65. إيجاد طريقة لعلاج الكذب
كنت مسؤولة عن عمل السقاية في عدة كنائس. كنت أعلم أن قدرتي على القيام بهذا الواجب هي رفعة الله ونعمته، وأردت أن أقوم بهذا الواجب بشكل جيد لأرد لله محبته. ومع ذلك، ولأنني لم أحمل أي عبء، فقد أخرت العمل. حينها لم أتأمل في ذاتي وكذبت لأحمي سمعتي ومكانتي. رأيت في ضوء الحقائق أنني كنت مخادعة ولست إنسانة جديرة بالثقة.
كانت البيئة مروعة منذ فترة ليست بالقصيرة، واعتُقل العديد من الإخوة والأخوات. كتب لي القائد الأعلى يحثني على الإكثار من عقد الشركة عن حقيقة الرؤى للوافدين الجدد حتى يتمكنوا من فهم عمل الله والصمود في هذه البيئة الرهيبة. عند استلامي هذه الرسالة، عقدتُ على الفور شركة مع السقاة حول التنفيذ، لكنني لم أتابع تفاصيل هذا العمل فيما بعد. رأيت أنه بما أنني كنت قد عقدت شركة مع السقاة، فإنهم سيعقدون شركة مع الوافدين الجدد، وأيضًا، بما أنه لم يُعتقل أحد من الكنائس التي كنت مسؤولة عنها حتى الآن، فلا ينبغي أن تكون هناك أي مشكلات كبيرة. ولكن على نحوٍ غير متوقع، بعد ذلك بوقت قصير، شهدت الكنائس الثلاث التي كنت مسؤولة عنها حملة اعتقالات واسعة النطاق. كتبت لي القائد مجددًا، وسألني عن كم عدد الوافدين الجدد في كل كنيسة ممن كانوا ينتظمون في حضور الاجتماعات، وعدد الذين لم ينتظموا في الاجتماع جرَّاء البيئة الرهيبة، وعدد الوافدين الجدد الذين اعتُقلوا، وكم عدد الذين لم يكن هناك من يسقيهم، وأن أرد بهذه التفاصيل على الفور. دفعني تلقي هذه الرسالة إلى إدراك أنه: "على الرغم من أنني نفذت هذه المهمة، فإنني لم أتابعها بالتفصيل. ليس لديَّ أدنى فكرة عن التفاصيل التي يطلبها القائد، فكيف يُفترض بي الرد؟ ماذا سيظن بي إذا أخبرته بالحقيقة؟ هل سيقول إنني لا أقوم بعمل حقيقي؟ كيف سأتمكن حتى من إظهار وجهي إذا ما هذَّبني؟ لا، لا أستطيع قول الحقيقة". جلست إلى جهاز الكمبيوتر الخاص بي، أفكر مليًّا في خياراتي، ولا أدري كيف أرد، إلى أن خطرت لي أخيرًا فكرة. كتبتُ إلى القائد قائلةً: "لقد نُفذت سقاية الوافدين الجدد عن حقيقة الرؤى وجارٍ متابعتها". هرعتُ بعد ذلك لمتابعة العمل، وفكرت: "عندما يسأل القائد مجددًا، سأقدم له تقريرًا عن الوضع الذي تابعته للتو. وهكذا، لن يعرف أنني كنت غير مسؤولة وأنني لم أتابع سير العمل". لاحقًا، عندما توجهت إلى السقاة بالفعل للوقوف على تفاصيل الوضع، اكتشفت أنه على الرغم من أنهم كانوا قد عقدوا شركة مع الوافدين الجدد، فإنهم لم يحققوا أي شيء، وأيضًا، لم يكونوا واضحين تمامًا بشأن أوضاع الوافدين الجدد. عند معرفتي بهذه الأشياء، أدركت أخيرًا أن هذا كله كان عائدًا إلى أنني لم أحمل أي أعباء ولم أتابع سير العمل فعليًّا، وأن دخول الوافدين الجدد الحياة قد تأخر. لكنني لم أطلب الحق ولم أتأمل في ذاتي رغم ذلك، وبقي الوضع على حاله.
لم يمض وقت طويل حتى رتب القائد الأعلى اجتماعًا معنا للاطلاع على تفاصيل عمل السقاية، وعن عدد الوافدين الجدد الذين كان كل ساقٍ مسؤولًا عنهم، وكيف عالجوا صعوبات الوافدين الجدد ومفاهيمهم، وما إذا كانوا منتبهين في رعاية الوافدين الجدد، وما إلى ذلك. حينها شعرت بالقلق، وفكرت: "آمل ألا يسألني القائد أولًا، فهناك بعض العمل الذي لم أنفذه بالكامل وبضعة تفاصيل سيكون من المحرج للغاية ألا أتمكن من شرحها!". لكن الأشياء سارت حسبما كنت أخشى تمامًا، وسألني القائد أولًا. ومع عدم وجود خيار آخر، اضطررت إلى التظاهر بالهدوء، لكنني في داخلي لم أكن أريد سوى الهرب. قلت لنفسي: "ماذا لو سألني عن الكثير من التفاصيل التي لا أستطيع شرحها، ألن يبدو الأمر وكأنني لم أقم بأي عمل حقيقي؟ سيكون ذلك مهينًا للغاية! أسينظر إليَّ القائد وزملائي الآخرون نظرة احتقار؟". بدأ القائد بطرح بعض الأسئلة، وكدت أن أجد صعوبة في الإجابة عليها واحدًا تلو الآخر، لكن عندما سألني القائد عن سقاية الأخت يانغ فان للوافدين الجدد، أصابني الذعر، وقلت لنفسي: "لا أعرف شيئًا عن عمل يانغ فان مع الوافدين الجدد، لقد انتهى أمري، ماذا يُفترض بي أن أقول؟ إن صدقتُ مع القائد وقلت له إنني لا أدري، فهل سيقول لي: لقد كنتِ مسؤولة عن عمل السقاية لفترة طويلة ولا تعرفين حتى هذه التفاصيل الأساسية، فكيف تقومين بوظيفتكِ؟ ألن يخيب هذا أمل القائد ويجعله ينظر إليَّ باحتقار؟". مع أخذ هذه الأمور في الاعتبار، أبلغت القائد فحسب عن بعض عمل يانغ فان السابق في السقاية. دفعني الشعور بالذنب والقلق من قولي هذا إلى أن يخفق قلبي، وشعرت بحرارة في وجهي. على الرغم من أنني قد تمكنت من شق طريقي بالخداع وحماية سمعتي ومكانتي، فقد كان يملؤني شعور بالاتهام وألم لا يمكن وصفهما، "ألست أكذب بوقاحة فحسب؟ يا لي من منافقة!". في تلك الليلة، استلقيت في الفراش، وأنا أتقلب، عاجزةً عن النوم، ويملؤني الندم على الأكاذيب التي قد تفوهت بها. لكن ما قيل قد قيل، وقد قيل، وكما الماء المسكوب، لا يمكن استعادته، وكان قد فات أوان المصارحة والمكاشفة. إذا علم القائد بالأمر، فهل سينعتني بالإنسانة المخادعة؟ جالت هذه الأفكار في رأسي، ولم أتمكن من استجماع شجاعتي للمصارحة. شعرت أنني كنت بلا نزاهة وكرامة، وكنت أشبه بمنافقة حقيقية. كان قلبي يخفق من القلق، كما لو كنت أشعر باضطراب في معدتي، وظللت أسائل نفسي فحسب: "لمَ لم أتمكن من إخبار القائد بالحقيقة؟ ما الفائدة من هذا الخداع؟". كلما أمعنت التفكير في الأمر، شعرت أنني مذنبة أكثر، فصليت إلى الله في قلبي: "يا إلهي! حينما سألني القائد عن تفاصيل العمل اليوم، كان من الواضح أنني لم أكن أعرف، ولكن بسبب خوفي من احتقار الناس لي ومن فقدان ماء وجهي، كذبتُ بوقاحة لأخدع القائد. يا إلهي! إنني مخادعة جدًّا، أرجوك امنحني الشجاعة لأكون نقية وصريحة وأعيش بصفتي إنسانة صادقة".
ذات يوم، شاهدت مقطع فيديو لشهادة اختبارية بعنوان الألم الناجم عن اختلاق الأكاذيب، كانت هناك فقرة من كلمات الله في هذا الفيديو أثرت فيَّ بشدة. يقول الله القدير: "كثيرًا ما يتحدَّث الناس بترهات وأكاذيب ويقولون أشياء جاهلة وحمقاء ودفاعية، في حياتهم اليومية. أغلب هذه الأشياء تُقال من أجل الغرور والكبرياء، لإرضاء الأنا. ويكشِف التحدُّث بمثل هذه الأكاذيب عن شخصياتهم الفاسدة. ... لقد صارت أكاذيبك كثيرة جدًّا. كل كلمة تقولها مغشوشة وغير صادقة، ولا يمكن اعتبار أيها حقيقية أو صادقة. مع أنك لا تشعر بأنك فقدت ماء وجهك عندما تكذب، فإنك تشعر بالخزي في أعماقك. يلومك ضميرك وتكون صورتك في عينيِّ نفسك متدنية، وتفكِّر: "لماذا أعيش مثل هذه الحياة المثيرة للشفقة؟ هل قول الحقِّ صعب إلى هذه الدرجة؟ أيجب أن ألجأ إلى الأكاذيب من أجل كبريائي؟ لماذا حياتي مُرهِقة للغاية؟" ليس عليك أن تعيش حياة مرهِقة. إذا تمكنت من ممارسة كونك شخصًا صادقًا، ستكون قادرًا على عيش حياة مسترخية وحرة ومتحررة. ومع ذلك، فقد اخترتَ الحفاظ على كبريائك وغرورك بقول الأكاذيب. وبالتالي، تعيش حياة مرهِقة وبائسة، وهذا ما جنيتَه على نفسك. قد يربح المرء شعورًا بالفخر من خلال الكذب، ولكن ما هذا الشعور بالفخر؟ إنه مجرد شيء فارغ، بلا قيمة إطلاقًا. الكذب يعني بيع الشخصية والكرامة. إنه يجرِّد المرء من كرامته وشخصيته، ويجعل الله غاضبًا ويمقت ذلك. هل هذا جدير بالاهتمام؟ كلا. هل هذا هو المسار القويم؟ كلا، ليس كذلك. يعيش الأناس الذين يكذبون كثيرًا حسب شخصياتهم الشيطانية؛ إنهم يعيشون تحت نفوذ الشيطان. إنهم لا يعيشون في النور، ولا يعيشون في محضر الله. إنك تفكِّر باستمرار في كيفية الكذب، وبعد أن تكذِب، عليك أنْ تفكِّر في كيفية التستُّر على تلك الكذبة. وعندما لا تتستَّر على الكذبة جيدًا بما فيه الكفاية وتُكشَف، عليك أن تقدح زناد فكرك لمحاولة تسوية التناقضات وجعل الأمر معقولًا. أليس العيش بهذه الطريقة متعبًا؟ إنه مرهق. هل يستحق ذلك؟ لا، لا يستحق كل هذا العناء. قدْحُ زناد العقل للكذب ثم التستر على الكذب، كل ذلك من أجل الكبرياء والغرور والمكانة، ما معنى ذلك؟ أخيرًا، تتفكَّر وتفكِّر في نفسك: "ما المغزى من ذلك؟ إن قول الأكاذيب والاضطرار إلى التستُّر عليها أمر مرهق للغاية. لن ينجَح التصرف على هذا النحو؛ سيكون الأمر أيسر لو صرتُ شخصًا صادقًا". إنك ترغب في أنْ تصير شخصًا صادقًا، لكن لا يمكنك التخلي عن كبريائك وغرورك ومصالحك الشخصية. لذلك، لا يمكنك اللجوء إلا إلى الكذب لدعم هذه الأشياء. سوف تتحمل صعوبات مختلفة من أجل ممارسة الحق إذا كنت شخصًا يحب الحق. حتى لو كان ذلك يعني التضحية بسمعتك ومكانتك واحتمال سخرية الآخرين وإذلالهم، فلن تمانع؛ ما دام بوسعك ممارسة الحق وإرضاء الله، فهذا يكفي. أولئك الذين يحبِّون الحق يختارون ممارسته وأن يكونوا صادقين. وهذا هو المسار القويم وهو مسار يباركه الله. إذا كان الإنسان لا يحِب الحق فماذا يختار؟ إنه يختار استخدام الأكاذيب للحفاظ على سمعته ومكانته وكرامته وشخصيته. إنه يفضِّل أنْ يكون مخادعًا، وأن يمقته الله ويرفضه. مثل هؤلاء الناس يَرفضون الحق ويَرفضون الله. إنهم يختارون سمعتهم ومكانتهم؛ يريدون أن يكونوا مخادعين. إنهم لا يهتمون بمسرة الله ولا إن كان سيخلصهم. هل لا يزال بإمكان الله تخليص مثل هؤلاء الناس؟ بالتأكيد لا، لأنهم اختاروا الطريق الخطأ. لا يمكنهم العيش إلا بالكذب والغش. لا يمكنهم إلا أن يعيشوا حياة مؤلمة من قول الأكاذيب والتستر عليها وقدح زناد فكرهم للدفاع عن أنفسهم كل يوم. إذا كنتَ تظن أنَّ بوسع الأكاذيب دعم السمعة والمكانة والغرور والفخر الذي ترغب فيه، فأنت مخطئ تمامًا. في الواقع، من خلال الكذب، لا تفشل فحسب في الحفاظ على غرورك وكبريائك، وكرامتك وشخصيتك، بل والأخطر من ذلك أنك تفوِّت فرصة ممارسة الحق وأن تكون شخصًا صادقًا. حتى لو تمكنتَ من حماية سمعتك ومكانتك وغرورك وكبريائك في تلك اللحظة، فقد ضحيتَ بالحق وخنتَ الله. هذا يعني أنك فقدت تمامًا فرصتك في أن يخلِّصك ويكمِّلك، وهذه هي الخسارة والندم الأكبر طيلة حياتك. أولئك المخادعون لن يفهموا هذا أبدًا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. وحدهم الصادقون يحيون بحسب الشَبَه الإنساني الحق). كشفت كلمات الله عن حالتي بدقة. لأحمي غروري وكبريائي، وأحول دون أن ينظر إليَّ الناس باحتقار، اخترت أن أكذب وأخدعهم، وضحيتُ بنزاهتي وكرامتي، بدلًا من قول الحقيقة. وفيما يتصل بموجة الاعتقالات الأخيرة، كتب إليَّ القائد ليسألني عن عدد الوافدين الجدد في المنطقة التي كنت مسؤولاً عنها ممن كانوا يجتمعون بانتظام وعدد من لم يكونوا كذلك، وعن النتائج الأخيرة في سقاية الوافدين الجدد ودعمهم. كان من الجليِّ أنني لم أتابع هذه المهام، وكان يجب أن أتحرى الصدق في تقريري للقائد، ولكن لأحمي غروري ومكانتي، كذبت وقلت إنني أتابع بالفعل هذا الأمر. خلال الاجتماع، سألني القائد عن سقاية يانغ فان للوافدين الجدد ولم أكن أعرف التفاصيل، لذلك كذبت بوقاحة فحسب، وأبلغت عن معلومات قديمة على أنها حديثة في محاولة لخداع طريقي للإفلات من هذا المأزق. على الرغم من أنني أدركت أنني كنت أكذب وشعرت بالاتهام، لم أرغب في المصارحة رغم ذلك. لمنع الآخرين من النظر إليَّ نظرة احتقار، كذبت مرة تلو الأخرى. لقد كنت مراوغة ومخادعة للغاية! لم أتمكن من التوقف عن سؤال نفسي: "ألستُ مؤمنة"؟ إنَّ المؤمن الحقيقي هو القادر على قول الحقيقة وأن يكون صادقًا ويتحلى بالنزاهة والكرامة، ومهما كان الموقف، فهو يتمتع بالشجاعة لمواجهة الحقيقة وتسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية، ورغم أن الممارسة على هذا النحو قد تفسح المجال للآخرين أن يروا عيوبهم وأوجه قصورهم، فإن ممارسة الحق والعيش بانفتاح يرضي الله ويُمكِّن الآخرين من الثقة بهم. لكنني قد كذبت لأحمي سمعتي ومكانتي، وكانت تنقصني كل نزاهة وكرامة، وفشلت في الارتقاء حتى إلى أدنى متطلبات السلوك الإنساني. لقد أكرمني الله ومنحني الفرصة للقيام بواجب السقاية، على أمل أن أكون صادقة في تعاوني معه وأن أسقي الوافدين الجدد الذين يؤمنون بالله حق الإيمان بشكل صحيح. كانت هذه أيضًا فرصةً منحني الله إياها للممارسة لربح الحق، لكنني قد فشلت في الارتقاء إلى مقصد الله الجاد. لم يقتصر الأمر على أنني لم أحمل أي عبء في واجبي فحسب، بل اخترت أيضًا أن أكذب بدلًا من ممارسة الحق حين واجهتني المشكلات. لقد خذلت الله حقًّا. كلما أمعنت التفكير بشأن هذا الأمر، أصبحت أكثر انزعاجًا، وكرهت نفسي لكوني مخادعة للغاية.
لاحقًا، طلبت في ثنايا كلمة الله لأجد السبب الأساسي لكذبي وخداعي. قرأت فقرة من كلمات الله: "عندما ينكشف أضداد المسيح ويُهذبون، فأول ما يفعلونه هو البحث عن مبررات مختلفة دفاعًا عن أنفسهم، وكذلك البحث عن الأعذار بكافة أنواعها سعيًا منهم لتخليص أنفسهم من المأزق، وبذلك يحققون غرضهم المتمثل في التملص من مسؤولياتهم، والتوصل إلى هدفهم بنيل المسامحة. إن أكثر ما يخشاه أضداد المسيح هو أن يدرك شعب الله المختار حقيقة شخصيتهم، ويكتشفوا مواطن ضعفهم وعيوبهم، ويعرفوا نقطة ضعفهم، ومستوى قدراتهم الحقيقي، وقدرتهم على العمل؛ لذا فإنهم يبذلون قصارى جهدهم ليُخفوا أنفسهم لكي يتستروا على عيوبهم ومشاكلهم وشخصياتهم الفاسدة. وعندما ينكشف فعلهم الشر ويفتضح، فأول ما يفعلونه هو ألّا يعترفوا بهذه الحقيقة أو يقبلوها، أو أن يبذلوا قصارى جهدهم للتكفير عن أخطائهم ويعوضوا عنها، وبدلًا من ذلك فإنهم يحاولون ابتكار العديد من الطرق لاستخدامها للتستر عليها، ولإرباك المطَّلعين على أفعالهم وتضليلهم، وعدم السماح لشعب الله المختار الله برؤية حقيقة الأمر، أو يعرفون مدى الضرر الذي سببته أفعالهم لبيت الله، وحجم التعطيل والاضطراب الذي ألحقوه بعمل الكنيسة. إن جلَّ ما يخشونه، بالطبع، أن يكتشف ذلك الأعلى؛ لأنه بمجرد أن يعرف الأعلى فسيجري التعامل معهم وفقًا للمبادئ، وسيكون أمرهم قد انتهى، ومن المحتم طردهم واستبعادهم. وهكذا، عندما ينكشف فعل أضداد المسيح للشر، فإن أول ما يفعلونه ليس هو أن يفكروا أين أخطأوا، وأين انتهكوا المبادئ، ولماذا فعلوا ما فعلوا، وأي شخصيَّة كانت تتحكم بهم، وما نواياهم، وما حالتهم في ذلك الوقت، وما إذا كان ذلك ناجمًا عن تمرد أو ناجمًا عن زيف نواياهم. بدلًا من تشريح هذه الأمور، فضلًا عن التأمل فيها، فإنهم يرهقون عقولهم بحثًا عن أي وسيلة لطمس الحقائق الفعلية. وفي الوقت نفسه، يبذلون قصارى جهدهم لشرح وتبرير أنفسهم أمام شعب الله المختار، من أجل خداعهم، وجعل المشكلات الكبرى تبدو وكأنها مشكلات صغيرة، وجعل المشكلات الصغيرة تبدو وكأنها ليست إشكالية، والخروج منها بالخداع، حتى يتمكنوا من البقاء في بيت الله ليرتكبوا أعمالًا غير صالحة باستهانة، وإساءة استخدام سلطتهم، ومواصلة تضليل الناس والسيطرة عليهم، وجعلهم ينظرون إليهم بإجلال، ويفعلون ما يقولون لإرضاء طموحاتهم ورغباتهم" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند الحادي عشر). من كشف كلمات الله، رأيت أنه عندما توجد انحرافات أو ثغرات في عمل أضداد المسيح، فبدلًا من أن يتعلموا الدروس ويسارعوا إلى تصحيح المشكلات والانحرافات في عملهم، يحاولون بكل طريقة ممكنة الكذب وإخفاء الحقيقة، ويمنعون القادة من معرفة المشكلات والثغرات في عملهم، ويحاولون استخدام الحيل والمكائد لكسب ثقة الآخرين. هذه هي الشخصية الشريرة لأضداد المسيح. ألم يكن ما قد كشفتُه هو شخصية ضد المسيح؟ حينما جاء القائد للإشراف على عملي ومتابعته، كان هناك الكثير من الأعمال التي لم أكن قد أنجزتها، لكنني لم أبلغه بالوضع الفعلي فحسب، بل أخفيت عنه الحقيقة وخدعته أيضًا، وبذلت قصارى جهدي لإخفاء حقيقة أنني لم أكن أقوم بعمل حقيقي. لاحقًا، بينما كان القائد يتفقد سقاية الوافدين الجدد التي يقوم بها كل ساقٍ، وبما أنني لم أكن قد أنجزت عملًا حقيقيًّا ولم أكن أعرف تفاصيل محددة فقد كذبت مرة أخرى، وأبلغت عن عمل السقاية في وقت أبكر على أنه عمل أُنجز مؤخرًا بهدف خداع القائد. كنت على دراية تامة بأن قيامي بذلك كان خداعًا وغشًّا، ولكن لأحافظ على الانطباع الجيد الذي كوَّنه القائد عني، كذبتُ عليه بكل وقاحة لأخدعه. أدركت أن الشخصية التي قد كشفتُ عنها كانت نفس الشخصية الشريرة والحقيرة لأضداد المسيح. أظهر التحقيق الذي أجراه القائد في عملي أنه كان مسؤولًا، وكان هذا من شأنه أن يُمكِّنه سريعًا من اكتشاف الانحرافات والمشكلات في عملي. التزمت الصمت بشأن المشكلات الموجودة في العمل وقدمت للقائد واجهةً كاذبة لأعطيه انطباعًا زائفًا بأنني كنت أقوم بعمل حقيقي. ونتيجة لذلك، لم يتمكن القائد من اكتشاف الحقيقة، وبقيت المشكلات في عملي دون حل. ومن خلال القيام بذلك، كنت أعيق عمل الكنيسة. رأيت أن إخفاء الحقيقة لمنع القائد من الإشراف على العمل كان بحكم طبيعته أسوأ بكثير من عدم القيام بعمل حقيقي. بعد إدراكي لهذا الأمر، شعرت أنني كنت في خطر. لم يكن لديَّ قلب يتقي الله وكنت أسلك طريق ضد المسيح. صليت إلى الله في داخلي وتبت: "يا إلهي، بفضل كشف كلماتك، أرى أن شخصيتي شريرة وحقيرة، وقلبي يملؤه الخوف. أرجوك أرشدني لأتخلص من هذه الشخصية الفاسدة وأقبل إشراف الآخرين".
لاحقًا، قرأت فقرة من كلمات الله: "إن طلب الله من الناس أن يكونوا صادقين يبرهن على أنه يمقت حقًا المخادعين ولا يحبهم. إن كراهية الله للأشخاص المخادعين هي كراهية لطريقتهم في فعل الأشياء، وشخصياتهم، ونواياهم، وأساليبهم المحتالة؛ فالله يبغض هذه الأمور جميعًا. إنْ استطاع الأشخاص المخادعون قبول الحق، واعترفوا بشخصياتهم المخادعة، وكانوا على استعداد لقبول خلاص الله، فسيكون لديهم أيضًا أمل بالخلاص، لأن الله يعامل الناس جميعًا على قدم المساواة، كما يفعل الحق. وبالتالي، إذا ما رغبنا في أن نصبح الناس الذين يرضون الله، فإن أول شيء يتعيَّن علينا فعله هو تغيير مبادئ سلوكنا. فلا يعود بإمكاننا العيش وفقًا للفلسفات الشيطانية، ولا المضي في اعتماد الأكاذيب والاحتيال. لا بدّ لنا من التخلّي عن كل أكاذيبنا وأن نصبح صادقين. عندئذ تتغيَّر نظرة الله إلينا. كان الناس في السابق يعتمدون دومًا على الأكاذيب والادعاء الكاذب والاحتيال في أثناء معيشتهم بين الآخرين، وكانوا يستخدمون فلسفات شيطانية باعتبارها أساس وجودهم وحياتهم وقاعدة سلوكهم. كان هذا النهج موضع مقت من الله. إذا تحدَّثت بصراحة بين صفوف غير المؤمنين، وقلت الحق، وكنت شخصًا صادقًا، فعندئذٍ ستتعرَّض للافتراء والإدانة والاستبعاد؛ ولذلك تتبع التوجُّهات الدنيوية، وتعيش بحسب الفلسفات الشيطانية؛ وتغدو شيئًا فشيئًا أكثر مهارة في الكذب والخداع. وتتعلَّم أيضًا استخدام الوسائل الخبيثة لتحقيق أهدافك وحماية نفسك، كما تصبح أكثر فأكثر ازدهارًا في عالم الشيطان، ونتيجةً لذلك فإنك تسقط في أعماق الخطيَّة إلى أن تعجز عن تخليص نفسك. في بيت الله، الأمور على العكس من ذلك تمامًا. فكلما ازددت كذبًا وخداعًا، ازداد سأم شعب الله المختار منك واستبعادهم لك. وإذا رفضت أن تتوب، وظللت متمسكًا بفلسفات الشيطان ومنطقه، واستخدمت المؤامرات والمكائد المحكمة لتمويه نفسك والتظاهر، فمن المرجح جدًا أن تنكشف وتُطرد؛ ذلك لأن الله يبغض المخادعين. لا يزدهر في بيت الله سوى الصادقين الأمناء، أما المخادعون فسيكون مآلهم إلى النبذ والاستبعاد. هذا كله قد سبق الله أن قدَّره. لا نصيب في ملكوت السماوات إلا للصادقين. إن لم تَسْعَ لأن تكون إنسانًا صادقًا، ولم تختبر وتمارس في اتجاه اتباع الحق، ولم تكشف قبحك ولم تكشف نفسك، فلن تستطيع أبدًا تلقي عمل الروح القدس وربح رضاء الله" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الممارسة الأكثر جوهرية لكون المرء شخصًا صادقًا). من كلمات الله، أدركت أن الله يحب الصادقين، وأن الصادقين يمتلكون الشجاعة لمواجهة عيوبهم وأوجه قصورهم، وأنهم قادرون على أن يكونوا جديرين بالثقة، ولا يخدعون الناس أو الله، وأنهم حين تواجههم المشكلات فإنهم قادرون على طلب الحق وممارسته. مثل هؤلاء الناس يدخلهم الله إلى الملكوت ليعيشوا حياة أبدية. يبغض الله الكاذبين والمخادعين والذين يستعملون الحيل. أمثال هؤلاء الناس مخادعون وإبليسيون. كما يقول الكتاب المقدس: "أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ ٱلْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي ٱلْحَقِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِٱلْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لِأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو ٱلْكَذَّابِ" (يوحنا 8: 44). رأيت أن الكاذبين كلهم أبالسة. إنَّ الأبالسة هم أعداء الله ويكرههم الله. لن يُخلِّص الله مثل هؤلاء الناس إطلاقًا. هذا ما يقرره جوهر الله البار والأمين. كنت قد كذبت في واجبي لأحمي غروري ومكانتي، وحاولت أن أتستر على أوجه القصور في عملي. كان القيام بذلك يعني أنني كنت أخون الحق، وأقف في صف الشيطان، وأقاوم الله. علاوة على ذلك، بالاعتماد على الإخفاء والادعاء خلال قيامي بالواجبات في الكنيسة، لا يمكنني إخفاء الحقيقة إلا لفترة طويلة، وعلى المدى البعيد، ستُكشف الكثير من الانحرافات في العمل، وسيميزني الجميع فور معرفتهم بالحقيقة ويرفضونني، وهذا يعني أنني سأحطم أي مظهر من مظاهر النزاهة والكرامة التي قد تكون لديَّ، وستُدمَّر فرصي في التوبة. بالتأمل في أضداد المسيح هؤلاء، مهما بلغ مقدار ما يفعلونه من أفعال سيئة أو مدى إضرارهم بعمل بيت الله، فهم لا يتأملون أو يتوبون أبدًا، وإذا ما أشرف أحد على عملهم أو تفقده، فإنهم يستخدمون مجموعة من الحيل لخداعه وإخفاء الحقيقة، ويظهرون افتقارهم المطلق لقبول الحق. ففي نهاية المطاف يُطردون من الكنيسة بسبب كل الشرور التي يرتكبونها. أولئك الذين يتحلون بالشجاعة لأن ينفتحوا ويمكنهم ممارسة الحق هم الصادقون في نظر الله وهم الذين سيُخلَّصون ويبقون. وعلى العكس من ذلك، فإن أولئك الذين يحاولون خداع الله لتحقيق مكاسب شخصية إنما هم حمقى ومخادعون إلى أبعد الحدود، وسيستبعدهم الله في النهاية.
لاحقًا، قرأت المزيد من كلمات الله: "عندما يؤدي الناس واجبهم أو أي عمل أمام الله، فإن قلوبهم يجب أن تكون نقية: يجب أن تكون مثل وعاء من الماء العذب؛ صافيًا تمامًا من دون شوائب. فأي نوع من المواقف هو الصحيح؟ مهما يكن ما تفعله، فإنك تستطيع أن تعقد مع الآخرين شركة بأي شيء في قلبك أو أي أفكار لديك. إذا قال لك شخص ما إن طريقتك في القيام بالأشياء لن تنجح واقترح فكرة أخرى، وشعرت أنت أنها فكرة جيدة جدًا، فعليك أن تتخلى عن طريقتك وتقوم بالأشياء وفقًا لما يراهم. ومن خلال فعل ذلك، سيرى الجميع أن بإمكانك قبول اقتراحات الآخرين واختيار المسار الصحيح والتصرف وفقًا للمبادئ بشفافية ووضوح. ما من ظلمة في قلبك وأنت تتصرف بصدق وتتكلم بصدق، مستندًا إلى نزعة الأمانة. تسمي الأشياء بأسمائها. لو أنَّ أمرًا قد كان، فهو كذلك، وإن لم يكن، فهو لم يكن. لا خدع، ولا أسرار، بل شخص شفاف للغاية" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). يأمل الله أن نتعامل مع واجباتنا بقلب مخلص، وأن نتحدث وفقًا للحقائق، وأن نقبل تمحيصه في كل شيء. عندما تحقق القائد من عملي مجددًا، عزمت على قول الحقيقة إن لم أكن قد قمت بعمل حقيقي، وأن أتحلى بالشجاعة لمواجهة مشكلاتي، وأن أتوقف عن الكذب لحماية سمعتي ومكانتي، وأن أمارس كوني إنسانة صادقة. لاحقًا، أخذت زمام المبادرة لمصارحة القائد بشأن كذبي من أجل سمعتي ومكانتي. بعد أن صارحته، عقد القائد بعد ذلك شركة عن اختباره الخاص لمساعدتي. من خلال الممارسة على هذا النحو، شعرت بتحرر أكبر بكثير. وبالمضي قدمًا، اتبعت نصيحة القائد بسرعة تصحيح الانحرافات في عملي، مثل الإسراع بإعفاء السقاة غير المناسبين، والشركة بالتفصيل مع السقاة حول واجباتهم، وبعد ذلك المتابعة والإشراف على تقدمهم في عملهم. أظهر العمل تحسنًا واضحًا، عندما شاركتُ بنفسي في تفاصيل العمل على هذا النحو.
بعد مرور أسبوع، أرسل القائد رسالة يسألني فيها عن رعايتي للسقاة. عند استلامي هذه الرسالة، أدركت أنني كنت مشغولة جدًّا بمتابعة عمل آخر، لدرجة أنني أغفلت مهمة رعاية الأفراد، ولم أكن أعرف عدد الأشخاص الذين يمكن رعايتهم. كيف كان لي أن أرد؟ ماذا كان سيعتقد القائد عني إذا علم أنني كنت أهمل مثل هذه الوظيفة المهمة؟ هل سيقول إنني لم أكن أقوم بعمل حقيقي؟ فكرت: "لماذا لا أجيبه بالقول إنني بصدد متابعة هذا العمل، وهكذا لن يكتشف الحقيقة". وبالتفكير على هذا النحو، أدركت فجأة: "ألا أريد فحسب أن أكذب مجددًا لأحمي سمعتي ومكانتي؟". فصليت في داخلي إلى الله: "يا إلهي! لم أعد راغبة في الكذب أو الخداع. لم أقم بهذه المهمة، وذلك لأنني كنت غير مسؤولة. إنني مستعدة لإبلاغ القائد بذلك بصدق". شعرت بإحساس عميق بالسلام بعد الصلاة. فكرت في كيف أن الله يحب الصادقين الذين يمكنهم تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية وأنه كان عليَّ أن أواجه الأشياء بهدوء، وألا أخفي الحقيقة، وأنه مهما كان ظن القائد بي، كان عليَّ أن أمارس كوني إنسانة صادقة. لذا، أخبرت القائد بالحقيقة: "لم أُعر اهتمامًا كافيًا لرعاية المواهب، لكنني مستعدة لتغيير هذا الأمر في المستقبل". حينها بدأت في التعاون بالفعل، وبعد أيام قليلة وجدتُ شخصين كان من الممكن رعايتهما. بعد ذلك، عندما كتب إليَّ القائد مجددًا لأتحقق من عمل آخر ومتابعته، فحتى عندما لم تحرز بعض الأعمال نتائج جيدة، كنت على استعداد لمواجهة ذلك بهدوء والإبلاغ عن هذه الأشياء بصدق. على الرغم من أنني لا أزال غير قادرة على الوفاء بمعايير كوني إنسانة صادقة، فإنني مستعدة للسعي إلى الحق، والممارسة وفقًا لكلمة الله، والتخلص شيئًا فشيئًا من شخصيتي المخادعة.