86. النمو في خِضَمِّ الشدائد

في 23 أغسطس آب من عام 2022، دعا قائد المقاطعة العديد منا نحن الوعاظ إلى اجتماع. انتظرنا حتى بعد الظهيرة، لكن القائد لم يحضر. علمنا لاحقًا أن قادة الكنيسة والعديد من الإخوة والأخوات قد اعتُقلوا. كانت الأخت لو يانغ، التي كانت تعيش معي، قد اعتُقلت أيضًا. وعلاوة على ذلك، كان القائد الذي دعانا إلى الاجتماع قد انقطع الاتصال به لمدة يوم وليلة كاملين، وكان من المؤكد تقريبًا أن خطبًا ما قد ألمَّ به. صعقني سماع هذا الخبر. كان الاعتقال قد طال عشرات الكنائس، وقد حدث كل ذلك في وقت مبكر من يوم الثالث والعشرين، الأمر الذي يشير إلى إجراء منسق نفذه الحزب الشيوعي الصيني. تذكرت أن القائد قد زار منزلي عدة مرات قبل بضعة أيام فحسب، وتساءلت عما إذا كنت قد أكون مستهدفة أيضًا. لو كنت كذلك، فهل سأُعتقل أنا أيضًا ذات يوم؟ إنَّ الحزب الشيوعي الصيني لا ينظر إلى المؤمنين بصفتهم بشرًا ويستخدم كل أنواع التعذيب ليجبرهم على خيانة الله. كنت أشرف على عمل العديد من الكنائس، ولو أُلقي القبض عليَّ، فمن المؤكد أن الحزب الشيوعي الصيني لن يدعني أذهب بسهولة. ضاق صدري بالتفكير في هذا الأمر، وصرت قلقة عند كل حركة صغيرة في الخارج، خوفًا من أنني قد أُعتقل في أي لحظة. بعد إدراكي أن حالتي لم تكن على ما يرام، سارعت بالصلاة إلى الله: "يا الله، أشعر بالجبن الشديد مع تعرض الكنيسة لحملات قمعية كبيرة. أرجوك احمني وامنحني الإيمان حتى لا تقيدني هذه البيئة". بعد الصلاة، تذكرت فيلم "قصَّتي وقصَّتنا"، وسرعان ما وجدت الفيلم لأشاهده. لقد منحتني فقرة واحدة من كلام الله في الفيلم الإيمان.

يقول الله القدير: "على الرغم من أن الشيطان نظر إلى أيُّوب بعينٍ حاسدة، إلّا أنه دون إذن الله لم يجرؤ على لمس شعرةٍ واحدة من جسد أيُّوب. وعلى الرغم من كون الشيطان شريرًا وقاسيًا بطبيعته، فإنه بعد أن أصدر الله أمره له لم يكن أمام الشيطان خيارٌ سوى الالتزام بأمر الله. وهكذا، على الرغم من أن الشيطان كان مسعورًا كالذئب بين الحملان عندما هاجم أيُّوب، فإنه لم يجرؤ على نسيان الحدود التي وضعها له الله، ولم يجرؤ على انتهاك أوامر الله، وفي كلّ ما فعله الشيطان لم يجرؤ على الانحراف عن مبادئ كلام الله وحدوده – أليست هذه حقيقةً؟ من هذا يمكن ملاحظة أن الشيطان لا يجرؤ على خرق أيٍّ من كلام يهوه الله. فكلّ كلمةٍ من فم الله هي أمرٌ للشيطان وناموسٌ سماويّ وتعبيرٌ عن سلطان الله – لأنه وراء كلّ كلمةٍ من الله يكمن عقاب الله لأولئك الذين ينتهكون أوامر الله وأولئك الذين لا يطيعون النواميس السماويّة بل يعارضونها" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (1)]. يخبرنا كلام الله بوضوح أنه مهما تبلغ وحشية الشيطان، فلا يمكنه أن يتجاوز أوامر الله أو يتخطى الحدود أو الضوابط التي وضعها الله. مهما تمادى الشيطان في شيطانيته، فإنه يظل كائن خدمة بيد الله، وأداة تُستخدم لتكميل شعب الله المختار. عند التأمل في كلام الله، أدركت أنه في يوم الحملة القمعية الواسعة النطاق، كان القائد قد خطط للاجتماع مع بضعة أفراد منا، ولو كانت الشرطة قد نفذت العملية بعد ذلك بقليل، لكنا نحن الوعاظ قد اعتُقلنا مع القائد. أدركت أن اعتقال الإخوة والأخوات قد سمح به الله. لا يمكن للشيطان أن يتصرف دون إذن الله؛ فهذا سلطان الله. كان هذا جليًّا بشكل خاص عندما رأيت في الفيلم الإخوة في السجن، وهم يتكلون على الله في نقل كلماته تحت مراقبة صارمة ويساعدون ويدعمون بعضهم بعضًا، وأن إيمانهم بالله صار حتى أقوى. مهما استخدم الحزب الشيوعي الصيني التهديدات أو الإغراءات، فقد تمسكوا بشهادتهم. أظهر هذا قوة كلام الله. عندما رأيت اختبار هؤلاء الإخوة، لم يعد يخيفني ذلك كثيرًا. فكرت في كيف أنني كثيرًا ما أعلنت قدرة الله وسيادته على كل شيء، وكيف قلت مرارًا إنني سأحمي عمل الكنيسة. لكن حينما سمعت عن اعتقال أعداد متزايدة من الناس، ملأني الجبن والخوف. بدا لي أن عزيمتي ووعودي السابقة قد نُسيت منذ زمن بعيد، وعلى وجه الخصوص، فكرة المعاناة من التعذيب لو أنني اعتُقلت، جعلت مخاوفي تطفو على السطح. عندما واجهت الواقع، رأيت أخيرًا مدى ضآلة إيماني. حالما واجهت الخطر، أصبحت جبانة وخائفة، وبدأت أقلق على سلامتي الجسدية. كيف كانت لي أي قامة بأي شكل من الأشكال؟ بعد أن أدركت هذا، صليت إلى الله، وطلبت منه أن يمنحني الإيمان حتى أستطيع أن أتمِّم واجباتي وأتمسك بشهادتي خلال الشدائد.

في أعقاب هذه الحادثة، كان هناك الكثير من أعمال ما بعد الحادث المهمة التي تعيَّن عليَّ النظر فيها. لمنع وقوع كتب كلام الله في أيدي الحزب الشيوعي الصيني، تقرر أن أتولى أنا والأخت غاو تشينغ مسؤولية نقلها. عندما رأيت كيف طُلب مني القيام بمثل هذه المهمة ذات الأهمية الكبيرة، ومع علمي بأهمية هذه المسؤولية، كنت مستعدة للتعاون. لكن عند التفكير في الأخطار التي تكتنف عملية النقل، لم يسعني إلا أن أشعر بالخوف بعض الشيء: "إذا أُلقي القبض علينا وعلم الحزب الشيوعي الصيني أننا ننقل كتب كلام الله، فمن المؤكد أنهم سيرغموننا على الكشف عن معلومات أكثر عن الكنيسة وسيُخضِعُوننا للتعذيب. حتى لو لم نمت، فسوف نعاني الأمرَّين! ماذا سأفعل إذا أصبحت مُقعَدة؟ لن أكون عاجزة عن القيام بالواجب فحسب، بل سأواجه أيضًا مشكلات في الاعتناء بنفسي. ألن تكون هذه نهايتي؟ أسيظل بإمكاني أن أُخلَّص حينها؟ تنقصني الشجاعة والحكمة. أيمكنني حقًّا أن أتحمَّل هذا الواجب؟ ألا ينبغي أن نجد شخصًا أشجع وأحكم لهذه المسؤولية؟". كنت على وشك أن أقول هذا للأخوات، لكنني ترددت وتراجعت عن كلامي. فكرت في كيفية القيام بذلك، نظرًا لمحدودية عدد الأشخاص الذين يمكن الاتصال بهم في هذه الظرف، لم يقرر الجميع أن أتولى هذه المهمة إلا بعد إمعان النظر. فكرت في كلمات الله هذه: "يجب أن تتمسَّك وتتحمَّل المسؤوليَّة عن أيّ شيءٍ يرتبط بمصالح بيت الله، أو يرتبط بعمل بيت الله واسم الله. فكلّ واحدٍ منكم يتحمَّل هذه المسؤوليَّة والالتزام، وهذا ما يتعيَّن عليكم عمله" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. حول مراسيم الله الإدارية في عصر الملكوت). مهما طال الزمن، فإن حماية مصالح بيت الله والحرص على سلامة كتب كلام الله هي مسؤولية والتزام كل شخص من شعب الله المختار. لقد كنتُ مؤمنةً على مدار سنواتٍ عديدةٍ وتمتعتُ بسقاية كلام الله وإمداده، ورغم ذلك، حينما كانت سلامة كتب كلام الله معرضة للخطر ويلزم نقلها، لم أكن سبَّاقة في التعاون. بل لم أكن أراعي سوى آفاقي وطُرقي المستقبلية. وبدافع الخوف من أن أُعتقَل وأُعذَّب، أردت أن أحيل هذا الواجب إلى شخص آخر. كنت أنانية للغاية وينقصني الضمير والعقل! وبما أن الجميع اتفقوا على أنني كنت الشخص الأنسب لنقل كتب كلام الله، فلا بد أن ذلك ينطوي على مقصد الله. ولا سيَّما أنني لم أُعتقَل خلال هذه الحملة القمعية الواسعة النطاق، فمن الواضح أنه كان لي دورٌ يجب أن أؤديه، ولا يجب أن أرفضه. إنني كائن مخلوق؛ والله يعلم ما يمكنني القيام به. سواء اعتُقلتُ أم لا، فالأمر كان بيد الله. لو كان الله قدِّر لي أن أُعتقَل، كنت سأخضع لذلك، ولكن إذا لم يسمح الله بذلك، فلن يستطيع الحزب الشيوعي الصيني أن يمسني بسوء. تمامًا كما كان دانيال مؤمنًا بالله، وعندما أُلقي به حتى في عرين الأسود، لم تؤذه الأسود. مهما كان الحزب الشيوعي الصيني جامحًا، فهو لا يزال بيد الله، وما هو إلا كائن خدمة في عمل الله فحسب. ومع هذا الفهم، اكتسبت الإيمان وصليت إلى الله: "إلهي، الآن يجب نقل كتب كلماتك على وجه السرعة، وينتابني شعور بالجبن والخوف، لكنني أعلم أن الشيطان بيدك. إنني على استعداد لتنحية سلامتي جانبًا والعمل مع الأخت غاو تشينغ لإيصال الكتب إلى مكان آمن. أرجوك أرشدنا". في صباح اليوم التالي، انطلقنا في الضباب الكثيف ونجحنا في إيصال الكتب إلى مكان آمن.

ولأن العديد من قادة الكنائس كانوا قد اعتُقلوا، فقد رُقِّيت أنا والأخت غاو تشينغ بشكل مؤقت للإشراف على عمل هذه الكنائس. كنت أعلم أنه لا ينبغي أن أتهرب من واجبي، لكنني شعرت بضغط شديد. كان تولي هذا الواجب في مثل هذه اللحظة الحرجة أمرًا خطيرًا للغاية بالفعل. ولكن مع اعتقال القادة وتوقف عمل الكنيسة تقريبًا، لم يكن بإمكان الإخوة والأخوات من عيش حياتهم الكنسية، وكانوا بحاجة ماسة إلى شخص ما ليضطلع بهذا العمل. في هذا الوقت، كنت لأكون فاقدة للإنسانية لو تهربت من هذا الواجب. وبعد إمعان النظر، قبلت هذا الواجب. لكن لم يلبث أن علمت بعد فترة وجيزة أن الشرطة كانت تعرض صورًا على الإخوة والأخوات المعتقلين أثناء الاستجواب، وتطلب منهم التعرف على القادة. كان الحزب الشيوعي الصيني يعتقل القادة بشكل مستمر، وإذا علموا أنني الآن قائدة كنيسة، ألن أواجه أيضًا عقوبة مشددة إذا ما اعتُقلت؟ فكرت في الإخوة والأخوات الذين قد اعتُقلوا وحُكم عليهم. فبعضهم تعرض للإيذاء على يد نزلاء السجن، وآخرون ضُربوا ضربًا مبرحًا وعُذِّبوا على يد حراس السجن، وكان عليهم القيام بأعمال بدنية شاقة كل يوم. وبالنظر إلى حالتي الصحية الضعيفة بالفعل، ففور اعتقالي والحكم عليَّ، سأشعر أن كل يومٍ سيمر عليَّ وكأنه عام في السجن، ويصعب القول ما إذا كنت سأتمكن من النجاة منه. إن القيام بالواجبات في الصين محفوف بالمخاطر بالفعل، فهو أشبه بالوقوف على حافة سكين مع وجود مخاطر تهدد الحياة بشكل دائم. أخذت أفكر في أنه كان من الأفضل لو لم أتولى هذا الواجب...انتابتني حالة من القلق الشديد ولم أتمكن من التركيز على عملي. وإذ أدركت أن حالتي لم تكن على ما يرام، سارعت بالصلاة إلى الله طالبةً منه أن يحمي قلبي.

في تلك الليلة، لم يغمض لي جفن على الإطلاق. تأملت في كيفية مواجهتي للحملة القمعية الواسعة النطاق على الكنيسة، لم أكشف سوى الجبن والخوف، بل حتى أنني أردت التهرب من واجبي لأحمي نفسي. لماذا ظللت أفكر في نفسي عند مواجهة الشدائد؟ خلال عباداتي، قرأت فقرتين من كلمات الله: "يبذل أضداد المسيح أقصى ما في وسعهم لحماية سلامتهم. ما يفكرون به في داخلهم هو: "يجب أن أضمن سلامتي قطعًا. بغض النظر عمن يُقبض عليه، يجب ألا يكون أنا". في هذه المسألة، غالبًا ما يمثلون أمام الله في الصلاة، ويتضرعون إليه بأن يحفظهم من الوقوع في ورطة. هم يشعرون أنه مهما كان الأمر، فهم يقومون بالفعل بعمل قيادة الكنيسة، وأن الله ينبغي أن يحميهم. من أجل سلامتهم الشخصية، ولتفادي القبض عليهم، وللهروب من كل أشكال الاضطهاد، ولوضع أنفسهم في بيئة آمنة، كثيرًا ما يستجدي أضداد المسيح ويصلُّون من أجل سلامتهم الشخصية، ولا يتكِلون حقًّا على الله، ولا يقدِّمون له ذواتهم إلا عندما يتعلَّق الأمر بسلامتهم الشخصية. عندما يتعلَّق الأمر بهذا، فإن إيمانهم بالله حقيقي، واتكالهم عليه حقيقي. إنهم لا يهتمون بالصلاة إلى الله إلا ليطلبوا منه أن يحمي سلامتهم، ولا يولون أدنى اهتمام لعمل الكنيسة أو لواجبهم. السلامة الشخصية هي المبدأ الذي يقودهم في عملهم. إذا كان ثمة مكان آمن، فإن أضداد المسيح سيختارون ذلك المكان للعمل، وسيبدون بالفعل سبَّاقين وإيجابيين، ويستعرضون "إحساسهم بالمسؤولية" و"ولاءهم". وإذا كان بعض العمل ينطوي على مخاطر بالفعل ويمكن أن تواجهه الحوادث، إن اكتشف التنين العظيم الأحمر فاعله، فإنهم يختلقون أعذارًا، ويرفضونه، ويجدون فرصة للتهرب منه. بمجرد وجود خطر أو إشارة خطر، فإنهم يفكرون في طُرق لتخليص أنفسهم والتخلي عن واجبهم دون اهتمام بالإخوة والأخوات. فهم لا يهتمون إلا بإبعاد أنفسهم عن الخطر. قد يكونون مستعدين بالفعل في قلوبهم: بمجرد ظهور الخطر يتخلون فورًا عن العمل الذي يؤدونه، دون اهتمام بكيفية سير عمل الكنيسة، أو الخسارة التي قد يُسبِّبها ذلك لمصالح بيت الله أو لسلامة الإخوة والأخوات. فما يهمهم هو الهروب" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الثاني)]. "أضداد المسيح أنانيون وحقيرون للغاية. ليس لديهم إيمان حقيقي بالله، فهيهات أن يكونوا مخلصين له. عندما يواجهون مشكلة، فإنهم لا يحمون أو يحرسون إلا أنفسهم. يعتبرون أنه لا شيء أهم من سلامتهم. ما دام بإمكانهم العيش، ولن يُعتَقلوا، فلا يهتمون بمدى الضرر الذي يلحق بعمل الكنيسة. هؤلاء الناس أنانيون للغاية. إنهم لا يفكرون في الإخوة والأخوات على الإطلاق أو في عمل الكنيسة، بل يفكرون فقط في سلامتهم الشخصية. إنهم أضداد للمسيح" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الثاني)]. يكشف الله أن طبيعة أضداد المسيح أنانية وحقيرة إلى أبعد الحدود. إنهم يعطون الأولوية لمصالحهم الخاصة قبل أي شيء آخر، وفي أي موقف معين، إذا ما مسَّ شيء ما مصالحهم، فلن يترددوا في حماية أنفسهم. إنَّ أضداد المسيح مدفوعون تمامًا بالرغبة في الربح، ويفتقرون إلى أي حس من الضمير أو العقل. إنهم يلتزمون بالفلسفة الشيطانية المتمثلة في "اللهم نفسي، وليبحث كل امرئ عن مصلحته فقط"، ويعيشون بحسب الصورة الكاملة للشيطان. بالتأمل في كلام الله وسلوكي الشخصي، ألم أكشف عن شخصية أنانية وحقيرة لأحد أضداد المسيح؟ كنتُ في العادة سبَّاقةً جدًّا في القيام بواجباتي، عندما لم يكن هناك تهديد بالاعتقال، مهما بلغت صعوبة تلك الواجبات أو إرهاقها، كنت أُبدي واجهة الولاء لواجباتي والخضوع لله. لكن حينما واجهت الكنيسة حملة قمع واسعة النطاق، وانطوت الواجبات المرتبة لي على مصالحي الشخصية كُشفت أنانيتي وحقارتي. عندما رشحني الإخوة والأخوات لنقل كتب كلام الله، أردت أن أحيل الواجب إلى شخص آخر لأحمي نفسي. عندما رقتني الكنيسة بشكل مؤقت لأكون قائدة، بدلًا من التركيز على كيفية القيام بعمل الكنيسة بشكل جيد والاضطلاع بهذه المسؤولية، كنت قلقة من أن أُعتقل ويُحكم عليَّ، بل حتى أنني فكرت في التهرب من الواجب لأحمي نفسي. كنت خائفة جدًّا من الموت! يقال إن الإخلاص يُكشف في الشدائد، ولكن هل تصرفت بإخلاص وأنا أواجه الشدائد؟ لا! لم أكشف شيئًا سوى الأنانية وعدم الإخلاص! فكرت في كل تلك السنوات وأنا أتمتع بسقاية كلام الله وإمداده، لكن عندما واجهت الكنيسة حملة قمع واسعة النطاق واحتاجت إلى تعاوني، بحثت عن أعذار لأتهرب من واجبي وأحمي نفسي. كيف كانت لديَّ أي إنسانية بأي شكل من الأشكال؟ كنت قد صليت إلى الله، قائلةً إنني على استعداد لبذل نفسي من أجله وردُّ محبته، لكن ما كنت أعيشه كان أنانيًّا وحقيرًا ومحاولة لحماية نفسي. أليس هذا خداعًا لله؟ لولا أن كُشفت هذه الحقائق ودينونة كلام الله وكشفه، لظللت لا أفهم حقيقة شخصيتي الأنانية والشيطانية التي تخدم ذاتها. كنت سأظل أعتقد أنني أحمل إخلاصًا لله وأنه يستحسنني بالتأكيد، وأنه عندما ينتهي عمل الله، سأدخل الملكوت وأتمتع ببركات الله. لم أكن أعرف نفسي على حقيقتها! إنَّ عمل الله عملي للغاية. من خلال الاضطهاد والاعتقالات التي نفذها التنين العظيم الأحمر، كشف الله عن فسادي، وساعدني على فهم ذاتي. هذا هو خلاص الله لي! بالتفكير في هذا، شعرت بالندم ولم أعد أرغب في العيش وفقًا لفلسفات الشيطان.

لاحقًا، صادفت فقرة من كلمات الله كانت منيرة للغاية بالنسبة إليَّ. يقول الله: "إن أقررت بأنك كائن مخلوق، فعليك أن تُعدَّ نفسك للمعاناة ودفع ثمن لأجل تتميم مسؤوليتك لنشر الإنجيل ولأجل القيام بواجبك بصورة صحيحة. قد يكون الثمن هو معاناة بعض المرض الجسدي أو المشقة، أو معاناة اضطهادات التنين العظيم الأحمر، أو سوء الفهم من الأشخاص الدنيويين، وكذلك المحن التي يتعرض لها المرء عند نشر الإنجيل: كالتعرض للخيانة أو للضرب والتوبيخ، والإدانة - إلى حد حتى انقضاض الجموع عليه وتعريضه لخطر الموت. ومن المحتمل، أثناء نشر الإنجيل، أن تموت قبل إتمام عمل الله، وألَّا تعيش لترى يوم مجد الله. عليكم أن تكونوا مستعدين لهذا. وليس الغرض من هذا إخافتكم؛ فإنه حقيقة. ... علاوةً على ذلك، كيف مات تلاميذ الرب يسوع أولئك؟ كان من بين تلاميذه مَن رُجِموا بالحجارة، أو جُروا بربطهم في حصان، أو صُلبوا منكسي الرأس، أو قُطعت أوصالهم بشدهم بين خمسة من الخيل – لقد حلَّ بهم كلُّ نوعٍ من الموت. فماذا كان سبب موتهم؟ هل أُعدموا بطريقة قانونية جراء جرائمهم؟ كلا. أُدينوا، وضُربوا، ووُبخوا، وقُتلوا لأنهم نشروا إنجيل الرب، ورفضهم أناس العالم– هذه هي الكيفية التي استشهدوا بها. ... في الواقع، كانت هذه هي الطريقة التي ماتت بها أجسادهم ورحلت؛ أي كانت هذه طريقة خروجهم من عالم البشر، لكن ذلك لم يكن يعني أن آخرتهم هكذا. مهما كانت طريقة موتهم ورحيلهم أو كيفية حدوث ذلك، فإنها لم تكن الطريقة التي حدد الله بها الآخرة النهائية لتلك الحيوات، أي لتلك الكائنات المخلوقة. هذا شيء يجب أن تراه بوضوح. فعلى العكس من ذلك، فقد اتخذوا هذه الوسائل لإدانة هذا العالم وللشهادة لأعمال الله. استخدَم هؤلاء الكائنات المخلوقة حيواتهم الأكثر قيمة – واستخدموا اللحظة الأخيرة من حياتهم للشهادة لأعمال الله وللشهادة لقوة الله العظيمة وللإعلان أمام الشيطان والعالم أن أعمال الله صحيحة، وأن الرب يسوع هو الله، وهو الرب، وهو جسد الله المتجسد. لم ينكروا اسم الرب يسوع حتى اللحظة الأخيرة من حياتهم. ألم يكن هذا شكلًا من أشكال الحكم على هذا العالم؟ لقد استخدموا حياتهم ليعلنوا للعالم وليؤكدوا للبشر أن الرب يسوع هو الرب، وأن الرب يسوع هو المسيح، وأنه جسد الله المتجسِّد، وأن عمل فداء جميع البشرية الذي صنعه يسمح لهذه البشرية بمواصلة العيش – وهذه الحقيقة لا تتغير إلى الأبد. أولئك الذين استشهدوا من أجل نشر إنجيل الرب يسوع، إلى أي مدى أدّوا واجبهم؟ هل كان إلى أقصى حد؟ كيف ظهر الحد الأقصى؟ (لقد ضحوا بحياتهم). هذا صحيح، فقد دفعوا حياتهم ثمنًا. فالعائلة، والثروة، والأشياء المادية في هذه الحياة جميعها أشياء خارجية؛ والشيء الوحيد الذي يرتبط بالنفس هو الحياة. بالنسبة إلى كل شخص حي، فإن الحياة هي أكثر شيء يستحق الاعتزاز به وهي الشيء الأثمن. وبالصدفة، تمكَّن هؤلاء الناس من تقديم أثمن ما لديهم – أي حياتهم – كتأكيد وشهادة على محبة الله للبشر. وإلى اليوم الذي ماتوا فيه، لم ينكروا اسم الله ولم ينكروا عمل الله، واستخدموا آخر لحظات في حياتهم ليشهدوا على وجود هذه الحقيقة. أليست هذه أسمى أشكال الشهادة؟ هذه هي الطريقة الفضلى لقيام المرء بواجبه؛ وهذا هو تتميم المرء بمسؤوليته" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. التبشير بالإنجيل هو الواجب الذي يلتزم جميع المؤمنين بتتميمه). بعد قراءة كلمات الله، فهمت أنه إذا أدركنا حقيقة معنى الحياة وقيمة الحياة والموت إدراكًا واضحًا، وعشنا وفقًا لكلام الله، فيمكننا أن نملك خضوعًا حقيقيًّا لله وأن نتمسك بشهادتنا له في أوقات الشدائد. الحياة هي أثمن شيء لكل واحد منا. إذا استطعنا أن نأتمن الله على حيواتنا، فلا شيء يمكنه هزيمتنا. بالتفكير في الكيفية التي اتبعت بها الله حتى هذه اللحظة، كنت قادرة على التخلي شيئًا فشيئًا عن أشياء مثل العمل والعائلة والزواج والثروة، ولكن عندما واجهتني المخاطر وإمكانية فقدان حياتي، كُشف تمردي. أردت التهرب من واجباتي لأحمي نفسي. كنت شديدة الخوف من الموت! إن الاضطهاد والاعتقالات الجنونية التي يشنها الحزب الشيوعي الصيني تهدف إلى إشعارنا بالجبن والخوف ونبذ إيماننا بالله والتخلي عن واجباتنا وخيانة الله، مما يجعلنا نفقد فرصة الخلاص. هذا هو مخطط الشيطان. فقط من خلال ائتمان حياتنا لله، وتتميم واجباتنا بقلب خاضع مهما كانت الطريقة التي ينظم بها الله الأشياء ويرتبها، يمكننا أن نهزم الشيطان ونخزيه. لقد كنت أعتقد دائمًا أنني إذا متُّ جرَّاء الاضطهاد، فلن أُخلَّص، لكن هذا كان مفهومي وتصوري الخاص. في عصر النعمة، اختبر الرسل الاضطهاد والاعتقالات على يد الحكومة الرومانية. قُتل بعضهم بالسيف، وصُلب آخرون بالمقلوب. لقد دفعوا حياتهم ثمنًا لنشر إنجيل ملكوت السماوات، واستخدموا حياتهم للشهادة لخلاص الرب يسوع، وبذلك نالوا استحسان الله. واليوم، يُعتقل ويضطهد العديد من الإخوة والأخوات أيضًا بسبب نشر إنجيل الله في الأيام الأخيرة. إنهم يعانون من التعذيب والضرب، ما يؤدي بهم إلى الإعاقة أو حتى الموت، لكنهم يختارون التمسك بالشهادة لله، ويرفضون الاستسلام للشيطان حتى في الموت. إنَّ موتًا كهذا يحمل معنى. على الرغم من أن الأجساد المادية تفنى من المنظور البشري، فإن أرواحهم لا تفنى. كل هذا تحت ترتيب الله. أن يقدم المرء حياته ليشهد لله هو أسمى أشكال الشهادة. بالتأمل في هذا، شعرت بأنني مستنيرة. كانت هذه البيئة الحالية هي طريقة الله في امتحاني ليرى ما إذا كنت سأختار، في مواجهة هذا الوضع المعاكس، أن أتمِّم واجباتي وأتمسك بشهادتي أم سأتخلى عن واجباتي وأعيش حياةً بلا معنى. كان الله يراقب موقفي وممارساتي. قال الرب يسوع: "وَلَا تَخَافُوا مِنَ ٱلَّذِينَ يَقْتُلُونَ ٱلْجَسَدَ وَلَكِنَّ ٱلنَّفْسَ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِٱلْحَرِيِّ مِنَ ٱلَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ ٱلنَّفْسَ وَٱلْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ" (متى 10: 28). "مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا، وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا" (متى 10: 39). إنَّ حياتي بيد الله. على الرغم من أن الشيطان يمكنه أن يسجن جسدي ويؤذيه، فإنه لا يستطيع أن يتحكم في قدري أو غايتي. إنَّ حياة كل شخص بيد الله، وكل ما نختبره مرتب بشكل مناسب من الله. لو كنت سأنبذ واجباتي لأحمي نفسي، فستكون هذه خيانة لله وسأفقد فرصتي في الخلاص. لقد وهبني الله الحياة وأتى بي إلى هذا العالم، لذلك هناك مهمة عليَّ أن أكملها. إن كوني قادرة على اتباع الخالق وتتميم واجباتي بصفتي كائنًا مخلوقًا يعني أنني لم أعش حياتي عبثًا! لقد ألهم كلام الله قلبي. مهما يكن ما يحمله المستقبل في طياته، فمن الطبيعي والمبرر تمامًا أن يخضع الكائن المخلوق للخالق. كنت على استعداد لأئتمن حياتي إلى الله، وأن أفعل كل ما في وسعي، وأتمم واجباتي. لاحقًا، وبهدف الإسراع باستعادة حياة الكنيسة، دعونا إلى اجتماع مع شمامسة الكنيسة. وعقدنا الشركة حول كيفية المثابرة في واجباتنا في أوقات الشدائد، ومقصد الله في مواجهة الاضطهاد والاعتقالات، ونفذنا أيضًا مهامًا مختلفة. بعد مرور شهرين، عادت الحياة الكنسية للإخوة والأخوات شيئًا فشيئًا إلى طبيعتها.

وذات يوم في نوفمبر، تلقينا فجأة أخبارًا أن قائد الكنيسة لي تشونغ وخمسة عشر أخًا وأختًا آخرين قد اعتقلتهم الشرطة قسرًا واقتادتهم إلى مكان مجهول. ضاق قلبي مجددًا، وشعرت بكراهية أكبر تجاه الحزب الشيوعي الصيني، أي إبليس. في صباح اليوم التالي، ناقشنا على وجه السرعة مع زملاء العمل مسألة نقل كتب كلام الله إلى مكان آمن. وبما أنني كنت الوحيدة التي تعرف الموقع الجديد، فقد تقرر أن أنقل الكتب إلى الموقع الجديد. لكنني قلت لنفسي: "هناك دائمًا مركبات وآلات تصوير في كل مكان في هذه الرحلة، من المستحيل تجنبها. إذا ما اكتشف أمري أثناء النقل، فسيكون ذلك دليلًا دامغًا، وسيُحكم عليَّ بالتأكيد. ماذا لو اضطُهِدتُ إلى حد الموت؟ هذا أمر شديد الخطورة! ربما يجب أن يذهب شخص آخر". لكن بينما كنت على وشك اقتراح ذلك، تراجعت عن كلامي. في هذه اللحظة الحرجة، كنت لا أزال أراعي سلامتي الشخصية. كيف كنت أظهر أي إخلاص بأي شكل من الأشكال؟ كنت شديدة الخوف من الموت! إنَّ حياتي بيد الله، وليست تحت سيطرتي. كان عليَّ أن أكون مخلصة لله. بالتفكير في هذا، صليت إلى الله: "يا الله، إنني أنانية وحقيرة للغاية. كنت أحاول إبعاد واجباتي مجددًا. الآن أنا على استعداد لأن ائتمنك على حياتي. أرجوك أرشدني لأتمِّم واجباتي في هذه اللحظة الحرجة وأن أنقل الكتب بأمان". في تلك اللحظة، تذكرت بعض كلمات الله: "فيما يتعلق بواجبك وما عليك عمله، والأهم من ذلك، ما يتعلق بالإرسالية التي أعطاها لك الله والتزامك، إضافة إلى العمل المهم الذي هو خارج واجبك ولكن عليك تنفيذه، والعمل المرتَّب لك، والذي تُدعى بالاسم لعمله، عليك دفع الثمن مهما تكن صعوبته. حتى وإن كان عليك أن تبذل أقصى ما تستطيع من جهد، ولو كان الاضطهاد يلوح في الأفق، ولو كان ذلك سيعرِّض حياتك للخطر، فعليك ألا تضن بالكلفة، بل أن تقدِّم ولاءك وتخضع حتى الموت" (الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. لماذا يجب على الإنسان أن يسعى إلى الحق). منحتني كلمات الله الإيمان والقوة. لقد كان هناك مقصد الله في الواجب الذي جاءني في ذلك اليوم، وما إذا كنت سأُعتقل أم لا كان مقدَّرًا من الله أيضًا. وبما أنه كان من الأنسب لي أن أنقل كتب كلام الله في تلك اللحظة، كان عليَّ أن أخضع دون قيد أو شرط. لاحقًا، وبفضل تعاون الجميع، نجحتُ في نقل الكتب إلى المكان الآمن.

من خلال هذا الاختبار، اكتسبت بعض الرؤى: حينما كنت في وضع خطير، أمدَّني كلام الله بالإيمان والشجاعة، ومكنني من المثابرة في واجباتي. في الوقت نفسه، أدركت مدى خوفي وكم كنت أُقدِّر حياتي الشخصية. لقد اكتسبت قدرًا من الفهم لشخصيتي الأنانية والشيطانية المدفوعة بالربح، وأصبحت أرى الموت بوضوح أكبر، وصرت أقل خوفًا. أصبحت أكثر ثباتًا في إيماني باتباع الله والسعي وراء حياة ذات معنى. هذه الرؤى أشياء لم أكن لأكتسبها في بيئة مريحة.

السابق:  84. تجاوزتُ قلقي بشأن مرضي

التالي:  88. مبادئ التفاعل مع الآخرين

محتوى ذو صلة

21. التحرر من مصيدة الشائعات

بقلم شايون – الصينكنتُ أعمل كضابطة في الجيش. وفي أحد أيام عام 1999، بشرني قسٌّ كوريٌّ بإنجيل الرب يسوع. وبسبب سعيي الجادّ، سرعان ما أصبحتُ...

39. رحبت بعودة الرب

بقلم تشوانيانغ – الولايات المتحدةتركني شتاء 2010 في الولايات المتحدة أشعر بالبرد الشديد. كان الأسوأ من برودة الرياح والثلوج القارسة، أن...

9. نوع مختلف من الحب

بقلم تشنغشين – البرازيللقد أتاحت لي فرصة حدثت بالمصادفة في عام 2011 أن أذهب من الصين إلى البرازيل. بعد وصولي مباشرةً، كنت غارقًا في تجارب...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب

Connect with us on Messenger