1. يمكن دخول الحياة من خلال الأمور الكبيرة والصغيرة
في فبراير 2024، كنتُ مكلّفة بالقيام بواجب نصّي في الكنيسة. شيئًا فشيئًا، بدأتُ استوعب بعض المبادئ، ولم أواجه صعوبات تُذكر في عملي. فشعرت بأن الأيام تمرّ برتابة وشيء من الملل. وتذكّرتُ كيف تكرّرت الانحرافات في أدائي لواجبي عندما بدأتُ القيام بهذا الواجب. ورغم أن الأمر كان صعب الاحتمال في ذلك الحين، إلا أنني حصدت بعض المكاسب من خلال طلب الحق. وفكّرتُ: "لقد حقق العمل بعض النتائج في الآونة الأخيرة، وكانت الانحرافات والمشكلات أقل. ونادرًا ما كنت أتعرض لأي تهذيب، ولم يحدث شيئًا مؤثرًا أو موجعًا للقلب بشكل خاص. فأين ينبغي أن أذهب لأتأمل في نفسي وأتعلم الدروس؟ وبدون دخول الحياة، ألا يكون قيامي بواجبي مجرد بذل جهد وكدح؟ وماذا سأكسب في النهاية من هذا؟" لم يسعني إلا أن أشعر بشيء من القلق في قلبي.
ذات يوم، شاهدتُ عدة مقاطع فيديو لشهادات اختبارية. كان معظمها قد كُتب بواسطة قادة وعاملين، وتنوعت الأشياء التي اختبروها بشكل كبير. شعرتُ بالغيرة في قلبي، وفكّرت: "أن تكون قائدًا أمرٌ أفضل. تتفاعل مع عدد أكبر من الناس، وتواجه أوضاعًا أكثر، وهناك دروس تتعلمها كل يوم، فيكون الرجاء في كسب الحق ونيل الخلاص أعظم". ثم تذكّرتُ أنه في السابق، عندما كنتُ مشرفة في الكنيسة، كنتُ أتفاعل مع عدد أكبر من الناس، وكنتُ قد أحرزت بعض التقدّم في تمييز الناس والتعامل معهم بحسب المبادئ. لم يكن الوضع كما هو الآن في واجبي النصي، حيث لا أتفاعل يوميًا إلا مع العدد القليل من الناس من حولي، ولا أواجه أي مشكلات تُذكر. راودني شعورًا بأن فرصي لتعلُّم الدروس وكسب الحق باتت ضئيلة للغاية. لقد آمنت بالله لأكثر من عشر سنوات. فإن لم أربح الحق، في النهاية، ألن أُكشف وأُستبعد؟ شعرت بأنني يائسة بشكل لا يمكن تفسيره، وراودتني حتى فكرة تغيير واجبي أو بيئتي لأتمكن من خوض بعض الاختبارات، حتى لو كان ذلك يعني التبشير بالإنجيل أو سقاية المؤمنين الجدد. لكنني كنتُ أعلم أن مثل هذه الأفكار غير واقعية تمامًا. فقد نمَّتني الكنيسة لفترة طويلة على أداء العمل النصي، كما أن إعادة توزيع الواجبات لا يكون بطريقة عرضية ما لم توجد ظروف استثنائية. في ذلك الوقت، شعرت بأنني يائسة وافتقرت إلى الدافع في واجبي.
خلال أحد الاجتماعات، صارحتُ أختًا كنتُ أتعاون معها عن حالتي. فعقدت معي شركة قائلة: "يمكن دخول الحياة من خلال الأمور الكبيرة والصغيرة. فلا يشترط أن يختبر الإنسان أحداثًا موجعة للقلب أو يتعرض للتهذيب حتى يتأمل في نفسه ويتعلّم الدروس. المفتاح هو أن يُدرك المرء كشوف أفكاره اليومية، ويولي اهتمامًا لتعلم الدروس من جميع الأشياء المختلفة التي تواجهه". وصادف أن شاهدتُ مقطع فيديو لشهادة اختبارية بعنوان: الأشياء الصغيرة في الحياة هي أيضًا فرص للتعلّم. وكانت حالة البطلة قريبة جدًا من حالتي. بعد مشاهدته، تبيّن لي أن سبب الجمود في دخولي إلى الحياة لم يكن رتابة واجبي، بل لأن هناك مشكلة في وجهة نظري تجاه الأشياء. وفي طلبي، قرأتُ فقرة من كلمات الله: "ينطوي أي واجب تؤديه على دخول الحياة. سواء كان واجبك منتظمًا قليلًا أو غير منتظم، مملًا أو مفعماً بالحيوية، يجب عليك دائمًا تحقيق دخول الحياة. الواجبات التي يؤديها بعض الناس رتيبة إلى حد ما؛ فهم يفعلون نفس الشيء كل يوم. لكن عند القيام بهذه الواجبات، فإن الحالات التي يكشفها هؤلاء الأشخاص ليست كلها متجانسة. ففي بعض الأحيان، عندما يكون الناس في مزاج جيد، يكونون أكثر اجتهادًا ويقومون بعمل أفضل. وفي أحيان أخرى، ونتيجة لتأثيرٍ ما غير معروف، تثير شخصياتهم الشيطانية الفاسدة حب الأذى في نفوسهم، مما يدفعهم إلى حمل آراء غير لائقة، وجعلهم في حالات وأمزجة سيئة؛ وهذا يؤدي بهم إلى أداء واجباتهم بطريقة روتينية. تتغير الحالات الداخلية للناس باستمرار؛ إذ يمكن أن تتغير في أي مكان وفي أي وقت. بغض النظر عن كيفية تغير حالتك، فمن الخطأ دائمًا التصرف بناءً على حالتك المزاجية. لنفترض أنك تعمل بشكل أفضل قليلاً عندما تكون في مزاج جيد، وأسوأ قليلاً عندما تكون في مزاج سيئ – فهل تتفق هذه الطريقة في فعل الأشياء مع المبادئ؟ هل سيسمح لك هذا بأداء واجبك وفقًا لمعيار مقبول؟ بغض النظر عن مزاج الناس، يجب أن يعرفوا كيف يصلّون أمام الله، وكيف يسعون إلى الحق وبهذه الطريقة فقط يمكنهم الامتناع عن أن يقيدهم مزاجهم ويؤرجحهم جيئة وذهابًا. عند أداء واجبك، يجب أن تفحص نفسك دائمًا لترى ما إذا كنت تقوم بالأشياء وفقًا للمبادئ، وما إذا كان أداؤك لواجبك بالمستوى المطلوب، سواء كنت تقوم بذلك بطريقة روتينية أم لا، وسواء حاولت أن تتهرب من مسؤولياتك أم لا، وما إذا كانت هناك أي مشاكل في سلوكك وطريقة تفكيرك. بمجرد أن تفرغ من تأملك في نفسك وتتضح لك هذه الأمور، سيصبح أداؤك لواجبك أسهل" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. يبدأ دخول الحياة بأداء الواجب). بعد قراءة كلمات الله، أدركتُ أنه أيًّا كان الواجب الذي يقوم به المرء في بيت الله، طالما أنه يسعى إلى الحق، يمكنه أن يحرز تقدمًا في حياته. وعندما تأملتُ في نفسي، أدركتُ أنني كنتُ أظن أن القيام بالعمل النصي، لما ينطوي عليه من تفاعلات محدودة واختبارات قليلة، قد يؤدي إلى بطء في دخول الحياة. لذلك عشتُ في مشاعر من المقاومة، غير راغبةٍ في القيام بهذا الواجب. الآن فقط أدركت كم كان هذا المنظور مُحرَّفًا. فإن لم يسعَ المرء إلى الحق، فلن يحقق دخولًا في الحياة مهما كان الواجب الذي يقوم به، وفي النهاية، لن يكسب شيئًا. تذكّرتُ شياومياو، وهي من أضداد المسيح ممّن عرفتُ، وكانت تتولى دائمًا منصب قائدة. لكنها لم تسلك الطريق الصحيح، ولم تسعَ إلى الحق، بل كانت تلاحق الشهرة والمكانة باستمرار. وفي النهاية، عطّلت وأربكت عمل الكنيسة، ورفضت التوبة تمامًا، فكُشف أمرها واُستبعدت. وعلى النقيض، كان بعض الإخوة والأخوات يقومون بواجبات تبدو غير مهمة، ولا يتفاعلون كثيرًا مع الآخرين، ومع ذلك، متى ما حدثت أشياء، كانوا يركزون على طلب الحق، والتأمل في ذواتهم، وكانوا يكتسبون بعض الفهم الاختباري. أدركتُ أن دخول الحياة وكسب الحق لا يعتمدان على نوع الواجب الذي يقوم به المرء، بل على ما إذا كان يسعى إلى الحق ويمارسه. فحتى وإن بدا عملي النصي، على السطح، رتيبًا بعض الشيء ولا يتضمّن تفاعلًا مع عدد كبير من الناس، إلا أن الأشياء التي أواجهها عادةً مازالت تحتوي على دروس يمكن تعلّمها. فعلى سبيل المثال، عندما كان عبء العمل يزداد وتزداد المقالات الوعظية المطلوب تقييمها للاختيار، كنتُ أصبح مهملةً ولا مباليةً وأقصِّر في أن أتفحَّص التفاصيل. وقد أدّى ذلك إلى أخطاء استوجبت إعادة العمل وأخَّرت التقدّم. وخلال تقييم المقالات الوعظية بغرض الاختيار، كنتُ أكشف أيضًا عن شخصية متعجرفة، إذ كنتُ أظن أنني أقوم بهذا الواجب منذ وقت طويل واكتسبتُ بعض الخبرة فيه، فلم أعد أطلب المبادئ واعتمدتُ على إرادتي الذاتية. ونتيجة لذلك، فقد تجاهلت بعض المقالات الوعظية الموهَّلة. وعلاوة على ذلك، عندما كانت تظهر بعض النتائج في العمل، لقد عشت في حالة من الرضا عن النفس، إذ كنت أركن إلى أمجادي، وأكتفي بالمضي بأقل جهد. وفي الحياة، في بعض الأحيان عندما كانت الأخت التي أتعاون معها تقول شيئًا من دون قصد يمسّ كبريائي، كنتُ أُصبح شديدة الحسّاسية. حتى أنني كنت أشك في أنها كانت تحتقرني، وقد انتهى بي الأمر إلى الانشغال بكبريائي ومكانتي. أدركتُ أنه في الحياة اليومية والعمل، كنتُ أواجه أمورًا مختلفة، صغيرة وكبيرة. وأنه متى أوليتُها اهتمامًا جادًا، وطلبتها وتفكرت فيها، كان بإمكاني أن أتعلم دروسًا من كل شيء. أدركت أن افتقاري لدخول الحياة لم يكن بسبب الواجب الذي قمت به، بل بسبب تقصيري في السعي إلى الحق وتركيزي فقط على إنجاز الأشياء. فعلى الرغم من انشغالي اليومي، لم أكن أتعلم أي دروس.
فيما بعد، قرأت كلمات الله التالية: "إذا كنت حقًّا على استعداد للسعي إلى الحق والخلاص، فالخطوة الأولى هي أن تبدأ بالتحرر من شخصياتك الفاسدة، ومن مختلف الأفكار والمفاهيم والتصرفات الخاطئة. اقبل البيئات التي رتبها الله لك في حياتك اليومية، ورحِّب بتمحيصه وامتحانه وتوبيخه ودينونته، واجتهد للممارسة تدريجيًّا وفقًا لمبادئ الحق عندما تحلُّ بك الأمور، وحوِّل كلام الله تدريجيًّا إلى المبادئ والمعيار التي تتصرف بحسبها وتتعامل في حياتك اليومية، واجعله حياتك. هذا ما يجب أن يتجلى في الساعي إلى الحق، وهذا ما يجب أن يتجلى في شخص يسعى إلى الخلاص. يبدو الأمر سهلًا، والخطوات بسيطة، ولا يوجد شرح مطول، لكن ممارسته ليست بهذه السهولة. هذا لأن هناك الكثير من الأشياء الفاسدة داخل الناس: تفاهتهم، ومكائدهم الصغيرة، وأنانيتهم، ودناءتهم، وشخصياتهم الفاسدة، وجميع أنواع الحيل. بالإضافة إلى ذلك، يمتلك بعض الناس المعرفة، فقد تعلموا بعض فلسفات التعاملات الدنيوية والتكتيكات المتلاعبة في المجتمع، ولديهم بعض أوجه القصور والعيوب من جهة إنسانيتهم. على سبيل المثال، بعض الناس شره وكسول، والبعض الآخر معسول الكلام، وبعضهم له طبيعة شديدة الوضاعة، والبعض الآخر مغرور، أو مندفع أو متهور في أفعاله، بالإضافة إلى العديد من الأخطاء الأخرى. ثمة العديد من أوجه القصور والمشكلات التي يحتاج الناس إلى التغلب عليها من جهة إنسانيتهم. ومع ذلك، إذا كنت ترغب في بلوغ الخلاص، وإذا كنت ترغب في ممارسة كلام الله واختباره، وربح الحق والحياة، فعليك قراءة كلام الله أكثر، وتحقيق فهم للحق، والقدرة على ممارسة كلماته والخضوع لها، والبدء بممارسة الحق والتمسك بمبادئ الحق. هذه مجرد بضع عبارات بسيطة، ولكن الناس لا يعرفون كيفية ممارستها أو اختبارها. أيًّا كان مستوى قدراتك أو تعليمك، ومهما كان عمرك أو سنوات إيمانك، فعلى أي حال، إذا كنت على الطريق الصحيح لممارسة الحق، مع الأهداف والتوجيه الصحيحين، وإذا كان ما تسعى إليه وتمارسه هو بالكامل من أجل ممارسة الحق، فإن ما تربحه في النهاية سيكون بلا شك واقع الحق وأن يصبح كلام الله حياتك. حدِّد هدفك أولًا، ثم مارس تدريجيًّا وفقًا لهذا المسار، وفي النهاية، ستربح شيئًا بالتأكيد. هل تصدِّقون بهذا؟ (نعم)" [الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. كيفية السعي إلى الحق (20)]. عند التفكر في كلمات الله، أدركتُ أن مفتاح تحقيق الخلاص، يكمن في ما إذا كان المرء يسعى إلى الحق، وما إذا كان هناك تغيير في شخصيته الحياتية. هذا هو الجوهر. فعلى سبيل المثال، كنتُ كثيرًا ما أشتكي من عدم تحقيق دخول الحياة، وأقلق من عدم قدرتي على كسب الخلاص. لقد كنت غير فعالة وسلبية في واجبي، بل وفكرت في طلب إعادة تعييني في واجب آخر. لقد كان هذا الأمر الذي واجهته فرصة جيدة لي لأن أطلب الحق، وأتأمل في ذاتي. ولكن بدلًا من الطلب والدخول، كان لدي باستمرار طموحات عالية للغاية، راغبةً في اختبار أمور ذات مغزى. ولم يكن هذا تعبيرًا عن السعي إلى الحق! فكيف لي أن أصل إلى الحق وأحقق الخلاص وأنا مستمرة على هذا النحو؟ لم أرغب إلا في اختبار الأمور ذات المغزى، ولقد أغفلت الأمور الصغيرة التي تحدث يوميًّا. في بعض الأحيان، عندما كنتُ أكشف عن حالات خاطئة أو تطرأ في ذهني أفكار أو آراء غير لائقة، كنتُ أظن أنها لا تمثل مشكلة كبيرة ما دامت لا تؤثّر على واجبي، وأنه لا يهم إن عولجت أم لا. وقد أدى هذا إلى ضياع العديد من الدروس التي كان ينبغي أن أتعلمها بلا جدوى، وهو ما شكّل أيضًا انحرافًا في دخولي الحياة. في الواقع، ما دمتُ تسعى إلى الحق بجدية وهدف واضح، يمكنك أن تتعلّم دروسًا من أي وضع. فعلى سبيل المثال، أحيانًا بعد أكل وشرب كلمات الله، تكتسب بعض الفهم لحالتك ومشكلاتك الشخصية وتجد طريقًا للممارسة، ما يؤدي إلى بعض المكاسب. وأحيانًا، حتى إن لم تختبر شيئًا بنفسك، يمكنك من خلال الاستماع بانتباه إلى شركة الإخوة والأخوات من حولك أن تكسب أيضًا فوائد ودروسًا على أي حال. علاوة على ذلك، فإن الانتباه إلى فحص أفكارك وآراءك أثناء القيام بواجبك، والقدرة على التأمل في نفسك، والممارسة وفقًا لكلمات الله، يمكن أن يؤدّي أيضًا إلى نموّ في الحياة. وعندما أدركت ذلك، شعرتُ أنني كنتُ مخدَّرة للغاية، وقد أضعتُ العديد من الفرص لكسب الحق، بل وعزوتُ كذبًا افتقاري لدخول الحياة إلى رتابة واجبي. لقد كنتُ مثل من يحضر وليمة ويتضوّر جوعًا – كم كنتُ حمقاء!
لاحقًا، قرأتُ فقرة من كلمات الله أفادتني كثيرًا في حالتي، وعرفتُ أيضًا كيفية الممارسة والدخول. يقول الله القدير: "إن الأمور التي تنطوي على اتّباع طريق الله لا تنقسم إلى أمور صغيرة أو كبيرة، بل جميعها امرٌ جللٌ – هل يمكنكم قبول ذلك؟ (يمكننا قبول ذلك). من حيث الأمور اليومية، توجد بعض الأمور التي يراها الناس كبيرة ومهمة للغاية، وتوجد بعض الأمور الأخرى التي تُرى على أنها تفاهات صغيرة. غالبًا ما ينظر الناس إلى هذه الأمور الكبيرة على أنها هي الأمور المهمة للغاية، ويعتبرونها مُرسلة من الله. لكن أثناء عمل هذه الأمور الكبيرة، وبسبب قامة الإنسان غير الناضجة ومقدرته الضعيفة، غالبًا ما لا يرتقي إلى مقاصد الله ولا يمكنه الحصول على أية رؤى، أو معرفة فعلية ذات قيمة. بقدر ما يتعلق الأمر بالأمور الصغيرة، يتغاضى الإنسان ببساطة عن هذه، ويتركها تمر رويدًا رويدًا. وهكذا يفقد الناس فرصًا عديدة في أن يُفحصوا أمام الله ويُختبروا منه. إن تغاضيت دائمًا عن الناس والأشياء والأمور والظروف التي رتبها الله لك، فماذا سيعني هذا؟ يعني أنك في كل يوم، وكل لحظة، تتنصل من تكميل وقيادة الله لك. وريثما يرتب الله ظرفًا لك، فإنه يراقب في الخفاء، وينظر إلى قلبك، وإلى أفكارك واعتباراتك، ينظر إلى كيف تفكر وكيف ستتصرف. إن كنت شخصًا مُهْمِلاً – شخصًا لم يكن جادًّا قط بشأن طريق الله أو كلمته أو الحق – فأنت لن تنتبه ولن تبالي بما يريد الله إتمامه وما يطلبه منك، عندما يرتب ظروفًا لك. لن تعرف أيضًا كيف تتعلق الناس والأمور والأشياء التي تواجهها بالحق أو بمقاصد الله. بعد أن تواجه ظروفًا وتجارب متكررة مثل هذا، وعندما لا يرى الله أي إنجازات تضاف إلى اسمك، كيف سيمضي الله قُدمًا؟ بعد تكرار مواجهتك للتجارب، ها أنت لا تُمجّد الله في قلبك، ولا تتعامل مع الظروف التي يرتبها الله من أجلك كما هي – سواء كانت تجارب أو اختبارات من الله. بل ترفض الفرص التي يمنحها لك الله واحدةً تلو الأخرى وتدعها تفلت من يدك مرةً بعد مرةً، أوليس هذا عصيانًا كبيرًا من الإنسان؟ (نعم إنه كذلك)" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. كيفية معرفة شخصيّة الله والنتائج التي يحققها عمله). أشارت كلمات الله إلى طريق الممارسة لدخول الحياة. فاتباع طريق الله لا يُفرّق بين الأمور الكبيرة والصغيرة. إذ إن كل ما يواجهه المرء، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، ينطوي على مبادئ حق مختلفة، ويتطلّب طلب الحق من أجل الدخول. تذكّرتُ بطرس، الذي سلك طريق السعي إلى الحق من خلال التركيز على تأمل الذات وطلب مقاصد الله في جميع الأمور. وقد مارس ودخل بصرامة وفقًا لكلام الله، وقد ربح الحق في النهاية وكمَّله الله. أما أنا، فعلى النقيض من ذلك، فقد كنت أتغافل عن عملي الأساسي، وأطمح لأهداف أكبر مما ينبغي، راغبةً دائمًا في تعلُّم الدروس من بعض الأمورذات المغزى بينما أُهمل الأمور التي كنتُ أعدّها تافهة. ونتيجة لذلك، فقد أضعتُ الكثير من الفُرص لكسب الحق. وعندما فكّرتُ في نفسي، وجدتُ أنني لم أكن حتى أُولي الأمور الصغيرة اهتمامًا في معظم الأحيان. فكيف لي إذًا أن أتعلم دروسًا من الأمور الكبيرة؟ من الآن فصاعدًا، كان عليَّ أن أتعلم اتباع طريق بطرس. فسواء كانت الأمور التي أواجهها كبيرة أو صغيرة، ينبغي أن أركّز على فحص الأفكار والآراء الكامنة وراء تصرفاتي، والنوايا الخاطئة التي كانت لديَّ، وأيضًا الشخصيات الفاسدة التي كشفت عنها. كان عليَّ أن أُولي طلب الحق اهتمامًا أكثر لمعالجة هذه الأمور. وأيضًا، رغم أن عملي قد أحرز بعض النتائج، لا ينبغي لي أن أكتفي بالوضع الراهن. كان عليَّ أن أتأمل أكثر وألخِّص الانحرافات والثغرات الموجودة في العمل، والمشكلات التي لم ألاحظها، وأسعى جاهدةً لأن أقوم بالعمل بشكل أفضل. وبعد أن أدركتُ ذلك، لم أعد أقاوم العمل النصي. وبدأتُ أيضًا أركّز على دخولي الشخصي أثناء قيامي بواجبي، فلا أترك الأشياء تمرّ دون انتباه وأتجنّب أن أكون "شخصًا مهملًا". وبعد أن مارست بهذه الطريقة، حقّقت بعض المكاسب.
بعد أيام فقط، كلّفتنا المشرفة بتقييم عدد من المقالات الوعظية للاختيار، فأتممنا عملية التقييم والاختيار بسرعة، إلا أن الإخوة والأخوات قدموا اقتراحات مختلفة بشأن نتائج تقييماتنا. لاحقًا، أدركتُ أن تقييماتنا كانت بالفعل غير دقيقة. فظننتُ أن تصحيح هذا الخطأ في المرات القادمة سيكون كافيًا، لكنني أدركت في ما بعد أن هذا النهج غير كافٍ. كان يجب أخذ أي انحراف في واجبي على محمل الجد. كان عليَّ أن أتفكَّر في سبب وقوع هذا الانحراف ومكانه، وما إذا كان ناتجًا عن شخصيات فاسدة أم عن نقص في الخبرة. فإن اكتفيتُ فقط بالنظر في المشكلة بإيجاز دون أن أُولي اهتمامًا للتأمل في مشكلاتي، فكيف لي أن أتعلم الدروس؟ ثم قرأتُ كلمات الله التالية: "إذا كنت تريد نيل الحق، فمن أين تبدأ؟ ابدأ بالأشخاص، والأحداث، والأشياء من حولك، واعرف كيفية تعلُّم الدروس وطلب الحق. لن تتمكَّن من نيل الحق إلا من خلال طلب الحق ومقاصد الله في الأشخاص، والأحداث، والأشياء من حولك" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. ينبغي للمرء أن يتعلم من الأشخاص، والأحداث، والأشياء القريبة منه لكي يربح الحق). ثم تفكرت: كان من الممكن تجنّب المشكلات التي أشار إليها الإخوة والأخوات لو كنا أكثر انتباهًا أثناء التقييم، ولكن لماذا حدثت مثل هذه الانحرافات؟ وبعد التأمل في ذلك، أدركتُ أن تفكيري أثناء تقييم المقالات الوعظية كان معيبًا. إذ كنتُ أرى أن جودة المقالات الوعظية التي كتبها أولئك الإخوة والأخوات في السابق كانت ضعيفة، فأزدريتهم بسبب شخصيتي المتعجرفة. ولم أراجع مقالاتهم الوعظية بعناية، ما أدى إلى تلك الانحرافات. وقد تبيّن لي أنه إن لم أعالج شخصياتي الفاسدة، فلن أستطيع القيام بواجبي كما ينبغي.
بعد اختبار ذلك، أدركتُ بصدق أن السعي إلى دخول الحياة، يتطلّب أولًا أن يتحلّى المرء بقلبٍ يجوع ويعطش إلى البرّ، وأن يبدأ بالأمور الكبيرة والصغيرة التي يواجهها يوميًا. وينبغي أن يُلاحظ ما يكشفه من شخصيات فاسدة في كل وضع، ويطلب بنشاط ويتأمّل في أفكاره وآرائه الكامنة في داخله، ثم يتبع كلمات الله ومبادئ الحق للممارسة والدخول. من خلال التراكم التدريجي والتركيز على تعلُّم الدروس في كل الأمور، ستصبح خبراته الحياتية أكثر ثراءً ويقترب أكثر من هدف الخلاص. الشكر لله!