13. مواجهة قمع تقرير صادق
عندما كنت قائدة مجموعة سقاية، كانت مارلين هي قائدة الكنيسة التي تشرف على عملي. من خلال تفاعلاتنا، اكتشفت أنها تميل إلى كثرة الكلام دون الفعل فيما يتعلق بتنفيذ العمل. كانت تصيح بشعارات بدلًا من التركيز على تحقيق النتائج، ولم تكن قادرة على علاج المشكلات الحقيقية. لم تقدنا إلى تلخيص المشكلات والانحرافات الموجودة في واجباتنا وإصلاحها، ولم تعقد الشركة حول كلام الله والمبادئ ذات الصلة، أو توضح لنا طريقًا للممارسة. كل ما كانت فعلته هو أن تحاضرنا وتقرِّعنا. عندما كان الإخوة والأخوات يقدمون لها اقتراحات، كانت عادةً لا تقبلها. أشعرتني هذه السلوكيات أنها قد تكون قائدة كاذبة، لذلك أردت أن أتصل برئيستها جيسيكا لأتحدث معها بشأن هذا. لكني بعد ذلك فكرت: "كثيرًا ما تجتمع جيسيكا مع مارلين، وهما تقومان بالكثير من العمل معًا. لا بد أن جيسيكا قادرة على أن ترى في مارلين المشكلات التي أراها أنا. إضافةً إلى ذلك، فإن مارلين مسؤولة عن عمل العديد من المجموعات، وتشرف على أكثر من اثني عشر من قادة المجموعات. ألا يرون مشكلاتها أيضًا؟ بما أن أحدًا منهم لم يبلغ عن أي شيء، فلماذا يجب أن أتحدث؟ ماذا لو كنت مخطئة وقالت جيسيكا إنني متحيزة ضد مارلين وأحاول أن أتصيد لها الأخطاء؟ ربما يجب ألا أخاطر، وبهذه الطريقة لن أقع في أي مشكلة". لكنني فكرت بعد ذلك في كيف أنني تأذيت من القادة الكذبة وأضداد المسيح في الماضي. لم أكن قد أبلغت عنهم على الفور في ذلك الوقت أيضًا، وقد تسببوا في فوضى في عمل العديد من الكنائس، وتأثرت حياة الإخوة والأخوات. إذا لم أبلغ عن مشكلات مارلين على الفور، فسأكون لا أحافظ على مصالح الكنيسة. عندما خطر ببالي هذا الأمر، شعرت ببعض الاضطراب، وفكرت أنَّ عليَّ أن أتحدث إلى الإخوة والأخوات الآخرين وأرى ما لديهم ليقولوه. ذهبتُ إلى الأخ جوردان، وقال إنه أيضًا كان قد اكتشف أن مارلين لا تستطيع حل المشكلات الفعلية، وإنها لا تتابع العمل أو تستفسر عنه، وإنها، فيما يتعلق بالمهارات المهنية، لا ترشد الإخوة والأخوات أو تساعدهم في الدخول إلى المبادئ. قال أيضًا إنها مستبدة وغير منظمة عند إسناد العمل، وإنها غير قادرة على تحديد أولويات المهام. تأثرت كفاءة العمل وفعاليته حقًّا بسبب ذلك، وتأخرت الأمور بشكل خطير. عندما حذرها الآخرون من ذلك، لم تأخذ الأمر على محمل الجد. خلال الاجتماعات، كانت قلَّما تعقد الشركة حول كيفية تأملها، واكتسابها المعرفة بذاتها وممارستها لكلام الله عند مواجهة المشكلات. كانت تتفوه فحسب بكلمات وتعاليم، قائلةً بعض الكلام المعسول، لكن من دون القيام بأي عمل فعلي. عندما سمعت أن جوردان رأى المشكلات نفسها التي كنت أراها، شعرت أنني متيقنة تمامًا من أن مارلين قائدة كاذبة لا تقوم بعمل حقيقي. لو بقيت في منصبها، لجلب ذلك ضررًا كبيرًا على عمل الكنيسة. أدركت أن مشكلات مارلين خطيرة، وأن عليَّ إبلاغ جيسيكا بها على الفور. لكنني تذكرت بعد ذلك أن مارلين تشرف مباشرة على عملي، لذا، لو لم تُعفَ بعد أن تحدثتُ، واكتشفت أنني أبلغت عنها، فقد تصعِّب عليَّ حياتي كثيرًا، أو حتى تعفيني. كنت سأشعر بإذلال كبير إن فقدت منصبي بعد فترة وجيزة من حصولي عليه. يقولون إن "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص"، لذلك قررت أنه لا ينبغي أن أكون أول من يبلغ عن مارلين. قررتُ أنني سأتحدث إلى جوردان وأطلب منه أن يطرح هو الموضوع بدلًا من ذلك، ومن ثمَّ يمكنني دعم تقريره. بهذه الطريقة لن أخاطر بنفسي. لكنني عندما حاولت التحدث إليه، لم أتمكن من إخراج الكلمات فحسب. فكرت أنه ربما يجب أن أنتظر فحسب وأرى ما ستؤول إليه الأمور. لكن الله يرى ما في قلوب الناس وعقولهم، وكنت أشعر بعدم الارتياح بعض الشيء حيال التزامي الصمت. شعرت فحسب أنني مخطئة ومذنبة، فصليت إلى الله طالبة منه أن ينيرني لأفهم ذاتي من خلال هذا الأمر.
ثم قرأتُ فقرة من كلمات الله التي سلطت ضوءًا على حالتي. تقول كلمات الله: "يتمنّى معظم الناس أن يسعوا إلى الحق ويمارسوه، لكنهم، في معظم الوقت، لا يملكون سوى العزم والرغبة لفعل هذا، ولم يصبح الحق حياتهم. ونتيجةً لهذا، فإنهم عندما يواجهون قوى شريرةً أو أشخاصًا أشرارًا وسيئين يقترفون أفعالًا شريرةً، أو قادةً كاذبين وأضداد للمسيح يقومون بأشياء بطريقة تنتهك المبادئ، ما يؤدّي بالتالي إلى إرباك عمل الكنيسة ويؤذي مختاري الله، الذين يخسرون الشجاعة للصمود والتعبير عن آرائهم. ما معنى ألّا تمتلك الشجاعة؟ هل هذا يعني أنّك خجول أو غير فصيح؟ أم أنّك لا تفهمها تمامًا، وبالتالي لا تتمتّع بالثقة بالنفس للتعبير عن آرائك؟ لا هذا ولا ذاك؛ فهذا يرجع أساسًا إلى التقيُّد بالشخصيات الفاسدة، وإحدى الشخصيات الفاسدة التي تكشفها هي الشخصية المخادعة؛ عندما يحدث لك شيء فإن أول ما تفكر فيه هو مصالحك الخاصة، وأول ما تأخذه بعين الاعتبار هو عواقب ذلك، وما إذا كان سيكون مفيدًا لك أم لا. هذه شخصية مخادعة، أليس كذلك؟ والشخصية الأخرى هي الشخصية الأنانية والدنيئة. تعتقد: "ما علاقة خسارة مصالح بيت الله بي؟ أنا لست قائدًا، فلماذا أهتم؟ لا علاقة لي بهذا. إنها ليست مسؤوليتي". مثل هذه الأفكار والكلمات ليست شيئًا تفكر فيه بوعي، ولكنها تنتج عن عقلك الباطن، وهي الشخصية الفاسدة التي يتم الكشف عنها عندما يواجه الناس مشكلة ما. تحكم مثل هذه الشخصيات الفاسدة طريقة تفكيرك، فهي تقيد يديك وقدميك، وتتحكم في ما تقوله. ... وليس لديك أي سلطة على ما تقوله وتفعله، فلا يمكنك قول الحق أو قول ما تعتقده بصدق حتى لو أردت ذلك؛ ولن تتمكن من ممارسة الحق حتى لو أردت ذلك؛ ولن تتمكن من إتمام مسؤولياتك حتى لو أردت ذلك. كل ما تقوله وتفعله وتمارسه هو كذبة، وأنت مجرد شخص لا مبالٍ. أنت مقيد بالكامل ومسيطر عليك من شخصيتك الشيطانية. قد ترغب في قبول الحق وممارسته، لكن الأمر لا يعود إليك. عندما تتحكم فيك شخصيتك الشيطانية، فإنك تقول وتفعل كل ما تطلب منك شخصيتك الشيطانية أن تفعله، فأنت لست سوى دمية لجسد فاسد، لقد أصبحت أداة للشيطان. ... أنت لا تطلب الحق أبدًا، ناهيك عن ممارسته. أنت فقط تصلي باستمرار، وتعقد العزم، وتحدد التطلعات، وتتعهد في قلبك. وما النتيجة؟ إنك تظل ساعيًا لرضى الناس، ولا تبدي استعدادًا للتعامل مع المشكلات التي تواجهها، ولا تهتم بالأشرار عندما تراهم، ولا تستجيب عندما يفعل شخص ما الشر أو يخلق اضطرابًا، ولا تبدي اهتمامًا عندما لا تتأثر شخصيًا. وتفكر في قرارة نفسك: "أنا لا أتحدث عن أي شيء لا يعنيني، ومادام ذلك لا يؤذي اهتماماتي أو كبريائي أو صورتي، فأنا أتجاهل كل شيء دون استثناء، إذ يجب أن أكون حذرًا جدًا، لأن الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص، وأنا لن أفعل أي شيء غبي!" أنت خاضع لسيطرة تامة وثابتة من شخصيتك الفاسدة التي تتسم بالشر والخداع والقسوة والنفور من الحق. لقد أصبح تحملها أصعب عليك من عصابة الرأس الذهبية المشدودة التي يرتديها الملك القرد. إن العيش تحت سيطرة الشخصيات الفاسدة أمر مرهق ومؤلم للغاية!" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). لقد كشفت كلمات الله عن شخصيتي الأنانية والفاسدة المخادعة. رأيت أن مارلين كانت غير مسؤولة إلى أبعد الحدود في واجبها. لم تتمكن من حل المشكلات، أو القيام بعمل حقيقي، أو قبول الحق. كانت مستبدة في واجبها وكان لا بد من القيام بكل شيء على طريقتها. أكدت كل هذه السلوكيات أنها قائدة كاذبة. لو استمرت في منصبها، لأثر ذلك تأثيرًا خطيرًا على عمل الكنيسة وأخَّر دخول الإخوة والأخوات في الحياة. كنت أعلم في قرارة نفسي أنه يجب الإبلاغ عن ذلك على الفور، لكنني كنت أخشى من أنني إن أسأت إليها، فقد تجعلني أندم على ذلك أو تعفيني. فضلتُ أن أترك الضرر يلحق بعمل الكنيسة بدلًا من الإبلاغ عنها، لأحافظ على مصالحي الخاصة. لقد اخترت أن أكون مخادعة وأن أجعل شخصًا آخر يخاطر بنفسه حتى أتمكن من اللحاق بالرَّكب لاحقًا. بهذه الطريقة، إذا وقع شخص ما في ورطة، فلن يكون أنا، ولم أكن لأضطر إلى تحمل أي مخاطر. كنت أعيش بقواعد شيطانية مثل: "اللهم نفسي، وليبحث كل امرء عن مصلحته فقط"، و "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص". لم أكن أفكر إلا في كيفية حماية مصالحي الشخصية، وليس في مصالح الكنيسة أو في كيف أنَّ حياة الإخوة والأخوات قد تتأثر سلبًا. كنت في غاية الأنانية والخداع! دائمًا ما كنت أعتقد أنني أمتلك حسًا بالعدالة وأنني أستطيع أن أحافظ على مصالح الكنيسة، لكن هذا الاختبار أظهر لي أنني إنسانة مخادعة وأنانية تميل مع اتجاه هبوب الريح أيًا يكن. كنت أعيش بفلسفات شيطانية، وقد عجزت عن الإبلاغ عن قائدة كاذبة. كنت أقف إلى جانب الشيطان وأؤذي شعب الله المختار. كنت متواطئة مع قائدة كاذبة. لم يكن بوسعي الاستمرار في التصرف بجبن، وكان عليَّ الإبلاغ عن المشكلات التي رأيتها.
حالما عقدت العزم على إعداد هذا التقرير، طلب منا أحد القادة كتابة تقييمات لمارلين وشريكتها. شعرت بسعادة كبيرة، إذ اعتقدت أن هذا يعني أن القائد كان قد أدرك مشكلات مارلين، وكتبتُ كل سلوكها بتفصيل دقيق. لكن ما أثار دهشتي، هو أن شريكتها هي التي أُعفيت، وتأتى لمارلين أن تستمر في التصرف بصفتها قائدة. بعد بضعة أيام، بدأت مارلين بالبكاء في شركتها، قائلةً: "إنني لا أقوم بعمل فعلي، وإنني قائدة كاذبة وعديمة الإنسانية. أنا لا أحل مشكلات الإخوة والأخوات، بل إنني حتى أقمع الآخرين. الآن لا أحد يجرؤ على تقديم اقتراحات إليَّ. لقد كنت غير مسؤولة بصفتي قائدة كنيسة، وخذلت الله. لقد ارتكبت الكثير من الشرور، وأنا مجرَّدة من الإنسانية. لقد منحتني الكنيسة فرصة لمواصلة القيام بواجبي، لذا يجب أن أتوب. إذا رأى أحدكم أني أعاني من مشكلة، فليخبرني من فضلكم وسأقبل هذا بسرور". كانت تبكي بحزن شديد وهي تتحدث، وبدت صادقة للغاية. تساءلتُ: "أكنتُ مخطئة؟ إنها، رغم كل شيء، ليست عاجزة تمامًا عن قبول الحق. ما كان يجب أن أتوقع منها الكثير جدًا. إذا كانت راغبة في التوبة، فيجب أن تظل قادرة على القيام بعمل جيد. لا يهم إذن، بما أنها لم تُعفَ، يجب أن أبذل قصارى جهدي للعمل معها". فأرسلت لها رسالة مفادها: "لم نفهم صعوباتك. لنعمل معًا ونقوم بواجباتنا بشكل جيد من الآن فصاعدًا". استجابت وطلبت مني الاستمرار في تقديم الاقتراحات والمساعدة لها في المستقبل. كنت متحمسة للغاية، إذ اعتقدت أنها إذا استطاعت أن تقبل الحق وتغير الأمور إلى الأفضل، فقد تكون قائدة جيدة.
فوجئت حقًّا عندما رأيت أنها لم تُجرِ أي تغييرات على الإطلاق. كانت لا تزال تُحدث الكثير من الضجة فحسب، لكنها لا تتعامل مع المشكلات الحقيقية في الاجتماعات. خلال تلك الفترة، ظهرت بعض المشكلات في الشؤون العامة للكنيسة، لكنها لم تتحدث عن بعض الأمور الخارجية إلا في الاجتماعات. لم تعقد الشركة حول كيفية طلب الحق في بيئة من ذلك النوع. كل هذا أبقى الجميع في حالة توتر، ولم يشعر أحد بالراحة في قيامه بواجبه، مما عطل حياة الكنيسة بشكل خطير. بعد أن رأيت كل هذا، ذهبت لمشاركة أفكاري معها. أدهشني أنها قالت لي: "أنتِ من يعاني من مشكلة، يمكن للجميع أن يفعلوا ما أقوله فحسب، عداكِ أنتِ. أنتِ من يتصرف بشكل معطِّل!". شعرت بالسلبية عندما سمعتها تقول ذلك. لم أكن أدري كيف أستمر في واجبي، وكنت متوترة للغاية. كان بإمكاني أن أتجاهل مارلين وأتلقى منها التقريع، أو كان بإمكاني أن أفعل ما قالته لي، وهو ما كان سيجلب المتاعب للإخوة والأخوات الآخرين فحسب. كنت عاجزة حقًّا؛ شعرت وكأنني أختنق. فكرت في الإبلاغ عن مشكلات مارلين إلى جيسيكا، لكنني تذكرت بعد ذلك كيف أنني قد أبلغتُ القيادات العليا عن مارلين في السابق. لم يتعاملوا معها إطلاقًا، وبدلًا من ذلك أعفوا القائدة الأخرى التي قامت فعلًا ببعض العمل الحقيقي. إذا أبلغت عن مارلين مجددًا، فهل سيقولون إنني أثير المتاعب، ويعتقدون أنني من يعاني من مشكلة؟ ماذا لو اتهموني بشيء ما وأعفوني؟ بينما كنت في تلك الحالة، لم أشعر سوى بالظلمة وشعور بالغرق في قلبي، ولم أتمكن من الشعور بحضور الله.
بعد فترة قصيرة، أصدر بيت الله أحد ترتيبات العمل. جاء فيه أنه إذا اكتُشِف في الكنيسة أي قادة وعاملين كذبة لا يقومون بعمل حقيقي، أو أشخاص أشرار أو أضداد للمسيح، فلا بد من كشفهم والإبلاغ عنهم لحماية مصالح الكنيسة. هذه مسؤولية تقع على كل شعب الله المختار. إذا قام قائد أو عامل بقمع أو معاقبة أخ أو أخت بسبب الإبلاغ عنه، فهو ضد للمسيح. يجب أيضًا على كل قائد وعامل أن يوقِّع على تعهد بعدم قمع أي شخص يقدم بلاغًا ضده. شعرت بالفرح والذنب في آن واحد عندما رأيت ترتيب العمل هذا. كنت مسرورة لأن الله يعلم مدى صغر قامتنا وأنه كان يشجعنا على كشف القادة الكذبة وأضداد المسيح. شعرت بالذنب أيضًا لأنني كنت أعلم أنه كان يوجد في الكنيسة قادة وعاملون كذبة، لكنني لم أجرؤ على الإبلاغ عنهم لأنني كنت أخشى أن أُقمع أو يُساء معاملتي، وفضلت أن أترك عمل الكنيسة يعاني بدلًا من ذلك. لم أكن أستحق أن أكون من شعب الله المختار. لذا، تحدثت عن مشكلات مارلين مع اثنتين أخريين من قادة، واتفقتا معي. عقدنا الشركة حول مبادئ تمييز القادة والعاملين الكذبة معًا، وقررنا في النهاية أن مارلين قائدة كاذبة بالفعل، وأن ثمة مشكلة أيضًا مع القيادات العليا التي كانت تحميها. قررنا أن نكتب جميعًا تقريرًا مشتركًا عنها. عندما كتبتُ التقرير بشكل كامل، فإنَّّ القائدتين الأخريين طلبتا مني أن أرسله أولًا وألا أنتظرهما. بدأت أشعر بالقلق مجددًا، من أنه إذا علمت مارلين بالتقرير، فقد تصعِّب عليَّ الأمور. صليت إلى الله وطلبت منه أن ينيرني ويرشدني لأتأمل في ذاتي. بعد ذلك، قرأت هذا في كلمات الله: "فأنتم جميعًا تقولون إنكم تراعون عبء الله وسوف تدافعون عن شهادة الكنيسة. ولكنْ مَنْ منكم راعى عبء الله حقًا؟ سَل نفسك: هل أنت ممن يُظهرون مراعاةً لعبء الله؟ هل بوسعك أن تمارس البِرّ من أجله؟ هل بوسعك أن تقف وتتكلَّم بالنيابة عني؟ هل بوسعك أن تمارس الحق بثباتٍ؟ هل لديك من الشجاعة ما يكفي لتحارب كل أفعال الشيطان؟ هل تستطيع أن تنحّي مشاعرك جانبًا وتفضح الشيطان من أجل حقيقتي؟ هل بوسعك أن تسمح لمشيئتي بأن تُرضى فيك؟ هل قدمتَ لي قلبك في أحرج اللحظات؟ هل أنت شخص يتبع مشيئتي؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الثالث عشر). أعجزتني أسئلة الله عن الكلام. كنت أتحدث دائمًا عن مراعاة مقاصد الله والحفاظ على عمل الكنيسة، لكن عندما رأيت أن مارلين لا تقوم بعمل حقيقي، وأنها تضلل الناس بالتعاليم، وتتصرف مثل ديكتاتور وتتصرف في واجبها على نحو لا يمكن السيطرة عليه، وأن هذا كان له تأثير خطير على حياة الكنيسة، كنت مفرطة في الحذر والتردد. لم أبلغ عنها لأنني أردت حماية نفسي، ولم أجرؤ على اتخاذ موقف ومحاربة قوى الظلام. لم أكن أحافظ على عمل الكنيسة إطلاقًا. كنت أفتقر إلى أدنى ذرة من الضمير أو العقل. كيف كان يمكنني أن أواجه الله؟ كانت كل كلمة من كلام الله بمثابة جرس إنذار لقلبي المخدَّر، وعزمت على التوقف عن حماية ذاتي. كان عليَّ أن أكشفها وأبلغ عنها، حتى لو انتهى بي الأمر إلى أن أُقمع بسبب ذلك، فأرسلت التقرير.
بعد أيام قليلة، في اجتماع لزملاء العمل، كانت مارلين تبكي مرة أخرى، وقدمت عرضًا آخر من "التوبة". قالت: "لقد كنت أعمل ليلًا ونهارًا، لكنني لم أتمكن من الحصول على دعم أي شخص، بل إنه قد أُبلغ عني. هذه هي محبة الله لي، وإنني أعلم أن عليَّ أن أتوقف وأتأمل في ذاتي. إن الإخوة والأخوات يساعدونني بالإبلاغ عني، وقد وقَّعت تعهدًا بألا أقمع أبدًا أي شخص يكتب تقريرًا عني..." لاحقًا، جاءت لتسألني عما إذا كنت أعاني من أي صعوبات في عملي وعن حالتي، ولم تبدُ فظَّة كما كانت في السابق؛ حتى إنها أحضرت لي بعض الطعام. في البداية، افتقرتُ إلى التمييز، معتقدةً أنها ربما تكون قد تابت حقًّا. لكنني فكرت بعد ذلك: "لا يمكنني أن أنخدع بلحظة من اللطف؛ عليَّ أن أنتظر وأرى ما سيحدث. لقد بكت و"تابت" في المرة الأخيرة، لكن بعد ذلك لم يتغير شيء. ربما تعاملني بلطف لأنها تعلم أنني أبلغت عنها. ربما تريدني فحسب أن أقول إنها تغيرت عندما يحقق القائد في تقريري. إنها تضللني، ولا يمكنني أن أقع في فخ الشيطان وأن تخدعني مرة أخرى". عندما خطر ببالي هذا الأمر، سارعتُ بتلاوة صلاة إلى الله طالبةً منه أن يحرس قلبي حتى لا تخدعني دموعها كما حدث في المرة السابقة. لقد فوجئت حقًّا برؤيتها تُسقط قناعها مرة أخرى بهذه السرعة.
بعد بضعة أيام فحسب، كنا نعقد الشركة حول الحقائق المتعلقة بتمييز الناس واستغلت هذه الفرصة لتقول: "لا يمكننا أن نكتفي بعدم لفت الأنظار إلينا واكتساب المعرفة بذواتنا، علينا أن نتعلم أن نميز الآخرين. في الآونة الأخيرة، شجعتنا الكنيسة على كتابة التقارير، وكُشف بعض الأشرار في هذه العملية. لقد وجدوا شيئًا يتهمون به القادة والعاملين ثم استخدموه لمهاجمتهم. علينا أن نكشف هؤلاء الأشرار، وكل "الذباب الصغير" الذي يتبعهم. لا بد أن نحاسب كل شخص شرير وضدٍّ للمسيح". كنت غاضبة بشدة لسماعها تقول ذلك. أدركت أن كل معرفتها المزعومة بالذات زائفة. لم تكن تعرف ذاتها إطلاقًا، وكانت تشير بإصبع الاتهام إلى الأشخاص الذين كتبوا تقارير عنها. ذكَّرني ذلك بفقرتين من كلمات الله: "فأضداد المسيح يُفضِّلون الموت على التوبة. وليس لديهم شعورٌ بالخجل؛ كما أن شخصيتهم فاسدة وشرِّيرة، وينفرون من الحقّ إلى أبعد الحدود. فهل يمكن لشخصٍ ينفر من الحقّ إلى هذا الحد أن يمارسه أو أن يتوب؟ سيكون ذلك مستحيلًا. إن كونه نافرًا من الحق بشكل مطلق هكذا يعني أنه لن يتوب أبدًا" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند الثامن: يجعلون الآخرين يخضعون لهم وحدهم، وليس للحقَّ ولا لله (الجزء الأول)]. "أخبرني، هل يقبل أضداد المسيح التهذيب؟ هل يعترفون بأن لديهم شخصية فاسدة؟ (لا، لا يعترفون بذلك). إنهم لا يعترفون بأن لديهم شخصية فاسدة، ولكن بعد تهذيبهم، يظلّونيتظاهرون بأنهم يعرفون أنفسهم. يقولون إنهم أبالسة وشياطين، مجردون من الإنسانية ومستوى قدراتهم ضعيف، وأنهم غير قادرين على التفكير في الأمور بدقة، وأنهم ليسواأهلًاللمهام التي تُرتبها الكنيسة، وأنهم لم يؤدوا واجباتهم جيدًا. ثم، أمام غالبية الناس، يعترفون بشخصيتهم الفاسدة، ويعترفون بأنهم أبالسة، وأخيرًا، يقولون أيضًا إن الله ينقيهم ويخلصهم، ويوضحون للناس قدرتهم على قبول التهذيب ومدى خضوعهم للحق. ولكنهم لا يذكرون سبب تهذيبهم أو الضرر والخسائر التي سببتها أفعالهم لعمل الكنيسة. إنهم يتجنبون هذه الأمور ويتحدثون بكلمات جوفاء، وتعاليم،وسفسطة، وملاحظات توضيحية تجعل الناس يسيئون تفسير التهذيب الذي يتلقونه من بيت الله على أنه غير مستحق وغير عادل، كما لو أنهم عانوا من ظلم كبير. بعد التهذيب، يظلون غير مُذعنين في قلوبهم، ولا يعترفون بأي من أعمالهم الشريرة العديدةعلى الإطلاق. إذًا، ما كل هذه الكلمات التي عقدواشركة عنها مُعترفين بشخصيتهم الفاسدة، ومُبديناستعدادهم لقبول الحق، وقدرتهمعلى الخضوع للتهذيب؟ هل هذه مشاعرهم الحقيقية؟ كلا بالتأكيد. إنها جميعًاأكاذيب، وادعاءات، وكلمات شيطانية تهدف إلى تضليل الناس وإغوائهم. ما الهدف من تضليلهم للناس؟ (جعل الناس يعبدونهم ويتبعونهم). بالضبط، هو تضليل الناس وإغوائهم باتباعهم والاستماع إليهم، وجعل الجميع يعتقدون أنهم على حق وأنهم صالحون. وبهذه الطريقة، لا يمكن لأحد أن يكشفهم أو يعارضهم. وعلى النقيض، يعتقد الناس أنهم أشخاص يقبلون الحق، ويقبلون التهذيب، وتائبون. لماذا إذًا لا يعترفون بأعمالهم الشريرة أو يعترفون بالخسائر التي تسببوا بهالعمل بيت الله؟ لماذا لا يكشفون هذه الأمور في العلن لتقديم شركة عنها؟ (إذا قالوا هذه الأشياء، سيميزهم الناس). وإذا ميزهم الناس، وعرفوا حقيقتهم، وكشفوا إنسانيتهم وجوهر شخصيتهم، فسوف يتخلون عنهم. هل سيظلونيُخدعون بحيلهم ويُضللون بهم؟ هل سيظلون يحترمونهم كثيرًا؟ هل سيظلون يُشيدون بهم إلى عنان السماء؟ هل سيظلون يعبدونهم؟ لن يفعلوا أيًا من هذا. يتظاهر أضداد المسيح بمعرفة أنفسهم، ولكن في الواقع، كلها سفسطة وتبريراتذاتية، جمعيها لتضليل الناس وكسبتأييدهم، وهذا هو دافعهم الخفي. إنهم يتهربون من الأمور المهمة، ويتحدثون باستخفاف عن معرفتهم بأنفسهم وقبول التهذيب لتضليل الناس وإغوائهم، ولكسب احترامهم وعبادتهم لهم. أليست هذه الطريقة شريرة تمامًا؟ بعض الناس ينخدعون بها بالفعل، وبعد أن يضلّهم أضداد المسيح، يقولون: "هذا الشخص يتحدثجيدًا جدًا؛ لقد ألهمني كثيرًا. لقد بكيت مرات عديدة!" حينئذ، يعبدهمهؤلاء الناس ويحترمونهم بشدة، لكن في النهاية يتبين أنهم أضداد للمسيح؛ هذه هي نتيجة تضليل أضداد المسيح للآخرين وإغوائهم" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. الملحق الخامس: تلخيص خُلُقأضداد المسيح وجوهر شخصيَّتهم (الجزء الثاني)]. إن أضداد المسيح متغطرسون ومغرورون بطبيعتهم بشكل لا يصدق، ولا يقبلون الحق أبدًا. إنهم ينفرون منه ويكرهونه. مهما بلغ عدد ما يختبرونه من إخفاقات مريرة، فإنهم يرفضون أن يتوبوا أو يتغيروا. إنهم ماهرون في تضليل الناس بالأوهام، وهم ماكرون ومخادعون بشكل لا يصدق. لقد نما تمييزي لمارلين من خلال فهم هذا الأمر. عندما أُبلغ عنها، بكت وتحدثت عن معرفة الذات، قائلة إن التقارير كانت محبة الله وإنها ستتأمل في ذاتها. قالت إنها كانت تفتقر إلى الإنسانية وخذلت الله، وتعهدت بالتوبة؛ حتى إنها طلبت المزيد من الملاحظات. لكن كل ذلك كان زائفًا، وكانت كلها أكاذيب تهدف إلى خداع الناس. لقد استخدمت هذه المظاهر الخارجية لتضليلنا، حتى يعتقد الجميع أن بإمكانها القبول بأن تُهذَّب وأنها قادرة على الخضوع للحق. لكنها لم تتطرق قط إلى السلوكيات التي أظهرت أنها قائدة كاذبة، مثل كيف أنها كانت لا تقوم بعمل حقيقي، وكيف أنها كانت مستبدة في واجبها، وكيف أنها أضرت بعمل الكنيسة. لقد قالت فحسب بضع كلمات عن افتقارها للإنسانية، ولم تُشرِّح قط الطرق التي أظهرت بها هذا الافتقار إلى الإنسانية. لم تشارك قط تفاصيل بشأن كيفية اكتسابها المعرفة بشخصيتها الفاسدة، ولم تشهد لبر الله. لذلك كان الناس يتطلعون إليها ويتعاطفون معها، معتقدين أن لها قامة وأنها ستعامل من يبلغ عنها بصورة صحيحة. لم تكن شركتها معرفة حقيقية بالذات بأي حال من الأحوال، بل أرادت فحسب تضليل الناس والحفاظ على دعمهم حتى تتمكن من الاحتفاظ بمنصبها. لكن هذه الواجهة لم تدم طويلًا. حالما أتيحت لها الفرصة، قلبت الأمور على الأشخاص الذين أبلغوا عنها، متخليةً عن قشرتها الخارجية تلك المنافقة والتائبة. لقد صعَّدت الأمور بإدانتها لنا علنًا وأخذها بثأرها. لقد كشف ذلك تمامًا عن ذاتها الحقيقية وكراهيتها للحق وطبيعتها الردية. كانت إنسانة شريرة تكره الحق وتنفر منه في جوهر طبيعتها. لم تكن قائدة كاذبة فحسب، بل كانت تمتلك جوهر ضد المسيح.
اكتشفتُ بعد ذلك أن مارلين وطاقمها كانوا يعدون المواد اللازمة لإخراج جوردان من الكنيسة، والذي كثيرًا ما كان يقدم اقتراحات لمارلين. عندما قالت قائدة أخرى إن جوردان غير مستوفٍ لمعايير الإخراج، زعموا أنها قائدة كاذبة وأعفوها. وجدوا أيضًا أعذارًا لإعفاء قائدتي المجموعة الأخريين اللتين أبلغتا عن مارلين معي. لم أُجنَّب الإعفاء إلا لأن الإخوة والأخوات صوتوا على إبقائي في منصبي. أجرت الكنيسة انتخاباتها السنوية بعد ذلك مباشرة، وفوجئت أن الأشخاص الذين أُبلغ عنهم اُختيروا جميعًا ليكونوا قادة وعاملين مجددًا. وأولئك المقربون منهم، ومنهم الأخت الصغرى لمارلين، جميعهم أيضًا قد تولوا أدوارًا قيادية. كنت أشعر ببعض الارتباك ولم أفهم كيف أمكن أن تصير الأمور على هذا النحو. كان من الجليِّ أنهم تسببوا في إحداث فوضى في عمل الكنيسة، فكيف أمكن أن يُنتخبوا مجددًا بصفتهم قادة وعاملين؟ بدأت أشك حتى في أن الكنيسة مثل العالم العلماني تمامًا، وأن كل شيء بتعلق بالعلاقات والسلطة. عندما فكرت في هذا، ملأ الظلام قلبي وفقدت الدافع للقيام بواجبي. كنت أرغب فحسب في الانزواء إلى حيث لا يمكن لأحد أن يراني. بدأت حتى تتشكل لدي شكوك بشأن بر الله. توقفت إلى حد كبير عن التحدث في الاجتماعات ولم أشارك بأي آراء. كنت حذرة من الجميع وكنت أقوم بواجبي بشكل آلي فحسب. أحيانًا حتى تساءلت: "أيجب أن أتملقهم أيضًا؟ إن اعتذرت، وقلت إنني كنت مخطئة وهدَّأتُ الأمور، فقد ينسون تقريري. بهذه الطريقة، على الأقل، لن أُخرج من الكنيسة".
في أحد الأيام، سمعتُ قراءة لكلمات الله: "إنني أُقدِّر كثيرًا هؤلاء الذين ليس لديهم شكوك نحو الآخرين وأنا أيضًا أُحب كثيرًا الذين يقبلون الحق طوعًا؛ لهذين النوعين من البشر أُبدِي عناية كبيرة، ففي نظري هم أُناس أُمناء. إن كنت مخادعًا جدًا، إذن سيكون لك قلب متحفظ وأفكار مملوءة بالشكّ في جميع الأمور وكل الناس. لهذا السبب، فإن إيمانك بيَّ مبني على أساس الشك، هذا النوع من الإيمان هو إيمان لن أعترف به أبدًا. عندما تفتقر إلى الإيمان الأصيل، ستبتعد أكثر عن الحب الحقيقي. وإن كنت قادرًا على الشك في الله وافتراض تخمينات عنه متى شئتَ، فأنت بلا شك أكثر المخادعين بين البشر. أنت تُخمّن فيما إن كان الله يمكن أن يكون مثل الإنسان: يرتكب خطايا لا تُغتفر، وذو شخصية هزيلة، ويخلو من العدالة والمنطق، ويفتقر إلى الإحساس بالعدالة، ويُسَلَّم إلى تكتيكات دنسة، ومخادع وماكر، وأيضًا يُسَرُّ بالشر والظلمة، وما إلى ذلك. أليس السبب في أن الإنسان لديه أفكار مثل هذه هو أن الإنسان ليس لديه أدنى معرفة عن الله؟ هذا النوع من الإيمان ليس أقل من الخطية! إضافة إلى ذلك، يوجد البعض ممَّنْ يعتقدون بأن الذين يسروني ما هم سوى مخادعين ومتملقين، وأن الذين يفتقرون إلى هذه المهارات لن يحظوا بالترحيب، وسوف يفقدون مكانهم في بيت الله. هل هذه هي كل المعرفة التي جمعتموها خلال هذه السنوات الكثيرة؟ هل هذا هو ما اكتسبتموه؟ ومعرفتكم عني لا تتوقف عند سوء الفهم هذا؛ بل والأسوأ من ذلك هو تجديفكم على روح الله وافتراؤكم على السماء. هذا هو سبب قولي إن مثل هذا النوع من الإيمان الذي يشبه إيمانكم سيجعلكم تضلّون عني أكثر وتتبنون موقفًا أشد معارضة تجاهي. عبر سنوات كثيرة من العمل، رأيتم حقائق كثيرة، لكن هل تعلمون ماذا سمعت أذناي؟ كم واحد بينكم يرغب في قبول الحق؟ جميعكم تعتقدون بأنكم راغبون في دفع الثمن من أجل الحق، لكن كم واحد منكم تألم حقًا من أجل الحق؟ إن كل ما هو في قلوبكم هو ظلم، ومن ثمَّ، تعتقدون أن أي شخص، أيًا كان، هو مُخادع وملتوٍ. بل وتعتقدون بأن الله المُتَجسّد، مثله مثل إنسان عادي، هو بلا قلب عطوف أو حب شفوق. بل وأيضًا، تعتقدون أن الشخصية النبيلة ذا الطبيعة الرحيمة والشفوقة توجد فقط في الإله الذي في السماء. وتعتقدون أن مثل هذا القديس لا يوجد، وأن الظلام والشر وحدهما يسودان على الأرض، بينما الله هو مَنْ يوجه إليه الإنسان اشتياقه نحو الخير والجمال، هو شخصية أسطورية ابتدعها الإنسان. ... أنتم تقدّرون جميع أعمال المسيح من وجهة نظر الأثمة وتقيّمون كل أعماله، وأيضًا هويته وجوهره، من منظور الأشرار. لقد ارتكبتم خطأً فادحًا، وفعلتم هذا الذي لم يفعله قط أولئك الذين أتوا قبلكم. وهو أنكم تخدمون فقط الله المتسامي في السماء المتوّج بتاج على رأسه، ولا تلازمون أبدًا الله الذي تنظرون إليه كإله غير مهم حتى صار غير مرئي لكم. أليست هذه هي خطيتكم؟ أليس هذا مثالاً تقليديًا لتعديكم على شخصية الله؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كيفية معرفة الإله الذي على الأرض). شعرت بالخجل الشديد إذ سمعت دينونة الله. عندما حدثت أمور لا تتفق مع مفاهيمي، لم أطلب الحق، بدلًا من ذلك، شككت في بر الله. كنت أشك في أن ذوي السلطة يحمي بعضهم بعضًا وأن الظلام يسود بيت الله. ألم أكن أشك في أن الله يحب الشر والظلام، مثله مثل البشر؟ لقد كانت هذه طريقة سخيفة للنظر إلى الأمور! إن الله قدوس وبار، والحق والبر يسودان في بيته. على الرغم من أن القادة الكذبة وأضداد المسيح قد يحصلون على ما يريدونه لبعض الوقت بينما هم في الكنيسة، ويتمكنون من تضليل بعض الناس والسيطرة عليهم، فإنهم لن يكسبوا موطئ قدم حقيقي هنا؛ سيكشفهم الله في النهاية ويستبعدهم. يسمح الله لهؤلاء الناس بأن يظهروا في الكنيسة، ليتمكن شعبه المختار من تنمية التمييز الحقيقي، وأن يرى من خلالهم الوجه الشرير للشيطان المقاوم لله، وبعد ذلك يتبرؤون منهم ويتحررون من تضليلهم وسيطرتهم. هذه هي حكمة عمل الله. لكن عندما رأيت الكنيسة يسيطر عليها القادة الكذبة وأضداد المسيح وكيف أنهم كانوا يعاقبون الآخرين ويقمعونهم، أصبحتُ حذرة ومتحفظة، خوفًا من أن يقمعوني أيضًا. كنت خائفة جدًا من التحدث إلى الإخوة والأخوات، رعبًا من أن أقول الشيء الخطأ وأمنح أضداد المسيح شيئًا يستخدمونه ضدي، وبعد ذلك أُعفى أو أُطرد. لأحمي نفسي، فكرت حتى في استخدام فلسفة علمانية في التعاملات الدنيوية والتملق إليهم. كنت في غاية الجبن ولم أتحلَّ بأي شجاعة إطلاقًا. كنت أنكر بر الله، رافضةً الإيمان بأن الحق والمسيح يسودان في بيته. اخترقت قلبي كلمات الله هذه على وجه التحديد: "ومعرفتكم عني لا تتوقف عند سوء الفهم هذا؛ بل والأسوأ من ذلك هو تجديفكم على روح الله وافتراؤكم على السماء. هذا هو سبب قولي إن مثل هذا النوع من الإيمان الذي يشبه إيمانكم سيجعلكم تضلّون عني أكثر وتتبنون موقفًا أشد معارضة تجاهي". كنت أجدِّف على الله وأفتري عليه بآرائي السخيفة. لم أكن أملك أي فهم حقيقي لله في إيماني. بعد أن قمعني أولئك القادة الكذبة وأضداد المسيح، لم أطلب الحق فعليًا لأكتسب التمييز أو أقف وأحارب ضد قوى شر أضداد المسيح، وبدلًا من ذلك شككت في بر بيت الله. كان ذلك شرًا مني! لا يمكن للقادة الكذبة وأضداد المسيح الظهور في الكنيسة إلا بإذن الله. إنه يستخدمهم ليعد لنا درسًا حقيقيًّا، لنتمكن من طلب الحق واكتساب التمييز. كان عليَّ أن أطلب الحق وأتعلم درسي من خلال هذه البيئة. عندما أدركت ذلك، ركعت وصليت إلى الله. قلت: "يا الله، أريد أن أتوب إليك. أرجوك أن تمنحني الإيمان. مهما يكن نوع الموقف الذي أواجهه بعد هذا، فسأتكل عليك لتجاوزه". أحسستُ بشعور من التحرر بعد صلاتي.
ذات يوم، أخبرتني الأخت الصغرى لمارلين أن بعض الإخوة والأخوات قد أبلغوا عني، وتعيَّن عليهم إيقافي مؤقتًا عن واجبي. لم تقل لي سبب الإبلاغ عني، بل أخبرتني أن أتأمل في ذاتي فحسب. قالت أيضًا إنه إذا سألني أي شخص عن سبب إعفائي، فلا يمكنني أن أبوح بأي شيء. حدث كل هذا بشكل مفاجئ للغاية، وكنت أشعر بالارتباك الشديد. صُعقتُ تمامًا وكان ذهني خاويًا. عدت إلى المنزل وجلست هناك في حالة ذهول أفكر وأفكر. أكانوا سيطردونني من الكنيسة؟ عندما أخرجوا جوردان، استغلوا أولًا كبر سنه بوصفه ذريعة ليجعلوه يتوقف عن القيام بواجبه، ثم جمعوا المواد اللازمة لإخراجه. لم يكن لدي أدنى فكرة عما سأفعله إذا استخدموا هذا الأسلوب ضدي أيضًا. كنت خائفة للغاية. كنت أنظر إلى الأمر أحيانًا بدرجة أكبر من التفاؤل، معتقدةً أنه ربما قد أبلغ عني شخص ما بالفعل، وأنه بعد تحقيقهم، قد يسمحون لي بالاجتماع والقيام بواجب مجددًا. ظللتُ أتأرجح جيئةً وذهابًا بين التفاؤل والتشاؤم. شعرت وكأن رأسي على وشك الانفجار. كنت تعيسة، وشعرت وكأن هناك حملًا هائلًا يجثم على صدري. لم أكن أدري كيف أتجاوز ذلك الموقف، ومجددًا كانت تساورني الشكوك حول سيادة الله. سارعتُ إلى الصلاة، طالبةً من الله أن يحرسني لئلا أفقد الإيمان به أو أشك في عمله. كنت أعلم أن الله يسمح بحدوث ذلك لي، وأنه سيكون ذا نفع لحياتي. كنت أرغب في أن أهدأ وأطلب الحق بالفعل. خلال تلك الفترة، قرأت الكثير من كلام الله عن فهم سيادة الله والمرور بالتجارب، وأدركت أن الله يسمح بحدوث كل هذا. مهما بلغت وحشية أحد أضداد المسيح أو أحد من الأشرار، لم يكن باستطاعتهم أن يمسوني بسوء دون إذن الله. لم أتمكن من معرفة ما سيفعله هؤلاء القادة الكذبة وأضداد المسيح، لكن عليَّ أن أتعلم أن أنتظر وأطلب، ويجب، على أقل تقدير، ألا ألقي باللوم على الله أو أسمح للشيطان بأن يستهزئ بي. حتى لو طردوني بالفعل، لم أكن لأتمكن من التخلي عن إيماني، وكان لا يزال عليَّ أن أقوم بواجبي من خلال مشاركة الإنجيل. شعرت بقدر أقل من الضعف والخوف عندما فكرت في الأمر على هذا النحو.
بعد مرور أسبوعين أو نحو ذلك، طلبت مني الأخت الصغرى لمارلين أن أكتب تقييمًا للأخت جين، التي كانت قد أبلغت عن مارلين معي. أدركت أنهم على الأرجح يعدون المواد اللازمة لطردها من الكنيسة، فاستعدت في ذهني بهدوء كل ما حدث بالتفصيل، وكل ما فعلته مارلين والآخرون. شعرتُ وكأنني أملك تمييزًا لهم. قرأت فقرة من كلمات الله: "ما الهدف الرئيسي لضِدِّ المسيح عندما يهاجم أحد المنشقين ويستبعده؟ إنه يسعى إلى تهيئة وضع في الكنيسة بحيث لا توجد آراء مخالفة لآرائه، وتكون سلطته ومكانته القيادية وكلماته مطلقة. يجب على الجميع أن يعيره اهتمامه، وحتى إن كان لديهم اختلاف في الرأي، فيجب عليهم ألا يُعبروا عنه، بل أن يتفاقم في قلوبهم. وأي شخص يجرؤ على الاختلاف مع ضد المسيح علنًا يصبح عدوًّا له، وسوف يفكر ضد المسيح في أي طريقة يستطيع بها جعل مثل هذا الشخص يعاني، ويتلهف إلى التخلص منه. هذه واحدة من الطُرق التي يهاجم بها أضداد المسيح أحد المنشقين ويستبعدونه لتعزيز مكانتهم وحماية سلطتهم. يقولون في أنفسهم: "لا بأس أن تكون لديك آراء مختلفة، ولكن لا يمكنك التنقل والتحدث عنها كما تشاء، فضلًا عن المساومة على سلطتي ومكانتي. إن كان لديك ما تقوله، فيمكنك أن تخبرني به على انفراد. وإن قلت ذلك أمام الجميع وتسببت في إراقة ماء وجهي، فأنت تبحث عن المتاعب، وسوف أضطر إلى التعامل معك". أي نوع من الشخصية هذا؟ لا يسمح أضداد المسيح للآخرين بالتحدث بحرية. وإن كان لدى الآخرين رأي – سواء عن ضد المسيح أو أي شيء آخر – لا يمكنهم طرح الأمر بشكل عشوائي؛ ويجب أن يراعوا ماء وجه ضدِّ المسيح، وإلَّا سيعاملهم كعدو ويهاجمهم ويستبعدهم. أي نوع من الطبيعة هذه؟ إنها طبيعة أضداد المسيح. ولماذا يفعلون هذا؟ فهم لا يسمحون للكنيسة بأن تكون لها أي آراء بديلة، ولا يسمحون بأي منشقين في الكنيسة، ولا يسمحون لمختاري الله بمشاركة الحق علانيةً وتمييز الناس. وأكثر ما يخشونه هو أن يكشفهم الناس ويميزونهم؛ فهم يحاولون باستمرار ترسيخ سلطتهم والمكانة التي يتمتعون بها في قلوب الناس، ويشعرون أنه يجب ألا تتزعزع أبدًا. لا يمكنهم أبدًا التساهل مع أي شيء يهدد كبرياءهم أو سمعتهم أو مكانتهم وقيمتهم كقادة أو يؤثر عليها. أليس هذا مظهرًا من مظاهر الطبيعة الخبيثة لأضداد المسيح؟ إنهم لا يكتفون بالسلطة التي يمتلكونها بالفعل، بل يُعززونها ويُؤمِّنونها ويسعون إلى الهيمنة الأبدية. وهم لا يريدون التحكم في سلوك الآخرين فحسب، بل في قلوبهم أيضًا" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند الثاني: يهاجمون المنشقّين ويستبعدونهم). أدركت من كلمات الله أنه من أجل ترسيخ سلطتهم ومكانتهم في الكنيسة، سيقمع أضداد المسيح كل من يختلف معهم أو يبلغ عنهم، ويعاقبونهم. ألم تكن مارلين وطاقمها يشبهون تمامًا أضداد المسيح الذين وصفهم الله؟ عندما رآهم بعض الإخوة والأخوات بوضوح وأبلغوا عنهم، وجدت عصابة مارلين شيئًا ما لتستخدمه ضدهم وتسببت في إعفائهم. كانوا يراقبون كل من لديه تمييز لهم، وأدانوا كل من عارضهم وطردوه. لقد رتبوا حتى لأقربائهم والأشخاص الذين كانوا يقدِّرونهم ليتولوا مناصب بصفتهم قادة وعاملين. كانوا قد تحالفوا بالفعل لتشكيل فصيل. لقد كانت الأمور أسوأ مما كانت عليه عندما كتبنا ذلك التقرير؛ كانت عصابة حقيقية من أضداد المسيح! إذا لم أبلغ عن أعمالهم الشريرة، فلم يكن عمل الكنيسة وحده هو الذي سيتأثر سلبًا، بل كان جميع الإخوة والأخوات في الكنيسة سيتأثروا بالسلب أيضًا. لكن فكرة الإبلاغ عنهم أخافتني مرة أخرى. فكرت: "إنهم جميعًا يشغلون أدوارًا قيادية، وقد أُعفيت بالفعل وأُوقفت مؤقتًا عن حضور الاجتماعات. إذا أبلغت عنهم مجددًا، فهل سيصدقني الآخرون؟ إذا وضعوا أيديهم على تقريري مثلما فعلوا في السابق، فلن يقتصر الأمر على أنه لن يترتب على ذلك أي خير فحسب، بل إنهم قد يطردونني من الكنيسة. كانت تلك ستكون نهايتي!". بعثت فكرة الطرد قشعريرة في نفسي. لكنني فكرت بعد ذلك في كيف أنهم قد عطلوا بالفعل عمل الكنيسة بشدة، وأنهم لا يزالون في هياجهم لقمع الإخوة والأخوات وإنزال العقاب بهم. لو كنت شديدة الخوف من أن أكتب تقريرًا عنهم، وتركتهم يواصلون الفوضى، فمن يدري كم من المزيد من الإخوة والأخوات كانوا سيعانون. كان ذلك سيكون تعديًّا خطيرًا أمام الله، ومن المؤكد أنه كان سيبغضني وينبذني. قلَّما كنت آكل أو أنام خلال تلك الأيام القليلة. اتصل بي الأخ ماكس لاحقًا وسألني بالضبط عما كتبناه في تقريرنا، وعما كنت أعتقده بشأن الوضع الآن. قلت: "لننتظر ونرى". أجاب: "أتعتقدين أن مارلين ستدعكِ وشأنكِ حقًّا إذا لم تتخذي موقفًا وتبلغي عنها الآن؟ هذه ليست مسألة شخصية، إنها تتعلق بعمل الكنيسة. فكري في الأمر بتأنٍّ". بعد أن أنهيت المكالمة، لم أستطع أن أكفَّ عن التفكير فيما قاله. كنت أشعر بالاختناق الشديد ولم أدرِ ماذا أفعل. في لحظة، كنت أرغب في أن أحارب وأكتب تقريرًا آخر، وفي اللحظة التالية، كنت أفكر في مستقبلي ومصيري، وأقلق من أن أُطرد ومن أنَّ حياتي الإيمانية قد تصل إلى نهايتها. كنت في حالة من الاضطراب الشديد. ثم رأيت فقرة من كلمات الله: "كانت طبيعة الشيطان هي التي تتولى القيادة وتسيطر على الناس من داخلهم، حتى اختبروا عمل الله وفهموا الحق، فما هي الأمور المحددة التي انطوت عليها تلك الطبيعة؟ على سبيل المثال، لمَاذا أنت أناني؟ لمَاذا عليك حماية منصبك؟ لمَاذا لديك مثل هذه المشاعر القوية جدًّا؟ لمَاذا تستمتع بتلك الأمور الآثمة؟ لمَاذا تحب تلك الشرور؟ علام يستند غرامك بهذه الأمور؟ من أين تأتي هذه الأمور؟ لماذا تسعد كثيرًا بقبولها؟ الآن فهمتم جميعًا أن هذه الأمور تعود بالدرجة الأولى إلى سم الشيطان الموجود داخل الإنسان. ما هو إذًا سُمُّ الشيطان؟ وكيف يمكن التعبير عنه؟ على سبيل المثال، إذا سألت قائلًا: "كيف يجب أن يعيش الناس؟ ما الذي يجب أن يعيش الناس من أجله؟" سيجيب الناس: "اللهم نفسي، وليبحث كل امرء عن مصلحته فقط". إن هذه الجملة الواحدة تعبر عن أصل المشكلة. فلقد أصبحت فلسفة الشيطان ومنطقه حياة الناس. بغض النظر عما يسعى إليه الناس، فإنهم يفعلون ذلك من أجل أنفسهم، ومن ثَمَّ يعيشون من أجل أنفسهم فحسب. "اللهم نفسي، وليبحث كل امرء عن مصلحته فقط" – هذه هي فلسفة حياة الإنسان، وهي تمثل الطبيعة البشرية أيضًا. لقد أصبحت تلك الكلمات بالفعل طبيعة البشرية الفاسدة، وهي الصورة الحقيقية لطبيعة البشرية الشيطانية الفاسدة، وقد أصبحت هذه الطبيعة الشيطانية أساس وجود البشرية الفاسدة. عاشت البشرية الفاسدة عدة آلاف من السنين على سُمِّ الشيطان هذا، وحتى يومنا الحاضر" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. كيف تسلك طريق بطرس؟). عندما فكرت في ذلك مليًّا، أمكنني أن أرى أنني حميت نفسي المرة تلو الأخرى ولم أكن أجرؤ على الإبلاغ عن مارلين لأنني كنت أعيش بسموم شيطانية مثل: "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص"، "العقلاء يجيدون حماية أنفسهم ولا يسعون إلا لتجنب ارتكاب الأخطاء"، "اترك الأشياء ما دامت لا تؤثر عليك"، و "اللهم نفسي، وليبحث كل امرء عن مصلحته فقط". لقد ترسخت تلك السموم الشيطانية في أعماق عظامي ودمي؛ لم أكن أفكر إلا في نفسي في كل ما قلته وفعلته، وكنت أنانية ومخادعة بشكل لا يصدق. قبل أن أصبح مؤمنة، لم أُرد قط أن أفعل أي شيء يُسيء إلى شخص ما، سواء كان الأمر يتعلق بالعمل أو بحياتي الشخصية. ظللت أعيش بهذه الفلسفات الشيطانية، حتى بعد انضمامي إلى الكنيسة، حاميةً نفسي في كل مرة بدلًا من ممارسة الحق. كنت أعلم أن مارلين والآخرين كانوا عصابة من أضداد المسيح وأنه كان عليَّ أن أقف إلى جانب الله وأبلغ عنهم. لكنني لم أفكر إلا في مستقبلي ومصيري، دون مراعاة عمل الكنيسة أو حيوات الإخوة والأخوات. كيف كان ذلك شهادة لله؟ كنت أفعل الشر!
بدأت أفكر لاحقًا في سبب خوفي الشديد منهم. هل كان إمكانهم تحديد مصيري؟ ألم يكن مستقبلي ومصيري في يد الله بالكامل؟ ألم تكن حماقةً مني أن أكون بهذا الخوف من قوى شر أضداد المسيح؟ فكرت في كلمات الله: "فإن تعبير الله عن غضبه هو رمز لحقيقة أن كل قوى الشر سوف تختفي من الوجود، كما أنه رمز على أن جميع القوى المعادية ستُدمر. هذا هو تفرد شخصية الله البارة، وتفرد غضب الله. عندما يتم تحدي كرامة الله وقداسته، وعندما تُعاق قوى العدالة ولا يراها الإنسان، فحينها سيرسل الله غضبه. وبالنظر إلى جوهر الله، فإن كل تلك القوى على الأرض التي تناصب الله العداء وتعارضه وتجادله تعتبر شريرة وفاسدة وغير عادلة، وتأتي من الشيطان وتنتمي إليه. ولأن الله عادل، ومن النور وقدوس منزه عن العيوب، فإن كل الأشياء الشريرة والفاسدة والتي تنتمي إلى الشيطان سوف تختفي هندما ينطلق غضب الله" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (2)]. إن بيت الله ليس مثل العالم العلماني؛ إنما يحكمه الله. إنه الحق وهو البار، إنه رمز لكل ما هو مشرق وصالح وجميل. لا يمكن لقوى الشيطان الظلامية والشريرة مثل أضداد المسيح والأشرار أن يكسبوا موطئ قدم حقيقي هنا، وسيلعنهم الله جميعًا ويعاقبهم. لم يكن هناك سبب يدعوني للذعر والقلق الشديدين. إن القادة الكذبة وأضداد المسيح في يد الله أيضًا. حتى لو طردوني بالفعل، لكان هذا أمرًا عليَّ أن أختبره. كنت أعلم أنه لم يعد بإمكاني أن أخاف منهم، وكان عليَّ أن أمارس الحق وأتخذ موقفًا وأبلغ عنهم. لذلك اتصلت بـ جين لأتناقش معها في كتابة تقرير، وأخبرتني أن مارلين وطاقمها كانوا في تلك اللحظة بالذات يجمعون المواد اللازمة لطردي. كنت أعلم بالفعل أنهم على الأرجح سيجدون طريقة لطردي، لكن سماع ذلك في الواقع كان صدمة كبيرة لدرجة أنني تصبَّبت عرقًا باردًا من الذعر. بعد تلك المكالمة، فكرت في فقرة من كلمات الله: "وإذا كانت هناك كنيسة ليس فيها أحد يرغب في ممارسة الحق، ولا أحد يمكنه التمسك بالشهادة لله، فيجب عزل تلك الكنيسة بالكامل، ولا بدَّ من قطع صِلاتها مع الكنائس الأخرى. هذا يسمى "الموت بالدفن"، وهذا ما يعنيه رفض الشيطان إذا كان هناك في إحدى الكنائس عدة متنمرين محليين ويتَّبعهم "الذباب الصغير" الذي لا يملك أي تمييز بتاتًا، وإذا ظل مُصلُّو الكنيسة غير قادرين على رفض قيود هؤلاء المتنمرين وتلاعبهم حتى بعد أن رأوا الحق، فسيتم استبعاد هؤلاء الحمقى في النهاية. قد لا يكون هذا الذباب الصغير قد ارتكب أي فعل شنيع، لكنه أكثر مكرًا ودهاءً ومراوغة، وكل من هم على هذه الشاكلة سيتم استبعادهم. لن يبقى منهم أحد! من ينتمون إلى الشيطان سيرجعون إليه، بينما سيبحث من ينتمون إلى الله بالتأكيد عن الحق؛ هذا أمر تحدده طبائعهم. لِيَفنَ كل من يتبعون الشيطان! لن يتم إبداء أي شفقة على مثل هؤلاء الناس. وليحصل من يسعون إلى الحق على المعونة والتمتع بكلمة الله حتى ترضى قلوبهم. الله بار؛ ولا يُظهر أي تحيز لأحد. إن كنت إبليسًا فأنت غير قادر على ممارسة الحق. وإن كنت شخصًا يبحث عن الحق فبالتأكيد لن تكون أسيرًا للشيطان – لا شك في هذا" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تحذير لمن لا يمارسون الحق). بعد قراءة كلمات الله، تمكنت بالفعل من الشعور بشخصية الله المقدسة والبارة التي لا تتسامح مع أي إساءة من البشر. لم يكن الله ليسمح للقادة الكذبة وأضداد المسيح بأن يعطلوا عمل الكنيسة أو يُلحقوا الأذى بشعبه المختار. إن الله يكره أولئك الذين لا يمارسون الحق أو يدعمون عمل الكنيسة عندما يظهر القادة الكذبة وأضداد المسيح. إذا لم يتب هؤلاء الأشخاص، فمن المحتم أن يُستبعدوا ويُعاقبوا. إذا كنتُ عجزت عن ممارسة الحق عندما واجهت عصابة مارلين من القادة الكذبة وأضداد المسيح، ولم أتخذ موقفًا للإبلاغ عنهم، ألم يكن هذا يعني أنني أقف إلى جانب الشيطان وأسمح لهم بتعطيل عمل الكنيسة؟ إذن سيكون لي أيضًا دور في شرهم! كنت أستمتع بالحق الذي وهبنا الله إياه وآكل وأشرب مما أمدني به، لكن عندما كان أضداد المسيح يعطلون عمل الكنيسة بشكل مسعور ويقمعون شعب الله المختار، لم أحافظ على عمل الكنيسة. كنت أقف إلى جانب العدو. كانت تلك خيانة جسيمة لله، وهو أمر يدينه. تمامًا كما قال الله: "لِيَفنَ كل من يتبعون الشيطان!" حينها فقط شعرت بالخوف الحقيقي. إذا لم أتب، فحتى لو لم أُطرد، لأُدنتُ واستُبعدت جنبًا إلى جنب مع القادة الكذبة وأضداد المسيح. عندما أدركت هذا، أتيت أمام الله لأصلي. قلت: "يا الله، أريد أن أتوب إليك، وأن أتوقف عن المغالاة في الحذر وحماية ذاتي. أريد أن أمارس الحق، وألا أتقيد بقوى الشيطان الظلامية. أريد أن أتخذ موقفًا وأحافظ على عمل الكنيسة. أعلم أنه يتوجب عليَّ أن أبلغ عن أضداد المسيح هؤلاء، وأكتب كل ما أعرفه، حتى لو انتهى بي الأمر إلى أن أُطرد". بعد ذلك، ساعدتني أخت أخرى في توصيل تقريري مباشرةً إلى أحد القيادات العليا. أُجري تحقيق في الأمر، وتقرر أن مارلين والآخرين هم من أضداد المسيح وأُوقفوا عن واجباتهم. لم يستسلموا بعد ذلك وتآمروا سرًّا ليقوموا بمحاولة يائسة أخيرة. لقد حاولوا تضليل الإخوة والأخوات للتستر على الأدلة التي تثبت أفعالهم الشريرة، بل وحتى تجسسوا على الأخت التي كانت تتولى التقرير عنهم. في النهاية، طُردت تلك العصابة بأكملها من الكنيسة، وتمكن الإخوة والأخوات الذين قُمعوا وأُدينوا من أن يعيشوا حياة كنسية طبيعية ويقوموا بواجباتهم مجددًا.
من خلال هذا الأمر برمته، شعرت حقًّا بشخصية الله البارة والمنزهة عن الإهانة، وأدركت أن بيت الله يسوده الحق والله والبر. مهما يبلغ توحش الشيطان أو مهما يبدو قويًا، فإنه يظل مجرد أداة يستخدمها الله ليُكمِّل شعبه المختار. تقول كلمات الله: "نتحدث دائمًا عن مدى شر الشيطان ولؤمه وخبثه، وعن أن الشيطان قد سئم من الحق وأنه يكرهه. هل يمكنك رؤية هذا؟ هل يمكنك رؤية ما يفعله الشيطان في العالم الروحي؟ وفيما يتعلق بكيفية تكلم الشيطان وتصرفه، وموقفه من الحق والله، ومكمن شره، فلا يمكنك أن ترى أيًا من هذه الأشياء. ولذلك، بصرف النظر عن الطريقة التي نقول بها إن الشيطان شرير، وإنه يقاوم الله، وإنه سئم من الحق، فهذا مجرد إعلان في ذهنك، لا توجد صورة حقيقية له. وهذا الإعلان أجوف للغاية وغير عملي، ولا يمكنه أن يكون مرجعًا عمليًا. ولكن عندما يتواصل المرء مع أحد أضداد المسيح، فإنه يرى بمزيد من الوضوح شخصية الشيطان الشريرة الخبيثة وجوهره المتمثل في السأم من الحق، ويكون فهمه للشيطان أشدّ وضوحًا وواقعية. بدون هذه الأمثلة والأحداث الواقعية التي يمكن للناس من خلالها التواصل والنظر، سوف تكون الحقائق التي يفهمها الناس غامضة وجوفاء وغير عملية. ولكن عندما يتواصل الناس تواصلًا فعليًا مع أضداد المسيح والأشرار هؤلاء، يمكنهم أن يروا كيف يفعلون الشر ويقاومون الله، ويمكنهم تحديد طبيعة الشيطان وجوهره. إنهم يرون أن هؤلاء الأشرار وأضداد المسيح هم الشيطان المتجسد؛ أي أنهم الشيطان الحي، إبليس الحي. يمكن أن يكون للتواصل مع أضداد المسيح والأشرار مثل هذا التأثير. عندما يتجسّد الشيطان في صورة شخص شرير أو ضدّ للمسيح، تكون قدرات جسده البشري محدودة، ومع ذلك يستطيع أن يفعل الكثير من الأمور السيئة، ويسبب الكثير من المتاعب، ويكون شريرًا ومراوغًا في أفعاله. لذا، لا بد أن يكون الشرّ الذي يرتكبه الشيطان في العالم الروحي أعظم بمئة أو ألف مرة من مجموع ما يرتكبه جميع الأشرار وأضداد المسيح الذين يعيشون في الجسد. لذا فإن الدروس التي يتعلّمها الناس من خلال الاحتكاك بالأشرار وأضداد المسيح تُساعدهم كثيرًا على تنمية التمييز ورؤية وجه الشيطان بوضوح. إنها تمكّن الناس من أن يتعلّموا التمييز بين الأشياء الإيجابية والسلبية، وما يمقته الله وما يُسرّ به، وما هو الحق وما هو تضليل، وما هو العدل وما هو الخبث، وما الذي يبغضه الله بالضبط وما الذي يحبّه، ومن هم الأشخاص الذين يرفضهم الله ويستبعدهم، ومن هم الذين يستحسنهم ويربحهم. لا فائدة من محاولة فهم هذه الأسئلة من منظور التعاليم وحدها. لا بد للمرء أن يختبر أشياءً كثيرة، لا سيّما التضليل والاضطراب اللذين يسبّبهما الأشرار وأضداد المسيح. لا يستطيع المرء أن يفهم هذه الحقائق العديدة ويتوصل إلى فهم أعمق وأكثر عملية لما يطلبه الله وما يريد أن يربحه إلا إذا كان لديه تمييز حقيقي. ألا يؤدي هذا إلى فهم أعمق لمقاصد الله؟ ألا يمكن أن يجعلك أكثر يقينًا بأن الله هو الحق، وأنه الأجدر بالمحبة؟ (بلى). يجعل الله الناس يتعلمون دروسًا ويكتسبون التمييز في سياق اختبارهم للأمور، وهو بلا شك يدرّب الناس أيضًا، بينما يَكشف كل نوع من الناس. عندما يواجه بعض الناس شخصًا شريرًا أو أحد أضداد المسيح، لا يجرؤون على فضحه أو التعرّف عليه، ولا يجرؤون على الاحتكاك به. إنهم خائفون، ويحاولون فقط تجنّبه، كما لو أنهم رأوا أفعى سامة. هؤلاء الناس جبناء للغاية، فلا يمكنهم أن يتعلموا دروسًا، ولن يكتسبوا التمييز. بعض الناس الذين يواجهون شخصًا شريرًا أو أحد أضداد المسيح لا يبالون بتعلُّم الدروس أو باكتساب التمييز؛ إنهم يتركون تهوّرهم يوجّه تعاملهم معه، وعندما يحين وقت فضح ضدّ المسيح والتعرف عليه، لا يكون لهم نفع ولا يقدرون على فعل شيء عملي. يرى بعض الناس ضدًّا للمسيح يرتكب شرورًا كثيرة، ويشعرون في قلوبهم بنفور منها، لكنهم يشعرون بأنه لا يمكنهم فعل أي شيء على الإطلاق حيال ذلك، وأن أيديهم مغلولة. وبالتالي، يتلاعب بهم ضدّ المسيح بتعسف، ويظلون يتحمّلون ذلك ويستسلمون له. إنهم يسمحون لضدّ المسيح بأن يتصرّف بتهور ويُربك عمل الكنيسة، ولا يبلّغون عنه أو يفضحونه. لقد أخفقوا في مسؤوليتهم وواجبهم كبشر. وباختصار، حينما يعيث الأشرار وأضداد المسيح فسادًا ويفعلون ما يشاؤون، فإن ذلك يكشف الناس من كل نوع، وبالطبع فإنه يُسهم أيضًا في تدريب الذين يسعون إلى الحق ويملكون حسًّا بالعدالة، مما يمكنهم من اكتساب التمييز والبصيرة، ويتعلّمون شيئًا، ويفهمون مقاصد الله من خلال ذلك. أيّ من مقاصد الله يفهمونها؟ إنهم يُحمَلُون على أن يروا أن الله لا يخلّص أضداد المسيح، بل يستخدمهم ببساطة لأداء خدمة، وعندما يُنهون خدمتهم، يكشفهم الله ويستبعدهم، ويعاقبهم في نهاية المطاف، لأنهم أناس أشرار ومن الشيطان. أولئك الذين يخلّصهم الله هم جماعة من الناس، رغم شخصياتهم الفاسدة، يحبّون الأشياء الإيجابية، ويُقرّون بأن الله هو الحق، ويخضعون لسيادته وترتيباته، وإذا ارتكبوا ذنبًا، يقدرون على التوبة الحقيقية. يمكن لهؤلاء الأشخاص أن يقبلوا تهذيبهم، وأن يُدانوا ويُوبَّخوا، بل وأكثر من ذلك، يمكنهم أن يتعاملوا مع الأمر بطريقة صحيحة عندما يفضحهم الآخرون أو يشيرون إلى مشكلاتهم. أيًا كانت الطريقة التي يعمل بها الله، فإن الجماعة التي تقبلها وتخضع لها وتتعلّم منها شيئًا هي التي تتبع الله حقًا، وتختبر عمله، ويربحها الله" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الثامن)]. من خلال قمعي على أيدي أضداد المسيح هؤلاء، رأيت حقيقة كم هم أشرار وقساة بطبيعتهم. سيدينون ويطردون أي شخص لديه تمييز لهم، أو من لا يصغي إليهم أو يبلغ عنهم أو يهدد منصبهم. علاوة على ذلك، هم لا يملكون أي ضمير أو عقل إطلاقًا. مهما يفعلوا من شرور أو كم من الناس يقمعون، مهما يبلغ عدد المرات التي يُهذَّبون فيها ويُكشفون، ليس لديهم ذرة ندم أو توبة. أدركت أن أضداد المسيح ينفرون من الحق ويكرهونه في جوهرهم. إنهم أعداء الله، شياطين تجسدت على الأرض. اختبرتُ أيضًا بشكل شخصي أنه إذا كنت تخشى سلطتهم ولا تجرؤ على كشفهم والإبلاغ عنهم، فسينتهي بك الأمر إلى أن تُقمع وتُعاقب وتُؤذى. عليك أن تقف في صف الله وتستخدم كلامه والحق في محاربتهم. عليك أن تبلغ عنهم وتتبرأ منهم وتطردهم من الكنيسة. ذلك هو السبيل الوحيد للهروب من سلطتهم وسيطرتهم، والانتصار على الشيطان. كان الفضل كله لكلام الله في أنني تمكنت من ربح كل هذا! الشكر لله!