17. تجربة خاصة في فترة الشباب
في العام 2002، عندما كنت أبلغ 18 عامًا، قبلت عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. وفي شهر يوليو من العام 2004، اعتقلتني الشرطة أنا والأخ وانغ تشينغ بينما كنا نعظ بالإنجيل في مقاطعة أخرى. في ذلك الوقت، قلت لنفسي: "نحن نعظ بالإنجيل فحسب، ولم نخالف أي قوانين. بالإضافة إلى ذلك، فأنا شاب، ولذلك ربما لن يفعل رجال الشرطة بي أي شيء. ربما سيستجوبونني فقط ثم يطلقون سراحي". ولكن ما حدث خالف توقعاتي، فبعد أن أحضرونا إلى مركز الشرطة، دق ضابط على المنضدة بقوة واستجوبني بوحشية: "ما اسمك؟ أين تعيش؟ من طلب منك المجيء؟ لمن تعظ بالإنجيل؟" وعندما لم أرد، صفعني بقوة على وجهي مرَّتين لدرجة أن الصفعة تسببت في طنين أذنيَّ، وقال إن الوعظ بالإنجيل يعني أننا كنا نخل بالنظام الاجتماعي ونخالف القانون. أغضبني هذا بشدة وقلت لنفسي: "هذا أمر سخيف! نحن نعظ بالإنجيل لأننا نريد أن يكون الآخرون أناسًا صالحين وأن يتبعوا الطريق الصحيح. فكيف يمكنك تسمية ذلك إخلالًا بالنظام الاجتماعي؟" ولكن عندما رأيت مدى شراسة رجال الشرطة، علمت أنه لا جدوى من الجدال معهم، ولذلك لم أتفوه بكلمة على الإطلاق. ولاحقًا، قيدوا أيدينا أنا ووانغ تشينغ بالأصفاد ووضعونا في سيارة شرطة. شعرت بالقلق الشديد أثناء قيادتهم السيارة. كنت خائفًا جدًّا من أن يضربوني ويعذبوني عندما نصل إلى وجهتنا. إن لم أستطع تحمُّل المصاعب وانتهى بي الأمر بأن أصبح مثل يهوذا، فلن أسيء إلى شخصية الله فحسب، بل سأتسبب أيضًا في اعتقال المزيد من الإخوة والأخوات ومعاناتهم من العذاب نفسه مثلي. صلَّيت بصمت إلى الله مرارًا وتكرارًا: "إلهي، أنا خائف جدًّا. أرجو أن تحميني وتمنحني الثقة والقوة". وبعد الصلاة، شعرت بأنني أكثر هدوءًا.
اقتادونا إلى مكتب التحقيق الجنائي بالبلدية. وعندما فتشونا، رأى أحد الضباط أنني أحمل جهاز اتصال (بيجر) وقال إنه لا بد وأنني قائد. عندما سمعت هذا، قلت لنفسي: "إذا اعتقدوا أنني قائد، فإنني أشك في أنهم سيسمحون لي بالمغادرة بسهولة". وعندما رأى ضابط شرطة لقبه تشاو أنني لم أقل شيئًا، قال بابتسامة خالية من أي تعبير: "إذا لم تخبرنا بما تعرفه، فسوف نرى كم من الوقت يمكنك التحمُّل!". وركلني عدة مرَّات وكان يشتمني في أثناء ذلك، ثم لكمني على صدري مما آذاني بشدة وكاد يقطع أنفاسي لبعض الوقت. استمر في لكمي وركلي ودفعني إلى الوراء لمسافة تزيد على المترين وكاد أن يتسبب في سقوطي. تحمَّلت الألم في صمت ولم أتفوه بكلمة واحدة. توقف أخيرًا عندما شعر بالتعب، ثم قال بشراسة: "إن لم تبدأ بالكلام، فسوف نضعك على مقعد التعذيب ونذيقك من كأس هراوتنا الكهربائية!" فشعرت بالخوف الشديد. كنت أتألم بالفعل من الركل واللكم. ولم أعرف ما إذا كان بإمكاني تحمُّل ربطي بمقعد التعذيب والصعق بالكهرباء، فصلَّيت إلى الله بصمت مرارًا وتكرارًا قائلًا: " إلهي، أرجو أن تحرس قلبي وتمنحني الثقة والشجاعة. أريد الاتكال عليك للثبات ولن أكون مثل يهوذا أبدًا". ثم تذكرت بعضًا من كلام الله القدير: "يجب ألا تخاف من هذا وذاك؛ فمهما كانت المصاعب والأخطار التي ربما تواجهها، فأنت قادر على أن تظل ثابتًا أمامي، ولا يعرقلك أي عائق، حتى تُنفَّذ مشيئتي دون أي عرقلة. هذا واجبك...الآن وقت اختباري لك، فهل ستقدم ولاءك لي؟ هل يمكنك أن تتبعني حتى نهاية الطريق بإخلاصٍ؟ لا تخف؛ فَمَنْ ذا الذي يستطيع أن يسد هذا الطريق إذا كان دعمي موجودًا؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل العاشر). الله هو سندي المتين بالفعل، وحياتي بين يديه. وقد سمح الله باعتقالي. كان هذا هو اختبار الله لي. ومهما كان مقدار تعذيب الشرطة لي، سوف أثبت في شهادتي لله. سألني أحد رجال الشرطة عن اسمي وعنواني. قلت لنفسي: "تستضيف عائلتي حاليًا قادة الكنيسة في المنزل. إذا قلت عنواني وذهبت الشرطة لتفتيش منزلنا، فسوف يتعرض أفراد عائلتي والقادة للاعتقال، ولذلك لا يمكنني إخبارهم". عندما رأى أنني لا أقول شيئًا، استشاط غضبًا، ودون أن يتفوه بكلمة أمسك بكتاب كلمة الله وضربني بشدة على وجهي به، ما تسبب في ألم شديد على وجهي، ثم ركلني بوحشية. وفي غضون ذلك، لكمني ضابط شرطة آخر بشدة في صدري. ولم يتوقفا حتى لهثا أنفاسهما. عندما رأى أحدهما أنني ما زلت لا أتكلم، قال: "إنه متعصب بالفعل. احبسه في السجن واجعله يعاني!" عندما سمعت أنني سوف أُسجَن، شعرت بالخوف قليلًا. سمعت أن جميع السجناء يضربون أحدهم الآخر في السجون. إن كنت سأُحتَجز فعلًا، ما نوع التعذيب الذي ينبغي أن أتحمَّله؟ هل سيشوهونني؟ ماذا لو لم أتمكن من التعامل مع الأمر؟ فكرت مليًّا في هذا، لكنني كنت أعرف على الأقل أنني لن أصبح مثل يهوذا ولن أخون الله مهما حدث. أقسمت لله قائلًا: "إلهي! إن قامتي ضئيلة جدًّا ولا يمكنني الثبات بمفردي، لكنني على استعداد للاتكال عليك. أرجو أن تكون معي، وأن تمنحني الإرادة لتحمُّل المعاناة. لن أكون مثل يهوذا أبدًا، ولن أخون إخوتي وأخواتي!" وبعد أن صلَّيت شعرت بالقوة والثقة.
لاحقًا، تظاهر ضابط شرطة في منتصف العمر بالود معي، قائلًا: "انظر إلى نفسك. أنت شاب طويل ووسيم. لماذا لا تجد صديقة حميمة جميلة أو وظيفة مرموقة؟ لماذا تزعج نفسك بالإيمان بالله؟" ثم أخرج خطاب توبة للتوقيع عليه. قرأته وأدركت أن التوقيع عليه سوف يعني أنني كنت أخون الله. لم أستطع التوقيع على ذلك الخطاب! وعندما رفضت التوقيع، ضربني الضابط باستخدام كتاب كلمة الله ذي الغلاف الصلب على صدغي، ما تسبب في طنين أذنيَّ مرَّة أخرى، وظهرت فجأةً كدمة كبيرة على رأسي. بعد تعرضي للضرب هكذا، كان رأسي خدرًا تمامًا ووجهي متورمًا، وكانت ساقاي متقرحتين ومتورمتين بعد أن تعرضتا للركل الشديد. شعرت وكأنني مشلول في جسمي كله، وكان جسمي يتألم بشدة لدرجة أنني استطعت بالكاد حبس دموعي. قلت لنفسي: "إذا واصلت رفض التوقيع على خطاب التوبة، فهل سيضربونني بدرجة أشد؟ هل سيقتلونني؟ ولكن لا يمكنني التوقيع عليه. فالتوقيع على هذا خيانة لله". وفي تلك اللحظة، فكرت في مقطع من كلام الله القدير: "عندما تواجه المعاناة، يجب أن تكون قادرًا على التخلِّي عن الاهتمام بالجسد وعدم التذمّر من الله. عندما يحجب الله نفسه عنك، يجب أن تكون قادرًا على أن يكون لديك الإيمان لتتبعه، وأن تحتفظ بمحبتك السابقة دون أن تسمح لها بأن تتعثَّر أو تتبدَّد. مهما كان ما يفعله الله، يجب أن تخضع لتخطيطه، وتكون مستعدًا للعن جسدك بدلاً من التذمر من الله. عندما تواجهك التجارب، يجب عليك إرضاء الله حتى إن بكيت بمرارةٍ أو شعرت بالتردّد في التخلّي عن شيء تحبه. هذا وحده هو الحب والإيمان الحقيقيان" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أولئك المُزمَع تكميلهم لا بدّ أنْ يخضعوا للتنقية). فهمت أن المشقة والمحنة كانتا اختبارًا لي لمعرفة ما إذا كان لديَّ إيمان حقيقي، وما إذا كان بإمكاني الثبات في شهادتي لله. لقد قال الله إن الإيمان الحقيقي يعني الخضوع لترتيباته في كل بيئة وإرضائه، حتى لو كان هذا يعني تحمُّل العذاب والألم. توجَّب عليَّ أن أعهد بنفسي تمامًا إلى الله، وبصرف النظر عن مقدار المعاناة التي تحمَّلتها، لم يكن بالإمكان الخضوع للشيطان. كنت بحاجة إلى الاتكال على الله والشهادة. ومع وضع هذا في الاعتبار، صلَّيت قائلًا: "إلهي، مهما كانت كيفية ضربهم لي، ولو حتى ضربوني حتى الموت، لن أوقِّع على خطاب التوبة هذا أبدًا". في تلك الليلة، أرسلني رجال الشرطة أنا ووانغ تشينغ إلى مركز الاحتجاز؛ حيث اُحتجزنا بشكل منفصل.
أخذني الضابط المناوب إلى زنزانة. كان يوجد بداخلها أكثر من عشرة أشخاص، وكانت تبدو على وجوههم جميعًا تعبيرات القسوة. بدت الزنزانة مخيفة ومرعبة لدرجة أنني كنت خائفًا بالفعل. قال الضابط للسجناء: "هذا مؤمن بالله. "اعتنوا به" جيدًا". وبمجرد أن أنهى كلامه، جاء سجينان ليضرباني ويركلاني، ثم طلبا مني أن أتجرد من ملابسي. أحضرا خرطومًا وغمرا جسمي بالماء البارد لما يزيد على نصف الساعة، وعندها كنت أرتعش من البرد. ظلا يسألاني عن اسمي وعمن كنت أعظهم بالإنجيل. واصلت الصلاة إلى الله بصمت، طالبًا منه أن يحمي قلبي. لم أقل كلمة واحدة. وفي اليوم التالي ضربوني مرَّة أخرى. أمسك نزيل بشعري وضرب قفاي تجاه الحائط ضربًا شديدًا لدرجة حدوث طنين في أذنيَّ ونزيف في أنفي. وفي وقت لاحق، كانوا "يؤرجحونني"، أي أنهم أجبروني على الانحناء بينما أمسك سجينان بذراعيَّ ودفعاني بقوة تجاه الحائط، مما تسبب في ارتطام رأسي وشعوري بالدوار والإغماء. وقبل أن أتمكن من استعادة وعيي، أمسكوني على الأرض بحيث كان ذراعاي ورائي، بينما أمسك شخص في الأمام بيديَّ وشدني إلى الأمام، وكان شخص آخر يجلس على ظهري ممسكًا بذراعيَّ ويدفعني إلى الأمام. شعرت أن ذراعيَّ كادتا تنخلعان من مكانيهما، فصرخت من الألم. عذبوني لأكثر من عشر دقائق قبل أن يقرروا التوقف عن ذلك. وعندما تركوني أخيرًا، كنت قد فقدت شعوري بذراعيَّ. قلت لنفسي: "هل ذراعاي مشلولتان الآن؟ إذا كانتا كذلك وما زلت شابًّا، فكيف سأعيش في المستقبل؟ لا أعرف ماذا سيفعلون لتعذيبي فيما بعد. هل سيضربونني حتى الموت؟" كلما فكرت في الأمر شعرت بالمزيد من الخوف. ولكنني فكرت حينها في كلام الله القدير: "عندما يكون الناسُ مُستعدين لأن يضحّوا بحياتهم يصبح كلُّ شيء تافهًا، ولا يمكن لأيٍّ كان أن ينتصر عليهم. ما الذي يُمكِنُ أن يكون أكثر أهمية من الحياة؟ وبذلك يصبح الشيطان عاجزًا عن إحداث المزيد في الناس؛ إذ لن يكون هناك ما يمكنه فعله مع الإنسان" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تفسيرات أسرار "كلام الله إلى الكون بأسره"، الفصل السادس والثلاثون). أدركت أن الشيطان يعرف حب الناس للحياة وخوفهم من الموت، ولذلك فإنه يستخدم ضعفنا لمهاجمتنا وإجبارنا على خيانة الله. لم يكن من الممكن أن أنخدع بحيلة الشيطان وأعيش في خزي من أجل الحفاظ على حياتي. فكرت في قديسي العصور الماضية الذين عانوا كثيرًا للوعظ بالإنجيل. فبعضهم تعرض للاعتقال والسجن، وبعضهم ضحوا حتى بحياتهم. وكان شرفًا لي أن أسمع صوت الله في الأيام الأخيرة، وأعظ بالإنجيل، وأشهد لظهور الله وعمله. فحتى لو عذبني هؤلاء الناس حتى الموت، فإنني كنت أتعرض للاضطهاد من أجل الحق. كان هذا شيئًا مجيدًا، وكان يعني أنني لم أحيا حياتي عبثًا. بعد أن أدركت هذا، وجدت القوة في قلبي. ومهما اضطهدوني، سوف أظل ثابتًا ولن أخون الله.
لاحقًا، عندما أحضرني رجال الشرطة للاستجواب، هددوني قائلين: "لا تزال لديك فرصة للاعتراف. أنت سجين سياسي، وإذا لم تعترف فسوف يُحكم عليك بعقوبة. والأشخاص الذين سوف تلتقي بهم في السجن أشرار. سوف تندم على هذا! من الصعب الجزم بما إذا كنت ستخرج حيًّا". بمجرد أن سمعت أنه سوف يُحكم عليَّ، وأنني صُنفت كسجين سياسي، أدركت أن هذه كانت جريمة خطيرة. كم عامًا سأُسجن؟ هل سأضطر إلى قضاء فترة شبابي بأكملها في السجن؟ سمعت من السجناء الآخرين أن أناسًا عديدين في السجن تعرضوا لضرب أفضى إلى الموت. شعرت بالمزيد من القلق. ولم أكن أعرف الأساليب التي قد يستخدمها السجناء لتعذيبي، أو ما إذا كنت سأنجو. وكلما فكرت في الأمر، شعرت بالبؤس. لم أرغب حقًّا في أن يُحكم عليَّ، وكنت أتحرق شوقًا للخروج من ذلك المكان. صلَّيت إلى الله مرارًا وتكرارًا قائلًا: "إلهي! أنا ضعيف جدًّا الآن، ولا أفهم مشيئتك، لكنني أعلم أنني في هذا المكان بإذنك. أرجو أن تنيرني وترشدني لأتمكن من الصمود بثبات". وبعد الصلاة، تذكرت كلام الله القدير: "ربما تتذكرون جميعكم هذه الكلمات: "لِأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا ٱلْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا". كلكم قد سمعتم هذه الكلمات من قبل، لكن أحدًا منكم لم يفهم معناها الحقيقي. أما اليوم فأنتم تدركون تمامًا مغزاها الفعلي. هذه هي الكلمات التي سيحققها الله خلال الأيام الأخيرة، وستتحقق في أولئك الذين اضطُهِدوا بوحشية من قبل التنين العظيم الأحمر في الأرض التي يقطنها ملفوفًا. إنَّ التنين العظيم الأحمر يضطهِدُ اللهَ وهو عدوّه، ولذلك يتعرّضُ الناس في هذه الأرض إلى الإذلال والاضطهاد بسبب إيمانهم بالله، وكنتيجة لذلك، تتحقق هذه الكلمات فيكم أيتها الجماعة من الناس. ولأنه يُبدَأ في أرضٍ تُعارضه، فإن عمل الله كله يواجه عقبات هائلة، كما أن تحقيق الكثير من كلماته يستغرق وقتًا، ومن ثمَّ تتم تنقية الناس كنتيجة لكلمات الله، وهذا أيضًا أحد جوانب المعاناة. إنه لأمرٌ شاقٌ للغاية أنْ ينفذ الله عمله في أرض التنين العظيم الأحمر، لكنه يقوم من خلال هذه الصعوبة بأحد مراحل عمله ليُظهِرَ حكمته وأعماله العجيبة، وينتهزُ هذه الفرصة ليجعل هذه الجماعة من الناس تامة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. هل عملُ الله بالبساطة التي يتصورها الإنسان؟). بعد التأمل في كلام الله، فهمت أنه كان من المفترض أن أعاني من الاضطهاد والمحنة اليوم. كان هذا اضطهادًا من أجل البر وكانت هذه معاناة مع المسيح. وكان الأمر ينطوي على مغزى. أتاح لي الاعتقال والاضطهاد بهذه الطريقة أن أرى بوضوح الجوهر الشرير للتنين العظيم الأحمر. فالتنين العظيم الأحمر عدو لله وشيطان يقاومه. كما أظهر لي هذا الموقف كيف يعمل الله المتجسد ويُخلِّص الناس في بلد التنين العظيم الأحمر. في الحقيقة، إنه عمل صعب للغاية. بوضع هذا في الاعتبار، شعرت بحافز قوي. شعرت أنني لا أستطيع أن أخذل الله. ولو ضربوني حتى الموت، فإنني على استعداد للصمود ثابتًا وإرضاء الله.
بعد أربعة عشر يومًا، رافقني رجال الشرطة مع عدد قليل من الإخوة والأخوات إلى سيارة للشرطة، قائلين إن الحكم علينا بإعادة التأهيل مع الشغل قد صدر، وإنهم سوف ينقلوننا إلى مركز الشغل. وبينما نحن في الطريق إلى هناك، قلت لنفسي: "لا أعرف كم عدد الأعوام التي سأقضيها في مركز الشغل. آمل ألا يكون وقتًا طويلًا حتى أتمكن من المغادرة، والالتقاء بإخوتي وأخواتي قريبًا، والاستمرار في أداء واجبي. كنت في الماضي طائشًا للغاية، ولم أكن أؤدي واجبي بشكل صحيح. عندما أخرج، أعد بطلب الحق وأداء واجبي جيدًا". عندما وصلنا إلى مكتب الأمن العام في البلدية، دخل رجال الشرطة وحصلوا على أحكام إعادة التأهيل مع الشغل، وقرأوها علينا في السيارة. حُكم على العديد من الإخوة والأخوات بالسجن لمدة عام أو عام ونصف، لكن الحكم عليَّ كان ثلاثة أعوام. شعرت بالشلل عند سماع هذا. قلت لنفسي: "ثلاثة أعوام؟ لماذا جاءت عقوبتي أطول من عقوبة الآخرين؟ كيف يمكنني البقاء على قيد الحياة طوال هذا الوقت؟" كان عذابي يفوق الوصف، ولم أستطع قبول هذا. تملكني اليأس، ولكنني عندئذ تذكرت كلام الله القدير: "خلال المرور بالتجارب، من الطبيعي أن يكون الناس ضعفاءَ، أو أن تكون بداخلهم سلبية، أو أن يفتقروا إلى الوضوح بشأن مقاصد الله أو بشأن طريق الممارسة. ولكن عمومًا، يجب أن يكون لك إيمان بعمل الله...يقوم الله بعمل التكميل في الناس، وهم لا يستطيعون رؤية هذا ولا يمكنهم لمسه، وفي ظل هذه الظروف يكون الإيمان مطلوبًا. عندما لا يمكن رؤية شيء ما بالعين المجرَّدة، يكون الإيمان مطلوبًا. حينما لا يمكنك التخلِّي عن مفاهيمك، يكون الإيمان مطلوبًا. عندما لا يكون لديك وضوح بشأن عمل الله، فإن المطلوب هو أن يكون لديك إيمان وأنْ تتَّخذ موقفًا ثابتًا، وتتمسَّك بشهادتك. حينما وصل أيوب إلى هذه النقطة، ظهر له الله وتكلَّم معه. بمعنى أنَّك لن تتمكن من رؤية الله إلَّا عندما يكون لديك إيمان، وسيكمِّلك الله عندما يكون لديك إيمان. إذا لم يكن لديك إيمان، فالله لا يمكنه فعل هذا" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أولئك المُزمَع تكميلهم لا بدّ أنْ يخضعوا للتنقية). بعد أن تأملت كلام الله، فهمت أنه بصرف النظر عن نوعية الظروف البائسة التي واجهتها، أو مدى بشاعتها، لا يمكنني الثبات إلا إذا كنت مؤمنًا بالله. لكنني كنت أفتقر إلى الإيمان بالله. بمجرد أن سمعت أنهم سوف يرسلونني إلى إعادة التأهيل مع الشغل لمدة ثلاثة أعوام، لم أستطع قبول ذلك. حاولت أن أتناقش مع الله واشتكيت إليه. تمنيت أن يكون الحكم أخف، وأن أعاني أقل. أقسمت في الماضي أمام الله أن أتبعه بصرف النظر عن مدى صعوبة الأمور. ولكنني الآن، في مواجهة هذه البيئة التي لا تتوافق مع مفاهيمي، أصبحت سلبيًّا وتذمرت. كنت متمردًا للغاية. ولم أتمكن من الاستمرار على هذا الطريق. كان عليَّ أن أتكل على الله لاختبار البيئة القادمة.
لم أحصل على ما يكفي من الطعام كل يوم في مركز الشغل، وكنت أؤدي عملًا شاقًّا على معدة خاوية. كنت أضطر أحيانًا إلى العمل حتى الساعة الثانية أو الثالثة صباحًا، وإذا قلت كلمة خطأ أثناء العمل أو ارتكبت خطأ، كانوا يضربونني. وفي كل مرَّة أعود فيها من العمل، كنت أتعرض للتعذيب والحبس في غرفة المياه لمدة ساعة تقريبًا. كانت تلك هي الحال على مدار العام. كانت غرفة المياه رطبة جدًّا، وبمرور الوقت تعرض الكثير من الناس للمرض. وأصيب البعض بالجَرب، والبعض الآخر أصيب بالتهاب المفاصل الروماتويدي، وكنت أعاني من طفح جلدي في جسمي كله. كنت أشعر بحكة شديدة كل ليلة لدرجة أنني لم أستطع النوم. فكنت أخدش نفسي كثيرًا لدرجة النزيف وأفتح قشور الجروح الجديدة، فكانت أجزاء من لحمي تنخلع عن جسمي. أخبرت رئيس الحرس أنني بحاجة إلى طبيب، لكنه قال بلا اهتمام: "إنه مجرد طفح جلدي. أنت بخير. فهو لن يعيق عملك". شعرت في ذلك الوقت بالتعاسة التامة. قلت لنفسي: "لقد أصبت بهذه الحالة في مرحلة الشباب. ماذا سأفعل إن لم تختفِ؟ أنا أؤدي عملًا شاقًّا كل يوم، وعليَّ تحمُّل الضربات والإذلال من السجناء. متى سينتهي هذا الألم؟" جعلني التفكير المطول في هذا الأمر أشعر بالمزيد من البؤس. شعرت بالحزن بصفة خاصة عندما رأيت إخوة آخرين محبوسين معًا بحيث كان يمكنهم عقد شركة فيما بينهم ودعم أحدهم الآخر، بينما كنت وحدي مع غير المؤمنين، ولم يوجد من يمكنني التحدث معه. غالبًا ما كنت أنزوي في فراشي ليلًا وأذرف الدموع في صمت. صلَّيت إلى الله: "إلهي، إنني أشعر بضعف شديد هنا. أرجو أن تنيرني لأتمكن من فهم مشيئتك".
عندما خرجنا ذات مرَّة للتمرن، سلمني أخ من فريق آخر علبة صغيرة سرًّا. أخذتها إلى الورشة وفتحتها، وكانت تحتوي على مفكرة بالداخل منسوخ عليها كلام الله. لم أتوقع رؤية كلام الله في السجن، وشعرت بالتأثر والإلهام البالغين. كان نص المقطع كما يلي: "سيغدو الإنسان كاملاً بالكامل في عصر الملكوت. بعد عمل الإخضاع، سيكون الإنسان خاضعًا للتنقية والضيقة. أولئك الذين سينتصرون ويتمسكون بشهادتهم أثناء هذه الضيقة هم الذين سيكملون في النهاية؛ إنهم الغالبون. أثناء الضيقة، يُطلب من الإنسان قبول هذه التنقية، وهذه التنقية هي مثال عمل الله الأخير. هذه هي آخر مرة يُنقى فيها الإنسان قبل اختتام كل عمل تدبير الله، وكل من يتبعون الله يجب عليهم قبول هذا الاختبار النهائي، ويجب عليهم قبول هذه التنقية النهائية. أولئك الذين تكتنفهم الضيقة هم بلا عمل الروح القدس ولا إرشاد الله، ولكن أولئك الذين أُخضعوا بحق ويسعون بحق وراء مشيئة الله بحق سيثبتون في النهاية؛ هم أولئك الذين تمتلكهم البشرية، ويحبون الله بحق. مهما كان ما يفعله الله، هؤلاء الغالبون لن يفقدوا الرؤى، وسيظلون يمارسون الحق دون التقاعس عن شهادتهم. هم الأشخاص الذين سيخرجون نهائيًّا من الضيقة العظيمة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. عمل الله وممارسة الإنسان). تأثرت عند قراءة كلام الله. رأيت أنني في وسط المحنة، كنت بحاجة إلى الإيمان بالله والاتكال عليه للثبات في شهادتي له. كنت بمفردي، ولم يوجد إخوة حولي، وكانت توجد الكثير من الصراعات والمشاق. كان هذا اختبارًا لي، وقد جعلني أرى عيوبي الخاصة وقامتي الحقيقية. كما أتاح لي أن أكون مستقلًّا، وأن أختبر هذه البيئة من خلال الاتكال على الله، وأن أتغلب على المشقة والألم. عندما كنت أشعر بالضعف، كان أخي يساعدني في تمرير كلام الله لي، وقد ألهمني هذا حقًّا. علمت أن هذه كانت محبة الله، وأن الله كان بجانبي دائمًا يحرسني ويحميني. ومع وضع هذا في الاعتبار، وجدت القوة للمضي قُدمًا، وكانت لديَّ الثقة في تحمُّل هذه البيئة.
في العام 2006، أصبت بمرض جلدي مُعدٍ في قدميَّ. كانت أصابع قدميَّ ملتهبة لدرجة أنني لم أستطع المشي. لم تسمح لي الشرطة بالحصول على أي علاج طبي، وأعطتني مرهمًا فقط. ولكن لم يقتصر الأمر على أن المرهم لم يعالج قدميَّ، بل إنه حتى جعل حالتها أسوأ. أحزنني هذا كثيرًا، وشعرت بأن هذا المكان كان بائسًا وكئيبًا جدًّا بحيث لا يمكن تحمُّله. فلا أحد يمكنه أن يتحمَّل هذا. ولكنني تذكرت حينها ترنيمة من كلام الله: "هل قبلتم من قبلُ البركات التي أُعدت لكم؟ هل سعيتم يومًا وراء الوعود التي قُطعت لكم؟ في ظل إرشاد نوري، ستخترقون القبضة الخانقة لقوى الظُّلمة. وفي وسط الظلمة، لن تخسروا إرشاد النور. ستكونون سادة كل شيء، وستكونون غالبين أمام الشيطان. وعند سقوط بلد التنين العظيم الأحمر، ستقفون وسط عدد لا يُحصى من الحشود كبرهان على نصري. ستقفون صامدين دون تزعزع في أرض سينيم. وبسبب المعاناة التي تتحمَّلونها، سترثون بركاتي، وسوف تُشِعّون بنور مجدي في سائر أنحاء الكون" (اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة، ترنيمة الغالبين). بعد أن تأملت في هذه الترنيمة من كلام الله، فهمت مقاصد الله الحسنة. فقصده هو تكميل مجموعة من الناس إلى غالبين في بلد التنين العظيم الأحمر، والذين يمكنهم الهروب من سيادة الشيطان المظلمة ونيل خلاص الله، والذين يتأهلون لدخول ملكوت الله وقبول وعود الله. عندما فكرت في هذا بعناية، أدركت أنه لو لم أختبر التعذيب الوحشي للحزب الشيوعي والمعاملة المهينة في مركز الشغل، لما تمكنت من رؤية الجوهر الشرير لكراهية الحزب الشيوعي لله وعدائه لله، وبالطبع لما نبذته تمامًا من أعماق قلبي. لولا عذاب هذه البيئة البائسة وانكشاف الحقائق، لما أدركت أنني كنت لا أزال أطالب الله. وعندما لم تكن أفعال الله تتوافق مع مفاهيمي، كنت لا أزال أشتكي من الله وأتناقش معه. كانت قامتي ضئيلة للغاية وكان إيماني بالله ضعيفًا جدًّا. ألم أحصل على كل هذه المعرفة وأستفد من هذه البيئة البائسة؟ كانت هذه هي نعمة الله لي! التفكير في محبة الله وخلاصه لي منحني الثقة. فكرت أيضًا في الكيفية التي خسر بها أيوب أولاده، وظهرت قروح على جسمه كله، وتحمَّل الكثير من المعاناة الجسدية، ومع ذلك كان لا يزال يعبد الله دون شكوى. أما المرض البسيط والمعاناة الضئيلة التي تحمَّلتهما فلم يستحقا الذكر مقارنةً بأيوب. يجب أن أطيع الله وأتكل عليه لأثبت في شهادتي له. عندما فكرت في هذا، صلَّيت إلى الله قائلًا: "إلهي، مهما كانت رداءة هذا المكان أو مدى معاناة جسمي، فأنا على استعداد للخضوع. لا أريد أن أكون سلبيًّا فيما بعد. يجب أن أنمو حتى لا تقلق عليَّ".
كان الشيء الوحيد الذي لا يمكنني الاستغناء عنه في الأيام اللاحقة هو الصلاة. كلما تعبت من العمل أو أصبح الألم لا يطاق وشعرت بالسلبية والضعف، كنت أُسرع بالصلاة إلى الله. وتدريجيًّا أصبحت أقوى، وكنت أشعر بالسلبية والضعف بشكل أقل تكرارًا، وتمكنت من مواجهة هذه البيئة التي رتبها الله لي بشكل صحيح. الشكر لله! فخلال تلك الأعوام الثلاثة، تمكنت من تجاوز ذلك الوقت العصيب من خلال الصلاة إلى الله، والاتكال عليه، والاعتماد على إرشاد كلامه.
بعد اختبار هذا كله، أدركت بوضوح أن التنين العظيم الأحمر هو الشيطان، أي إبليس الذي يكره الله ويؤذي الناس ويفسدهم. أما الله وحده فهو محبة، وهو وحده القادر على خلاص الناس. عندما كنت أتعرض للتعذيب، كانت كلمة الله هي التي ترشدني وتمنحني الثقة والقوة، وتُمكنني من التغلب على وحشية الشيطان. كانت هذه البيئة البائسة هي التي جعلت نفسي الصغيرة والجاهلة والضعيفة نفسًا قوية وناضجة ومستقرة، وتعلمت الاتكال على الله والتطلع إليه عندما كنت في محنة. كما جعلتني أرى قدرة الله المطلقة وسيادته، وأن الله كان دائمًا موجودًا من أجلي وإلى جانبي يحرسني ويحميني، وعلى استعداد لإعالتي ومساعدتي في أي وقت. ومهما كان ما قد أواجهه في المستقبل من اضطهاد ومحنة، فأنا عازم على اتباع الله!