي تعامل معها على أنها الحق؟ المواهب التي وُلد بها، إضافة إلى المعرفة والنظريات اللاهوتية التي تعلمها على مدار حياته. لقد تعلَّم نظرياته اللاهوتية من المعلمين، ومن قراءة الكتب المقدسة، وقد تولدت أيضًا مما فهمه وتصوّره. لقد تعامل مع مفاهيم فهمه البشري وتصوراته على أنها الحق، لكن لم تكن هذه هي المشكلة الأكثر خطورة، بل كانت هناك مشكلة أكبر. لقد تعامل مع تلك الأمور على أنها الحق، ولكن هل كان يعتقد آنذاك أن تلك الأمور هي الحق؟ أكان لديه مفهوم عن ماهية الحق؟ (لا، لم يكن لديه). إذن، بأي صفة تعامل مع هذه الأمور؟ (بصفتها حياة). لقد تعامل مع كل هذه الأمور بصفتها حياة. كان يعتقد أنه كلما زاد عدد العظات التي يمكنه الوعظ بها، أو كلما ازدادت سموًّا، ازدادت حياته الروحية عظمة. لقد تعامل مع تلك الأمور على أنها حياة. أهذا أمر خطير؟ (نعم، إنه أمر خطير). وما كان تأثير ذلك؟ (كان لذلك تأثير على الطريق الذي اتبعه). هذا أحد الجوانب. وماذا أيضًا؟ (لقد اعتقد أن الحصول على هذه الأمور سيجلب له الخلاص ويسمح له بدخول ملكوت السماوات). لا يزال الأمر يتعلق بالحصول على البركات؛ فقد كان يعتقد أنه كلما عَظُمت حياته الروحية، زادت فرصه في دخول ملكوت السماوات والصعود إلى السماء. وما الصيغة الأخرى لقول "الصعود إلى السماء؟" (ليحكم ويتولى زمام السلطة جنبًا إلى جنب مع الله). كان هدفه من دخوله ملكوت السماوات هو أن يحكم ويتولى زمام السلطة إلى جانب الله، لكن هذا لم يكن هدفه النهائي، فقد كان لديه هدف آخر. وقد تحدث عن ذلك. كيف صاغه؟ ("لِأَنَّ لِيَ ٱلْحَيَاةَ هِيَ ٱلْمَسِيحُ وَٱلْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ" (فيلبي 1: 21)). قالَ إنَّ الْحَيَاة له هي الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هو رِبْح. ماذا يعني ذلك؟ أنه سيتحول إلى الله بعد موته؟ إن طموحه لا يعرف حدودًا! مشكلته خطيرة للغاية! إذن، أمن الخطأ أن نُشرِّح قضية بولس؟ على الإطلاق. ما كان ينبغي له قط أن يتعامل مع مواهبه والمعرفة التي تعلمها على أنها حياة. وهذه هي خطيئته الكبرى الثالثة. يمكنكم رؤية جوهر طبيعة بولس في أي واحدة من هذه الخطايا الثلاث. إن خصائص جوهر طبيعته مكشوفة في كل خطيئة من الخطايا؛ فلا شيء مخفي أو متروك. وجوهر طبيعته ممثَّل في كل منها.

تاليًا، سنلقي نظرة على أهم مشكلات بولس وأخطرها، والتي هي أكثر ما يمثله. ما الكلمات التي كان بولس يكثر من استخدامها في الرسائل التي كتبها؟ اذهبوا وألقوا نظرة على ما يقوله النص الأصلي للكتاب المقدس، وسنحلله ونُشرِّحه ونرى ما كان يدور في ذهنه بالفعل، والسبب في أنَّ الله أبغضه وكرهه. لماذا عوقِب في النهاية شخص في مثل شهرة بولس وفعاليته في عمل الكنائس الأولى؟ كيف قيَّم الله بولس في ذهنه؟ وكيف رآه الله؟ ولماذا قيَّمه الله بهذه الطريقة، وأصدر الحكم الذي أصدره؟ وعلى أي أساس عرَّف الله بولس في النهاية وحدد عاقبته؟ اذكروا كل هذه الأمور حتى يتمكن الناس من رؤية حقائق كيفية مقاومته لله، لئلا يعتقدوا أنه أُدين ظلمًا. عندما لا يفهم الناس الحق، يكونون عُرضة للغاية لتعريف الناس بناءً على المظاهر الخارجية. فما الأساس الذي يستند إليه الناس في تعريف الآخرين وفقًا لمظهرهم الخارجي؟ يعود جزء من ذلك إلى الثقافة التقليدية والتعاليم المجتمعية؛ وثمة جزء آخر هو التربية في المنزل، والأفكار والمفاهيم التي تتعلق بالصواب والخطأ. يوجد جزء آخر أيضًا هو التعليم في المدارس. وتشكل هذه الأمور مجتمعةً نظامًا شيطانيًا بالكامل للتعليم. ينتج عن ترسيخ الشيطان لهذه الأمور في الناس أن الناس يُعرِّفون هذا على أنه جيد، وذاك على أنه سيئ، وهذا على أنه صواب، وذاك على أنه خطأ وفقًا لمفاهيمهم وتفضيلاتهم الخاصة. فما أساس كل هذه التعريفات التي توجد لدى الناس؟ إنها في الواقع تستند إلى نظريات وفلسفات شيطانية؛ هذه الأسس التي يتبناها الناس ليست نابعة من الله أو من الحق على الإطلاق. لهذا السبب فإن البشر الفاسدين مخطئون مهما تكن الطريقة التي يُعرِّفون بها الشخص أو الحدث؛ فهي لا علاقة لها بالحق، ولا تتماشى مع مقاصد الله؛ ولا علاقة لها بالله أو بكلامه. يصدر الله أحكامه على الناس والأحداث وفقًا لشخصيته وجوهره. وما شخصية الله وجوهره؟ الحق. الحق هو التعبير عن كل الأمور الإيجابية، وهو واقع كل الأمور الإيجابية. يصدر الله أحكامه على كل شيء في الوجود، وعلى جميع الأشخاص والأحداث والأشياء التي يتصل بها الناس، بما يتوافق مع الحق. إن الله يستند في أحكامه على الناس إلى جوهر طبيعتهم، وما يحفِّز أفعالهم، والطريق الذي يسلكونه، وموقفهم تجاه الأمور الإيجابية والحق. وهذا هو أساس استنتاجات الله. إن أحكام الله على جميع الأشياء تستند إلى الحق. ما أساس الشيطان في توصيف كل الأشياء؟ (منطقه الخاص به). الأساس هو الفلسفة الشيطانية والمنطق الشيطاني، وهو ما يتعارض تمامًا مع الحق. لقد أفسد الشيطان البشرية جمعاء. البشر لا يملكون الحق؛ إنما يمثِّلون الشيطان ويجسدونه. إنهم يُعرِّفون كل الأشياء وفقًا للفلسفات والمنطق الشيطاني. لذلك، ما الاستنتاجات التي يتوصلون إليها عند تعريفهم للأشياء؟ استنتاجات مخالفةً تمامًا للحق ومعارِضة له. هل وجدتم الكلمات التي استخدمها بولس كثيرًا في رسائله؟ اقرؤها. ("بُولُسُ، ٱلْمَدْعُوُّ رَسُولًا لِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ ٱللهِ" (1 كورنثوس 1: 1)). أترون؟ هكذا يرتِّب بولس الله والمسيح: "بُولُسُ، ٱلْمَدْعُوُّ رَسُولًا لِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ ٱللهِ". أين بولس في هذا الترتيب؟ (الثالث). ومن يوجد في المرتبة الأولى في ذهن بولس؟ (الله). ومن في المرتبة الثانية؟ (الرب يسوع). يسوع المسيح. ومَن في المرتبة الثالثة؟ (بولس بنفسه). إنه هو نفسه. "بُولُسُ، ٱلْمَدْعُوُّ رَسُولًا لِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ ٱللهِ". كثيرًا ما استخدم بولس هذه العبارة، وهي عبارة محمَّلة بالكثير. فأولًا، نحن نعلم أن بولس هو رسول للرب يسوع المسيح. إذن، من وجهة نظر بولس، من هو الرب يسوع المسيح؟ إنه ابن الإنسان، ويأتي في المرتبة الثانية بعد الله الذي في السماء. وبصرف النظر عما إذا أطلق على الرب يسوع المسيح معلمًا أو سماه الرب، فإن المسيح على الأرض من وجهة نظر بولس لم يكن هو الله، وإنما إنسان استطاع أن يعلِّم الناس ويجعلهم يتبعونه. وماذا كانت وظيفة بولس بصفته رسولًا لإنسان مثل هذا؟ أن يشارك الإنجيل، ويزور الكنائس، ويلقي العظات، ويكتب الرسائل. كان يعتقد أنه كان يفعل هذه الأشياء نيابة عن الرب يسوع المسيح. ففي قلبه كان يفكر: "سأساعدك بالذهاب إلى حيث لا تقدر أن تذهب، وسأنظر نيابة عنك في الأماكن التي لا تريد الذهاب إليها". كان هذا مفهوم بولس للرسول. كان الترتيب في ذهنه أنه هو والرب يسوع كانا شخصين عاديين. لقد رأى نفسه والرب يسوع المسيح على قدم المساواة، بصفتهما بشريَيْن. ففي ذهنه، لم يكن ثمة أي اختلاف في الأساس بين منصبيهما، ولم يكن ثمة اختلاف في هوية كل منهما، فضلًا عن خدمة كل منهما. لم يكن مختلفًا بينهما سوى اسميهما، وعمريهما، والظروف العائلية لكل منهما، وخلفيتيهما؛ وكان لكل منهما مواهب ومعارف خارجية مختلفة. كان في ذهن بولس أنه مماثل للرب يسوع المسيح في كل شيء آخر، وأنه – هو أيضًا – يمكن أن يُدعى ابن الإنسان. السبب الوحيد الذي جعله في المرتبة الثانية بعد الرب يسوع المسيح هو أنه كان رسول الرب يسوع المسيح؛ لقد مارس سلطة الرب يسوع المسيح، وأُرسل لزيارة الكنائس وقام بعمل الكنيسة بتكليف من الرب يسوع المسيح. هذا هو ما كان يعتقد بولس أنه منصبه وهُويته بصفته رسولًا؛ وهكذا فسَّر الأمر. وأيضًا، الكلمة الثانية في بداية العبارة: "بُولُسُ، ٱلْمَدْعُوُّ رَسُولًا لِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ ٱللهِ" هي "المدعو". من هذه الكلمة يمكننا أن نرى عقلية بولس. لماذا استخدم الكلمات الثلاث "المدعو... بمشيئة الله؟" لم يكن يعتقد أن الرب يسوع المسيح هو مَن دعاه ليكون رسولًا له؛ بل كان يفكر: "الرب يسوع المسيح لا يملك السلطة ليأمرني أن أفعل أي شيء. إني لا أفعل ما أمر هو به؛ أنا لا أفعل شيئًا من أجله. إنما أنا أفعل هذه الأشياء بمشيئة الله الذي في السماء. أنا مثل الرب يسوع المسيح". وهذا يشير إلى شيء آخر – لقد اعتقد بولس أن الرب يسوع المسيح كان ابنًا للإنسان، مثله تمامًا. تكشف الكلمات الثلاث "المدعو... بمشيئة الله" كيف أنَّ بولس أنكر في أعماق قلبه هوية الرب يسوع المسيح وشكَّ فيها. قال بولس إنه كان رسولًا للرب يسوع المسيح بمشيئة الله، وأن الله أمره بذلك، وأن الله قد رسَّمه وأقامه، وأنه صار رسولًا للرب يسوع المسيح لأن الله دعاه لذلك وشاء ذلك. في ذهن بولس، كانت تلك هي العلاقة بينه وبين الرب يسوع المسيح. ومع ذلك، فإن حتى هذا ليس أسوأ ما في الأمر. ما الجزء الأسوأ؟ أن بولس اعتقد أنه كان رسول الرب يسوع المسيح بمشيئة الله، وليس بمشيئة الرب يسوع المسيح، وأنه ليس الرب يسوع هو مَن دعاه إلى ذلك، بل الله الذي في السماء هو مَن جعله يفعل ذلك. لقد اعتقد أنه ما من أحد يملك السلطة أو المؤهلات ليجعله رسولًا للرب يسوع المسيح، وأن الله الذي في السماء وحده هو مَن يملك تلك السلطة، وأن الله الذي في السماء هو مَن يرشده مباشرة. إلامَ يشير هذا إذن؟ أنَّ بولس كان يعتقد في أعماق قلبه أن الله الذي في السماء يأتي في المرتبة الأولى، وأنه هو نفسه يأتي في المرتبة الثانية. أين وضع الرب يسوع إذن؟ (في نفس موضعه). هذه هي المشكلة. لقد أعلن بشفتيه أن الرب يسوع هو المسيح، لكنه لم يدرك أن جوهر المسيح هو جوهر الله؛ هو لم يفهم العلاقة بين المسيح والله. وكان هذا الافتقار إلى الفهم هو ما تسبب في مثل هذه المشكلة الخطيرة. كيف كان الأمر خطيرًا؟ (لم يعترف بأن الرب يسوع هو الله المتجسد. لقد أنكر الرب يسوع). نعم، هذا أمر خطير فعلًا. لقد أنكر أن الرب يسوع المسيح هو الله صار جسدًا، وأن الرب يسوع المسيح هو جسد الله عندما نزل من السماء إلى الأرض، وأن الرب يسوع هو جسد الله المتجسد. ألا يعني هذا أن بولس أنكر وجود الإله على الأرض؟ (بلى، إنه يعني ذلك). إذا أنكر وجود الإله على الأرض، فهل كان يستطيع أن يعترف بكلام الرب يسوع؟ (لا، لم يستطع). إن لم يعترف بكلامه، فهل كان يمكنه أن يقبله؟ (لا، لم يكن يمكنه). إنه لم يقبل كلام الرب يسوع المسيح أو تعاليمه أو هُويته، فهل يمكن أن يقبل عمل الرب يسوع المسيح؟ (لا، لم يكن يمكنه). لم يقبل العمل الذي قام به الرب يسوع المسيح، أو حقيقة أن الرب يسوع المسيح هو الله، لكن لم يكن هذا أسوأ ما في الأمر. فما أسوء جزء في الأمر؟ قبل ألفي عام، جاء الرب يسوع إلى الأرض ليقوم بأكبر عمل على الإطلاق – عمل الفداء في عصر النعمة، حيث تجسَّد وصار شبه الجسد الخاطئ، وسُمِّر على الصليب على أنه ذبيحة خطيئة عن البشرية جمعاء. أكان هذا عملًا كبيرًا؟ (نعم، كان كذلك). لقد كان عمل فداء البشرية جمعاء، وقد قام به الله نفسه، ورغم ذلك أنكره بولس بعناد. لقد أنكر أن عمل الفداء الذي قام به الرب يسوع قد قام به الله نفسه، وهو ما كان إنكارًا لحقيقة أن الله قد أنجز بالفعل عمل الفداء. أهذه مشكلة خطيرة؟ إنها بالغة الخطورة! ليس الأمر فحسب أنَّ بولس لم يطلب فهم حقيقة صلب الرب يسوع المسيح، بل إنه لم يعترف بها، وعدم الاعتراف بها يُعد إنكارًا لها. فهو لم يعترف بأن الله هو الذي صُلب وفدى البشرية جمعاء، ولم يعترف بأن الله كان بمثابة ذبيحة خطيئة عن البشرية جمعاء. وهذا يعني أنه لم يعترف بأن جميع البشر قد افتُدوا بعد أن قام الله بعمله، أو أن خطاياهم قد غُفرت. واعتقد في الوقت نفسه أن خطاياه لم تُغفَر. ولم يعترف بحقيقة أن الرب يسوع افتدى البشرية. من وجهة نظره، قد مُحي كل ذلك. وهذه هي المشكلة اﻷخطر. لقد ذكرتُ للتو أن بولس كان أكبر ضدٍّ للمسيح في الألفي سنة الماضية؛ وقد كُشفت هذه الحقيقة بالفعل. لو لم تُسجَّل هذه الحقائق في الكتاب المقدس، وقال الله إن بولس تحدى الله وكان ضدًّا للمسيح، فهل كان الناس سيصدقون ذلك؟ لم يكونوا ليصدقوا ذلك قطعًا. لحسن الحظ أن الكتاب المقدس قد احتفظ بسجل لرسائل بولس، وثمة دليل واقعي هنا في تلك الرسائل؛ وإلا لما كان هناك ما يدعم ما أقوله، وقد لا تقبلونه. والآن، عندما نأتي بكلمات بولس ونقرأها، كيف رأى بولس كل الأشياء التي قالها الرب يسوع؟ كان يعتقد أن الأشياء التي قالها الرب يسوع لم تكن مساويةً حتى لأحد تعاليم بولس الدينية. لذا، بعد أن ترك الرب يسوع هذا العالم، رغم أن بولس نشر الإنجيل وعمل ووعظ ورعى الكنائس، فإنه لم يبشر قط بكلام الرب يسوع، ناهيك عن ممارسته أو اختباره له. وبدلًا من ذلك، كان يبشِّر بفهمه الخاص للعهد القديم، وهو ما كان كلامًا عفا عليه الزمن وفارغًا. وعلى مدار الألفي عام الماضية، فإن أولئك الذين يؤمنون بالرب يفعلون ذلك وفقًا للكتاب المقدس، وكل ما يقبلونه هو نظريات بولس الفارغة. ونتيجة لذلك، قد أعمى الناس على مدى ألفي عام. إذا قلتَ لمجموعة من المتدينين اليوم أن بولس كان مخطئًا، فسيحتجون ولن يقبلوا ذلك، لأنهم جميعًا يتطلعون إلى بولس. إن بولس هو معبودهم وأبوهم المؤسِّس، وهم أبناء بولس البارين وأحفاده. فإلى أي مدى قد ضُلّلوا؟ إنهم يقفون بالفعل في الجانب نفسه الذي يقف فيه بولس في معارضةٍ لله؛ فهم يمتلكون آراء بولس نفسها، وجوهر الطبيعة نفسه، وطريقة السعي نفسها. لقد مثَّلهم بولس تمثيلًا تامًا. وهذه هي الخطيئة الكبرى الرابعة لبولس. لقد أنكر بولس هُوية الرب يسوع المسيح، وأنكر العمل الذي قام به الله في عصر النعمة بعد عصر الناموس. وهذا هو أخطر ما في الأمر. وثمة أمر خطير آخر هو أنه وضع نفسه في المرتبة نفسها مع الرب يسوع المسيح. في العصر الذي عاش فيه بولس، التقى بالرب يسوع المسيح، لكنه لم يره بوصفه الله؛ بل تعامل مع الرب يسوع المسيح على أنه شخص عادي، كما لو كان مجرد فرد آخر من الجنس البشري؛ إنسان لديه جوهر الطبيعة البشرية الفاسدة نفسه. إنَّ بولس لم يعامل الرب يسوع على أنه المسيح بأي حال من الأحوال، ناهيك عن أن يعامله بوصفه الله. وهذا أمر بالغ الخطورة. إذن فلماذا فعل بولس هذا؟ (لم يدرك أن الله المتجسد يمتلك جوهر الله، لذلك لم يعامل الرب يسوع المسيح على أنه الله). (لم يرَ أن كلام الرب يسوع هو الحق، ولم يرَ أن الرب يسوع المسيح كان تجسيد الحق). (أعلن بولس في الظاهر أنه يؤمن بالرب يسوع، لكن ما كان يؤمن به في الواقع هو الإله المبهم في السماء). (هو لم يطلب الحق، لذلك كان عاجزًا عن إدراك أن المسيح هو الحق والحياة). استمروا. (قال بولس إن الحياة له هي المسيح. وأراد أن يصبح هو الله ويحل محل الرب يسوع). كل ما ذكرتموه يتماشى مع الحقائق. كانت كل طريقة من الطرق التي ظهر بها بولس، وكل خطيئة من خطاياه، أشد من سابقتها.

لنحلل هذه العبارة التي قالها بولس: "قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ". هذه كلمات مثيرة للإعجاب. انظروا إلى الكلمات التي اختارها: "إكليل البر". عادةً ما يُعد استخدام كلمة "إكليل" في حد ذاتها جرأة كبيرة، ولكن من قد يجرؤ على استخدام كلمة "البر" على أنها تعبير وصفي لتعريف إكليل؟ لا يجرؤ على استخدام هذه الكلمة إلا بولس. فلِمَ استخدمها؟ هذه الكلمة لها أصل، وقد اختيرت بعناية؛ فثمة دلالات عميقة وراء كلماته! أي دلالات؟ (لقد كان يحاول أن يجبر يد الله بهذه الكلمة). الرغبة في إجبار يد الله هي أحد الجوانب. لقد كان مقصده بالتأكيد أن يعقد صفقة، وثمة عنصر محاولة لوضع شروط مع الله أيضًا. وإلى جانب هذا، هل كان ثمّة هدف من وراء وعظه الدائم بشأن إكليل البر هذا؟ (لقد أراد أن يضلِّل الناس، ليوهمهم أنه إذا لم يحصل على إكليل، فإن الله ليس بارًّا). ثمَّة طابع تحريضيِّ وتضليليِّ في وعظه حول هذا الأمر، وهذا مرتبط برغبات بولس وطموحاته. ولكي يحقق رغبته في الحصول على إكليل البر في نهاية المطاف ويتمِّمها، استخدم أسلوب الوعظ عنه في كل مكان. لقد كان جزء من هدفه من الوعظ بهذه الكلمات هو تحريض الناس وتضليلهم؛ كان هدفه هو غرس فكرة معينة لدى المستمعين، وهي: "شخص مثلي يبذل الكثير جدًا من نفسه، ويسافر كثيرًا ويسعى في الطريق الذي أسعى فيه، سيكون قادرًا على الحصول على إكليل بر". وبعد الاستماع إلى هذا، شعر الناس بشكل طبيعي أن الله لا يكون بارًّا إلا إذا نال شخص مثل بولس إكليلًا. لقد شعروا أن عليهم أن يسعوا، ويسافروا، ويبذلوا أنفسهم كما فعل بولس، وأنهم لا يستطيعون الاستماع إلى الرب يسوع، وأن بولس هو المرجعية، وهو الرب، وهو الاتجاه والهدف الذي يجب أن يسير الناس باتجاهه. لقد اعتقدوا أيضًا أن الناس لو فعلوا الأشياء بالطريقة التي فعلها بها بولس، فإنهم سيحصلون على نفس الإكليل، والعاقبة، والغاية التي حصل عليها. من ناحية، كان بولس يحرض الناس ويضللهم. ومن ناحية أخرى، كان لديه هدف خبيث للغاية. ففي أعماق قلبه، فكَّر: "في الظروف غير المحتملة حيث لا أحصل على إكليل، حيث يتضح أن الأمر لم يكن سوى تصوري وتفكيري الخاص القائم على التمني، فهذا سيعني أن كل من يؤمن بالمسيح، بمن فيهم أنا، كان مُضللًا في إيمانه. سيعني ذلك أنه لا وجود لله على الأرض، وسأنكر وجودك في السماء أيضًا، يا الله، ولن تستطيع أن تفعل شيئًا حيال ذلك!" ما كان يشير إليه ضمنًا هو: "إنْ لم أحصل على هذا الإكليل، فلن ينكرك الإخوة والأخوات فحسب، بل سأمنعك من ربح كل الناس الذين قد حرضتُهم والذين يعرفون هذا الكلام. وسأمنعهم أيضًا من ربحك، وفي الوقت نفسه، سأنكر وجودك بصفتك الله في السماء. أنت لست بارًّا. وإن لم أستطع، أنا بولس، أن أحصل على إكليل، فلا ينبغي لأحد أن يحصل عليه!" كان هذا هو الجزء الخبيث في بولس. أليس هذا سلوك ضدٍّ للمسيح؟ هذا سلوك إبليس ضد للمسيح: تحريض الناس، وتضليلهم، وإغرائهم، إضافة إلى الاحتجاج علانيةً على الله ومعارضته. فكَّر بولس في أعماق قلبه: "إن لم أحصل على إكليل، فالله ليس بارًّا. وإن نلتُ إكليلًا، فعندئذٍ فقط يكون إكليل بر، وعندئذٍ فقط يكون بر الله برًّا حقًّا". وهذا هو أصل "إكليل البر" الخاص به. ماذا كان يفعل بذلك؟ كان يحرِّض أولئك الذين اتبعوا الله ويضللهم علانية. وفي الوقت نفسه، كان يستخدم هذه الأساليب ليحتج علانيةً على الله ويعارضه. وبعبارة أخرى، كان سلوكه سلوك عصيان. وما كانت طبيعته؟ تبدو الكلمات التي استخدمها بولس في ظاهرها متكلِّفة ومقبولة، ولا يبدو أن ثمة خطأ بها – فمن عساه لا يؤمن بالله لكي ينال إكليل البرّ ويحظى بالبركة؟ حتى الأشخاص الذين لا يملكون أي مستوى قدرات – على أقل تقدير – يؤمنون بالله من أجل دخول السماء. وسيسعدون حتى لو طُلب منهم كَنْس الطرقات أو حراسة بوابة هناك. إن وجود هذه النية والهدف في إيمان المرء بالله يمكن اعتباره صحيحًا ومفهومًا. على الرغم من ذلك، لم يكن هذا هو هدف بولس الوحيد. لقد بذل الكثير من الجهد، واستنفد الكثير من الطاقة، وأثار الكثير من الضجة فيما يتعلق بوعظه عن إكليل البر. الأشياء التي قالها بولس كشفت عن طبيعته الخبيثة، إضافة إلى أشياء خفية مظلمة في قرارة نفسه. لقد حقق بولس شهرة واسعة لنفسه آنذاك، وكان هناك الكثير من الناس الذين كانوا يعبدونه. فقد كان يجول في كل مكان مُبشِّرًا بهذه النظريات والأفكار الرَّنانة ومفاهيمه وتصوراته، وما تعلمه في دراسته، وما استنتجه بعقله. عندما بشَّر بولس بهذه الأشياء في كل مكان، ما مدى ضخامة التأثير الذي لا بد أنه قد تركه على الناس آنذاك، وما مدى شدة الضرر الذي لا بد أنه قد أُلحق بهم وسممهم في أعماق قلوبهم؟ وأيضًا، ما مدى ضخامة تأثيره على الناس في الأجيال اللاحقة ممن تعلموا هذه الأشياء من رسائله؟ إن الناس الذين قرأوا كلامه لا يستطيعون تخليص أنفسهم من هذه الأشياء مهما طالت مدة محاولتهم؛ لقد تسمَّموا بعمق! ما مدى العمق؟ برزت ظاهرة تسمى "تأثير بولس". ما المقصود بتأثير بولس؟ ثمة ظاهرة في الدين حيث يتأثر الناس بأفكار بولس وآرائه وحججه وما كشف عنه من شخصيات فاسدة. وهي تؤثر خصيصًا على الأشخاص الذين آمنت عائلاتهم بالله على مدار عدة أجيال؛ هي عائلات قد اتبعت المسيح على مدار عدة عقود. يقولون: "إن عائلتنا قد آمنت بالرب على مدار أجيال، ولا تتبع الاتجاهات الدنيوية. لقد نأينا بأنفسنا عن العالم العلماني، وتخلينا عن عائلاتنا ومهننا لنبذل أنفسنا لله. فكل ما نفعله هو نفس ما فعله بولس. وإن لم ننل الأكاليل أو ندخل إلى السماء، فسنختصم مع الله عندما يأتي". ألا يطرح الناس هذه الحجة؟ (بلى، إنهم يطرحونها). وهذا الاتجاه بارز للغاية. فمن أين يأتي مصدر هذا الاتجاه؟ (مما وعظ به بولس). إنها النتيجة الخبيثة للورم الذي زرعه بولس. لو لم يحرض بولس الناس على مثل هذه الأمور، ولم يقل دائمًا: "قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ" و"لِيَ الْحَيَاةُ هِيَ الْمَسِيحُ"، فلولا خلفية تلك الحقبة من التاريخ لما كان لدى الناس الآن أي معرفة بهذه الأمور. حتى لو كانت لديهم هذه الطريقة في التفكير، ما كانوا سيمتلكون جرأة بولس. كان هذا كله بسبب تشجيع بولس وتحريضه. إذا جاء يوم لا ينعمون فيه بالبركة، فسيمتلك هؤلاء الناس الجرأة على تحدي الرب يسوع علانية، بل سيرغبون في الصعود إلى السماء الثالثة والاختصام في هذا الأمر مع الرب. أليس هذا هو العالم الديني الثائر على الرب يسوع؟ من الواضح أن العالم الديني قد تأثر ببولس تأثرًا شديدة! الآن وقد تحدثتُ حتى هذه النقطة، يمكنكم استنتاج ما خطيئة بولس الخامسة، أليس كذلك؟ عندما يتعلق الأمر بتلخيص أصل "إكليل البرّ" الذي تحدث عنه بولس، فإن التركيز ينصبّ على كلمة "البر". لماذا ذكر "البر"؟ على الأرض، كان ذلك لأنه أراد أن يحرِّض شعب الله المختار ويضلله، بحيث يفكر بالطريقة التي كان يفكر هو بها. وفي السماء، أراد أن يجبر يد الله بهذه الكلمة، ويحتج عليه. كان هذا هو هدف بولس. وعلى بالرغم من أنه لم يصرح بذلك قط، فإنَّ كلمة "البر" قد كشفت تمامًا عن هدفه وميله إلى الاحتجاج على الله. لقد كان الأمر كله في العلن بالفعل؛ فهذه كلها حقائق. واستنادًا إلى هذه الحقائق، هل يمكن تلخيص جوهر طبيعة بولس في كونه متغطرسًا وبارًّا في عينيّ ذاته ومخادعًا وغير محب للحق فحسب؟ (لا). لا يمكن لهذه المصطلحات أن تلخصه. ومن خلال طرحي لهذه الحقائق وتشريحها وتحليلها وتعريفها، يجب أن تكونوا قادرين على رؤية جوهر طبيعة بولس بشكل أكثر وضوحًا وشمولًا. وهذا هو التأثير الذي يتحقق بتحليل الجوهر بناءً على الحقائق. عندما احتج بولس على الله، لم يكن يعاني من لحظة انفعال بسيطة، أو شخصية متمردة بعض الشيء، أو عدم قدرة على الخضوع في السر. لم تكن هذه مشكلة عادية تتمثل في الكشف عن شخصية فاسدة؛ بل تفاقمت إلى استخدام كل أنواع الأساليب لتحريض الناس وتضليلهم علانيةً عبر الرسائل وفي الأماكن العامة، بحيث ينتفض الجميع معًا في غضبٍ لمعارضة الله والاحتجاج عليه. إنَّ بولس لم يحتج على الله فحسب، بل حرَّض الجميع على أن يأتوا ليحتجوا على الله أيضًا؛ هو لم يكن متغطرسًا فحسب، بل إبليسًا! وهذه الخطيئة أشد خطورة من سابقتها. أهو شيء جيد أم سيئ أننا نتحدث عن خطايا متزايدة الخطورة؟ (إنه لأمر جيد). لماذا هو جيد؟ (لأننا نكتسب المزيد من التمييز عن بولس). وعندما تمتلك المزيد من التمييز، ستكون قادرًا على أن تكشف تمامًا عن مظاهر بولس المختلفة وكشوف فساده ووجهه الحقيقي، وأن تراها بوضوح. وهل بذلك نكون قد حققنا هدفنا؟ (لا، لن نكون قد حققناه). عليكم أن تأخذوا كل مظاهر بولس التي لخصناها، إضافة إلى مضمونها الرئيسي وموضوعاتها وجوهرها، وأن تربطوها بأنفسكم. وعندما ترون بوضوح مدى الفرق الكبير بين الطريق الذي تسلكونه وجوهر أنفسكم مقارنةً ببولس، فإنكم تكونون قد حققتم النتائج بالكامل، وتكونون قد حققتم هدفنا من تشريح بولس. يوجد البعض ممن يقولون: "لا توجد لدي أي مظاهر لسعي بولس إلى إكليل البر". ربما لا تكون مظاهرك وجوهر نفسك وجوهره بالشدة نفسها التي كان عليها بولس، لكن يوجد قدر من التداخل بين جوهرك وجوهره. كانت لديه مظاهر مثل هذه، وأنت لديك حالات مثل هذه. يمكن القول إن مظاهر بولس كانت بدرجة 10 أو 12 على المقياس، فماذا عنك؟ (أنا عند 7 أو 8). كان بولس يكشف عن هذه الأشياء في جميع الأوقات، وكان ممتلئًا بها في جميع الأوقات. على الرغم من أنك قد لا تكشف عن هذه الأشياء طوال الوقت، فإنك لا تزال تكشف عنها في كثير من الأحيان. أنت على الأرجح تقضي نصف حياتك في القيام بهذه الأشياء، وفي العيش في هذه الحالات. لا سيَّما عندما يضعك الله في التجارب، وعندما لا يتطابق عمل الله مع مفاهيمك، وعندما يُهذّبك، وعندما لا تفي البيئات التي يرتبها لك بتوقعاتك، فقد يؤدي هذا إلى تولُّد هذا النوع من الحالات في داخلك؛ وقد تحتج على الله وتعارضه. في مثل هذه الأوقات، يمكن أن يكون تحليلنا لكيفية تحريض بولس للناس وتضليله إياهم مفيدًا لك. لماذا؟ لأن ذهنك الآن يدرك مدى شدة مظاهر بولس في طبيعتها، فهي لم تكن مجرد كشوف بسيطة عن شخصيات فاسدة، بل كانت جوهرًا إبليسيًا يعارض الله. وعندما تنشأ فيك مثل هذه الحالات، ستعرف بالضبط مدى خطورة هذه المشكلة. فعليك أن ترجع عن هذه الحالة الخاطئة وتتوب منها وتتخلى عنها. وعليك أن تبتعد عنها وتطلب الحق وتطلب طريق الخضوع لله. هذا هو الطريق الحق الذي يجب أن يتبعه البشر، والقانون الذي يجب أن تتمسك به الكائنات المخلوقة. فهذه الشركة مفيدة للناس.

لدى بولس عبارة أخرى مشهورة؛ ما هي؟ ("لِأَنَّ لِيَ ٱلْحَيَاةَ هِيَ ٱلْمَسِيحُ وَٱلْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ" (فيلبي 1: 21)). لم يُقر بولس بهوية الرب يسوع المسيح؛ لم يقر بأن الرب يسوع المسيح كان الله المتجسد الذي يعيش على الأرض، ولا بحقيقة أن الرب يسوع المسيح كان تجسيدًا لله. وفي المقابل، رأى بولس نفسه كالمسيح. أليس هذا مثيرًا للاشمئزاز؟ (إنه كذلك). هذا مثير للاشمئزاز، وجوهر هذه المشكلة خطير جدًا. في عقل بولس، من كان المسيح بالضبط؟ ماذا كانت هوية المسيح؟ كيف أمكن لبولس أن يكون مهووسًا بأن يكون المسيح؟ إذا كان المسيح في عقل بولس شخصًا عاديًا ذي شخصيات فاسدة، أو شخصًا عديم الأهمية لعب دورًا غير ملحوظ، ولم تكن لديه أي قوة، ولا هوية نبيلة، ولا قدرات أو مهارات تفوق تلك التي لدى الأشخاص العاديين، فهل كان بولس سيظل راغبًا في أن يكون المسيح؟ (لا، لم يكن ليرغب). بالتأكيد لن يرغب. كان بولس يرى نفسه بوصفه متعلمًا جيدًا، ولم يكن يريد أن يكون شخصًا عاديًا، لقد أراد أن يكون إنسانًا خارقًا، ورجلاً عظيمًا، وأن يتفوق على الآخرين؛ فكيف كان من الممكن أن يتمنى أن يكون المسيح الذي يعتبره الأشخاص الآخرون متواضعًا وغير مهم؟ في ضوء هذا، ما المكانة والدور اللذين كان المسيح يشغلهما في قلب بولس؟ ما الهوية والمكانة اللتان يجب أن يتمتع بهما المرء، وما الذي يجب أن يظهره من السلطان والقوة والحضور ليكون المسيح؟ هذا يكشف ما تصوَّر بولس أنَّ المسيح عليه، وما عرفه عن المسيح؛ أي كيفية تعريفه للمسيح. لهذا السبب كان لدى بولس الطموح والرغبة في أن يكون المسيح. ثمة سبب معين جعل بولس يرغب في أن يكون المسيح، وهو ظاهر جزئيًا في رسائله. دعونا نحلل بضعة أمور. عندما كان الرب يسوع يؤدي العمل، فعل بعض الأشياء التي مثَّلت هويته كمسيح. هذه الأشياء هي رموز ومفاهيم رأى بولس أن هوية المسيح تمتلكها. ما هذه الأشياء؟ (أداء آيات وعجائب). بالضبط. كانت تلك الأشياء هي شفاء المسيح للناس من أمراضهم، وطرد الشياطين، وأداء الآيات والعجائب والمعجزات. رغم أن بولس اعترف بأن الرب يسوع كان المسيح، فلم يكن ذلك إلا بسبب الآيات والعجائب التي أداها المسيح. لذا عندما نشر بولس إنجيل الرب يسوع، لم يتحدث مُطلقًا عن الكلمات التي تحدث بها الرب يسوع، أو عما وعظ به. في عيني بولس عديم الإيمان، فإن حقيقة أن المسيح كان قادرًا على قول العديد من الأشياء، والوعظ بالكثير، وأداء الكثير من العمل، وجعْل الكثير من الأشخاص يتبعونه، كانت تُضفي على هوية الرب يسوع ومكانته شرفًا معينًا؛ كان يحظى بمجد ونُبل لا حدود لهما، وهو ما يجعل مكانة الرب يسوع بين الناس عظيمة جدًا ومرموقة. هذا ما رآه بولس. مما أظهره الرب يسوع المسيح وكشف عنه في أثناء أداء العمل، ومن هويته وجوهره، لم يكن ما رآه بولس هو جوهر الله أو حق الله أو طريقه أو حياته، ولا جماله أو حكمته. ما الذي رآه بولس؟ بأسلوب معاصر في التعبير، كان ما رآه هو بريق الشهرة، وقد أراد أن يكون من المعجبين بالرب يسوع. عندما كان الرب يسوع يتكلم أو يؤدي عمله، كان الكثيرون من الناس يستمعون؛ كم كان ذلك مجيدًا ولا بد! لقد كان ذلك شيئًا لطالما انتظره بولس، لقد اشتهى وصول تلك اللحظة. كان يتوق إلى اليوم الذي يستطيع فيه أن يعظ بلا نهاية مثل الرب يسوع، الذي كان لديه الكثير من الأشخاص ينظرون إليه باهتمام بالغ، بإعجاب وبلهفة في أعينهم، راغبين في اتباعه. كان بولس مأخوذًا بالحضور المهيب للرب يسوع. الواقع أنه لم يكن مأخوذًا حقًا بذلك؛ وإنما كان حاسدًا لامتلاك هوية وحضور كانا الناس يتطلعون إليهما، ويولونهما اهتمامًا ويعبدونهما، ويقدِّرونهما كثيرًا. هذا ما كان بولس حاسدًا له. فكيف كان يمكنه تحقيق ذلك؟ هو لم يؤمن أن الرب يسوع المسيح حقق هذه الأشياء من خلال جوهره وهويته، بل اعتقد أنه حققها بسبب لقبه. لذا كان بولس يتوق إلى أن يكون شخصيةً مهمة وأن يكون له دور يمكِّنه من أن يحمل اسم المسيح. بذَلَ بولس جهدًا كبيرًا ليضع نفسه في دور مثل هذا، أليس كذلك؟ (بلى). ما الجهود التي بذلها؟ وَعَظ في كل مكان، بل إنه أيضًا أدى معجزات. في نهاية المطاف، استخدَم في تعبير نفسه عبارةً تُشبع رغباته وطموحاته الداخلية. ما العبارة التي استخدَمها ليُعرِّف نفسه؟ ("لِأَنَّ لِيَ ٱلْحَيَاةَ هِيَ ٱلْمَسِيحُ وَٱلْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ"). الحياة هي المسيح. هذا هو الشيء الرئيسي الذي أراد تحقيقه؛ كانت رغبته الكبرى أن يكون المسيحَ. ما الرابط بين هذه الرغبة وبين مساعيه الشخصية والطريق الذي سلكه؟ (لقد وقَّر القوة، وسعى لأن يجعل الناس يتطلعون إليه). هذه محض نظرية؛ ينبغي أن تتحدث عن بعض الحقائق. أظهر بولس رغبته في أن يكون المسيح بطُرُق عملية؛ تعريفي له لا يعتمد فقط على عبارة واحدة قالها. من أسلوب أفعاله وطرقها ومبادئها، يُمكِننا أن نرى أن كل شيء فعله كان يتمحور حول هدفه في أن يكون المسيح. هذا هو الأصل والجوهر في سبب قيام بولس وفعله العديد من الأشياء. أراد بولس أن يكون المسيح، وقد أثر هذا في مساعيه، وفي طريقه في الحياة وإيمانه. ما الطُرُق التي تجلى فيها هذا التأثير؟ (كان بولس يتباهى ويشهد لنفسه في كل عمله ووعظه). هذه إحدى الطُرُق؛ كان بولس يتباهى في كل مناسبة. لقد أوضح للناس كيف عانى، وكيف فعل الأشياء، وماذا كانت مقاصده، لذا عندما سمع الناس ذلك، ظنوا أنه يشبه المسيح تمامًا، وأرادوا حقًا أن أن يدعوه المسيح. كان هذا هدفه. لو أنَّ الناس دعوه المسيحَ حقًا، هل كان سينكر ذلك؟ هل كان سيرفض ذلك؟ (لا، لم يكن ليفعل ذلك). بالتأكيد لم يكن ليفعل؛ بل كان سيبتهج بالتأكيد. هذه إحدى الطرق التي تجلى بها التأثير في مساعيه. ما الطُرُق الأخرى؟ (لقد كتب رسائل). نعم، كتب بعض الرسائل لتمرَّر عبر الأجيال. في رسائله، وعمله، وخلال عملية رعايته للكنائس، لم يذكر اسم الرب يسوع مرةً واحدةً مطلقًا، ولم يفعل أشياءً باسم الرب يسوع المسيح، ولم يُمجد اسم الرب يسوع المسيح. ما التأثير السلبي الذي نتج عن عمله وحديثه دومًا بهذه الطريقة؟ كيف أثر هذا في أولئك الذين اتّبعوا الرب يسوع؟ لقد جعل ذلك الناس يُنكِرون الرب يسوع المسيح، وأخذ بولس مكانه. كان يتوق إلى أن يسأل الناس: "من هو الرب يسوع المسيح؟ لم أسمع عنه قط. نحن نؤمن ببولس المسيح". كان هذا سيسعِّده. كان هذا هدفه، وأحد الأمور التي سعى من أجلها. ومن الطُرُق التي تجلى بها هذا التأثير هي كيفية عمله؛ كان يثرثر دائمًا عن أفكار جوفاء، ويتحدث دون انقطاع عن نظريات فارغة لجعل الناس يرون مدى قدرته وإقناعه في عمله، وكم ساعد الناس، وأنه يمتلك حضورًا معينًا، كما لو أن الرب يسوع المسيح قد ظهر مجددًا. إحدى الطُرُق الأخرى التي تجلى بها هذا التأثير هي أنه لم يُمجد الرب يسوع المسيح مطلقًا، ولم يُمجد اسمه بالطبع، ولم يشهد لكلام الرب يسوع المسيح وعمله، أو يشهد لمدى استفادة الناس منهما. هل وعظ بولس عظات عن الكيفية التي ينبغي للناس أن يتوبوا بها؟ لم يفعل ذلك بالطبع. لم يعظ بولس مطلقًا عن العمل الذي أداه الرب يسوع المسيح، أو عن الكلمات التي تحدث بها، أو عن كل الحقائق التي علمها للناس؛ أنكر بولس هذه الأشياء في قلبه. ليس الأمر فحسب أنَّ بولس أنكر الكلمات التي قالها الرب يسوع المسيح والحقائق التي علمها للناس، بل إنه عامل كلماته وعمله وتعاليمه هو على أنها الحق. لقد استخدَم هذه الأشياء لتحل محل كلمات الرب يسوع، وليجعل الناس يمارسون كلماته ويلتزمون بها كما لو كانت هي الحق. ما الذي دفع لظهور هذه المظاهر والكشوفات؟ (رغبته في أن يكون المسيح). كانت مدفوعةً بمقصده ورغبته وطموحه في أن يكون المسيح. كان هذا مرتبطًا بشكل وثيق بممارسته ومساعيه. هذه هي الخطيئة السادسة لبولس. هل هي خطيئة جسيمة؟ (نعم، إنها كذلك). جميع خطاياه جسيمة؛ جميعها تنذر بالموت.

الآن سأعقد شركةً عن الخطيئة السابعة لبولس. هذه الخطيئة أكثر جسامةً. قبل أن يدعوه الرب، كان بولس مؤمنًا باليهودية. اليهودية هي الإيمان بالله يهوه. ما مفهوم هؤلاء الذين يؤمنون بالله يهوه عن الله؟ هويتمثل في الأشياء التي اختبرها أسلافهم عندما قادهم الله يهوه خارج مصر إلى أرض كنعان الطيبة: كيف ظهر الله يهوه لموسى، وكيف أرسل عشر ضربات على مصر، وكيف استخدم عمودي السحاب والنار لقيادة بني إسرائيل، وكيف أعطاهم شرائعه، وما إلى ذلك. هل كان أولئك الذين آمنوا باليهودية في ذلك الوقت يظنون أن كل هذه الأشياء كانت مجرد خيال أو مفاهيم أو أساطير، أم أنهم ظنوا أنها كانت حقائق؟ في ذلك الوقت، آمن شعب الله المختار وأولئك الذين كانوا أتباعًا حقيقيين وأقروا بأن الله الذي في السماء موجود وأنه كان حقيقيًا. كانوا يعتقدون: "حقيقة أن الله خلق البشرية صحيحة. أيًا كان الوقت الذي مر على حدوث ذلك، فإنَّ هذه الحقيقة تبقى صحيحةً. ليس الأمر فحسب أنَّ علينا أن نؤمن بها، بل ينبغي أن نكون على يقين منها ونشارك هذه الحقيقة. هذه مسؤوليتنا والتزامنا". رغم ذلك، شعرت مجموعة أخرى من الأشخاص الذين كانوا عديمي إيمان بأن هذه الأشياء ربما كانت محض أساطير. لم يحاول أحد التحقق من هذه القصص أو البحث فيما إذا كانت حقيقيةً أم خياليةً؛ كانوا يؤمنون بها جزئيًا فحسب. كانوا عندما يحتاجون إلى الله يأملون أن يكون الله حقيقيًا وأن يستطيع أن يمنحهم ما يسعون إليه ويُصلون من أجله ويتوقون إليه؛ كانوا عندما يُصلون إلى الله أملًا في الحصول على شيء ما، يرجون أن يكون هذا الإله موجودًا. بفعل هذا، كانوا يعاملون الله كدعامة نفسية فحسب. لم يروا حقيقة أن الله يُخلص الإنسان، ولم يقبلوا الحقائق التي عبر عنها الله. لم يكن هذا إيمانًا حقيقيًا بالله؛ فقد كانوا عديمي الإيمان بالفعل. كيف أظهر النوع الأدنى من الناس أنفسهم؟ كل ما فعلوه هو خدمة الله في الكنيسة، وتقديم التقدمات له، واتباع كل الطقوس، وحتى الإيمان بكل أنواع الأساطير. رغم ذلك، لم يكن الله في قلوبهم، وكان الله في مفاهيمهم وتصوراتهم مبهمًا وأجوفًا. بمَ كان يؤمن الأشخاص الذين هم على هذا النحو؟ بالمادية. كانوا يؤمنون بالأشياء التي يُمكِنهم رؤيتها فحسب. في أعينهم، كانت الأشياء الأسطورية، والأمور الغامضة، وكل ما في العالم الروحي الذي لا يُمكِنهم لمسه بأيديهم، أو رؤيته بأعينهم، أو سماعه بآذانهم، غير موجود. يقول بعض الناس: "إذًا، هل يؤمنون بوجود أشياء لا يُمكِنهم رؤيتها، مثل الأحياء المجهرية؟" نعم، يؤمنون تمامًا بهذه الأشياء. يؤمنون تمامًا بالعلم، والإلكترونات، وعلم الأحياء المجهرية، والكيمياء. يؤمن عديمو الإيمان أن هذه الأشياء حقيقية أكثر من أي شيء. إنهم ماديون حقيقيون. نحن نتحدث عن هذا من أجل تحليل الأنواع الثلاثة من الناس: المؤمنون الحقيقيون، وأولئك الذين يؤمنون جزئيًا، والماديون الذين لا يؤمنون بوجود الله على الإطلاق. بعض الناس يقولون: "هل هناك إله حقًا؟ أين هو؟ كيف يبدو؟ سمعتُ أن الله في السماء الثالثة. فما ارتفاع السماء الثالثة؟ وما مدى بعدها؟ وما مقدار كبرها؟ يقول الناس أيضًا إنَّ ثمة سماء، وأنها مرصوفة بالقرميد الذهبي وبلاط اليَشْم، وأن الجدران ذهبية أيضًا. كيف يُمكِن أن يكون هناك مكان رائع مثل هذا؟ هذا عبث! سمعت أنه في عصر الناموس، أعطى الله شرائعه لشعبه المختار، وأن ألواح الناموس لا تزال موجودةً. ليس هذا على الأرجح سوى أسطورة، شيء تستخدمه الطبقة الحاكمة للسيطرة على الجماهير". هل لدى هذه المجموعة من الناس إيمان حقيقي بالله؟ (لا، ليس لديهم). إنهم لا يؤمنون بأن الله موجود حقًا، أو بحقيقة أنه خلق البشر وقاد البشرية حتى اليوم الحاضر. لماذا إذًا يخدمون في الكنيسة؟ (ﻷنهم يعاملون خدمة الله على أنها وظيفة وقسيمةً للحصول على وجبة). هذا صحيح. يرونها كوظيفة وقسيمةً للحصول على وجبة. إذًا، من أي نوع من الأشخاص كان بولس؟ (من النوع الثالث). هذا متصل بجوهر طبيعته. كان بولس يحب أن يثرثر عن النظريات الفارغة. كان يحب الأمور الفارغة، والأشياء الغامضة والأشياء الخيالية. كان يحب الأشياء العميقة والتي يصعب استيعابها، والتي لا يُمكِن تقديمها بمصطلحات ملموسة. كان يحب الإفراط في التفكير في الأشياء، وكان متحيزًا وعنيدًا، وكان لديه فهم محرف. الأشخاص الذين هم هكذا ليسوا بشرًا. كان هذا هو نوع الأشخاص الذي هو عليه. بالنظر إلى شخصية بولس وجوهر طبيعته، إضافةً إلى تفضيلاته وآماله ومساعيه وطموحاته، رغم أنه خدم في الكنيسة وكان تلميذًا لمعلم شهير، فإن المعرفة التي تعلمها كانت مجرد أداة بالنسبة إليه لإشباع رغباته وطموحاته وغروره الخاص، وليحصل لنفسه على قسيمة للحصول على وجبة، ومكانة، ومنزلة في المجتمع. بالنظر إلى جوهر طبيعة بولس ومساعيه، ما مقدار ما كان لديه من الإيمان بيهوه؟ لم يكن إيمانه وعدًا، بل كلمات فارغة فحسب. لقد كان عديم الإيمان، وملحدًا، وماديًا. يسأل بعض الأشخاص: "إذا كان بولس عديم الإيمان، فلماذا أصبح رسول الرب يسوع المسيح ونشر إنجيل عصر النعمة؟" أخبروني، كيف كان قادرًا على السير في هذا الطريق؟ ما الذي دفعه؟ وماذا كانت نقطة التحول بالنسبة له التي جعلته يتخذ هذا الدور، وجعلت عديم إيمان مثله قادرًا على السير في طريق مثل هذا، ويمر بتحول؟ إلامَ أشير عندما أتحدث عن "تحول"؟ كان ذلك عندما صُرِع بولس في الطريق إلى دمشق؛ كان ذلك هو التحول في حياته. لقد اختبر نوعين من التحولات: الأول هو أنه انتقل من عدم الإيمان بالله إلى الإيمان بأن الله موجود قطعًا لأن الرب يسوع الذي كان بولس يضطهده في البداية ظهر له في الطريق إلى دمشق. صرخ بولس: "مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟" في الواقع، في أعماقه لم يكن بولس يؤمن أن هذا الرب وهذا الله موجود، لكنه لم يستطع منع نفسه من النداء: "مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟" ماذا قال الرب يسوع؟ ("أَنَا يَسُوعُ ٱلَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ" (أعمال 9: 5)). في اللحظة التي قال فيها الرب يسوع ذلك، اقتنع بولس بحقيقة: لقد ظهر رب لم يكن قد رآه مطلقًا من قبل، كان بولس غير قادر على التخيّل، وكان أقوى من أن يستطيع تخيّله. كيف اقتنع بأن الرب كان أقوى مما يُمكِن أن يتخيله؟ لأن يسوع الذي لم يكن بولس يؤمن مطلقًا بأنه الله، ظهر أمامه عندما كان لا يتوقع ذلك إطلاقًا. ما مدى قوة الرب يسوع؟ اقتنع بولس بعظمة قوته عندما عميت عيناه بنوره. إذًا، هل أمكن أن يقتنع بأن الرب يسوع هو الله؟ (لا). لم لا؟ (ﻷن بولس لم يكن يؤمن بوجود الله في المقام الأول). هذا صحيح، ﻷنه لم يكن يؤمن بوجود الله على الإطلاق. الآن، لديكم جميعًا إيمان وأساس في قلوبكم، لذا لو ظهر الله لك، حتى لو كان صوته فقط أو ظهره، وإذا تحدث إليك أو نادى باسمك، فستكون مقتنعًا بحقيقة: "هذا هو الله الذي أؤمن به. لقد رأيته ولقد سمعته. لقد اقترب الله مني". سوف تقتنع لأنه لديك إيمان في قلبك، لقد حلمتَ بهذه اللحظة، وأنت لستَ خائفًا. لكن هل هذا ما فكر فيه بولس؟ (لا). لم يكن لديه إيمان قط في قلبه. ماذا كانت فكرته الأولى؟ (الخوف). كان خائفًا لأن هذا الكيان كان قادرًا على صرعه وقتله! لقد أخافه وأرعبه هذا أكثر من الجحيم، الذي لم يتمكن من رؤيته. لقد كان خائفًا أشد الخوف. لم يكن في قلبه إيمان بالله على الإطلاق؛ يُمكِنك القول إنه لم يكن لديه أي فكرة عن الله. لذا، عندما قام الرب يسوع بعمله، سواءً كان أداء آيات وعجائب، أو وعظ عظات، مهما بلغ عدد الأشخاص الذين تبعوه، أو مدى الإبهار الذي كان عليه، أو مدى ضخامة المشهد، فإنَّ الرب يسوع لم يكن في عقل بولس أكثر من مجرد شخص عادي. لقد استهان بالرب يسوع ولم يكن له أي تقدير. لكن الآن، كان ابن الإنسان العادي الذي استهان به يقف أمامه مباشرةً، لم يعُد في جسد شخص عادي، ولم يكن بمجرد صوت، بل بعمود من النور! بالنسبة إليه، كانت لحظةً لن ينساها أبدًا في مليون عام. كان النور باهرًا جدًا! كيف صرع الله بولس؟ عندما اقترب الله من بولس، عمي بولس فورًا وسقط على الأرض. ما الذي كان يحدث؟ هل سقط طواعيةً وبإرادته، أم كان مستعدًا بالفعل لذلك؟ (لا، لم يستطع التحمل فحسب). جسم الإنسان مجرد جسد؛ لا يُمكِنه التحمل. عندما يقترب الله منك حقًا، فإنه لن يكون في الجسم المادي العادي الذي رأيت فيه الرب يسوع؛ ذلك الجسم البهيج الودود، والمتواضع والعادي، والذي هو من لحم ودم؛ لن يكون شخصًا لا يبدو مميزًا بالنسبة إليك، وشخصًا لا تفكر فيه مجددًا. عندما يقترب الله منك حقًا، حتى لو لم يصرعك، فإنك لن تكون قادرًا على تحمل الأمر! في أعماق قلب بولس، كان أول ما أحس به: "لقد اقترب مني الرب يسوع الذي كنت اضطهده وأستهين به. هذا النور قوي جدًا!" هل قال الله له أن يسجد؟ هل قال: "ينبغي عليك أن تسجد"؟ (لا، لم يفعل). إذًا، لماذا وقع بولس على الأرض ووجهه إليها؟ (لقد كان خائفًا). لا. لقد خلق الله البشر، وهم ضئيلون جدًا وضعفاء لدرجة أنه عندما يلمس نور الله أجسادهم، لا يمكنهم إلا أن يخروا على الأرض. الله كبير جدًا وقوي جدًا؛ إنه أعظم مما يُمكِن لقدراتهم وأعصابهم أن تتحمله. لم يُقر بولس بالرب يسوع بوصفه الله أو الرب، فلماذا قد يسجد طواعيةً؟ لقد سقط ووجهه في الأرض؛ كان عاجزًا تمامًا ومشلولاً. كبريائه الأولي، وتكبره، وغطرسته، وبره الذاتي، وأهميته الذاتية – كل هذا قد اختفى في تلك اللحظة. لم يظهر الله لبولس بشخصه الحقيقي؛ بل نوره فقط هو الذي أشرق عليه، وعندما رأى بولس النور، كانت هذه هي النتيجة؛ كان هذا هو مقدار التأثير الذي أحدثه فيه. كان هذا هو تحول بولس. لو لم يكن ثمة سياق فريد وراء هذا التحول، أو إذا لم تكن هذه حالة خاصة، فإن شخصًا عاديًا له إنسانية وضمير، ويسعى إلى الأمور الإيجابية، ويسعى إلى الحق، كان هذا ليكون أمرًا جيدًا ﻷنه عندما يرى شخص ما الله، فإن ذلك يؤثر في سعيه في كامل حياته. بالنظر إلى ما سُجِّل في الكتاب المقدس، كان من النادر على مدار القرون أن يسمع شخص الله يتحدث. لقد سمع أيوب الله يتحدث إليه في زوبعة بعد امتحانه إياه. قضى أيوب حياته بأكملها ساعيًا إلى الخضوع لترتيبات الله، وفهم سيادة الله، لكن أيوب لم يرَ الله قط إلى أن بلغ السبعين من عمره؛ بل اختبر سيادة الله فقط، ورغم ذلك، امتلك أيوب الإيمان الذي كان لديه. عندما سمع الله بأمِّ أذنيه يتحدث إليه، ألم يكن ذلك تحولاً كبيرًا في إيمانه؟ (بلى، كان كذلك). كان هذا التحول ارتقاءً، نقطة ازداد فيها إيمانه أكثر. إنَّ هذا قد أكد له بدرجة أكبر أن كل العمل الذي قام به الله – الذي آمن به وخضع له – في الناس كان صوابًا وخيرًا، وأن الناس ينبغي أن يخضعوا لله. لم يكن هذا تحولاً بسيطًا مثل الذي يختبره الإنسان العادي، حيث ينتقل تدريجيًا من الإيمان الذي يحيط به الشك إلى الإيمان الحقيقي الخالي من الشك. عوضًا عن ذلك، كان ارتقاءً، وصل فيه إيمانه مستوىً أعلى. فيما يخص بولس، ما التحول الذي كان من المفترض أن يُحدِثه فيه ظهور الله في هيئة صرعه له؟ ليس الارتقاء بالتأكيد، لأنه لم يؤمن بالله قبل ذلك قط، وبالتالي لا يُمكن تسميته ارتقاءً. إذًا، ماذا كان تأثير الأمر عليه؟ مجددًا، هذا متصل بمساعيه. أخبروني. (من أجل الحفاظ على حياته، أراد بولس أن يعمل من خلال نشر الإنجيل ليُكفر عن خطاياه). هذا صحيح تمامًا. كان يخشى الموت أيضًا، وكان شديد المراوغة. عندما اكتشف أن يسوع الذي كان يضطهده هو في الواقع الله، ارتعب وفكَّر: "ماذا أفعل؟ كل ما يُمكِنني فعله هو أن أستمع إلى أوامر الرب، وإلا فسأموت!" منذ تلك اللحظة، قَبِل إرسالية الله وبدأ في العمل من خلال نشر الإنجيل من أجل أن يكفِّر عن خطاياه. لقد فكر: "إذا نجحتُ حقًا في نشر الإنجيل ورضي الرب يسوع، فربما حتى أحصل على إكليل ومكافأة!" كانت هذه هي الحسابات الموجودة في أعماق قلبه. لقد ظن أنه وجد أخيرًا فرصةً أفضل في نيل البركات. قَبِل بولس إرسالية الرب من أجل التكفير عن خطاياه وإنقاذ حياته؛ كانت تلك هي النية والهدف من وراء إيمانه بالرب وقبوله إياه. منذ أن التقى الربَ يسوع في الطريق إلى دمشق وصُرِّع، مرَّ بتحول مثَّل بدايةً جديدةً في مساعيه وحياته في الإيمان بالله. هل كانت هذه البداية الجديدة إيجابيةً أم سلبيةً؟ (كانت سلبيةً). لم يدرك بر الله، وقَبِل إرسالية الرب يسوع باستخدام أسلوب الصفقات، وهو ما كان أكثر مراوغةً وشناعةً ومكرًا لأنه فقط خشى جلالة الله وخاف من أن يُصرَع؛ هذا أكثر إثارةً للاشمئزاز. رغم ذلك، ليس هذا هو المغزى من شركتي اليوم. من تحول بولس بعد لقاء نور الله العظيم، ومن الطُرُق المختلفة التي أظهر بها نفسه، يُمكِننا بوضوح أن نرى الطريق الذي كان عليه بولس، وما نوع الأشخاص الذي أظهر جوهر طبيعته أنه عليه. هذه الأمور واضحة تمامًا.

منذ أن صُرِع بولس، آمن بأن الرب يسوع المسيح كان موجودًا، وأن الرب يسوع المسيح كان الله. الإله الذي آمن به قد تحوَّل في الحال من الله الذي في السماء إلى الرب يسوع المسيح؛ تحوَّل إلى الله على الأرض. وبدءًا من تلك اللحظة فصاعدًا، لم يستطع أن يرفض إرسالية الرب يسوع، وبدأ في العمل دون توانٍ من أجل الله المتجسد – الرب يسوع. وبالتأكيد، كان الهدف من عمله جزئيًا هو أن تُغفر له خطاياه، لكن كان الهدف منه جزئيًا أيضًا هو أن يُرضي رغبته في أن يُبارك، وأن يحصل على الغاية التي أرادها. حين قال بولس: "بِمَشِيئَةِ ٱللهِ"، هل كان يقصد بـ "الله" يهوه أم يسوع؟ أصبح مشوشًا بعض الشيء، وفكَّر: "أنا أؤمن بيهوه، فلماذا صرعني يسوع؟ ولمَ لم يوقف يهوه يسوع عندما صرعني؟ أي منهما بالضبط هو الله؟". إنه لم يستطع أن يتوصل إلى معرفة ذلك. وعلى أي حال، فإنه لم يكن ليرى الرب يسوع قط بوصفه إلهه. وحتى لو اعترف به لفظيًا، ظل ثمة شك في قلبه. وبمضي الوقت، رجع تدريجيًا إلى الإيمان بأن "يهوه وحده هو الله"، ولذلك في كل رسائل بولس بعد ذلك، عندما كتب "بِمَشِيئَةِ ٱللهِ"، فإن كلمة "الله" كانت تشير على الأرجح إلى الله يهوه بصفة أساسية. ونظرًا لأن بولس لم يذكر بوضوح قط أن الرب يسوع هو يهوه، ودائمًا ما رأى الرب يسوع ابنًا لله، وأشار إليه بوصفه الابن، ولم يقل قط أي شيء على غرار "الابن والآب واحد"، فهذا يثبت أن بولس لم يدرك أبدًا أن الرب يسوع هو الإله الحق الواحد؛ فهو كان متشككًا في ذلك ولم يؤمن بذلك إلا نصف إيمان. وبالنظر إلى رأيه هذا عن الله، وطريقته في السعي، لم يكن بولس شخصًا يسعى إلى الحق. هو لم يفهم سر التجسد قط، ولم يدرك قط أن الرب يسوع الإله الحق الواحد. بناءً على هذا، فليس من الصعب معرفة أن بولس كان شخصًا يعبد السلطة وكان مراوغًا ومخادعًا. وما الذي تظهره لنا حقيقة أن بولس كان يعبد الخبث والسلطة والمكانة عن ماهية إيمانه؟ أكان لديه إِيمانٌ حقٌّ؟ (لا). لم يكن لديه إيمان حق، إذًا هل كان الإله الذي عرَّفه في قلبه موجودًا بالفعل؟ (لا). فلماذا إذًا ظلّ يخوض السعي ويبذل نفسه ويقوم بعمل من أجل الرب يسوع المسيح؟ (كان مقصده في أن يُبارك مسيطرًا عليه). (كان خائفًا من أن يُعاقَب). ها قد عدنا إلى هذه النقطة مرة أخرى. سبب ذلك أنه كان خائفًا من أن يُعاقَب، ولأنه كانت لديه شوكة في جسده لم يتمكن من نزعها، لذلك اضطر دائمًا أن يخوض السعي ويقوم بعمل، لئلا تؤلمه الشوكة التي في جسده أكثر مما يمكنه أن يتحمل. ومن مظاهره هذه، ومن كلماته، ومن ردة فعله على ما حدث في الطريق إلى دمشق، ومن أثر صرعه في الطريق إلى دمشق عليه بعد ذلك – يمكننا أن نرى أنه لم يكن لديه إيمان في قلبه؛ ويمكن للمرء أن يجزم بشكل أو بآخر أنه كان عديم إيمان وملحدًا. كانت وجهة نظره: "أيًا يكن مَن لديه قوة فأنا سأؤمن به. وأيًّا يكن مَن لديه قوة ويستطيع أن يُخضِعني، فإنني من أجله سأقوم بالمهام وأبذل كل ما في وسعي. وأيًّا يكن من يستطيع أن يعطيني غاية وإكليلًا ويرضي رغبتي في أن أكون مباركًا، فذاك هو من سأتبعه. سأتبعه إلى النهاية". فمَن كان الإله الذي في قلبه؟ يمكن لأي شخص أن يكون إلهه ما دام أقوى منه وقادرًا على إخضاعه. ألم يكن هذا جوهر طبيعة بولس؟ (نعم). إذًا، من كان الكيان الذي آمن به في النهاية والذي كان قادرًا على أن يصرعه على الطريق إلى دمشق؟ (الرب يسوع المسيح). إن "الرب يسوع المسيح" هو الاسم الذي استخدمه، ولكن الكيان الذي آمن به حقًا هو الإله الذي في قلبه. وأين إلهه؟ لو أنك سألته: "أين إلهك؟ هل هو في السماوات؟ هل هو بين جميع الأشياء المخلوقة؟ هل هو من يسود على كل البشرية؟"، لقال: "لا، إلهي على الطريق إلى دمشق". ذلك هو إلهه الحقيقي. فهل السبب في أن بولس كان قادرًا على الانتقال من اضطهاد الرب يسوع المسيح إلى العمل، وبذل نفسه، وحتى التضحية بحياته من أجل الرب يسوع المسيح – السبب في أنه كان قادرًا على القيام بمثل هذا التحول الكبير – هو أنه كان هناك تغيير في إيمانه؟ أكان ذلك بسبب أن ضميره قد تيقظ؟ (لا). إذًا ما الذي تسبب في ذلك؟ وما الذي تغيَّر؟ تغيرت ركيزته النفسية. فيما سبق، كانت ركيزته النفسية في السماوات؛ كانت شيئًا فارغًا ومبهمًا. وإذا حلَّ محلها يسوع المسيح، فقد كان بولس ليظن أنه كان تافهًا جدًا – يسوع كان مجرد إنسان عادي، ولا يمكنه أن يكون ركيزة نفسية – وكان تقدير بولس للشخصيات الدينية المشهورة أقل حتى من ذلك. أراد بولس فقط أن يجد شخصًا يمكنه أن يعتمد عليه؛ شخص كان قادرًا على إخضاعه وجعله مباركًا. ظن أن الكيان الذي قابله في الطريق إلى دمشق هو الأقوى، وأنه كان من يجب أن يؤمن به. تغيرت ركيزته النفسية في الوقت نفسه الذي تغير فيه إيمانه. بناءً على هذا، هل آمن بولس بالله حقًا أم لا؟ (لا). لنلخص، الآن، في جملة واحدة ما الذي أثر في مساعي بولس والطريق الذي كان عليه. (ركيزته النفسية). إذًا، كيف يتعين علينا أن نعرِّف خطيئة بولس السابعة؟ من جميع الوجوه، كان إيمان بولس ركيزة نفسية؛ كان فارغًا ومبهمًا. لقد كان عديم إيمان وملحدًا بكل معنى الكلمة. فلماذا لم يترك ملحد وعديم إيمان مثله العالم الديني وراء ظهره؟ من جهة، كانت مسألة الغاية توجد في مخيلته المبهمة. ومن جهة أخرى، كانت هناك مسألة أن يكون له مصدر رزق في الحياة. فالشهرة والمكسب والمكانة ومصدر الرزق كانت هي مساعيه في هذه الحياة، وكانت فكرة امتلاك غاية في العالم الآخر مصدر راحة له. وهذه الأشياء تشكل كل جذر وركيزة وراء ما يسعى إليه ويكشف عنه أمثال هؤلاء الأشخاص، والطريق الذي يسيرون فيه. من هذا المنظور، ماذا كان بولس؟ (عديم إيمان. إنه آمن بالإله المبهم). (ملحد). من الدقيق القول بأنه كان ملحدًا، وأنه كان عديم إيمان وانتهازيًا اندسَّ في المسيحية. وإذا سميتَه فريسيًا فقط، أليس هذا استهانة؟ إذا نظرتَ إلى الرسائل التي كتبها بولس، ورأيتَ أنها تقول من حيث الظاهر "بِمَشِيئَةِ ٱللهِ"، فقد تفترض أن بولس كان يرى أن الله الذي في السماء هو الأعلى، وأنَّ الناس قسموا الله إلى ثلاثة مستويات: الآب والابن والروح القدس، بسبب مفاهيمهم أو بسبب أنهم كانوا جهلة ولم يفهموا الله فحسب، وأن ذلك حماقة من الإنسان فحسب، وليست مشكلة خطيرة جدًا، لأن العالم الديني كله يفكر بتلك الطريقة أيضًا. لكن الآن، وبعد التحليل، هل هذا هو الحال؟ (لا، ليس كذلك). إن بولس لم يعترف حتى بوجود الله. إنه ملحد وعديم إيمان، ويجب أن يوضع تحت مظلة الملحدين وعديمي الإيمان نفسها.

لقد انتهيتُ من تلخيص خطايا بولس السبع. اذكر لي ملخصًا موجزًا بها. (الخطيئة الأولى هي أن بولس تعامل مع السعي إلى إكليل البر والسعي إلى البركات باعتبارهما هدفين ملائمين؛ والثانية هي أن بولس تعامل مع تصوراته والأمور التي ظنها صحيحة في مفاهيمه، على أنها الحق، ووعظ بها في كل مكان، مضللاً الناس؛ والثالثة هي أن بولس تعامل مع مواهبه ومعرفته بوصفها حياة؛ والرابعة هي أن بولس أنكر هوية الرب يسوع المسيح وجوهره، وأنكر عمل فداء الرب يسوع؛ والخامسة هي أن بولس وعظ: "قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ"، وحرَّض الناس علنًا وضلَّلهم، فجعلهم يحاولون أن يجبروا يد الله، ويحتجوا عليه، ويعارضوه؛ والسادسة هي أن بولس كان يعتقد أن الحياة له هي المسيح. لقد جحد الحقائق التي عبّر عنها الرب يسوع، وأحل كلامه هو محل كلام الرب يسوع، وجعل الناس يمارسونها ويتمسكون بها. وكانت خطيئة بولس السابعة أنه تعامل مع الإيمان بالله باعتباره ركيزة نفسية، وكان ملحدًّا وعديم إيمان بكل معنى الكلمة). إنَّ تحليلنا لهذه المسائل التي كانت لدى بولس مفصل جدًا، بحيث يمكنه أن يجعل كل من يعبد بولس يثوب إلى رشده. وهذا أمرٌ ذو معنى. من بين هذه الشخصيات والجواهر التي كشف عنها بولس وأظهرها، وأساليبه الشخصية في السعي، أيٌّ منها له ارتباطات واضحة بكم؟ (كلها). الخطيئة الأولى هي التعامل مع السعي إلى إكليل البر والسعي إلى البركات باعتبارهما هدفين ملائمين. ولماذا أقول إنَّ هذا خطأ، وإنَّ على الناس أن يتأملوا فيه ويغيروه؟ حين سعى بولس إلى إكليل البر، وسعى إلى البركات، وطلب دخول ملكوت السماوات، فإنه اعتبر السعي إلى هذه المنافع ملائمًا. ما هي إذًا الكشوفات والمظاهر التي لديكم في الحياة الواقعية وتتطابق مع هذه الحالة؟ (أحيانًا أطلب القيام بعمل مهم وأن أقدم مساهمات في بيت الله. أعتقد أنه من خلال السعي إلى هذه الأشياء، سيُكمِّلني الله في النهاية. وأنا أتعامل مع العمل الذي أقوم به والواجبات التي أؤديها بوصفها قائمة من الإنجازات). هذا جزءٌ واحد من الأمر. التعامل مع الواجبات التي تؤديها بوصفها قائمة من الإنجازات هو نفسه السعي إلى إكليل البر؛ إنه الشيء نفسه؛ إنه الحالة نفسها. هذا هو ما تعملون وتعانون لأجله. ذلك هو ما يوجه مصدر معاناتك، والدافع وراء معاناتك. ولو لم تكن لديك هذه الأشياء توجِّهك، لما كان لديك أي طاقة؛ كنت ستصبح مستهلكًا بالكامل. هل لدى أي شخص أي شيء آخر؟ (التعامل مع الأمثلة السابقة حين تخلّيت عن أشياء، وبذلت نفسي، وعانيت، واعتُقلت وأمضيت وقتًا في السجن، وأشياء من هذا القبيل باعتبارها رأس مال شخصي، وباعتبارها أساسًا وسببًا لأن أكون مباركًا). هذا مجرد وصف. ما هي الحالة الكامنة هنا؟ وما نوع الوضع الذي يجعلك تقع في هذه الحالة؟ أنت لن تفكر بهذه الطريقة بلا سبب. محالٌ أنك تفكر دائمًا بهذه الطريقة بينما تأكل أو تنام أو تقوم بالأشياء في الحياة اليومية. عليك أن تعرف ما هي الخلفيات والأوضاع التي تضعك في هذه الحالة. أخبروني. (حين أكون فعالًا نوعًا ما في واجباتي، أعتقد أنني قد قطعت مسافة من أجل الله، وبذلت نفسي لأجله، وكدحت، وفعلت الكثير لأجله. وعلى غرار بولس تمامًا، أعتقد أنني قد جاهدت الجهاد الحسن لأجل الله، وقدمتُ مساهمة. وحينئذٍ تطلُّ طموحاتي ورغباتي برؤوسها). في الواقع، أنت لم تكن أصلًا بلا طموحات ورغبات؛ كانت مخفية فحسب في داخل قلبك منذ البداية، والآن بدأت تظهر على السطح وتكشف عن نفسها. وحين يحدث هذا، فإنك لا تعود متواضعًا، ولا تكون كلماتك غير مباشرة، وتصبح مزهوًا. كانت آراء بولس غير الصحيحة تكمن في أصل كل ما فعله. ولأن الآراء الكامنة وراء إيمانه بالله كانت خاطئة، فقد أكدت أن أصل أفعاله كان خاطئًا. ورغم ذلك فهو لم يدرك هذا، بل ظن حتى إنه كان ملائمًا، لذلك سعى في اتجاه غير صائب. وتسبب هذا في أن تكون نتيجة مساعيه عكس ما كان يقصده؛ لم يكن لها نتيجة جيدة، كما أنه لم يكسب الحق. الناس الآن على الحال نفسه. إذا كانت الآراء والاتجاه الموجه لسعيك خاطئة دائمًا، لكنك ما تزال تتعامل معها على أنها طرق صحيحة للسعي؛ فما الذي ستكسبه في النهاية؟ إنها على الأرجح ستحبطك أو تضخم من طبيعتك. على سبيل المثال، إذا باركك الله بطريقة خاصة، أو منحك شيئًا ما دون غيرك، فإنك ستفكر: "انظر، الله كريم تجاهي. وهذا يثبت أن الله يستحسن كل شيء قد فعلته. لقد قبله الله. وتضحياتي وجهدي لم يذهبا سدى. والله لا يعامل الناس بغير عدل". بهذه الطريقة تفهم عدم تعامل الله مع الناس بغير عدل، وكذلك بركاته، وقبوله، لكن هذا الفهم خاطئ ومُحرف. يكمن الحل، الآن، في كيفية تحويل هذه النوايا والآراء والمساعي الخاطئة والمحرفة إلى آراء وأفكار صحيحة ونقية. وحده القيام بالأشياء وفقًا للأفكار والآراء الصحيحة يُشكل ممارسة الحق، وهي الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها اكتساب الحق. وهذا هو الحل.

من خلال الاستماع إلى العظات بصورة متكررة، بدأ الناس الآن يتأملون في أنفسهم، ويقارنون أنفسهم بكلام الله. إنهم يبدأون في التعرف على المشاكل التي لديهم في أداء واجباتهم، وهم قادرون على اكتشاف الحالات غير الطبيعية، والرغبات المفرطة، وكشوفات الفساد الموجودة داخل أنفسهم. إنهم ليسوا فاقدين للإدراك بالكامل. المشكلة الوحيدة هي أنهم عندما يكتشفون أنهم في الحالة الخاطئة، أو يكشفون عن فساد، لا يملكون القدرة على تقييده، ولا يطلبون الحق لعلاجه. وأحيانًا يعيشون وفقًا لفلسفات شيطانية، فلا يسيئون إلى أي شخص، ويظنون أنهم صالحون إلى حدٍّ بعيد. ورغم ذلك، فهم لم يتغيروا بأي طريقة حقيقية؛ لقد تخبطوا مهدرين أيامهم، ونتيجةً لهذا ليس لديهم شهادة اختبارية حقيقية ليتحدثوا عنها حتى بعد إيمانهم بالله عقدًا من الزمن، ويشعرون بالخزي. المشكلة الرئيسية التي يلزم حلها الآن هي كيفية تغيير الاتجاه غير الصحيح لسعيك. فأنت متأكد من أن سبيل السعي إلى الحق صحيح، لكنك تصر على السعي إلى الشهرة والكسب والمكانة. فكيف يمكن عكس هذه المشكلة بحيث تكون قادرًا على سلوك سبيل السعي إلى الحق؟ هذه مشكلة حقيقية ينبغي على المؤمنين علاجها. عليكم أن تكثروا من الشركة حول كيفية اختباركم لعمل الله، وأن تروا مَن لديه شهادة اختبارية في السعي إلى الحق، ومَن شهادته الاختبارية جيدة، ثم تقبلوها وتقتدوا بها، كي يتسنى لك أن تستفيد منها وتتحرر من قيود شخصيتك الفاسدة. ليس شيئًا سهلاً أن تسير في مسار السعي إلى الحق؛ عليك أن تفهم نفسك، لا أن تفهم تعدياتك فحسب؛ الشيء الأهم هو أن تفهم شخصيتك الفاسدة، والخطأ في تفضيلاتك ومساعيك، والعواقب التي قد تترتب. وهذا هو الشيء الأكثر أهمية. يسعى غالبية الناس إلى الشهرة والكسب والمكانة. هم يفكرون يوميًا في كيفية أن يصبحوا قادة، وكيف يجعلون الآخرين يتطلعون إليهم، وكيف يمكنهم التباهي، وكيف يعيشون حياة مكرَّمة. إذا كان الناس غير قادرين على التأمل في هذه الأشياء، ولا يستطيعون رؤية جوهر العيش بهذه الطريقة بوضوح، ويواصلون تخبطهم إلى أن يصطدموا بحائط مسدود بعد سنوات لا يعلم عددها أحد، ويتعثروا وأخيرًا يعودوا إلى رشدهم، ألا يؤخر ذلك الأمر المهم المتمثل في نمو حياتهم؟ لا يمكن للناس أن يخطوا على سبيل السعي إلى الحق إلا من خلال إلقاء نظرة واضحة على شخصيتهم الفاسدة والمسار الذي قد اختاروه. إذا كان هذا هو التأثير الذي يريدون تحقيقه، أليس من الضروري أن يفهموا أنفسهم؟ بعض الناس لا يفهمون أنفسهم ولو بأدنى درجة، لكن لديهم نظرة ثاقبة شديدة الوضوح تجاه أدق تفاصيل شؤون الآخرين، وهم يتمتعون بدرجة كبيرة للغاية من التمييز. إذًا، عندما يميزون الآخرين، لماذا لا يستخدمون ذلك كمرآة لفحص أنفسهم؟ إن كنت دومًا تقول إن الآخرين متكبرون، وبارون في عيني أنفسهم، ومخادعون، ولا يخضعون للحق، لكنك لا تستطيع أن ترى أنك على الشاكلة نفسها، فإنك في مأزق. وإذا كنت لا تدرك مشاكلك الخاصة أبدًا، ومهما بلغ عدد العظات التي تسمعها عن الحق، ورغم أنك تفهم ما تسمعه، فإنك لا تقارن نفسك به، ولست مستعدًا لفحص حالتك، ولست قادرًا على التعامل بجدية مع مشاكلك الخاصة وعلاجها، فلن يكون لك دخول في الحياة. إذا كان الناس غير قادرين دائمًا على الدخول إلى وقائع الحق، ألن يكون لديهم شعور بالخواء في قلوبهم؟ إنهم لن يستشعروا العمل الذي قام به الله فيهم، كما لو لم يكن لديهم إدراك. سيكونون دائمًا في حالة ضبابية، ولن تكون مساعيهم موجهة نحو هدف صحيح أو اتجاه صحيح. سيسعون فقط وفقًا لتفضيلاتهم الخاصة، وسيسيرون في مسارهم الخاص. هذا على غرار بولس تمامًا، إذ لم يولِ أهمية إلا للسعي وراء المكافآت والإكليل، ولم يقبل الحق أو يمارسه على الإطلاق. إذا كان عقلك دائمًا في حالة مبهمة، ولم يكن لديك مسار صحيح للسعي، فإنك لم تحقق أي تأثير بعد الاستماع إلى العظات لعدة سنوات، ولم يترسخ الطريق الحق في قلبك. على الرغم من أنك قد تعرف كيف تتحدث عن الكثير من التعاليم، فإنها عاجزة تمامًا عن علاج حالتك السلبية أو شخصيتك الفاسدة. حين تواجه أي نوع من الصعوبة، فإن التعليم الذي تفهمه لن يساعدك على التغلب عليها، أو اجتيازها بسلاسة؛ لن يساعدك على تغيير حالتك أو تصحيحها، أو يجعلك تعيش بحس من الضمير، أو يمنحك الحرية والتحرر، أو يمنعك من أن تكون مقيدًا بأي شيء. إنك لم تكن في حالة كهذه من قبل، وهذا يثبت أنك لم تدخل إلى وقائع الحق بصورة جوهرية. إذا كنت تريد أن تدخل في وقائع الحق، وتفهم كلام الله، وتحقق إيمانًا حقيقيًا بالله، وتعرف الله، وتكون متيقنًا من أن الله موجود حقًا، فلا بد أن تقارن حالتك بكلام الله، ثم تجد مسارًا للممارسة والدخول في كلام الله. بعض الناس يقرأون كلام الله ويريدون أن يقارنوا أنفسهم به، لكنهم لا يستطيعون ذلك مهما حاولوا جاهدين. فمثلًا، عندما يكشف الله أن شخصية الإنسان متكبرة جدًا، يفكرون: "أنا متواضع جدًا وأبقى في الخلفية. أنا لست متكبرًا". ما هذا التكبر الذي يتحدث عنه الله؟ إنه نوع من الشخصية، وليس مظهر شخصية متغطرسة، أو الحديث بصوت عالٍ أو بطريقة مغرورة للغاية. بدلًا من ذلك، إنه يشير إلى شيء ما في شخصيتك؛ إنها شخصية حيث لا تذعن لأي شيء، وتكون محتقرًا ومزدريًا وغير آبه بكل شيء. أنت متكبر، ومتعجرف، وبار في عيني ذاتك، وتعتقد دائمًا أنك مقتدر ولا تصغي لأحد. حتى وإن سمعت كلمات الحق فإنك لا تأبه لها وترى الحق على أنه غير مهم. وأنت لا تظن أن هناك مشكلة عندما تكشف عن شخصية فاسدة، بل إنك تعتقد أنه لا يمكن لأحد أن يضاهيك، ودائمًا ما تعتقد أنك أفضل من الباقين، وتطالب الآخرين بالإصغاء إليك. هذا شخص متكبر وبار في عيني ذاته. ومثل هؤلاء الأشخاص ليس لديهم دخول إلى الحياة ولا وقائع حق.

كيف ينبغي للمرء أن يقيِّم ما إذا كان الشخص لديه وقائع الحق أم لا؟ بالطبع، لا بد للتقدير الدقيق أن يُجرى وفقًا لكلام الله. أولاً، انظر ما إذا كنت تفهم نفسك حقًا، وما إذا كنت تفهم حقًا شخصيتك الفاسدة. على سبيل المثال، هل شخصيتك متكبرة؟ هل تكشف عن شخصية متكبرة عند القيام بالأشياء؟ إذا كنت لا تعرف، فأنت شخص لا يفهم نفسه. وإذا كان الشخص لا يستطيع أن يرى حالته بوضوح، وليس لديه أدنى قدر من الفهم للفساد الذي يكشف عنه، ولا يبني كلامه وأفعاله على الحق، ولا يتسم بالتمييز في المواقف التي يواجهها، ويطبق اللوائح بطريقة عمياء عند النظر إلى كل أمر، لكنه لا يعرف ما إذا كان هذا صوابًا أم خطأ، فهو شخص لا يفهم الحق. إذا كنت تفهم الحق، فستكون قادرًا على فهم نفسك، وستعرف أن لديك شخصية متكبرة، وستكون قادرًا على أن تميز حالتك الحقيقية، وأن تتوب حقًا وتتغير، وتعرف كيف تمارس الحق. لكن إذا كنت لا تسعى إلى الحق، وليس لديك فهم للجانب العملي لحق كلام الله، ولا تتأمل في جواهر الناس الفاسدة التي يفضحها الله، ولا تقارن نفسك بها، فستظل إلى الأبد شخصًا مشوش الذهن. وحده الحق يستطيع أن يجعلك تتمتع بالتمييز، ويجعلك قادرًا على التمييز بين الصواب والخطأ، والأسود والأبيض؛ وحده الحق يستطيع أن يجعلك ذكيًا وعقلانيًا، ويمنحك الحكمة، ويمنحك القدرة على التمييز بوضوح بين الأشياء الإيجابية والأشياء السلبية. إذا كنت لا تستطيع أن تميّز بين هذه الأشياء بوضوح، فستظل إلى الأبد شخصًا مشوش الذهن؛ ستكون دائمًا في حالة من التشوش والحيرة والاضطراب. ومثل هؤلاء الأشخاص لا يملكون أي وسيلة لفهم الحق، ومهما كان عدد سنوات إيمانهم بالله، فإنهم لا يزالون غير قادرين على الدخول إلى وقائع الحق. وإذا كان عملهم لا يفي بالمعايير، فلا يتبقى لهم سوى الاستبعاد. على سبيل المثال يفعل شخص ذائع الصيت للغاية شيئًا ما، ويراه معظم الناس أمرًا صالحًا، لكن إذا نظر إليه شخص يفهم الحق فسيكون لديه تمييز، وسيحدد أن ثمة مقاصد شريرة مخبأة في أفعاله، وأنه خير مزيف وحيل وخداع، وأنه لا يمكن أن يفعل شيئًا كهذا إلا شخص شرير أو ملك إبليس. وما أساس قول هذا؟ لقد حُدِّد جوهر هذا "الشيء الصالح" وفقًا للحق. وبغض النظر عما يقوله الآخرون، لا يمكنك أن ترى جوهره بوضوح إلا باستخدام الحق لتقييمه: إذا كان جيدًا، فهو جيد؛ وإذا كان سيئًا، فهو سيئ. تقييمه وفقًا لكلام الله سيكون دقيقًا قطعًا. رغم ذلك، إذا لم تفهم الحق، فسوف تنشأ بداخلك مفاهيم، وستقول: "لماذا يُفضَح هذا الشخص ويُدان على فعل شيء جيد؟ إنه لا يُعاَمل بإنصاف!" هكذا ستقيِّم الأمر. فليس الحق أساسك لتقييم هذا الأمر، بل الأشياء التي يتخيلها عقلك. إذا كنت دائمًا ترى الأشياء وفقًا للمفاهيم والتصورات البشرية، فلن تتمكن أبدًا من رؤية جوهر المشاكل بوضوح؛ ستضللك المظاهر الخارجية فحسب. وحين لا يكون الحق لديك، ستكون نظرتك دائمًا مشوشة ومبهمة وضبابية وغير واضحة، مهما يكن ما تنظر إليه، لكنك تظن أن لديك نظرة ثاقبة وعمقًا في التفكير. هذا نقص في معرفة الذات. مثلًا، إذا قال الله إن شخصًا ما شرير ويجب أن يُعاقَب، لكنك تقول إنه شخص صالح وفعل أشياء صالحة، أليس كلامك متعارضًا مع كلام الله ومناقضًا له تمامًا؟ هذا ما يحدث عندما لا يفهم الناس الحق، ولا يكون لديهم تمييز. بعض الناس يؤمنون بالله منذ سنوات عديدة، لكنهم لا يفهمون الحق. وهم ليسوا دقيقين في أي أمر، وثمة أمور كثيرة لا يستطيعون رؤيتها بوضوح. يُسهل على القادة الكذبة وأضداد المسيح تضليلهم؛ وبغض النظر عن الوضع الذي يطرأ، ما دام هناك شخص شرير يسبب إزعاجًا، فإنهم يختلط عليهم الأمر ويتحدثون كما كان الشخص الشرير ليتحدث دون أن يدركوا ذلك. وهم لا يعودون إلى رشدهم إلا عندما يُفضح الشخص الشرير ويُكشف. غالبًا ما يعيش مثل هؤلاء الأشخاص في إطار ذهني من الحيرة، وجوهرهم هو جوهر الشخص المشوش الذهن. ومثل هؤلاء الأشخاص لا يملكون أوقية واحدة من مستوى القدرات؛ ليس الأمر فحسب أنهم لا يفهمون الحق، بل إنه يمكن تضليلهم في أي وقت، ومن ثمَّ ليس لديهم أي وسيلة للدخول إلى وقائع الحق. كل كنيسة بها بعض الناس على هذه الشاكلة – عندما يقوم قائد كاذب بعمل ما، فإنهم يتبعونه؛ وعندما يضلل أحد أضداد المسيح الناس فإنهم يتبعونه. باختصار، سيتبعون القائد أيًا كان هذا الشخص؛ هم مثل المرأة التي تتبع زوجها مهما يفعل. إذا كان القائد شخصًا صالحًا، فهم يتبعون شخصًا صالحًا؛ وإذا كان القائد شخصًا سيئًا، فهم يتبعون شخصًا سيئًا. ليس لديهم آراء أو وجهات نظر خاصة بهم. لذلك، لا تتوقع أن يكون بمقدور شخص من هذا النوع أن يفهم الحق أو يدخل إلى الواقع. سيكون جيدًا بالفعل إذا كان بإمكانهم العمل قليلًا. يعمل الروح القدس في الناس الذين يحبون الحق. والناس الذين يحبون الحق هم جميعًا أناس لديهم مستوى قدرات يمكنهم على الأقل فهم كلام الله، وفهم عظات بيت الله وشركته. مهما يبلغ عدد الهرطقات والمغالطات التي يشيعها العالم الديني وينشرها، ومهما تقم القوة الخبيثة من أضداد المسيح بتشويه الكنيسة وإدانتها واضطهادها، فإن الناس الذين يحبون الحق يظلون مقتنعين بأن كلام الله هو الحق، ويؤمنون بأن عظات بيت الله والشركة والشهادة الاختبارية لبيت الله تتماشى مع الحق وأنها شهادات حقيقية. وذلك هو ما يعنيه أن تكون لديك القدرة على الاستيعاب. فإذا كنت تدرك أن كل الكلمات التي يتحدث بها الله هي الحق ووقائع الحياة التي يجب أن يمتلكها الناس، فهذا الإدراك يثبت أنك تفهم بالفعل جزءًا من الحق. وإذا كنت تستوعب أن جميع الحقائق التي يعبّر عنها الله هي أشياء إيجابية وهي وقائع حق، وكنت واثقًا من أن هذا هو الحال وتقر مائة بالمائة أن هذا هو الحال، فإن لديك فهم لعمل الله. ليس شيئًا سهلًا أن تفهم الحق؛ إنه شيء لا يستطيع تحقيقه إلا الأشخاص المستنيرون بالروح القدس. أولئك الذين يفهمون الحق بالفعل يقِرون حقًا في أعماق قلوبهم بأن كل شيء فعله الله إيجابي، وأنه كله حق، وأنه كله ثمين جدًا للبشرية. يمكن للناس الذين يفهمون الحق بصدق أن يروا بوضوح أن كل شيء في عالم غير المؤمنين سلبي، ويتعارض مع الحق. مهما تبدو نظرياتهم جيدة، فإنهم يضللون الناس ويضرونهم. إن كل ما يفعله الله إيجابي، وهو الحق، وهو خلاص للناس. وكل ما يفعله الشيطان والأبالسة سلبي وخاطئ وسخيف ويضلل الناس ويضرهم؛ إنه عكس ما يفعله الله تمامًا. وإذا كنت تدرك هذا تمام الإدراك، فلديك تمييز. إذا كنت قادرًا أيضًا على السعي إلى الحق، وقبول دينونة كلام الله وتوبيخه، وفهم نفسك من خلال كلام الله ومقارنة نفسك به، ورؤية فسادك مثلما هو حقًا، وعلاج الشخصيات الفاسدة التي تكشف عنها في كل ظرف يخلقه الله لك، وكنت في النهاية قادرًا على فهم نفسك وعلى أن تتمتع أيضًا بالتمييز تجاه الآخرين، وتستطيع التمييز بين مَن هو مؤمن بالله حقًا ومن هو عديم إيمان ومن هو قائد كاذب ومن هو ضد المسيح ومن يضلل الناس – إذا كنت قادرًا على تقييم هذه الأشياء وتمييزها بدقة – فهذا يعني أنك تفهم الحق ولديك قدر من الواقع. لنفترض، على سبيل المثال، أن أقاربك أو والديك مؤمنون بالله، وبسبب فعل الشر، أو خلق الاضطرابات، أو عدم امتلاك أي قبول للحق، فقد أُخرِجوا. رغم ذلك، فأنت لا تتمتع بالتمييز تجاههم، ولا تعرف السبب في إخراجهم، وتشعر بالاستياء الشديد، ودائمًا ما تشتكي من أن بيت الله ليس فيه محبة وليس منصفًا للناس. عليك أن تصلي إلى الله وتطلب الحق، ثم تقيّم بالضبط ما هو النوع الذي ينتمي إليه هؤلاء الأقارب بناءً على كلام الله. إذا فهمت الحق بصدق، فستكون قادرًا على تعريفهم بدقة، وسترى أن كل ما يفعله الله حق، وأنه إله بار. حينها، لن يكون لديك أي شكاوى، وستكون قادرًا على الخضوع لترتيبات الله، ولن تحاول الدفاع عن أقاربك أو والديك. ليس المقصود هنا أن تقطعوا أرحامكم، بل أن تُعرِّف فقط أي نوع من الناس هم، وأن تقوم بذلك بحيث تكون مميِّزًا تجاههم، وتعرف السبب في أنهم استُبعدوا. إذا كانت هذه الأشياء واضحة لك حقًا في قلبك، وكانت آراؤك صحيحة وتتماشى مع الحق، فستكون قادرًا على الوقوف في الجانب نفسه الذي يقف فيه الله، وستكون آراؤك في هذا الأمر منسجمة تمامًا مع كلام الله. وإذا لم تكن قادرًا على قبول الحق أو رؤية الناس وفقًا لكلام الله، وما تزال تنحاز إلى علاقات الجسد ووجهات نظره عند رؤية الناس، فلن تكون قادرًا أبدًا على التخلص من هذه العلاقة الجسدية، وستظل تعامل هؤلاء الناس كأقربائك – أقرب حتى من إخوتك وأخواتك في الكنيسة، وفي هذه الحالة سيكون هناك تناقض بين كلام الله وآرائك تجاه عائلتك في هذا الأمر – بل سيكون هناك تعارض، وفي مثل هذه الظروف، سيكون من المستحيل عليك أن تقف في جانب الله، وسيكون لديك مفاهيم وسوء فهم عن الله. ومن ثمَّ، إذا أراد الناس أن يحققوا الانسجام مع الله، فيجب أولًا، وقبل كل شيء، أن تكون آراؤهم عن الأمور متماشية مع كلام الله؛ يجب أن يكونوا قادرين على رؤية الناس والأشياء بناءً على كلام الله، وقبول أن كلام الله هو الحق، وأن يكونوا قادرين على تنحية مفاهيم الإنسان التقليدية جانبًا. وبغض النظر عن الشخص أو الأمر الذي يواجهك، يجب أن تكون قادرًا على أن تكون لديك وجهات النظر والآراء نفسها التي لدى الله، ويجب أن تكون وجهات نظرك وآراؤك متناغمة مع الحق. بهذه الطريقة، لن تكون آراؤك وطريقة تعاملك مع الناس معادية لله، وستكون قادرًا على الخضوع لله والانسجام مع الله. مثل هؤلاء الأشخاص لا يمكنهم أبدًا أن يقاوموا الله مجددًا؛ هم تحديدًا الأشخاص الذين يرغب الله في كسبهم.

الخطوة الأولى في الدخول إلى وقائع الحق هي أن تتأمل في نفسك وفقًا لكلام الله، وتقارن جميع حالاتك المختلفة بكلامه. وإذا أردت أن تدخل أعمق، فعليك أن تشرِّح شخصيتك الفاسدة وتفهمها بشكل أعمق. وما الذي يجب أن تفعله بعد أن تفهمها؟ عليك أن تجد طريقة للممارسة والدخول، وأن تفكر في كيفية ممارسة الحق والتخلص من شخصيتك الفاسدة؛ وهذا هو الطريق الصحيح. يصبح بعض الناس سلبيين بعد أن يكتسبوا فهمًا لأنفسهم؛ فيبكون وينتحبون لأنهم قد استُبعدوا، ولأنهم من مؤدي الخدمة وشخصيات الضد، ولا يريدون حتى القيام بواجباتهم. أي نوع من الناس هؤلاء؟ إنهم أناس سخيفون، وشخصيات درامية. فما هي إذًا أفضل طريقة لإصلاح الأمر؟ على أقل تقدير، ينبغي عليهم ألا يبكوا أو يثيروا ضجة، وعلاوة على ذلك، ينبغي ألا يستسلموا أو يشتكوا من الله. وأهم الأشياء التي يجب أن يفعلوها هي طلب الحق والتوصل إلى فهم ما هو مقصد الله الفعلي، وأي مسار عمل هو الأكثر تعقلًا، وأي طريق يجب أن يختاروه؛ هذه هي أهم الأشياء. من السهل للغاية أن يفقد الناس عقلهم عندما يسيطر عليهم باستمرار مقصد الحصول على البركة. الناس الذين يفتقرون إلى العقل هم الأكثر إثارة للشفقة، لكن الناس الذين هم – في جميع الأشياء – يختارون الخضوع لله ويطلبون فقط أن يرضوا الله، هم الأكثر تعقلًا وهم من لديهم أعظم الضمائر. حين يفضح الله شخصًا ما، كيف عليه أن يتعامل مع الأمر، وما هو الخيار الذي يجب أن يتخذه؟ عليه أن يطلب الحق، وألا يصبح مشوش الذهن تحت أي ظرف من الظروف. من الجيد لك أن تختبر دينونة الله وتوبيخه، وأن ترى فسادك على حقيقته، فلماذا أنت سلبي؟ إن الله يفضحك حتى تكتسب فهمًا لنفسك، ومن أجل أن يخلصك. في الواقع، تنبع الشخصية الفاسدة التي تكشف عنها من طبيعتك. ليس الأمر أن الله يريد أن يفضحك، لكن إن لم يفضحك، ألن تكشف أنت عنها رغم ذلك؟ قبل أن تؤمن بالله، لم يكن قد فضحك بعد، ألم يكن كل ما عشته شخصية فاسدة شيطانية؟ إنك شخص يعيش وفقًا لشخصية شيطانية. لا يجب أن تكون مصدومًا جدًا من هذه الأشياء. فعندما تكشف عن قدر ضئيل من الفساد، يخيفك هذا إلى حد الموت، وتعتقد أن أمرك قد انتهى، وأن الله لا يريدك، وأن كل ما فعلته كان سُدى. لا تبالغ في ردة فعلك. إنَّ الذين يخلِّصهم الله هم البشر الفاسدون، وليس الآليين. وماذا أعني بالبشر الفاسدين؟ أعني البشر الذين يكشفون عن شخصية فاسدة شيطانية، ومن هم متكبرون وبارون في أعين أنفسهم، ولا يقبلون الحق، وقادرون على مقاومة الله والتمرد عليه، وعلى أن يكونوا معادين له، ومن هم قادرون على اتباع خطى بولس. هؤلاء هم نوع البشر الذين يخلِّصهم الله. إذا كنت تريد أن تقبل خلاص الله وتحقق الخلاص، فعليك أن تواجه الشخصية الفاسدة الموجودة في قلبك، وأن تواجه الشخصية الفاسدة التي تكشف عنها كل يوم، وعليك أن تطلب الحق كل يوم وتتأمل في نفسك، وتقارن نفسك بكلام الله، وتمارس التمييز والتشريح تجاه الشخصية الفاسدة التي تكشف عنها، وتحاربها. بعض الناس يحاربونها مرات عديدة لكنهم ينهزمون، ويقولون: "لماذا أكشف دائمًا عن التكبر؟ ولماذا لا يكشف الآخرون عن ذلك؟". في الحقيقة، يكشف الجميع عن التكبر. وعندما يكشف الآخرون ذلك، فأنت لا تعرف، لكنهم يعرفون. أو ربما يكون الأمر أنهم هم أنفسهم لا يعرفون متى يكشفون عن التكبر، لكن الله يعلم. توجد أيضًا مسألة أخرى يجب أن يتذكرها الناس: يُصلح الله شخصيات الناس الفاسدة؛ ولا يُصلح طريقتهم في القيام بالأشياء. إن الله لا يكره المقصد اللحظي الذي يكون لديك في أثناء قيامك بشيء ما، أو طريقة معينة في القيام بالأشياء، أو إذا كنت كسولًا أحيانًا أو لا تدفع ثمنًا؛ ليست هذه هي الأشياء التي يكرهها الله. ما يكرهه الله هو شخصيتك الفاسدة. متى شعرت أنك تكشف عن شخصية فاسدة، يجب أن تصبح واعيًا بها من تلقاء نفسك قبل أن يؤدبك الله. ولا يجدر بك أن تخمّن ما إذا كان الله يكرهك أو أنه قد استبعدك؛ يجب أن تكون واعيًا بمشكلتك، ثم تطلب الكيفية التي يجب أن تتوب بها، وطريقة ممارسة الحق التي ستؤدي إلى التغيير. هذا مظهر من مظاهر العقل الطبيعي. أول ما ينبغي أن تصبح واعيًا به هو ما يلي: "كلماتي هذه ليست عقلانية، وهي تكشف عن تكبُّر. أنا لا أقدر على القيام بهذه المهمة، ومع ذلك أفخِّم من نفسي وأقول إنني أستطيع، أليس هذا تفاخر فحسب؟ التفاخر وتفخيم نفسي يكشفان عن أنَّ لديَّ شخصية متكبرة". الله لا يدينك على التفاخر، لكن هل يعني ذلك أن بإمكانك أن تتجاهل الأمر؟ لا، لا يمكنك أن تتجاهله. عليك أن تشرِّح الأمر وتقول: "لماذا أنا جيِّد للغاية في تفخيم نفسي والتحدث بتفاخر؟ لماذا أتفاخر بأشياء لا أستطيع القيام بها، أو بأشياء لا أعرف حتى إن كنت أستطيع القيام بها؟ ولماذا لديّ هذه النقيصة؟" هذه ليست نقيصة. النقيصة هي عادة سيئة على المستوى الظاهري. إن التفاخر هو أحد الطرق التي تكشف بها الشخصية المتكبرة عن نفسها؛ شخصيتك الشيطانية هي التي توجهك للعيش في مثل هذه الحالة – شخصيتك هي التي توجهك كليًا. وإذا كنت تستطيع قمعها وألا تكشف عن شخصية متكبرة، فهل هذا يعني أنه لم تعد لديك شخصية متكبرة؟ هل يعني هذا أنها قد أُصلحت؟ الأمر ليس بهذه البساطة قطعًا. فليس فقط تغيير الطريقة التي تفعل بها شيئًا ما، وكونك ملتزمًا ظاهريًا بالقواعد وحسن التصرف، وألا تكون مغرورًا، وأن يكون لديك سلوك راقٍ، هو ما يجعلك غير متكبر. تلك أقنعة فحسب، وهي تضيف مشاكل جديدة إلى جانب كونك متكبرًا، وتكون النتيجة متسببة في المتاعب بدرجة أكبر. وإذا أردت أن تصلح تكبرك، وتصلح جميع أنواع الشخصية الفاسدة، فعليك أن تطلب الحق لإصلاحها عند أداء واجباتك. هذه هي الطريقة الصحيحة. على سبيل المثال، فلنفترض أن القائد يرتب لك أداء واجب معين، وبعد أن تسمع تقول بتعجرف: "لقد قمت بواجبات كهذه من قبل. سيكون هذا أمرًا في غاية السهولة!" لكنك تدرك بعد ذلك مباشرةً أنك كشفت عن تكبر، وأن طريقة التفكير هذه كانت خاطئة، وسرعان ما تصلي وتعدِّل تفكيرك قائلًا: "يا إلهي! لقد كشفت عن تكبر مرة أخرى. أرجوك أن تهذبني، أنا مستعد لأداء واجبي جيدًا"، وهذا أول شيء يجب أن تفعله. بعد ذلك، كيف يجب أن تتعامل مع واجبك؟ تفكر: "أنا أفعل هذا لأجل الله، وأقوم به في حضرته، ولذا يجب أن أتعامل معه بعناية. لا يسعني أن أفسد الأمر. فإن فعلت ذلك، فسيكون الأمر محرجًا للغاية!" وبعد ذلك، تمعن النظر في الأمر، وتفكر: "لا، هذا ليس صحيحًا. لماذا يجب أن أخاف من إحراج نفسي؟". هذه الحالة ليست صائبة أيضًا؛ لقد بدأت في أن تضل عن الطريق. كيف يجب أن تصحح ذلك؟ أي اتجاه هو الاتجاه الصواب الذي عليك أن تتبعه؟ مرة أخرى، هذا يتعلق بممارسة الحق لإصلاح المشاكل. يجب أن تفكر: "أنا لست خائفًا من إحراج نفسي. المهم هو ألا أكون ضارًّا لعمل الكنيسة"، وحينئذٍ ستكون حالتك قد تغيرت. لكن إذا فكرت آنذاك: "ماذا لو أضررتُ بعمل الكنيسة وهُذبت؟ لن يكون لي كبرياء"، فستكون حالتك غير صائبة مرة أخرى. كيف يمكن إصلاح هذا؟ يجب أن تفكر في قلبك: "أنا لا أضع أي أهمية لواجبي أبدًا، وأنا متكاسل عن القيام به، وأنا متكبر جدًا. أنا أستحق أن أُهذَّب. وعليَّ أن أصلي لله وأدعه يعمل. إنني صعب المراس، لكن الله قدير ولا يستحيل عليه شيء، لذلك سأعتمد على الله". هذا صحيح؛ هذه هي الطريقة الصحيحة للممارسة. فقد منحك الله مواهب معينة، وسمح لك أن تكتسب بعض المعرفة، لكن اكتساب هذه المعرفة لا يعني بالضرورة أنك تستطيع أداء واجبك جيدًا. أليست هذه حقيقة؟ (بلى). وكيف يصل الشخص إلى هذا الاستنتاج؟ (من خلال الاختبار). علَّمك هذا الاختبار درسًا وأعطاك بصيرة. تحديدًا، أن ما يعطيه الله للناس ليس شيئًا يمتلكونه جوهريًا، ولا هو رأس مالهم؛ يمكن لله أن يسلبهم ما قد أعطاهم في أي وقت. حين يريد الله أن يفضحك، وبغض النظر عن مدى موهبتك في شيء ما، فإنك ستنساها ولن تكون قادرًا على استخدامها؛ ستكون لا شيء. إذا صليت حينئذٍ: "يا الله، أنا لا شيء. لديَّ هذه القدرة فقط لأنك أعطيتني إياها. أتوسل إليك أن تعطيني القوة! أرجوك باركني وأرشدني، كيلا أكون ضارًا لعملك". هل هذه هي الطريقة الصحيحة للصلاة؟ (لا، ليست كذلك). فما هي التغييرات التي يجب أن تقوم بها في هذه المرحلة؟ تقول: "يا إلهي! أنا راغب في الخضوع لترتيباتك. ولا يجوز لي أن أعتقد دائمًا أنني على صواب. على الرغم من أنني أعرف بعض الأشياء عن هذا المجال من العمل، ولديّ بعض البراعة فيه، فهذا لا يعني بالضرورة أنني أستطيع القيام بالمهمة جيدًا. ولأن شخصيتي الفاسدة إزعاج، فإنني أنزع إلى القيام بالأشياء بطريقة لا مبالية ومهملة، ولا آخذ واجبي على محمل الجد. إنني عاجز عن التحكم في نفسي، ولا أستطيع أن أسيطر على نفسي. أتوسل إليك أن تحميني وترشدني. إنني راغب في أن أخضع لك، وأن أبذل قصارى جهدي، وأن أمجدك". إذا قمت بواجبك جيدًا، ونسبت ثمانين بالمائة من الفضل إلى الله وعشرين بالمائة إلى نفسك، فهل هذا مناسب؟ (لا، ليس مناسبًا). فليس من المعقول أن تقسم الأشياء بهذه الطريقة. إذا لم يكن الله يعمل، أفكان بإمكانك أن تقوم بواجبك جيدًا؟ قطعًا لا، لأنك لا تفتقر إلى الحقّ فحسب، بل لديك أيضًا شخصية فاسدة. مهما يكن نوع الحالة الفاسدة الموجودة في قلوب الناس، فيجب عليهم دائمًا أن يتأملوا في أنفسهم، وأن يطلبوا الحق لإصلاحها. وفور تطهير شخصيتهم الفاسدة، ستصبح حالتهم طبيعية.

في بعض الأحيان، ستظهر في قلب الشخص خاطرة أو فكرة خاطئة فتوقع قلبه في اضطراب. ويعلق الشخص في تلك الحالة، ولا يستطيع أن يخرج منها ليوم أو ليومين. فماذا يجب أن يفعل الشخص في وقت كهذا؟ عليك أن تطلب الحق لإصلاح الوضع. أولًا، يجب أن تستوضح كيف نشأت الخاطرة أو الفكرة الخاطئة، وكيف تمكَّنت منك، وجعلتك سلبيًا ومكتئبًا، وجعلتك تكشف عن كل أنواع التمرد والطرق الشنيعة. بعد ذلك، عندما تدرك أن هذه الأشياء أملتها شخصيتك الفاسدة، وأن الله يمقتها، يجب أن تهدئ نفسك أمام الله وتصلي: "يا الله، أدِّبني ودعني أتعلم الدروس التي أحتاج إلى تعلمها. لست خائفًا من أن يُكشَف عني، ولست خائفًا من أن أُحرج أو يُراق ماء وجهي. كل ما أخشاه هو أن تخالف أفعالي مراسيمك الإدارية، وتثير سخطك". هذا هو الطريق الصحيح، ولكن هل لديك القامة للسير فيه؟ (لا). إذا لم تكن لديك القامة، فهل هذا يعني أنك لا تستطيع الصلاة في هذا الاتجاه؟ بما أنه الطريق الصحيح، فيجب عليك أن تصلي في هذا الاتجاه. الآن، قامة الناس صغيرة، فعليهم أن يأتوا إلى الله كثيرًا، ويتكلوا على الله، ويدعوا الله يحميهم أكثر ويؤدبهم أكثر. وعندما تنمو قامتهم، ويستطيعون أن يتحملوا عبئًا ويقوموا بمهام أكثر، لن يكون على الله أن يقلق كثيرًا، ولن يكون عليه أن يحميهم باستمرار وأن يؤدبهم ويجربهم ويراقبهم. هذه مسألة تتعلق بالقلب، والله ينظر إلى قلوب الناس. الله لا يهتم بمدى حسن سلوكك أو طاعتك في الظاهر؛ هو ينظر إلى موقفك. ربما لا تقول شيئًا طوال اليوم، لكن ما الموقف الذي تحمله في قلبك؟ "لقد أُعطي إليَّ هذا الواجب، لذا لدي مسؤولية أن أقوم به جيدًا، لكن لدي عادة الجموح، ودائمًا أفعل ما يحلو لي. أعلم أن لدي هذه المشكلة، لكنني لا أستطيع التحكم في نفسي. أرجو أن يرتب الله بيئتي، ويبعد عني الأشخاص والأحداث والأشياء المحيطة بي التي قد تزعجني، أو تؤثر في أداء واجبي، أو تؤثر في ممارستي للحق، كيلا أسقط في الإغواء، وأتمكن من قبول تجارب الله، وأتمكن من قبول تأديبه". يجب أن يكون لديك قلب راغب في الخضوع. عندما تكون هذه الأفكار في قلبك، فكيف يمكن ألا يراها الله؟ كيف يمكنه ألا يبالي بها؟ لهذا، يتصرف الله. في بعض الأحيان عندما تصلي بهذه الطريقة مرة أو مرتين، لا يستجيب لك الله. حين يمتحن عمل شخص وإخلاصه، فإنه لن يقول شيئًا، لكن هذا لا يعني أن ما فعلته كان خطأ. يجب ألا تمتحن الله في أي حال من الأحوال. إذا كنت دائمًا تمتحن الله وتقول: "هل أنا محق في فعل هذا؟ هل رأيت ذلك، يا الله؟" فأنت في ورطة. هذه حالة غير صحيحة. ركِّز فقط على اتخاذ إجراء. وبغض النظر عما إذا كان الله يؤدبك، أو يقودك، أو يجربك، أو يرشدك، فلا تهتم بذلك. ركِّز فقط على بذل الجهد في الحق الذي تفهمه، والتصرف بما يتماشى مع مقاصد الله؛ ذلك يكفي. وبخصوص ما ستكون عليه النتائج، فهذا – في كثير من الأحيان – ليس مسؤوليتك. ما الذي يجب أن تتحمل مسؤوليته؟ أداء الواجب الذي يجب عليك أداؤه، وإنفاق الوقت الذي ينبغي عليك إنفاقه، ودفع الثمن الذي يجب عليك دفعه؛ ذلك يكفي. أي شيء يتعلق بالحق يجب فحصه، ويجب بذل الجهد لفهمه. الشيء الحاسم هو أن يسلك الناس الطريق الذي ينبغي عليهم أن يسلكوه. وهذا يكفي. هذا ما ينبغي على الناس فعله. وبخصوص ما هو مستوى قامتك، وما التجارب التي يجب أن تمر بها، وما التأديب الذي يجب أن تختبره، وما الأوضاع التي يجب أن تختبرها، وكيف يسود الله، فليس عليك الانتباه إلى هذه الأشياء. الله هو الذي سيقوم بها. تقول: "قامتي صغيرة، لا تجعلني أمر بأي تجارب، يا الله، فأنا خائف!". فهل سيفعل الله ذلك؟ (لا، لن يفعل). لا داعي لأن تقلق. تقول: "قامتي عظيمة جدًا، ولدي إيمان وافر. يا الله، لماذا لا تضعني في بعض التجارب؟ جربني كما فعلت مع أيوب وخذ مني كل ما لدي!". لن يفعل الله ذلك. أنت لا تعرف قامتك، لكن الله يعرفها جيدًا وبوضوح تام؛ فهو يمكنه أن يرى قلب كل إنسان. فهل يستطيع الناس رؤية قلب الله؟ (لا، لا يستطيعون). لا يستطيع الناس رؤية قلب الله، فكيف يفهمون الله ويتعاونون معه؟ (من خلال كلامه). من خلال فهم كلامه، وأداء واجبهم جيدًا، والتمسك بمكانتهم بوصفهم أناسًا. وما واجب الناس؟ إنه العمل الذي يجب أن يقوم به الناس ويستطيعون القيام به. هذه هي المهام التي أعطاك الله إياها. وما الذي تتضمنه هذه المهام التي أُعطيَت لك؟ مجال العمل الذي تعرفه، وتلك المهام التي تعطيها لك الكنيسة، وتلك المهام التي يجب أن تقوم بها، وتلك المهام التي بمقدورك القيام بها. هذا جزء منها. وثمة جزء آخر يتعلق بمسألة دخول الحياة. لا بد أن تكون قادرًا على ممارسة الحق والخضوع لله. ركِّز فقط على ممارسة الحق والدخول فيه. لا تهتم بتقييم الآخرين لك أو كيف يراك الله. ليس عليك الالتفات إلى هذه الأشياء، وليس من الضروري أن تلتفت إليها؛ ليست هذه الأشياء هي التي يجب أن تشغل نفسك بها. ليس للناس رأي في حظهم، أو سوء حظهم، أو طول عمرهم، أو جميع الأشياء التي يختبرونها في عمرهم، أو نصيبهم، أو حياتهم؛ لا أحد يستطيع تغيير هذه الأشياء. يجب أن تدرك هذا تمام الإدراك. الله له السيادة على هذه الأشياء. يجب على الناس أن يدركوا هذا وأن يفهموه بوضوح في قلوبهم. لا تشغل نفسك بأي شيء نيابة عن الله؛ لا تحاول أن تقرر ما يريد الله أن يفعله. ركِّز فقط على التعامل بفعالية مع ما يجب عليك القيام به، وما يجب أن تدخل فيه، والطريق الذي يجب أن تسلكه؛ ذلك يكفي. بالنسبة إلى ما ستكون عليه غايتك المستقبلية، هل لك رأي في ذلك؟ (لا). كيف يمكنك إذًا حل هذه المشكلة؟ جزء من الحل هو أن تقوم بكل شيء يجب عليك فعله يوميًا بشكل جيد، وأن تتمم واجبك بوصفك شخصًا. هذه هي الإرسالية التي يعطيها الله لكل شخص. لقد أتيت إلى هذا العالم، وقادك الله طوال هذا الوقت – بغض النظر عما إذا كان قد أعطاك أنواعًا مختلفة من المواهب، أو رعاك وأعطاك موهبة أو قدرة – فهذا يدل على أن الله قد كلفك بإرسالية. من الواضح جدًا ما هي الإرسالية التي أعطاك إياها الله، ولا حاجة لأن يخبرك الله بها بشكل مباشر. على سبيل المثال، إذا كنت تعرف الإنجليزية، فمن المؤكد أن لله متطلبات منك في هذا المجال. هذا هو واجبك. لا داعي لأن ينادي الله من السماء ويقول لك بشكل مباشر: "واجبك هو الترجمة، وإذا لم تفعل ذلك، فسأعاقبك". لا داعي لقول هذا. الأمر واضح لك بالفعل لأن الله قد أعطاك عقلانية، وعمليات فكر وتفكير طبيعية، وكذلك القدرة على فهم هذه اللغة؛ هذا يكفي. ما أعطاك الله إياه هو ما يطلب منك القيام به، وهذا واضح جدًا لك في قلبك. وفي أثناء عملية أداء واجباتك، وفي أثناء عملية قبولك لإرسالية الله، يجب أن تقبل كل شيء فعله الله لك، بما في ذلك الإرشاد الإيجابي، والسقاية، والإمداد الذي أعطاك إياه. على سبيل المثال، من خلال الأكل والشرب المتكرر لكلام الله، والاستماع إلى العظات، وعيش حياة الكنيسة، وعقد الشركة حول الحق، والتعاون بانسجام مع الآخرين في أثناء أداء واجبك. وثمة جزء آخر يتعلق بدخول الحياة الفردي – وهذا هو الأهم. بعض الناس يريدون دائمًا معرفة ما إذا كانت لديهم حياة، وما إذا كانوا فعالين. لا بأس بالتأمل في هذه الأمور بشكل مؤقت، لكن لا تركز عليها. الأمر يشبه زراعة المحاصيل كل عام؛ ما من مزارع يقول كم يجب أن يكون المحصول في تلك السنة، وأنهم إذا لم يحققوا تلك النتيجة، فسيموتون. إنهم ليسوا بهذا الغباء. جميعهم يزرعون البذور عندما يحين موسمها، ثم يسقونها، ويسمدونها، ويعتنون بها بشكل طبيعي. وعندما يحين الموسم المناسب، يكون الحصاد مضمونًا. يجب أن يكون لديك إيمان كهذا؛ هذا هو الإيمان الحقيقي بالله. لا تحسب كل شيء مع الله، قائلًا: "لقد بذلت بعض الجهد في الفترة الأخيرة، فهل سيكافئني الله؟". من غير المقبول أن تطلب المكافآت دائمًا، مثل الموظف الذي يطلب أجره في نهاية الشهر. ليس من المقبول أن تطلب الأجر دائمًا. إيمان الناس ضعيف جدًا، وليس لديهم إيمان حقيقي بالله. حالما ترى بوضوح أن طريق اتباع الله هو طريق الخلاص، وهو الحياة الحقيقية، وأنه الطريق الصحيح الذي يجب أن يتبعه الناس، والحياة التي ينبغي للكائنات المخلوقة أن تحياها، ركِّز فقط على السعي إلى الحق وطلب الدخول إلى الواقع، والاستماع إلى كلام الله، والسير في الاتجاه الذي يوجهك الله إليه والتصرف وفقًا له. هذا هو الصواب. لا تسأل الله دائمًا: "يا الله، كم من الوقت تبقى حتى أكون قد تبعتك إلى نهاية الطريق؟ متى سأُخلَّص؟ متى سأكافأ وأحصل على إكليل؟ متى سيأتي يوم الله؟" هذه كلها حالات تكون لدى الناس، لكن هل يجعلها ذلك صحيحة؟ (لا). بعض الناس يقولون: "لا يمكن تطبيق القانون عندما يكون الجميع مذنبين"، لكن هذا القول مغالطة، وهو غير متماسك، ولا يتماشى مع الحق. حقيقة أن الجميع لديهم هذه الحالات تثبت أن لدى الجميع شخصية فاسدة، لذلك يجب عليهم جميعًا علاج هذه المشكلة وتجاوز هذه العقبة. يجب أن تفحص نفسك دائمًا في قلبك، وألا تركِّز على النظر إلى حال الآخرين، وفي أثناء فحصك لنفسك، يجب عليك تصحيح أي حالات فاسدة لديك. عقول الناس ديناميكية، وهي دائمًا في حالة تفكير نشط؛ في لحظة يميلون إلى اليسار، وفي اللحظة التالية يميلون إلى اليمين؛ طريقة تفكيرهم دائمًا منحرفة بعض الشيء. إنهم لا يسلكون الطريق الصحيح. يصرون على اتباع الآخرين، وعلى اتباع الاتجاهات الخبيثة في العالم، والسير في الطريق الخطأ. وهذا هو جوهر طبيعة الناس، ولا يمكنهم التحكم فيه حتى لو أرادوا ذلك. إذا كنت لا تستطيع التحكم فيه، فلا تتحكم فيه. عندما يظهر لديك مقصد أو رأي غير صحيح، فصحِّحه. بهذه الطريقة، فإنَّ الفساد الذي تكشف عنه سيقل تدريجيًا. إذًا، كيف يمكنك تصحيح ذلك؟ من خلال الصلاة، واكتساب الفهم باستمرار، وتغيير الأشياء. في بعض الأحيان، مهما تحاول جاهدًا تغيير الأشياء، فإن تلك الأشياء تظهر، لذا لا تهتم بها، وافعل فقط ما يُفترَض بك فعله. هذه هي الطريقة الأسهل. إذًا، ما الذي يُفترَض بالناس فعله؟ أداء واجبهم جيدًا، والالتزام بواجبهم. لا يمكنك رفض الإرسالية التي قد أعطاك الله إياها؛ يجب عليك إكمالها جيدًا. وبخلاف ذلك، فيما يتعلق بدخول الحياة الفردي، يجب عليك أن تبذل قصارى جهدك في السعي إلى الحق في أثناء القيام بواجبك، والعمل بجد لتحقيق مستوى الدخول الذي تستطيع تحقيقه. بخصوص ما إذا كنت في النهاية ستصل إلى المستوى المطلوب أم لا، فهذا يقرره الله. مشاعر الناس الخاصة وأحكامهم لا قيمة لها. لا يستطيع الناس تحديد قدرهم بأنفسهم، ولا يمكنهم تقييم سلوكهم، أو تحديد ما ستكون عليه عاقبتهم النهائية. وحده الله يمكنه تقييم هذه الأمور وتحديدها. يجب أن تثق بأن الله بار. وبكلمات مستعارة من غير المؤمنين، يجب أن تجرؤ على التصرف، وتجرؤ على تحمل المسؤولية عن أفعالك، وتجرؤ على مواجهة الحقائق، وأن تكون قادرًا على تحمل المسؤولية. والأشخاص الذين لديهم ضمير وعقل يجب أن يؤدوا واجبهم جيدًا ويتحملوا المسؤولية.

من الضروري أن يفحص الناس أنفسهم باستمرار، ومن الضروري أن يقبل الناس تمحيص الله. ومن الضروري أيضًا أن يطلب الناس الحق، ويغيِّروا حالاتهم وآراءهم، ويخرجوا منها عندما يفحصون أنفسهم ويكتشفون أن لديهم حالات أو آراء غير صحيحة. وبهذه الطريقة، ستختبر عددًا أقل فأقل من الحالات غير الصحيحة، دون أن تدرك ذلك، وسيصبح لديك تمييز تجاهها بصورة أكبر فأكبر. وبعد أن تغيِّر حالاتك غير الصحيحة، ستزداد الأشياء الإيجابية الموجودة في داخلك، وستؤدي واجبك بنقاء متزايد. وعلى الرغم من أن طريقتك في الحديث وشخصيتك ستظل في الظاهر على حالها كما كانت من قبل، فإن شخصيتك الحياتية ستكون قد تغيرت. بأي طرق سيظهر هذا؟ ستصبح قادرًا على اتباع مبادئ الحق عند القيام بالأشياء وأداء واجبك، وستكون قادرًا على تحمل المسؤولية في هذه الأشياء؛ وستغضب عندما ترى الآخرين يتصرفون بلا مبالاة؛ وعندما ترى ظواهر خبيثة أو ممارسات سلبية وعكسية وغير لائقة وخبيثة تكشف عن شخصيات فاسدة، ستزدريها. وكلما نظرت إلى هذه الأشياء أكثر، زاد ما تشعر به من كراهية لها، وسيصبح لديك تمييِّز تجاهها على نحو متزايد. وعندما ترى بعض الأشخاص الذين آمنوا بالله لفترة طويلة، ويتحدثون عن الكلمات والتعاليم بوضوح شديد، لكنهم لا يقومون بأي عمل حقيقي ويفتقرون إلى المبادئ، ستشعر بالغضب لذلك وستمقته. وعلى وجه الخصوص، عندما ترى قادة وعاملين لا يقومون بعمل حقيقي، ودائمًا ما يتحدثون بالكلمات والتعاليم، وكانوا قد آمنوا بالله منذ سنوات لكنهم لم يتغيروا، سيكون لديك تمييز تجاههم، وستكون قادرًا على كشفهم والإبلاغ عنهم، وسيكون لديك حس بالعدالة. لن تكره نفسك فحسب، بل ستكره أيضًا وقوع هذه الأشياء الخبيثة والظالمة. هذا سيثبت أن ثمة تغييرًا قد حدث داخلك. ستصبح قادرًا على النظر إلى القضايا والتعامل مع الأشخاص والأحداث والأشياء من حولك من منظور الحق، ومن جانب الله، ومن منظور الأشياء الإيجابية – هذا سيظهر أنَّ ثمة تغييرًا قد حدث داخلك. إذًا، هل ستظل بحاجة إلى أن يقيّمك الله؟ لا؛ ستكون قادرًا على الشعور بذلك بنفسك. على سبيل المثال، في السابق، إذا رأيتَ شخصًا يقوم بالأشياء بلا مبالاة، كنتَ تفكر: "هذا طبيعي، أنا أفعل الشيء نفسه. لو لم يتصرف بهذه الطريقة، فسيبدو الأمر وكأنني أقوم بالأشياء بلا مبالاة". كان الجميع يتصرفون بلا مبالاة، لذلك كنتَ تشعر بأنك تبلي بلاءً حسنًا. في ذلك الوقت، لن تعود تفكر بهذه الطريقة، بل ستفكر: "القيام بالأشياء بلا مبالاة غير مقبول. عمل بيت الله مهم. كان تمردًا بما يكفي أنني كنتُ أقوم بالأشياء بلا مبالاة؛ فلماذا تتصرفون كما كنت أفعل، وتفعلون الأشياء بتلك الطريقة أيضًا؟" ستفكر في كم أنك كنتَ جاهلًا وغير ناضج من قبل، وأن كيفية رؤيتك للأشياء كانت حقيرة ومخزية للغاية، وأنه ما من طريقة يمكنك أن تبرِّر بها ذلك إلى الله، ولن يكون ضميرك قادرًا على تجاوز ذلك. حقيقة أنك ستكون قادرًا على أن تكون لديك مثل هذه الأفكار والمشاعر ستُثبت أن الحق وكلام الله قد ترسّخا بالفعل داخلك وبدآ في الإنبات. سيكون المنظور الذي ترى من خلاله الأشياء والمعايير التي تُقيّم بها الأشياء قد تغيرت. ستكون بالفعل شخصًا مختلفًا تمامًا عمَّا كنتَ عليه سابقًا عندما كنتَ تعيش في شخصيتك الفاسدة. ستكون قد تغيّرت بطريقة حقيقية. هل تغيّرتم قليلًا الآن؟ (قليلًا). الآن، قد تغيّرتم قليلًا، وأحيانًا، عندما ترون أشخاصًا يقومون بالأشياء بطريقة لامبالية، ولا يرغبون في ممارسة الحق، وينغمسون دائمًا في راحة الجسد، لا تعتقدون أن هذا شيء جيد. رغم ذلك، إذا طُلب منك مساعدتهم ودعمهم، فستظل الفلسفات الشيطانية تُقيّدك. رغم أنك تكتشف هذه المشكلة في الناس، فإنك لا تجرؤ على قول أي شيء خوفًا من الإساءة إليهم، وأنت حتى تفكر: "لم ينتخبني أحد قائدًا للمجموعة، لذا لا داعي لأن أُقحم نفسي في شؤون الآخرين". عندما تواجه هذه الأشياء الظالمة والسلبية، لا تكون قادرًا على الوقوف إلى جانب الحق في كلامك وأفعالك أو تحمل المسؤولية؛ بل تغض الطرف عنها، وتظن أن هذا أسلوب رائع للتصرف، إذ تبعد نفسك عن التخاصم. تفكر: "إذا حدث أي خطب فلن يكون لي علاقة بالأمر. إنني أتفادى مشكلة". إذا كان ما يزال لديك مثل هذه الآراء، فهل ستكون قادرًا على ممارسة الحق؟ هل سيكون لديك دخول إلى الحياة؟ مع وجود هذه الآراء في قلبك، أنت عديم الإيمان، ولا يمكنك قبول الحق. لهذا السبب، لا يمكن ترك مثل هذه الآراء دون تصحيح. إذا أردت أن يكون لديك دخول إلى الحياة، فمن ناحية، يجب أن تكون قادرًا على الإشراف على نفسك. ومن ناحية أخرى، ينبغي لك بصفة أساسية أن تقبل تمحيص الله. إذا لاحظت أنه يوجد لوم في قلبك، فعليك أن تتأمل في نفسك، وتكتشف مصدر هذا اللوم. إذا استطعت أن تشعر بأن الله يمحصك، وكنت تؤمن بأن الله يمحصك، فينبغي أن تقبل تمحيصه. فقط من خلال الشعور المتكرر بالندم، وعدم الارتياح في قلبك، وبأنك مدين لله بسبب كونك في تلك الحالات، سيكون لديك الدافع لممارسة الحق والدخول فيه. ثمة معايير ومظاهر عملية للدخول في وقائع الحق. إلى أي مدى قد دخلتم فيها الآن؟ (عندما يطرأ وضع ما، أرى العديد من أوجه القصور في نفسي، لكنني أقضي وقتًا طويلًا عالقًا في تلك الحالة. لا أعرف كيف أتبنى منظور الحق لتشريح المشكلات التي لديَّ أو فهمها؛ ليس لديّ تمييز واضح تجاه نفسي؛ لا أرى نفسي بوضوح، وغالبًا لا أرى حالات الآخرين بوضوح أيضًا). إذا كنت لا ترى نفسك بوضوح، فلن تستطيع رؤية الآخرين بوضوح. هذه العبارة صحيحة. عندما يكون لدى الآخرين مشكلة، تعتقد أنها لا علاقة لها بك، لكن في الواقع، الحالات متسقة ومتطابقة. إذا لم تستطع رؤية حالتك بوضوح، فلن تكون قادرًا على علاج مشكلاتك، فضلًا عن علاج مشكلات الآخرين. حالما تعالج مشكلاتك، ستكون قادرًا على رؤية مشكلات الآخرين بوضوح شديد وحلها على الفور. إذا أردت أن يكون لديك دخول إلى الحياة، فيجب أن تلتزم بالأمرين التاليين: الأول أنَّ عليك أن تؤدي واجبك جيدًا، والآخر أنه يجب عليك، بينما تؤدي واجبك، أن تفحص نفسك كثيرًا وتطلب الحق لتغيير مختلف آرائك وأفكارك ومواقفك ونواياك وحالاتك الخاطئة، والخروج من كل نوع من الحالات غير الصحيحة. إذا كانت لديك القوة على الخروج منها، فستتغلب على الشيطان وتتخلّص من شخصياتك الفاسدة. حينئذٍ، ستكون قد أحدثت تغييرًا في نفسك. ستكون قد خرجت من حالاتك السلبية والعكسية، ولن تعود مقيَّدًا بهذه الحالات أو تحت سيطرتها. هذا في حد ذاته خطوة إلى الأمام. يجب أن تعالجوا هذه المشكلة أولًا. ما الحالات السلبية أو العكسية التي لديكم؟ بعض الناس يفكرون: "هكذا أنا فحسب. لا شيء يمكنني فعله لإصلاح شخصيتي المتعجرفة. على أي حال، الله يعلم بذلك، وأظن أنه قد صنَّفني بالفعل. لقد حاولت التغيير مرات كثيرة، لكنني ما زلت كما أنا. هذا مَن أكون فحسب". لديك رأي سيء عن نفسك، لكن هذه حالة سلبية؛ إنها إلى حدٍ ما تمثل عقلية ترك نفسك إلى اليأس. إنك لم تطلب الحق لعلاج هذه المشكلة، فلماذا تعتقد أنه لا أمل لك؟ كثيرًا ما يعيش الناس في مثل هذه الحالات؛ كشف لحظي عن الفساد يجعلهم يعتقدون أنهم قد صُنِّفوا وأن هذا هو نوع الشخص الذي هم عليه. هذه حالة سلبية؛ يجب تغيير اتجاهها، ويجب أن تخرج منها. ما الحالات السلبية الأخرى التي لديكم أو الحالات غير الفاعلة؟ (أنا كثيرًا ما أعيش في حالة حيث أقوم بالأشياء بناءً على مواهبي ومستوى قدراتي، وأفتقر إلى الدخول في الحياة. هذه الحالة خطيرة للغاية). عندما يقوم الناس بالأشياء بناءً على مواهبهم ومستوى قدراتهم، فإنهم دائمًا ما يرغبون في التنافس مع الآخرين، إذ يفكرون: "كيف يمكنك إكمال هذه المهمة بينما لا أستطيع؟ يجب أن أعمل بجد في هذه المهمة وأن أبذل فيها الجهد حتى أقوم بها أفضل منك!" في هذا، انبثقت طبيعتك الإبليسية. فماذا يجب فعله حيال ذلك؟ إذا كان لديك هذا الدافع أو نقطة الانطلاق هذه عند قيامك بالأشياء، فلا تعرهما اهتمامًا. إنها كشف لحظي أو تفكير جاهل لحظي. لا تتصرف وفقًا لها، وستكون بخير. يجب أن تقوم بالأشياء بطريقة واقعية، وبالطريقة التي ينبغي فعلها بها. إذا واجهت صعوبة، فبادر بالنظر في الكيفية التي تعامل بها الآخرون معها. إذا كانوا قد تعاملوا معها جيدًا، فتحدث معهم وتعلم منهم. بهذه الطريقة، يمكنك تغيير اتجاه حالاتك الخاطئة. إذا كانت لديك تلك الأفكار وكشفت عن فساد في داخلك، لكنك لا تتصرف بتلك الطريقة، فستُحبَط شخصياتك الفاسدة. لكن، إذا كانت لديك تلك الأفكار وتصرفت بتلك الطريقة، وكانت أفعالك أسوأ حتى من أفكارك، فهذا ينذر بمتاعب، وسيفسد الأمور. شخصيات الناس الفاسدة هي أكثر ما يمقته الله.

ليس نهج الله تجاه شخصياتك الفاسدة أن يجعلك تخفيها أو تسترها أو تقنِّعها، بل إنه يتيح لك أن تكشف عنها، فيفضحك ويمكّنك من اكتساب المعرفة بشأنها. هل ينتهي الأمر حالما تكتسب المعرفة بشأنها؟ لا. بعد أن تكون لديك المعرفة بها، وتعرف أن فعل الأشياء وفقًا لشخصياتك الفاسدة خطأ وأنه طريق مسدود، يجب أن تأتي أمام الله وتصلي له، وتطلب الحق لعلاج شخصياتك الفاسدة. سينيرك الله، ويمنحك الطريق الصحيح للممارسة. كلام الله يتحدث عما ينبغي للناس فعله، لكن الناس لديهم شخصيات فاسدة، وأحيانًا لا يريدون الامتثال لما يقوله الله؛ هم يرغبون في فعل الأشياء بطريقتهم الخاصة. فما الذي يفعله الله؟ الله يمنحك الحرية ويتيح لك التصرف بهذه الطريقة حاليًا. وبينما تمضي تتصرف بهذه الطريقة، ستصل إلى طريق مسدود، وتشعر أنك قد ارتكبت خطأ فادحًا. حينئذٍ ستعود إلى الله وتطلب ما ينبغي لك فعله. سيقول الله: "في قلبك، أنت تفهم مطالبي، فلماذا لا تستمع؟" وستقول: "إذًا، أدِّبني يا الله". سوف يؤدبك الله، وسيكون هذا موجعًا، لذا ستفكر: "الله لا يحبني، كيف يكون قاسيًا معي إلى هذه الدرجة؟ إنه بلا قلب". سيقول الله: "حسنًا، لن أفعل هذا بعد الآن. استمر في فعل الأشياء مثلما تنوي فعلها"، وستعود إلى الطريق الذي كنت عليه من قبل. ستفعل أشياء، وستصل مرة أخرى إلى طريق مسدود، ثم تفكر: "ثمة شيء غير صحيح في ما أفعله. يجب أن أعود وأعترف بخطاياي. أنا مدين لله". ستعود إلى الله مرة أخرى، وتصلي وتطلب، وتفهم أن ما يقوله الله صواب، ثم تبدأ في الامتثال لما يقوله. لكن عندما تقوم بهذا، ستفكر: "القيام بهذا سيؤذي كبريائي، ربما يجب أن أعتني بكبريائي أولًا". حينئذٍ، ستقع في المتاعب مجددًا، وستكون قد قصَّرت مجددًا. ستتنقل بين هذه الحالات ذهابًا وإيابًا على هذا النحو وبصورة متكررة على مدار الوقت. إذا استطاع الناس التأمل في أنفسهم، وأن يتعرفوا دائمًا على الانحرافات الموجودة في داخلهم، وأن يتأملوا في شخصياتهم الفاسدة ويفهموها، ثم يطلبوا الحق لعلاجها، فإن قامتهم ستنمو باستمرار على مدار هذا الاختبار. بالنسبة إلى الأشخاص الذين لديهم قلوب، الأشخاص المستعدون لممارسة الحق ويحبون الأشياء الإيجابية، فسيختبرون تدريجيًا عددًا أقل من النكسات والإخفاقات، وستزداد فيهم العناصر التي تخضع لله، وستزداد فيهم العناصر التي تحب الحق. لهذا السبب يتيح لك الله أن تفشل وتتمرد بينما تختبر الحق وتمارسه؛ فهو لا ينظر إلى هذه الأشياء. ليس الأمر كما لو أن الله لن يعود يريدك، أو أنه سيرسلك إلى الجحيم، أو يحكم عليك بالموت لمجرد أنك لم تستمع إليه في مناسبة واحدة. الله لا يفعل ذلك. لماذا يُقال إن محبة الله عظيمة جدًا عندما يخلِّص الناس؟ هذا هو الجانب الذي تظهر فيه محبة الله. تظهر في تسامحه وصبره تجاه الناس. إنه يتسامح معك باستمرار، لكنه لا يتهاون معك. تسامح الله هو معرفته بقامة الناس، ويعرف قدرتهم الفطرية، ويدرك ما يكشف عنه الناس في ظروف معينة، وما يمكنهم نيله بناءً على قامتهم، والسماح لك بالكشف عن هذه الأشياء، ومنحك مجالًا معينًا، وقبولك عندما تعود إليه وتتوب بصدق، بينما يقر أيضًا بصدق توبتك. لذلك، عندما تعود إليه وتسأله عما إذا كان التصرف بهذه الطريقة صحيحًا، سيواصل الله إخبارك وإعطائك الإجابة. سيخبرك بصبر أن التصرف بتلك الطريقة صواب، وسيعطيك التأكيد. لكن عندما تغير رأيك مرة أخرى، وتقول: "يا الله، لا أريد أن أفعل هذا. إنه لا يفيدني، ويجعلني غير سعيد وغير مرتاح – ما أزال أعتقد أنه يجب أن أفعل الأشياء بطريقتي، فبهذه الطريقة، لن أريق ماء وجهي، وسأكون سلسًا وبارعًا، وسأتمكن من إرضاء نفسي من جميع الجوانب – سأشبع رغباتي الشخصية أولًا". عندها سيقول الله: "يمكنك أن تقصِّر، لكن بفعلك هذا، أنت من ستخسر في النهاية، وليس أنا". عندما يخلّصك الله، يسمح لك أحيانًا بأن تكون عنيدًا على هذا النحو؛ هذا هو تسامحه وهذه هي الرحمة التي يظهرها للناس. رغم ذلك، لا يمكن للناس أن يكونوا متساهلين مع أنفسهم عند رؤية رحمته، أو أن يعتبروا صبره وتسامحه نوعًا من العجز، أو يرونه عذرًا للتمرد عليه وعدم الاستماع إلى كلامه. هذا تمرد وخبث من جانب الناس، ويجب أن يروا ذلك بوضوح. التسامح والصبر اللذان يظهرهما الله لك لا حدود لهما. إذا استطعت أن تشعر بمقاصد الله المضنية، فذلك أمر جيد. ليس الأمر أن الله غير قادر على استخدام إجراءات متطرفة ليخلِّصك؛ يجب أن تفهم أن ثمة مبادئ وراء أفعال الله. الله يفعل الأشياء بطرق عديدة، لكنه لا يستخدم إجراءات متطرفة. لماذا؟ لأنه يتيح لك اختبار جميع أنواع الشدائد والإحباطات والمحن، فضلًا عن العديد من الإخفاقات والنكسات. في النهاية، بينما تختبر هذه الأشياء، يجعلك الله تدرك أن كل ما قاله صحيح، وأنه الحق. وفي الوقت نفسه، يجعلك تدرك أن أفكارك وتصوراتك، وكذلك مفاهيمك ومعرفتك ونظرياتك الفلسفية وفلسفاتك، والأشياء التي تعلمتها في العالم والتي علَّمك إياها والداك، كلها خاطئة، وأنها لا يمكن أن ترشدك إلى الطريق الصحيح في الحياة، ولا يمكن أن تقودك إلى فهم الحق وإلى أن تأتي أمام الله. إذا كنت لا تزال تعيش وفقًا لهذه الأشياء، فإنك تسير في طريق الفشل، وكذلك طريق مقاومة الله وخيانته. في النهاية، سيجعلك الله ترى ذلك بوضوح. هذه العملية هي شيء يجب أن تختبره، ولا يمكن تحقيق النتائج إلا بهذه الطريقة، لكنه أيضًا أمر مؤلم أن يراه الله. الناس متمردون ويمتلكون شخصيات فاسدة، لذلك لا بد أن يعانوا قليلًا، ويختبروا هذه النكسات. بدون هذه المعاناة، لن تكون ثمة وسيلة لتطهيرهم. إذا كان لدى الشخص قلب يحب الحق بصدق، ومستعد فعلًا لقبول مختلف طرق الله للخلاص ودفع الثمن، فليس ثمة حاجة إلى أن يعاني كثيرًا. الله لا يريد في الواقع أن يجعل الناس يعانون كثيرًا، ولا يريد أن يختبروا العديد من النكسات والإخفاقات. لكن الناس متمردون جدًا؛ هم غير راغبين في أن يفعلوا ما أُخبِروا أن يفعلوه، وغير راغبين في الخضوع، وغير قادرين على السير في الطريق الصحيح أو اتخاذ الطرق المختصرة؛ هم يسلكون طريقهم الخاص فحسب، ويتمردون على الله ويقاومونه. الناس أشياء فاسدة، وكل ما يمكن لله أن يفعله هو تسليمهم إلى الشيطان، ووضعهم في مواقف مختلفة لتطويعهم باستمرار، ومن ثمَّ يتيح لهم باكتساب جميع أنواع الاختبارات وتعلم جميع أنواع الدروس، والتوصل إلى فهم جوهر جميع أنواع الأشياء الشريرة. بعد ذلك، عندما ينظر الناس إلى الوراء، سيدركون أن كلام الله هو الحق، وسيقِرون بأن كلام الله هو الحق، وأن الله هو واقع كل الأشياء الإيجابية، وهو الوحيد الذي يحب الناس حقًا، ويهتم بهم، ويستطيع أن يخلِّصهم. الله لا يريد أن يعاني الناس كثيرًا، لكن البشر متمردون للغاية، ويريدون أن يسلكوا الطريق الخاطئ، ويريدون أن يمروا بهذه المعاناة. ليس لدى الله خيار سوى أن يضع الناس في مواقف مختلفة لتطويعهم باستمرار. إلى أي مدى يُطوَّع الناس في النهاية؟ إلى الحد الذي تقول عنده: "لقد اختبرت جميع أنواع المواقف، والآن أدرك أخيرًا أنه باستثناء الله، لا يوجد شخص أو حدث أو شيء يمكن أن يجعلني أفهم الحق، أو أن أستمتع بالحق، أو أن أدخل في حقائق الحق. إذا مارست بطاعة وفقًا لكلام الله، وبطاعة بقيت في مكاني كإنسان، وتمسكت بمكانتي وواجبي بوصفي كائنًا مخلوقًا، وبطاعة قبلت سيادة الله وترتيباته، ولم أعد أشكو أو أرغب في أشياء مفرطة من الله، وأستطيع حقًا الخضوع أمام الخالق، فعندئذ فقط سأكون شخصًا يخضع لله بحق". عندما يصل الناس إلى هذا المستوى، فإنهم يخِّرون أمام الله حقًا، ولا يعود الله بحاجة إلى ترتيب المزيد من المواقف لهم ليختبروها. إذًا، أي طريق تريدون أن تسلكوه؟ لا أحد، وفقًا لرغباته الذاتية، يرغب في المعاناة، ولا أحد يريد أن يختبر نكسات أو فشل أو صعوبات أو إحباطات أو شدائد، لكن لا يوجد طريق آخر. الناس لديهم طبائع شيطانية؛ إنهم متمرِّدون للغاية، وأفكارهم وآراؤهم معقدة جدًا. كل يوم، قلبك في تناقض مستمر وكفاح واضطراب. أنت تفهم القليل من الحقائق، ودخولك في الحياة سطحي، وتفتقر إلى القوة للتغلُّب على المفاهيم والتصورات والشخصيات الفاسدة للجسد. كل ما يمكنك فعله هو اتباع نهج الإنسان المعتاد: اختبار الفشل والإحباط باستمرار، والتعثر باستمرار، ومواجهة المشقة، والتدحرج في الوحل، إلى أن يأتي يوم تقول فيه: "لقد تعبت. لقد سئمت. لا أريد أن أعيش هكذا. لا أريد أن أختبر هذه الإخفاقات. أنا مستعد للمثول أمام الخالق في طاعة؛ سأصغي إلى ما يقوله الله، وأفعل ما يقوله. هذا وحده هو الطريق الصحيح في الحياة". لن تتمكن من المثول أمام الله إلا في اليوم الذي تقتنع فيه تمامًا بهزيمتك وتعترف بها. هل توصلت إلى فهم شيء من شخصية الله من هذا؟ ما موقف الله تجاه الناس؟ مهما يفعل الله، فإنه يريد الأفضل للناس. بغض النظر عن الأوضاع التي يرتبها أو ما يطلب منك القيام به، فهو يريد دائمًا أن يرى العاقبة الأفضل. لنفترض أنك تمر بشيء ما وتواجه انتكاسات وفشلًا. الله لا يريد أن يراك محبطًا عندما تفشل، أو أن تعتقد أنك انتهيت واختطفك الشيطان، ثم تتخلى عن نفسك، ولا تقوى على النهوض مرة أخرى، وتغرق في الكآبة؛ الله لا يريد أن يرى هذه العاقبة. ما الذي يريد الله أن يراه؟ أنك برغم فشلك في هذا الأمر، تطلب الحق وتتأمل في نفسك، وتجد سبب فشلك، وتقبل الدرس الذي علمك إياه هذا الفشل، وتتذكره في المستقبل، وتعرف أن التصرف بهذه الطريقة خطأ، وأن الممارسة وفقًا لكلام الله هي وحدها الصواب، وتدرك: "أنا شخص سيئ. لدي شخصية شيطانية فاسدة. ثمة تمرد فيَّ. أنا بعيد عن الأشخاص الأبرار الذين يتحدث عنهم الله، ولا أمتلك قلبًا يتقي الله". لقد رأيت هذه الحقيقة بوضوح؛ لقد أدركت حقيقة الأمر، ومن خلال هذه الانتكاسة وهذا الفشل، اكتسبت بعض الإدراك ونضجت. هذا ما يريد الله أن يراه. ماذا يعني النضج؟ إنه يعني أن الله يمكنه أن يربحك، وأنه يمكن أن تُخلَّص، وتستطيع الدخول إلى وقائع الحق، وأنك شرعت في طريق اتقاء الله والحيدان عن الشر. يأمل الله أن يرى الناس يسلكون الطريق الصحيح. الله يفعل الأشياء بمقاصد مُضنية، وكل هذا هو محبته الخفية، لكن الناس غالبًا لا يحسون بهذا. الناس ضيِّقو الأفق وتافهون للغاية. حالما لا يستطيعون الاستمتاع بنعمة الله وبركاته، يشتكون من الله، ويصبحون سلبيين، ويسيئون التصرف في غضب، لكن الله لا يكن لهم ضغينة على ذلك. إنه يعاملهم كالأطفال الجهال، ولا يتصيد لهم الأخطاء. إنه يهيئ للناس البيئات التي تمكّنهم من معرفة كيف تُنال النعمة والبركات، وتجعلهم يفهمون ما تعنيه النعمة للإنسان، وما يمكن للإنسان أن يستمده منها. لنفترض أنك تحب أكل شيء يقول الله إنه مضرّ بصحتك عند الإفراط في تناوله. لا تصغي، وتصرّ على أكله، ويتيح الله لك اختيار ذلك بحرية. ونتيجة لذلك تمرض. بعد اختبار هذا مرات عديدة، تدرك أن كلام الله صحيح بالفعل، وأن ما يقوله حق، وأن عليك أن تمارس وفقًا لكلامه، وأن هذا هو الطريق الصحيح. إذًا، ماذا ينتج عن الانتكاسات والإخفاقات والمعاناة التي تختبرها؟ أولًا، يمكنك أن تحس بمقاصد الله المُضنية. ثانيًا، يجعلك هذا تؤمن وتتيقن بأن كلام الله صحيح وأن كله عملي، ويزداد إيمانك بالله. إضافةً إلى ذلك، من خلال اختبار هذه الفترة من الإخفاق، تصل إلى إدراك مدى صدق كلام الله ودقته، وترى أن كلام الله هو الحق، وتفهم مبدأ ممارسة الحق. ولهذا، اختبار الإخفاق جيد للناس، لكنه في الوقت نفسه يجعلهم يعانون، فهو نوع من الصقل. لكن إذا كان تطويعك على هذا النحو يجعلك تعود أمام الله في النهاية، وتفهم كلامه، وتقبله في قلبك بوصفه الحق، وتجعلك تعرف الله، فلن يكون ما اختبرته من التطويع والانتكاسات والإخفاقات قد ذهب سُدى. هذه هي النتيجة التي يريد الله أن يراها. لكن بعض الناس يقولون: "بما أن الله متسامح جدًا مع الناس، فسأطلق العنان لنفسي، وأفعل ما يحلو لي، وأعيش بالطريقة التي أريدها". هل هذا مقبول؟ (لا، ليس مقبولًا). ما يجب أن تفعله الكائنات المخلوقة هو الممارسة وفقًا للطريق الصحيح الذي وجَّههم الله إليه، وألا يحيدوا عنه. إذا كانوا غير قادرين أن يتوافقوا تمامًا مع مقاصد الله، فما داموا لا يعارضون الحق، ويمكنهم قبول تمحيص الله، فهذا مقبول. هذا هو الحد الأدنى من المعيار. إذا ابتعدت عن الحق، ولم تصلِّ، ولم تطلب، فقد ابتعدت كثيرًا عن الله، وانتقلت بالفعل إلى منطقة خطرة. عندما تكون بعيدًا جدًا عن الله، ولا تؤدي واجبك في الكنيسة، وتكون قد خرجت بالفعل من النطاق الذي يعمل فيه الله لخلاص الناس، فسيتوقف الروح القدس عن العمل فيك، ولن تكون لديك فرصة، ولا خلاص يُذكَر. بالنسبة لك، محبة الله محض كلمات فارغة.

عندما تؤمن بالله، يجب أولًا أن تفهم الله، وأن تفهم مقاصده، وموقفه تجاه الإنسان. من خلال القيام بذلك، ستعرف الحق الذي يريد الله منك في نهاية المطاف أن تفهمه وتدخله، وتفهم الطريق الذي ينبغي عليك اتباعه. بعد أن تعرف هذه الأشياء، يجب أن تبذل قصارى جهدك للتعاون مع ما يريد الله أن يفعله، وما يريد تحقيقه فيك. إذا كنت لا تستطيع التعاون حقًا، وقد استُنفِدَت طاقتك وقوتك، فذلك هو الحال فحسب؛ الله لا يُجبر الناس. رغم ذلك، فالناس الآن لا يبذلون كل قواهم في هذه الأشياء. وإذا لم تبذل كل قواك في ممارسة الحق، وإنما بذلت كل قواك في نيل البركات وإكليل البر، فقد ضللتَ عن الطريق الصحيح. عليك أن تبذل جهدك في ممارسة الحق، وفي التعاون مع الإرساليات والواجبات التي يعطيك الله إياها؛ لا بد أن تُعطي من نفسك، وأن تبذل نفسك من أجل هذه الأشياء بكل قلبك. حينها، ستتوافق مع مقاصد الله. لا يُبالي الله بالأشخاص الذين لا يقومون بواجباتهم بشكل صحيح، لكن عدم المبالاة بهم لا يعني عدم وجود مبادئ وراء أفعاله. عندما لا يبالي بهم الله، فهذا يُظهر أنه مُتسامح، ومُتقبّل، وصبور. فهو يعلم ما الأشياء التي يجب أن يختبرها الناس في حياتهم، وما يمكن لهذه الكائنات المخلوقة تحقيقه، وما لا يُمكنهم تحقيقه، وما يُمكن لأنواع معينة من الناس تحقيقه في أعمار مُعينة، وما لا يُمكنهم تحقيقه. هذه الأشياء واضحة لله إلى أقصى درجة، وهي درجة أكبر كثيرًا حتى مما لدى الناس أنفسهم. لكن وضوح هذه الأشياء أمام الله لا يعني أنه يُمكنك أن تقول: "حسنًا إذن، افعل ما تُريد يا الله. لستُ بحاجة للتفكير في أي شيء. يمكنني فقط أن أجلس طوال اليوم مُنتظرًا نزول المنّ من السماء. لا بأس أن يتعامل الله مع كل شيء". لا بد أن يبذل الناس قصارى جهدهم للتعاون عند تنفيذ مسؤولياتهم، وفي الأشياء التي ينبغي عليهم فعلها، والأشياء التي ينبغي عليهم الدخول فيها، والأشياء التي ينبغي عليهم ممارستها، والأشياء التي تقع ضمن نطاق قدرة الناس الفطرية على إنجازها. ماذا يعني أن يبذل المرء قصارى جهده من أجل التعاون؟ يعني أنك يجب أن تبذل وقتًا وطاقة في أداء واجبك، وأن تعاني، وتدفع ثمنًا من أجله. أحيانًا، لا بد أن تلحق خسارة بكبريائك وغرورك ومصالحك الذاتية، ولا بد أن تتخلّى تمامًا عن توقك إلى غاية ما، وعن رغبتك في أن تُبارَك. ينبغي التخلي عن هذه الأمور، لذا لا بد أن تتخلى عنها. على سبيل المثال، يقول الله: "لا تشتهوا سُبُل راحة الجسد، لأنها لا تفيد نموّ حياتكم". أنت لا تستطيع الخضوع له، وبعد أن واجهت عدة إخفاقات، تفكر: "الله على حق. لماذا لا أستطيع تطبيق ذلك والتمرد على الجسد؟ هل أنا غير قادر على التغيير؟ هل هكذا يراني الله أيضًا؟ ألن يخلِّصني؟ إنني قضية خاسرة، لذا سأكون عاملًا ليس أكثر، وسأعمل حتى النهاية". هل هذا مقبول؟ (لا، ليس مقبولًا). كثيرًا ما يكون الناس في هذه الحالة. إما أنهم يسعون فقط وراء البركات والإكليل، أو يعتقدون – بعد أن اختبروا عدة إخفاقات – أنهم ليسوا أهلًا للمهمة، وأن الله قد أصدر عليهم حكمًا. وهذا خطأ. إذا استطعت تغيير الأمور في الوقت المناسب، وتغيير قلبك وعقلك، والتخلي عن الشر الذي ارتكبته يداك، والعودة أمام الله، والاعتراف إليه والتوبة إليه، والإقرار بخطأ أفعالك والطريق الذي تسلكه، والاعتراف بإخفاقاتك، ثم الممارسة وفقًا للطريق الذي أرشدك إليه، دون التخلي عن السعي إلى الحق مهما تكن ملوَّثًا، فإنك إذن تفعل الصواب. إن الناس – في سياق اختبار التغيرات في شخصياتهم وخلاصهم – سيواجهون صعوبات عديدة بالضرورة. على سبيل المثال، عدم القدرة على الخضوع للأوضاع التي أعدها الله، إضافةً إلى مختلف أفكارهم، وآرائهم، وتصوراتهم، وشخصياتهم الفاسدة، ومعرفتهم، ومواهبهم، أو مشكلاتهم وعيوبهم المختلفة. عليك أن تحارب جميع أنواع الصعوبات. حالما تتغلب على هذه الصعوبات والحالات الكثيرة للغاية، وتنتهي المعركة في قلبك، ستمتلك وقائع الحق، ولن تعود مقيدًا بهذه الأشياء، وستكون قد أصبحت حرًّا وتحررت. إحدى المشكلات التي يواجهها الناس كثيرًا خلال هذه العملية، أنهم قبل اكتشاف المشكلات الموجودة بداخلهم، يعتقدون أنهم أفضل من غيرهم، وأنهم سيُباركون حتى وإن لم يُبارَك أي شخص آخر، تمامًا مثل بولس. وعندما يكتشفون صعوباتهم، يعتقدون أنه لا قيمة لهم، وأن كل شيء قد انتهى بالنسبة لهم. دائمًا ما يوجد طرفا نقيض. ويجب أن تتغلب على طرفي النقيض هذين كليهما، حتى لا تنحرف في اتجاه أو آخر. عندما تواجه صعوبة، حتى لو كنت تدرك بالفعل أن المشكلة مستعصية تمامًا وسيكون من الصعب حلها، فعليك مواجهتها بطريقة صحيحة، والوقوف أمام الله وطلب مساعدته في حلها، ومن خلال طلب الحق، اقضمها شيئًا فشيئًا كما يقضم النمل عظمًا، وبدِّل هذه الحالة إلى عكسها. لا بد أن تتوب إلى الله. فالتوبة دليل على أن لديك قلبًا يقبل الحق وموقفًا من الخضوع، ما يعني أن هناك أملًا في أنك ستربح الحق. وإذا ظهرت أي صعوبات أخرى في خضم هذا، فلا تخف. سارع بالصلاة إلى الله واعتمد عليه؛ الله يراقبك سرًا وينتظرك، وما دمت لا تحيد عن إطار عمله التدبيري وتياره ونطاقه، فلديك أمل؛ يجب ألا تستسلم أبدًا. إذا كان كل ما تكشف عنه هو شخصية فاسدة طبيعية، فما دمت قادرًا على فهمها وقبول الحق وممارسته، فسيأتي يوم تُحل فيه هذه المشكلات. لا بد أن يكون لديك إيمان بشأن هذا. الله هو الحق؛ فلماذا عليك أن تخشى من أن مشكلتك الصغيرة هذه لا يمكن حلها؟ كل هذا يمكن حله، فلماذا تكون سلبيًا؟ لم يتخلَّ الله عنك، فلماذا تتخلى عن نفسك؟ ينبغي عليك ألا تستسلم، وينبغي ألا تكون سلبيًا. يجب أن تواجه المشكلة بطريقة صحيحة. يجب أن تعرف القوانين الطبيعية لدخول الحياة، وأن تكون قادرًا على رؤية كشف الشخصية الفاسدة ومظهرها، وكذلك السلبية العرضية والضعف والارتباك، باعتبارها أشياء طبيعية. إن عملية تغيير شخصية المرء عملية طويلة وتكرارية. عندما تتضح لك هذه النقطة، ستتمكن من مواجهة المشكلات بطريقة صحيحة. أحيانًا، تكشف شخصيتك الفاسدة عن نفسها بوضوح شديد، وتثير اشمئزاز كل من يراها، فتكره نفسك. أو أحيانًا، تكون متراخيًا جدًا ويؤدِّبك الله. ليس هذا سببًا للخوف. ما دام الله يؤدبك، وما دام لا يزال يرعاك ويحميك، ولا يزال يعمل فيك، ومعك دائمًا، فهذا يُثبت أن الله لم يتخلَّ عنك. لا تخف حتى عندما توجد أوقات تشعر فيها أن الله قد تركك وأنك غرقت في الظلمة: فما دمت على قيد الحياة ولست في الجحيم، لا تزال لديك فرصة. ولكن إذا كنت مثل بولس الذي، سار بعناد في مسار ضد المسيح، وشهد في النهاية أن الحياة له هي المسيح، فقد انتهى أمرك. إذا تمكنت من الاستيقاظ، فلا تزال لديك فرصة. ما الفرصة التي لديك؟ إنها تمكُّنك من المثول أمام الله وتمكُّنك إلى الآن من الصلاة إلى الله والطلب منه قائلًا: "يا الله! أرجو أن تمنحني الاستنارة لفهم هذا الجانب من الحق وهذا الجانب من طريق الممارسة". ما دمت واحدًا من أتباع الله، فإن لديك أملًا بالخلاص، وسوف تتمكن من الوصول إلى النهاية. هل هذه الكلمات واضحة بما يكفي؟ هل ما زلتم عُرضةً للسلبية؟ (لا). عندما يفهم الناس مشيئة الله، فإن طريقهم يكون واسعًا. وإذا لم يفهموا مشيئته، فإن طريقهم يكون ضيقًا وتوجد ظلمة في قلوبهم ولا يكون لديهم طريق يسلكونه. أولئك الذين لا يفهمون الحق هم كالتالي: إنهم ضيقو الأفق، ويتجادلون دائمًا، ويشتكون دائمًا من الله ويسيئون فهمه، ونتيجةً لذلك، كلما تقدموا في المسير تلاشى طريقهم. والواقع أن الناس لا يفهمون الله. لو كان الله قد عامل الناس كما في خيالهم، لكان الجنس البشري قد مُحي منذ زمن بعيد.

إن خطايا بولس السبع تُمثل كشوفات نموذجية للإنسانية الفاسدة، لكن بولس كان أشد الحالات فسادًا. كان جوهر طبيعته مُحددًا بالفعل – هكذا كان شخصه. مع ذلك، هذه الشخصيات الفاسدة شائعة بين جميع البشر الفاسدين؛ فكل شخص لديه هذه الشخصيات بدرجة متفاوتة. تنبع هذه الحالات جميعها من شخصية فاسدة. ومع أنك لست من نوع الأشخاص نفسه الذي ينتمي إليه بولس، فأنت أيضًا تملك هذه الشخصيات الفاسدة؛ إنك فقط لا تُظهرها بالشدة التي أظهرها هو بها. في الوقت الحاضر، ينظر الله إلى هذا النوع من الحالات التي توجد لدى معظمكم، باعتبارها كشوفات عن شخصيات فاسدة. لكن بولس لم يكشف عن شخصية فاسدة فحسب؛ كان على طريق مقاومة الله، ورفض التوبة بعناد. لقد حُكم عليه وشُجِب. كانت لديه طبيعة إبليسية، ولم تكن طبيعته الإبليسية الكارهة للحق تلك قابلة للإصلاح. لاحقًا، عليكم أن تعقدوا شركة حول هذا الخطاب، وأن تقارنوا أنفسكم به. الهدف من ذلك هو إدراك فداحة هذه الأخطاء التي ارتكبها بولس، ثم كشف جميع ما لديكم من الحالات الفاسدة التي تُشبه حالات بولس، وإصلاحها خطوة بخطوة. الهدف من إصلاح هذه الشخصيات الفاسدة هو جعل الناس قادرين على العيش بدرجة متزايدة من شبه الإنسان ومن التوافق مع الله. فقط من خلال إصلاح هذه الشخصيات الفاسدة يُمكن للناس أن يأتوا حقًا أمام الله، وأن يكونوا متوافقين معه، وأن يكونوا كائنات مخلوقة حقيقية، فينظر الله إليهم بعين الرضا. هل تعقدون مقارنات بأنفسكم؟ (هناك ما ينقصنا إلى حدٍّ ما في هذا الجانب). إن أكثر ما ينقصكم هو الحق. الحق هو ما يجب أن تدخلوا إليه. لديكم الآن عدة أشياء في داخلكم، لكن معظمها فاسدٌ وسيئ. لديكم بعض من المعرفة السخيفة، كما أنكم تافهون للغاية، ودائمًا ما تُفكّرون في إجراء المعاملات والصفقات، ولديكم وفرةٌ من الأشياء السلبية، وتصبحون سلبيين عندما لا تقومون بمهمة ما جيدًا، أو عندما تستشعرون صعوبةً ما. عندما ترى أن عمل الله لا يتوافق مع أمنياتك، تنشأ فيك المشاعر السلبية، وتُعارض عمله وتُقاومه. وعندما تُحقق نتيجةً صغيرةً في عملك، فإنك تفتخر بنفسك وتتجاوز حدودك. تُصبح مُتغطرسًا ولا تعرف مكانك في الكون، وتظن أنك فوق الجميع، وتريد من الله أن يُعطيك إكليلًا ومكافأةً في المقابل؛ كما تجرؤ على التصرف بطريقة مستهترة في العلن. باختصار، هذه الحالات مُتوافقةٌ مع حالات بولس؛ هي حالاته نفسها، والله يبغضها.

لقد لخّصنا خطايا بولس السبع الكبرى وعرَّفناها. في النهاية، أصبح بولس محل العقوبة. عندما قرر الله عاقبة بولس، هل قررها بناءً على واحدة فقط من خطاياه؟ (كلا). عند أخذ كل شيء بعين الاعتبار، فقد كانت هذه هي النهاية التي كان ينبغي أن ينالها؛ تلك هي الطريقة التي كان ينبغي أن ينتهي إليها. الحقائق أمامكم مباشرةً؛ لا يمكنكم إنكارها. إذا كان بينكم مَن يسلك طريقًا كطريق بولس من البداية إلى النهاية، ويُظهر جميع خطايا بولس السبع، ولا يستطيع طلب الحق لعلاجها، فماذا ستكون عاقبتكم في النهاية؟ (عاقبة بولس نفسها). ستصبحون أبالسة أضدادًا للمسيح مثل بولس، ويجب معاقبتكم. عندما تُعاقب، لا تتهم الله بأنه غير بارّ. بدلًا من ذلك، يجب أن تمجد برَّ الله، وتقول: "الله بار! لقد كشف الله خطايا بولس السبع، وشرحها في كلامه. كنت أنا من لم يدخل إلى كلامه!". الأمور الآن مختلفة عما كانت عليه قبل ألفي عام؛ فالله يُخبر الناس بجميع الحقائق بوضوح وشفافية، وهي مكتوبة لك، لكي تسمعها وتفهمها، وأنت أيضًا ترى أن تلك هي طريقة عمل الله وإنجازه للأشياء في الحياة الواقعية. إذا كنت لا تزال غير قادر على الدخول إلى الحق، ولا تستطيع إصلاح شخصيتك الفاسدة وفقًا لكلام الله، فلا تلومنَّ الله على معاقبتك وفقًا لشخصيته البارَّة. في سفر الرؤيا، قال الله: "أُجْرَتِي مَعِي لِأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ" (رؤيا 22: 12). إن الله يجازي الناس وفقًا لأعمالهم. هذه هي شخصية الله البارة. وينبغي على أولئك الذين يؤمنون بالله أن يتأملوا في أنفسهم ويفهموها في ضوء كلام الله، وفي ضوء خطايا بولس السبع التي كشفها الله، وأن يحققوا التوبة الصادقة – هذا ما يستحسنه الله.

14 يونيو 2018

السابق:  من خلال فهم الحق وحده يمكن للمرء أن يعرف أفعال الله

التالي:  ما من سبيل لدخول الحياة إلا بممارسة الحق

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب

Connect with us on Messenger