كلمات حول كيفية معالجة الشخصيات الفاسدة
اقتباس 49
تتكون شخصيات الإنسان الفاسدة حصرًا من أشياء سخيفة وشريرة. وأخطر هذه الأشياء هو شخصية الإنسان المتغطرسة والأشياء التي تُكشف منها، أي البر الذاتي الشديد والاعتداد بالنفس، والاعتقاد بأن المرء أقوى من الآخرين، وعدم الرغبة في الخضوع لأحد، والإصرار الدائم على أن يكون له القول الفصل، والتباهي في كل الأمور، والسعي وراء الإطراء والمديح على تصرفات المرء، والرغبة الدائمة في أن يلتف الآخرون حوله، وأن يكون دائمًا متمركزًا حول ذاته، وأن يضمر دائمًا طموحات ورغبات، وأن يرغب دائمًا في الظفر بإكليل ومكافآت، وأن يحكم كملك؛ كل هذه الأمور تندرج في فئة الشخصيات الشديدة الفساد. أما البقية فهي مجرد مشكلات عادية. على سبيل المثال، وجود بعض الآراء الخاطئة، والتفكير السخيف، والاحتيال والخداع، والغيرة، والأنانية، وأن يكون المرء مجادلًا، والتصرف دون مبادئ، وما إلى ذلك، هي أكثر الشخصيات الفاسدة شيوعًا. تُوجد أنواع كثيرة من الشخصيات الفاسدة التي تتضمنها شخصيات الشيطان، غير أن الشخصية الأكثر وضوحًا والأبرز هي شخصية متعجرفة. العجرفة هي أساس شخصية الإنسان الفاسدة. وكلّما زادت عجرفة الناس، كانوا أقل عقلانيةً، وصاروا أكثر قابليةً لمقاومة الله. كم مدى خطورة هذه المشكلة؟ لا ينظر أصحاب الشخصية المتعجرفة إلى كل الآخرين بفوقية فحسب، بل أسوأ ما في الأمر هو أنّهم يتعالون حتّى على الله، وليس لديهم قلوب تتقي الله. وعلى الرغم من أن الناس قد يظهر أنّهم يؤمنون بالله ويتبعونه، فإنهم لا يعاملونه على أنه الله على الإطلاق. إنهم يشعرون أنّهم يملكون الحق، ويظنون أنفسهم رائعين. هذا جوهر الشخصية المتعجرفة وأساسها، وهي نابعة من الشيطان. بالتالي، يجب حل مشكلة العجرفة. شعور المرء بأنّه أفضل من الآخرين هو مسألة تافهة. المسألة الحاسمة هي أنّ شخصية المرء المتعجرفة تمنعه من الخضوع لله ولسيادته وترتيباته؛ يشعر مثل هذا الشخص دائمًا بالميل إلى منافسة الله على السلطة والسيطرة على الآخرين. هذا النوع من الأشخاص ليس لديه قلب يتقي الله على الإطلاق، فضلًا عن محبة الله أو الخضوع له. إن الأشخاص المُتكبِّرين والمغرورين، وخصوصًا أولئك المُتكبِّرين لدرجة أنهم فقدوا عقولهم، لا يمكنهم الخضوع لله في إيمانهم به، حتَّى إنهم يُمجِّدون أنفسهم ويشهدون لها. ومثل هؤلاء الناس يقاومون الله أكثر من غيرهم وليس لديهم مطلقًا قلوب تتقي الله. فإذا كان الناس يرغبون في معرفة إذا كان لديهم قلوب تتقي الله، فينبغي عليهم أوَّلًا معالجة مشكلة شخصيتهم المتعجرفة. وكلَّما عالجت شخصيَّتك المتعجرفة بشكل كامل، كان لديك قلب أكثر اتقاءً لله، وعندئذٍ فقط يمكنك أن تخضع له، وتظفر بالحق، وتعرف الله. إن الذين يربحون الحق هم وحدهم بشر بالفعل.
اقتباس 50
إنَّ شخصيات الإنسان الفاسدة – مثل الغطرسة، والبِر الذاتي، والعناد – نوع من الأمراض العنيدة؛ فهي كورم خبيث ينمو داخل الجسد البشري، ولا يمكن علاجه بدون قدر من المعاناة. وعلى خلاف الأمراض المؤقتة التي تزول في غضون بضعة أيام، فإنَّ هذا المرض العنيد ليس بالضيق الخفيف؛ ولا بد من استخدام نهج قاهر لمواجهته. على الرغم من ذلك، ثمة حقيقة عليكم إدراكها؛ وهي أنه ما من مشكلة لا يمكن علاجها. فمع سعيكم إلى الحق، ونموكم في الحياة، وتعمق فهمكم للحق واختباركم له، ستتضاءل شخصياتكم الفاسدة تدريجيًا. إلى أي مدى ينبغي أن تتضاءل الشخصيات الفاسدة قبل أن يمكن اعتبارها مطهرة؟ عندما لا تعودُ مقيدًا بهذه الشخصيات وتصبح قادرًّا على تمييزها وهجرها. ورغم أنَّ هذه الشخصيات قد تظهر في بعض الأحيان، فإنك ما تزال قادرًا على القيام بواجبك وممارسة الحق كالمعتاد، وأن تظل مسؤولًا ويقظ الضمير، ولست مقيدًّا بها. حينئذٍ لا تعود هذه الشخصيات الفاسدة تمثل مشكلة لك، وتكون قد تغلبت عليها بالفعل وسموت فوقها. هذا هو معنى أن تكون قد نموت في الحياة: ألَّا تعود – في الظروف المعتادة – مقيدًا بشخصياتك الفاسدة أو مربوطًا بها. إنَّ بعض الناس، مهما كشفوا عن شخصيات فاسدة، لا يطلبون الحق لعلاجها. ونتيجةً لهذا لا تتغير شخصياتهم الفاسدة وتظل كما هي، حتى بعد سنوات عديدة من إيمانهم بالله. إنهم يفكرون: "كلما فعلتُ شيئًا، كشفتُ عن شخصياتي الفاسدة، وإذا امتنعتُ عن فعل أي شيء، فلن أكشف عنها. ألا يكون ذلك علاجًا للمشكلة؟" أليس ذلك امتناع عن الطعام خشية الاختناق به؟ ماذا ستكون النتيجة؟ إنَّ هذا لا يؤدي إلَّا إلى الموت جوعًا. إذا كشف المرء عن شخصياته الفاسدة ولم يعالجها، فهذا بمثابة عدم قبول الحق والسقوط ميتًا. وماذا ستكون العواقب إنْ آمنت بالله ولم تسعَ إلى الحق؟ ستكون كمَن يحفر قبره بيديه. فالشخصيات الفاسدة هي عدو إيمانك بالله؛ إذ تعرقل ممارستك للحق، واختبارك لعمل الله، وخضوعك له. وسينتج عن هذا أنك لن تنال خلاص الله في النهاية. ألا تكون إذن كمَن يحفر قبره بيديه؟ إنَّ الشخصيات الشيطانية تعرقلك عن قبول الحق وممارستك إياه؛ ولهذا لا يمكنك تجنبها، ولا بد لك من مواجهتها. سوف تتحكم فيك هذه الشخصيات إن لم تتغلب عليها، لكنك إن فعلت فلن تعود مقيدًا بها وستصبح حرًّا. ستنبثق الشخصيات الشيطانية في قلبك في بعض الأحيان وتُظهِر نفسها، مولِّدة فيك أفكارًا وخواطر خاطئة، وتبعث فيك التفكير الشرير، فتشعرك بأنك متعجرف أو عليٌّ وذو بأس، ورغم كشفك عن مثل هذه الأفكار، لن تعود يداك وقدماك مكبلةً بها عند التصرف، وكذلك لن يعود قلبك محكومًا بها. وسوف تقول: "نيتي أن أراعي مصالح بيت الله، وأن أفعل الأشياء لأرضي الله، وأن أتمم واجبي وإخلاصي بصفتي كائنًا مخلوقًا. ورغم أنَّني لا أزال أكشف عن هذا النوع من الشخصيات أحيانًا، فليس له أي تأثير عليَّ إطلاقًا". وهذا يكفي؛ فهذا النوع من الشخصيات الفاسدة سيكون قد عولِج بصفة أساسية هل تغيُّر الشخصيات لدى الإنسان غامض وغير ملموس؟ (إنه ليس كذلك). هذا مدى عمليته؛ يقول بعض الأشخاص: "على الرغم من أنني أفهم شيئًا من الحق، لم تزل لدي خواطر وأفكار فاسدة في بعض الأحيان، ولم أزل أكشف في نفسي عن شخصيات فاسدة؛ فماذا ينبغي أن أفعل"؟ إذا كنت شخصًا يسعى إلى الحق فعلًا، فينبغي أن تصلي إلى الله متى كانت لديك هذه الخواطر والأفكار الخاطئة أو كشفت عن شخصيات فاسدة، وأن تطلب الحق لعلاجها. هذا هو أبسط مبادئ الممارسة؛ وأنت لن تنساه، أليس كذلك؟ إضافةً إلى ذلك، ينبغي لك أيضًا معرفة أنه حين تتبادر إلى ذِهنك أيّة خواطر وأفكار خاطئة عليك رفضها. لا يمكن أن تصبح مقيدًا ومكبلًا بها، ناهيك عن اتباعها بالطبع. وما دمت تفهم شيئًا من الحق، فسيسهل عليك تحقيق ذلك. وإذا كشفت عن شخصيات فاسدة، فلا بد أن تجتهد في طلب الحق من أجل علاجها. ولا يمكنك أن تقول: "يا الله، لقد كشفت مجددًا عن شخصية فاسدة فأدِّبني، أرجوك! أنا لا أستطيع التحكم في شخصياتي الفاسدة". إذا كنت تصلي هكذا، فذلك يدل على أنك لست بالشخص الذي يسعى إلى الحق، بل شخص سلبي ومتقاعس وقد يئست من نفسك؛ ويجدر بك إذن أن تحضِّر نعشك وترتيبات جنازتك. أخبروني، أي نوع من الأشخاص يُصلي هكذا؟ لا يُصلي إلى الله هكذا إلا شخص بطَّال، لكنَّ شخصًا يحب الحق لن يتفوه أبدًا بمثل هذه الكلمات. إذا كنت شخصًا يحب الحق، فعليك اختيار طريق السعي إلى الحق، وعليك أيضًا أن تكون واضحًا بشأن كيفية ممارسته؛ إذ ستكون شخصًا بطَّالًا بحق إن لم تعرف كيفية السعي إلى الحق عندما تحل بك هذه المشكلات العادية للغاية. إنَّ علاج الشخصيات الفاسدة مسعىً يستمر طوال الحياة، لا شيئًا يمكن تحقيقه في بضع سنوات. فلماذا تؤوي تخيلات بشأن ربح الحق والحياة؟ أليس ذلك حمقًا وجهالة؟
في عملية السعي لتغيير شخصية حياتية، فإنَّ قيود الشخصيات الفاسدة هي ما يمثل الصعوبة الأكبر لأي شخص. فعندما يكشف الناس عن قدر من شخصية فاسدة، أو يكشفون عنها مرةً تلو الأخرى، ويشعرون أنهم لا يستطيعون التحكم فيها، يدينون أنفسهم ويحددون أنهم فسدوا بالفعل ولا يمكن أن يتغيروا. هذا تخبط وسوء فهم يوجد لدى معظم الناس. الآن، أدرك بعضٌ ممَّن يسعون إلى الحق أنه إذا كانت الشخصيات الفاسدة موجودةً داخل أحد الأشخاص، فيمكن لهذا الشخص أن يكشف عنها مرارًا مما يؤثر في أدائه لواجبه ويعيق ممارستَهُ الحق، وأنه إذ لم يتمكنْ هذا الشخص من تأمل ذاته لعلاج مشكلة شخصياته الفاسدة، فلن يتمكنْ من أداء واجبه كما ينبغي. ولهذا، ينبغي لمَن يؤدون واجباتهم دائمًا بسلبية ولامبالاة، أن يتأملوا ذواتهم بجدية ويكتشفوا السبب الأساسي لمشكلتهم من أجل علاجها. غير أنَّ بعض الناس يفهمون الأمور فهمًا محرفًا؛ وهم يفكرون: "جميع مَن يكشفون عن شخصيات فاسدة أثناء قيامهم بواجباتهم، ينبغي لهم التوقف لعلاجها تمامًا قبل أن يواصلوا القيام بواجباتهم". أذلك رأي يمكن الدفاع عنه؟ كلا، بل هو تصور بشري فحسب، ولا يمكن الدفاع إطلاقًا. حقيقة الأمر أنَّ معظم الأشخاص – أيًّا كانت الشخصيات الفاسدة التي يكشفون عنها في أثناء القيام بواجباتهم – يمكنهم تقليل عدد إظهارات الفساد ما داموا يطلبون الحق لعلاج هذه الشخصيات، ومن ثمَّ تأدية واجباتهم كما ينبغي في نهاية المطاف. هذه هي عملية اختبار عمل الله. حالما تكشف عن شخصية فاسدة، عليك أن تطلب الحق لعلاجها، ومن ثمَّ تمييز شخصيتك الشيطانية وتشريحها. هذه هي عملية محاربة شخصيتك الشيطانية، وهي جوهرية لاختبارك في الحياة. ففي أثناء اختبارك لعمل الله وتغيير شخصيتك تستخدم الحقائق التي تفهمها في التغلب على شخصيتك الشيطانية لعلاج شخصياتك الفاسدة في نهاية المطاف والانتصار على الشيطان، ومن ثمَّ تحقيق تغيير الشخصية. إنَّ عملية تغيير شخصية المرء هي السعي إلى الحق وقبوله من أجل استئصال المفاهيم والتصورات البشرية، والكلمات والتعاليم، وكذلك فلسفات التعاملات الدنيوية ومختلف الهرطقات والمغالطات التي تأتي من الشيطان، لكي يحل الحق وكلمة الله تدريجيًا محل هذه الأشياء. هذه هي عملية ربح الحق وتغيير شخصية المرء. وإذا كنت ترغب في معرفة مدى تغيُّر شخصيتك، فعليك أن ترى بوضوح عدد الحقائق التي تفهمها، وعدد الحقائق التي تطبقها، وعدد الحقائق التي تستطيع العيش بحسبها. عليك أن ترى بوضوح كم من شخصياتك الفاسدة قد حلَّت محلها الحقائق التي فهمتها واكتسبتها، ومدى إمكانية تحكم هذه الحقائق في الشخصيات الفاسدة بداخلك؛ أي مدى إمكانية أن ترشد هذه الحقائق أفكارك ونواياك وحياتك اليومية وممارستك. عليك أن ترى بوضوح ما إذا كانت شخصياتك الفاسدة هي ما يكون له اليد العليا عندما تحل بك الأمور، أم أنَّ الحقائق التي تفهمها هي ما يسود ويرشدك. هذا هو المعيار الذي تُقاس به قامتك ودخولك إلى الحياة.
اقتباس 51
ماذا يحدث عندما يلجأ شخص ما إلى اختلاق الأعذار حين يواجه التوبيخ والتهذيب؟ هذا النوع من الشخصيات متغطرس للغاية وبار ذاتيًّا وعنيد، فالأشخاص المتغطرسون والعنيدون يجدون صعوبة في قبول الحق، إذ لا يمكنهم قبوله عندما يسمعون شيئًا لا يتماشى مع وجهات نظرهم وآرائهم وأفكارهم. لا يهمُّهم إن كان ما يقوله الآخرون صوابًا أم خطأ، ولا يهمهم مَن قاله، ولا السياق الذي قيل فيه، ولا ما إن كان يتعلق بمسؤولياتهم وواجباتهم، لأنهم لا يهتمون بهذه الأشياء؛ فالأمر المُلِّح بالنسبة لهم هو إرضاء مشاعرهم أولاً. أليس هذا معنى أن يكون الشخص عنيدًا؟ ما الخسائر التي يجلبها العناد للناس في نهاية المطاف؟ يكون من الصعب عليهم ربح الحق. يرجع عدم قبول الحق إلى شخصية الإنسان الفاسدة، والنتيجة النهائية أنهم لا يستطيعون نيل الحق بسهولة. كل ما يظهر بشكل طبيعي من جوهر طبيعة الإنسان هو مخالف للحق ولا علاقة له به؛ لا شيء من ذلك على الإطلاق يتماشى مع الحق أو يقترب منه. لذلك، يجب على المرء أن يقبل الحق ويمارسه لتحقيق الخلاص. لن يتمكن المرء من تحقيق الخلاص إذا كان لا يستطيع قبول الحق ويريد دائمًا التصرف وفقًا لتفضيلاته الخاصة. إذا كنت تريد أن تتبع الله وتؤدي واجبك جيدًا، فيجب عليك أولاً تجنب الاندفاع عندما لا تسير الأمور كما يحلو لك. هدِّئْ مِنْ رَوْعِك أولاً وكن هادئًا أمام الله، ثم صلِّ إليه في قلبك واطلب منه. لا تكن عنيدًا؛ كن خاضعًا أولًا، بمثل هذه العقلية فقط يمكنك تقديم حلول أفضل لما يواجهك من مشاكل. إذا كنت قادرًا على المثابرة في العيش أمام الله، وكنت قادرًا على الصلاة إليه والطلب منه بغض النظر عما يصيبك، ومواجهة ذلك بعقلية الخضوع، فلن يهم عندئذٍ عدد مرات إظهار شخصيتك الفاسدة، أو الذنوب التي ارتكبتها سابقًا – فكل هذه الأمور يمكن حلها ما دمت تطلب الحق. مهما كانت التجارب التي تواجهك، ستكون قادرًا على الصمود. ما دامت لديك العقلية الصحيحة، وأنت قادر على قبول الحق والخضوع لله وفقًا لمتطلباته، فأنت قادر تمامًا على ممارسة الحق. رغم أنك قد تكون متمردًا ومقاومًا في بعض الأحيان، وتبدي أحيانًا تبريراتٍ دفاعية ولا تقدر على الخضوع، إذا كنت تستطيع الصلاة إلى الله وتغيير حالة التمرد لديك، فسيمكنك قبول الحق. بعد القيام بذلك، تأمل في سبب ظهور مثل هذا التمرد والمقاومة فيك. ابحث عن السبب، ثم اطلب الحق لمعالجته، وعندئذٍ يمكن تطهير هذا الجانب من شخصيتك الفاسدة. بعد التعافي عدة مرات من هذه العثرات والسقطات، وإلى أن تتمكن من ممارسة الحق، ستتخلَّص من شخصيتك الفاسدة تدريجيًا، وعندئذٍ، سوف يسود الحق بداخلك ويصير حياتك، ولن تكون هناك عقبات أخرى أمام ممارستك للحق. ستصبح قادرًا على الخضوع حقًا لله، وسوف تحيا بحسب واقع الحق. وخلال هذه الفترة، سيكون لديك اختبار عملي في ممارسة الحق والخضوع لله. وعندما يُصيبك شيء ما لاحقًا، ستعرف كيف تمارس بطريقة خاضعة لله وما نوع السلوك الذي يعتبر تمردًا على الله. عندما تتضّح هذه الأمور في قلبك، هل ستظل غير قادر على إقامة شركة حول واقع الحق؟ إذا طُلب منك مشاركة شهاداتك الاختبارية، فلن تشعر بأن هذه مشكلة لأنك ستكون قد اختبرت أشياء كثيرة وعرفت مبادئ الممارسة. سيكون حديثك حقيقيًا كيفما تحدثت، وعمليًا مهما قُلت. وإذا طُلب منك مناقشة الكلمات والتعاليم، فلن تكون على استعداد لذلك، بل ستنفر منه في صميم قلبك. ألن تكون بذلك قد دخلت إلى واقع الحق؟ يمكن للأشخاص الذين يسعون إلى الحق أن يربحوا اختباره بعد جهد بضع سنوات فحسب، ثم يدخلون بعد ذلك إلى واقع الحق. أما أولئك الذين لا يسعون إلى الحق، فلن يكون من السهل عليهم الدخول إلى واقع الحق، وإن أرادوا ذلك. يرجع هذا إلى أنَّ الذين لا يحبون الحق فيهم كثير من التمرد، فكلما احتاجوا إلى ممارسة الحق في مسألة ما، تجدهم دائمًا يختلقون لأنفسهم الأعذار والمشكلات، كي يكون من الصعب جدًا عليهم ممارسة الحق. على الرغم من أنهم قد يُصَلُّون ويطلبون، ويكونون على استعداد لممارسة الحق، فعندما يصيبهم شيء ما، وعندما تواجههم الصعوبات، يظهر تشوّشهم وتظهر شخصيتهم المتمردة، مما يعكّر صفو عقولهم تمامًا. ما أخطر شخصيتهم المتمردة! إذا كان الجزء الأصغر من قلوبهم هو المشوش، والجزء الأكبر منه هو الذي يريد الخضوع لله، فإن ممارسة الحق ستصبح أقل صعوبة بالنسبة لهم. ربما يمكنهم الصلاة لفترة من الوقت، أو ربما يقوم شخص ما بإقامة شركة معهم حول الحق؛ وطالما فهموا ذلك في تلك اللحظة، سيكون من السهل عليهم البدء في ممارسته. أما إذا كانت نسبة التشوّش لديهم كبيرة لدرجة أنه يشغل الجزء الأكبر من قلوبهم، بحيث يكون التمرد أساسيًا والخضوع ثانويًا، فلن يكون من السهل عليهم ممارسة الحق، لأن قامتهم صغيرة جدًا. أما أولئك الذين لا يحبون الحق على الإطلاق فهم متمردون بشكل كبير أو متمردون كلّيًا، ومشوّشون تمامًا. هؤلاء الناس لن يتمكنوا أبدًا من تطبيق الحق؛ ومن ثمَّ لن تكون هناك أي فائدة تُرجى من وراء ما يُنفق عليهم من طاقة مهما بلغ قدرها. إنَّ الأشخاص الذين يحبون الحق لديهم دافع قوي نحو الحق؛ فإذا كان هذا الحق يحتل الجزء الأكبر من دوافعهم أو يشكل الغالبية العظمى منها، وكانت الشركة حول الحق تُعقَد لهم بوضوح، فسيكونون بالتأكيد قادرين على ممارسته. إنَّ محبة الحق ليست مسألة بسيطة؛ إذ إن الشخص لا يصبح محبًّا للحق لمجرد أنه يمتلك رغبة واهية في ذلك. إنما يجب أن يبلغ الشخص نقطة ما حيث يمكنه فور أن يفهم كلمة الله، أن يجاهد ويتحمل المشقة ويدفع الثمن لممارسة الحق؛ ذلك هو الشخص الذي يحب الحق. إنَّ الشخص الذي يحب الحق يستطيع الاستمرار في سعيه، مهما بلغ عدد الشخصيات الفاسدة التي أظهرها أو عدد الذنوب التي ارتكبها. ومهما أصابه، فيمكنه أن يصلّي إلى الله، وأن يطلب الحق، وأن يقبل الحق. وبعد عامين من مثل هذا الاختبار أو ثلاثة، يمكن لجهوده أن تؤتي ثمارها، ومن ثمَّ لا تعوقه الصعوبات العادية. وإذا واجه صعوبات كبيرة، فحتى إذا فشل في اجتيازها، فسيكون هذا أمر طبيعي، لأن قامته صغيرة جدًا. ومادام قادرًا على ممارسة الحق في الظروف العادية، فسيبقى الأمل موجودًا. عندما يعرف الله ويكون لديه قلب يتقي الله، فسيصبح من السهل عليه التغلّب على التحديات وإن كانت كبيرة؛ ولن يمثل أي تحدٍّ مشكلة بالنسبة له. ما دام الناس يقرأون المزيد من كلمات الله ويقيمون شركة حول الحق بشكل أكبر، وإذا كانوا يستطيعون الصلاة إلى الله بغض النظر عن الصعوبات التي تصيبهم، ويعتمدون على عمل الروح القدس لحل المشكلات، فسيكون من السهل عليهم فهم الحق وممارسته، وسوف يبدؤون في التخلص من شخصيتهم الفاسدة تدريجيًا. ومع كل ممارسة للحق، فإنهم يتخلصون من القليل من شخصيتهم الفاسدة؛ وكلما زادت ممارستهم للحق زاد مقدار ما يتخلصون منه من شخصيتهم الفاسدة. هذا قانون طبيعي. إذا رأى الناس أنهم يُظهرون شخصية فاسدة فهل سينجحون في علاجها إن حاولوا فعل ذلك بالاعتماد على ضبط النفس والتحمّل؟ لن يكون الأمر سهلًا. لو أنهم كانوا سيتمكنون من علاج الشخصية الفاسدة بهذه الطريقة، لما كانت هناك حاجة لأن يقوم الله بعمل الدينونة والتوبيخ. لكي يعالج المرء شخصيته الفاسدة، فلا بد له من الاعتماد على الصلاة إلى الله والاتكال عليه، وعلى طلب الحق ومعرفة الذات من خلال التأمل الذاتي، والاعتماد على عمل الروح القدس؛ هو ما يمكن أن يعالجها تدريجيًا. إذا لم يتعاون الناس، ولم يعرفوا كيفية التفكُّر في أنفسهم، ولم يستطيعوا قبول الحق، ولم يدركوا شخصيتهم الفاسدة، وكانوا يفتقرون إلى التوبة، ولا يكرهون الجسد والشيطان، فلن يَتخلَّصوا من شخصيتهم الفاسدة من تلقاء نفسها. حينئذٍ إنما يكون عمل الروح القدس رائعًا للغاية؛ ما دام الناس متعطشين إلى الحق ويسعون إلى تغيير شخصيتهم، فسوف ينيرهم الله ويرشدهم. وبدون أن يدرك الناس ذلك، سيفهمون الحق في الوقت نفسه وسيكونون قادرين على معرفة أنفسهم، وعندئذِ، سيبدؤون في محبة الحق والتوق إليه. سيكونون قادرين على كراهية طبيعة الشيطان وشخصية الشيطان من صميم قلوبهم، مما يسهِّل عليهم التمرد على الجسد، ويشعرهم أنَّ ممارسة الحق صارت أيسر كثيرًا. عند تلك المرحلة، ستتغير شخصيتهم الفاسدة شيئًا فشيئًا، ولن يصبح لديهم أي تمرد ضد الله؛ سيكونون قادرين على الخضوع له تمامًا، دون أن يقيدهم أي شخص أو حدث أو شيء؛ وهذا تحول كامل في شخصيتهم الحياتية.
اقتباس 52
بعض الناس لا يسعون للحق أبدًا أثناء أداء واجباتهم. إنهم لا يفعلون إلا ما يحلو لهم، ويتصرفون بعناد وفقًا لتصوراتهم الخاصة، وهم دائمًا متعسفون ومتهورون؛ هم ببساطة لا يسيرون في طريق ممارسة الحق. ماذا يعني أن تكون "متعسفًا ومتهورًا"؟ يعني أن تتصرف بأي طريقة تراها مناسبة، عندما تواجه مشكلة، دون أي عملية تفكير أو بحث. فلا شيء يقوله أي شخص آخر يمكن أن يلمس قلبك أو يغير رأيك. ولا يمكنك حتى قبول الحق عند مشاركته معك، إذ تتمسك بآرائك الخاصة، ولا تنصت عندما يقول الناس الآخرون أي شيء صحيح؛ حيث تؤمن بأنك على حق، وتتشبث بأفكارك الخاصة. حتى إن كان تفكيرك صحيحًا، فيجب أن تأخذ آراء الآخرين بعين الاعتبار أيضًا. وإذا لم تفعل ذلك على الإطلاق، ألا يعني هذا أنك معتدّ للغاية ببرّك الذاتيّ؟ ليس من السهل على الناس الذين يتصفون بالبر الذاتي والعصيان الشديدين أن يقبلوا الحق. إذا فعلت شيئًا خاطئًا وانتقدك الآخرون قائلين: "أنت لا تفعل ذلك وفقًا للحق!" فتجيبهم قائلًا: "حتى إن لم أكن كذلك، فهذه رغم ذلك هي الطريقة التي سأفعله بها"، ثم تجد سببًا لتجعلهم يعتقدون أن هذا صحيح. وإذا وبخوك قائلين: "تصرفك على هذا النحو معطِّل، وسوف يضر بعمل الكنيسة"، فلا تكتفي بعدم الاستماع إليهم، بل وتستمر في تقديم الأعذار قائلًا: "أعتقد أن هذه هي الطريقة الصحيحة، ولذلك فهذه هي الطريقة التي سأفعل بها الأمر". أي شخصية هذه؟ (الكبرياء). إنها الكبرياء. فالطبيعة المتكبرة تجعلك عنيدًا. وإذا كانت لديك طبيعة متكبرة، فسوف تتصرف بشكل تعسفي ومتهور دون مبالاة بما يقوله أي شخص. إذًا، كيف تجد حلًّا لتعسفك وتهورك؟ هب، على سبيل المثال، أن شيئًا ما أصابك وكانت لديك أفكارك الخاصة وخططك. قبل تحديد ما يجب عليك فعله، عليك أن تطلب الحق ويجب عليك على الأقل إقامة شركة مع الجميع حول ما تفكر به وتؤمن به بشأن ذلك الأمر. يجب أن تطلب من الجميع إخبارك بما إذا كانت أفكارك وخططك صحيحة وتتماشى مع الحق أم لا، مطالبًا إياهم بأن يفحصوا الأمر نيابةً عنك. هذه أفضل طريقة لعلاج التعسف والتسرّع. أولًا، يمكنك أن تسلّط الضوء على آرائك وتسعى إلى الحق؛ فهذه هي أولى خطوات الممارسة من أجل علاج التعسف والتهور. تأتي الخطوة الثانية عندما يعبّر آخرون عن آرائهم المعارضة؛ فكيف يمكنك أن تمارس لتحول دون تعسفك وتهورك؟ أولًا، يجب أن تتمتّع بسلوك متواضع، وتضعَ جانبًا ما تعتقد أنّه صحيح، وتسمح للجميع بالشركة. وحتّى إن كنت تعتقد أنّ طريقك صحيح، فيجب ألّا تستمرّ بالإصرار عليه. ذلك نوع من التحسن؛ فهو يُظهر سلوكًا ينمُّ عن سعي إلى الحق، وإنكار لذاتك، وإرضاء مقاصد الله. عندما تتمتّع بهذا السلوك، بينما لا تتقيّد بآرائك، ينبغي أن تصلي، وتطلب الحق من الله، ثم تبحث عن أساس في كلام الله. حدِّد كيفية التصرف على أساس كلام الله. هذه هي الممارسة الأنسب والأدق. عندما تسعى إلى الحق وتطرح مشكلة على الجميع لكي يعقدوا شركة عنها ويبحثوا عن حل لها معًا، ذلك هو الوقت الذي يزِّود فيه الروح القدس بالاستنارة. يزود الله الناس بالاستنارة وفقًا للمبادئ؛ حيث يقيِّم سلوكهم. فإذا تمسكت برأيك في عناد، بغض النظر عما إن كان رأيك صوابًا أو مخطئًا، فسيخفي الله وجهه عنك ويتجاهلك، وسيجعلك تصل إلى طريق مسدود، ويفضحك ويكشف حالك القبيح. لكن من ناحية أخرى، إذا كان سلوكك صحيحًا، ولم تكن مُصِرًّا على اتباع طريقتك الخاصة ولا مُعتدًّا بنفسك، أو متعسفًا ومتهورًا، وكان سلوكك قائمًا على السعي إلى الحق وقبوله، فإن أقمت شركة حول هذا مع الجميع، فإن الروح القدس سيبدأ في أن يعمل بينكم، وربما يقودك إلى الفهم من خلال كلمات شخص ما. أحيانًا، عندما ينيرك الروح القدس، فإنه يقودك لفهم جوهر الأمر ببضع كلمات أو عبارات، أو بمنحك فكرة ما. وتدرك في تلك اللحظة أن كل ما كنت تتشبث به هو خطأ، وفي نفس اللحظة، تفهم الطريقة الأنسب للتصرُّف. بعد أن وصلت إلى مثل هذا المستوى، ألم تنجح في تجنب فعل الشر وتحمُّل عواقب الخطأ في الوقت نفسه؟ أليست هذه حماية الله؟ (بلى). كيف يتحقَّق مثل هذا الأمر؟ لا يتحقق هذا إلّا عندما يكون لك قلب يخشى الله، وعندما تسعى إلى الحق بقلب خاضع. وبمجرد أن تتلقى الاستنارة من الروح القدس، وتحدد مبادئ الممارسة، فستنسجم ممارستك مع الحق، وستكون قادرًا على إرضاء مقاصد الله. ما الأساس الحاسم الذي تعتمد عليه قدرتك على ممارسة الحق بهذه الطريقة؟ في المقام الأول، يعتمد الأمر على تحليك بالمقاصد الحسنة وتبني الموقف الصحيح؛ وهذا أمر بالغ الأهمية. عندما يعمل الروح القدس، فإنه يمحّص نوايا الناس ومواقفهم، ويقرر ما إذا كان سينيرهم أو يقودهم بناءً على هذه العوامل. إذا كان الناس قادرين على فهم عمل الله ورؤية هذا الأمر بوضوح، فسيعرفون كيف يصلُّون إلى الله ويطلبون الحق. هل يمكنكم رؤية هذا بوضوح؟ كثيرًا ما يرغب الناس في تجنب فعل الشر، ويريدون ممارسة الحق والتصرف وفقًا للمبادئ. لكن هذا يعتمد على موقف الناس تجاه الحق وما إذا كان لديهم قلب يتقي الله ويخضع له. إذا كان بإمكانك التخلي عن نواياك الشخصية ولديك عقلية الخضوع لله والصلاة إلى الله والطلب منه بإخلاص، فلن يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى تحصل على استنارة الله. سيستخدم الله بعض الأساليب ليجعلك تفهم مبادئ الحق وأين تكمن النقاط الرئيسية للحق، وسوف ينيرك الله عندما تصلي إليه وتطلب منه، ما دمت تمتلك العقلية الصحيحة وكنت صادقًا. الأمر الوحيد المقلِق هو ألا يطلب الناس الحق بصدق، وأن يكتفوا فقط بأداء الإجراءات الشكلية حتى يراها الآخرون؛ ففي تلك الحالة، لن يتمكنوا من الحصول على استنارة الله. إذا كان موقفك هو الإصرار العنيد، وإنكار الحقّ، ورفض اقتراحات أيِّ شخصٍ آخر، وعدم طلب الحقّ، وعدم الثقة إلا بنفسك، وعدم فعل إلا ما تريد – إذا كان هذا هو موقفك بصرف النظر عمَّا يفعله الله أو يطلبه – فما ردّ فعل الله إذًا؟ الله لا يكترث بك ويضعك على الهامش. ألست عنيدًا؟ ألست مُتكبِّرًا؟ ألا تعتقد دائمًا بأنك على صوابٍ؟ إذا كنت خاليًا من الخضوع، ولم تسعَ قطّ، وكان قلبك مغلقًا تمامًا ومقاومًا لله، فإن الله لا يكترث بك. لماذا لا يكترث الله بك؟ لأنه إذا كان قلبك مغلقًا على الله، فهل يمكنك قبول استنارة الله؟ هل تشعر عندما يُوبِّخك الله؟ وعندما يكون الناس عنيدين، وعندما تنبثق طبيعتهم الشيطانيَّة والبهيمية، فإنهم لا يشعرون بأي شيءٍ يفعله الله ويكون هذا كلّه بلا جدوى؛ وهكذا فإن الله لا يعمل عملًا عديم الفائدة. إذا كان لديك هذا النوع من الموقف العدائيّ العنيد، فإن كلّ ما يفعله الله هو أن يبقى مخفيًّا عنك، فالله لن يعمل أشياء لا لزوم لها. وعندما تكون معاديًا عنيدًا وبمثل هذا الانغلاق، فلن يفعل الله أبدًا أي شيءٍ فيك بالإجبار أو يفرض عليك أي شيءٍ، ولن يستمرّ أبدًا في محاولة التأثير عليك وتنويرك مرارًا وتكرارًا – فالله لا يعمل بهذه الطريقة. لماذا لا يعمل الله بهذه الطريقة؟ السبب الرئيسيّ هو أن الله رأى نوعًا مُعيَّنًا من الشخصيَّة فيك، وهي شخصيَّة بهيميَّة نافرة من الحقّ ولا تتأثر بالعقل. وهل تعتقد أن الناس يمكن أن يسيطروا على حيوانٍ بريّ عندما تنبثق بهيميَّته؟ هل الصياح والصراخ فيه ينفع؟ وهل يفيد استخدام المنطق معه أو توفير الراحة له؟ هل يجرؤ الناس على الاقتراب منه؟ توجد طريقةٌ جيِّدة لوصف هذا: أنه منغلقٌ على المنطق. عندما تنشط بهيميّتك الناس ولا تتأثر بالعقل، ماذا يفعل الله؟ لا يكترث الله بك. ما الذي يجب أن يقوله الله لك أكثر من ذلك عندما تكون منغلقًا على المنطق؟ لا جدوى من قول المزيد. وعندما لا يكترث الله بك، هل تنال البركة أم أنك تعاني؟ هل تربح بعض المنافع أم أنك تعاني من خسارةٍ؟ سوف تعاني بلا شكٍّ من خسارة. ومن تسبَّب في هذا؟ (لقد تسبَّبنا في ذلك). لقد تسبَّبت أنت فيه. لم يجبرك أحدٌ على التصرُّف هكذا، ومع ذلك ما زلت تشعر بالضيق. ألم تجلب هذا على نفسك؟ الله لا يكترث بك، ولا يمكنك أن تشعر بالله، وتوجد ظلمةٌ في قلبك، وحياتك متضررة؛ قد جلبت هذا على نفسك وأنت تستحقّه!
إذا كان الناس متعنتون للغاية ويصرون على أفكارهم الخاصة دون طلب الحق عند مواجهة مسألة ما، فهذا أمر خطير للغاية، لأن الله سيزدري هؤلاء الناس وينحيهم جانبًا. ماذا ستكون نتيجة ذلك؟ يمكن القول بالتأكيد إنهم سيواجهون خطر الاستبعاد. على الرغم من ذلك، يمكن لأولئك الذين يطلبون الحق أن ينالوا استنارة الروح القدس وإرشاده، ونتيجة لذلك، سيربحون بركة الله. وهكذا، يمكن أن يؤدي الموقفين المختلفين المتمثلين في طلب الحق أو عدم طلبه إلى وجود حالتين مختلفتين ونتيجتين مختلفتين؛ فما نوع النتيجة التي تفضلها؟ (أُفضِّل نيل استنارة الله). إذا كان الناس يرغبون في أن ينيرهم الله ويرشدهم، وأن ينالوا نعمته، فما نوع التوجُّه الذي يجب أن يتبنوه؟ يجب أن يتبنوا دائمًا موقف السعي والخضوع أمام الله. سواء كنتَ تؤدي واجبك، أو تتفاعل مع الآخرين، أو تتعامل مع مشكلة معينة تواجهك، فعليك أن تتبنى موقف السعي والخضوع. بمثل هذا النوع من المواقف يمكن القول إن لديك قلبًا يتقي الله. إنَّ قدرتك على السعي إلى الحق والخضوع له. هذا هو سبيل اتقاء الله والحيد عن الشر. إن كان يُعوِزُك اتباع موقف السعي والخضوع، وكنتَ بدلًا من ذلك عدائيًا بعناد، وتتعلق بنفسك، رافضًا الحق ونافرًا منه، فمن الطبيعي إذن أنك ستقترف قدرًا كبيرًا من الشرور. لن يكون بإمكانك تجنب ذلك! إذا لم يطلب الناس الحق أبدًا لعلاج هذا الأمر، فستكون النتيجة النهائية أنه مهما بلغ مقدار اختباراتهم، ومهما بلغ عدد الحالات التي يجدون أنفسهم فيها، وبغض النظر عن عدد الدروس التي وضعها الله لهم، فإنهم لا يزالون لم يفهموا الحق، وسيظلون في النهاية غير قادرين على الدخول إلى واقع الحق. إذا لم يمتلك الناس واقع الحق، فلن يكونوا قادرين على اتباع طريق الله، وإذا لم يتمكنوا أبدًا من اتباع طريق الله، فهم ليسوا أشخاصًا يتقون الله ويحيدون عن الشر. يستمر الناس في الحديث مرارًا وتكرارًا عن رغبتهم في أداء واجباتهم واتباع الله. هل تسير الأمور بتلك البساطة؟ بالطبع لا. لأن هذه الأمور مهمة للغاية في حياة الناس! ليس من السهل إتقانُ المرء أداء واجبه إرضاءً لله، وتحقيقُ تقوى الله والحيدان عن الشر. لكنني سأخبركم بأحد مبادئ الممارسة: إذا كنت تتخذ موقف السعي والخضوع عندما يحدث لك شيء، فهذا سيحميك. وليس الهدف النهائي أن تحصل على الحماية، بل إفهامك الحق وقدرتك على الدخول في واقع الحق، والظفر بخلاص الله لك؛ هذا هو الهدف النهائي. إن كان لديك هذا الموقف في كل ما تختبره فلن تعود تشعر أن أداء واجبك، وإرضاء مقاصد الله، هي كلمات وشعارات جوفاء، ولن يعود الأمر يبدو مرهقًا جدًّا. بدلًا من ذلك، لن تشعر إلّا وقد أصبحت تفهم بضع حقائق تمام الفهم، وإذا حاولت أن تختبر بهذه الطريقة، فمن المؤكد أنك ستجني الجوائز. لا يهم من أنت، أو كم عمرك، أو درجة تعليمك، أو عدد الأعوام التي آمنت فيها بالله، أو ما الواجب الذي تؤديه. فما دمت تظهر موقف الطلب والخضوع، وما دمت تختبر بهذه الطريقة، فمن المؤكد في النهاية أنك سوف تفهم الحق وتدخل إلى واقع الحق. غير أنه إذا لم يكن موقفك هو موقف الطلب والخضوع في كل ما يحدث لك، فلن تتمكن من فهم الحق، ولن تتمكن من الدخول إلى واقع الحق. إنَّ أولئك الذين لا يفهمون الحق أبدًا ولا يمكنهم أبدًا الدخول إلى واقع الحق، يفكرونكما يلي: "ما الحق وما التعاليم؟ ما هو واقع الحق وما معنى عدم الحصول على واقع الحق؟ لماذا لا أفهم ذلك؟" غالبًا ما يستمعون إلى العظات ويقيمون الشركة حول الحق، ويستيقظون مبكرًا ويذهبون إلى الفراش متأخرًا لأنهم كانوا يقرأون كلام الله، ويستمعون أكثر، ويتعلمون أكثر، ويكتبون أكثر. إنهم يدونون الأشياء التنويرية التي يسمعونها في دفاتر ملاحظاتهم، ويملؤون بذلك دفاتر بأكملها. لقد بذلوا الكثير من الجهد، لكنهم لسوء الحظ، لا يفهمون الحق أبدًا. ونتيجة لذلك، يشعرون بأن الحق عميق جدًا. وبعد الاستماع لعدة سنوات، يفهمون بعض التعاليم، لكن لماذا لا يستطيعون البدء في ممارستها؟ ولماذا يصيبهم الارتباك عند مواجهة الأمور؟ إنهم ينظرون إلى فهم الحق والدخول إلى واقع الحق بوصفهما أمرين مجردين للغاية، ويشعرون أن نيلهما أمر صعب للغاية. لكنهم في الواقع أساءوا الفهم، لأن الإيمان بالله وفهم الحق لا يتمثلان في التلاعب بالألفاظ، ولا القدرة على التحدث عن بعض الكلمات والتعاليم، وهذا كل شيء؛ ليس الأمر على هذا النحو. إن أكثر ما يؤكد عليه الإيمان بالله هو ممارسة الحق والقدرة على فهم المبادئ في ممارسة الحق. فقط من خلال فهم ما هي ممارسة الحق، وما هو التعامل مع الأمور وفقًا المبادئ، يمكن القول إن المرء قد فهم الحق ودخل إلى الواقع؛ ذلك أنَّ القدرة على ممارسة الحق والدخول إلى الواقع هي الأمر الأهم على الإطلاق.
اقتباس 53
عندما لا يتحمّل الناس المسؤولية تجاه واجباتهم، ويقومون بها بلا مبالاة، ويتصرفون كأشخاص ساعين لإرضاء الناس، ولا يدافعون عن مصالح بيت الله، ماذا تكون هذه الشخصية؟ هذه شخصية المكر، وهي شخصية الشيطان. أبرز جانب في فلسفات التعاملات الدنيوية للإنسان هو المكر. يعتقد الناس أنهم إذا لم يكونوا ماكرين، فسيصبحون عرضة للإساءة إلى الآخرين ولن يكونوا قادرين على حماية أنفسهم؛ إنهم يظنون أنه يجب عليهم أن يكونوا ماكرين بما فيه الكفاية كيلا يؤذوا أي أحد أو يسيئوا إلى أي أحد، وبهذا يُبقون أنفسهم آمنين، ويحمون أرزاقهم، ويكتسبون موطئ قدم ثابت بين الأشخاص الآخرين. جميع غير المؤمنين يعيشون وفقًا لفلسفات الشيطان. كلهم أشخاص ساعون لإرضاء الناس ولا يسيئون إلى أي أحد. لقد أتيتَ إلى بيت الله، وقرأتَ كلمة الله، وسمعتَ عظات بيت الله، فلماذا أنت غير قادر على ممارسة الحق، والحديث من القلب، وأن تكون شخصًا صادقًا؟ لماذا أنت دومًا شخص يسعى لإرضاء الناس؟ الأشخاص الذين يسعون إلى إرضاء الناس لا يحمون إلا مصالحهم الخاصة، وليس مصالح الكنيسة. عندما يرون شخصًا يفعل الشر ويضرّ بمصالح الكنيسة، فإنهم يتجاهلون ذلك. إنهم يحبون أن يكونوا أشخاصًا يسعون إلى إرضاء الناس، ولا يسيئون لأي أحد. هذا انعدام للمسؤولية، وذلك النوع من الأشخاص ماكر للغاية وغير جدير بالثقة. لحماية غرورهم وكبريائهم، وللحفاظ على سمعتهم ومكانتهم، يسعد بعض الأشخاص بمساعدة الآخرين والتضحية من أجل أصدقائهم بغض النظر عن الثمن، لكن عندما يتعين عليهم حماية مصالح بيت الله، والحق، والعدالة، فإن مقاصدهم الصالحة تختفي، تكون قد تلاشت تمامًا. عندما يتوجب عليهم ممارسة الحق، لا يمارسونه على الإطلاق. ما الذي يجري؟ لحماية كرامتهم وكبريائهم، سيدفعون أي ثمن ويتحمّلون أي معاناة. غير أنهم عندما يحتاجون إلى القيام بعمل حقيقي والتعامل مع الشؤون العملية، ولحماية عمل الكنيسة والأمور الإيجابية، ولحماية شعب الله المختار والنهوض بأعبائه، لماذا لا تعود لديهم القوة لدفع أي ثمن وتحمّل أي معاناة؟ هذا لا يمكن تصوره. الواقع أنَّ لديهم نوع من الشخصيات التي تنفر من الحق. لماذا أقول إن شخصيتهم تنفر من الحق؟ لأنه كلما تعلق الأمر بتقديم الشهادة لله، وممارسة الحق، وحماية شعب الله المختار، ومحاربة مخططات الشيطان، أو حماية عمل الكنيسة، فإنهم يفرّون ويختفون، ولا يهتمون بأي أمور جادة. أين بطولتهم وروح تحمّل المعاناة لديهم. أين يطبّقون هذه الأمور؟ من السهل رؤية هذا. حتى لو وبّخهم شخص ما، قائلاً إنه يجب ألا يكونوا أنانيين ودنيئين يحمون أنفسهم، وأنه يجب عليهم حماية عمل الكنيسة، فإنهم لا يهتمون حقًا. إنهم يقولون لأنفسهم: "أنا لا أفعل تلك الأشياء، وليس لها أي علاقة بي. ما فائدة التصرف على هذا النحو لسعيي نحو الشهرة والربح والمكانة؟" إنهم ليسوا أشخاصًا يسعون إلى الحق. هم فقط يحبون طلب الشهرة والربح والمكانة، ولا يؤدون العمل الذي ائتمنهم الله عليه على الإطلاق. لذا، عندما تكون ثمة حاجة إليهم للقيام بعمل الكنيسة، فإنهم ببساطة يختارون الفرار. هذا يعني أنهم – في قلوبهم – لا يحبون الأمور الإيجابية، وليسوا مهتمين بالحق. هذا مظهر واضح لكون المرء نافرًا من الحق. فقط أولئك الذين يحبون الحق ويمتلكون واقع الحق بإمكانهم التقدم للأمام عندما يتطلبهم عمل بيت الله وشعب الله المختار، فقط هم من يمكنهم الوقوف بشجاعة ملتزمين بالواجب، لتقديم الشهادة لله وعقد شركة عن الحق، وقيادة شعب الله المختار على الطريق الصحيح، مما يُمكّنهم من تحقيق الخضوع لعمل الله. وحده هذا الموقف هو موقف مسؤولية ومظهر لإظهار مراعاة مقاصد الله. إذا لم يكن لديكم هذا الموقف، ولستم سوى مهملين في تعاملكم مع الأمور، وكنتم تفكرون: "سأقوم بالأمور التي تقع ضمن نطاق واجبي، لكنني لا أهتم بأي شيء آخر. إذا سألتني عن شيء، فسأجيبك لو كنت في مزاج جيد؛ وإلا، فلن أجيبك. هذا موقفي"، فإن هذه شخصية فاسدة، أليست كذلك؟ حماية المرء لمكانته وسمعته وكبريائه فحسب، وحماية الأمور التي تتعلق بمصالحه الخاصة فحسب، هل هذه حماية لقضية عادلة؟ هل هي حماية لمصالح بيت الله؟ خلف تلك الدوافع الحقيرة الأنانية، تكمن الشخصية النافرة من الحق. الغالبية منكم كثيرًا ما يُظهرون مثل تلك الشخصيات، وفي اللحظة التي تواجه فيها شيئًا يتعلق بمصالح بيت الله، فإنك تتحايل بالقول: "لم أرَ"، أو "لا أعرف"، أو "لم أسمع". بغض النظر عما إذا كنت حقًا غير مدرك أو فقط تتظاهر بذلك، إذا أظهرت هذا النوع من الشخصية الفاسدة في اللحظات الحاسمة، فإنه من الصعب القول ما إذا كنت شخصًا يؤمن بالله حقًا أم لا؛ بالنسبة لي، أنت إما شخص مُضلّل في إيمانه، أو عديم الإيمان. من المؤكد أنك لست شخصًا يحب الحق.
ربما تفهمون معنى أن تكونوا نافرين من الحق، لكن لماذا أقول إن النفور من الحق شخصية؟ الشخصية لا علاقة لها بالمظاهر العرضية والمؤقتة، والمظاهر العرضية والمؤقتة لا تُعدّ مشكلة تتعلق بالشخصية. بغض النظر عن نوع الشخصية الفاسدة التي لدى الشخص، فإنها سوف تظهر فيه أحيانًا كثيرةً أو حتى دائمًا؛ ستظهر متى ما كان ذلك الشخص في السياق المناسب. لذلك، لا يمكنك توصيف مشكلة تتعلق بالشخصية اعتباطًا بناءً على مظهر عرضي مؤقت. إذن، ما هي الشخصية؟ ترتبط الشخصيات بالنوايا والدوافع، وترتبط بتفكير الشخص ووجهة نظره. أنت تبدو قادرًا على إدراك أنها تسيطر عليك وتؤثر فيك، لكن الشخصيات قد تكون مخفيةً أيضًا ومستترةً، وتعتم عليها الظواهر السطحية. باختصار، ما دامت هناك شخصية داخلك، فإنها ستتدخل فيك، وتقيّدك وتسيطر عليك، وتولّد فيك العديد من التصرفات والمظاهر، هذه هي الشخصية. ما التصرفات والأفكار ووجهات النظر والمواقف التي غالبًا ما تؤدي إليها شخصية النفور من الحق؟ إحدى الخصائص الرئيسية التي يُظهرها الأشخاص النافرون من الحق هي عدم الاهتمام بالأمور الإيجابية والحق، إضافةً إلى عدم الاكتراث، وفتور القلب، وغياب الرغبة في بلوغ الحق، والاعتقاد بأن هذا كله جيّد بما يكفي فيما يتعلق بأي شيء يتضمن ممارسة الحق. سأقدّم مثالاً بسيطًا. من جوانب الحسّ السليم التي كثيرًا ما يتحدث الناس عنها فيما يتعلق بالصحة الجيدة تناول فواكه وخضروات أكثر، وتناول أطعمة خفيفة أكثر، والإقلال من اللحوم، خاصةً الإقلال من الأطعمة المقلية؛ هذا إرشاد إيجابي لصحة الناس ورفاههم. بوسع كل شخص أن يفهم ويقبل ما يجب الإكثار من تناوله وما يجب الإقلال من تناوله، فهل هذا القبول مبنيّ على نظرية أم ممارسة؟ (على نظرية). كيف يظهر القبول النظري؟ في نوع من الإدراك الأساسي. إنه الاعتقاد بأن هذا التصريح صحيح وأنه جيد جدًا من خلال التمييز الذي يستند إلى حكمك. لكن هل لديك أي برهان يُثبِت هذا التصريح؟ هل لديك أي أسباب لتصديقه؟ دون أن تختبر هذا التصريح بنفسك، ودون أي أسباب أو أساس لتأكيد ما إذا كان التصريح صحيحًا أم خاطئًا، وبالتأكيد دون استخلاص دروس من الأخطاء السابقة، ودون أي أمثلة من العالم الحقيقي؛ فإنك قد قبلتَ هذا الرأي فحسب، وهذا قبول نظري. بغض النظر عما إذا كنت تقبله نظريًا أو عمليًا، عليك أولاً التأكد من أن تصريح "تناول خضروات أكثر ولحوم أقل" صحيح وأنه أمر إيجابي. إذن، كيف يمكن رؤية شخصيتك في كونك نافرًا من الحق؟ بناءً على كيفية تعاملك وتطبيقك لهذا التصريح في حياتك؛ فإنَّ هذا يُظْهِر موقفك تجاه ذلك التصريح، سواءً كنت قد قبلته نظريًا ومن حيث التعليم، أو كنت قد طبّقته في الحياة الفعلية وجعلته واقعك. إذا كنت قد قبلت هذا التصريح فقط من حيث التعليم، لكن ما تفعله في العالم الحقيقي يتناقض تمامًا معه، أو كنت لا تُظهِر أي تطبيق عملي على الإطلاق لهذا التصريح، فهل أنت تحب هذا التصريح، أم أنك تنفر منه؟ على سبيل المثال، عندما تأكل بعض الخضروات الخضراء وتراها، وتفكر: "الخضروات الخضراء مفيدة لصحة المرء، لكن طعمها ليس لذيذًا، وطعم اللحوم أفضل، لذا سآكل بعض اللحم أولاً"، ثم تأكل اللحوم فقط ولا تأكل الخضروات الخضراء؛ ما نوع الشخصية التي يُظهِرها هذا؟ شخصية عدم قبول التصريحات الصحيحة، والنفور من الأمور الإيجابية، والرغبة في الأكل وفقًا للتفضيلات الجسدية فحسب. هذا النوع من الأشخاص الذي هو نهِم للمتع وشره لها قد أصبح بالفعل نافرًا جدًا من الأمور الإيجابية ومقاومًا لها ومصدودًا عنها، وهذا أحد أنواع الشخصيات. قد يعترف شخص ما بأن هذا التصريح صحيح تمامًا، لكنه هو نفسه لا يستطيع القيام به، وعلى الرغم من أنه لا يستطيع، لا يزال ينصح الآخرين بأن يفعلوا ذلك؛ بعد تكرار قوله كثيرًا، يصبح هذا التصريح بمثابة نظرية له، وليس له تأثير فيه. ذلك الشخص يعرف جيدًا في قلبه أن تناول خضروات أكثر أمر صائب وأن تناول لحوم أكثر ليس جيدًا، ولكنه يفكر: "بغض النظر عن أي شيء، أنا لم أخسر، تناول اللحوم استفادة، وأنا لا أشعر أنه أمر غير صحي". جعله طمعه ورغباته يختار أسلوب حياة غير صحيح، يعارض الحسّ السليم الصحيح باستمرار وأسلوب الحياة الصائب. إن لديه نوع الشخصية الفاسدة التي تشتهي المزايا والمتعة الجسدية، فهل سيكون من السهل عليه قبول التصريحات الصحيحة والأمور الإيجابية؟ لن يكون سهلاً على الإطلاق. أليس أسلوب حياته إذن محكوم بشخصيته الفاسدة؟ إنه كشف عن شخصيته الفاسدة، وهو مظهر لشخصيته الفاسدة. ما يظهر خارجيًا هي تلك السلوكيات وموقف، لكن في الحقيقة، إنها شخصية تحكمه. ما هذه الشخصية؟ إنها النفور من الحق. شخصية النفور من الحق هذه يصعُب اكتشافها؛ لا أحد يشعر أنه نافر من الحق، لكن حقيقة أنه قد آمن بالله لعدة سنوات ولا يزال لا يعرف كيف يُمارس الحق كافية لإثبات أنه نافر من الحق. يستمع الناس إلى الكثير من العظات ويقرؤون الكثير من كلام الله، ومقصد الله هو أن يقبلوا كلامه في قلوبهم وأن يجلبوا تلك الكلمات إلى حياتهم الواقعية لممارستها واستخدامها، حتى يفهموا الحق ويجعلوا الحق حياتهم. هذا المطلب يصعب على معظم الناس تحقيقه، ولهذا يُقال إن معظم الناس لديهم شخصية النفور من الحق.
عندما يفهم شخص ما الحق، فإن ممارسة الحق لا تكون صعبةً بالنسبة إليه، وحالما يتمكّن شخص ما من ممارسة الحق، يمكنه الدخول في واقع الحق. أمِن الصعب حقًا تحويل الحقائق التي يفهمها المرء إلى الوقائع التي يعيشها؟ دعني أعطيك مثالاً. لنقل إنَّ الطقس بارد وأنت تحاول مغادرة المنزل بينما لا يزال العَرق على جبينك، وتخبرك والدتك أن تجفّف عَرقك قبل الخروج حتى لا تُصاب بنزلة برد. أنت تعرف أن والدتك تريد الأفضل لك، لكنّك لا تأخذ نصيحتها على محمل الجدّ، وتتجاهلها رغم أنك تشعر أن اقتراحها صحيح. تخرج بينما العرق على جبينك على أي حال، وأحيانًا تُصاب بالبرد فعلًا بعد الخروج على هذا النحو، لكنك تواصل مخالفة نصيحتها في المرة التالية التي تخرج فيها من المنزل. من الواضح أنك تعرف أن نصيحتها صحيحة وأنها في مصلحتك، وأن دوافع والدتك ونواياها دائمًا ما تكون لصالحك، لكنك تظل تتجاهلها ولا تستمع إليها؛ أليست هذه شخصيةً؟ ماذا كنت ستختار أن تفعل لو لم تكن لديك هذه الشخصية؟ (الإصغاء). كنت ستعرف أهمية هذه النصيحة، وكنت ستعرف ما قد تعانيه من عواقب وألم جرَّاء عدم الاستماع إليها، وكنت ستستوعب وتفهم معنى هذا الاقتراح. كنت ستتمكّن من الالتزام الصارم بهذه النصيحة وتنفيذها على الدوام، وبالتالي لا تكون عرضةً للإصابة بالبرد. هذا مجرد مثال واحد. الأمر نفسه ينطبق على الإيمان بالله، وقراءة كلام الله والاستماع إليه، فكيف يجب أن يعامل الناس كلام الله؟ هذا هو السؤال الأهم على الإطلاق. إذا كان ثمة شخص يتحدث وفقًا للحق وكان حديثه صحيحًا، فسوف ينتفع الناس من قبول كلامه. كلام الله هو الحق، وإذا كان الناس قادرين على قبوله، فسوف ينتفعون، بل إنهم سيربحون الحياة أيضًا. الكثير من الناس لا يستطيعون رؤية هذا الأمر بوضوح، ودائمًا ما يزدرون كلام الله. بغض النظر عمّا يقوله الله، سواءً كان يعظ الناس أو يوبِّخهم أو يذكِّرهم أو يعزيهم أو يتوسل إليهم بجدية؛ بغض النظر عن الكيفية التي يتكلم بها، فإنه لا يستطيع إيقاظ قلوبهم. هم غير قادرين على التصرف وفقًا لكلامه، وبعد الاستماع إليه، فإنهم يصمون عنه آذانهم. هذه إحدى شخصيات الإنسان؛ العناد والنفور من الحق. إذا لم تستطع اتّباع كلام الله في كيفية تعاملك مع الأمور التي يخبرك الله بها ويأمرك بفعلها، فلن تتمكّن من تغيير هذه الشخصية. مهما تعترف بكل كلمة يقولها الله وتؤمِّن عليها، ومهما تثنِ على كلام الله شفهيًا بوصفه الحق، فهذا بلا جدوى؛ يجب أن تكون قادرًا على قبول كلام الله، ويجب أن تمارس كلام الله وتختبره، وتجعل كلام الله حياتك، وواقعك؛ ذلك وحده هو المُجدي. على سبيل المثال، إذا عزم شخص ذو شخصية مخادعة على أن يكون صادقًا وأن يتكلم بالحق، فهذا من السهل تحقيقه إلى حدٍ ما، لكن الشيء الأصعب للغاية هو تغيير شخصية النفور من الحق والعناد. بغض النظر عمّا يتكلم به الله، فالأشخاص الذين لديهم هذه الشخصية لا يأخذونه على محمل الجد في قلوبهم، وبغض النظر عن نوع الموقف الذي يتّخذه الله، سواءً كان التحذير أو التذكير أو الوعظ أو التوسل بجدية أو تقديم الحقائق أو تعقُّل الأمور، فإنه لا يحرّك قلوبهم، وهذا من الصعب التعامل معه. من الصعب على الناس إدراك الشخصية النافرة من الحق، وعليهم طلب الحق مرارًا والتأمل في حالاتهم الخاصة، بشأن السبب في أنهم لا يستطيعون قبول الحق ولا يستطيعون ممارسة الحقائق التي يفهمونها. إذا فهموا هذه المشكلة فهمً تامًا، فسيعرفون ما يعنيه النفور من الحق.
ثمّة شيء خفي في شخصية الناس يُبرز نفسه في الموقف الذي لا يكونون فيه لا معجبين بأنفسهم ولا خانعين. لديهم طريقتهم الخاصة في التفكير والتعبير عن أنفسهم، ويعتقدون أن هذه هي الطريقة الأكثر ملائمةً. بغض النظر عمّا يقوله الناس أو يفعلونه، فهم لا يتأثرون بهم؛ بل يُصرّون على القيام بأي شيء يشعرون أنه سيجعل الناس يتطلعون إليهم، معتقدين أن هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب فعله؛ لا يقبلون الحق على الإطلاق، ولا يمكنهم مواجهة الحقائق بشكل صحيح، وهم خاوون من أي من مبادئ الحق. ما نوع هذه الشخصية؟ هذه شخصية الغطرسة والبرّ الذاتيّ والنفور من الحق. أولئك الذين ينتمون إلى الشيطان وينفرون من الحق هم صمٌ وعمي تجاه كلام الله وأعماله، مهما يكن مقدار ما يتكلم به الله أو يعمله. الشيطان لا يعامل كلام الله أبدًا على أنه الحق، إنه يتجاهله، ولا يدع الناس يقبلون كلام الله والحق، وهو أيضًا يضلِّل الناس حتى يخضعوا له؛ هكذا يقاوم الشيطان الله. يُعبّر الله عن الحق ليخلّص البشرية ويوقظها ويطهّرها، والشيطان يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يزعج عمل الله ويدمره؛ هدف الشيطان من تضليل البشرية هو أن يفسد البشرية ويبتليها، وأن يلتهمها في نهاية المطاف ويبديها. على سبيل المثال، أعطى الله البشرية جميع أنواع الطعام، وخلق أيضًا جميع أنواع الحبوب والخضروات، وكذلك الأرض الصالحة لزراعتها. ما دام الناس يعملون بجدّ، فسيكون لديهم ما يكفي لأكله واستخدامه، وسيمكنهم ضمان أن لديهم نظامًا غذائيًا صحيًا. لكن الناس جشعون ويرغبون دومًا في الثراء، وهم يُصرّون على البحث عن طرق للتعديل الجيني لزيادة إنتاج المحاصيل، مما يدمّر القيمة الغذائية الحقيقية للحبوب، ويحوّل الطعام العضوي إلى طعام غير عضوي. بعد أن يأكل الناس هذه الأشياء، تظهر في أجسادهم جميع أنواع الأمراض، أليس هذا عمل الشيطان؟ لقد أفسد الشيطان الناس إلى نقطة معينة، وأصبحوا جميعًا شياطين أحياء وأبالسةً أحياء. في الماضي، كان الشيطان والأرواح الشريرة هم فقط الذين يقاومون الله، لكن الآن، البشرية الفاسدة بأكملها تقاوم الله. إذن، أليس البشر الفاسدون أبالسةً وشياطين؟ أليسوا من نسل الشيطان؟ (بلى). هذه هي العاقبة التي أحدثها إفساد الشيطان للبشرية على مدار آلاف السنين. كيف يمكنك معرفة شخصية شيطانية وتمييزها؟ بناءً على الأشياء التي يحب الشيطان فعلها، وكذلك الأساليب والحيل التي يفعل الأشياء بها، يمكن للمرء أن يرى أنه لا يحب الأمور الإيجابية أبدًا، وأنه يحب الشر، وأنه دائمًا ما يعتقد أنه كفء وقادر على السيطرة على كل شيء. هذه هي طبيعة الشيطان المتغطرسة. هذا هو السبب في أنَّ الشيطان ينكر الله بلا ضمير ويقاومه ويعارضه. الشيطان هو ممثل كل الأشياء السلبية والأشياء الشريرة ومصدرها. إذا استطعت رؤية هذا بوضوح، فإن لديك تمييزًا لشخصيات الشيطان. ليست مسألةً بسيطة أن يقبل الناس الحق وأن يمارسوا الحق، ﻷنهم جميعًا لديهم شخصيات شيطانية، وجميعهم مُقيَّدون ومكبَّلون بشخصياتهم الشيطانية. على سبيل المثال، بعض الناس يدركون أن كونهم أشخاصًا صادقين أمر جيّد، ويشعرون بالحسد والغيرة عندما يرون الآخرين يلتزمون الصدق، ويتحدثون بالحق، ويتحدثون بطريقة بسيطة وصريحة، لكن إذا طلبت منهم أن يكونوا هم أنفسهم أشخاصًا صادقين، فهم يجدون ذلك صعبًا. إنهم بشكل ثابت غير قادرين على التحدث بكلمات صادقة أو القيام بأشياء صادقة. أليست هذه شخصية شيطانية؟ هم يتفوهون بأشياء معسولةً، لكنهم لا يمارسونها. هذا هو النفور من الحق. أولئك الذين ينفرون من الحق يجدون صعوبةً في قبول الحق وليس لديهم طريقةً للدخول في وقائع الحق. الحالة الأكثر وضوحًا من حالات الناس الذين ينفرون من الحق هي أنهم غير مهتمين بالحق والأمور الإيجابية، بل هم حتى مشمئزين منها ويزدرونها، ويحبون اتباع التوجهات بشكل خاص. هم لا يقبلون في قلوبهم الأشياء التي يحبها الله وما يطلب الله من الناس فعله. عوضًا عن ذلك، هم رافضون لها وغير مكترثين بها، بل إن بعض الناس كثيرًا ما يزدرون المعايير والمبادئ التي يطلبها الله من الإنسان. هم مشمئزين من الأمور الإيجابية، ودائمًا ما يشعرون بأنهم – في قلوبهم – يقاومونها ويعارضونها وأنهم ممتلئون بالاحتقار تجاهها. هذا هو المظهر الرئيسي لكون المرء نافرًا من الحق. في حياة الكنيسة، قراءة كلمة الله والصلاة وعقد شركة عن الحق، وأداء الواجبات، وعلاج المشاكل بالحق، كلها أمور إيجابية. إنها ترضي الله، لكن بعض الناس مصدودين عن هذه الأمور الإيجابية، ولا يكترثون بها، ولا يبالون بها. والجزء الأبغض هو أنهم يتبنون موقفًا محتقرًا تجاه الأشخاص الإيجابيين، مثل الأشخاص الصادقين، أولئك الذين يسعون إلى الحق، وأولئك الذين يؤدون واجباتهم بإخلاص، وأولئك الذين يحافظون على عمل بيت الله. هم يحاولون دومًا مهاجمة هؤلاء الناس واستبعادهم. إذا وجدوا أن لديهم نقائص أو كشوفات عن الفساد، فهم يستغلون هذا، ويثيرون جلبةً كبيرةً بشأنه، ويقللون من شأنهم باستمرار بسببه. ما نوع هذه الشخصية؟ لماذا يحملون عدوانيةً شديدةً تجاه الأشخاص الإيجابيين؟ لماذا هم مولعون بالأشخاص الأشرار وعديمي الإيمان وأضداد المسيح ويحابونهم، ولماذا يتسكعون كثيرًا مع هؤلاء الأشخاص؟ عندما يتعلق الأمر بالأشياء السلبية والشريرة، فهم يشعرون بالإثارة والابتهاج، لكن عندما يتعلق الأمر بالأمور الإيجابية، تبدأ المقاومة بالظهور في موقفهم؛ ولاسيما عندما يسمعون الناس يقدّمون شركة عن الحق أو يحلون المشاكل باستخدام الحق، فإنهم يشعرون في قلوبهم بالنفور وعدم الرضا، ويبثون تظلماتهم. أليست هذه شخصية كون المرء نافرًا من الحق؟ أليس هذا كشف لشخصية فاسدة؟ يوجد الكثير من الأشخاص الذين يؤمنون بالله ويحبون العمل من أجله وفعل الكثير بحماس من أجله، وعندما يتعلق الأمر باستخدام مواهبهم وقدراتهم، والانغماس في تفضيلاتهم والتباهي بأنفسهم، تكون لديهم طاقة لا حدود لها. لكن إذا طلبت منهم تطبيق الحق والتصرف وفق مبادئ الحق، فإنَّ ذلك يُفقدهم طاقتهم وحماستهم. إذا لم يُسمح لهم بالتباهي، فإنهم يغدون فاترين وقانطين. لماذا يكون لديهم طاقة للتباهي؟ ولماذا لا يكون لديهم طاقة لممارسة الحق؟ ما المشكلة هنا؟ الناس جميعًا يحبون تمييز أنفسهم؛ كلهم يتوقون إلى المجد الفارغ. جميع الأشخاص لديهم طاقة لا تنفد عندما يتعلق الأمر بالإيمان بالله من أجل ربح البركات والمكافآت، فلماذا يصيبهم الفتور، ولماذا يصبحون قانطين عندما يتعلق الأمر بممارسة الحق والتمرد على الجسد؟ لماذا يحدث هذا؟ هذا يُثبت أن قلوب الناس مغشوشة. هم يؤمنون بالله بالكامل من أجل نيل البركات؛ هم – بصراحة تامة – يفعلون ذلك من أجل دخول ملكوت السماوات. دون بركات أو منافع يسعون إليها، يصاب الناس بالفتور والقنوط، ولا يكون لديهم حماس. هذا كله ناتج عن شخصية فاسدة تنفر من الحق. عندما تسيطر هذه الشخصية على الناس، لا يرغبون في اختيار طريق السعي إلى الحق؛ يسلكون طريقهم الخاص، ويختارون الطريق غير الصحيح، يعلمون جيدًا أنه من الخطأ السعي إلى الشهرة والربح والمكانة ومع ذلك يظلّون غير قادرين على تحمّل الاستغناء عن هذه الأشياء أو تنحيتها جانبًا، وهم يظلون يسعون إليها، سائرين في طريق الشيطان. في هذه الحالة، هم لا يتبعون الله، بل يتبعون الشيطان. كل ما يفعلونه هو في خدمة الشيطان، وهم خدم للشيطان.
هل من السهل تغيير الشخصية الفاسدة المتمثلة في النفور من الحق؟ كون المرء نافرًا من الحق سمة من سمات فساد البشرية العميق، وهي السمة الأصعب في التغيير؛ ﻷنَّ تغيير الشخصية لا يمكن تحقيقه إلا بقبول الحق. إنَّ شخصًا ينفر من الحق لا يمكنه قبول الحق بسهولة، مثلما أنَّ المريض الميؤوس من شفائه يرفض الطعام. هذا أمر خطير جدًا، والشخص الذي ينفر من الحق لا يمكن تخليصه بسهولة، حتى لو كان يؤمن بالله. إذا كان ثمة شخص يؤمن بالله منذ بضع سنوات لكنه لا يعرف ما الحق، وما الأمور الإيجابية، وليس واضحًا حتى بشأن هدف الحياة المتمثّل في السعي إلى الحق لتحقيق الخلاص، أليس هذا إنسانًا أعمى ضلّ طريقه؟ لذلك، كون المرء نافرًا من الحق يجعل قبول الحق مستحيلًا، وهذا النوع من الشخصيات الفاسدة ليس من السهل تغييره. الأشخاص الذين يستطيعون اختيار قبول الحق واتباع الطريق الصحيح هم أولئك الذين يحبون الحق، وأشخاص مثل هؤلاء يمكنهم تغيير شخصياتهم الفاسدة بسهولة. إذا كان لدى شخص ما شخصيةً النفور من الحق، لكنه لا يزال يأمل في قلبه أن يُخلصه الله، فمن أين يجب أن يبدأ؟ ما نقطة البداية التي ستجعل هذا أسهل؟ ما هو الطريق الأسرع؟ (بعد فهم ماهية الأمور الإيجابية، وماهية المبادئ، يجب عليه استخدام المبادئ والمعايير مقياسًا له في أثناء أداء واجبه، وإذا كان ثمة شيء يتعارض مع المبادئ ولا يتوافق مع مقاصد الله، فعليه التمسك بالمبادئ وعدم فعله). يجب عليه أولاً أن يفهم مبادئ كل حق، وهذا مهم جدًا. ثم ماذا؟ (عندما يكشف عن حالة كونه نافرًا من الحق، وعندما يتضمن ذلك واجباته ومبادئه، عليه التمرد على الجسد والممارسة وفقًا للمبادئ). هذا صحيح، يجب أن يكون لديه طريق، ويجب أن يكون ذلك الهدف والطريق واضحين. في الوقت الحالي، الأمر الجوهري هو أن معظم الناس لا يعرفون أي جانب من شخصيتهم يُكشَف في أي سياق وفي أي وقت، وبأي طريقة يُكشَف. إذا عرفوا ذلك، ألن يكون من السهل عليهم التغيير؟ عند النظر الآن، مختلف أنواع التفكير أو المواقف لدى الناس تتضمّن شخصياتهم بالفعل؛ دون هيمنة مختلف الشخصيات، ودون التحدي الذي تشكله شخصياتهم الفاسدة ومن دون أغلالها، سيكون من السهل على الناس تصحيح أفكارهم الخاطئة. على سبيل المثال، لنقل إن والدتك تخبرك بتجفيف عَرقك قبل مغادرة المنزل. إذا كنت طفلاً مطيعًا بارًا، وبينما تشعر بنوايا والدتك الصالحة، فيمكنك أيضًا استيعاب صحّة هذه النصيحة، ومعرفة فائدتها، ويمكنك الإقرار بها وقبولها. إذا لم تكن لديك شخصية فاسدة تنشط وتُرجعك إلى الوراء، فسيكون من السهل عليك قبول هذا المقترح. على الرغم من أن هذه النصيحة بسيطة جدًا وسهلة التنفيذ، وأنت تعلم أنها صحيحة، فبسبب امتلاكك لشخصية نافرة من الحق وعنيدة، قد يقودك هذا إلى معارضتها عن علم، وهذا قد يجرح مشاعر والدتك ويجعلها تقلق عليك وتعاني، هذه هي العاقبة. باختصار، كيفية تعامل المرء مع الأشياء عندما تحل به، وكيفية تعامل المرء مع الأمور الإيجابية، وأيضًا كيفية تصدي المرء باستمرار لشخصياته الفاسدة ومحاربته لها، هو ما يُمثّل عزيمته في السعي إلى الحق. إذا كانت لديك هذه العزيمة، وكنت مستعدًا للتخلص من شخصيتك الفاسدة، وقبول الحق، وجعل كلمة الله حياتك، والعيش بشبه الإنسان، فيمكنك أن تتغيّر. بقدر كِبر عزيمتك في السعي إلى الحق، بقدر ما سيكون تغيّرك كبيرًا.
ما الذي يشير إليه الخلاص بشكل أساسي؟ يشير بشكل أساسي إلى تغيّر في الشخصية. فقط عندما تكون شخصية المرء قد تغيرت يمكنه التخلص من تأثير الشيطان، وأن يُخلَّص. لذلك، بالنسبة إلى أولئك الذين يؤمنون بالله، التغيّر في الشخصية هو مسألة كُبرى. عندما تتغيّر شخصية المرء، فإنه سيعيش شبه الإنسان ويحقق الخلاص الكامل. من الممكن أن يكون المرء غير حسن المظهر للغاية، أو ليس موهوبًا، أو ليس بارعًا، وربما هو يتلعثم في الحديث وليس بالغ الفصاحة، أو جيدًا في التأنّق، وقد يبدو عاديًا جدًا في الظاهر، لكنه قادر على طلب الحق عندما يحدث له شيء ما، بدلاً من التصرف وفقًا لإرادته الخاصة أو وضع المكائد من أجل مصلحته الشخصية، وعندما يأمره الله بأداء واجب ما، يكون قادرًا على الخضوع له وإنجاز ما أوكله إليه. ما رأيكم في هذا النوع من الأشخاص؟ رغم أنه خارجيًا ليس جذابًا أو لافتًا في المظهر، لكن لديه قلبًا يتقي الله ويخضع له، وفي هذا تتكشّف نقاط قوته. عندما يرى الناس هذا، سيقولون: "هذا الشخص لديه شخصية مستقرة، وعندما تحدث الأشياء، يمكنه أن يطلب بهدوء أمام الله دون أن يكون مهملًا أو يفعل شيئًا أحمق أو غبيًا. لديه موقف جاد ومسؤول؛ إنه ملتزم بالواجب ويمكنه تكريس نفسه بالكامل لأداء واجبه بصدق". هذا الشخص مُقيّد في كيفية تكلّمه وتصرفه، ولديه عقلانية طبيعية، وبناءً على ما يعيش بحسبه والشخصية التي يظهرها، فهو يمتلك قلبًا يتقي الله. إذا كان لديه قلب يتقي الله، فهل هناك مبادئ في أفعاله؟ هو بالتأكيد يطلب المبادئ ولا ينخرط بتهوّر في أفعال خاطئة. هذه هي النتيجة النهائية التي تتحقّق بممارسة الحق والسعي إلى تغيير الشخصية. حديثه موزون ودقيق، ولا يتحدث بإهمال، ويتصرف بطريقة مطمئنة وجديرة بالثقة، ولديه وقائع الخضوع لله والحيد عن الشر. جميع هذه المظاهر يُمكن رؤيتها في هذا الشخص. هذا شخص قد دخل في واقع الحق، وقد تغيّرت شخصيته. هذه الأشياء لا يمكن تزييفها. شخصية المرء هي حياته؛ أيًا كانت شخصية المرء، فإنها ستكون تصرفه. تصرفات الناس ومظاهرهم محكومة بشخصياتهم، وما يعبّر الناس عنه باستمرار هو كشوفات عن شخصيتهم، وليس سمتهم. القدرة على التعرّف على المشكلات المتعلقة بالشخصية والكشوفات عن مختلف الشخصيات الفاسدة، ثم حلها بطلب الحق، هو الأمر الأكثر أساسيةً الذي يجب على المرء تحقيقه في السعي إلى تغيير الشخصية.
اقتباس 54
مهما كان نوع الواجب الذي تؤديه أو المهنة التي تدرسها، فيجب أن تصبح أكثر براعة كلما درست أكثر، وأن تجاهد في الوصول إلى الكمال؛ وحينها سيتحسن أداؤك لواجبك أكثر فأكثر. بعض الناس لا يتحلون بالضمير في أداء أي واجب، ولا يطلبون الحق لعلاج أي صعوبات يواجهونها. إنهم يريدون دائمًا من الآخرين أن يرشدوهم ويساعدوهم، ويصل بهم الأمر إلى حد أنهم يطلبون من الآخرين أن يعلموهم عن كثب وأن يقوموا بالأشياء نيابة عنهم، دون بذل جهد من جانبهم. إنهم يعتمدون باستمرار على الآخرين ولا يمكنهم الاستغناء عن مساعدتهم. إنهم بلا قيمة لقيامهم بذلك، أليس كذلك؟ ومهما يكن الواجب الذي تؤديه، فإنك تحتاج إلى أن تبذل قصارى جهدك في دراسة الأمور؛ فإن كانت تعوزك المعرفة المهنية فلتدرس المعرفة المهنية. وإن كنت لا تدرك الحق فاطلب الحق. أما إذا كنت تفهم الحق وتحظى بالمعرفة المهنية فسيكون بإمكانك الاستفادة منهما أثناء أداء واجبك وجني الثمار. هذا امرؤ يتمتع بموهبة حقيقية ومعرفة حقّة. وإذا لم تدرس أي معرفة مهنية على الإطلاق أثناء أدائك واجبك، ولم تسعَ إلى الحق، فسيكون عملك دون المستوى، فكيف يمكنك الحديث عن أداء واجبك؟ كي تؤدي واجبك جيدًا، لا بد لك من دراسة العديد من المعارف المفيدة، وتسليح نفسك بكثير من الحقائق. يتعين عليك ألّا تتوقف عن التعلم والطلب ومعالجة نقاط ضعفك من خلال التعلم من الآخرين. بغض النظر عن نقاط قوة الآخرين أو الطرق التي يتفوقون بها عليك، ينبغي أن تتعلم منهم. بل وأكثر من ذلك، ينبغي أن تتعلم من أي شخص يفوقك في فهم الحق. من خلال أدائك واجبك بهذه الطريقة لعدة سنوات، سوف تفهم الحق وتدخل في وقائعه، وسيكون أداؤك لواجبك بالمستوى اللائق أيضًا. وستكون قد أصبحت شخصًا يمتلك الحق والإنسانية؛ شخص يمتلك واقع الحق. يتحقق هذا من خلال السعي إلى الحق. كيف يمكنك تحقيق مثل هذه النتائج دون أداء واجب؟ إنه تمجيد الله. إذا كنت لا تسعىَ إلى الحق في أثناء تأدية واجباتك وكنت مكتفيًا بالعمل فقط، فماذا ستكون العواقب؟ من جانب، لن تؤدي واجباتك على نحوٍ ملائم، ومن جانب آخر، سوف تفتقر إلى الشهادة الاختبارية الحقيقية، ولن تكتسب الحق. هل يمكنك أن تربح استحسان الله بدون أي شيء تظهره في أي من هذين الجانبين؟ سيكون ذلك مستحيلًا. لذلك، لا يمكن للمرء مطلقًا أن يربح استحسان الله من خلال الاكتفاء بالعمل فقط. أن تعتقد أنه يمكنك أن تُكافأ وتدخل ملكوت السموات بمجرد العمل فقط تفكير بالتمني! أي نوع من المواقف هذا؟ من الجلي أن الرغبة في نيل البركات بمجرد العمل هي مساومة مع الله، ومحاولة لخداع الله. لا يستحسن الله مثل هؤلاء العاملين. ما الشخصية التي تحكم الفرد عندما يكون لا مبالٍ أو منخرطًا في الخداع في أداء لواجباته؟ التكبر، وتصلب الرأي، وعدم محبة الحق- أليست محكومة بهذه الأمور؟ (بلى). هل لديكم مثل هذه المظاهر؟ (نعم). في كثير من الأحيان، أم في بعض الأحيان أم في أمور بعينها فقط؟ (في كثير من الأحيان). إن موقفكم في الاعتراف بمثل هذه المظاهر صادق إلى حد كبير، وقلوبكم صادقة، لكن مجرد الاعتراف بها لا يكفي؛ إذ لن يؤدي إلى تغييرها. إذن، ما الذي يجب القيام به لتغييرها؟ عندما تكون لا مبالٍ في أدائك لواجباتك، أو تكشف عن شخصية متغطرسة، أو يكون لديك موقف عدم توقير، يجب عليك المسارعة إلى المثول أمام الله في الصلاة، والتأمل في نفسك، وإدراك أي نوع من أنواع الشخصيات الفاسدة تكشف عنه. وعلاوةً على ذلك، يجب أن تفهم كيف ينشأ نوع الشخصية ذاك وكيف يمكن تغييره. الغرض من فهم هذا هو إحداث التغيير. إذن، ماذا يجب على المرء أن يفعل من أجل تحقيق التغيير؟ يجب على المرء أن يعرف جوهر شخصياته الفاسدة من خلال كشف كلام الله ودينونته- كم هي قبيحة وشيطانية، لا تختلف عن شخصية الشيطان أو الأبالسة. عندئذٍ فقط يمكن للمرء أن يكره نفسه ويكره الشيطان، عندئذٍ فقط يستطيع أن يتمرد على نفسه وعلى الشيطان. إنما بهذه الطريقة يستطيع المرء تطبيق الحق. عندما يصرف المرء ذهنه إلى ممارسة الحق، يجب عليه أيضًا أن يقبل تمحيص الله وتأديبه. يجب حينئذٍ أن يتوفر عنصر التعاون النشط من جانبه. كيف ينبغي عليه أن يتعاون؟ حالما تراود المرء فكرة "هذا جيد بما فيه الكفاية" عند أداء واجب ما، فيجب عليه أن يصححها. يجب على المرء ألا يضمر مثل هذه الأفكار. عندما تظهر شخصية متغطرسة، يجب على المرء أن يصلي إلى الله، ويعترف بشخصيته الفاسدة، ويسارع إلى التأمل في نفسه ويطلب كلمة الله، ويقبل دينونته وتأنيبه. بهذه الطريقة، سيتمكن المرء من أن يكون لديه قلب تائب، وستكون حالته الداخلية قد تغيرت. ما الغرض من القيام بهذا؟ الغرض هو أن تتحول أنت بحق، وأن تكون قادرًا على الأداء بإخلاص، والخضوع لتوبيخ الله وتأديبه وقبولهما دون تحفظ. عند القيام بهذا، سوف تُعكس حالتك. عندما تكون على وشك أن تكون لا مباليًا مرة أخرى، وتتعامل مع واجباتك بموقف غير موقِّر مجددًا، ألن تكون قد تجنبت ارتكاب تعدٍ إذا تمكنت من التحول بسرعة بسبب تأديب الله وتوبيخه؟ هل هذا شيء جيد لنموك في الحياة أم شيء سيء؟ إنه شيء جيد. عندما تمارس الحق وترضي الله، يكون قلبك مرتاحًا وفرحًا وخاليًا من الندم. ذلك هو السلام الحقيقي والفرح.
من السهل على الناس أن يتمردوا على الله ويقاوموه عندما تكون لديهم شخصيات فاسدة، لكن هذا لا يعني أنهم بلا أمل في الخلاص. لقد جاء الله ليقوم بعمل تخليص الناس وقد عبَّر عن العديد من الحقائق؛ يتوقف الأمر على ما إذا كان الناس يستطيعون قبول هذه الحقائق. إذا كان المرء يستطيع قبول الحق، فإنه يمكنه نيل الخلاص. إذا كان لا يقبل الحق ويستطيع إنكار الله وخيانته، فقد انتهى أمره تمامًا، وليس بوسعه سوى انتظار أن يُدَمَّر وسط الكارثة. لا أحد يمكنه الهروب من هذا القدَر. يجب على الناس مواجهة هذه الحقيقة. يقول بعض الناس: "أنا أكشف باستمرار عن شخصيات فاسدة، ولا يمكنني أبداً أن أتغير. ماذا يجب أن أفعل؟ هل أنا هكذا فحسب؟ هل الله لا يحبني؟ هل يزدريني؟" هل هذا هو الموقف الصائب؟ أهذه هي الطريقة الصائبة للتفكير؟ (لا). عندما يكون لدى شخص ما شخصيات فاسدة، فإنه سيكشف عنها بطبيعة الحال. لا يستطيع كبحها، على الرغم من أنه يرغب في ذلك، ولهذا يشعر أنه لا أمل لديه. ليست هذه بالضرورة هي طبيعة الحال في واقع الأمر. يعتمد الأمر على ما إذا كان الشخص قادرًا على قبول الحق، وما إذا كان يمكنه الاعتماد على الله والتطلع إليه. إن كشف الناس بشكل متكرر عن شخصية فاسدة يثبت أن حياتهم مقيدة بشخصية الشيطان الفاسدة، وأن جوهرهم هو جوهر الشيطان. يجب على الناس الاعتراف بهذه الحقيقة وقبولها. ثمة فرق بين جوهر طبيعة الإنسان وجوهر الله. ماذا يجب أن يفعلوا بعد الاعتراف بهذه الحقيقة؟ عندما يكشف الناس عن شخصية فاسدة؛ وعندما ينغمسون في ملذات الجسد ويصبحون بعيدين عن الله؛ أو عندما يعمل الله بطريقة تتعارض مع أفكارهم الخاصة وتنشأ الشكاوى في داخلهم، يجب أن يدركوا على الفور أن هذه مشكلة وشخصية فاسدة؛ إنها تمرد ضد الله ومعارضة لله، وهي لا تتوافق مع الحق ويكرهها الله. عندما يدرك الناس هذه الأشياء، ينبغي ألا يتذمروا أو أن يصبحوا سلبيين أو يتهاونوا، ولا ينبغي لهم أن يحزنوا؛ بل يجب أن يكونوا قادرين على معرفة أنفسهم بشكل أعمق. إضافة إلى ذلك، يجب أن يكونوا قادرين على المبادرة بالقدوم أمام الله وقبول توبيخ الله وتأديبه، ويجب أن يغيروا حالتهم على الفور، حتى يكونوا قادرين على الممارسة وفقًا للحق وكلمات الله، ويمكنهم التصرف وفقًا للمبادئ. بهذه الطريقة، ستغدو علاقتك بالله بطريقة طبيعية على نحو متزايد، وكذلك الحالة داخلك. ستكون قادرًا على تحديد الشخصيات الفاسدة وجوهر الفساد ومختلف حالات الشيطان القبيحة بوضوح متزايد. لن تعود تتفوه بمثل تلك الكلمات الحمقاء والطفولية على غرار: "كان الشيطان يتدخل معي"، أو "كانت فكرة أعطاني إياها الشيطان". بدلاً من ذلك، سيكون لديك معرفة دقيقة بالشخصيات الفاسدة، وبالجوهر البشري الذي يقاوم الله، وبجوهر الشيطان. سيكون لديك طريقة أدق للتعامل مع هذه الأشياء، ولن تعود هذه الأشياء تقيدك. لن تصبح ضعيفًا أو تفقد إيمانك بالله وخلاصه لأنك كشفت عن جزء من شخصيتك الفاسدة، أو تعديت، أو قمت بواجبك بلا مبالاة، أو لأنك غالبًا ما تجد نفسك في حالة خاملة وسلبية. لن تعيش وسط مثل هذه الحالات، بل ستواجه شخصيتك الفاسدة بشكل صحيح، وستكون قادرًا على عيش حياة روحية طبيعية. إذا كان المرء – عندما يكشف عن شخصيات فاسدة – قادرًا على التأمل في نفسه، والقدوم أمام الله في الصلاة، وطلب الحق، وتمييز جوهر شخصياته الفاسدة وتشريحها، بحيث لا يعود خاضعًا لسيطرة شخصياته الفاسدة ومقيدًا بها، بل يمكنه تطبيق الحق، فسيكون قد شرع في الطريق إلى الخلاص. في ظل هذا النوع من الممارسة والاختبار، يمكن للمرء أن يتخلص من شخصياته الفاسدة وأن يتحرر من تأثير الشيطان. ألم يأتوا إذن ليعيشوا أمام الله وينالوا الحرية والتحرر؟ هذا هو طريق ممارسة الحق ونيله، وكذلك الطريق إلى الخلاص. الشخصيات الفاسدة متجذرة بعمق في البشر؛ إن جوهر الشيطان وطبيعته يتحكمان في أفكار الناس وسلوكهم وعقولهم. ورغم ذلك، فإن هذا كله يتضاءل أمام الحق، وأمام عمل الله، وأمام خلاص الله؛ فهو لا يفرض أي عقبات. مهما كانت الشخصيات الفاسدة التي قد يمتلكها الشخص، أو مهما كانت الصعوبات التي يواجهها، أو مهما كانت قيوده، فثمة مسار يمكن اتخاذه، وثمة طريقة لعلاجها، وحقائق مقابلة لعلاجها. وبهذه الطريقة، ألا يوجد أمل في خلاص الناس؟ بلى، يوجد أمل في خلاص الناس.
اقتباس 55
سواء أكان المرء يؤدي واجبه أو يتعلّم معرفةً مهنيةً، فعليه أن يكون مُجدًا، وأن يتعامل مع الأمور وفقًا للمبادئ. لا تقارب هذه الأشياء بلا مبالاة ولا تؤدها أداءً سطحيًا فحسب. إنَّ الغرض من تعلُّم المعرفة المهنية هو أداء المرء لواجبه جيدًا، ويجب على المرء بذل الجهد في ذلك – هذا شيء يجب على الناس التعاون فيه. إذا كان الشخص غير راغب في أداء واجبه جيدًا ودائمًا ما يختلق أسبابًا وأعذارًا لعدم تعلُّم المعرفة المهنية، فهذا يُظهر أنه لا يبذل نفسه بإخلاص من أجل الله، وأنه لا يريد أداء واجباته جيدًا لتسديد محبة الله. أليس هذا شخصًا يفتقر إلى الضمير والعقل؟ أليس الشخص الذي يمتلك شخصيةً كهذه مسببًا للمتاعب؟ أليس من الصعب للغاية إدراته؟ وعلى الرغم من أن المرء يدرس مهنةً ما، فإنه يجب عليه أيضًا أن يطلب الحق وأن يفعل الأشياء وفقًا لمبادئ الحق. على المرء ألا يتجاوز هذا النطاق، ولا بد ألا يكون مشوش الذهن، مثل غير المُؤمن. ما موقف غير المُؤمنين تجاه العمل؟ كثيرٌ منهم يُمْضُونَ أيامهم سدى ويُضيّعون وقتهم هباءً، ويتخبَّطون في كل يوم لمُجرّد الحصول على أجرهم اليومي، ويفعلون الأشياء بلا مبالاة كلما أمكنهم ذلك. إنهم لا يَعْبَؤُونَ بالكفاءة، ولا بالتصرف وفقًا للضمير، ويفتقرون إلى موقفٍ جادٍّ ومسؤولٍ. إنهم لا يقولون، "لقد اؤتمنت على هذا، لذلك يجب أن أتحمل مسؤوليته حتى يُنجَز، عليَّ أن أُحسن التعامل مع هذا الأمر، وأن أتحمَّل هذه المسؤولية." إنهم يفتقرون إلى هذا الضمير. علاوةً على ذلك، فإنَّ غير المُؤمنين لديهم نوع مُعيّن من الشخصية الفاسدة. فعندما يُعلّمون الآخرين معرفةً مهنيةً أو مهارةً ما، فإنهم يفكِّرون هكذا: "بمجرد أن يعرف الطالب كل ما يعرفه المُعلّم، سيفقد المُعلّم مصدر رزقه. إذا علّمتُ الآخرين كلَّ ما أعرفه، فلن يعود أي أحد يتطلع إليَّ أو يُعجَب بي، وسأكون قد فقدت مكانتي كمُعلّم. هذا غير مقبول. لا يُمكنني تعليمهم كل ما أعرفه، يجب أن أحجب عنهم شيئًا ما. سأُعلّمهم فقط ثمانين بالمائة مما أعرفه وأحتفظ بالباقي في جُعبتي؛ فهذه هي الطريقة الوحيدة لأُظهِر أن مهاراتي أفضل من مهارات الآخرين." أيّ نوعٍ من الشخصية هذا؟ إنه الخداع. عند تعليم الآخرين أو مُساعدتهم أو مُشاركة شيء درستموه معهم، ما الموقف الذي يجب أن تتخذوه؟ (يجب ألا أدخر جهدًا وألا أحجب عنهم شيئًا). كيف لا يحجب المرء أي شيء؟ إذا قُلتَ: "أنا لا أحجب شيئًا فيما يتعلق بالأشياء التي تعلمتها، ولا بأس لديَّ في إخباركم جميعًا بها. فعلى أي حالٍ أنا أمتلك مستوى قدرات أعلى منكم، ولا يزال بإمكاني استيعاب أشياء أسمى"– فهذا لا يزال حجبًا وهو ينطوي على مكر كبير. أو إذا قلتَ: "سأُعلِّمكم كُلَّ الأساسيّات الّتي تعلّمتُها، فهذا الأمر هَيِّنٌ. ما يزال لديَّ مَعرفةٌ أرقى مما لديكم، وحتى لو تعلّمتُم كُلَّ هذا، فلن تكونوا بمثل تقدمي"؛ فهذا أيضًا يُعدّ إمساكًا. وإذا كان الشَّخص أنانيًا جدًا، فإنه لا يَنال بركة الله. يجب على الناس أن يتعلّموا مراعاة مقاصد الله. عليك أن تُساهِم بأهمِّ الأمور التي أدركتها وأكثرِها جوهريةً في بيت الله، لِكَيْ يَتَمكَّن مُختاروه من تعلّمها وإتقانها: هذه هي الطريقة الوَحيدة لنَيْل بركة الله، وسوف يمنحك اللهُ المزيد من الأشياء. فَكما قيل: "مَغْبُوطٌ هُوَ ٱلْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ ٱلْأَخْذِ." كَرِّسْ جميعَ مَواهِبك وعطاياك لله، وأظهِرها في أداء واجِبك، لكي يستفيد الجميع ويُحقِّقوا نتائج في واجباتِهم. إذا ساهَمتَ بمواهِبك وعطاياك كاملةً، فستكون نافعةً لِكُلِّ من يقوم بذلك الواجب، ولعمل الكنيسة. لا تَقتَصِرْ على إخبارِ الآخرينَ بأشياءَ بسيطةٍ ثمَّ تَظُنُّ أنَّكَ قد أحسنتَ صنعًا أوْ أنَّكَ لم تمسك عنهم شيئًا– هذا غير مقبول. فأنت لا تُعَلِّمهم سوى بعض النظريات أو الأمور الّتي يُمكنهم فَهمها حرفيًّا، لكنَّ الجوهر والنّقاط المهمَّة تَفوق إدراك المبتدئين. إنك لا تُقدِّم لهم سوى لَمْحة عامّة، دونَ توضيح أوْ تفصيل، وفي أثناء هذا كله تظل تُفكِّر في نَفسِك: "حسَنًا، على أيِّ حال، لقد أَخْبَرتُكَ، ولم أتعمد أن أمسك أي شيءٍ عنك. إذا لم تفهم، فذلكَ لأنَّ مستوى قُدراتِكَ ضعيفٌ جدًا، فلا تلمني. سيكون علينا فقط أن نَرى كيفَ سيقودك اللهُ الآن." أليس مثل هذا التفكير ينطوي على خِداع؟ أليسَ أنانيًا وحقيرًا؟ لِماذا لا يمكنك أن تُعَلِّم الناسَ كُلَّ ما في قلبِكَ وكُلَّ ما تفهمه؟ لِماذا تحجب المعرفة بَدَلًا من ذلك؟ هذهِ مشكلةٌ في مقاصدك وشخصيتك. عِندما يَتَعَرَّف مُعظم الناس على جانبٍ مُحدّدٍ منَ المعرفة المِهنية لأوَّلِ مرةٍ، فإنهمْ لا يتمكنون إلا من استيعاب معناه الحرفيّ؛ ويَستَغرِق الأمر بعضَ الوقتِ حتى يَتَمكَّنوا منْ إدراك النّقاط الرئيسيّة والجوهر. إذا كُنتَ قد أتقنتَ هذهِ النّقاطِ الدقيقة بالفعل، فيجب عليكَ أن تُخبرَ بها الآخرينَ مُباشَرَةً؛ ولا تَدعْهُمْ يَسلُكونَ هذا الطريقَ المُلتوي ويُضيّعونَ كلَّ هذا الوقتِ في التخبُّط. هذه مَسؤولِيَّتُك وما يجبُ عليكَ فعله. لن تكونَ حاجبًا لأي شيء ولا أنانيًا، إلا إذا أخبرتَهُم بما تُؤمِنُ أنتَ أنَّه النّقاط الرئيسية والجوهر. عندما تُعَلّمونَ الآخرين المهارات، أوْ تتواصلون معهم بشأن مهنتِكُم، أوْ تعقدون شركة معهم بشأن دُخول الحياة، إذا كنتم لا تَستَطيعون علاج الجوانبِ الأنانيةِ والحقيرة في شخصياتكم الفاسدة، فلن تكونوا قادرين على أداء واجباتِكُمْ جيدًا، وفي هذهِ الحالةِ، لا تكونون أشخاصًا يَمتَلِكونَ إنسانيةً أوْ ضميرًا أوْ عقلًا أوْ يُمارسونَ الحقّ. عليكَ أنْ تطلب الحقَّ لتُعالج شخصياتك الفاسدة، وتصل إلى النُقطَة التي تكون فيها خاليًا من الدوافع الأنانيةِ، ولا تراعي سوى مقاصد الله. بهذهِ الطريقةِ، ستمتلك واقع الحقّ. إنَّهُ أمْرٌ مُرهِقٌ جدًا إذا كان النّاس لا يسعون إلى الحقِّ ويعيشونَ بشخصيات شيطانيةٍ مثلَ غيرِ المُؤمنينَ. فالمنافسةُ شديدةٌ بينَ غيرِ المُؤمنينَ. إتقانُ جوهرِ مَهارةٍ أوْ مِهنةٍ ليسَ بالأمرِ الهَيّنِ، وحالما يَكتَشِفَه شَخصٌ آخَر ويُتقنُه، فسيكون مَصدرَ رزقِكَ في خطرٍ. من أجلِ حمايةِ مصدرِ الرزقِ ذلك، يُدفَع الناس إلى التصرفِ بهذهِ الطريقة؛ فيجب عليهِم أنْ يكونوا حذرينَ طَوالَ الوقتِ. فما أتقنوهُ هي العملة الأثمن لديهم، إنَّهُ مصدرُ رزقِهِم، ورأسُ مالِهِم، وشريانُ حياتِهِم، ولا بد لهم من ألا يطلعوا أي أحدٍ آخر عليه. لكنَّك تُؤمِن باللهِ - إذا كُنت تُفكّر بهذهِ الطريقةِ وتتصرف بها في بيتِ اللهِ، فما من شيء يفرِّق بينك وبينَ غيرِ المُؤمنينَ. إذا لم تقبل الحقَّ على الإطلاقِ، وواصلت العَيْشَ وفقًا لفلسفاتٍ شيطانيةٍ، فأنت لست شخصًا يؤمن باللهِ حقًّا. وإذا كان لديك دائمًا دوافع أنانية في أثناء أداء واجبك وتهتم بالأمور التافهة، فلن تنال بَرَكة الله.
بعد أنْ صرت تؤمن بالله، قد أَكَلت كلماته وشَرِبتها، وقَبِلت دينونةَ كلماته وتوبيخَها، فهل تأملت في شخصياتك الفاسدة وصرت تعرفها؟ هل تغيّرت المبادئ التي تتحدّث وتَتَصَرّف وفقًا لها، ونظرتك إلى الأمور، والمبادئ والأهداف التي تُحدّد سلوكك؟ إذا كُنت لا تَزال لست مختلفًا عن غير المُؤمن، فلن يعترف الله بإيمانك به. سيقول إنّك لا تَزال غير مُؤمنًا، وإنّك لا تَزال تَسلُك طريقَ غيرِ المُؤمنين. لذلك، سواءٌ في سلوكك أوْ في أداءِ واجبك، عليك أن تُمارس استنادًا إلى كلمات الله، ووفقًا لِمبادئ الحقّ، وأن تَستَخدِم الحقّ لحلّ المُشكلات، وتعالج الشخصيات الفاسدة التي تكشف عنها، وتعالج أفكارك ووجهات نظرك الخاطئة وأفعالكم الخاطئة. من ناحية، عليك أنْ تَكتَشِف المُشكلات من خلال تأمّل الذات وفحص الذات. من ناحية أخرى، عليك أيضًا أن تطلب الحقّ لحلّ المُشكلات، وعندما تَكتَشِف شخصيات فاسدة، عليك التّعامل معها على الفور، والتمرد على الجسد، ونبذ إرادتكم الخاصة. حالما تَتَخَلّص من شخصياتك الفاسدة، لن تعود تتصرف بناءً عليها، وستكون قادرًا على التخلّي عن مقاصدك الخاصة ومصالحك، والممارسة وفقًا لِمبادئ الحقّ. هذا هو واقع الحق الذي يجب أن يمتلكه كُلُّ تابع حقيقي لله. إذا كُنت قادرًا على تأمل الذات، ومعرفةِ نفسك، وطلب الحقّ لحلّ المُشكلات بهذه الطريقة، فأنت شخصٌ يَسْعَى إلى الحق. الإيمان بالله يتطلّب مثلَ هذا التعاون، والقُدرة على المُمارَسةِ بهذه الطريقة هي الأكثر مباركة من الله. لماذا أقول هذا؟ لأنّك تَعمَل من أجلِ عمل الكنيسة، ومن أجلِ مصالحِ بيتِ الله، ومن أجلِ مصلحةِ الإخوةِ والأخواتِ، وفي الوقتِ نفسِه، تُمارس الحقّ. هذا بالضبط ما يستحسنه الله، هذهِ أفعالٌ صالحة، وبِممارَسةِ الحقّ بهذهِ الطريقةِ، أنت تَشهَد لله. لكنْ إذا لم تفعَل ذلك، ولم تكن مختلفًا عن غيرِ المُؤمنين، تتصرف وفقًا لِمبادئِ غيرِ المُؤمنين في التعاملِ معَ الأمورِ، ووفقًا لطرقِهِم في السلوك، فهل يُعتَبَرُ هذا شهادةً؟ (لا). ما العواقبُ التي يجلبها هذا؟ (إنه يهين الله). هذا يُهينُ الله! لماذا تقولون إنَّ هذا يُهينُ الله؟ (لأنَّ الله قد اختارنا، وعبَّر لنا عن الكثير منَ الحقائق، وأرشدنا شخصيًّا، وأمدَّنا، وسقانا، لكنّنا لا نقبل الحقّ ولا نُمارِسه، ولا نزال نعيش على أساس أشياء شيطانية، ولا نَشهَد أمامَ الشيطان. وهذا يُهينُ الله). (إذا كان ثمة مُؤمنًا باللهِ قد سمعه يعقد شركة عن كثير منَ الحقائق ومسارات المُمارَسة، لكنّه عندما يتصرّف، يظل يعيش وفقًا لفلسفات غير المُؤمنين في التّعاملات الدنيوية، ويكون مخادعًا على نحو خاص ويخدم مصالحه الذاتية، فإنّه يكون أسوأ وأشرّ من غير المُؤمنين). رُبَّما أنتم جميعًا تَفهَمُون القليلَ عن هذا الأمر. النّاس يأكلون ويشربون من كلمات الله، ويَستمتعون بكُلِّ ما يمدهم الله به، لكنهم يظلون يتبعون الشيطان. مهما يصبهم من الأمور أوِ الظروف الصعبة، فإنّهم يظلون غير قادرين على الاستماع إلى كلمات الله أوِ الخضوع له، وهم لا يطلبون الحقّ، ولا يتمسكون بشهادتهم. أليس هذا خيانة لله؟ إنه خيانة لله بالتأكيد. عندما يحتاج الله إليك، لا تستمع إلى ندائه أوْ إلى كلماته، وبدلًا من ذلك تتبع اتجاهات غير المُؤمنين، وتصغي إلى الشيطان، وتتبعه، وتمارس وفقًا لمنطقه، ومبادئه وطُرُقِه للعيش. هذه خيانة لله. أليست خيانة الله تجديفًا عليه وإهانة له؟ انظروا إلى آدم وحواء في جَنّةِ عَدْن - قالَ الله: "مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا، لِأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ." (تكوين 2: 17). كلمات من هذه؟ (كلمات الله). هل هذه كلمات عادية؟ (لا). ما هي؟ إنّها الحق، وهي ما يجب على الناس الالتزام به، والطريق الذي يجب عليهم ممارسته. أخبر الله البشر كيف يتعاملون مع شجرة معرفة الخير والشر. كان مبدأ المُمارَسة هو عدم الأكل منها، ثُمَّ أخبرهم بالعاقبة - سَيَمُوتون حتمًا يوم يأكلون منها. أُخبِر البشر بمبدأ المُمارسة وبما هو على المحكّ. بعد سماع هذا، هل فهموه أم لا؟ (فهموه). لقد فهموا كلمات الله حقًّا، لكنهم بعد ذلك سمعوا الحَيّة تقول: "قال الله إنكما ستموتان موتًا في اليوم الذي تأكلان فيه من تلك الشجرة، لكنكما لن تموتا موتًا. يمكنكما أن تُجرِّبا ذلك"، وبعد أنْ تَكَلّمَ الشيطان، أصغيا إلى كلماته، وأكلا من ثمر شجرة معرفة الخير والشر. كانت هذه خيانة لله. لم يختارا الإصغاء إلى كلمات الله والممارسة وفقًا لها. لم يفعلا ما أمرهما الله به، بل آمنا بكلمات الشيطان وقبلاها، وتصرّفا وفقًا لها. ما كانت نتيجة ذلك؟ كانت طبيعة سلوكهما وتوجههما هي خيانة الله وإهانته، وكانت النتيجة هي أنَّ الشيطان أفسدهما وأدى إلى ترديهما. الناس الآن مثل آدم وحواء آنذاك. هم يسمعون كلمات الله لكنهم لا يمارسونها، هم حتى يفهمون الحق لكنهم لا يمارسونه، وطبيعة هذا هي نَفسُها طبيعةُ عَدَمِ إصغاء آدم وحواء لكلمات الله ووصاياه – إنّها خيانة لله وإهانة له. وعندما يخون الناس الله ويُهينونه، فإنّ نتيجة هذا أنهم يستمرون في التّعرّض للإفساد والسيطرة من قِبَلِ الشيطان، وأن يكونوا تحت سيطرة شخصياتهم الشيطانية. لذلك، لا يُمكنُهُم أبدًا التحرّر من نفوذ الشيطان، أو الهَرَب من إغراءاته وتجاربه وهجماته وتلاعبِه والتهامه لهم. إذا لم تتمكن أبدًا من التحرر من هذه الأشياء، فستكون حياتك مؤلمة ومزعجة بشكل خاص، ولن يكون فيها سلام أو فرح. ستشعر أنَّ كُلَّ شيء فارغ، وربما حتى قد تطلب الموت لإنهاء كلّ شيء. هذه هي الحالة المثيرة للشفقة لأولئك الذين يعيشون تحت سلطة الشيطان.
اقتباس 56
عندما يخدم بعض الناس بصفتهم قادة أو عاملين، فإنهم يخافون دائمًا من القيام بشيء خاطئ وأن يُكشفوا ويُستبعَدوا، لذا غالبًا ما يقولون للآخرين: "لا ينبغي أن تصبح قائدًا؛ فسوف تُستبعَد حالما يحدث خطأ، ولن يكون ثمة مجال للرجوع!". أليست هذه العبارة مغالطة؟ ماذا تعني عبارة "لن يكون ثمة مجال للرجوع"؟ ما نوع القادة والعاملين الذين يُستبعَدون؟ إنهم جميعًا أفراد أشرار يعيثون فسادًا معطِّلين عمل الكنيسة ويزعجونه على الرغم من التحذيرات المتكررة. إذا ارتكب شخص ما خطأً فقط لأن قامته صغيرة، أو لأن مستوى قدراته متدنٍ، أو لأنه يفتقر إلى الخبرة، فهل يستبعده بيت الله مادام يمكنه قبول الحق والتوبة بصدق؟ حتى إذا كان ذلك الشخص غير قادر على القيام بأي عمل حقيقي، فسيُعدَّل واجبه فحسب. إذًا، أليس الناس الذين يقولون هذه الأشياء يُحرِّفون الحقائق؟ أليسوا ينشرون مفاهيم لتضليل الآخرين؟ إنَّ القادة والعاملين في بيت الله يُنتخبون بشكل ديمقراطي، فليس الأمر كما لو أن أي شخص يريد هذه الأدوار يمكن أن يحصل عليها. بيت الله يعامل القادة والعاملين بناءً على مبادئ الحق؛ وحدهم أولئك القادة الكذبة الذين لا يقبلون الحق على الإطلاق، وأضداد المسيح الذين يسعون إلى الشهرة، والربح، والمكانة، والذين يرفضون بشدة أن يتوبوا، سوف يُستبعَدون. أولئك الذين يمكنهم قبول الحق، والذين يقبلون أن يُهذبوا، والذين يتوبون حقًا، لن يُستبعَدوا. أولئك الذين ينشرون مفهوم أنَّ "كونك قائدًا هو شيء محفوف بالمخاطر" لديهم مقاصد وأهداف. فهُم يهدفون إلى تضليل الناس، ومنع الآخرين من أن يصبحوا قادة، واستغلال الفرصة التي يُتيحها هذا. أليس في هذا دافع خفي؟ إذا كنت قلقًا من أن تُستبعَد، فيجب أن تكون حذرًا، وأن تصلي لله وتتوب له، وأن تقبل الحق حتى تتمكن من تصحيح أخطائك. ألن يكون هذا علاجًا للمشكلة حينئذٍ؟ إذا ارتكب شخص ما خطأً، وعندما واجه التهذيب، لم يقبل الحق، ولم تكن لديه أي نية للتوبة بصدق، واستمر في أن يكون لا مباليًا، وفي أن يعيث فسادًا، فيجب استبعاده. عندما يخدم بعض الناس بصفتهم قادة أو عاملين، يصبحون جريئين ومتهورين، ويتحدثون ويتصرفون دون أي وازع على الإطلاق، ويرغبون في خداع الجميع. هُم لا يعجزون فحسب عن استخدام الحق لعلاج المشكلات، بل إنهم يتعقبون الناس الذين يُبلِّغون عن المشكلات إلى الأعلى ويجعلونهم مُنعزلين. عندما يكتشف الأعلى هذه المشكلة ويُحمِّلهم المسؤولية، يصبحون في مثل وداعة الفئران، ويرفضون بعناد الاعتراف بما فعلوه. يعتقدون أنهم إذا رفضوا الاعتراف بفعلتهم، فسيمكنهم الإفلات بها وأن بيت الله لن يتابع الأمر. هل الأمر حقًا بتلك البساطة؟ سيتحقّق بيت الله من الأمر بوضوح، ثم يتعامل معه بناءً على المبادئ؛ وأيًا يكن المسؤول عن الأمر فلن يتمكن من الهرب. عندما لا يطلب الناس الحق في الأشياء التي يقومون بها، ويتصرفون بشكل اعتباطي ومتهور ووفقًا لأهوائهم، ويلجؤون إلى السفسطة والتظاهر، ويرفضون بشدة الاعتراف بأخطائهم عندما تسير الأمور على نحو خاطئ، فما نوع هذه المشكلة؟ هل هذا هو الموقف الصحيح؟ هل يمكن لتبنّي السفسطة والتظاهر والرفض العنيد للاعتراف بأفعالهم أن يعالج المشكلة؟ هل يتماشى هذا الموقف مع الحق؟ هل ينطوي على خضوع حقيقي؟ إنهم يخافون من ارتكاب الأخطاء ومن أن يُكشفوا ويُبلَغ عنهم ومن أن يُحمِّلهم بيت الله المسؤولية، ويخافون من الحكم عليهم وإدانتهم، واستبعادهم. هل توجد مشكلة في هذا الخوف؟ ليس هذا الخوف شيئًا إيجابيًا؛ من أين يأتي؟ (من شخصياتهم الشيطانية الفاسدة). هذا صحيح. إذًا، ماذا يوجد بالضبط في هذا الخوف؟ لنشرِّحه. لماذا هم خائفون؟ ينبع خوفهم من القلق من أنه حالما تنكشف الأشياء، سوف يُعفون ويستبدَلون، فيفقدون مكانتهم ومعاشهم. لذلك، يلجؤون إلى الكذب والسفسطة، وبعناد يرفضون الاعتراف بأفعالهم. بناءً على هذا الموقف، سواء كانوا أُناسًا يقبلون الحق أم لا، وسواء كانوا متعجرفين وبارّين في أعين ذواتهم أم لا، وسواء كانوا أُناسًا مخادعين أم لا، فذلك يُكشَف هنا. أليسوا أبالسة؟ لقد أظهروا أخيرًا طبيعتهم الحقيقية. ما الأوقات التي هي أكثر ما يكشف الناس؟ عندما تُصيبهم الأمور، ولا سيما عندما تُكشَف أفعالهم الخاطئة، انظر إلى موقفهم – هذه اللحظات هي أكثر ما يكشفهم. ضِيق أُفقهم، وخداعهم، واحتيالهم، ورفضهم العنيد للاعتراف بأخطائهم، وما إلى ذلك – كل هذه الشخصيات الفاسدة تنفجر جميعًا في الوقت نفسه. أليس هذا هو الوقت الأسهل لتمييز الناس؟ لا يؤمن بعض الناس بأن بيت الله يمكنه معاملة الناس بإنصافٍ. لا يؤمنون بأن الله يملك في بيته، وبأن الحقّ يسود هناك. يؤمنون بأنه مهما كان الواجب الذي يُؤدِّيه الشخص إذا ظهرت فيه مشكلةٌ فسوف يتعامل بيت الله مع هذا الشخص فورًا، ويُجرِّده من حقه في أداء هذا الواجب أو يُبعده أو حتَّى يطرده خارج الكنيسة. هل تسير الأمور هكذا حقًّا؟ إنها بالتأكيد ليست كذلك. فبيت الله يعامل كلّ شخصٍ وفقًا لمبادئ الحقّ. والله بارٌّ في معاملته لكلّ إنسانٍ. فهو لا ينظر فقط إلى كيفيَّة تصرُّف الشخص في موقفٍ واحد بل ينظر إلى جوهر طبيعة الشخص ومقاصده وموقفه، وينظر بشكلٍ خاصّ إلى ما إذا كان يمكن للشخص أن يتأمَّل نفسه عندما يرتكب خطأً، وما إذا كان يشعر بالندم، وما إذا كان بإمكانه النفاذ إلى جوهر المشكلة بناءً على كلام الله؛ بحيث يفهم الحقّ ويكره نفسه ويتوب حقًّا. إذا كان ثمة شخص يفتقر إلى هذا الموقف الصحيح، وكان مغشوشًا تمامًا بمقاصد شخصية؛ إذا كان مملوءًا بمخططات ماكرة وإظهار الشخصيات الفاسدة، وعندما تنشأ مشكلات، يلجأ إلى التظاهر والسفسطة وتبرير الذات، وبعناد يرفض الاعتراف بأفعاله – فإنَّ مثل هذا الشخص لا يمكن تخليصه. إنه لا يقبل الحق على الإطلاق وقد كُشِف بالكامل. الناس غير المُحِقين، والذين لا يستطيعون قبول الحق على الإطلاق، هم غير مؤمنين في جوهرهم ولا يمكن إلا استبعادهم. كيف يمكن ألا يُكشَف غير المؤمنين الذين يخدمون بصفتهم قادة وعاملين وألا يُستبعَدوا؟ الشخص غير المؤمن هو أسرع مَن يُكشَف على الإطلاق بغض النظر عن الواجب الذي يؤديه، لأن الشخصيات الفاسدة التي يكشف عنها عديدة جدًا وواضحة جدًا. علاوةً على ذلك، فهُو لا يقبل الحق على الإطلاق ويتصرف على نحو متهور واعتباطي. في النهاية، عندما يكونون قد استُبعِدوا، وفقدوا الفرصة لأداء واجبهم، يبدأ في القلق، مفكِّرًا: "لقد انتهيت. إذا لم يُسمح لي بأداء واجبي، فلا يمكن أن أخلّص. ماذا عليّ أن أفعل؟" الواقع أنَّ السماء دائمًا ما ستترك طريقًا للإنسان. ثمة مسار واحد أخير، وهو التوبة الحقيقية، والإسراع في نشر الإنجيل وربح الناس، والتعويض عن الأخطاء من خلال القيام بأعمال صالحة. إذا لم يسلك هذا المسار، فإنه قد انتهى حقًا. إذا كان لديه بعض العقل ويعرف أنه ليس لديه أي موهبة، فعليه تجهيز نفسه بالحق على النحو الصحيح وأن يتدرب لنشر الإنجيل – هذا أيضًا أداء لواجب. وهذا أمر ممكن تمامًا. إذا أقر شخص ما بأنه استُبعِد لأنه لم يؤدِ واجبه بشكل جيد، لكنه لا يزال لا يقبل الحق وليس لديه أدنى إحساس بالندم، وبدلاً من ذلك ينبذ نفسه لليأس، أليس ذلك حماقةً وجهلًا؟ أخبرني، إذا ارتكب شخصٌ ما خطأً لكنه قادر على الفهم الحقيقيّ وكان على استعدادٍ للتوبة، أفلا يمنحه بيت الله فرصة؟ مع اقتراب خطَّة تدبير الله التي استغرقت ستَّة آلاف عامٍ من نهايتها، توجد العديد من الواجبات التي يجب أداؤها. لكن إذا لم يكن لديك ضميرٌ أو عقل، وكنت لا تقدم عملك جيدًا، إذا كنت قد ربحت الفرصة لأداء واجبٍ لكنك لا تعرف أن تثمِّنها، ولا تطلب الحقّ على الإطلاق، تاركًا الوقت الأمثل يمضي، فسوف تُكشف حينئذٍ. إذا كنت لا مُبالٍ باستمرارٍ في أداء واجبك، ولا تخضع على الإطلاق عند مواجهة التهذيب، فهل سيستمرّ بيت الله في استخدامك لأداء واجب؟ الحقّ هو الذي يسود في بيت الله وليس الشيطان. والله له الكلمة الأخيرة في كلّ شيءٍ. إنه هو الذي يُجري عمل خلاص الإنسان ويسود على كل شيء. لا توجد حاجةٌ لأن تحلل ما هو صوابٌ وما هو خطأ؛ عليك فقط أن تستمع وتخضع. عندما تُواجَه بالتهذيب يجب أن تقبل الحقّ وتتمكَّن من تصحيح أخطائك. إن فعلت ذلك، فلن يُجرِّدك بيت الله من حقك في أداء واجب. وإذا كنت خائفًا على الدوام من أن تُستبعد ودائمًا ما تُقدِّم الأعذار وتُبرِّر نفسك، فتلك مشكلةٌ. إذا سمحت للآخرين برؤية أنك لا تقبل الحقّ على أقلّ تقديرٍ، وأنك منيع أمام العقل، فأنت في ورطةٍ. سوف تكون الكنيسة ملزمة بالتعامل معك. وإذا كنت لا تقبل الحقّ على الإطلاق في أداء واجبك وكنت تخاف دائمًا من أن تُكشف وتُستبعد، فإن خوفك هذا مُلوَّثٌ بالقصد البشريّ، وبشخصيَّةٍ شيطانيَّة فاسدة، وبالشكّ والاحتراس وسوء الفهم. لا يجب أن تكون أيًا من هذه المواقف لدى الشخص. ينبغي أن تبدأ بتبديد خوفك وكذلك حالات سوء فهمك لله. كيف ينشأ سوء فهم الشخص لله؟ عندما تسير الأمور على ما يرام بالنسبة لشخص ما، من المؤكد أنه لا يسيء فهم الله. إنه يؤمن بأن الله صالح ومبجَّل وبار ورحيم ومحب ومحق في كل ما يفعله. ومع ذلك، عندما يواجه شيئًا لا يتوافق مع مفاهيمه، فإنه يقول لنفسه: "يبدو أن الله ليس بارًّا بالتمام، على الأقل ليس بارًّا في هذا الأمر". أليس هذا سوء فهم؟ كيف يستقيم أنَّ الله غير بار؟ ما الذي أدى إلى سوء الفهم هذا؟ ما الذي جعلك تشكل هذا الرأي والفهم بأن الله ليس بارًّا؟ هل يمكن أن تقوله على وجه اليقين؟ أي جملة؟ أي أمر؟ أي موقف؟ تكلم حتى يتمكن الجميع من الوقوف على الأمر ومعرفة ما إذا كانت لديك حجة تستند عليها. وعندما يسيء الشخص فهم الله أو يواجه شيئًا لا يتوافق مع مفاهيمه، فما الموقف الذي ينبغي أن يكون لديه؟ (موقف طلب الحق والخضوع). يجب أن يخضع أولًا ويتأمل قائلًا لنفسه: "لا أفهم، لكنني سأخضع لأن هذا هو ما فعله الله وليس شيئًا يجب على الإنسان تحليله. وعلاوة على ذلك، لا أستطيع أن أشك في كلام الله أو عمله لأن كلمة الله هي الحق". أليس هذا هو الموقف الذي يجب أن يتبناه أي شخص؟ عندما يكون لديك هذا الموقف، هل سيظل سوء فهمك يُمثِّل مشكلة؟ (كلا). إنه لن يؤثر في أداء واجبك أو يربكه. مَن تعتقدون أنه الشخص القادر على الإخلاص: شخص يضمر سوء الفهم أثناء أداء واجبه أم شخص لا يضمر سوء الفهم؟ (الشخص الذي لا يضمر سوء الفهم في أداء واجبه قادر على أن يكون مخلصًا). لذا، يجب عليك أولًا أن يكون لديك موقف الخضوع. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تؤمن على الأقل بأن الله هو الحق، وأن الله بار، وأن كل ما يفعله الله صائب. هذه هي الشروط المسبقة التي تحدد ما إذا كان بإمكانك أن تكون مخلصًا في أداء واجبك. إذا كنت تلبي هذه الشروط المسبقة، فهل يمكن أن تؤثر حالات سوء الفهم الموجودة في قلبك على أداء واجبك؟ (لا). لا يمكنها ذلك. هذا يعني أنك لن تجلب حالات سوء الفهم هذه إلى أداء واجبك. أولاً- عليك علاجها منذ البداية، حريصًا على أن تبقى في حالتها الجنينية. ماذا يجب أن تفعل بعد ذلك؟ عالجها من الجذر. كيف يجب علاجها؟ اقرأ مع الجميع العديد من مقاطع كلمات الله ذات الصلة. بعد ذلك، اعقد شركة حول سبب تصرف الله بهذه الطريقة، ما مقصد الله، وما النتائج التي يمكن تحقيقها من عمل الله بهذه الطريقة. اعقد الشركة بشأن هذه القضايا على نحو دقيق، ثم سيكون لديك فهم لله وستكون قادرًا على الخضوع. إذا لم تعالج حالات سوء فهمك لله وكنت تحمل مفاهيم في أداء واجبك، قائلًا: "في هذه القضية، تصرف الله بشكل غير صحيح، ولن أخضع. سأعترض على ذلك، سأناقش الأمور مع بيت الله. لا أؤمن أن هذا فعل الله" – فما هذه الشخصية؟ هذه شخصية شيطانية نموذجية. يجب ألا ينطق البشر بمثل هذه الكلمات؛ ليس هذا هو الموقف الذي يجب أن يكون لدى الكائن المخلوق. إذا كنت تستطيع أن تعارض الله بهذه الطريقة، فهل أنت جدير بأداء هذا الواجب؟ أنت لست كذلك. لأنك إبليس، وتفتقر إلى الإنسانية، فأنت لست جديرًا بأداء واجب. إذا كان لدى الشخص قدر من العقل، ونشأت فيه حالات سوء فهم بشأن الله، فإنه سيُصلّي إلى الله، وسيطلب الحق في كلمات الله، وعاجلًا أم آجلًا، سيرى الأمر بوضوح. هذا ما يجب على الناس فعله.
في عملية اختبار عمل الله، يوجد العديد من الأشياء التي لا يمكن للناس فهمها أو التعايش معها. وما دامت لديهم قلوب خاضعة، فإن هذه المشكلات ستُعالَج تدريجيًا، وسيجدون إجابات لها في كلمات الله. حتى إذا كانوا غير قادرين على الحصول على نتائج في الوقت الحالي، فسيفهمون هذه الأشياء بشكل طبيعي بعد عدة سنوات من الاختبار. إذا كان المرء – عندما يواجه مشكلات – لا يستطيع أبدًا أن يكتشفها، ويضع نفسه ضد القادة والعاملين، أو يتجادل مع بيت الله، فهل هذا شخص لديه عقل؟ لاتباع الله، يجب على المرء على الأقل أن يكون لديه عقل الإنسانية الطبيعية والإيمان الأساسي، وعندها فقط سيكون من السهل عليه الخضوع لله. إذا كنت دائمًا تعترض على الله وتضع نفسك ضده، وبعد ذلك لا تطلب الحق ولا يكون لديك قلب تائب، فأنت لست مناسبًا لأداء واجب أو لاتباع الله، وأنت غير مناسب لقبول إرساليته. إذا لم يكن لديك إيمانًا حقيقيًا، لكنك لا تزال تؤدي واجبًا وتتبع الله، فلن تكون قادرًا على ربح موطئ قدم راسخ، ومن المؤكد أنك سوف تُستبعَد. أليس هذا تسببًا لنفسك في متاعب فحسب؟ وهذا ما يُسمى بإحراج المرء لذاته. لهذا، لعلاج حالات سوء الفهم بشأن الله، فإنَّ الموقف الذي يجب أن يتخذه الناس هو أن يخضعوا أولاً، وأن يؤمنوا بأن أي شيء يفعله الله صواب. لا تثق في عينيك وحكمك – إذا كنت تثق دائمًا في حكمك وعينيك، فذلك سيُسبّب متاعب. أنت لست الله؛ وليس لديك الحق. أنت شخص لديه شخصيات فاسدة؛ فأنت ترتكب أخطاء، ولا تزال لا تفهم الحق. إذا كنت لا تفهم الحق، فهل يدينك الله؟ الله لا يدينك، ولكنك يجب أن تطلب الحق. الله يعطيك الفرصة والوقت اللازمين للطلب، وهو ينتظر. ماذا ينتظر؟ أن تطلب الحق خلال هذا الوقت. حالما تفهم وتخضع، كل شيء سيكون على ما يرام، ولن يتذكر الله ذلك ولن يدينك. لكن إذا ظللت ترتكب الأخطاء القديمة نفسها، إذًا فأنت قد انتهيت حقًا وأنت بعيد عن الفداء.
اقتباس 57
لديكم الآن بعض التمييز للشخصيَّة الفاسدة التي تُظهرونها. ما إن ترى بوضوح الأشياء الفاسدة التي لا تزال عُرضة لإظهارها بشكل منتظم، والأشياء التي لا تزال من المرجح أن تفعلها والتي تتعارض مع الحقّ، سوف يكون من السهل تطهير شخصيَّتك الفاسدة. لماذا لا يتمكَّن الناس في كثيرٍ من الأمور من السيطرة على أنفسهم؟ لأنهم في جميع الأوقات ومن جميع النواحي يخضعون لسيطرة شخصيَّاتهم الفاسدة التي تُقيِّدهم وتزعجهم في كلّ الأشياء. بعض الناس، عندما يسير كل شيء على ما يرام، ولا يزلون أو يصبحوا سلبيين، يشعرون دائمًا بأن لهم قامة ولا يبالون بالأمر عندما يرون شخصًا شرِّيرًا، أو قائدًا كاذبًا، أو ضدًا للمسيح يُكشف ويُستبعد. بل إنهم سيتباهون أمام الجميع قائلين: "يمكن لأيّ شخصٍ آخر أن يزل، ولكن ليس أنا. فأيّ شخصٍ آخر قد لا يحبّ الله، لكني أحبّه". يعتقدون أنهم يستطيعون الصمود في شهادتهم في أيّ موقف أو ظرف. وما النتيجة؟ يأتي يومٌ يخضعون فيه للاختبار فيتبرّمون ويتذمرون من الله. أليس هذا فشلًا ووقوعًا في الزلات؟ لا شيء يكشف الناس أكثر من وقت اختبارهم. يمحّص الله أعماق قلب الإنسان، وينبغي على الناس عدم التفاخر في أيّ وقتٍ. فإنهم سوف يزلون يومًا ما فيما يتفاخرون به، عاجلًا أم آجلًا. وعندما يرون الآخرين يزلون ويفشلون في ظروف معينة، لا يبالون بالأمر، بل ويعتقدون أنه لا يمكنهم هم أنفسهم ارتكاب أيّ خطأ، وأنهم سيكونون قادرين على الصمود؛ ولكن ينتهي بهم الأمر أيضًا إلى الوقوع في الزلات والفشل في الظروف نفسها. كيف يمكن أن يكون هذا؟ إنه بسبب أن الناس لا يفهمون تمامًا جوهر طبيعتهم؛ كما أن معرفتهم بالمشكلات المرتبطة بجوهر طبيعتهم لا تزال غير عميقةٍ بما يكفي، ولذلك فإن تطبيق الحقّ أمرٌ شاقّ للغاية بالنسبة لهم. على سبيل المثال، بعض الناس مخادعون جدًّا وغير صادقين في أقوالهم وأفعالهم، ولكن إذا سألتهم عن الجانب الذي تكون فيه شخصيَّتهم الفاسدة أشدّ فسادًا، يقولون: "إنني مخادعٌ قليلًا". هم يكتفون بقول إنهم مخادعون قليلًا لكنهم لا يقولون إن طبيعتهم نفسها مخادعة ولا يقولون إنهم مخادعون. فمعرفتهم بحالتهم الفاسدة ليست عميقة إلى هذا الحدّ، ولا ينظرون إليها بجدية أو باستفاضةٍ مثلما يفعل الآخرون. في منظور الآخرين، هذا الشخص مخادع ومراوغ للغاية، وكلّ أقواله يشوبها الاحتيال، وكلماته وأفعاله ليست صادقة أبدًا؛ ولكن هذا الشخص غير قادر على معرفة نفسه بهذا القدر من العُمْق. فأيّ معرفةٍ يمتلكونها هي مُجرَّد معلوماتٍ سطحيَّة. وكلَّما تكلَّموا وتصرَّفوا أظهروا جزءًا ما من طبيعتهم دون أن يدركوا هذا. إنهم يؤمنون بأن تصرُّفهم بهذه الطريقة ليس إظهارًا للفساد، ويعتقدون أنهم طبّقوا الحقّ بالفعل؛ ولكن بالنسبة للملاحظين، هذا الشخص مراوغ ومخادع تمامًا وكلماته وأفعاله غير صادقة تمامًا. وهذا يعني أن الناس لديهم فهم سطحي للغاية لطبيعتهم، كما يوجد تناقض هائل بين هذا وبين كلام الله الذي يدينهم ويكشفهم. هذا ليس خطأً فيما يكشفه الله، ولكنه افتقار البشر إلى فهم عميق على نحو كاف لطبيعتهم. فالناس ليس لديهم فهمٌ أساسيّ أو موضوعي لأنفسهم؛ ولكنهم بدلًا من ذلك يُركِّزون ويُكرِّسون طاقاتهم لمعرفة أفعالهم وكشوفاتهم الخارجيَّة. وحتى لو كان بعض الناس قادرين في بعض الأحيان على التحدث قليلًا عن معرفتهم بأنفسهم، فلن تكون معرفة عميقة للغاية. لم يخطر ببال أحد أنهم أشخاص من نوعٍ معين أو أن لديهم طبيعة معينة لأنهم قاموا بأمورٍ من نوعٍ معين أو كشفوا عن شيء معين. لقد كشف الله طبيعة الإنسان وجوهره، لكن ما يفهمه الناس أن طرقهم في أداء الأشياء وطرقهم في التحدث معيبة وناقصة؛ ونتيجة لذلك، فإن تطبيق الحقّ مُهمَّة شاقَّة نسبيًا بالنسبة إليهم. يعتقد الناس أن أخطاءهم مُجرَّد مظاهر لحظيَّة تنكشف بلا مبالاة بدلاً من كونها كشوفات لطبيعتهم. عندما يفكر الناس بهذه الطريقة، يصعب عليهم معرفة أنفسهم حقًا، كما يصعب عليهم فهم الحق وممارسته. ونظرًا لأنهم لا يعرفون الحق، ولا يتعطشون له، فعندما يطبّقون الحق، فإنهم يتبعون اللوائح بلا مبالاة فحسب. لا ينظر الناس إلى طبيعتهم على أنها سيئة جدًّا، ويعتقدون أنّهم ليسوا سيّئين لدرجة أنه يجب تدميرهم أو معاقبتهم. ولكن وفقًا لمعايير الله، فإن الناس فاسدون على نحو عميق جدًا، ولا يزالون بعيدين عن معايير نيل الخلاص، لأنهم لا يمتلكون سوى بعض الأساليب التي لا يبدو أنها تنتهك الحق ظاهريًا، وفي الواقع لا يطبّقون الحق وليسوا خاضعين لله.
لا تنطوي التغيرات في سلوك الناس أو تصرفاتهم على تغييرٍ في طبيعتهم؛ والسبب في ذلك هو أنه لا يمكن للتغيرات الحادثة في سلوكِ الناس أن تُغيِّرَ مظهرَهم الأصليَّ تغييرًا جذريًا، كما لا يمكنها أن تُغيِّرَ طبيعتهم. وعندما يفهم الناس الحقّ وتكون لديهم معرفةٌ بجوهر طبيعتهم ويكونون قادرين على تطبيق الحقّ، ستصبح ممارستهم عميقة على نحو كاف وليست مجرَّدِ التزام بمجموعة من اللوائح. ولا تزال الطريقة التي يمارس بها الناس الحق اليوم دون المستوى المطلوب، ولا يمكنها تحقيق كل ما يتطلبه الحق بالكامل. لا يمارس الناس إلّا جانبًا من الحق، ويمكنهم تطبيق بعض الحق فحسب عندما يكونون في حالات وظروف معينة؛ ولكن ليست الحال أنهم قادرين على تطبيق الحق في جميع الظروف والمواقف. عندما يكون الشخص، في بعض الأحيان، سعيدًا وحالته جيدة، أو عندما يعقد شركة مع الآخرين ويكون لديه طريقٌ للممارسة في قلبه، فهو قادر مؤقتًا على فعل بعض الأشياء التي تتوافق مع الحقّ. ولكن عندما يعيش مع أشخاصٍ سلبيّين ومع مَن لا يسعون إلى الحقّ، ويتأثَّر بهؤلاء الناس، يفقد طريقه في قلبه ولا يقدر على ممارسة الحقّ. وهذا يُبيِّن أن قامته ضئيلة للغاية، وأنه لا يزال لا يفهم الحقّ حقًا. يوجد بعض الأفراد الذين يمكنهم تطبيق الحقّ في حال تلقِّي التوجيه والإرشاد من الأشخاص المناسبين؛ ولكن في حال تضليلهم وإزعاجهم من قائدٍ كاذب أو ضدّ للمسيح، فإنهم لا يكونون غير قادرين على ممارسة الحقّ فحسب، بل يكونون أيضًا عُرضةً للتضليل لاتّباع هؤلاء الناس. أمثال هؤلاء الناس لا يزالون في خطرٍ، أليس كذلك؟ أمثال هؤلاء الناس، بمثل هذا النوع من القامة، لا يمكنهم تطبيق الحقّ في جميع الأمور والمواقف. فحتَّى إذا مارسوا الحقّ، فلن يحدث ذلك إلَّا عندما يكونون في مزاج جيِّد، أو عندما يسترشدون بالآخرين؛ فبدون وجود شخصٍ صالح يقودهم، سيكونون قادرين في بعض الأوقات على القيام بأشياء تنتهك الحقّ وسينحرفون عن كلام الله. ولماذا يحدث هذا؟ السبب هو أنك لم تتعرف سوى على القليل من حالاتك، وليست لديك معرفة بجوهر طبيعتك، ولم تبلغ بعد قامة التمرد على الجسد وممارسة الحقّ؛ وعلى هذا النحو، فإنك لا تملك زمام التحكُّم بما ستفعله في المستقبل ولا يمكنك ضمان قدرتك على الصمود في أيّ ظروف أو تجربة. أحيانًا تكون في حالة ما، وتستطيع فيها تطبيق الحق، ويبدو أنك تغيّرت قليلًا، إلا أنك تعجز عن تطبيق الحق في ظروف مختلفة. هذا شيء لا إرادي. أحيانًا يمكنك ممارسة الحق، وأحيانًا لا يمكنك ذلك. في لحظة ما، أنت تفهم، وفي اللحظة التالية تشعر بالارتباك. أنت لا تفعل أي شيء سيئ الآن، لكن ربما ستفعل ذلك بعد قليل. هذا يثبت أن الأشياء الفاسدة لا تزال موجودة بداخلك، وإذا كنت غير قادر على معرفة نفسك حقًا، فلن يكون من السهل علاج هذه الأشياء. إذا لم تتمكن من التوصل إلى فهم شامل لشخصيتك الفاسدة، وكان بإمكانك في النهاية فعل أشياء فيها مقاومة لله، فأنت في خطر. وإذا تمكنت من أن تدرك حقيقة طبيعتك وتمكنت من أن تمقتها، فستتمكن من التحكم في نفسك، والتمرد على نفسك، وتطبيق الحق.
لا يولي الناس اليوم أولوية لممارسة الحق والدخول فيه، بل يركزون فقط على فهم الكلمات والتعاليم والتحدث بها، ويظنون أن هذا يكفي لإشباع احتياجاتهم النفسية الخاصة، وعدم الشعور بالضيق أو السلبية. وبغض النظر عن مدى مساعدة عقد الشركات عن الحق لك في ذلك الوقت، فإنك لا تطبق الحق بعدها؛ فما المشكلة هنا؟ المشكلة هي أنك لا تعير انتباهًا إلا لفهم الحق أو الاستماع إليه، لكنك لا تركز على تطبيقه. هل لخّص أحدكم كيفية ممارسة عنصر من عناصر الحق، أو عدد الحالات التي يتعلق بها ذلك العنصر من عناصر الحق؟ كلا! كيف يمكنكم تلخيص هذه الأمور؟ لا بد أن تكونوا قد اختبرتموها بأنفسكم لتلخصوا هذه الأشياء؛ فليس من المجدي عقد شركة عن بعض الكلمات والتعاليم فحسب. هذه أكبر الصعوبات التي يواجهها الإنسان؛ عدم الاهتمام بممارسة الحق. يعتمد مدى قدرة الإنسان على ممارسة الحق من عدمه على مساعيه. بعض الناس يسلّحون أنفسهم بالحق من أجل نشر الإنجيل، والبعض الآخر يسلّحون أنفسهم بالحق من أجل إخبار الآخرين به والتباهي به، وليس من أجل ممارسة الحق وتغيير أنفسهم. الأشخاص الذين يهتمون بهذه الأمور يكافحون من أجل ممارسة الحق. هذه واحدة أخرى من الصعوبات التي يواجهها الإنسان. يقول بعض الناس: "أشعر بأنني الآن قادر على تطبيق بعض الحقائق، وليس الأمر كما لو عاجز تمامًا عن ممارسة أي حقائق. في بعض الظروف، يمكنني أن أفعل أشياءً تتوافق مع الحق، وهو ما يعني أنني أُعتبر شخصًا يمارس الحق ويمتلكه". لقد تغيرت حالتك قليلًا مقارنة بما كنت عليه من قبل، أو عندما بدأت الإيمان بالله لأول مرة. في الماضي، لم تكن تفهم شيئًا قط، ولم تكن تعرف ما هو الحق أو ما هي الشخصية الفاسدة. أما الآن فقد عرفت بعض الأشياء عنهما، ولديك بعض الأساليب الجيدة، لكن هذا ليس سوى جزءًا صغيرًا منك قد تغير، وليس تحولاً حقيقيًا في شخصيتك، لأنك غير قادر على تطبيق حقائق أعظم وأعمق تمس طبيعتك. بالمقارنة بماضيك، فقد تغيرت بالفعل إلى حد ما، لكن هذا التحوُّل ليس سوى تغييرًا ضئيلًا في إنسانيتك؛ فعندما تقارن هذا التغيير بالتغيير في شخصيتك، فأنت بعيد جدًا عن ذلك. أي أنك لم تصل إلى مستوى تطبيق الحق. في بعض الأحيان، يكون الناس في حالة لا يكونون فيها سلبيين، ويكون لديهم طاقة، لكنهم يشعرون أنه ليس لديهم طريق لمعرفة الحق وممارسته، ولا يهتمون بمعرفة كيفية ممارسة الحق. كيف يحدث هذا؟ في بعض الأحيان، لا يمكنك استيعاب الطريق، لذا تتبع اللوائح فحسب، وتظن أنك تمارس الحق، ونتيجة لذلك تظل غير قادر على معالجة الصعوبات التي تواجهك. أنت تشعر في قلبك أنك تمارس الحق وتظهر إخلاصك، وتتساءل لماذا لا تزال المشكلات تظهر. هذا لأنك تتصرف بناءً على نواياك الحسنة، وباستخدام جهودك الذاتية، فأنت لا تطلب مقاصد الله، ولا تتصرف وفقًا لمتطلبات الحق، ولا تلتزم بالمبادئ. ونتيجةً لذلك، تشعر دائمًا بأنك أقل بكثير من معايير الله، وتشعر باضطراب في قلبك، وتصبح سلبيًا دون أن تدرك ذلك. إن رغبات الفرد الذاتية وجهوده الذاتية أبعد ما تكون عن متطلبات الحق، وهي أيضًا مختلفة في طبيعتها. لا يمكن لأساليب الناس الخارجية أن تحل محل الحق، وهي لا تُنَفَّذ بالكامل وفقًا لرغبات الله، في حين أن الحق هو التعبير الحقيقي عن مقاصد الله. بعض الناس الذين ينشرون الإنجيل يفكرون قائلين: "لقد عانيت كثيرًا ودفعت ثمنًا باهظًا، وأنا مشغول طوال اليوم بالتبشير بالإنجيل. كيف يمكنك أن تقول إنني لا أمارس الحق؟" إذًا دعني أسألك: كم عدد الحقائق التي تحملها في قلبك؟ كم من الأشياء التي تفعلها تتوافق مع الحق عندما تبشّر بالإنجيل؟ هل تفهم مقاصد الله؟ إنك لا تستطيع حتى أن تحدد أنت نفسك ما إذا كنت تفعل الأشياء فحسب أم أنك تمارس الحق، وذلك لأنك تركز فقط على استخدام أفعالك لإرضاء الله ونيل استحسانه، ولا تستخدم معيار "إرضاء الله من خلال طلب مقاصده من أجل التوافق مع الحق في جميع الأشياء" لتقييم نفسك. إذا كنت تقول إنك تمارس الحق، فكم تغيرت شخصيتك خلال هذه الفترة؟ إلى أي مدى نمت محبتك لله؟ من خلال تقييم نفسك بهذه الطريقة، سيتضح لقلبك ما إذا كنت تمارس الحق أم لا.
اقتباس 58
ماذا تعرفون عن التغييرات في الشخصيَّة؟ تختلف التغييرات في الشخصية في جوهرها عن التغييرات في السلوك، كما تختلف عن التغييرات في الممارسة – تختلف كلّها في جوهرها. يركِّز معظم الناس بصورةٍ خاصة على السلوك في إيمانهم بالله، ونتيجةً لذلك تحدث بعض التغييرات في سلوكهم. بعد أن يكونوا قد بدأوا يؤمنون بالله، يتوقَّفون عن التدخين والشراب مُفضِّلين التحلِّي بالصبر عندما يعانون الخسارة، ويخضعون لبعض التغييرات السلوكيَّة. يشعر بعض الناس أنهم بمُجرَّد إيمانهم بالله فإنهم يفهمون الحقّ من خلال قراءة كلمة الله ممَّا يجعلهم مُتحمِّسين بشكلٍ خاصّ، ولا يوجد شيءٌ لا يمكنهم التخلِّي عنه أو تحمُّله. ومع ذلك، بعد أن آمنوا لمدة ثماني أو عشر سنوات أو حتى عشرين أو ثلاثين سنة، ولأنه لم يوجد تغيير في شخصياتهم الحياتية، ففي النهاية ينزلقون مرة أخرى إلى الطرق القديمة، ويزداد تكبُّرهم وغرورهم وضوحًا، ويبدؤون في التنافس على السلطة والربح، ويشتهون أموال الكنيسة، ويحسدون أولئك الذين استغلّوا بيت الله. إنهم يتحوَّلون إلى طفيِّلياتٍ وآفات داخل بيت الله، بل وإن بعضهم ينكشف ويُستبعد كقادةٍ كذبة وأضداد للمسيح. فماذا تثبت هذه الحقائق؟ إن التغييرات في مجرد السلوك ليس إلا لا تدوم. إن لم يكن هناك تغيير في موقف الناس تجاه الحياة، فعاجلًا أم آجلًا سيظهرون على حقيقتهم. وهذا لأن التغييرات في السلوك مصدرها الحماسة، وباقترانها بعملٍ ما للروح القدس في ذلك الوقت، يصبح من السهل للغاية بالنسبة إليهم أن يصيروا متحمسين، أو أن تكون لهم مقاصد حسنة لوقت قصير. وكما يقول غير المؤمنين: "إن القيام بعملٍ صالحٍ أمرٌ سهل، لكن الأمر الصعب هو القيام بالأعمال الصالحة مدى الحياة". لماذا يعجز الناس عن القيام بالأعمال الصالحة طوال حياتهم؟ لأن الناس بطبيعتهم خبثاء وأنانيون وفاسدون، فطبيعة المرء هي التي توجّه سلوكه؛ ومهما تكن طبيعة المرء، يَكُنْ السلوك الذي يكشف عنه، ولا يمثل طبيعة المرء سوى ما يُكشف عنه بشكل طبيعي. فلا يمكن أن تدوم الأشياء الزائفة. عندما يعمل الله لخلاص الإنسان، لا يهدف بذلك إلى تزيينه بالسلوك الحسن؛ فالغاية من عمل الله هي تغيير طباع الناس لجعلهم يولدون ثانيةً أشخاصًا جددًا. تسهم دينونة الله وتوبيخه وتجاربه وتنقيته للإنسان في تغيير شخصيته حتى يحقق الخضوع التام لله ويتوصل إلى عبادته بصورة طبيعية. هذا هو هدف عمل الله. إن التصرف الحسن ليس هو بالضبط كالخضوع لله، فضلاً عن أن يكون منسجمًا مع المسيح. ترتكز التغيرات في السلوك على التعاليم، وتتولد من الحماس؛ فهي لا تستند إلى المعرفة الحقيقية بالله، أو إلى الحق، فضلًا عن أن ترتكز على إرشاد من الروح القدس. وبالرغم من قيام الروح القدس أحيانًا بإنارة أو توجيه بعض الأعمال التي يقوم بها الناس، فإن هذا ليس إظهارًا لحياتهم. إنهم لم يدخلوا بعد في وقائع الحقّ، وشخصيَّتهم الحياتيَّة لم تتغيَّر على الإطلاق. وبغض النظر عن مدى صلاح سلوك الشخص، فإنه لا يُثبت أنَّه يخضع لله، أو أنَّه يطبّق الحق. إن التغييرات السلوكيَّة لا تُمثِّل تغييرات في الشخصيَّة الحياتيَّة ولا يمكن اعتبارها إظهارًا للحياة. لذا، عندما ترون بعض الناس قادرين على فعل شيء للكنيسة خلال فترات حماسهم، بل وقادرين على التخلي عن بعض الأشياء، فلا تمدحوهم أو تثنوا عليهم، ولا تقولوا إنهم أناس يمتلكون واقع الحق أو إنهم أشخاص يحبون الله، فقول ذلك خطأ، ومضلّل، ومضرّ بهم. لكن أيضًا، لا تُثبّطوا معنوياتهم؛ بل أرشدوهم إلى الحق وطريق السعي إلى الحياة. أولئك الذين غالبًا ما يكونون متحمسين لديهم عادةً الرغبة في التقدم والتصميم. معظمهم يتوقون إلى الحق، وهم من قدَّرهم الله مسبقًا واختارهم. أولئك ذوو القلوب متقدة الحماس الذين يبذلون طواعيةً في سبيل الله هم غالبًا مؤمنون مخلصون بالله. وأولئك الذين ليسوا مخلصين في بذلهم في سبيل الله ولا يرغبون في القيام بواجبهم ليسوا مؤمنين مخلصين بالله. أولئك الذين هم فاترون في إيمانهم ويسهل أن يصبحوا سلبيين لا يستطيعون الصمود غالبًا. عند مواجهة بعض الصعوبات، يتراجعون، وعند مواجهة الاضطهاد والمِحن، يفرُّون وينكرون إيمانهم. إن ذوي الإيمان والحماس الكبير وحدهم قادرون على الصمود طويلًا، وطلب الحق لحل المشكلات، والدخول تدريجيًا إلى المسار الصحيح للإيمان بالله. أما أولئك أصحاب الإيمان الضئيل والذين يفتقرون إلى الحماس فيجدون صعوبة في اتباع الله حتى النهاية.
إذا كان شخصٌ ما يتَّصف بالعديد من السلوكيَّات الحميدة، فهذا لا يعني أنه يملك وقائع الحقّ. لا يمكنك أن تملك وقائع الحقّ إلّا من خلال ممارسة الحقّ والتصرُّف وفقًا للمبادئ. ولا يمكنك أن تملك وقائع الحقّ إلّا من خلال اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ. يتَّقد بعض الناس بالحماس، ويمكنهم التكلُّم بالتعاليم، واتباع الأنظمة، وأداء العديد من الأعمال الصالحة، ولكن كلّ ما يمكن قوله عنهم هو أنهم يملكون قدرًا ضئيلًا من الإنسانيَّة. وأولئك الذين يمكنهم التكلُّم بالتعاليم ويتبعون الأنظمة دائمًا لا يمكنهم بالضرورة ممارسة الحقّ. فعلى الرغم من أن ما يقولونه صحيحٌ ويبدو خاليًا من المشكلات، فليس لديهم ما يقولونه في الأمور المرتبطة بجوهر الحقّ. ولذلك، بصرف النظر عن مقدار التعاليم التي يمكن أن يتكلَّم بها شخصٌ ما، فهذا لا يعني أنه يفهم الحقّ، وبصرف النظر عن مقدار التعاليم التي يفهمها، فإنهم لا يمكنهم حلّ أيّ مشكلاتٍ. يمكن لجميع المُنظِّرين الدينيّين شرح الكتاب المُقدَّس، ولكن جميعهم يسقطون في النهاية؛ لأنهم لا يقبلون الحقّ الكامل الذي عبَّر عنه الله. يختلف عن ذلك الناس الذين اختبروا تغييرًا في شخصياتهم؛ إذ أنهم قد فهموا الحق، ويُميِّزون كل القضايا، ويعرفون كيف يتصرَّفون وفقًا لمقاصد الله، وكيف يتصرَّفون وفقًا لمبدأ الحق، وكيف يتصرَّفون لإرضاء الله، ويفهمون طبيعة الفساد الذي يكشفون عنه. وعندما تُكشف أفكارهم ومفاهيمهم، فإنَّهم يقدرون على التمييز والتمرد على الجسد. هكذا يظهر التغيير في الشخصية. والمظهر الرئيسي للناس الذين حدث تغير في شخصياتهم هو أنَّهم فهموا الحق بوضوح، وعندما ينفِّذون أمورًا، فإنَّهم يمارسون الحق بدِقَّةٍ نسبيَّة ولا يشكفون عن الفساد في كثيرٍ من الأحيان. وبوجه عام، يبدو الناس الذين تغيَّرَت شخصياتهم بوجه خاص عقلاء وفطنين تمامًا، ونتيجةً لفهمهم للحق، لا يكشفون عن البر الذاتيّ أو التكبّر بنفس القدر. فهم قادرون على أن يروا بوضوح ويميزوا الكثير من الفساد الذي كُشف عنه فيهم، لذلك لا يصيرون متكبِّرين. وهم قادرون على اقتناء إدراك متوازن للمكانة التي ينبغي أن يتخذوها وأي الأشياء ينبغي لهم القيام بها وتعتبر عقلانية، وكيف يكونون أوفياءً لواجبهم، وماذا يقولون وماذا لا يقولون، وماذا يقولون وماذا يفعلون لأي الأشخاص. وهكذا فإن الأشخاص الذين تغيرت شخصياتهم هم عقلاء نسبيًا، وأمثال هؤلاء الأشخاص هم وحدهم من يعيشون حقًا بحسب شبه الإنسان، وبما أنهم يفهمون الحق فهم قادرون دائمًا على قول الأشياء ورؤيتها بحسب الحق، ويتبعون المبادئ في كل ما يفعلونه. لا يخضعون لتأثير أي شخص أو حدث أو شيء ولديهم جميعًا آراؤهم ويمكنهم التمسك بمبادئ الحق. شخصياتهم ثابتة نسبيًا، فهم لا يتقلّبون في رأيهم، وبغض النظر عن ظروفهم، فإنَّهم يفهمون كيف يقومون بواجباتهم بصورة صحيحة وكيف يتصرفون بشكل يُرضي الله. أولئك الذين قد تغيَّرَت شخصياتهم حقًّا لم يُركِّزوا على ما يجب فعله ظاهريًا ليجعلوا الآخرين يحسنون الظن بهم، فقد اكتسبوا وضوحًا داخليًا متعلقًا بما يجب فعله لإرضاء الله. ولذلك قد لا يبدون من الخارج متحمِّسين للغاية أو كأنَّهم قد فعلوا أي شيءٍ مهم، ولكنّ كلّ ما يفعلونه هو ذو معنى وذو قيمة ويحقق نتائج عملية. ومن المؤكد أنّ أولئك الذين قد تغيَّرَت شخصياتهم يمتلكون الكثير من وقائع الحق، وهذا يمكن تأكيده من خلال وجهات نظرهم حول الأمور ومبادئهم في أفعالهم. أمَّا أولئك الذين لم يحظوا بالحقّ فلم يُحقِّقوا أيّ تغييرٍ في الشخصيَّة الحياتية على الإطلاق. كيف يجري بالضبط التغيير في الشخصيَّة؟ لقد أفسد الشيطان البشر إفسادًا شديدًا، فجميعهم يقاومون الله، وجميعهم لديهم طبيعةٌ مقاومة لله. والله يُخلِّص الناس من خلال تحويل أولئك الذين لديهم طبيعة مقاومة لله والذين يمكنهم مقاومة الله إلى أولئك الذين يمكنهم الخضوع لله واتّقاؤه. وهذا معنى أن تكون شخصًا تغيَّرت شخصيَّته. بصرف النظر عن مدى فساد الشخص أو عدد طباعه الفاسدة، ما دام يمكنه قبول الحقّ وقبول دينونة الله وتوبيخه، وقبول مختلف التجارب والتنقيات، فسوف يكون لديه فهمٌ حقيقيّ لله، وفي الوقت نفسه سوف يمكنه رؤية جوهر طبيعته بوضوحٍ. وعندما يعرف نفسه حقًّا، سوف يتمكَّن من كره نفسه والشيطان، وسيكون على استعدادٍ للتمرد على الشيطان وعلى الخضوع لله تمامًا. وبمُجرَّد أن يكون لدى الشخص هذا الإصرار يمكنه طلب الحقّ. فإذا كان لدى الناس معرفةٌ حقيقيَّة بالله، وتطهَّرت شخصيَّتهم الشيطانيَّة، وتأصَّل كلام الله في داخلهم وأصبح حياتَهم وأساس وجودهم، وإذا كانوا يعيشون وفقًا لكلام الله وتغيَّروا تمامًا وأصبحوا أناسًا جددًا – فإن هذا يُعتبر تغييرًا في شخصيَّتهم الحياتيَّة. لا يعني التغيير في الشخصيَّة التمتُّع بطبيعةٍ إنسانيَّة ناضجة ومُتمرِّسة، ولا يعني ذلك أيضًا أنَّ شخصيات الناس الخارجية تكون أكثر وداعة من ذي قبل، وأنَّهم كانوا متكبّرين ولكنهم الآن يتكلمون بالعقلانيَّة، أو أنَّهم لم يعتادوا الاستماع إلى أي شخص ولكن الآن يمكنهم الإصغاء إلى الآخرين قليلًا؛ لا يمكن أن يُقال إن مثل هذه التغييرات الخارجية تحولات في الشخصية. إن التغييرات في الشخصية بالطبع تشمل مظاهر كهذه، ولكن المكوِّن الأهم هو أنَّ حياتهم الداخلية قد تغيَّرَت. والسبب في هذا تمامًا هو أن كلام الله والحقّ قد تأصَّلا فيهم، ويسودان في داخلهم، وقد صارا حياتهم. كما تغيَّرت أيضًا وجهات نظرهم حول الأشياء. يمكنهم أن يدركوا مباشرةً ما يحدث في العالم ومع البشريَّة، وكيف أن الشيطان يُفسد البشريَّة، وكيف أن التنِّين العظيم الأحمر يقاوم الله، وجوهر التنِّين العظيم الأحمر. يمكنهم أن يكرهوا التنِّين العظيم الأحمر والشيطان في قلوبهم، ويمكنهم أن يلجؤوا تمامًا إلى الله ويتبعوه. هذا يعني أن شخصيَّتهم الحياتيَّة قد تغيَّرت، وأن الله ربحهم. التغييرات في الشخصيَّة الحياتيَّة تغييرات أساسيَّة، في حين أن التغييرات في السلوك سطحيَّة. فأولئك الذين حقَّقوا تغييرات في الشخصيَّة الحياتيَّة هم وحدهم الذين ربحوا الحقّ وهم وحدهم الذين ربحهم الله.
يعيش جميع البشر الفاسدون من أجل أنفسهم. اللهم نفسي، وليبحث كل امرء عن مصلحته فقط – وهذا مُلخَّص الطبيعة البشرية. يؤمن الناس بالله لأجل مصالحهم؛ فعندما يتخلون عن أشياء ويبذلون ذواتهم من أجل الله، يكون هذا بهدف الحصول على البركة، وعندما يكونون مخلصين له، يظل هذا من أجل الحصول على الثواب. باختصار، يفعلون ما يفعلونه بغرض التبرك والمكافأة والدخول إلى ملكوت السماوات. في المجتمع، يعمل الناس لمصلحتهم، وفي بيت الله يقومون بواجب لكي يحصلوا على البركة. ولغرض الحصول على البركات، يترك الناس كُلّ شيءٍ ويمكنهم أن يتحمَّلوا الكثير من المعاناة: لا يوجد دليل أكبر من ذلك على الطبيعة الشيطانية للبشر. إن الناس الذين تغيرت شخصياتهم مختلفون؛ فهم يشعرون أن المعنى ينبع من العيش وفقًا للحق، وأن أساس الإنسان هو الخضوع لله واتقاء الله والحيدان عن الشر، وأن قبول إرسالية الله هو مسؤولية طبيعية ومبررة تمامًا، وأن الناس الذين يتممون واجبات الكائن المخلوق هم وحدهم الذين يستحقون أن يُدعوا بشرًا – وإن لم يتمكنوا من محبة الله ورد محبته بمثلها، فإنهم غير مستحقين لأن يُدعوا بشرًا. إنهم يشعرون أن عيش المرء لذاته أمر فارغ، وأنه يجب على الناس أن يعيشوا لإرضاء الله، ولأداء واجباتهم جيدًا، ولعيش حياة ذات معنى، حتى عندما يحين وقت موتهم، سيشعرون بالرضا ولن يشعروا بأي ندم، وأنهم لم يعيشوا عبثًا. يمكن للمرء أن يرى عند مقارنة هذين النوعين من المواقف أن الموقف الأخير يُمثِّل أشخاصًا تبدلت شخصياتهم. إذا تغيرت شخصية المرء الحياتية، ستكون نظرته للحياة قد تغيَّرت بالتأكيد أيضًا. أمام هذه القيم المختلفة، لن يعيش لنفسه مرَّةً أخرى على الإطلاق، ولن يؤمن بالله أبدًا لغرض كسب البركات لنفسه. سوف يكون مثل هذا الشخص قادرًا على القول: "معرفة الله قيّمة. إن مت بعد معرفة الله، فسيكون هذا رائعًا؟ إن كان يمكن أن أعرف الله وأخضع له، وأن أكون قادرًا على أن أعيش حياةً ذات معنى، عندها لن أكون قد عشت عبثًا، ولن أموت نادمًا؛ فليست لديَّ أيَّ شكاوى". لقد تبدل منظور ذلك الشخص للحياة. السبب الرئيسيّ للتغيير في شخصيَّة المرء الحياتية هو لأنه يملك واقع الحقّ، وربح الحق، ولديه معرفة بالله؛ لذلك تتغيَّر نظرة المرء للحياة وتختلف القيم عن ذي قبل. يبدأ التغيير من قلب المرء ومن داخل حياة الفرد؛ وهو بالتأكيد ليس تغييرًا خارجيًا. يترك بعض المؤمنين الجُدد، بعد أن بدأوا يؤمنون بالله، العالم الدنيوي وراءهم. عندما يواجهون غير المؤمنين لاحقًا، لا يكون لدى هؤلاء المؤمنون إلا القليل ليقولوه، ونادرًا ما يتّصلون بأقاربهم وأصدقائهم غير المؤمنين. يقول غير المؤمنين: "لقد تغيَّر هذا الشخص". ثم يُفكِّر المؤمنون: "لقد تبدلت شخصيَّتي الحياتية؛ غير المؤمنين هؤلاء يقولون إنني قد تغيَّرت". هل تبدلت شخصيَّة مثل هذا الشخص بالفعل؟ كلا، لم تتغير. ما يُظهره هي مُجرَّد تغييراتٍ خارجيَّة. لم يحدث أيّ تغييرٍ حقيقي في حياته وتظل طبيعته الشيطانيَّة مُتأصِّلة في قلبه دون أن يمسَّها شيءٌ نهائيًّا. أحيانًا ما يتأثَّر الناس بالحماسة بسبب عمل الرُّوح القُدُس؛ حيث قد تحدث بعض التغييرات الخارجيَّة ويُؤدِّون بعض الأعمال الحسنة. ولكن هذه ليست هي نفسها كإحداث تغيير في الشخصيَّة. إن لم تكن تتمتع بالحقّ، ولم تتغيَّر وجهة نظرك عن الأشياء حتى لدرجة أنها لا تختلف حتَّى عن وجهة نظر غير المؤمنين، وإن لم تتبدَّل نظرتك للحياة وقيمك، وإن لم يكن لديك حتَّى قلب يتقي لله، وهو أقلّ ما يجب أن يكون لديك، فأنت بعيد كل البُعد عن تحقيق تغيير في الشخصية. إن أهم شيء لتحقيق تغيير في الشخصية هو السعي لفهم الله وأن يكون لديك فهم حقيقي له. خُذ بطرس مثالًا. عندما أراد الله تسليمه للشيطان، قال: "حتى لو سلمتني للشيطان، فأنت لا تزال الله. أنت القدير، وكل شيء في يديك. كيف لا أسبّحك على ما تفعله من أشياء؟ لكن ألن يكون من الأفضل لو استطعت أن أعرفك قبل أن أموت؟" شعر أن معرفة الله هي الأهم في حياة الناس؛ فبعد معرفة الله، سيكون أي نوع من الموت مقبولًا، وأي طريقة يتعامل الله بها مع الأمر ستكون مقبولة. شعر أن معرفة الله هي أهم شيء؛ وإذا لم ينل الحق، فلن يرضى أبدًا، لكنه لن يتذمر من الله أيضًا. كان سيكره فقط حقيقة أنه لم يسعَ إلى الحق. بالنظر إلى روح بطرس، فإن سعيه الجاد لمعرفة الله يُظهر أن نظرته للحياة وقِيَمه قد تغيرت. إن توقه العميق لمعرفة الله يُثبت أنه قد عرف الله بحق. ومن ثم، من خلال هذا القول يستطيع المرء أن يرى أن شخصيته قد تغيرت؛ لقد كان شخصًا تحولت شخصيته. في نهاية اختباره، قال الله إنه كان أكثر مَن عرف الله؛ وإنه كان الشخص الذي أحب الله محبة حقيقية. لا يمكن أن تتغير الشخصية الحياتية للإنسان تغييرًا حقيقيًا بدون الحق. إذا كنتم تستطيعون فعليًا السعي إلى الحق ودخول واقع الحق، فعندها فقط يمكنكم تحقيق تغيير في شخصيتكم الحياتية.