كلمات حول القيام بواجب

اقتباس 30

ما هو الواجب؟ الإرسالية التي يأتمن الله الإنسان عليها هي الواجب الذي ينبغي للإنسان تأديته. أيًا ما يأتمنك الله عليه، فهذا هو الواجب الذي ينبغي أن تؤديه. ولكي تؤدِّي واجبك، عليك تعلُّم أن تبقى واقعيًّا وألَّا تسعى لما هو أبعد من قُدرتك. كُفَّ عن الاعتقاد الدائم بأنَّ ما ليس لديك أفضل، والإصرار على فعل ما لا يُناسبكَ. بعض الناس يُناسبهم أن يكونوا مضيفين، ولكنَّهم يصرُّون على أن يكونوا قادة، آخرون يُلائمهم أن يكونوا ممثِّلين، ولكنَّهم يريدون أن يكونوا مُخرجين. ليس حسنًا أن تسعى على الدوام لنيل مناصبَ أعلى. على المرء أن يجد دوره ومنصبه وأن يحددهما بدقة؛ هذا ما يفعله الإنسانُ ذو العقل. بعد ذلك عليه أن يؤدِّي واجبه جيدًا وبموقفٍ راسخ الثبات ليردُّ لله محبَّته ويرضيه. إن امتلك الإنسان هذا الموقفَ في أثناء تأديته لواجبه، فسيكون قلبه راسخًا وفي سلام؛ سيستطيع قبول الحق في واجبه، وسيتمكن تدريجيًّا من أداء واجبه وفق متطلبات الله. سيكون باستطاعته التخلُّص من شخصيَّاته الفاسدة، والخضوع لكل ترتيبات الله، وأداء واجبه على النحو المناسب. هذا هو الطريق لربح استحسان الله. إذا كنت قادرًا فعلًا على بذل ذاتك لله وتأدية واجبك بعقلية صحيحة؛ عقلية صحيحة تتمثل في محبَّته وإرضائه، فسيقودك عمل الروح القدس ويرشدك، وستكون مستعدًا لممارسة الحق والتصرُّف وفق المبادئ خلال تأديتك لواجبك، وستصبح شخصًا يتقي الله ويحيد عن الشرِّ. بهذه الطريقة، ستعيش كلِّيًا شبه الإنسان الحقيقي. تنمو حياة الناس تدريجيًّا بينما يؤدون واجباتهم. أولئك الذين لا يؤدون واجباتهم يعجزون عن بلوغ الحق والحياة، أيًّا كان عدد سنين إيمانهم، وذلك لأنَّهم يفتقرون إلى بركة الله. فالله لا يُبارك إلَّا أولئك الذين يبذلون أنفسهم من أجله ويؤدُّون واجباتهم بأفضل ما يستطيعون. أيًّا كان الواجب الذي تؤدِّيه، أيًّا كان ما يمكنك فعله، فلتعده مسؤوليَّتك وواجبك؛ اقبله وافعله جيدًا. كيف تفعله جيدًا؟ بفعلك إياه كما يطلب الله تمامًا؛ بكلِّ قلبك وبكلِّ فكرك وبكلِّ قدرتك. عليك أن تتأمَّل هذه الكلمات وتنظر كيف يمكنك أن تؤدِّي واجبك بكلِّ قلبك. على سبيل المثال، إن رأيتَ شخصًا يؤدي واجبه دون مبادئ، يقوم به بغير مبالاة وبحسب مشيئته هو، وجال في خاطرك: "لا يهمني، تلك ليست مسؤوليَّتي"، فهل يمثل هذا قيامك بواجبك بكلِّ قلبك؟ لا، هذا يعكس عدم تحليك بالمسؤوليَّة. إن كنتَ شخصًا تتحمَّل المسؤوليَّة، فعندما تواجه مثل هذا الموقف ستقول: "هذا غير مقبول. قد لا يكون ذلك تحت نطاق إشرافي، لكني أستطيع إخبار القائد بهذه المسألة وأتركه هو يتعامل معها وفق المبادئ". بعد أن تفعل ذلك، سيرى الجميع أنه كان تصرفًا ملائمًا، وسيرتاح قلبك وستكون قد أتمَّمت مسؤوليَّتك. حينها تكون قد أديت واجبك من كلِّ قلبك. إن كنت غير منتبه على الدوام – أيًّا كان العمل الذي تؤديه – وقلتَ: "إن قمت بهذا العمل بطريقة بسيطة وسريعة دون عناية، فسأنجزه بصورة مشوشة. ففي نهاية المطاف، لا أحد سيتفقَّده. لقد قدَّمتُ أفضل ما عندي بقدراتي المحدودة وبما لدي من مهارات مهنية. إنَّ إنجازه فحسب جيد بما يكفي. إضافةً إلى ذلك، لن يسألني أحد عنه أو يكون صارمًا معي بشأنه، فهو ليس بتلك الأهمِّيَّة". فهل وجود هذه النيَّة وهذه العقلية يعني تأديتك لواجبك بكلِّ قلبك؟ كلَّا، هذا لا مبالاة، وهو كشفٌ لشخصيَّتك الشيطانيَّة والفاسدة. هل يمكنك تأدية واجبك بكلِّ قلبك بالاعتماد على شخصيَّتك الشيطانيَّة؟ كلَّا، ذلك لن يكون ممكنًا. فما معنى أن تؤدي واجبك بكلِّ قلبك؟ ستقول: "حتَّى وإن لم يسأل الأعلى عن هذه المَهمَّة، وهي لا تبدو مُهمَّة جدًّا من بين جميع أعمال بيت الله، لكنني سأقوم بها جيدًا؛ فهذا واجبي. ما إذا المَهمَّة مُهِمَّةً أم لا فهذا شأنٌ، وما إذا كنتُ أستطيع القيام بها جيدًا أو لا فذاك شأنٌ آخر". ما هو المهمُ؟ ما إذا كان بمقدورك القيام بواجبك جيدًا وبكلِّ قلبك أم لا، وما إذا كان بمقدورك الالتزام بالمبادئ والممارسة بحسب الحق. هذا هو المهم. إن كان بإمكانك ممارسة الحق وفعل الأمور وفق المبادئ، فحينها تكون فعلًا مؤدِّيًا لواجبك بكلِّ قلبك. إن أديتَ نوعًا واحدًا من الواجب جيدًا، ولكنك لم تزل لا تشعر بالرضا بعد وتودُ حتى تأديةَ نوعٍ أهمٍّ من الواجب، وأنت قادر على تأديته جيدًا، فهذا حينئذٍ قيام بواجبك من كلِّ قلبك، إلى حتى مستوى أعلى. لذا، إن كان بوسعك القيام بواجبك من كلِّ قلبك، فإلام يُشير ذلك؟ من جهة، يعني أنَّك تقوم بواجبك حسب مبادئ كلمات الله. ومن أخرى، يعني أنَّك قد قبلتَ تمحيص الله، وأنَّ الله موجود في قلبك، يعني أنَّك لا تقوم بواجبك للتباهي، أو كيفما تشاء أو بحسب ما تفضِّله، بل بالحري، تحسبه إرساليَّةً ائتمنك الله عليها وأنت تقوم بها انطلاقًا من تلك المسؤوليَّة والقلب، لا بحسب مشيئتك، بل بالكامل وفق متطلَّبات الله. أن تؤدي واجبك من كلِّ قلبك، هو أنْ تضع قلبك بالكامل في واجبك. بعض الأشخاص لا يفهمون الحقائق عن تأدية الواجبات. إنهم يتذمرون عندما تحلُّ بهم بعض المشقات، ودائمًا ما يتسبَّبون بضجَّة حول اهتماماتهم الشخصيَّة وربحهم وخسارتهم. إنهم يفكرون: "إنْ أديتُ الواجب الذي أوكله القائد لي جيدًا، فسيجلب ذلك له الشرفَ والمجدَ، ولكن من سيذْكُرني؟ لن يعلم أحد أنَّني مَن قمت بالعمل، وسيحظى القائد بالتقدير كله عنه. أليست تأديتي لواجبي على هذا النحو تَخدِم الآخرين" ما نوع هذه الشخصيَّة؟ متمرِّدة، وهؤلاء الناس هم أنواع سخيفة. لا يفهمون إرساليَّة الله بالصورة الصحيحة. لديهم رغبة مستمرَّة بأن يكونوا بمناصب السُلطة، أن يحظوا بالتقدير والمكافأة، وأن يُظهروا أنفسهم بصورة حسنة. لماذا يُركِّزون دائمًا على الشهرة والربح؟ يُظهر ذلك أن رغبتهم بالشهرة والربح شديدة، ولا يُدركون أنَّ غاية تأديتهم لواجبٍ هي إرضاء الله، أو أنَّ الله يمحِّص أعماق قلب كلِّ شخص. ينقص هؤلاء الأشخاص الإيمانَ الحقيقيَّ بالله، لذا يُصدرون أحكامهم وفق الوقائع التي يرونها بعيونهم، مما يُفضي بهم إلى تكوين آراء خاطئة. وبالتبعية، يصبحون سلبيِّين وغير فعَّالين في عملهم وعاجزين عن تأدية واجباتهم من كلِّ قلبهم ومن كلِّ قدرتهم. لأنَّهم يفتقرون للإيمان الحقيقيِّ ولا يعرفون أنَّ الله يمحِّص أعماق قلب الناس، فيركِّزون على تأدية واجباتهم لكي يراهم الآخرون، ويجعلون المعاناة والمشقات التي يتحمَّلونها معروفة عند الآخرين، ويطلبون المديح والاستحسان من القادة والعاملين. يظنُّون أنَّ القيام بواجبٍ ما لا يستحق العناء إلا إن قاموا به وفق هذا الأسلوب، وليس مجيدًا إلا إن رآهم الجميع يقومون به. أليس هذا دنيء؟ إنهم يؤمنون بالله، ولكن ليس أنَّهم بلا إيمان فحسب، بل أيضًا لا يقبَلون أو يَفهمون الحق بأيِّ مستوى. كيف يمكن لأناس كهؤلاء أن يقوموا بواجبٍ جيدًا؟ ألا توجد مشكلة في شخصياتهم؟ إن حاولتَ الشركة معهم حول الحق معهم وما زالوا لا يَقبلونه، فلديهم إذًا شخصيَّة شريرة. إنهم يُخفقون في تحمُّل مسؤوليَّاتهم المعقولة ولا يلتزمون بواجباتهم. عاجلًا أم آجلًا، ينبغي أن يُستبعدوا. ينبغي للذين يؤدُّون واجباتهم أن يكونوا أناسًا بإنسانيَّة طبيعيَّة. عليهم التحلي بعقلٍ سليم، وينبغي لهم أن يكونوا قادرين على الخضوع لجميع ترتيبات الله وتنظيماته. يهِبُ الله مستوى قدرات ومواهب لأشخاص مختلفين، والناس المختلفون مناسبون بصورة أفضل ليقوموا بواجبات مختلفة. حريٌّ بك ألَّا تكون انتقائيًّا للغاية وتختارَ واجبًا بحسب ما تُفضِّل، منتقيًا القيام بالواجبات المريحة والسهلة التي تتلاءم مع رغباتك الخاصَّة. هذا خطأ. هذا ليس قيامًا بالواجب من كلِّ قلبك وهذه ليست تأدية واجبٍ. الأمر الأوَّل الذي عليك القيام به لكي تؤدِّي واجبًا هو أن تضع كلَّ قلبك فيه. بعد ذلك، بغضِّ النظر عمَّا تفعل، إن كانت مهمَّة كبيرة أو صغيرة، قذرة أو مُرهقة، مهمَّة تُتمَّم أمام الناس أو في الكواليس، مهمَّة مُهِمَّةٌ أو غير مهمَّةٍ، عليك اعتبارها جميعًا واجبًا لك وتلتزم بمبدأ القيام بها من كلِّ قلبك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك. وبعد أن تؤدِّي واجبك، إن انتهى بك الأمر شاعِرًا بأن ضميرك غير صافٍ تمام الصفاء بخصوص بعض العمل الذي قمت به، وأنَّ بعض عملك لم يُتمَّم جيدًا ونتائج جهودك ليست جيِّدة جدًّا، رغمَ وضعك كلَّ قلبك فيه، فماذا عليك أن تفعل؟ يفكر بعض الناس: "حسنًا، لقد وضعت كلَّ قلبي في واجبي، ولكن النتائج لم تكن جيِّدة جدًّا. ليست مشكلتي. هي بين يديِّ الله الآن". ما نوعُ هذا الرأي؟ هل هذا هو الرأيُّ الصائبُ؟ إنهم لا يبذلون أنفسهم فعلًا لأجل الله لأنَّهم غير راغبين بطلب الحق ليحلُّوا المشاكل، إنهم هم غير راغبين بإرضاء الله ولا تزال لديهم وجهة نظر غير مبالية حيال واجبهم. يبدو أن هذه الفئات من الناس تفتقر للقلب. عندما نتحدَّث عن قيامك بواجبك من كل قلبك، فذلك يعني قلبك بأكمله، لا يمكنك أن تقوم بواجبك بنصف قلب، عليك أن تُكرِّس نفسك، وتُؤدي واجبك بعناية، وتُظهِر ولاءك، متبنِّيًا موقفًا مسؤولًا لضمان أنَّ المهام تمَّت بصورة جيدة، محقِّقًا النتائج التي عليك تحقيقها. وعندها فقط يمكن أن يُدعى ذلك تأدية واجبٍ من كل قلب المرء. إن رأيتَ أنَّ نتائج عملك ليست جيِّدة وفكرت في نفسك: "لقد قمت بأفضل ما في وسعي. لقد ضحَّيتُ بالنوم، وتخلَّيتُ عن وجباتِ طعامٍ، وسهرتُ لوقتٍ متأخِّرٍ، تأخرتُ أحيانًا في حين ذهب الآخرون ليسترخوا ويتمشُّوا. لقد تحمَّلتُ مشقات ولم أكن طماعًا بوسائل الراحة الجسديَّة. وذلك يعني أنَّني قمت بواجبي من كلِّ قلبي". هل هذا الرأيُ صائب؟ لقد استثمرتَ وقتك وبذلتَ جهدًا. ظاهريًّا، تبدو كأنَّك أديت كل هذا بروتينية، ولكن النتائج التي حصلت عليها ليست جيدة، ولا تتقبَّل المسؤولية لذلك ولا يعنيك ذلك. هل هذا قيام بواجبك من كلِّ قلبك؟ (كلَّا). هذا ليس قيامًا بواجبك من كلِّ قلبك. عندما يُحدِّد الله إن كان شخصٌ ما يقوم بأمرٍ من كلِّ قلبه، فما الذي يَنظر إليه؟ من جهة، يَنظر إن كنتَ قد باشرتَ هذا الأمرَ بموقف ضميري ومسؤول. من جهة أخرى، ينظر إلام تفكر بينما تقوم به، إن كنت تؤدِّي بعناية الواجب الذي عليك تأديته، وفيما لو كنت تفعله باستمرار حسب مبادئ الحق، وإن كنت، عندما تواجه المشقات، تطلب الحق بتمعن لتحلَّ المشاكل لكي تستطيع تأدية واجبك جيدًا. الله يراقِب ويمحِّص أثناء قيام البشر بالأمور. إنه يراقب قلوبهم طيلة الوقت. رغم أنَّ الناس لا يعرفون ذلك، يمكنهم أحيانًا أن يشعروا بفحصه. بعض الناس يتَّسمون على الدوام عدم المبالاة في واجباتهم، وفي نهاية المطاف، يُرتِّبُ الله بيئة لتكشفهم. في تلك اللحظة، يَشعرون بتخلِّيه عنهم، ويرى الجميع أنَّهم لا يشبهون المؤمنين، وأنَّهم يُشابهون غير المؤمنين والأبالسة والشياطين. تُستبعَد فئات الناس هذه أثناء تأديتها لواجباتها. بعض الناس يتفكرون في أنفسهم أثناء تأدية واجباتهم. أحيانًا ما تكون النتائج التي يحصلون عليها غير جيِّدة، أو تظهر مشكلة، ويمكنهم أن يشعروا بها في قلوبهم، ويفكِّرون: "هل عدتُ لأكون غير مبالٍ من جديد؟" إنهم يَشعرون بالتأنيب. كيف يحدث ذلك؟ الله يفعل ذلك، هذه استنارة الروح القدس. لماذا إذًا يُنيرك الله؟ على أيِّ أساس ينيرك؟ ضمن أيِّ سياقٍ يُؤنبك؟ ينبغي أن تتحلَّى بالعقلية السليمة وتقول: "عليَّ القيام بواجبي من كلِّ قلبي، وذلك يعني قيامي به حسب الحق. هل قمتُ بواجبي حقًّا من كلِّ قلبي؟" إن كنتَ تتأمل هكذا دائمًا، فسيُنيرك الله، ويجعلك تفهم "لم أقم بتلك المهمة من كلِّ قلبي. ظننتُ أنني أؤدِّي جيِّدًا جدًّا، وأُعطي لنفسي تقييمًا 99 من 100. ولكن الآن أرى أنَّ الحال ليس كذلك، ففي الواقع كنتُ بالكادِ مقبولًا". عندئذٍ فحسب ستكتشف عدم رضا الله. هذه استنارة الله وسماحه لك بإدراك إلى أي مدى ستؤدي فعلًا واجبك جيدًا، وإلى أي مدى لا تزال بعيدًا عن متطلَّباته. إن أخفقَ شخص في بلوغ أدنى المقاييس في تأدية واجبه، هل سيُنيره الله بعد؟ على الأرجح لا. من الذي يُنيره اللهُ؟ أوَّلًا، أولئك الذين يُحبُّون الحقَّ. ثانيًا، أولئك الذين لديهم موقف الخضوع. ثالثًا، أولئك الذين يتوقون للحق. رابعًا، أولئك الذين يفحصون أنفسهم ويتفكرون فيها من كلِّ الجوانب. هذه هي فئات الناس الذين يمكنهم أن يربحوا استنارة الله. بالتطبيق والاختبار بهذه الطريقة، فإن اختبارك الشخصيَّ لقيامك بواجبك من كلِّ قلبك -هذا الجانبُ من ممارسة الحقِّ وجانبُ الواقع هذا- سينمو أكثر فأكثر. تدريجيًّا، سيتضح لك أيُّ الناس يقومون بواجباتهم من كل قلوبهم وأيٌّ منهم لا يفعلون، ومواقف الأفراد المختلفين وسلوكياتهم تُجاه تأدية الواجبات. عندما تَعرِف نفسك، ستستطيع تمييز الآخرين، وستصبح شديد التدقيق بواجبك أكثر فأكثر. لن تفوت عليك ملاحظة أصغر حالة لا مبالاة، وستكون قادرًا على طلب الحق لمعالجتها. ستكون قادرًا على التعامل مع الأمور بحسب المبادئ بينما تؤدي واجبك، وستكون ممارسًا للحق أكثر فأكثر، وسيكون قلبك راسخًا وفي سلام. إن علمتَ في قلبك يومًا ما أنَّك لم تؤدِّ واجبك جيِّدًا، ما الذي ينبغي عليك فعله؟ عليك التأمل في الأمر، والبحث عن معلومات، وطلب النصيحة من الآخرين، وثمَّ دون أن تشعر ستربح فهمًا للمسألة. ألن يُساعدك ذلك في تأدية واجبك؟ (بلى). سيكون مفيدًا. سيكون هذا هو الحال أيًّا كان الواجب الذي تؤدِّيه. طالما أنَّ الناس يقومون بواجباتهم من كلِّ قلوبهم، ويطلبون مبادئ الحقِّ ويثابرون في جهودهم، فسيحقِّقون النتائج في نهاية المطاف.

اقتباس 31

بما أن لدى الناس شخصيات فاسدة، فإنهم غالبًا ما يكونون لا مبالين عند أدائهم لواجباتهم. هذه واحدة من أخطر المشكلات على الإطلاق. إذا كان الناس يريدون أداء واجباتهم بشكل صحيح، يجب عليهم أولًا معالجة مشكلة اللامبالاة. وما دام لديهم مثل هذا الموقف غير المبالي، فلن يتمكنوا من أداء واجباتهم أداءً صحيحًا، ما يعني أن حل مشكلة اللامبالاة أمر في غاية الأهمية. فكيف ينبغي أن يمارسوا؟ أولًا، يجب عليهم حل مشكلة حالتهم الذهنية؛ يجب أن يتعاملوا مع واجباتهم بطريقة صحيحة، وأن يفعلوا الأشياء بجدية وإحساس بالمسؤولية، يجب ألا يعتزموا أن يكونوا مخادعين أو غير مبالين. يؤدي المرء واجبه لله، وليس لأي شخص؛ فإذا كان الناس قادرين على قبول تمحيص الله، فسيكون لديهم الحالة الذهنية الصحيحة. والأكثر من ذلك أنه بعد القيام بشيء ما، يجب على الناس فحصه والتأمل فيه، وإذا شعروا بقليل من عدم الارتياح في قلوبهم، وبعد إجراء فحص تفصيلي، واكتشفوا أن هناك بالفعل مشكلة، فيجب عليهم إجراء تغييرات؛ بمجرد إجراء هذه التغييرات، سيشعرون بالارتياح في قلوبهم. عندما يشعر الناس بعدم الارتياح، فهذا يثبت أن هناك مشكلة، ويجب عليهم فحص ما فعلوه بجدية، خاصة في المراحل الرئيسية. هذا موقف مسؤول نحو أداء واجب المرء. عندما يمكن للمرء أن يكون جادًّا ويتحمل المسؤولية، ويبذل كل قلبه وقوَّته، فسيجري إنجاز العمل بطريقة صحيحة. في بعض الأحيان تكون في حالة ذهنية خاطئة، ولا يمكنك العثور على خطأ واضح وضوح الشمس أو اكتشافه. إذا كنت في الحالة الذهنية الصحيحة، فسوف تكون قادرًا على تحديد المشكلة باستنارة الروح القدس وإرشاده. إن كان الروح القدس قد أرشدك ومنحك وعيًا، مما سمح لك بأن تشعر بالوضوح في قلبك وتعرف أين يكمن الخطأ، فسيمكنك عندئذ أن تصحح الانحراف وتسعى إلى مبادئ الحق. أما إذا كنت في حالة ذهنية خاطئة، وكنت شارد الذهن ومهملًا، فهل كنت لتستطيع ملاحظة الخطأ؟ لما كنت لتستطيع ذلك. ما الذي يُرى من هذا؟ هذا يدل على أنه من المهم جدًّا أن يتعاون الناس على أداء واجباتهم بإتقان؛ فإطارهم الذهني مهم جدًّا، والاتجاه الذي يوجهون فيه خواطرهم وأفكارهم مهم جدًّا. إنَّ الله يمحِّصُ الحالة الذهنية للناس ويمكنه أن يراها، ويرى مقدار الطاقة التي يبذلونها أثناء أدائهم لواجباتهم. وإنه لأمرٌ مفصليٌّ أن يضع الناس كل قلوبهم وقوتهم فيما يفعلونه. إن تعاونهم عنصر في غاية الأهمية. فقط إذا جاهدَ الناس كيلا يشعروا بالندم على التقصير في الواجبات التي أنجزوها والأشياء التي قاموا بها، وألا يكونوا مدينين لله، فسوف يتصرَّفون من كل قلوبهم وقوَّتهم. إذا فشلتَ على الدوام في أداء واجبك بكل إخلاص وقوة، وإذا كنت لا مباليًا على الدوام، وتسبِّبُ ضررًا جسيمًا للعمل، وكثيرًا ما لا ترقى إلى تحقيق التأثيرات التي يطلبها الله، فعندئذٍ يمكن أن يحدث لك شيء واحد فقط: سوف تُستبعد. وهل سيكون إذًا هناك وقت للندم؟ كلا. هذه التصرفات ستصبح ندمًا أبديًّا، ووصمة عار! إنَّ اللامبالاة الدائمة وصمةُ عارٍ، وتعدٍ خطير. نعم أم لا؟ (نعم). يجب أن تجاهد من أجل تنفيذ التزاماتك، وكل ما يتعيَّن عليك القيام به، من كل قلبك وقوَّتك. يجب ألا تكون لا مباليًا، وألا تترك أي مصدر ندم. إذا كنت تستطيع القيام بذلك، فإن الله سيحتفي بالواجب الذي تقوم به. تلك الأمور التي ذكرها الله هي أعمال حسنة. ما إذًا الأشياء التي لم يذكرها الله؟ (إنها تعديات وأعمال شريرة). قد لا تقبل أنها أعمال شريرة إذا وُصِفت على هذا النحو حاليًا، ولكن إذا جاء يوم تكون فيه لهذه الأشياء تبعات خطيرة، وتُحدث تأثيرًا سلبيًا، فسوف تشعر أن هذه الأشياء ليست مجرَّد تجاوزات سلوكية، بل أعمال شريرة. عندما تدرك هذا، ستكون نادمًا، وستفكِّر في نفسك: "ألم تكن الوقاية خيرًا من العلاج؟ كان من الممكن تجنب هذه النتيجة بقليل من التفكير والجهد في البداية". لن يمحو أي شيء هذه الوصمة الأبدية من قلبك، وإذا تركتك في دَين دائم، فستكون في ورطة. لذا عليك اليوم أن تجاهِد لتضع كل قلبك وقوتك في الإرسالية التي أعطاها لك الله، وتؤدي كل واجب بضمير مرتاح، دون أي ندم، وبطريقة يحتفي الله بها. مهما فعلت فلا تكن لا مباليًا. إذا ارتكبت خطأ باندفاع وكان تعديًا خطيرًا، فسيصبح وصمة عار أبديَّة. حالما يكون لديك مصادر ندم، فلن تكون قادرًا على تداركها، وستكون مصادر ندم دائمة. يجب رؤية كلا المسارين بوضوح. أيهما يجب أن تختار لتنال استحسان الله؟ أداء واجبك من كل قلبك وقوتك، وتجهيز الأعمال الحسنة والإكثار منها وتكديسها، دون ندم. وأيًا كان ما تفعله، فلا تفعل شرًّا يعرقل أداء الآخرين لواجباتهم، ولا تفعل ما يخالف الحق ويقاوم الله، ولا تحمّل نفسك ندمًا يدوم مدى الحياة. ماذا يحدث عندما يرتكب الإنسان الكثير من التعديات؟ يتراكم عليه غضب الله في محضره! إذا كنت تتعدى أكثر من أي وقت مضى، ويزداد غضب الله تجاهك أكثر، ففي النهاية إذًا ستُعاقَب.

ظاهريًّا، لا يبدو أن بعض الناس يواجهون أي مشكلات خطيرة طوال الوقت الذي يؤدون فيه واجباتهم. إنهم لا يفعلون شيئًا شريرًا صريحًا؛ فهم لا يتسببون في اضطرابات أو عرقلة، أو يسيرون في طريق أضداد المسيح. وفي أثناء أداء واجباتهم، لا تكون لديهم أي أخطاء كبيرة أو مشكلات من ناحية المبدأ، ومع ذلك، فسرعان ما يُكشف عدم قبولهم للحق على الإطلاق، لكونهم عديمي الإيمان، وذلك في غضون سنوات قليلة، فلمَ هذا؟ لا يمكن للآخرين أن يروا هذه المشكلة، لكن الله يمحّص أعماق قلوب هؤلاء الناس، ويرى المشكلة. لقد كانوا دائمًا لا مبالين وغير تائبين في أداء واجباتهم، ومع مرور الوقت، ينكشفون بشكل طبيعي. ماذا يعني أن تظل غير تائب؟ يعني أنهم رغم أدائهم لواجباتهم طوال الوقت، فإنهم دائمًا ما كان لديهم موقف خاطئ تجاهها، وموقف من اللامبالاة، وموقف عابر، فلا يتحلون بالضمير أبدًا، فضلًا عن أنهم يبذلون كل قلوبهم لأداء واجباتهم. ربما يبذلون الجهد اليسير، لكنهم يؤدون أعمالهم بغير اهتمام. إنهم لا يقدّمون كل ما لديهم لأداء واجباتهم، وتعدياتهم لا نهاية لها. في نظر الله، هم لم يتوبوا قَط؛ وكانوا روتينيين دائمًا، ولم يحدث أي تغيير فيهم، أي أنهم لا يتخلون عن الشر الذي في أيديهم ولا يتوبون إلى الله، ولا يرى الله فيهم موقف توبة، ولا يرى انعكاسًا في موقفهم. إنهم يواصلون النظر إلى واجباتهم وإرسالية الله بمثل هذا الموقف وهذه الطريقة. طوال الوقت، لا يوجد تغيير في هذه الشخصية العنيدة والمتصلبة، والأكثر من ذلك، أنهم لم يشعروا أبدًا بأنهم مدينون لله، ولم يشعروا أبدًا أن لا مبالاتهم تُعد تعديًا وعمل شر. ليس في قلوبهم دَين، ولا شعور بالذنب، ولا لوم للذات، ولا اتهام للذات. وبقدر ما يمضي الوقت، يرى الله أن هذا النوع من الأشخاص لا يمكن إصلاحه. مهما كان ما يقوله الله، ومهما سمع الشخص من عظات، أو مقدار الحق الذي يفهمه، فقلبه لا يتأثر ولا يتغير موقفه أو يتحول. يرى الله هذا ويقول: "لا رجاء لهذا الشخص. لا شيء أقوله يمس قلبه، ولا شيء أقوله يغيِّره. ليس من سبيل لتغييره. هذا الشخص غير لائق لأداء واجبه، وهو غير لائق ليعمل في بيتي". لماذا يقول الله هذا؟ لأن هؤلاء عندما يؤدون واجباتهم ويقومون بعملهم، دائمًا ما يكونون غير مبالين. ومهما هُذبوا، ومهما مُنحوا من الحِلم وطول الأناة، فليس هناك أي تأثير ولا يمكن أن يجعلهم يتوبوا أو يتغيروا حقًّا. لا يمكن أن يجعلهم يقوموا بواجبهم بشكل جيد، ولا يمكن أن يسمح لهم بالسير في طريق السعي للحق. لذا فإن هذا الشخص لا يمكن علاجه. عندما يقرر الله أن الشخص لا يمكن علاجه، فهل سيظل متمسكًا بهذا الشخص؟ لن يفعل الله ذلك، بل سيتخلى عنه. يتوسل بعض الناس دائمًا قائلين: "رفقًا بي يا الله، لا تجعلني أعاني، ولا تؤدّبني. امنحني بعض الحرية! دعني أقوم بالأشياء بشيء من اللامبالاة! دعني أكون فاسقًا بعض الشيء! دعني أكون سيد نفسي!" إنهم لا يريدون أن يكونوا مُقَيَّدين. ويقول الله: "بما أنك لا ترغب في السير في الطريق الصحيح، فسأدعك تذهب. سأمنحك حرية التصرف. اذهب وافعل ما تريد. لن أخلِّصك لأنك لا يمكن إصلاحك". هل لدى أولئك الذين لا يمكن إصلاحهم أي شعور بالضمير؟ هل لديهم أي شعور بالمديونية؟ هل لديهم أي شعور بالذنب؟ هل هم قادرون على الشعور بتأنيب الله، وتأديبه، وبطشه، ودينونته؟ لا يمكنهم الشعور بذلك. هم لا يدركون أيًا من هذه الأشياء؛ هذه الأشياء باهتة في قلوبهم، أو حتى غائبة. عندما يصل الشخص إلى هذه المرحلة، مع عدم وجود الله في قلبه، هل لا يزال بإمكانه تحقيق الخلاص؟ من الصعب الجزم بذلك. عندما يصل إيمان المرء إلى هذه المرحلة، يكون في خطر. هل تعرفون كيف يجب أن تسعوا وكيف يجب أن تمارسوا، وما المسار الذي يجب أن تختاروه لتجنب هذه العاقبة وضمان عدم ظهور مثل هذه الحالة؟ الأمر الأهم هو أن تختار أولًا الطريق الصحيح، ثم تركّز على أداء الواجب الذي ينبغي أن تؤديه في الوقت الحاضر أداءً جيدًا. هذا هو المعيار الأدنى، والمعيار الأساسي. وعلى هذا الأساس، يجب أن تطلب الحق وتجتهد للوصول إلى المعايير لكي تؤدّي واجبك على النحو الملائم. هذا لأن أكثر ما يعكس بوضوح الرابط الذي يربطك بالله هو كيفية تعاملك مع الأمور التي ائتمنك الله عليها والواجب الذي كلّفك الله به، والموقف الذي تتبناه. هذه المسألة هي الأكثر وضوحًا وعملية. الله ينتظر؛ هو يريد أن يرى موقفك. وفي هذه المرحلة الحاسمة، يجب أن تسارع وتعلن موقفك لله وتقبل إرساليته، وتؤدي واجبك جيدًا. وعندما تكون قد استوعبت هذه المرحلة الحاسمة وأتممت الإرسالية التي كلّفك الله بها، ستكون علاقتك مع الله طبيعية. إذا عهد الله إليك بمهمة ما، أو أمرك بأداء واجب معين، وكان موقفك يتسم بالتسرّع وعدم الاكتراث، ولم تأخذ الأمر بجدية، أليس هذا بالضبط نقيض بذل كل قلبك وقوتك؟ هل يمكنك أداء واجبك جيدًا بهذه الطريقة؟ كلا بالتأكيد. لن تؤدي واجبك كما ينبغي. لذا، فإن موقفك عند أداء واجبك له أهمية حاسمة، وكذلك الطريقة والمسار اللذين تختارهما. أيًا كان عدد السنوات التي آمنوا فيها بالله، فإن أولئك الذين يفشلون في أداء واجباتهم جيدًا سوف يُستبعدون.

اقتباس 32

الكثير من الناس يؤدون واجباتهم بلا مبالاة، ولا يأخذونها أبدًا على محمل الجد، كما لو كانوا يعملون لحساب غير المؤمنين. يفعلون الأشياء بطريقة غير متقنة وسطحية وغير مبالية ومهملة، كما لو كان كل شيء مجرد مزحة. لماذا؟ إنهم غير مؤمنين يعملون؛ عديمو إيمان يؤدون واجبات. هؤلاء الناس مارقون للغاية؛ منحلون وغير مقيَّدين، وهم لا يختلفون عن غير المؤمنين. عندما يقومون بأشياء من أجل أنفسهم، لا يكونون لا مبالين بالطبع، فلماذا إذاً لا يكون لديهم أدنى قدر من الجدية أو الاجتهاد عندما يتعلق الأمر بأداء واجباتهم؟ أيًا يكن ما يفعلونه أو الواجبات التي يؤدونها، فإنه ينطوي على سمة اللهو والأذى. هؤلاء الناس لا مبالون دائمًا ويتسمون بالخداع. هل يتمتع أمثال هؤلاء بالإنسانية؟ ليس لديهم إنسانية بالتأكيد؛ ولا هم يمتلكون أدنى درجات الضمير والعقل. يتطلبون إدارة وإشراف مستمرين مثل الحمير أو الخيول البرية، وهم يخدعون بيت الله ويغشّونه. هل يعني هذا أنهم يحملون في نفوسهم أي إيمان صادق بالله؟ هل يبذلون أنفسهم من أجله؟ بالتأكيد هم دون المستوى وغير مؤهلين لأن يكونوا عاملين. لو كان هؤلاء الأشخاص يعملون لدى أي شخص آخر، لطُردوا في غضون أيام قليلة. في بيت الله، من الدقيق تمامًا القول إنهم عاملون ومُستأجرون، ولا يمكن إلا أن يُستبعدوا. كثير من الناس غالبًا ما يكونون لا مبالين في أثناء أداء واجباتهم؛ وعندما يواجَهون بالتهذيب، يظلون رافضين لقبول الحق، وبعناد يدافعون عن موقفهم، بل حتى يتذمرون من أن بيت الله ليس منصفًا معهم ويفتقر إلى الرحمة والتسامح. أليس هذا غير معقول؟ لشرح الأمر بشكل أكثر موضوعية، هذه شخصية متكبرة، وهم يفتقرون إلى أدنى درجة من الضمير والعقل. أولئك الذين يؤمنون بالله حقًا يجب أن يكونوا قادرين على الأقل على قبول الحق والقيام بالأشياء دون انتهاك الضمير والعقل. الناس الذين لا يستطيعون قبول التهذيب أو الخضوع له، هم متكبرون جدًا، وأبرار في عيون ذواتهم، وهم ببساطة غير عقلانيين، فوصفهم بالوحوش ليس من المبالغة لأنهم غير مبالين تمامًا تجاه كل ما يفعلونه. إنهم يفعلون الأشياء بالطريقة التي تحلو لهم بالضبط دون أي اعتبار للعواقب؛ وإذا ظهرت المشكلات، فإنهم لا يهتمون. مثل هؤلاء الأشخاص غير مؤهلين لأن يكونوا عاملين. إنَّ الآخرين لا يطيقون مشاهدتهم ولا يثقون بهم لأنهم يتعاملون مع واجباتهم بهذه الطريقة، فهل يمكن أن يثق الله بهم؟ بعدم تلبية حتى هذا المعيار الأدنى، فهم غير مؤهلين لأن يكونوا عاملين ولا يمكن إلا أن يُستبعدوا. ما مدى الغطرسة والبر الذاتي اللذين يمكن أن يصل إليهما بعض الناس؟ هم دائمًا يعتقدون أنهم يستطيعون فعل أي شيء؛ بغض النظر عما قد رُتِّب لهم، يقولون: "هذا سهل؛ إنه ليس أمرًا كبيرًا. أستطيع التعامل معه. لا أحتاج إلى أن يعقد أحد معي شركة حول مبادئ الحق؛ أستطيع مراقبة نفسي". ولأن هؤلاء الناس لديهم هذا النوع من الموقف دائمًا، فإنَّ القادة والعاملون لا يطيقون مشاهدتهم ولا يثقون في الأشياء التي يفعلونها. أليس هؤلاء الأشخاص متكبرين وأبرارًا في عيون أنفسهم؟ إذا كان شخص ما مفرطًا للغاية في التكبر والبر الذاتي، فهذا سلوك مشين، وإذا لم يوجد تغيير، فلن يتمكن أبدًا من أداء واجباته على النحو الملائم. ما الموقف الذي يجب أن يتبناه الشخص تجاه أداء واجباته؟ على أقل تقدير، يجب أن يكون لديه موقف تحمل المسؤولية. مهما تكن الصعوبات والمشكلات التي تحل بالمرء، فيجب عليه أن يطلب مبادئ الحق، وأن يفهم المعايير التي يتطلبها بيت الله، وأن يعرف النتائج التي يجب أن يحققها من خلال أداء واجباته. إذا كان بإمكان المرء أن يفهم هذه الأشياء الثلاثة، فسيتمكن بسهولة من أداء واجباته على النحو الملائم. بغض النظر عن الواجبات التي يؤديها المرء، إذا فهم المبادئ أولًا، وفهم متطلبات بيت الله، وعرف النتائج التي يجب أن يحققها؛ ألا يكون لديه مسار لأداء واجباته؟ لذلك، فإن موقف المرء من أداء الواجبات مهم للغاية. أولئك الذين لا يحبون الحق يؤدون واجباتهم بطريقة لا مبالية؛ ليس لديهم الموقف الصحيح، ولا يطلبون مبادئ الحق أبدًا، ولا يفكرون في متطلبات بيت الله والنتائج التي يجب أن يحققوها. كيف يمكنهم أداء واجباتهم على النحو الملائم؟ إذا كنت شخصًا يؤمن بالله بصدق، فعندما تكون لا مباليًا، يجب أن تصلي له وتتأمل في نفسك وتعرفها؛ يجب أن تتمرد على شخصياتك الفاسدة، وتجتهد في مبادئ الحق، وتسعى جاهدًا لتحقيق المعايير التي يتطلبها الله. من خلال أداء واجبك بهذه الطريقة، ستلبي تدريجيًا متطلبات بيت الله. الحقيقة أنه ليس من الصعب جدًّا أن تؤدي واجبك بشكل جيد، بل الأمر مجرد مسألة التحلي بالضمير وبالعقل السليم، والاتصاف بالاستقامة والمثابرة؛ فهناك العديد من غير المؤمنين الذين يعملون بجد ويحققون النجاح نتيجةً لذلك، وهم لا يعلمون شيئًا عن مبادئ الحق، فكيف يفعلون ذلك بهذه الدرجة من الإتقان؟ هذا لأنهم يتحلون بالتروي والمثابرة، فبإمكانهم أن يعملوا بجدية، وأن يتسموا بالدقة، وبهذه الطريقة ينجزون الأشياء بيسر. ليس أي من واجبات بيت الله بالصعب كثيرًا؛ فما دمت تفعله من صميم قلبك وتسعى بأقصى ما في وسعك، فيمكنك القيام بعمل جيد. أما إذا لم تكن مستقيمًا وحريصًا في أي شيء تفعله، وإذا كنت تحاول دومًا أن توفر على نفسك العناء، وكنت دائمًا لا مباليًا وتعمل على إنجاز الأمور ارتجاليًّا، ونتيجة لذلك لا تؤدي واجبك جيدًا، وتحدث الفوضى في الأشياء، وتسبب الضرر لبيت الله، فمعنى ذلك أنك تفعل الشر، وسيغدو ذلك إثمًا يزدريه الله. إن كنت في أثناء الأوقات المهمة لنشر الإنجيل لا تحقق نتائج جيدة في واجبك، ولا تؤدي دورًا إيجابيًّا، أو كنت تسبب تعطيلات وإزعاجات، فمن الطبيعي أن الله سيزدريك ويستبعدك وستضيع فرصتك في الخلاص. وسيكون هذا ندمًا أبديًّا بالنسبة إليك! إن إعلاء الله لشأنك للقيام بواجبك هو فرصتك الوحيدة لنيل الخلاص. أما إذا كنت لا تتحلى بالمسؤولية، وتتعامل مع الأمر باستخفاف، وتؤديه بلا مبالاة، فذلك هو الموقف الذي تتعامل به مع الحق ومع الله. إن لم تكن مخلصًا أو خاضعًا البتة، فكيف يمكنك الظفر بخلاص الله؟ الوقت ثمين جدًّا الآن، وكل يوم وكل دقيقة حاسمة. إن لم تطلب الحق، ولم تركز على الدخول في الحياة، وكنت لا مباليًا، وخدعت الله في واجبك، فذلك غير معقول حقًا وخطير! حالما يزدريك الله ويستبعدك، فلن يعود الروح القدس للعمل فيك، ولن يتغير هذا الوضع. أحيانًا، يمكن لما يفعله الشخص في دقيقة واحدة أن يدمر حياته بأكملها. أحيانًا، يُكشف الشخص ويُستبعد بسبب كلمة واحدة تسيء إلى شخصية الله، أليس هذا شيئًا يمكن أن يحدث في غضون دقائق؟ هذا يشبه تمامًا بعض الناس الذين – رغم أداء واجباتهم – يتصرفون دائمًا بلا مسؤولية، ويتصرفون بتهور ودون أي قيود. إنهم في الأساس غير مؤمنين وعديمي إيمان، وبغض النظر عما يفعلونه، فإنهم يفسدون الأمور. لا يقتصر الأمر على أنَّ هؤلاء الأشخاص يجلبون الخسارة لبيت الله كنتيجة لذلك، بل إنهم أيضًا يفقدون فرصتهم في الخلاص. بهذه الطريقة، تبطل مؤهلاتهم لأداء واجباتهم. هذا يعني أنه قد كُشِفوا واستُبعِدوا، وهو أمر محزن. بعضهم يريد التوبة، لكن هل تعتقدون أنهم سيحصلون على الفرصة؟ بمجرد استبعادهم، سيكونون قد خسروا فرصتهم. وبمجرد أن ينبذهم الله، سيكون من شبه المستحيل لهم أن يفدوا أنفسهم.

أي نوع من الأشخاص يخلّصه الله؟ يمكنك القول إنهم جميعًا يتمتعون بضمير وبعقل سليم ويمكنهم قبول الحق وهم يثمِّنونه؛ ذلك لأن أصحاب الضمير والعقل السليم هم وحدهم من يمكنهم قبول الحق ومحبته، وما داموا يفهمون الحق فبإمكانهم ممارسته. أما أولئك معدومو الضمير واللاعقلانيون فهم الذين يفتقرون إلى الإنسانية، وفي العامية نقول إنهم يفتقرون إلى الفضيلة. ما هي طبيعة الافتقار إلى الفضيلة؟ إنها طبيعة بدون إنسانية، وليست جديرة بأن تسمى إنسانية. وكما يقول المثل، يمكن للشخص أن يفتقر إلى أي شيء إلا الفضيلة؛ حينها لا يعود إنسانًا، بل وحشًا في هيئة بشر. انظر إلى أولئك الشياطين وملوك الأبالسة الذين لا يفعلون الأشياء إلا لمقاومة الله وإيذاء شعبه المختار. أليسوا معدومي الفضيلة؟ بلى، إنهم يفتقرون إليها حقًّا. إنَّ الأشخاص الذين يفعلون الكثير من الأمور التي تفتقر إلى الفضيلة سيواجهون الجزاء بلا شك. أولئك الذين يفتقرون إلى الفضيلة هم بلا إنسانية؛ فكيف يمكنهم أداء واجباتهم جيدًا؟ إنهم غير جديرين بأداء الواجبات لأنهم وحوش. أولئك الذين يفتقرون إلى الفضيلة لا يؤدون أي واجب بشكل جيد. مثل هؤلاء الناس لا يستحقون أن يُطلق عليهم بشر. إنهم وحوش، وحوش في شكل بشري. الذين لديهم ضمير وعقل هم وحدهم مَن يمكنهم التعامل مع الشؤون البشرية، والوفاء بكلمتهم، وأن يكونوا جديرين بالثقة، ويستحقون لقب "نبيل مستقيم". إنَّ مصطلح "نبيل مستقيم" لا يُستخدم في بيت الله. عوضًا عن ذلك، يتطلب بيت الله أن يكون الناس صادقين، لأن ذلك هو الحق. وحدهم الأشخاص الصادقون جديرون بالثقة، ولديهم ضمير وعقل، ويستحقون أن يُسموا بشرًا. إذا كان الشخص يستطيع قبول الحق في أثناء أداء واجباته وكان يمكنه التصرف وفقًا للمبادئ، ويؤدي واجباته بشكل ملائم، فإن هذا الشخص هو حقًا صادق وأهل للثقة. وأولئك الذين يمكنهم نيل خلاص الله هم أشخاص صادقون. إنَّ كونك شخصًا صادقًا وموثوقًا به لا يتعلق بقدراتك أو مظهرك، ولا حتى بمستوى قدراتك أو كفاءتك أو مواهبك. ما دمت تقبل الحق، وتتصرف بمسؤولية، ولديك ضمير وعقل ويمكنك الخضوع لله، فهذا يكفي. مهما تكن قدرات الشخص، فإن الشاغل الحقيقي هو ما إذا كان يفتقر إلى الفضيلة أم لا. بمجرد أن يكون الشخص بلا فضيلة، لا يعود من الممكن اعتباره إنسانًا، بل هو وحش. أولئك الذين يستبعدهم بيت الله إنما يُستبعَدون لأنهم بلا إنسانية أو فضيلة. لذلك، يجب على الناس الذين يؤمنون بالله أن يكونوا قادرين على قبول الحق، وأن يكونوا أشخاصًا صادقين، أن يمتلكوا على الأقل ضميرًا وعقلًا، وأن يكونوا قادرين على أداء واجباتهم بشكل جيد، وأن يكونوا قادرين على تتميم إرسالية الله. هؤلاء الناس وحدهم مَن يمكنهم الحصول على خلاص الله؛ فهم الذين يؤمنون به بصدق، والذين يبذلون أنفسهم بإخلاص من أجله. هؤلاء هم الأشخاص الذين يخلصهم الله.

هل تفحصون سلوككم ومقاصدكم بانتظام في أثناء قيامكم بالأشياء وأداء واجباتكم؟ (نادراً). إذا كنتم نادرًا ما تفحصون أنفسكم، فهل يمكنكم التعرف على شخصياتكم الفاسدة؟ هل يمكنكم فهم حالتكم الحقيقية؟ إذا كشفتم عن شخصيات فاسدة حقًا، فماذا ستكون العواقب؟ يجب أن تكونوا واضحين جدًا بشأن كل هذه الأمور. إذا لم يفحص الشخص نفسه، وكان دائمًا يقوم بالأشياء بطريقة لا مبالية ودون أي مبدأ، فإن ذلك سيؤدي إلى ارتكاب العديد من الشرور وكشف الشخص واستبعاده. أليست هذه عاقبة خطيرة؟ فحص المرء لذاته هو الطريقة لعلاج هذه المشكلة. أخبروني، بما أن فساد البشر عميق، هل من المقبول ألا يتأمل الشخص نفسه إلا نادرًا؟ هل يمكن للمرء أن يؤدي واجباته بشكل جيد دون طلب الحق لعلاج شخصياته الفاسدة؟ إذا لم تُعالج الشخصيات الفاسدة، فمن السهل القيام بالأشياء على نحو خاطئ، وانتهاك المبادئ، وحتى فعل الشر. إذا كنت لا تفحص نفسك أبدًا، فإن هذه مشكلة؛ أنت لا تختلف عن غير المؤمنين. ألا يُستبعد الكثير من الناس لهذا السبب فحسب؟ عندما يسعى المرء إلى الحق، كيف يجب عليه أن يمارس للوصول إليه؟ الأمر المهم هو أن يفحص المرء نفسه بانتظام في أثناء أداء واجبه، والتأمل فيما إذا كان قد انتهك المبادئ وكشف عن فساد، وفيما إذا كانت لديه مقاصد خاطئة. إذا تأملت نفسك وفقًا لكلمات الله ورأيت كيف تنطبق عليك، فسيكون من السهل معرفة نفسك. إذا تأملت نفسك بهذه الطريقة، فستتمكن تدريجيًا من علاج شخصياتك الفاسدة وعلاج أفكارك الشريرة ومقاصدك ودوافعك الضارة بسهولة. إذا كنت لا تفحص نفسك إلا بعد حدوث شيء خاطئ، أو بعد ارتكاب خطأ، أو بعد اقتراف شر ما، فقد تأخر ذلك قليلاً. لقد حدثت العواقب بالفعل، وهذا يشكِّل تعديًا. إذا كنت ترتكب الشر كثيرًا ولم تفحص نفسك سوى بعد أن استُبعِدت، فسيكون الوقت قد فات وكل ما سيمكنك فعله هو البكاء وصرير الأسنان. أولئك الذين يؤمنون بالله بصدق يمكنهم أداء واجباتهم؛ هذه هي رفعة الله وبركته، وهي فرصة يجب عليك أن تعتز بها. لذلك، من أهم الأمور أن تتأمل نفسك بانتظام بينما تؤدي واجباتك. يجب على المرء أن يفحص كثيرًا، ويفحص جميع الأشياء. يجب على المرء أن يراجع مقاصده وحالته باستمرار، وأن ينظر فيما إذا كان يعيش أمام الله، وما إذا كانت المقاصد وراء أفعاله صحيحة، وما إذا كانت الدوافع والمصدر وراء أفعاله يمكن أن تتحمل تفتيش الله وقد خضعت لتمحيصه. أحيانًا، يشعر الناس أن طلب الحق عندما يواجهون صعوبات في أداء واجباتهم عبء. يفكّر هؤلاء في أنفسهم ويقولون: "هذا يكفي. إنه جيد بما فيه الكفاية". هذا يعكس موقف الشخص تجاه الأمور وعقليته تجاه واجباته. هذه العقلية هي نوع من الحالة. ما هي هذه الحالة؟ أليست هي التعامل مع الواجبات بدون إحساس بالمسؤولية، موقف لا مبالاة منها؟ (بلى). بالنظر إلى وجود مثل هذه المشكلة الخطيرة، فإن عدم فحص المرء لذاته أمر خطير جدًا. بعض الناس لا يبالون بهذه الحالة. يفكرون: "من الطبيعي أن يكون المرء لا مباليًا بقدر ضئيل، هكذا هم الناس. ما المشكلة؟" أليسوا هؤلاء مشوشون؟ أليس من الخطير جدًا للشخص أن يرى الأمور بهذه الطريقة؟ انظر إلى أولئك الذين يُستبعدون. أليسوا دائمًا يؤدون واجباتهم بطريقة لا مبالية؟ هذا هو ما يحدث عندما يكون الشخص لا مباليًا. عاجلاً أم آجلاً، الأشخاص الذين يكونون لا مباليين بسهولة سيدمرون أنفسهم، وهم يرفضون تغيير طرقهم إلى أن يكونوا على أعتاب الموت. أداء الواجبات بطريقة لا مبالية هو مشكلة خطيرة، وإذا لم تتمكن من التأمل في نفسك جيدًا وطلب الحق لعلاج المشكلات، فهذا أمر في غاية الخطورة بالفعل، ويمكن أن تُستبعَد في أي وقت. إذا كانت مثل هذه المشكلة الخطيرة موجودة، ولا تزال لا تفحص نفسك وتطلب الحق لعلاجها، فستضر نفسك وتدمرها، وعندما يأتي اليوم الذي تُستبعَد فيه وتبدأ في البكاء وصرير أسنانك، سيكون قد فات الأوان.

اقتباس 33

بعض الناس لا يعرفون كيفية اختبار عمل الله ولا يعرفون كيفية تطبيق كلماته في أداء واجباتهم أو في الحياة الواقعية. إنهم يعتمدون دائمًا على الذهاب إلى العديد من الاجتماعات لربح الحق والنمو في الحياة. ومع ذلك، فإن هذا غير واقعي ويمثل حجة غير سليمة. تُربَح الحياة من خلال اختبار كلمات الله واختبار الدينونة والتوبيخ. أولئك الذين يعرفون كيفية اختبار عمله قادرون – بغض النظر عن الواجب الذي يؤدونه – على فهم الحق وممارسته، وقبول التهذيب، والدخول في واقع الحق، وتحقيق تغيير في شخصيتهم، وأن يكمِّلهم الله عند أداء واجباتهم. أما الكسالى الطامعون في سبل الراحة، فهم غير راغبين في أداء واجباتهم، ولا يختبرون عمل الله عند أداء واجباتهم، ولا يتوقفون عن مطالبة بيت الله بتزويدهم بالاجتماعات والعظات وعقد الشركة حول الحق. نتيجة ذلك أنهم بعد عشر سنوات من الإيمان أو عشرين سنة، وبعد الاستماع إلى عدد لا يحصى من العظات، يكونون لم يفهموا الحق بعد أو يربحوه. إنهم لا يعرفون كيفية اختبار عمل الله، ولا يفهمون ما يعنيه الإيمان بالله، ولا يعرفون كيفية اختبار كلمة الله لمعرفة أنفسهم وربح الحق والحياة. إنهم أشخاص يتوقون إلى الراحة ويتهربون من واجباتهم؛ ولذلك، يُكشفون ويُستبعدون بسبب كيفية أدائهم لواجباتهم. الآن، جميع هؤلاء الأشخاص الذين يرضون بأداء واجباتهم ويولون أهمية للسعي إلى الحق، لديهم قدر من دخول الحياة عند أداء واجباتهم، ويتأملون لمعرفة أنفسهم عندما يكشفون عن فساد، وعندما يواجهون صعوبات في أداء واجباتهم، يطلبون الحق ويعقدون الشركة حوله لعلاج المشكلات. وبدون قصد منهم، يتمكن هؤلاء الأشخاص بعد سنوات عديدة من أداء الواجبات، من جني مكافآت واضحة، ويستطيعون التحدث ببعض الشهادات الاختبارية، ويمتلكون بعض المعرفة بعمل الله وشخصيته، مما يؤدي إلى إحداث تغييرات في شخصيتهم الحياتية. حاليًا، تقوم الكنائس في كل مكان بتطهير نفسها من الأُناس الأشرار ومن أولئك الذين يسببون التعطيل والاضطرابات. أولئك الذين يبقون عادةً ما يكونون هم الأشخاص القادرون على الاستمرار في أداء واجباتهم، ولديهم درجة من الإخلاص، ويولون أهمية لطلب الحق لعلاج المشكلات. إنهم النوع القادر على التمسك بشهادتهم. يجب عليكم تعلم كيفية تطبيق كلمات الله في حياتكم الواقعية وفي الواجبات التي تؤدونها، وعليكم ممارستها واستخدامها، ثم عندما تنشأ المشكلات والصعوبات، عليكم بطلب الحق لعلاجها. إضافةً إلى ذلك، يجب أن تتعلم مراعاة مقاصد الله عند أداء واجباتك، والعمل على ممارسة الحق ومعالجة الأمور وفقًا للمبادئ في كل مسألة. يجب أن تتعلم أن تمارس الحب لله، وأن تكون – بقلب محب لله – مراعيًا لعبئه، وأن تصل إلى النقطة حيث يمكنك إرضاءه. هذا فقط هو الشخص الذي يحب الله بصدق. من خلال الممارسة بهذه الطريقة، حتى لو كنت لا تفهم الحق تمامًا، فإنك ما تزال قادرًا على أداء واجباتك بشكل مناسب، ولست قادرًا فحسب على علاج اللامبالاة، بل يمكنك أيضًا تعلم ممارسة المحبة لله، والخضوع له، وإرضائه عند أداء واجباتك؛ هذا هو درس دخول الحياة. إذا كان بإمكانك ممارسة الحق والتصرف وفقًا للمبادئ بهذه الطريقة لكل مسألة، فإنك ستدخل في واقع الحق وسيكون لديك الدخول في الحياة. بغض النظر عن مدى انشغالك في أداء واجباتك، عندما يكون لديك ثمار الدخول في الحياة، والنمو في الحياة، ويمكنك الخضوع لتنظيمات الله وترتيباته، فعندئذٍ ستجد متعةً في أداء واجباتك. لن تشعر بالإعياء مهما كنت مشغولًا. ودائمًا ما سيكون لديك سلام وفرح في قلبك، وستشعر على نحو خاص بالإثراء والهدوء. بغض النظر عن الصعوبة التي تنشأ، عندما تطلب الحق، سوف ينيرك الروح القدس ويرشدك، ثم ستنال بركة الله. علاوةً على ذلك، بغض النظر عما إذا كنت مشغولًا أم لا عند أداء واجباتك، فمن المهم أن تمارس التمارين الرياضية المناسبة من حين لآخر، وأنشطة اللياقة البدنية المعقولة. فهذا سيعزز الدورة الدموية، وسيساعد في الحفاظ على ارتفاع مستويات الطاقة، ويمكن أن يكون فعالًا في الوقاية من بعض الأمراض المهنية. هذا مفيد للغاية لأداء واجباتك جيدًا. لذلك، إذا كنت – عند أداء واجباتك – قادرًا على تعلم العديد من الدروس، وربح فهم للعديد من الحقائق، ومعرفة الله حقاً، وأخيرًا اتقاء الله والحيد عن الشر، فستكون متماشيًا تماماً مع مقاصد الله. إذا استطعت أن تبلغ محبة الله، وأن تشهد له، وتحقق وحدة القلب والإرادة معه، فأنت تسير في طريق تكميل الله لك. هذا شخص قد ربح بركة الله، وهو شيء مبارك بشكل لا يُصدّق! إذا بذلت نفسك بإخلاص من أجل الله، فستتلقى بالتأكيد بركات وفيرة منه. هل يمكن للذين لا يبذلون أنفسهم من أجل الله ولا يؤدون واجباتهم أن يربحوا الحق؟ هل يمكنهم بلوغ الخلاص؟ من الصعب قول هذا. كل البركات لا يمكن ربحها إلا من خلال أداء المرء لواجباته واختبار عمل الله. إنما في سياق أداء الواجبات يعرف المرء كيف يختبر عمل الله، ويعرف كيف يختبر الدينونة والتوبيخ، والتجارب والتنقية، والتهذيب. هذه هي الأشياء الأكثر جدارة بأن تُبارك. ما دام الشخص يحب الحق ويسعى إليه، فسوف يربح الحق في النهاية، وسيغير شخصيته الحياتية، وسيربح استحسان الله، وسيصبح شخصًا يباركه الله.

بعض الناس لا يطلبون الحق عندما تصيبهم الأشياء في أثناء أداء واجباتهم، ويعيشون دائمًا وفقا لمفاهيمهم الخاصة وتصوراتهم، ويقومون بالأشياء حسب التفضيلات الشخصية، ويتصرفون وفقًا لإرادتهم الخاصة على نحو أعمى. نتيجةً لذلك، يفعلون أشياء كثيرة خاطئة ويؤخرون عمل الكنيسة. وعندما يواجهون التهذيب، يظلون لا يقبلون الحق ويواصلون سلوكهم المعاند والمتهور؛ ومن ثمَّ يفقدون عمل الروح القدس، ويصبح إيمانهم بالله مرتبكًا يكتنفه الظلام. بعض الناس مغرمون بالشهرة والربح ويسعون إلى المكانة، وهم ينشغلون بهذه الأشياء دون مراعاة مقاصد الله أو قبول عقد أي شركة بشأن الحق. وفي نهاية المطاف، يُكشفون ويُستبعدون، ويقعون في الظلام. بعض المؤمنين يعترفون بتجسد الله، لكنهم في قلوبهم لم يزالوا لا يؤمنون إلا بالله السماوي وبروح الله. تكون لديهم باستمرار مفاهيم عن الإله العملي وقلوبهم حذرة تجاهه، خوفًا من أنه سيفهم ذواتهم الحقيقية. يتجنبون الله عند كل منعطف، وعندما يرونه، ينظرون إليه كما لو كان غريبًا. نتيجة لذلك، حتى بعد عدة سنوات من الإيمان، لم يربحوا شيئا وليس لديهم أدنى إيمان بالله. إنهم لا يختلفون عن غير المؤمنين. هذا يرجع كليًا إلى أنهم لا يسعون إلى الحق. بعض الناس يرغبون باستمرار في رؤية الإله العملي. إنهم يتوقون إلى إرضاء الله وإلى أن يرفع من مكانتهم، كي يتمكنوا من فرض آراءهم في الكنيسة. نتيجة لذلك، بسبب عدم أمانتهم، وعدم صراحتهم، ومراقبتهم المستمرة لسيماء الله، والتكهن بشأن معناه، فإن الله يزدريهم. لم يعد الله يرغب في رؤية أشخاص مثل هؤلاء. ما الغرض من إيمان هؤلاء الناس بالله؟ لماذا هم لا يزالون يفحصون الله، رغم قوله الكثير من الحق؟ إذا كانوا يؤمنون بالله، فلماذا لا يسعون إلى الحق؟ لماذا هم دائما طموحون ولديهم رغبات، طالبين الشهرة والربح والمكانة والفوائد والمزايا؟ لديهم دوافع خبيثة للإيمان بالله والناس يجدونهم غامضون. هذه كلها سلوكيات غير المؤمنين. بالمعنى الدقيق للكلمة، كل من يؤمن بالله لكن لا يمكنه قبول الحق فهو غير مؤمن. وحدهم أولئك الذين يسعون إلى الحق، ويسعون جاهدين لأداء واجباتهم جيدًا، ويطلبون إرضاء الله، لديهم إيمان صادق بالله وهم قادرون على ربح استحسانه.

الآن، كل يوم يمر في حياتكم وكل سنة له قيمة. فأين تكمن هذه القيمة؟ عندما يأتي الشخص أمام الخالق، ويؤدي واجبه بوصفه كائنًا مخلوقًا، ويربح الحق من الخالق، فإنه يصبح نافعًا في عيني الله. أليست المساهمة بجهودك المتواضعة في خطة تدبير الله هو ما يجعل كل يوم من حياتك ذا قيمة؟ (نعم، هذا صحيح). هذه هي قيمة كل يوم في الحياة، وهي ثمينة! إذا كان كل يوم من حياتكم يحمل مثل هذه القيمة، فما أهمية القليل من المعاناة أو المرض عند أداء واجباتكم؟ ينبغي للناس ألا يتذمروا. لقد ربح الناس الكثير جدًا بوجودهم في حضرة الله؛ فهم يتمتعون بنعمة غير مرئية وبركات خفية، وحماية غير مرئية تفوق أي شيء يمكنهم تخيله أو رؤيته. لقد تلقى الناس الكثير جدًا؛ فما أهمية بعض الأمراض البسيطة؟ أليس ذلك هو الدرس الذي ينبغي للناس تعلمه؟ إذا استطاع المرء – من خلال مرضه – فهم الحق، والخضوع لله، وإرضائه، ألا تكون تلك بركة أخرى من الله؟ من ذا الذي لا يختبر اعتلالات جسدية من بين أولئك الذين يكسبون رزقهم في العالم؟ من يهتم إذا أصابهم مرض؟ لا أحد يهتم، ولا أحد يسأل، ولا أحد يمُدّهم بالطمأنينة. هل أنتم – يا مَن تؤدون واجباتكم في بيت الله – لديكم طمأنينة؟ (نعم). جميع أولئك الذين يبذلون أنفسهم لله بإخلاص لديهم طمأنينة ويتلقون بركاته. ما نوع الطمأنينة التي ترونها وتدركونها؟ (لم أعد متأثراً باتجاهات العالم الشريرة أو مسممًا بها؛ لقد ابتعدت عن تنمر غير المؤمنين وأذاهم، ولدي حماية الله وبركاته في كل الأشياء. لن يستولي عليَّ التنين العظيم الأحمر أو يضطهدني بعد الآن. سأعيش في بيت الله، وسأتفاعل مع إخوتي وأخواتي الآخرين، وسيكون قلبي فيه سلام ومبتهجاً وهادئاً. في كل يوم، سآكل كلمة الله وأشربها وأعقد شركة عن الحق، وسيصبح قلبي أكثر إشراقاً وإشراقاً. بعد فهم الحق، قلبي فرح للغاية، وتربح روحي الحرية والتحرر، ولم أعد مخدوعاً أو متضرراً من قبل الأشرار والمخادعين. علاوة على ذلك، بعد أن شهدت حماية الله وبركاته، لا أعود خائفاً عندما تصيبني الكوارث؛ إذ يشعر قلبي بالهدوء والسلام. لقد نَحَّيْتُ القلق بشأن الأشياء التي على غرار ما إذا كانت احتياجاتي الأساسية ستكون ملباة في المستقبل، وما إذا كان هناك من سيعولني عندما أكبر في السن. العيش في حضرة الله هو حقا بركة وفرح)! ما تتذوقونه الآن محدود، لكن بعد الكارثة العظيمة، ستفهمون وترون أشياء كثيرة بوضوح. كل هذا هو حماية الله وبركته. في الوقت الحالي، على الرغم من أنكم أحياناً تختبرون التهذيب وتمرون بتجارب وتنقية، وأحيانًا تختبرون دينونة الله وتوبيخه، وتعانون من كلامه، لكن هذه هي معاناة بلوغ الخلاص والتكميل؛ وهي ليست معاناة غير المؤمنين نفسها. الشيء الأهم على الإطلاق هو أنكم بأداء واجباتكم في بيت الله، تصبحون كائنات مخلوقة مفيدة وتعيشون حياة ذات قيمة ومعنى؛ بدلاً من العيش من أجل الجسد والشيطان، تعيشون من أجل السعي إلى الحق وإرضاء الله. وعلى مدار أداء واجباتك، تربح فهماً للعديد من الحقائق ومقاصد الله. هذا شيءٌ ثمينٌ للغاية. بعد أن تفهم الحق، وتكون قد دخلت في واقع الحق، وربحت الحق حياةً لك، ستعيش في حضرة الله، وفي النور. أنت الآن تؤدي واجباتك كل يوم، وكل يوم تعيشه له مكافآته وقيمته. لقد ربحت الحق أيضاً، وتعيش في حضرة الله. هل هذا يعني وجود الأمان؟ (نعم). ما هذا الأمان؟ (عدم الوقوع في أسر الشيطان). وبخلاف عدم الوقوع في أسر الشيطان، ما الشيء الأكثر أهمية حتى من ذلك؟ لقد خلقك الله كإنسان، والآن أنت قادر على أداء واجبك، وفهم مقاصده، ولديك واقع الحق، وتتبع طريقه، وتعيش وفقاً لمقاصده. الله يستحسنك، وهذا هو أمانك وضمانك بأن الله لن يدمرك. أليس هذا هو رأس مال حياتك؟ بدون هذه الأشياء، هل أنت مؤهل للاستمرار في الوجود؟ (لا). كيف يكتسب المرء هذا التأهيل؟ أليس من خلال القدرة على أداء واجبات الكائن المخلوق، وإرضاء مقاصد الله، واتباع طريقه، وكذلك من خلال ربح واقع الحق، والتعامل مع كلمة الله بصفتها حياة المرء؟ (نعم). بسبب هذه الأشياء، أنت قادر على عبادته، وأنت في عينيه كائن مخلوق مناسب. كيف لا يبتهج بك؟ من هم الناس الذين يريد الله أن يدمرهم؟ أي نوع من الكائنات المخلوقة هم؟ (فاعلو الشر). كل من يفعل الشر يقاومون الله ويعادونه – إنهم أعداء الله وسيكونون أول من يدمرهم. أضداد المسيح الذين يتنافسون مع الله على المكانة، وعديمو الإيمان؛ أولئك الذين ينفرون من الحق، ويعادون الله، ولا يسعون إلى الحق ويعارضون الله حتى النهاية، وأولئك الذين لا يستطيعون أداء واجبهم ككائنات مخلوقة بأي درجة – هؤلاء هم الناس الذين يريد الله أن يدمرهم. بعض الناس الذين لا يؤدون واجباتهم عديمو الإيمان. وآخرون، على الرغم من أنهم يؤدون واجباتهم، فإنهم دائمًا ما يكونون غير مبالين، وهم قادرون على فعل الشر وإحداث الاضطراب ومقاومة الله ومعارضته. هل يمكن أن يُعَد مثل هؤلاء الناس كائنات مخلوقة مناسبة في عيني الله؟ (لا، لا يمكنهم ذلك). ماذا ستكون النتيجة النهائية للكائنات المخلوقة التي تُعَد غير مناسبة؟ (سيستبعدهم الله ويدمرهم). هل هناك قيمة لحياة الكائنات المخلوقة التي تُعَد غير مناسبة؟ (لا). قد يفكرون، " حياتي لها قيمة. أريد أن أعيش. يمكنني أن أفعل بحياتي أشياء جيدة!" لكنهم في عيني الله لا يستطيعون حتى أداء واجبهم الأساسي ككائنات مخلوقة. إذا كانوا لا يستطيعون أداء واجبهم على النحو الملائم، فهل حياتهم تستحق العيش؟ هل هناك قيمة لوجودهم؟ إذا لم تكن هناك قيمة في وجودهم، فهل لا يزال الله يريدهم؟ (لا). ماذا سيفعل الله؟ سوف يستبعدهم. الحالات الهينة ستُنحى جانبًا وتُسلَّم إلى الشياطين النجسة والأرواح الشريرة، أما الحالات الشديدة فستتلقى عقوبة، والحالات الأشد ستؤدي إلى الدمار.

اقتباس 34

ثمة أناسٌ ليسوا على استعداد للمعاناة مطلقًا في أداء واجباتهم، ويتذمرون دومًا كلما واجهتهم مشكلة، ويرفضون دفع الثمن. أي نوع من المواقف هذا؟ إنه موقف اللامبالاة. إذا أديت واجبك بلا مبالاة، وعاملته بموقف الاستخفاف، فكيف ستكون النتيجة؟ سيكون أداؤك لواجبك ضعيفًا على الرغم من قدرتك على أدائه بشكل جيد، وبذلك لن يرتقي أداؤك إلى المستوى المطلوب، وسيكون الله مستاءً جدًّا من الموقف الذي تتخذه تجاه واجبك. لو أنك استطعت الصلاة إلى الله، والسعي إلى الحق، ووضعت قلبك وعقلك بالكامل فيه، وتمكنت من التعاون على هذا النحو، لَأعدّ الله لك كل شيء مسبقًا بحيث يقع كل شيء في مكانه المناسب أثناء معالجتك للأمور، وتظفر بنتائج جيدة. لم تكن بحاجة إلى بذل قدر كبير من الطاقة؛ ولو بذلت وسعك في التعاون، لرتب الله لك بالفعل كل شيء. أما إذا كنت مراوغًا ومتكاسلًا، ولم تهتمّ بواجبك كما ينبغي، وسلكت دائمًا الطريق الخاطئ، فلن يعمل الله عندئذ فيك؛ وستضيع منك هذه الفرصة، وسيقول الله: "أنت لست صالحًا، ولا يمكنني استخدامك. اذهب وتَنَحَّ جانبًا؛ فأنت تحب أن تكون مخادعًا ومتكاسلًا، أليس كذلك؟ أنت تحب أن تكون كسولًا وتأخذ الأمور ببساطة، أليس كذلك؟ حسنًا، إذنْ، خذ الأمور ببساطة إلى الأبد!". سيعطي الله هذه النعمة والفرصة لشخص آخر. ماذا تقولون: هل هذه خسارة أم ربح؟ (خسارة). إنها خسارة فادحة!

يُكمِّل الله أولئك الذين يحبونه بصدق، وجميع أولئك الذين يسعون إلى الحق، وذلك في مجموعة من البيئات المختلفة. إنه يُمكِّن الناس من اختبار كلماته عبر بيئات وتجارب مختلفة، وأن يربحوا بهذه الطريقة فهمًا للحق، ومعرفةً حقيقية به، وأن يربحوا الحق في نهاية المطاف. إذا اختبرت عمل الله بهذه الطريقة، فستتغير شخصيتك الحياتية، وستتمكن من ربح الحق والحياة. ما مقدار ما ربحتموه خلال سنوات الاختبار هذه؟ (الكثير). إذن، ألا يستحق ذلك تحمُّل قدرٍ ضئيل من المعاناة ودفع ثمن قليل في أثناء أداء واجبك؟ ماذا ربحت في المقابل؟ لقد فهمت الكثير جدًا من الحق! هذا كنز لا يُقدَّر بثمن! ما الذي يرغب الناس في ربحه عبر الإيمان بالله؟ أليس الهدف أن يربحوا الحق والحياة؟ هل تظن أن بإمكانك ربح الحق دون اختبار هذه البيئات؟ لا يمكنك ذلك مطلقًا. عندما تحلُّ بك بعض الصعوبات الخاصة أو تواجهك بعض البيئات المحددة، إذا كان موقفك دومًا هو أن تتجنبها أو تهرب منها، أو أن تحاول يائسًا أن ترفضها وتتخلص منها – إذا كنت لا ترغب في أن تضع نفسك تحت رحمة ترتيب الله، وكنت غير مستعد للخضوع لترتيب الله وتنظيمه، ولا ترغب في أن تدع الحق يكون سلطانًا عليك – إذا أردت دومًا أن تكون صاحب القرار وأن تتحكم في كل شيء يتعلق بك وفقًا لشخصيتك الشيطانية، إذن فستكون عواقب ذلك، إن عاجلاً أو آجلاً، أن الله سينحيك جانبًا بالتأكيد أو سيسلمك إلى الشيطان. إذا فهم الناس هذا الأمر، فيتعيّن عليهم أن يرجعوا سريعًا ويتبعوا طريقهم في الحياة وفقًا للمسار الصحيح الذي يتطلّبه الله. هذا هو المسار الصحيح، وعندما يكون المسار صحيحًا، فهذا يعني أن الاتجاه صحيح. قد تكون هناك عقبات في الطريق وصعوبات خلال هذه الفترة، وربما يتعثّرون أو يشعرون بالسخط في بعض الأوقات وتنتابهم مشاعر سلبية لعدة أيام. ما دام بإمكانهم المواظبة على أداء واجبهم وعدم تأجيل الأشياء، فستصبح هذه المشكلات كلها غير مهمة، لكن يتعيّن عليهم التفكّر في أنفسهم فورًا، وطلب الحق لحلّ هذه المسائل، ويجدر بهم الابتعاد كل البُعد عن التأجيل، أو الاستسلام، أو التخلّي عن واجبهم. هذا أمر بالغ الأهمية. إذا جال في خاطرك: «الشعور بالسلبية والضعف ليس بالأمر الجلل؛ إنها مسألة داخلية. لا يعلم الله عنها شيئًا. وبالنظر إلى مقدار معاناتي في الماضي والثمن الذي دفعته، فسيكون متساهلاً معي بالتأكيد»، وإذا استمر هذا الشعور بالضعف والسلبية، ولم تطلب الحق أو إلى تعلُّم الدروس في البيئات التي رتّبها الله لك، فستُضيِّع فرصك مرةً تلو الأخرى، ومن ثمَّ ستُضيِّع كل الفرص التي أراد الله أن يُكمِّلك عبرها وستخرّبها وتفسدها. ماذا ستكون عواقب ذلك؟ سيصبح قلبك أكثر ظُلمة وقتامة، ولن تشعر بعدها بحضور الله في صلواتك، وستكون سلبيًا لدرجة أن أفكارك ستكون ممتلئة بالشر والخيانة. بعدها ستجد التعاسة الشديدة تحاصرك، وستشعر أنك عاجز تمامًا ومستاء بشدة. ستشعر أنك بلا طريق أو اتجاه، وأنك عاجز عن رؤية أي بصيص من الضوء أو بارقة أمل. أليس من المرهِق أن تعيش بهذه الطريقة؟ (بلى). أولئك الذين لا يسيرون في المسار المستنير للسعي وراء الحق سيعيشون إلى الأبد تحت نفوذ الشيطان، في خطيئة وظُلمة أبديّتين، ودون أي أمل. هل يمكنكم فهم معاني هذه الكلمات؟ (يجب عليَّ السعي إلى الحق وأداء واجبي من كل قلبي وفكري). عندما يحلّ بك واجب، وتؤتمن عليه، فلا تفكِّر في كيفية تجنب مواجهة الصعوبات؛ إذا كان هناك شيء يصعب التعامل معه، فلا تنحِّه جانبًا وتتجاهله. بل يجب عليك مواجهته وجهًا لوجه. عليك أن تتذكر، في جميع الأوقات، أن الله مع الناس، وأنهم لا يحتاجون إلّا إلى الصلاة والطلب من الله إن تعرّضوا لأي مصاعب، وأنه لا شيء صعب مع الله. يجب أن يكون لديك هذا الإيمان. لما كنتَ تؤمن أن الله هو السيِّد على كل الأشياء، فلماذا لا تزال تشعر بالخوف عندما يصيبك شيء، وتشعر أنك ليس لديك ما تعتمد عليه؟ هذا يثبت أنك لا تعتمد على الله. إذا لم تتّخذه سندًا لك وإلهًا، فإنه ليس إلهك إذن. مهما كانت المواقف التي تواجهها في الحياة الحقيقية، فيتعيّن عليك أن تأتي أمام الله مرارًا من أجل الصلاة وطلب الحق. حتى إذا فهمت الحق وربحت شيئًا يتعلق بمسألة واحدة فقط كل يوم، فلن يكون هذا الوقت ضائعًا! ما مقدار الوقت الذي تتمكّنون فيه يوميًا من أن تأتوا أمام الله الآن؟ كم مرة تأتون أمام الله في اليوم الواحد؟ هل حققتم أية نتائج؟ إذا كان الشخص نادرًا ما يأتي أمام الله، فستصبح روحه يابسة ومظلمة للغاية. عندما تكون الأمور كلها على ما يرام، يبتعد الناس عن الله ويغفلونه، ولا يسعون إليه إلا عندما تطرأ صعوبات. هل هذا إيمان بالله؟ هل هذا اختبار لعمل الله؟ هذه مظاهر عديمي الإيمان. ومحالٌ – في ظل هذا النوع من الإيمان بالله – أن يربح الشخص الحق والحياة.

عندما لا يفهم الناس الحق أو لا يمارسونه، فغالبًا ما يعيشون وسط شخصيات الشيطان الفاسدة. إنهم يعيشون ضمن فخاخ شيطانية متنوعة، وهم يفكرون بمستقبلهم وكبريائهم ومكانتهم ومصالحهم الأخرى، ويطيلون التفكير بشأن هذه الأشياء. لكن إن طبّقت هذا الموقف على واجبك وعلى طلب الحق والسعي إليه، فستربح الحق. على سبيل المثال، أنت تُطيل التفكير لتحقيق ربْح شخصي زهيد؛ فتفكر فيه بعناية وبدقة، حيث تخطط كل شيء بصورة مثالية، وتبذل فيه الكثير من الفكر والجهد. ولو أنك بذلت هذا الجهد نفسه في تأدية واجبك وطلب الحق من أجل حل المشكلات، فسترى أن موقف الله تجاهك مختلف. يتذمر أناس من الله باستمرار ويقولون: «لماذا يكون طيبًا مع الآخرين ولكن ليس معي؟ لماذا لا ينيرني مطلقًا؟ لماذا أنا ضعيف دائمًا؟ لماذا لست صالحًا مثلهم؟» ما السبب في ذلك؟ لا يتحيّز الله إلى أحد. إذا لم تأتي أمام الله، وأردت دومًا أن تعالج الأمور التي تصيبك بنفسك، فلن ينيرك. وسينتظر حتى تأتي لتصلّي وتتضرّع إليه، وحينها سيمنحك طلبك. ما نوع الأناس الذين يحبهم الله؟ ماذا ينتظر الله أن يطلب الناس منه؟ هل يريدهم أن يطلبوا المال، والراحة، والشهرة، والربح، والمتعة، مثل أولئك الأشخاص الوقحين؟ لا يحب الله عندما يطلب منه الناس مثل هذه الأشياء. وأولئك الذين يسعون لطلب هذه الأشياء من الله وقحون، إنهم أدنى جميع الناس منزلةً، ولا يريدهم الله. بل إنه يريد الناس الذين يمكنهم اليقظة بعد الخطيئة، وطلب الحق وقبوله منه – هؤلاء هم أنواع الناس الذين يقبلهم الله. يجب أن تصلي على هذا النحو: «يا الله، لقد أفسدني الشيطان بشدة، وكثيرًا ما أعيش وسط شخصياتي الفاسدة. وأنا غير قادر على التغلب على مختلف غوايات السمعة والمكانة ولا أعرف كيف أتعامل معها. أفتقر إلى فهم مبادئ الحق. أتضرّع إليك أن تنيرني وترشدني»، و«أنا مستعد لأن أؤدي واجبي، لكنني أشعر أنني غير كفؤ – أولاً لأن قامتي ضئيلة جدًا، وثانيًا أفتقر إلى فهم هذا المجال. أخشى ألّا أُحسِن التصرف. أتضرّع إليك أن تمنحني إرشادك وعونك». ينتظر الله منك أن تأتي وتطلب الحق. عندما تأتي أمام الله وتطلب بقلب صادق، فسينيرك ويضيئك، وحينها سيكون لديك طريق، وستعرف كيف تؤدي واجبك. إذا كنت تبذل الجهد باستمرار فيما يتعلق بالحق، وتجلب حالتك الحقيقية أمام الله في الصلاة، وتطلب إرشاده ونعمته، حينها وبهذه الطريقة ستبدأ تدريجيًا في فهم الحق وممارسته، وما تحيا بحسبه سيكون شبه الإنسان، والإنسانية الطبيعية، وواقع الحق. أما إذا لم تراع مقاصد الله، ولم تسْعَ إلى الحق، وكنت كثيرًا ما تخطط وتفكّر مليًا وتبذل الفكر والعمل الجاد لأجل مصالحك المختلفة، بل ووهبت حياتك لها، وفعلت كل ما يلزم من أجلها، فلعلك تربح احترام الناس حينها، إلى جانب مختلَف المنافع وأشكال الكبرياء – لكن أيُّهما أهم: هذه الأشياء أم الحق؟ (الحق). يفهم الناس هذا التعليم، ومع ذلك لا يسعون إلى الحق، بل يثمّنون مصالحهم ومكانتهم. إذن، هل يفهمون التعليم حقًا، أم أنه فهم زائف؟ (إنه فهم زائف). إنهم حمقى في الواقع. ولا يرون الأمر بوضوح. عندما يتمكنون من رؤية ذلك بوضوح، فسيكونون قد ربحوا القليل من المكانة. يقتضي ذلك منهم السعي إلى الحق، وبذل الجهد في كلمة الله؛ لا يمكنهم أن يكونوا مشوشي الذهن ومستهترين. إذا لم تسْعَ إلى الحق، ويأتي يوم يقول فيه الله: «لقد أتمَّ الله قول كلامه، ولا يرغب في قول المزيد إلى هذه البشرية، أو فعل المزيد، وقد حان الوقت لفحص عمل الإنسان»، فإنه مقدَّر لك أن تكون مُستبعدًا. مهما كانت قوة مسانديك، أو مهما كان عدد القدرات والمواهب التي تتحلى بها، أو مهما كان مستوى تعليمك، أو مكانتك، أو مهما كانت مكانتك في هذا العالم بارزة، فلن ينفعك أيٌّ من هذه الأشياء. وستدرك في ذلك الوقت أهمية الحق وقيمته النفيسة، وستفهم أنك إذا لم تكن قد ربحت الحق، فليس لك شأن مع الله، وستدرك إلى أي مدى يكون الإيمان بالله دون ربح الحق أمرًا مؤسفًا ومأساويًّا. في هذه الأيام، يراود الكثير من الناس بالفعل شعور طفيف بذلك في قلوبهم، لكن هذا الشعور لم يوقظ فيهم العزيمة حتى الآن للسعي إلى الحق. لم يشعروا في أعماق قلوبهم بأهمية الحق وقيمته النفيسة. لا يكفي قليل من الوعي؛ بل يجب على المرء أن يرى بصدقٍ جوهر هذا الأمر بوضوح. وعندما تفعل ذلك، ستعرف جانب الحق الذي يمكنك استخدامه لحل هذه المشكلة. الحق وحده قادرٌ على حل مختلف الصعوبات التي تواجه الناس، وعلاج مختلف أفكارهم المحرَّفة، وآرائهم ضيقة الأفق، وشخصياتهم الفاسدة، فضلاً عن مشكلات عديدة تتعلق بالفساد. فمجرد السعي إلى الحق ومواصلة استخدام الحق لحل المشكلات يجعلكم قادرين على التخلص من شخصياتكم الفاسدة والخضوع لله. إذا اعتمدت فقط على الأساليب البشرية والقيود البشرية لحل أية مشكلات تواجهك، فلن تتمكن مطلقًا من معالجة هذه الصعوبات والشخصيات الفاسدة. يقول بعض الناس: «إذا قرأتُ المزيد من كلام الله، وقضيت ساعات عدّة في قراءته كل يوم، هل سأتمكن حتمًا من تحقيق تغيير في الشخصية؟» يعتمد ذلك على طريقة قراءتك لكلام الله، وما إذا كنت قادرًا على فهم الحق وتطبيقه. أما إذا كنت تمر مرور الكرام فقط عند قراءة كلامه ولا تسعى إلى الحق، فلن تربح الحق حينها، وإذا لم تربح الحق، فإن شخصيتك الحياتية لن تتغير مطلقًا. خلاصة القول إنه يتعيّن على المرء حتمًا السعي إلى الحق، وعليه السعي إلى الحق وممارسته حتى يحقق التغيير في الشخصية. أما مجرد قراءة كلام الله دون ممارسة الحق فلن تفي بالغرض. إن محاكاة الفريسيّين، الذين تخصصوا في وعظ الآخرين بكلمة الله وإخبارهم كيف يمارسونها دون أن يطبقوا ذلك بأنفسهم، لهو الطريق الخاطئ. يطلب الله من الناس أن يقرأوا كلامه أكثر حتى يفهموا الحق ويمارسوه ويعيشوا واقع الحق. إن طلب الله من الناس أن يدخلوا في واقع الحق، وأن يتبعوا طريقه، وأن يسيروا في الطريق الصحيح في الحياة؛ وهو السعي إلى الحق، مرتبطٌ ارتباطًا مباشرًا بطلبه أن يمارس الناس ببذل كل قلوبهم وقدرتهم عند تأدية واجباتهم. وعند اتباع الله، يجب أن يختبر الناس عمله من خلال تأدية واجباتهم، حتى يتمكنوا من نيل الخلاص والوصول إلى الكمال.

اقتباس 35

والآن، هل يمكن للأشياء التي تحلُّ بكَ والتي لا تتوافق مع مفاهيمك أن تؤثر في تأديتك واجبَك؟ على سبيل المثال، أحيانًا يصبح العمل كثيرًا للغاية، ويُطْلَبُ من الناس تحمُّل بعض المشقة ودفع ثمنٍ لأداء واجباتهم بشكل جيد؛ وحينها تتكون لدى بعض الناس مفاهيم في عقولهم وتنشأ داخلهم مقاومة، وقد يصبحون سلبيين ويتراخون في عملهم. أحيانًا، لا يكون العمل كثيرًا، وتصبح واجبات الناس أسهل في الأداء، ومن ثَمَّ يسعد بعض الناس ويفكرون: "كم سيكون رائعًا لو كان أداء واجبي بهذه السهولة دائمًا". أي نوع من الناس هم؟ إنهم أفراد كسالى جشعون لراحة الجسد. هل هؤلاء الأشخاص مخلصون في أداء واجباتهم؟ (لا). أمثال هؤلاء الناس يدَّعون أنهم راغبون في الخضوع لله، لكن خضوعهم يأتي بشروط– يجب أن تتناسب الأشياء مع مفاهيمهم الخاصة وألَّا تسبب لهم في أن يعانوا أي مشقة حتى يخضعوا. وإذا كانوا سيواجهون الشدائد وسيتعين عليهم تحمل المشقة، فإنهم يتذمرون كثيرًا، وهم حتى يتمردون على الله ويعارضونه. أي نوع من الناس هم؟ إنهم أناسٌ لا يحبون الحق. عندما تتوافق أفعال الله مع مفاهيمهم ورغباتهم الخاصة، ولا يضطرون إلى تحمل المشقة أو دفع ثمن، فإنهم يقدرون على الخضوع. ولكن إذا كان عمل الله لا يتماشى مع مفاهيمهم أو تفضيلاتهم، وإذا كان يتطلَّبُ منهم تحمل المشقة ودفع ثمنٍ، فإنهم لا يقدرون على الخضوع. حتى إذا لم يعارضوا علنًا، فإنهم في قلوبهم مقاومون ومنزعجون. إنهم ينظرون إلى أنفسهم على أنهم يتحملون مشقة كبيرة ويضمرون شكاوى في قلوبهم. ما نوع هذه المشكلة؟ إنها تظْهِر أنهم لا يحبون الحق. هل يمكن للصلاة أو النذور أو القرارات علاج هذه المشكلة؟ (لا، لا يمكن). إذن كيف يمكن علاج هذه المشكلة؟ أولًا، يجب أن تفهم مقاصد الله ومتطلباته، وأن تفهم معنى الخضوع الحقيقي. يجب أن تعرف ماهية التمرد والمعارضة، وأن تتأمل أيَّ شخصيةٍ من شخصياتك الفاسدة هي التي تعيق خضوعك لله، وأن ترى هذه الأمور بوضوحٍ. إذا كنت شخصًا يحب الحق، فستتمكن من التمرد على الجسد، ولا سيما على تفضيلاتك الجسدية، ومن ثَمَّ ممارسة الخضوع لله، والتصرف وفقًا لمتطلباته. وبهذه الطريقة، ستتمكن من علاج فسادك وتمردك وتحقيق الخضوع لله. إذا كنت لا تفهم الحق، ستكون غير قادرٍ على رؤية هذه الأمور بوضوحٍ، وغير قادرٍ على تمييز حالاتك الداخلية، وغير قادرٍ على أن ترى بوضوحٍ الأشياء التي تعيق خضوعك لله. وبالتالي، سيكون من المستحيل عليك التمرد على الجسد وممارسة الخضوع لله. إذا كان الشخص لا يستطيع حتى التمرد على تفضيلاته الجسدية، فسيكون من الصعب عليه للغاية تحقيق الإخلاص في تأدية واجبه. هل يمكن اعتبار هؤلاء الأناس خاضعين لله؟ بدون إخلاص، هل يمكن للناس أداء واجباتهم بشكل ملائم؟ هل يمكنهم تلبية متطلبات الله؟ بالطبع لا. إذا أراد شخصٌ أن يؤدي واجبه بشكل ملائم، فيجب عليه، على أقل تقدير، أن يكون قادرًا على ممارسة الحق والخضوع حقًا لله. إذا كان شخص ما لا يستطيع التمرد على تفضيلاته الجسدية، فلا يمكنه تطبيق الحق. إذا كنت تتصرف دائمًا وفقًا لإرادتك الخاصة، فأنت لست شخصًا يخضع لله. وحتى إن كنتَ تخضع له من حينٍ لآخر، فخضوعك مشروط؛ إذ لا يمكنك الخضوع إلّا عندما تتماشى الأمور مع مفاهيمك الخاصّة وعندما تكون في مزاجٍ جيّدٍ. وإذا كانت أفعال الله لا تتوافق مع مفاهيمك، وكان الواجب الذي يدبِّره الله لك والبيئات التي يرتِّبها لك تجلب لك مشقّة كبيرة أو إحراجًا أو شعورًا قويًا بالسخط، فهل ستظلّ قادرًا على الخضوع؟ سيكون من الصعب عليك الخضوع؛ إذ ستجد العديد من الأسباب للتمرد على الله ومعارضته. وحتى عند التأمل الذاتي لاحقًا، لن يكون من السهل عليك التمرد على الجسد، لأن التمرد على الجسد ليس بالأمر البسيط. كيف يتمرد المرء على الجسد؟ بطبيعة الحال، يجب على المرء أن يطلب الحق. يجب على المرء أيضًا أن يدرك جوهره الفاسد وقبحه الفاسد، حتى يصل إلى درجة كراهية نفسه وكراهية تفضيلاته الجسدية وجوهر الجسد. حينئذٍ فقط سيكون المرء راغبًا في التمرد على الجسد. إذا كان المرء لا يفهم الحق، فلن يكون قادرًا على كراهية الأشياء الجسدية، وبدون الكراهية، من المستحيل التمرد على الجسد. لذلك، من الضروري أن نصلي لله وأن نعتمد عليه من أجل أن يكون لدينا طريقٌ نتبعه. بدون الحق، لا يملك الناس القوة، ولا يمكنهم تطبيق الحق، حتى لو أرادوا ذلك. يجب على المرء حتمًا أن يصلي لله وأن يعتمد عليه.

بعض الناس لا يسعون إلى الحق؛ وإنما هم جشعون فقط لراحة الجسد، وغير راغبين في تحمل المشقة من أجل نيل الحق. متى ما واجهوا ولو قدرًا قليلًا من المشقة، يتذمرون ويلومون الله، ولا يطلبون الحق لعلاج هذا. وهم أيضًا يصلون لله قائلين: "يا الله، إن هويتك وجوهرك نبيلان للغاية. أنا لا أستحق أن أحبك، لكنني راغبٌ في الخضوع لك. مهما كان الحال، فأنا راغبٌ في الخضوع لك. عسى أن ترشدني وتضيئني وتنيرني. إذا لم أستطع أن أحبك وأخضع لك حقًا، فأرجوك أن تمحِّصَني وتعاقبني. فلتحلَّ عليَّ دينونتك". وبعد صلاتهم بهذه الطريقة، يشعرون حيال هذا بقدر كبير من الرضا، لكن أليست هذه مجرد حفنة من الكلمات الفارغة؟ هل يمكن علاج المشكلات من خلال الصلاة باستمرار بكلمات فارغة وتلاوة بعض الكلمات والتعاليم؟ (لا، لا يمكن). عندما يصلي الشخص بكلمات فارغة، ما نوع هذه المشكلة؟ أليست لها طبيعة خادعة بعض الشيء؟ هل من المفيد الصلاة بهذه الطريقة أمام الله؟ أن يكون المرء كسولًا وغير قادر على تحمل المعاناة، بينما هو جشع لراحة الجسد، وغير قادر على الخضوع للحق رغم معرفته به، وعاجز عن الالتزام بواجبه رغم معرفته به، ويتحدث عن كيف أنه يتمنى محبة الله رغم معرفته بأنه لم يعطه كلَّ قلبه وقوته– أليس هذا احتيالًا على الله؟ لا يوجد شيء يبغضه الله أكثر من صلوات المراسم الدينية. لا يقبل الله الصلوات إلا عندما تكون صادقة. إذا لم يكن لديك شيء صادقٌ تقوله، فابق صامتًا؛ لا تأتِ أمام الله دائمًا متكلمًا بكلماتٍ كاذبةٍ أو مُقْسِمًا بالأيمان جُزافًا لتخدعه. لا تتحدث عن مدى حبك له، وعن مدى تمنيك لأن تكون مخلصًا له. إذا كنت غير قادر على تحقيق أمنياتك، وإذا كنت تفتقر إلى هذا العزم وهذه القامة، فيجب عليك ألا تأتي أمام الله أبدًا مصليًا هكذا. هذا استهزاءٌ بالله. ما معنى الاستهزاء؟ الاستهزاء يعني السخرية من شخص ما والتلاعب به. عندما يأتي الناس أمام الله للصلاة بهذا النوع من الشخصيات، فهذا خداعٌ على أقلِّ تقديرٍ. في أسوأ الأحوال، إذا كنت تفعل هذا كثيرًا، فأنت ذو شخصية دنيئة تمامًا. ولو أنَّ الله كان سيدينك، لسمَّى هذا تجديفًا! ليس لدى الناس قلوب تتقي الله، وهم لا يعرفون كيف يتقون الله، أو كيف يحبونه ويرضونه. إذا كان الحق غير واضحٍ لهم، أو إذا كانت لديهم شخصيات فاسدة، فسيتغاضى الله عن أمرهم. لكنهم يأتون أمام الله بينما هم يعيشون في خضم شخصياتهم الفاسدة، ويستخدمون مع الله أساليب غير المؤمنين للاحتيال على الأشخاص الآخرين، وهم يركعون "بوقارٍ" أمامه في الصلاة، مستخدمين هذه الكلمات لمحاولة الاحتيال على الله. عندما ينتهون من الصلاة، فليس الأمر فحسب أنهم لا يشعرون بتقريع الذات، بل إنهم أيضًا لا يكون لديهم أي إحساس بمدى خطورة أفعالهم. وما دام الأمر كذلك، فهل الله معهم؟ الله ليس معهم. هل يمكن لشخص بدون حضور الله أن يربح استنارته وإضاءته؟ هل يمكنه أن يربح النور فيما يتعلق بالحق؟ (لا، لا يمكنه ذلك). إذن فهو في مشكلة. هل صليتم هكذا مرات كثيرة؟ أَلَسْتُم تفعلون هذا كثيرًا؟ (بلى). عندما يقضي الناس وقتًا طويلًا جدًا في العالم العلماني، تفوح منهم رائحة المجتمع الكريهة، وتصبح طبيعتهم القذرة شديدة للغاية، ويصبحون غارقين في السموم والفلسفات الشيطانية؛ ما يخرج من أفواههم هو كلمات الزيف والخداع، وصلواتهم مليئة بالكلمات الفارغة وكلمات التعليم، خالية من أي كلامٍ يخرج من القلب أو أي حديث عن مصاعبهم الحقيقية. إنهم دائمًا يَسْتَجْدون الله من أجل تفضيلاتهم الشخصية ويطلبون بركاته، ونادراً ما تكون لديهم قلوبٌ تطلب الحق، ولا يصلون بناءً على قلبٍ خاضع لله. مثل هذه الصلوات لا تكشف إلا عن الخداع والزيف. هؤلاء الناس لديهم شخصيات فاسدة للغاية، وقد أصبحوا ببساطة شياطين حية. عندما يأتون أمام الله في الصلاة، فإنهم لا يتحدثون بكلمات بشرية أو يتحدثون من قلوبهم. وبدلاً من ذلك، يجلبون خداع الشيطان وزيفه أمام الله. ألا يسيء هذا إلى شخصية الله؟ هل يمكن أن يستمع الله إلى مثل هذه الصلوات؟ يشعر الله بالنفور تجاه أمثال هؤلاء الأفراد ولا يحبهم بالتأكيد. يمكن القول إنَّ مثل هذه الصلوات محاولات لخداع الله والاحتيال عليه. هؤلاء الناس لا يطلبون الحق على الإطلاق، ولا يتحدثون من قلوبهم ولا يثقون بالله. صلواتهم غير متوافقةٍ مع مقاصد الله ومتطلباته. في الأصل، هذا ناتج عن الطبيعة البشرية لا عن كشف لحظيٍّ للفساد. يفكر هؤلاء الناس: "حسنًا، لا أستطيع أن أرى الله أو أن أشعر به، ولا أعرف أين الله. سأقول لله بضع كلمات عشوائية فحسب، فمن يدري ما إذا كان يستمع حتى". إنهم يصلون لله بعقليَّةٍ من الشك وامتحان الله– ما نوع الشعور الذي سيشعرون به بعد الصلاة بهذه الصورة؟ ألن يظل شعورهم هو الخواء؟ أليس عدم امتلاك أيِّ مشاعر على الإطلاق أمرًا مسببًا للمتاعب؟ الصلاة مبنية على أساسٍ من الإيمان. إنها الصلاة لله في قلب المرء، والتحدث إلى الله من القلب، وأن يفتح المرء قلبه له، ويطلب الحق منه. عندما يصلي الشخص بهذه الطريقة، سيكون لديه شعور بالسلام في داخله وشعور بحضور الله. هذا هو الله يستمع إليه، غير مرئي. متى ما صلى شخص إلى الله من قلبه بهذه الطريقة، سيشعر كما لو كان في لقاء شخصي معه. سيقوى إيمانه، وستصبح علاقته مع الله أكثر حميمية، وسيقترب منه أكثر. سيشعر بالرضا وسيكون راسخ القلب بشكلٍ كبيرٍ. هذه هي المشاعر الحقيقية التي تنشأ بعد الصلاة. بإنشاد الصلوات الدينية، لا يؤدي الناس سوى إجراءات شكلية فحسب، مكررين العبارات القليلة نفسها كل يوم، حتى إنهم لا يعودون راغبين في قولها. وبعد مثل هذه الصلوات، لا يشعرون بشيء، ولا تتحقق أي نتائج على الإطلاق. هل يمكن أن يكون لدى أشخاص مثل هؤلاء إيمان حقيقي؟ مستحيل.

بعض الناس غير مخلصين في أداء واجباتهم. إنهم دائمًا لا مبالين، أو يشعرون أن واجباتهم صعبة ومرهقة للغاية. إنهم لا يريدون الخضوع، وإنما يرغبون باستمرار في الهروب من واجباتهم ورفضها، ويريدون دائمًا تأدية واجبات أسهل، لا تعرضهم لصعوبات الظروف الجوية، وغير مصحوبةٍ بأي خطورةٍ، وتسمح لهم براحة الجسد. هم يعرفون، في قلوبهم، أنهم كسالى، وجشعون لراحة الجسد، وغير قادرين على تحمل المشقة. ورغم ذلك، لا يعبرون أبدًا عن أفكارهم الحقيقية لأي شخص، خوفًا من السخرية منهم. يقولون بأفواههم: "يجب أن أؤدي واجبي جيدًا وأن أكون مخلصًا لله"، وعندما يعجزون عن فعل أي شيء بشكل جيد، يقولون للجميع: "ليس لدي إنسانية ولا إخلاص في أداء واجبي"، لكنهم في الواقع لا يعتقدون ذلك على الإطلاق. عندما يكون الشخص في مثل هذه الحالة، كيف يمكنه الصلاة بطريقةٍ تتسم بالعقل؟ قال الرب يسوع أن نعبد الله بقلوبنا وبصدق. عندما تأتي أمام الله، يجب أن يكون قلبك صادقًا وبدون زيف. لا تقل شيئًا أمام الآخرين بينما تفكِّر بشكلٍ مختلفٍ في قلبك. إذا كنت تأتي أمام الله متظاهِرًا، متفوهًا ببعض الكلمات اللطيفة والجميلة كما لو كنت تحاول كتابة مقال، أفلا يكون فعل ذلك خداعًا لله؟ ونتيجة لذلك، سيرى الله أنك لست شخصًا يعبده بقلبه وبصدق. سيرى أنَّ قلبَكَ ليسَ صادقًا، وأنَّهُ خبيثٌ وشريرٌ للغاية، وأنَّكَ تضمر مقاصد شريرةً، وسوف ينبذك. إذن، كيف يجب أن يصلي الناس بشأن الأشياء التي تحدث لهم بشكلٍ متكررٍ والمشاكل التي يواجهونها في حياتهم اليومية؟ يجب أن يتعلموا التحدث إلى الله من قلوبهم. تقول: "يا إلهي، إنني أجد هذا الواجب مرهقًا للغاية. أنا شخص جشع لراحة الجسد، وكسول، ونافرٌ من العمل الشاق. لا أستطيع تقديم إخلاصي في الواجب الذي عهدت به إلي، ولا أستطيع حتّى أن أؤدّيه بكلّ قوّتي. أريد دائمًا الهروب منه ورفضه، وأنا دائمًا لا مبالٍ. أرجوكَ أن تؤدِّبَني". أليست هذه كلمات حقيقية؟ (بلى، هي كذلك). هل تجرؤ على التحدث بهذه الطريقة؟ أنت خائف مما قد يحدث إذا أدَّبكَ الله حقًا ذات يوم بعد قول هذا الكلام، وتصبح جبانًا ومتوتر الأعصاب دائمًا وشديد الارتياب. دائمًا ما يرغب الناس في تجنب المشقة عندما يؤدون واجباتهم. إنهم جشعون لراحة الجسد ويريدون التراجع عندما يواجهون صعوبة صغيرة، أو عندما يتطلب الأمر بعض الجهد، أو عندما يشعرون بالتعب قليلاً. إنهم ينتقون ويختارون باستمرار، وعندما يختبرون القليل من المشقة، يتفكرون: "هل الله يعلم؟ هل سيتذكر؟ بعد تحمّلي مثل هذه الصعوبة الكبيرة، هل سأحصل على أي مكافأة في المستقبل؟" هم دائمًا يطلبون نتيجة. كل هذه المشكلات تحتاج إلى علاج. في الماضي، كلفتُ شخصًا ما بتمرير رسالة وعندما عاد ليبلغني، تحدث أولًا عن إنجازاته العظيمة. شرح كيفية علاجه للمشكلة، وتحدث عن مدى قلقه بشأنها ومقدار ما قد كان عليه التحدث به، ومدى صعوبة التعامل مع ذلك الشخص، وعدد الكلمات المعسولة التي استخدمها معه، ليُتِمَّ المهمة أخيرًا. كان ينسب لنفسه الفضل في الأمر باستمرار، وظل يتحدث عنه. ما هو المعنى الضمني لهذا؟ "يجب أن تمدحني، وتعطيني وعدًا، وتخبرني بالمكافآت التي سأحصل عليها في المستقبل". كان يطلب مكافأة علنًا. أخبروني، هل القيام بهذه المهمة الصغيرة يستحق الثناء؟ إذا كان المرء دائمًا ما يطلب الثناء على أداء جزء من واجبه، فأيُّ شخصيةٍ تلك؟ أليست هذه طبيعة الشيطان؟ كان يتوقع الثناء والمكافآت على هذه المهمة الصغيرة– ألا يعني هذا أنه إذا قام بمهام مهمة أو أنجز عملاً عظيمًا، فسيكون سلوكه أسوأ؟ إذا لم يستطع الحصول على استحسان الله وبركاته، فهل سيتمرد؟ هل سيصعد إلى السماء الثالثة ويتجادل مع الله؟ فما الطريق الذي يسلكه في إيمانه بالله؟ (طريق أضداد المسيح). طريق أضداد المسيح، تمامًا مثل بولس. دائمًا ما كان بولس يطلب المكافآت والمكانة من الله. وإذا لم يمنحه الله ذلك، فإنه كان يصبح سلبيًا ويتكاسل في عمله، ويعارض الرب، ويخونه. أخبروني، ما نوع الشخص الذي يريد مكافأة بعد تحمل القليل من المشقة في واجبه؟ (شخص شرير). إنسانيّته شرّيرة للغاية. هل لدى الناس العاديين هذه الحالات داخلهم؟ كل شخص لديه هذه الحالات. جوهر الطبيعة هو نفسه في كل شخص، كل ما هنالك أنَّ بعض الناس لا يظهرونه بالدرجة نفسها من الوضوح. فهم يمتلكون العقلانية ويعرفون أن مثل هذه الأفعال والأفكار خاطئة، وأنه ليس لهم التماس المكافآت من الله. ولكن ماذا ينبغي للمرء أن يفعل بشأن مثل هذه الحالة؟ يجب على المرء أن يطلب الحق ليعالجها. أي جانب من جوانب الحق يمكن أن يعالج هذه الحالة؟ من الضروريّ أن يعرف الشخص مَن يكون، وما الموقف الذي يجب أن يقف فيه، وما المسار الذي يجب أن يسعى إليه، وما نوع الشخص الذي ينبغي أن يكونه. هذا هو الحد الأدنى من الأشياء التي يجب أن يعرفها المرء. إذا كان الشخص لا يعرف حتى هذه الأشياء، فهو بعيد عن فهم الحق، أو ممارسة الحق، أو السعي إلى الخلاص.

عندما يتعلق الأمر بأداء واجبات خاصة معينة أو واجبات أكثر إجهادًا وإرهاقًا، يجب على الناس – من ناحية – أن يتأملوا دائمًا في كيفية أداء تلك الواجبات، وفي المصاعب التي عليهم تحمُّلها، وكيفية الالتزام بواجباتهم والخضوع. ومن ناحية أخرى، يجب على الناس أيضًا فحص ما يوجد في نواياهم من غش وكيف أنه يعوق أدائهم لواجباتهم. يولد الناس بنفور تجاه تحمُّل المشقة؛ - ما من فرد واحد يستمد من تحمل المزيد من المشقة حماسًا أو فرحًا أكثر. أمثال هؤلاء الناس غير موجودين. إنها طبيعة جسد الإنسان أن يشعر الناس بالقلق والضيق فور أن يتحمل جسدهم المشقة. ولكن ما مقدار المشقة التي يجب أن تتحملوها الآن في الواجب الذي تؤدونه؟ ليس عليك سوى أن تتحمل شعور جسدك بالتعب وأن تكد قليلاً. إذا كنت لا تستطيع حتى تحمُّل هذا القدر اليسير من المشقة، فهل يمكن أن تُعتبر ذا عزيمة؟ هل يمكن اعتبارُكَ مؤمناً باللهِ بصدقٍ؟ (لا). هذا لا يكفي. ما من شخص يشرف عليك عندما تؤدي واجبك في بيت الله، بل يعتمد الأمر كليًا على أخذك زمام المبادرة بنفسك. في بيت الله، توجد ترتيبات عمل وأنظمة، والأمر متروك للأفراد في الاعتماد على إيمانهم، وعلى ضمائرهم وعقولهم. الله وحده يمحِّص ما إذا كنت تبلي بلاءً حسنًا في واجبك أم لا. إذا كان الناس – بغض النظر عن الشخصيات الفاسدة التي يكشفون عنها في أثناء تأدية واجباتهم أو عند التعامل مع الناس والأحداث والأشياء من حولهم – دائمًا ما يكونون غير واعين بها، ولا يشعرون بأي تأنيب ضمير، فهل هذا شيء جيد أم سيء؟ (إنه شيءٌ سيءٌ). لماذا يعتبر شيئًا سيئًا؟ ضمير الإنسان وعقله لديهما معيار من الحد الأدنى. إذا كان ضميرك يفتقر إلى أي وعي ولا يمكن أن يمنعك من القيام بأشياء سيئة، أو يقيد سلوكك، وإذا كنت تتصرف بطريقة تنتهك المراسيم الإدارية والمبادئ، وكنت تفتقر إلى الإنسانية، لكن قلبك عديم التقريع، أليس هذا افتقارًا إلى أساس أخلاقي؟ أليس هذا أنك تكون بلا وعي بضميرك؟ (بلى). عندما تفعلون شيئًا خاطئًا، أو تنتهكون المبادئ، أو عندما لا تكونون مخلصين في تأدية واجباتكم على مدى فترة طويلة من الزمن، فهل تكونون عادةً على وعيٍ بهذا؟ (نعم). إذن، هل يمكن لضميرك أن يقيدك ويجعلك تفعل الأشياء وفقًا لضميرك وعقلك، وفي توافقٍ مع مبادئ الحق؟ إذا كنت شخصًا يفهم الحق، فهل يمكنك الارتقاء من التصرّف بناءً على ضميرك إلى التصرّف وفقًا لمبادئ الحق؟ إذا كان بوسعك القيام بذلك، فخلاصك ممكن. إن قدرة المرء على تحمل المشقة في أداء واجبه ليست مهمة سهلة، وليس من السهل أيضًا أداء نوع معين من العمل بشكل جيد. من المؤكد أن حق كلام الله يعمل داخل الناس الذين يمكنهم القيام بهذه الأشياء. ليس الأمر أنهم ولدوا دون خوف من المشقة والتعب. أين يمكن العثور على مثل هذا الشخص؟ إن هؤلاء الناس كلهم لديهم بعض الحافز، ويتخذون من بعض الحق في كلام الله أساسًا لهم. عندما يتولون واجباتهم، تتغير رؤاهم ووجهات نظرهم؛ فتصبح تأدية واجباتهم أسهل، ويبدأ تحمُّل بعض المشقة والتعب الجسدي في أن يبدو أمرًا غير مهم بالنسبة إليهم. أولئك الذين لا يفهمون الحق والذين لم تتغير رؤاهم للأشياء، يعيشون وفقًا للأفكار والمفاهيم الإنسانية والرغبات الأنانية والتفضيلات الشخصية، لذلك يكونون ممانعين وغير راغبين في أداء واجباتهم. على سبيل المثال، عندما يتعلق الأمر بالقيام بأعمال قذرة ومرهقة، يقول بعض الناس، "سأطيع ترتيبات بيت الله. مهما كان الواجب الذي ترتبه الكنيسة لي، فسأؤديه بغض النظر عما إذا كان قذرًا أو متعبًا، وعمَّا إذا كان مثيرًا للإعجاب أو غير ملحوظ. ليست لدي مطالب، وسأقبله بصفته واجبي. هذه هي الإرسالية التي عهد إليّ بها الله، والقليل من القذارة والتعب هي المصاعب التي يجب أن أتحملها". ونتيجة لذلك، عندما ينخرطون في عملهم، لا يشعرون أنهم يتحملون أي مشقة على الإطلاق. في حين أن الآخرين قد يجدون العمل قذرًا ومتعبًا، يجدونه هم سهلًا، لأن قلوبهم هادئة وغير مضطربة. هم يفعلون ذلك من أجل الله، لذلك لا يشعرون أنه صعب. بعض الناس يعتبرون أنَّ القيام بعمل قذر أو متعب أو غير ملحوظ إهانة لمكانتهم وخُلُقهم. إنهم ينظرون إلى الأمر على أن الآخرين سيقابلونه بعدم احترامٍ أو بتنمُّرٍ أو بازدراء. ونتيجة لذلك، فإنهم حتى عندما يواجهون المهام نفسها وعبء العمل نفسه، يجدون العمل مُجْهِدًا. ومهما فعلوا، فإنهم يحملون شعورًا بالاستياء في قلوبهم، ويشعرون أن الأشياء ليست كما يريدونها أن تكون أو أنها غير مُرضية. في داخلهم، هم مليؤون بالسلبية والمقاومة. لماذا هم سلبيون ومُقاوِمون؟ ما أصل هذا الأمر؟ في معظم الأحيان، يكون ذلك لأن تأدية واجباتهم لا تكسبهم راتبًا؛ فيبدو وكأنهم يعملون مجانًا. لو كانت هناك مكافآت، فربما صار الأمر مقبولًا بالنسبة لهم، لكنهم لا يعرفون ما إذا كانوا سيحصلون عليها أم لا. لذلك، يشعر الناس أن أداء الواجبات لا يستحق العناء، وهم يساوونه بالعمل مجانًا، لذلك غالبًا ما يصبحون سلبيين ومقاومين عندما يتعلق الأمر بأداء الواجبات. أليس هذا هو الحال؟ بصراحة، هؤلاء الأشخاص غير راغبين في أداء الواجبات. بما أنه لا أحد يجبرهم، فلماذا لا يزالون يأتون لتأدية واجباتهم؟ لأنهم يجبرون أنفسهم؛ فبسبب رغبتهم في الحصول على البركات ودخول ملكوت السماوات، ليس لديهم خيار سوى أداء واجباتهم. إنه مظهر لكونهم بلا أي خيار آخر. هذه هي العقلية وراء محاولاتهم عقد صفقة مع الله. يسأل البعض كيف يمكن لمثل هؤلاء الأشخاص علاج مشكلة وجود السلبية والمقاومة في قلوبهم. لا يمكن علاج هذه المشكلة إلا من خلال عقد الشركة عن الحق. لكن إذا كانوا لا يحبون الحق، فلن يتمكنوا من قبوله بغض النظر عن كيفية عقد الشركة بشأن الحق معهم. في تلك الحالة، يكونون عديمي إيمان، وقد انكشفوا. لأنهم يريدون عقد صفقات ولا يفعلون أي شيء ما لم يكن مفيدًا لهم، إذا وعدهم الله بالمكافآت والدخول إلى ملكوت السماوات، وكتب لهم ضمانًا، فمن المؤكد أنهم سيؤدون واجباتهم بحماس. في الواقع، وعد الله مفتوح، وأولئك الذين يسعون إلى الحق يمكنهم الحصول عليه. رغم ذلك، فإن أولئك الذين لا يسعون إلى الحق غير قادرين على الحصول عليه. ليس الأمر أنهم غير مدركين لوعد الله، بل إنه يبدو في قلوبهم غير ملموس وغير مؤكد. بالنسبة إليهم، فإن وعد الله مثل شيك بدون رصيد؛ فهم غير قادرين على تصديقه، وليس لديهم إيمان حقيقي به، وما من شيء يمكن فعله حيال ذلك. إنهم يرغبون في أشياء ملموسة، وإذا كنت ستدفع لهم راتبًا، فسيكون لديهم نشاط بالتأكيد. وعلى الرغم من ذلك، أولئك الذين ليس لديهم ضمير أو عقل قد لا ينشطون بالضرورة؛ فهم حقراء للغاية. لو أنهم وُظِّفُوا في العالم العلماني، فلن يعملوا بجد، وسيكونون مراوغين ومتكاسلين، وسيُقالونَ من وظائفهم بالتأكيد. هذه ببساطة مشكلة في طبيعتهم. بالنسبة لأولئك الذين يكونون غير مبالين باستمرارٍ في تأدية واجباتهم، فإن الحل الوحيد هو إخراجهم واستبعادهم. لا توجد طريقة أخرى للتعامل مع أولئك الذين لا يقبلون الحق. أعذارهم ومبرراتهم كلها غير معقولة، وليس من الضروري مناقشة جودة إنسانيتهم.

في الوقت الحاضر، بدأ معظم الناس في تأدية الواجبات. هل تفهمون ما هي الواجبات، وكيف تنشأ، ومن يعطيها؟ (الواجبات هي إرساليات يعهد بها الله إلى الناس). هذا صحيح. إذا كنت تؤمن بالله وتأتي إلى بيته، وإذا كنت قادرًا على قبول إرسالية الله، فأنت عضو في بيته. المهام التي يرتبها بيت الله لك، الطريق الذي يخبرك الله أن تتبعه، والإرساليات التي يعهد بها الله إليك، هي واجباتك، وهي ما أعطاه الله لك. عندما تأكل كلمات الله وتشربها، وتستوعب مقاصده، وتستمع إلى ترتيبات بيت الله وتفهمها، وعندما تعرف في قلبك الواجب الذي يجب عليك تأديته والمسؤوليات التي يمكنك إتمامها، وعندما تقبل إرسالية الله وتبدأ في تأدية واجبك، تصبح عضوًا في بيت الله وجزءًا من توسيع الإنجيل. يعتبرك الله عضوًا في بيته وجزءًا من توسيعِ عمله. عند هذه المرحلة، يصبح لديك الواجب الذّي يتعين عليك تأديته. مهما كان ما أنت قادر على القيام به، ومهما كان ما أنت قادر على تحقيقه، فهو مسؤولياتك وواجبك. يمكن القول إنَّها إرساليَّةُ اللهِ، وإرساليَّتُكَ، وواجبُكَ المُلْزِم. تأتي الواجبات من الله. إنها المسؤوليات والإرساليات التي يعهد بها للإنسان. فكيف يجب أن يفهمها الإنسان إذن؟ "بما أن هذا واجبي والإرسالية التي عهد الله بها إليَّ، فهو التزامي ومسؤوليتي. ليس لي سوى أن أقبل واجبي الملزِم. لا أستطيع الامتناع عنه أو رفضه. لا يمكنني الاختيار والمُفاضَلَة. ما يقع على عاتقي هو بالتأكيد ما يجب عليّ فعله. ليس الأمر أنه لا يحق لي أن أختار؛ بل إنه ينبغي لي ألّا أختار. هذا هو العقل الذي يجب أن يمتلكه الكائن المخلوق". هذا هو موقف الخضوع. بعض الناس ينتقون باستمرارٍ عند أداء واجباتهم، راغبين دائمًا في القيام بعمل سهل ويستمتعون به، وغير قادرين على الخضوع لترتيبات بيت الله. هذا يُظْهِر أن قامتهم صغيرة جدًا، وأنهم لا يمتلكون عقلًا بشريًا طبيعيًا. إذا كان الشخص شابًا قد دُلِّل وغُنِّج في المنزل ولم يختبر أي صعوبات، فمن المفهوم أن يكون معانِدًا بعض الشيء. وما دام يمكنه قبول الحق، فإن هذا سيتغير تدريجيًا. لكن إذا تصرف شخص بالغ في الثلاثينيات أو الأربعينيات من عمره بهذه الطريقة المقززة، فهذه مشكلة كسل. مرض الكسل خِلْقي وهو الأصعب في علاجه. إنها مشكلة في طبيعة المرء، ولا يستطيع أمثال هؤلاء الناس تحمُّل القليل من المشقة والتعب إلا إذا لم تترك أمامهم أية خيارات أخرى في بيئات أو مواقف بعينها. الأمر تمامًا مثل أنَّ بعض المتسولين يدركون جيدًا أن كونهم متسولين يثير ضدهم الازدراء والتمييز من الآخرين، لكن بسبب كسلهم وعدم رغبتهم في العمل، ليس لديهم خيار آخر سوى اللجوء إلى التسول؛ وإلا، فسوف يتضورون جوعاً. باختصار، إذا لم يتمكن الشخص من أداء واجبه بضمير ومسؤولية، فإنه سوف يُسْتَبْعَد عاجلًا أم آجلًا. إنَّ التعدي الأعظم هو أن تؤمن بالله لكن لا تخضع له. إذا كنت ترفض تأدية واجبك أو تنفر من المصاعب باستمرار وتخشى الإجهاد، فأنت شخص بلا ضمير وعقل. أنت غير مناسب لأداء الواجبات، ويمكنك المغادرة. ذات يومٍ، عندما تدرك أن عدم أداء واجبك هو بمثابة رفض الإرسالية التي عهد بها الخالق إليك، وأنك شخص متمرد على الله، بلا ضمير وعقل، وعندما تدرك أن أولئك الذين يؤمنون بالله يجب أن يؤدوا واجباتهم بشكل جيد وأن هذا ضروري، فحينها يجب عليك أن تحسن التصرف وتؤدي واجبك بشكل جيد. هذا هو الخضوع. إذا كان الشخص متمردًا أو سلبيًا في واجبه، أي إذا أظهر افتقارًا تامًا إلى الخضوع لله، فإن مثل هذا الشخص لا يبذل نفسه بصدق من أجله. إن تأدية المرء لواجبه بشكل جيد عن طيب خاطرٍ هو الحد الأدنى من التعبير عن الخضوع لله. إذن، كيف تنشأ الواجبات؟ (الواجبات تأتي من الله؛ إنها مسؤوليات يعطيها الله للناس). الواجبات هي مسؤوليات يعطيها الله للناس، فهل لدى غير المؤمنين واجبات؟ (لا، ليس لديهم). لماذا تقولون إنهم ليس لديهم واجبات؟ (لأنهم ليسوا من أهل بيت الله). هذا صحيح، فغير المؤمنين لا يشغلون أنفسهم إلا بحياتهم الجسدية، وأفعالهم لا تستحق أن تسمى واجبات. غير المؤمنين من شاكلة العالم والشيطان. الله يرتب مصير حياتهم فحسب: وقت ولادتهم، والعائلة التي يولدون فيها، والعمل الذي يقومون به عندما يكبرون، ووقت وفاتهم؛ لكنه لا يختارهم، ولا يخلصهم. أولئك الذين يؤمنون بالله مختلفون. على نطاق أضيق، فكل العمل الذي يعملونه في بيت الله هو واجباتٌ عليهم تأديتها. وعلى نطاقٍ أوسع، ضمن خطة تدبير الله بأكملها، فإن الواجب الذي يؤديه كل كائن مخلوق هو تعاون مع عمل الله. وبصراحة، إنهم يؤدون خدمة لخطة تدبير الله. سواء كنت تؤدي خدمتك بإخلاصٍ أم لا، فأنت بعيد عن أن تكون شخصًا يتّبع مشيئة الله. في الواقع، لا يمكن اعتبار الشخص واحدًا من شعب الله وكائناته المخلوقة المناسبة إلا عندما يتمكن حقًا من أداء واجبه، وتحقيق نتيجة تقديم الشهادة لله، وربح استحسانه. إذا كنت تؤدي كل واجب يعهد به الله إليك جيدًا، وتفي بالمعايير المطلوبة، فأنت عضو في بيت الله، وشخص يعترف به الله كشخص في بيته.

اقتباس 36

كلمات الترنيمة "يا لها من سعادة أن تكون شخصًا صادقًا" جميعها عملية جدًا، وقد اخترت منها بضعة أبيات لنعقد شركة حولها. لنعقد الشركة أولًا حول هذا البيت: "أنا أتمسك بواجبي من كل قلبي وعقلي، وليست لديَّ شواغل متعلقة بالجسد". ما هذه الحالة؟ وما نوع الشخص الذي يستطيع التمسك بواجبه من كل قلبه وعقله؟ هل لديه ضمير؟ هل أدى مسؤوليته بوصفه كائنًا مخلوقًا؟ هل وَفَّى الله بأي طريقة؟ (نعم). حقيقة أنه يمكنه التمسك بواجبه من كل قلبه وعقله تعني أنه يفعل ذلك بجدية ومسؤولية دون أن يكون لا مباليًا أو ماكرًا ومتراخيًا، ودون أن يتهرب من المسؤولية. إنَّ لديه موقفًا سليمًا؛ وحالته وعقليته طبيعيتان. لديه أيضًا عقل وضمير، وهو يراعي الله ويخلِص لواجبه ويكرس نفسه له. ماذا يعني: "ليست لديَّ شواغل متعلقة بالجسد"؟ توجد بعض الحالات هنا أيضًا. هذا يعني في المقام الأول أنه لا يهتم بمستقبل جسده، ولا يضع خططًا لما سيحدث له. ويعني أيضًا أنه لا يفكر فيما سيفعله لاحقًا عندما يكبر، أو فيمَن سيعتني به، أو في الكيفية التي سيعيش بها عندئذ. فهو لا يراعي تلك الأشياء، بل يخضَع، بدلًا من ذلك، إلى تنظيمات الله وترتيباته في كل الأشياء. إنَّ تتميم واجبه جيدًا هو مهمته الأولى والأهم؛ فالتمسك بواجبه والتمسك بإرسالية الله هما أهم شيئان. ألا يكون لدى الناس قدر من شبه الإنسان عندما يتممون واجباتهم جيدًا بوصفهم كائنات مخلوقة؟ هذا هو امتلاك شبه الإنسان. يجب على الناس على الأقل أن يؤدوا واجبهم بشكل جيد وأن يكونوا مخلصين ويضعوا قلبهم وعقلهم بالكامل فيه. ما معنى أن "يتمسك المرء بواجبه"؟ معناه ألا يتخلى الناس عن واجبهم أو يصبحوا مارقين أو يتهربوا من مسؤوليتهم أيًا كانت الصعوبات التي يواجهونها، بل يفعلون كل ما في وسعهم؛ ذلك ما يعنيه أن يتمسك المرء بواجبه. لنقل، على سبيل المثال، أنه قد رُتِّبَ لك أن تقوم بشيء ما، ولم يكن هناك من يراقبك أو يشرف عليك أو يحثك؛ فكيف سيبدو التمسك بواجبك؟ (قبول تمحيص الله والعيش في محضره). قبول تمحيص الله هو الخطوة الأولى، أي جزء واحد من هذا الأمر، والجزء الآخر هو أن تؤدي واجبك من كل قلبك وعقلك. ماذا عليك أن تفعل لتكون قادرًا على أدائه من كل قلبك وعقلك؟ يجب عليك أن تقبل الحق وتمارسه، أي أنه عليك أن تقبل أي شيء يأمر به الله وتخضع له؛ فعليك أن تتعامل مع واجبك مثلما تتعامل مع شؤونك الشخصية، فلا تتطلب شخصًا آخر ليراقبك أو يشرف عليك أو يتحقق للتأكد من أنك تقوم به بشكل صحيح أو يلح عليك أو يشرف على ما تفعله أو حتى يهذبك. عليك أن تفكر بينك وبين نفسك، قائلًا: "أداء هذا الواجب هو مسؤوليتي. إنه دوري، وحيث إنه وُكِّلَ إليَّ لأقوم به، وقد أُخْبِرْتُ بالمبادئ واستوعبتها، فسأستمر في القيام به بعزم وطيد. سأفعل كل ما في وسعي للتأكد من القيام به جيدًا". عليك المثابرة في أداء هذا الواجب وألا يقيدك أي شخص أو حدث أو شيء. هذا هو معنى أن تتمسك بواجبك من كل قلبك وعقلك، وهذا هو الشبه الذي يجب أن يكون لدى الناس. إذن، بماذا يجب أن يتمتع الناس كي يتمسكوا بواجبهم من كل قلبهم وعقلهم؟ يجب أولًا أن يكون لديهم الضمير الذي ينبغي أن تتمتع به الكائنات المخلوقة؛ وهذا هو الحد الأدنى. إضافةً إلى ذلك، عليهم أيضًا أن يكونوا مخلِصين. على المرء أن يكون مخلِصًا لكي يقبل إرسالية الله كإنسان. على المرء أن يكون مخلصًا تمامًا لله وحده، ولا يمكن أن يكون فاترًا أو أن يعجز عن تحمُّل المسؤولية؛ ذلك لأنَّه من الخطأ أن يتصرف المرء بناءً على اهتماماته أو حالاته المزاجية؛ هذا ليس إخلاصًا. ماذا يعني أن تكون مخلِصًا؟ يعني أن تؤدي واجباتك من دون أن تؤثر فيك أو تقيدك حالتك المزاجية أو البيئة أو الآخرون والأحداث والأشياء. يجب أن تفكر بينك وبين نفسك: "لقد قبلتُ هذه الإرسالية من الله؛ أعطاها الله لي. هذا هو ما يُفترَض بي فعله، لذا سأقوم بها كما أقوم بشؤوني الخاصة، بأي طريقة تسفر عن نتائج جيدة، موليًّا أهمية كبيرة لإرضاء الله". عندما تكون في هذه الحالة، لا يكون ضميرك مسيطرًا فحسب، بل يكون الإخلاص حاضرًا داخلك أيضًا. إن كنت قانعًا بأداء المهمة فحسب، ولا تطمح إلى أن تكون فعالًا أو تحقق نتائج، وتشعر أنه يكفي فحسب أن تبذل فيها كل جهدك، فليس هذا سوى تلبية لمعيار ضمير الناس، ولا يمكن اعتباره إخلاصًا. الإخلاص لله مطلب ومعيار أسمى من معيار الضمير. الأمر لا يقتصر على أن تبذل كلَّ جهدك في المهمة؛ بل يجب أيضًا أن تضع كل قلبك فيها. ففي قلبك، عليك دائمًا النظر إلى واجبك باعتباره وظيفتك التي عليك القيام بها، وعليك أن تتحمل أعباء هذه المهمة، وأن تُحس بالتبكيت إن ارتكبت أدنى خطأ أو كنت في حالة تقصير؛ يجب أيضًا أن تشعر أنه لا يمكنك التصرف بهذه الطريقة لأنها تجعلك مدينًا لله بالكثير جدًا. الناس الذين لديهم حقًا ضمير وعقل، يؤدون واجبهم كما لو كان وظيفتهم التي عليهم القيام بها، بصرف النظر عما إن كان هناك مَن يراقبهم أو يشرف عليهم، أم لا. إنهم دائمًا ما يطالبون أنفسهم مطالبة صارمة بأداء واجباتهم جيدًا وإكمال الإرسالية التي عهد بها الله إليهم، سواء كان الله سعيدًا بهم أم لا، وأيًا كانت كيفية معاملته لهم. وهذا ما يُسمى الإخلاص. أليس هذا معيارًا أسمى من معيار الضمير؟ إذا تصرف الناس وفقًا لمعيار الضمير، فإنهم غالبًا ما يتأثرون بأشياء خارجية، أو يعتقدون أنه من الكافي فقط أن يبذلوا كلَّ جهدهم في واجبهم؛ فلا يكون مستوى النقاء عاليًا جدًا. لكن عند الحديث عن الإخلاص وعن قدرة المرء على التمسك بواجبه بإخلاص، فإنَّ مستوى النقاء يكون أعلى. إن الأمر لا يتعلق فقط ببذل المجهود؛ بل يتطلب منك أن تلقي بكل قلبك وعقلك وجسدك في واجبك. لكي تؤدي واجبك جيدًا، عليك أن تتحمل شيئًا من المشقات الجسدية. يجب أن تدفع ثمنًا، وأن تكرس أفكارك كلها لأداء واجبك. مهما كانت الظروف التي تواجهها، فإنها لا تؤثر في واجبك أو تؤخرك عن أدائه، وأنت قادرٌ على إرضاء الله. لكي تفعل ذلك، لا بد أن تكون قادرًا على دفع ثمن. عليك أن تنبذ عائلتك الجسدية وأمورك الشخصية ومصالحك الذاتية. يجب أن تتخلى عن غرورك وكبريائك ومشاعرك وملذاتك الجسدية وحتى أشياء مثل زهرة شبابك وزواجك ومستقبلك ومصيرك وتنبذهم جميعًا، ويجب أن تؤدي واجبك جيدًا عن طيب خاطر. حينئذٍ، ستكون قد حققت الإخلاص، وسيكون لديك شبه الإنسان من خلال العيش على هذا النحو. مثل هؤلاء الأشخاص لا يملكون ضميرًا فحسب، إنما يستخدمون معيار الضمير أساسًا يطلبون من أنفسهم – وفقًا له – الإخلاص الذي يطلبه الله من الإنسان، ويستخدمون هذا الإخلاص وسيلةً ليقيموا أنفسهم من خلالها. إنهم يسعون نحو هذا الهدف بكل اجتهاد. مثل هؤلاء الأشخاص نادرون على الأرض؛ فمن بين كل ألف من مختاري الله أو عشرة آلاف، يوجد واحدٌ فقط. هل يعيش مثل هؤلاء الأشخاص حيوات ذات قيمة؟ هل هم ناس يثمنهم بهم الله؟ إنهم بالطبع يعيشون حيوات ذات قيمة وهم ناس يثمنهم بهم الله.

يقول البيت التالي من الترنيمة: "رغم أنَّ مستوى قدراتي منخفض، لدي قلب صادق". تبدو هذه الكلمات حقيقية للغاية، وهي تتحدث عن مطلب يطلبه الله من الناس. ما هذا المطلب؟ إن كان الناس يفتقرون إلى مستوى القدرات، فليس ذلك بنهاية العالم، لكن يجب أن يتمتعوا بقلب صادق، وإن كان لديهم هذا القلب، فسيمكنهم أن ينالوا استحسان الله. مهما كان وضعك أو خلفيتك، عليك أن تكون شخصًا صادقًا وأن تتحدث بصدق وتتصرف بصدق، وأن تكون قادرًا على أداء واجبك من كل قلبك وعقلك، وأن تكون مخلصًا لواجبك، وألا تتطلع إلى أداء العمل بتعجل وإهمال، وألا تكون شخصًا مراوغًا أو مخادعًا، وألا تكذب أو تخدع، وألا تتحدث في حلقة مفرغة. عليك أن تتصرف وفقًا للحق وأن تكون شخصًا يسعى إلى الحق. يعتقد الكثير من الناس أن مستوى قدراتهم ضعيف، وأنهم لن يتمكنوا أبدًا من أداء واجبهم جيدًا أو وفقًا للمستوى القياسي. إنهم يقدمون أفضل ما لديهم فيما يفعلون، لكن لا يستطيعون استيعاب المبادئ أبدًا، ويظلون غير قادرين على تحقيق نتائج جيدة جدًا. وكل ما يمكنهم فعله، في نهاية المطاف، هو الشكوى من أن مستوى قدراتهم ضعيف جدًا، وبعد ذلك يصبحون سلبيين. أليس هناك إذن أي طريق للتقدم عندما يكون مستوى قدرات الشخص ضعيفًا؟ إنَّ مستوى القدرات الضعيف ليس مرضًا قاتلًا، ولم يقل الله قط إنه لا يخلِّص الناس الذين يكون مستوى قدراتهم ضعيفًا. ومثلما قال الله قبل ذلك، فإنه يحزن بسبب مَن هم مخلِصون لكن جهلاء. ماذا يعني أن تكون جاهلًا؟ يأتي الجهل في كثير من الأحيان من ضعف مستوى القدرات. عندما يكون مستوى قدرات الناس ضعيفًا، يكون لديهم فهم ضحل للحق. إنه فهم ليس محددًا أو عمليًا بما يكفي، وغالبًا ما يقتصر على فهم سطحي أو حرفي؛ إذ يقتصر على التعليم والأنظمة. ذلك هو السبب في أنهم لا يستطيعون فهم الكثير من المشكلات، ولا يمكنهم أبدًا استيعاب المبادئ بينما يؤدون واجبهم أو يقومون به جيدًا. هل الله إذن لا يريد الناس ذوي مستوى القدرات الضعيف؟ (بلى، إنه يريدهم). إلى أي مسار واتجاه يوجه الله الناس؟ (أن يكونوا أشخاصًا صادقين). هل يمكنك أن تكون شخصًا صادقًا بقول ذلك فقط؟ (لا؛ عليك أن تتحلى بمظاهر الشخص الصادق). ما مظاهر الشخص الصادق؟ أولًا، ألا تكون لديه أي شكوك في كلمات الله. هذه هي إحدى مظاهر الشخص الصادق. وبخلاف هذا، فإن أهم مظهر هو طلب الحق وممارسته في كل الأمور؛ وهذا هو أهم مظهر. إنك تقول إنك صادق، لكنك دائمًا ما تتجنب التفكير في كلمات الله ولا تفعل إلا ما يحلو لك. هل هذا مظهر من مظاهر الشخص الصادق؟ إنك تقول: "على الرغم من ضعف مستوى قدراتي، لدي قلب مخلص" لكن إذا أُسنِد إليك واجبٌ، فإنك تخشى المعاناة وتحمُّل المسؤولية إذا لم تقم به جيدًا، فتختلق الأعذار لتتهرب من واجبك أو تشير إلى أن يقوم به شخصٌ آخر. هل هذا مظهر من مظاهر الشخص المخلِص؟ من الجلي أنه ليس كذلك. كيف ينبغي إذن أن يتصرف الشخص الصادق؟ ينبغي أن يخضع لترتيبات الله، وأن يكون مخلِصًا للواجب المفترض به أن يؤديه، وأن يسعى إلى إرضاء مقاصد الله. ويتجلى هذا بكثير من الطرق: أن تقبل واجبك بقلب صادق، وألا تفكر في اهتماماتك الجسدية، وألا تكون فاترًا بشأن أداء واجبك، وألا تخطط لمنفعتك الشخصية. هذه هي مظاهر الصدق. وثمة مظهر آخر هو أن تضع كل قلبك وقوتك في أداء واجبك بشكل جيد، وأن تقوم بالأشياء على نحو صحيح، وأن تضع قلبك ومحبتك في واجبك لترضي الله. هذه هي المظاهر التي على الشخص الصادق أن يتحلى بها بينما يؤدي واجبه. إن لم تنفذ ما تعرفه وتفهمه، وإن بذلت من جهدك 50 بالمائة فقط أو 60 بالمائة، فأنت إذن لا تضع كل قلبك وقوتك في أداء واجبك؛ إنما أنت ماكر ومتراخٍ. هل الناس الذين يؤدون واجباتهم بهذا الشكل صادقون؟ بالطبع لا. الله لا يستخدم مثل هؤلاء الناس المراوغين والمخادعين؛ ولهذا يجب إقصاؤهم. الله لا يستخدم إلا الناس الصادقين ليؤدوا واجبات. حتى عاملي الخدمة المخلِصين يجب أن يكونوا صادقين. إن الناس الذين يتسمون على الدوام باللا مبالاة والمكر ويبحثون عن طرق للتراخي، جميعهم مخادعون وشياطين. لا أحد منهم يؤمن بالله حقًا، وسيُقصَوْن جميعًا. يفكر بعض الناس على النحو التالي: "إنَّ كون المرء شخص صادق يقتصر على قول الحق وعدم الكذب. من السهل حقًا أن تكون شخصًا صادقًا". ما رأيكم في هذا الشعور؟ هل كون المرء شخص صادق أمرٌ محدود النطاق إلى هذه الدرجة؟ بالطبع لا. عليك أن تكشف قلبك وتعطيه لله؛ هذا هو الموقف الذي يجب أن يتحلى به الشخص الصادق. وهذا هو السبب في أن القلب الصادق ثمينٌ جدًا. علامَ يدل ذلك؟ أن القلب الصادق يمكنه أن يتحكم في سلوكك ويغير حالتك؛ ويمكنه أن يقودك إلى اتخاذ الاختيارات الصحيحة، والخضوع لله وربح استحسانه. إن مثل هذا القلب ثمينٌ حقًا. إن كان لديك قلب صادق مثل هذا، فتلك هي الحالة التي ينبغي أن تعيش فيها، وتلك هي الطريقة التي ينبغي أن تتصرف بها، وتلك هي الطريقة التي ينبغي أن تعطي بها من نفسك. عليكم تأمل هذه الكلمات بعناية. فلا جملة منها ببساطة معناها الحرفي، وستكونون قد ربحتم شيئًا إن فهمتموها حقًا بعد أن تتأملوها.

دعونا ننظر إلى بيت آخر من أبيات الترنيمة: "في كل الأشياء أَرْضِ مقاصد الله بكل إخلاصك". ثمة مسار لممارسة هذه الكلمات. بعض الناس يصبحون سلبيين إذا واجهوا صعوبات أثناء أداء واجبهم، وهذا يجعلهم غير راغبين في أدائه. ثمة خطب ما في هؤلاء الناس. هل هم حتى يبذلون أنفسهم بصدق من أجل الله؟ عليهم أن يتأملوا في سبب أنهم يصبحون سلبيين عندما يواجهون صعوبات، وسبب أنهم لا يستطيعون طلب الحق لعلاج المشكلات. إن كان بإمكانهم التأمل في أنفسهم وطلب الحق، فسيكونون قادرين على رؤية ما لديهم من المشكلات. الواقع أنَّ أكبر صعوبة تواجه الناس غالبًا ما تكون مشكلة شخصية فاسدة. إن كنت تستطيع أن تطلب الحق، فسيكون من السهل إصلاح شخصيتك الفاسدة. وحالما تصلح شخصيتك الفاسدة، ستكون قادرًا على أن تعطي كل إخلاصك في جميع الأشياء لترضي مقاصد الله. "كل الأشياء" تعني أنه أيًا كان الشيء، سواء كان شيئًا أعطاه الله لك، أو شيئًا رتبه لك قائد أو عامل، أو شيئًا واجهته بالصدفة، ما دام أنه ما يفترض بك فعله ويمكنك تتميم مسؤوليتك، فإنك تمنح هذا الشيء كل إخلاصك، وتتمم ما عليك من المسؤوليات والواجب، وتجعل إرضاء مقاصد الله مبدأك. يبدو هذا المبدأ كبيرًا بعض الشيء وصعبًا بعض الشيء على الناس أن يحيوا بمقتضاه. وإن تحدثنا بعبارات عملية بدرجة أكبر، فإنه يعني أن تتمم واجبك جيدًا. إن التمسك بواجبك وتتميمه جيدًا ليسا بالأمرين اللذين يسهل فعلهما. وسواء أكان واجبك أن تكون قائدًا أو عاملًا، أو أي واجب آخر، عليك أن تفهم بعض الحقائق. هل يمكنك تتميم واجبك جيدًا دون فهم الحق؟ هل يمكنك أداءه جيدًا دون التمسك بمبادئ الحق؟ إن كنت تفهم جميع جوانب الحق ويمكنك الممارسة وفقًا لمبادئ الحق، فستكون قد أديت واجبك جيدًا، وتمسكت بواجبك، ودخلت إلى واقع الحق، ويمكنك إرضاء مقاصد الله. هذا هو مسار الممارسة. هل هذا أمر يسهل فعله؟ إن كان الواجب الذي تؤديه أمرًا تجيده وتحبه، فستشعر أنه مسؤوليتك والتزامك، وأن القيام به شيء طبيعي ومبرر للغاية. إنك ستشعر بالفرح والسعادة والراحة؛ فهو شيء ترغب في القيام به، ويمكنك أن تعطيه كل إخلاصك، وأنت تشعر أنك ترضي الله. لكنك عندما تواجه في أحد الأيام واجبًا لا تحبه أو لم تؤده من قبل قط، فهل ستكون قادرًا أن تعطيه كل إخلاصك؟ سيمتحن هذا ما إذا كنت تمارس الحق، أم لا. إن كان واجبك، مثلًا، في مجموعة الترانيم، وكنت قادرًا على الترنُّم وتستمتع به، فسترغب في أداء هذا الواجب. لكن إذا أُعْطِيتَ واجبٌ آخر طُلِب منك فيه أن تنشر الإنجيل، وكانت المهمة صعبة بعض الشيء، فهل ستكون قادرًا على الطاعة؟ ستتأمل الواجب وتقول: "إنني أحب الغناء". ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أنك لا تريد نشر الإنجيل. هذا هو ما يعنيه الأمر بوضوح. ستظل تقول: "إنني أحب الترنُّم". وإن تفاهم معك قائد أو عامل، قائلًا: "لماذا لا تتدرب على نشر الإنجيل وتزوِّد نفسك بالمزيد من الحقائق؟ ذلك سيكون أكثر فائدة لنموك في الحياة"، فإنك ستظل مُصرًا وتقول: "إنني أحب الترنُّم، وأحب الرقص". إنك لا تريد أن تذهب وتنشر الإنجيل مهما قالوا. لماذا لا تريد أن تذهب؟ (بسبب الافتقار إلى الاهتمام). أنت تفتقر إلى الاهتمام ولذلك لا تريد أن تذهب؛ فما المشكلة هنا؟ المشكلة أنك تختار واجبك بناءً على تفضيلاتك الشخصية وذوقك، ولا تخضع. ليس لديك خضوع، وهذه هي المشكلة. إذا لم تطلب الحق لعلاج هذه المشكلة، فأنت لا تظهر قدرًا كبيرًا من الخضوع الحقيقي. ماذا ينبغي أن تفعل في هذا الموقف لتظهر خضوعًا حقيقيًا؟ ماذا يمكنك أن تفعل لإرضاء مقاصد الله؟ هذا هو الوقت الذي تحتاج فيه إلى أن تتأمل هذا الجانب من الحق وتعقد شركة حوله. إذا كنت ترغب في إعطاء كل إخلاصك في جميع الأشياء لترضي مقاصد الله، فلا يمكنك فعل ذلك بأداء واجب واحد؛ بل يجب أن تقبل أي إرسالية يمنحها الله لك. سواء كانت الإرسالية توافق أذواقك وتطابق اهتماماتك، أو كانت شيئًا لا تستمتع به أو لم تقم به من قبل أو كانت مهمة صعبة، فلا يزال يتعين عليك أن تقبلها وتخضع. لا ينبغي أن تقبلها فحسب، بل عليك أيضًا أن تبادر إلى التعاون، وتتعلم عنها، بينما تختبر وتدخل. حتى إذا عانيت المشقة، أو تعبت أو تعرضت للإهانة أو النبذ، فلا يزال عليك أن تعطي الواجب كل إخلاصك. فقط من خلال الممارسة بهذه الطريقة سيمكنك بذل كل إخلاصك في كل الأشياء وإرضاء مقاصد الله. يجب أن تعتبر المهمة واجبًا عليك أن تؤديه، لا عملًا شخصيًا. كيف ينبغي أن تفهم الواجبات؟ كشيء يعطيه الخالق – الله – إلى شخص ما ليفعله؛ وهذه هي الطريقة التي تتحقق بها واجبات الناس. الإرسالية التي يعطيها لك الله هي واجبك، ومن الطبيعي والمبرر للغاية أن تؤدي واجبك كما يطلب الله. إن كان من الواضح لك أن هذا الواجب هو إرسالية الله، وأن هذه هي محبة الله وبركته تنزلان عليك، فستكون قادرًا على قبول واجبك بقلب محب لله، وستكون قادرًا على أن تراعي مقاصد الله بينما تؤدي واجبك، وستكون قادرًا على التغلب على كافة الصعوبات لترضي الله. إنَّ مَن يبذلون أنفسهم حقًا من أجل الله لا يستطيعون أبدًا أن يرفضوا إرسالية الله؛ فهم لا يمكنهم أبدًا رفض أي واجب. أيًا كان الواجب الذي يعهد به الله إليك، وبغض النظر عن الصعوبات التي ينطوي عليها، عليك ألا ترفضه، بل تقبله. هذا هو طريق الممارسة، أي أن تمارس الحق وتعطي كل إخلاصك في كل الأشياء، لكي ترضي الله. علامَ ينصب التركيز هنا؟ على كلمات عبارة "في كل الأشياء". " كل الأشياء" لا تعني بالضرورة الأشياء التي تحبها أو تجيدها، ناهيك عن الأشياء المألوفة لديك. في بعض الأحيان، ستكون أشياء لا تجيدها أو تحتاج إلى أن تتعلمها أو أشياء صعبة أو يجب أن تعاني فيها. رغم ذلك، أيًا كان هذا الشيء، ما دام الله قد عهد به إليك، يجب أن تقبله منه؛ يجب أن تقبله وتؤدي الواجب جيدًا، معطيًا إياه كل إخلاصك ومرضيًا فيه مقاصد الله. هذا هو طريق الممارسة. مهما يحدث، فعليك أن تطلب الحق دائمًا، وحالما تتيقن من نوع الممارسة الذي يتماشى مع مقاصد الله، فتلك هي الطريقة التي عليك أن تمارس بها. بهذه الطريقة وحدها تمارس الحق؛ وبها وحدها يمكنك الدخول إلى واقع الحق.

ثمة بيتٌ آخر من الترنيمة، يقول: "إنني منفتح ومستقيم وبلا خداع، وأنا أعيش في النور". من يعطي للإنسان هذا المسار؟ (الله). إذا كان الشخص صريحًا ومستقيمًا، فهو شخص صادق. مثل هؤلاء الأشخاص قد فتحوا قلوبهم وأرواحهم تمامًا لله، وليس لديهم ما يخفونه ولا ما يخافون منه. لقد سلموا قلوبهم لله وأظهروها لله، مما يعني أنهم وهبوا أنفسهم بالكامل له. فهل يمكن أن يظلوا بعيدين عن الله؟ كلا، لا يمكن أن يظلوا كذلك؛ ولهذا من السهل عليهم الخضوع لله. إذا قال الله إنهم مخادعون، فسوف يقرُّون بذلك. إذا قال الله إنهم متعجرفون وأبرار في أعين ذواتهم، فسوف يقرُّون بذلك أيضًا. وهم لا يقِرُّون بهذه الأشياء فحسب ثم يطوون هذه الصفحة، بل هم قادرون على التوبة، والسعي إلى مبادئ الحق، وعلى تصويب هذه الأشياء عند إدراكها. وسرعان ما سيكونون قد قاموا بتقويم العديد من طرقهم الخاطئة؛ وبدرجة أكبر فأكبر، سيقل ما لديهم من خداع وغدر وإهمال ولا مبالاة. كلما طالت مدة عيشهم وفق هذه الطريقة، أصبحوا أكثر صراحة وشرفًا، وزاد اقترابهم من هدف أن يصبحوا أشخاصًا صادقين. ذلك ما يعنيه العيش في النور؛ وهذا المجد كله يعود إلى الله! عندما يعيش الناس في النور، فهذا من عمل الله؛ وليس لهم فيه ما يتفاخرون به. عندما يعيشون في النور، يفهمون جميع الحقائق، ويمتلكون قلوبًا تخاف الله، ويعرفون أن يطلبوا الحق ويمارسوه في كل قضية يواجهونها، ويعيشون بضمير وعقل. صحيحٌ أنه لا يمكن تسميتهم أشخاصًا بارِّين، لكنهم في نظر الله لديهم بعضًا من شبه الإنسان؛ وعلى أقل تقدير، فإنَّ أقوالهم وأفعالهم لا تتحدى الله، ويمكنهم طلب الحق عندما تصيبهم الأشياء، ولديهم قلب خاضع لله. لهذا هم سالمون وآمنون نسبيًا وليس من الممكن أبدًا أن يخونوا الله. وعلى الرغم من أنهم لا يمتلكون فهمًا عميقًا للحق، فهم قادرون على الطاعة والخضوع؛ إذ إنَّ لديهم قلبًا يخاف الله، ويمكنهم الحيدان عن الشر. عندما يُكلَّفون بمهمة أو واجب، فإنهم قادرون على أدائها من قلوبهم وعقولهم كليًا، والقيام بذلك بأفضل ما لديهم. هذا النوع من الأشخاص جدير بالثقة والله يثق بهم؛ مثل هؤلاء الناس يعيشون في النور. فهل أولئك الذين يعيشون في النور قادرون على قبول تمحيص الله؟ أيمكن أن يظلوا يخفون قلوبهم عن الله؟ ألا تزال لديهم أسرار لا يستطيعون إخبار الله بها؟ هل لا تزال في جعبتهم أي حيل مريبة؟ كلا. لقد فتحوا قلوبهم تمامًا لله، ولم يعد ثمة شيء يخفونه أو يحتفظون به بعيدًا في أعماقهم. يمكنهم إخبار الله بأسرارهم بكل صراحة، وعقد شركة معه حول أي شيء، وإعلامه بكل شيء. ما من شيء لن يقولوه لله ولا شيء لن يظهروه له. تصبح حياة الناس سهلة وحرة ومتحررة عندما يتمكنون من بلوغ هذا المستوى من الانفتاح.

اقتباس 37

ما المبادئ الأساسية التي يُبنى عليها أداء المرء لواجباته؟ يجب على المرء أن يتصرف وفقًا لمعايير بيت الله، ومبادئه ومتطلباته وأن يمارس وفقًا للحق، وأن يؤدي واجباته بكل قلبه وكل قوته باستخدام كلمات الله والحق، وحماية عمل بيت الله ومصالحه بصفتها مبادئ. فكيف يتصرف المرء عادةً بنفسه؟ يفعل ما يحلو له، مقدمًا مصالحه في أفعاله وواضعًا إياها فوق كل شيء آخر. يفعل ما في مصلحته الخاصة مهما كان، تصرفاته موجهة بالكامل لإرضاء رغباته الجسدية الأنانية، دون أدنى مراعاة للعدالة والضمير والعقل؛ فمثل هذه الأمور ليست في قلبه. إنه يتبع شخصية شيطانية فحسب ويتصرف وفقًا لتفضيلات الإنسان، ويتآمر يمينًا ويسارًا، ويعيش وفقًا للفلسفات الشيطانية. ما نوع هذه الطريقة للعيش؟ إنها طريقة الشيطان للعيش. عند اتباع الله وأداء الواجبات، يجب على المرء أن يتصرف وفقًا لمبادئ الحق، وأن يكون لديه على الأقل ضمير وعقل – هذا هو الحد الأدنى. بعض الناس يقولون: "أنا في مزاج سيءٍ اليوم، لذا أريد أن أكون سطحيًا في هذه المسألة". هل هذه الطريقة في القيام بالأشياء تستند إلى الضمير؟ (لا). في الأوقات التي تريدون أن تكونوا فيها سطحيين، هل تكونون واعين بهذا؟ (نكونُ واعين). هل توجد أوقات لا تكونوا واعين فيها بذلك؟ (نعم، يوجد). فهل تكون قادرًا على فحص نفسك واكتشاف ذلك بعد حدوثه؟ (بعض الشيء). بعد اكتشافك أنك كنت سطحيًا، هل تستطيع – في المرة القادمة التي تراودك فيها أفكار مماثلة بأن تكون لا مباليًا – التمرد على هذه الأفكار وعلاجها؟ (عندما أكون واعيًا لتلك الأفكار، أستطيع التمرد عليها إلى حد ما). كلما تمردت على أفكارك ورغباتك، ستدور معركة، وإذا انتصرت رغباتك الأنانية في نهاية هذه المعركة، فإنك تكون قد عارضت الله عمدًا وأنت في خطر. لنفترض أنك تؤمن بالله على مدار عشر سنوات، وفي السنوات الثلاث الأولى تكون متخبطًا ومتحمسًا إلى حد ما، لكنك تدرك بعد ثلاث سنوات أنَّ المرء عندما يؤمن بالله يجب عليه أن يمارس الحق، ويدخل واقع الحق، ويتمرد على جسده. بعد ذلك، تبدأ تدريجيًا في التعرف على فسادك وخبثك وطبيعتك الشريرة والمتغطرسة، وعندها تعرف نفسك حقًا – تعرف جوهرك الفاسد. تشعر أن قبول الحق أمر ضروري للغاية وأنه من المهم جدًا أن تعالج شخصياتك الفاسدة؛ فقط في هذا الوقت تشعر أن عدم امتلاك واقع الحق هو أمر مؤسف للغاية. على الرغم من أن ثمة معركة تنشب في قلب المرء في كل مرة يُكشف فيها فساده، فإنه في كل من هذه المعارك لا يستطيع أن يهزم رغباته الأنانية ويظل يتصرف وفقًا لتفضيلاته الشخصية. في الواقع، هو نفسه يعرف جيدًا أنَّه – في قلبه – لا تزال شخصية الشيطان هي المتحكمة، ولذلك من الصعب أن يطبق الحق. وهذا يثبت أنه لا يمتلك أي واقع للحق، ومن الصعب جدًا القول ما إذا كان سيتمكن من نيل الخلاص في النهاية. إذا كنتَ تمتلك الإرادة حقًا، فيجب عليكَ تطبيق الحقائق التي تفهمها، ومهما كانت الشخصية الفاسدة التي تعوقك عند ممارستك لهذه الحقائق، فيجب عليكَ دائمًا أن تصلي إلى الله وتعتمد عليه، وأن تطلب الحق لعلاج الشخصيات الفاسدة، وتجرؤ على محاربتها، وتجرؤ على التمرد على جسدك. إذا كان لديك هذا النوع من الإيمان، فيمكنك تطبيق الحق. على الرغم من أنه سيكون هناك أحيانًا أوقات تفشل فيها، فإنك لن تصير محبطًا وستظل قادرًا على الاعتماد على الصلاة لله والتطلع إليه للانتصار على الشيطان. من خلال المحاربة على هذا النحو لعدة سنوات، ستزداد الأوقات التي تنتصر فيها على الجسد وتمارس فيها الحق، وتلك الأوقات التي تفشل فيها ستقل تدريجيًا، وحتى لو فشلت أحيانًا، فلن تصبح سلبيًا وستستمر في الصلاة والتطلع إلى الله إلى أن تكون قادرًا على تطبيق الحق. وهذا سيعني أن هناك أملًا لك، وأن السحب قد انقشعت ويمكنك رؤية السماء الزرقاء. ما دامت توجد أوقاتا تنجح فيها عندما تمارس الحق، فهذا يثبت أنكَ شخص لديه إرادة ولديه آمال في أن يكون قادرًا على نيل الخلاص. وحدهم الأشخاص الذين يسعون إلى الحق يدخلون أخيرًا في واقع الحق بعد المرور بالعديد من الإخفاقات عند ممارسته. بغض النظر عن عدد المرات التي يفشل فيها المرء وبغض النظر عن مدى سلبيته، ما دام يستطيع الاعتماد على الله والتطلع إليه، فسيكون لديه دائمًا أوقات ينجح فيها. بغض النظر عن عدد المرات التي يفشلون فيها مرارًا وتكرارًا، فسيظل هناك أمل لهم ما داموا لا يستسلمون. عندما يأتي اليوم الذي يكتشفون فيه حقًا أنهم قادرون على ممارسة الحق، والتصرف وفقًا للمبادئ، وعدم المساومة مع الشيطان في الأمور الرئيسية - وخاصة فيما يتعلق بأداء واجباتهم - وعدم التخلي عن واجباتهم مع التمسك بشهادتهم أيضًا، فثمة أمل لهم بالتأكيد في أن يُخلَّصوا.

في كل مرة تمارس فيها الحق، ستخوض معركة داخلية. هل هناك أي شخص منكم لم يخض أي معارك في ممارسته للحق؟ بالتأكيد لا. فقط إذا كان المرء قد دخل بالفعل في واقع الحق ولا يكشف تقريبًا عن شخصيات فاسدة، سيمكنه بشكل أساسي أن يتجنب المعارك الكبيرة. ومع ذلك، في ظل ظروف خاصة وفي سياقات معينة، سيظل يخوض معركة إلى حد ما. معنى هذا أنه كلما زاد فهم المرء للحق، قلَّت معاركه، وكلما قلَّ فهمه للحق، زادت معاركه. وخاصة مع المؤمنين الجدد، فإنَّ المعارك في قلوبهم كلما مارسوا الحق لا بد أن تكون كلها شرسة للغاية. لماذا هي شرسة؟ لأن الناس لا يكون لديهم تفضيلاتهم الخاصة واختياراتهم الجسدية فحسب، بل لديهم أيضًا صعوبات فعلية، إضافة إلى الشخصيات الفاسدة التي تلجمهم. لكل جانب من الحق تفهمه، يجب أن تحارب ضد هذه الجوانب الأربعة التي تعوقك، مما يعني أنه ينبغي عليك على الأقل أن تمر عبر هذه الحواجز المعوقة الثلاثة أو الأربعة قبل أن تتمكن من تطبيق الحق. هل لديكم هذا الاختبار المتمثل في المحاربة المستمرة لشخصياتكم الفاسدة؟ عندما يتعين عليك ممارسة الحق وحماية مصالح بيت الله، هل تستطيعون التغلب على قيد شخصياتكم الفاسدة والوقوف في جانب الحق؟ على سبيل المثال، أنت مكلف بالعمل مع شخص ما لأداء عمل تطهير الكنيسة، لكنه دائمًا ما يتحدث مع الإخوة والأخوات بأن الله يخلص الناس إلى أقصى حد ممكن، وأن علينا أن نعامل الناس بمحبة ونعطيهم فرصًا للتوبة. تصبح واعيًا بوجود ثمة شيء خاطئ في شركته، وعلى الرغم من أن الكلمات التي يتحدث بها تبدو صحيحة إلى حد كبير، فإنك تكتشف بعد تحليل مفصل أن لديه نوايا وأهداف، ولا يرغب في الإساءة إلى أحد، ولا يريد تنفيذ ترتيبات العمل. عندما يعقد هذا الشخص الشركة بهذا الشكل، فإنه يُرْبِكُ الأشخاص صغار القامة غير القادرين على التمييز، فيُظْهِرون المحبة بشكل متهور وعلى نحو لا يستند على المبادئ، دون أدنى اهتمام بالتمييز تجاه الآخرين، ولا يكشفون عن أضداد المسيح، أو الأشرار، أو عديمي الإيمان، أو يبلغون عنهم. وهذا عائق أمام عمل تطهير الكنيسة. إذا لم يمكن تطهير أضداد المسيح والأناس الأشرار وعديمي الإيمان في الوقت المناسب، فسيؤثر ذلك على أكل مختاري الله لكلامه وشربهم له بشكلٍ طبيعيٍ وعلى أدائهم واجباتهم بشكل طبيعي، وسيتسبب بشكل خاص في عرقلة وإزعاج عمل الكنيسة، وسيُلحق الضرر أيضًا بمصالح بيت الله. في مثل هذا الوقت، كيف ينبغي لك أن تمارس؟ عندما تلاحظ المشكلة، يجب عليك أن تنهض وتكشف هذا الشخص؛ يجب عليك أن توقفه لحماية عمل الكنيسة. قد تفكر: "نحن شركاء في العمل. إذا كشفته مباشرةً ولم يقبل ذلك، ألا يعني ذلك أننا سنتخاصم؟ لا، لا يمكنني أن أتكلم بصراحة، يجب أن أكون أكثر لباقة". لذلك، تُقدّم له تذكيرًا بسيطًا وبعض كلمات النصيحة. لكنه بعد سماع ما تقوله، لا يقبله، كما أنه يطرح عدة أسباب لدحض كلامك. إذا لم يقبل ما تقوله، فسيعاني عمل بيت الله من خسائر. ماذا يجب أن تفعل؟ تصلي إلى الله، قائلًا: "يا الله، أرجوك أن تدبر هذا الأمر وترتبه. أدّبه – ما من شيء يمكنني فعله". تعتقد أنك لا تستطيع إيقافه، لذلك تتركه دون رادع. هل هذا سلوك مسؤول؟ هل تمارس الحق؟ إذا كنت لا تستطيع إيقافه، فلماذا لا تبلغ القادة والعاملين؟ لماذا لا تنقل هذا الأمر إلى اجتماع وتدعو الجميع لعقد شركة عنه ومناقشته؟ إذا لم تفعل ذلك، فهل حقًا أنك لن تلوم نفسك بعد ذلك؟ إذا قلت: "لا أستطيع التعامل مع هذا الأمر، لذلك سأتجاهله فحسب. أنا مرتاح الضمير"، فما نوع القلب الذي لديك؟ هل هو قلب يحب بصدق أم قلب يؤذي الآخرين؟ إن قلبك قلب خبيث، لأنه عندما يحل بك شيء ما، تخاف من الإساءة إلى الناس ولا تلتزم بالمبادئ. في الواقع، أنت تعرف جيدًا أن هذا الشخص لديه هدفه الخاص في التصرف بهذه الطريقة وأنك لا تستطيع الاستماع إليه في هذا الأمر. على الرغم من ذلك، فأنت لا تستطيع التمسك بالمبادئ ومنعه من تضليل الآخرين، وهذا في النهاية يضر بمصالح بيت الله. هل ستلوم نفسك على الإطلاق بعد ذلك؟ (نعم، سأفعل). هل يمكِّنك لوم ذاتك من استعادة الخسائر؟ لا يمكن استعادتها. بعد ذلك، تفكر مرة أخرى: "لقد تمَّمت مسؤولياتي على أي حال، والله يعلم. الله يمحص صميم قلوب الناس". ما نوع هذه الكلمات؟ هذه كلمات مخادعة وشيطانية تخدع الإنسان والله كلاهما. إنك لم تتمِّم مسؤولياتك، وما تزال تبحث عن أسباب وأعذار للتنصل منها. هذا خداع وعناد. هل شخص مثل هذا لديه أي صدق تجاه الله؟ هل لديه إحساس بالعدالة؟ (لا، ليس لديه). هذا شخص لا يقبل الحق على الإطلاق، شخص من شاكلة الشيطان. عندما يصيبك شيء ما، فإنك تعيش وفق فلسفات التعامل الدنيوية، ولا تمارس الحق. أنت خائف على الدوام من الإساءة إلى الآخرين، لكن ليس من الإساءة إلى الله، بل إنك حتى ستضحي بمصالح بيت الله للحفاظ على علاقاتك الشخصية. ما عواقب التصرف بهذه الطريقة؟ ستكون قد حافظت على علاقاتك الشخصية بشكل جيد، لكنك ستكون قد أسأت إلى الله، وسوف يزدريك، ويغضب منك. أيهما أفضل، بشكل عام؟ إذا كنت لا تستطيع أن تحدد، فأنت مشوش تمامًا؛ هذا يثبت أنك ليس لديك أدنى فهم للحق. إذا استمريت على هذا النحو دون أن تستفيق، فإن الخطر كبير حقًا، وإذا لم تتمكن من بلوغ الحق في النهاية، فستكون أنت من يعاني من الخسارة. إذا لم تطلب الحق في هذا الأمر، وفشلت، فهل ستتمكن من طلب الحق في المستقبل؟ إذا كنت لا تزال غير قادر، فلن يتوقف الأمر على أنك ستعاني خسارة – ستُسْتَبْعَدُ في نهاية المطاف. إذا كانت لديك نية شخص ساعٍ إلى إرضاء الناس" ومنظوره، فإنك في جميع الأمور، لن تمارس الحقّ أو تتمسك بالمبدأ، وسوف تفشل وتسقط دائمًا. وإذا لم تستيقظ ولم تطلب الحقّ أبدًا، فأنت عديم إيمان، ولن تربح الحقّ والحياة أبدًا. ماذا يجب أن تفعل إذًا؟ عندما تواجه مثل هذه الأشياء، يجب أن تصلي إلى الله وتدعوه، متوسِّلًا خلاصه، وسائلًا الله أن يمنحك الإيمان والقوَّة ويمكّنك من التمسك بالمبادئ، وأن تفعل ما يجب أن تفعله، وأن تتعامل مع الأمور وفقًا للمبادئ، وأن تتمسك بالموقف الذي ينبغي أن تتخذه، وأن تحمي مصالح بيت الله، وأن تمنع أي أذى من أن يمسّ بعمل بيت الله. إن كنت قادرًا على التمرد على مصالحك الذاتية وكبريائك وعلى منظور "الشخص الساعي إلى إرضاء الناس"، وإن قمت بما يجب أن تفعله بصدق وبقلب كامل، فستكون آنذاك قد هزمت الشيطان، وربحت هذا الجانب من الحق. إذا كنت تستمر دائمًا في العيش وفقًا لفلسفة الشيطان، وتحمي علاقاتك مع الآخرين ولا تمارس الحقّ أبدًا، ولا تجرؤ على الالتزام بالمبادئ، فهل ستتمكَّن من ممارسة الحقّ في الأمور الأخرى؟ ستظل ليس لديك إيمان أو قوَّة. وإذا لم تتمكَّن أبدًا من طلب الحقّ أو قبوله، فهل سيسمح لك مثل هذا الإيمان بالله بنيل الحقّ؟ (لا). وإذا لم تستطع نيل الحقّ، فهل يمكنك أن تنال الخلاص؟ لا يمكنك. إذا كنت تعيش دائمًا وفقًا لفلسفة الشيطان، مُجرَّدًا تمامًا من واقع الحقّ، فلا يمكنك أبدًا أن تُخَلَّص. يجب أن يتَّضح لك أن نيل الحقّ شرطٌ ضروريّ للخلاص. فكيف تنال الحقّ إذًا؟ إذا تمكَّنت من ممارسة الحقّ ومن العيش وفقًا للحقّ، وأصبح الحقّ أساس حياتك، فعندئذٍ سوف تربح الحقّ وتنال الحياة، وهكذا سوف تكون واحدًا من أولئك الذين يُخَلَّصون.

اقتباس 38

ما الخطب عندما يكون بعض الأشخاص تعوزهم بدرجة كبيرة المعرفة المهنية اللازمة لأداء واجباتهم، ويصعب عليهم جدًا تعلم أي شيء؟ هذا لأن مستوى قدراتهم ضعيف؛ فالحق بعيد المنال عن ذوي مستوى القدرات المتدني جدًا، وهم لا يتعلمون بسهولة. لدى معظمهم أوجه قصور مهلكة، فالأمر لا يقتصر على أنهم ليس لديهم ضمير أو عقل، بل إن الله ليس له مكان في قلوبهم أيضًا. عيونهم بلا حياة وبليدة، وهم يعيشون في سبات، مثل الحيوانات تمامًا. لا يعرفون أي شيء سوى كيف يأكلون ويشربون ويمرح، وهم لا يدرسون ولا يتمتعون بأي مهارات. إنهم يتعلمون الأشياء على مستوى سطحي فحسب ويعتقدون أنهم فهموها في حين أنهم لم يفهموا بالكاد سوى القشور. وعندما يحاول الآخرون شرح المزيد فإنهم يرفضون الاستماع معتقدين أن ذلك غير ضروري. لا يستمعون إلى أي شيء يقوله الآخرون ولا يقبلون أي شيء يقولونه، ولذلك لا يمكنهم إنجاز أي شيء وهم في الأساس عديمي الفائدة. إن كون المرء ذي مستوى قدرات ضعيفة هو أمر مهلك في حد ذاته. إذا كان الشخص أيضًا يحمل شخصية طالحة ويفتقر إلى الأخلاق ولا يستمع إلى النصائح ولا يمكنه قبول الأشياء الإيجابية ولا يرغب في تعلم أشياء جديدة واعتناقها، فإن مثل هذا الشخص عديم الفائدة! أولئك الذين يؤدون واجباتهم يجب أن يتمتعوا بالضمير والعقل، وأن يعرفوا قدْرهم وأوجه قصورهم، وأن يفهموا ما ينقصهم وما يحتاجون إلى تحسينه. يجب أن يشعروا دائمًا أنهم يفتقرون إلى الكثير، وأنهم قد يُستبعدوا ما لم يدرسوا ويتقبلوا أشياء جديدة. وإذا شعروا بأزمة وشيكة في قلوبهم فهذا يمنحهم دافعًا ورغبة في تعلم الأشياء. فمن جانب ما، يجب على المرء أن يزود نفسه بالحقائق، ويجب عليه من جانب آخر أن يكتسب المعرفة المهنية المتعلقة بأداء واجباته. ومن خلال الممارسة بهذه الطريقة، سيمكنه إحراز تقدم، وسيؤدي أداء واجباته إلى نتائج جيدة. فقط من خلال أداء المرء واجباته جيدًا والعيش بحسب شاكلة الإنسانية يمكن أن تكون حياته ذات قيمة، لذا فإن أداء المرء لواجباته هو أكثر شيء له معنى. بعض الناس لديهم شخصية طالحة، فهم ليسوا جهلاء فحسب، بل متعجرفين أيضًا. يعتقدون دائمًا أن الطلب فيما يتعلق بكل الأشياء والاستماع دائمًا للآخرين سيجعل الآخرين ينظرون إليهم بازدراء، ويجعلهم يريقون ماء وجههم، وأن التصرف بهذه الطريقة يفتقر إلى الكرامة. أما الواقع فهو عكس ذلك – أن يكون المرء متكبرًا وبارًا في عينيّ ذاته ولا يتعلم أي شيء، وأن يكون متخلفًا عن الركب وقديم الطراز في كل شيء ويفتقر إلى المعرفة والبصيرة والأفكار لهو الأمر المحرج حقًا؛ وحينئذٍ إنما يفقد المرء النزاهة والكرامة. بعض الناس لا يستطيعون فعل أي شيء على نحو جيد ولديهم فهم بدائي لكل ما يتعلمونه ويكتفون بفهم عدد قليل من التعاليم ويعتقدون أنهم أكفاء. لكنهم لا يزالون غير قادرين على إنجاز أي شيء وليس لديهم نتائج ملموسة. إذا أخبرتهم أنهم لا يفهمون أي شيء ولم ينجزوا أي شيء، فإنهم لا يقتنعون ويجادلون بإصرار لإثبات وجهة نظرهم. لكن عندما يقومون بأشياء، فإنهم يقومون بها من دون إتقان وبطريقة تفتقر إلى التمعن. ألا يكون المرء عديم الفائدة إذا كان لا يستطيع التعامل مع أي مهمة بدقة؟ ألا يكون عديم الجدوى؟ إن الأشخاص ذوي مستوى القدرات المتدني جدًا لا يستطيعون التعامل مع أبسط المهام حتى. إنهم عديمو الجدوى ولا قيمة لحياتهم. يقول البعض: "نشأت في الريف من دون التحصل على تعليم أو معرفة، ومستوى قدراتي ضعيف على عكسكم – أنتم الأشخاص الذين تعيشون في المدينة ولديكم تعليم ومعرفة – لذلك يمكنكم التفوق في كل شيء". هل هذه العبارة صحيحة؟ (لا). ما الخطأ فيها؟ (قدرة الشخص على تحقيق الأشياء لا علاقة لها ببيئته، بل تعتمد في المقام الأول على ما إذا كان الشخص يبذل جهدًا للتعلم وتحسين نفسه). إن كيفية تعامل الله مع الناس لا تعتمد على مستوى تعليمهم، أو نوع البيئة التي ولدوا فيها، أو مدى موهبتهم، بل يتعامل مع الناس على أساس نزعتهم تجاه الحق. فبم ترتبط هذه النزعة؟ إنها ترتبط بإنسانيتهم وبشخصياتهم. إذا كنت تؤمن بالله فيجب أن تكون قادرًا على التعامل مع الحق بطريقة صحيحة. إذا كان لديك موقف التواضع وقبول الحق، فحتى إن كنت من ذوي مستوى القدرات الضعيف قليلًا فإن الله سوف ينيرك ويسمح لك بربح شيء ما. وإذا كنت ذا مستوى قدرات جيد لكنك دائمًا متعجرف وبار في عينيّ ذاتك وتعتقد أن كل ما تقوله صحيح وكل ما يقوله الآخرون خطأ، وترفض كل الاقتراحات التي يطرحها الآخرون، ولا تقبل حتى الحق بغض النظر عن كيفية عقد الشركة، وكنت تقاومه دائمًا، فهل يمكن لشخص مثلك أن ينال استحسان الله؟ هل سيعمل الروح القدس في شخص مثلك؟ لن يعمل. سيقول الله إنَّ لديك شخصية طالحة وأنك لا تستحق تلقي استنارته، وإذا لم تتب، فإن الله سيأخذ منك ما كان لديك من قبل. هذا هو معنى أن يُكشف عنك. مثل هؤلاء الأشخاص يعيشون حياة مثيرة للشفقة. إنهم عديمو الجدوى بكل وضوح وفاشلون في كل شيء، ومع ذلك فإنهم لا يزالون يعتقدون أنهم بارعون جدًا، بل أفضل من أي شخص آخر في جميع النواحي. لا يناقشون عيوبهم أو أوجه قصورهم أمام الآخرين أبدًا، ولا نقاط ضعفهم وسلبيتهم. يتظاهرون دائمًا بالكفاءة ويعطون الآخرين انطباعًا زائفًا مما يجعل الآخرين يعتقدون أنهم بارعون في كل شيء، وخالين من نقاط الضعف، ولا يحتاجون إلى أي مساعدة ولا إلى الاستماع إلى آراء الآخرين ولا إلى التعلم من نقاط القوة لدى الآخرين لتعويض أوجه قصورهم، وأنهم سيكونون دائمًا أفضل من أي شخص آخر. ما نوع هذه الشخصية؟ (الغطرسة). يا لهذه الغطرسة. هؤلاء الأشخاص يعيشون حياة مثيرة للشفقة! هل هم أكفاء فعلًا؟ أيمكنهم فعلًا إنجاز أشياء؟ لقد أفسدوا أشياء كثيرة في الماضي، ومع ذلك لا يزال مثل هؤلاء الأشخاص يعتقدون أنهم قادرون على فعل أي شيء. أليس ذلك غير معقول للغاية؟ عندما يفتقر الناس إلى العقل إلى مثل هذا الحد، فإنهم يصبحون أشخاصًا مشوّشي الذهن. مثل هؤلاء الأشخاص لا يتعلمون أشياء جديدة ولا يقبلون أشياء جديدة. إنهم ذابلون من الداخل وضيقو الأفق وفقراء، وهم يعجزون عن فهم المبادئ وإدراكها أو فهم مقاصد الله بغض النظر عن الموقف، ولا يعرفون سوى الالتزام باللوائح والتحدث بالكلام والتعاليم والتباهي أمام الآخرين. والحصيلة أنه لا يكون لديهم فهم لأي حق وليس لديهم أدنى قدر من واقع الحق، ومع ذلك يظلون متغطرسين جدًا. إنهم ببساطة أشخاص مشوّشو الذهن ومنيعون تمامًا تجاه العقل، وليس من الممكن سوى استبعادهم.

عندما تتعاونون مع الآخرين لأداء واجباتكم، هل يمكنكم تقبُّل الآراء المختلفة؟ هل يمكنكم السماح للآخرين بالتحدث؟ (أجل، قليلًا. ففي السابق، لم أكن أستمع في أوقات كثيرة إلى اقتراحات الإخوة والأخوات، وكنت أصر على عمل الأشياء بطريقتي الخاصة. ولاحقًا فقط، عندما أثبتت الحقائق أنني كنت مخطئًا، عرفت أن معظم اقتراحاتهم كانت صحيحة، وأن القرار الذي ناقشه الجميع كانت مناسبة بالفعل، وأنه بالاعتماد على آرائي الخاصة، كنت غير قادر على رؤية الأمور بوضوح، وأنني كنت ناقصًا. وبعد اختبار هذا، أدركت مدى أهمية التعاون المتناغم). وماذا يمكنك أن تفهم من هذا؟ بعد اختبار هذا، هل حصلتم على بعض الفوائد وفهمتم الحق؟ هل تظنون أنّ أحدهم كامل؟ مهما يَكُنِ الناسُ أقوياءَ أو قادرين وموهوبين، يبقوا غير كاملين. يجب أن يدرك الناس هذا، فهو حقيقة، وهي النزعة التي ينبغي أن تكون لدى الناس للتعامل مع مزاياهم على النحو الصحيح، وكذلك مع نقاط قوتهم وعيوبهم. هذه هي العقلانية التي يجب أن يتحلّى بها الناس. مع عقلانية كهذه، يمكنك أن تتعاطى بشكل ملائم مع نقاط القوّة والضعف فيك وفي الآخرين أيضًا، وسيمكّنك هذا من العمل بتناغم معهم. إن فهمتَ هذا الجانب من الحق واستطعت دخول هذا الجانب من واقع الحق، فيمكنك أن تنسجم مع إخوتك وأخواتك بتناغم، مستفيدًا من نقاط قوتهم لتنحية أي نقاط ضعف لديك. بهذه الطريقة، مهما يكن الواجب الذي تؤدّيه أو مهما تفعلْ، فسيتحسّن أداؤك دائمًا وستتلقّى بركة الله. إذا كنت تعتقد دائمًا أنك رائع وأن الآخرين أسوأ بالمقارنة بك، وإذا كنت تريد دائمًا أن تكون لك الكلمة الأخيرة، فسوف يكون هذا مزعجًا. هذه مشكلة من مشكلات الشخصية. أليس مثل هؤلاء الناس متغطرسين وبارين في أعين ذواتهم؟ تخيل أن أحدهم يقدّم نصيحة جيدة لك، لكنك تعتقد أنك إذا قبلتها، فقد ينظر إليك هذا الشخص إليك بازدراء، ويرى أنك لست جيدًا بمقدار ما هو جيد، لذا تقرر عدم الاستماع إليه فحسب. وبدلًا من ذلك، تحاول أن تهيمن عليه بالكلمات المنمقة المعسولة لكي يعلي من قدرك. إذا تعاملت بهذا الأسلوب دائمًا مع الناس، فهل يمكنك التعاون معهم بانسجام؟ لن تعجز فحسب عن تحقيق الانسجام فحسب، بل ستكون هناك أيضًا عواقب سلبية. سينظر الجميع إليك مع مرور الوقت بوصفك شخصًا مخادعًا وماكرًا وغير قادرين على سبر أغواره. إنك لا تمارس الحق ولست شخصًا صادقًا لذا فإنك تصد الناس عنك. إذا كان الجميع مصدودين عنك، ألا يعني هذا أنك منبوذ؟ أخبرني، كيف يعامل الله شخصًا ينبذه الجميع؟ الله أيضًا يبغض مثل هذا الشخص. لماذا يبغض الله مثل هؤلاء الناس؟ لأنه بالرغم من أن مقاصدهم في أداء واجبهم صادقة، فإن أساليبهم هي التي يبغضها الله. إن الشخصية التي يكشفون عنها وكل خاطرة وفكرة ونية لديهم، شريرة في عيني الله، وهي أشياء يبغضها الله ويشمئز منها. عندما يستخدم الناس دائمًا أساليب حقيرة في أقوالهم وأفعالهم بهدف جعل الآخرين يعلون من قدرهم، فإن هذا السلوك يبغضه الله.

عندما يؤدي الناس واجبهم أو أي عمل أمام الله، فإن قلوبهم يجب أن تكون نقية: يجب أن تكون مثل وعاء من الماء العذب؛ صافيًا تمامًا من دون شوائب. فأي نوع من المواقف هو الصحيح؟ مهما يكن ما تفعله، فإنك تستطيع أن تعقد مع الآخرين شركة بأي شيء في قلبك أو أي أفكار لديك. إذا قال لك شخص ما إن طريقتك في القيام بالأشياء لن تنجح واقترح فكرة أخرى، وشعرت أنت أنها فكرة جيدة جدًا، فعليك أن تتخلى عن طريقتك وتقوم بالأشياء وفقًا لما يراهم. ومن خلال فعل ذلك، سيرى الجميع أن بإمكانك قبول اقتراحات الآخرين واختيار المسار الصحيح والتصرف وفقًا للمبادئ بشفافية ووضوح. ما من ظلمة في قلبك وأنت تتصرف بصدق وتتكلم بصدق، مستندًا إلى نزعة الأمانة. تسمي الأشياء بأسمائها. لو أنَّ أمرًا قد كان، فهو كذلك، وإن لم يكن، فهو لم يكن. لا خدع، ولا أسرار، بل شخص شفاف للغاية. أليس هذا نوعًا من النزعة؟ تلك نزعة تجاه الناس والأحداث والأشياء، وهي ممثلة لشخصية ذلك الشخص. على الجانب الآخر، ربما لا ينفتح شخصٌ ما ولا يبوح بما يفكر فيه للآخرين، وفي كل ما يقوم به، لا يتشاور مع الآخرين مطلقًا، وبدلاً من ذلك يبقي قلبه منغلقًا عن الآخرين، وفيما يبدو متحفظًا دائمًا مع الآخرين ومعارضًا لهم في كل موقف. فيخفون أنفسهم بقدر المستطاع. أليس هذا بشخصٍ مخادع؟ فإذا كان لديه – على سبيل المثال – فكرة يراها ألمعية، وفكر في نفسه: "سوف أحتفظ بها لنفسي الآن؛ فربما لو شاركتها الآخرين، لاستخدمتموها وسرقتم الأضواء مني؛ وهذا غير مقبول تمامًا". أو إذا كان ثمة ما لا يفهمه فهمًا تامًا، فإنه يفكر في نفسه: "لن أتكلم صراحة الآن. إذا تكلمتُ، ثم قال شخص آخر أمرًا أفضل. ألن أبدوا كأحمق؟ الجميع سوف يراني على حقيقتي، ويرى ضعفي في هذا. ينبغي لي ألا أنبس ببنت شفة". لذلك، وبغض النظر عن الاعتبارات، وبغض النظر عن الدافع الأصلي، فإنهم يتخوفون من أن يراهم الجميع على حقيقتهم، ويتعاملون دائمًا مع واجبهم ومع الناس والأشياء والأحداث بهذا النوع من المنظور والنزعة. ما نوع هذه الشخصية تلك؟ إنها شخصية ملتوية ومخادعة وشريرة. يبدون ظاهريًا أنهم قد قالوا للآخرين كل ما يعتقدون أنه بوسعهم قوله، لكنهم في الباطن يحتفظون ببعض الأمور. ما الذي يحتفظون به؟ إنهم لا يفصحون عن أمور تمس مكانتهم ومصالحهم؛ هم يعتقدون أنَّ هذه الأشياء من الخصوصيات ولا يتحدثون بها أبدًا لأحد، ولا حتى لوالديهم. إنهم لا يفصحون عن هذه الأمور مطلقًا. هذه مشكلة! هل تعتقد أنك إذا لم تقل هذه الأشياء فإن الله لن يعلم بها؟ يقول الناس إن الله يعلم، لكن هل يمكنهم أن يكونوا في قلوبهم متيقنين من أن الله يعلم؟ لا يدرك الناس أبدًا أن "الله يعلم كل شيء؛ أنَّ ما أفكر به في قلبي حتى لو لم أبح به، يمحّصه الله في السر، فالله أعلم بالتأكيد. لا أستطيع أن أخفي أي شيء عن الله، لذلك يجب أن أعلنه وأعقد الشركة بانفتاح مع إخوتي وأخواتي. سواء كانت أفكاري وخواطري طيبة أو شريرة، فيجب أن أتحدث عنها بصدق. يجب ألا أكون ملتويًا أو مخادعًا أو أنانيًا أو حقيرًا؛ بل يجب أن أكون شخصًا صادقًا". إذا استطاع الناس أن يفكروا بهذه الطريقة، فهذه هي النزعة الصحيحة. فعوضًا عن البحث عن الحق، معظم الناس لديهم أجنداتهم السخيفة الخاصة. إن مصالحهم الشخصية ووجاهتهم ومكانتهم ومنزلتهم التي يحتلونها في أذهان الآخرين لها أهمية كبيرة بالنسبة لهم. هذه هي الأشياء الوحيدة التي يعتزون بها. إنهم يتمسكون بهذه الأشياء بقبضة من حديد ويعتبرون أنها هي حياتهم. أما كيف ينظر الله إليهم أو يعاملهم فهو أمر ثانوي الأهمية؛ يتجاهلون ذلك في الوقت الحالي، ولا يفكرون في الوقت الحالي سوى فيما إذا كانوا زعماء المجموعة، وما إذا كان الآخرون يحترمونهم، وما إذا كانت كلماتهم لها وزنًا. إن شاغلهم الأول هو احتلال ذلك المنصب. عندما يكونون في مجموعة، يبحث جميع الناس تقريبًا عن هذا النوع من المكانة، وهذا النوع من الفرص. عندما يكونون موهوبين جدًا فمن الطبيعي أن يرغبوا في احتلال موقع السلطة، وإذا كانت قدراتهم متوسطة فسيظلون يرغبون في احتلال مكانة أعلى في المجموعة، وإذا كانوا يشغلون مكانة منخفضة في المجموعة لأنهم من ذوي مستوى القدرات والمهارات المتوسط، فإنهم أيضًا سيرغبون في أن ينظر إليهم الآخرون باحترام، لن يرغبوا في أن ينظر إليهم الآخرون بازدراء. إن وجاهة هؤلاء الأشخاص وكرامتهم هما الخط الفاصل؛ فهم يتعين عليهم التمسك بهذه الأشياء. ربما هم لا يمتلكون أي نزاهة، ولا يتمتعون باستحسان الله أو قبوله، لكنهم لا يقبلون مطلقًا أن يفقدوا الاحترام أو المكانة أو التقدير الذي سعوا جاهدين إلى الحصول عليه من بين الآخرين؛ وهذه شخصية الشيطان. ولكن الناس لا يدركون هذا الأمر، ويعتقدون أنهم لا بد أن يتمسكوا بهذه الفضلة من الوجاهة حتى النهاية. هم لا يدركون أنهم لن يصبحوا أشخاصًا حقيقيين إلا بعد التخلي عن هذه الأشياء الزائفة والسطحية ووضعها جانبًا بكل معنى الكلمة. إذا كان الإنسان يحرس هذه الأشياء التي يجب التخلص منها وكأنها حياته، فإن حياته قد ضاعت. إنهم لا يعرفون ما هو على المحك. وهكذا، عندما يتصرفون، فإنهم دائمًا ما يُخفون شيئًا ما، ويحاولون دائمًا حماية كرامتهم ومكانتهم، ويضعونها أولاً، ويتحدثون فقط من أجل غاياتهم الخاصة، ودفاعهم الزائف. كل ما يفعلونه هو لأنفسهم. يندفعون نحو أي شيء يلمع، ويُعلمون الجميع أنهم جزء منه. لم يكن للأمر أي علاقة بهم في الواقع، لكنهم لا يريدون أبدًا أن يُتركوا في الخلفية، فهم دائمًا خائفون من أن يحتقرهم الآخرون، ويخشون دائمًا من قول الآخرين بأنهم لا شيء، وأنهم غير قادرين على أي شيء، وأنهم لا يتمتعون بأي مهارات. أليس هذا كله موجهًا بشخصياتهم الشيطانية؟ عندما تكون قادرًا على التخلي عن أشياء مثل الوجاهة والمكانة، ستكون أكثر استرخاءً وحرية؛ وستكون قد وضعت قدمك على طريق الصدق. لكن بالنسبة إلى كثيرين، هذا أمر لا يسهل تحقيقه. عندما تظهر الكاميرا، على سبيل المثال، يتدافع الناس نحو المقدمة؛ ويحبون أن تظهر وجوههم أمام الكاميرا، وكلما زادت التغطية كان أفضل؛ إنهم يخشون عدم الحصول على تغطية كافية، وهم مستعدون لدفع أي ثمن مقابل فرصة الحصول عليها. ألا توجّه شخصياتهم الشيطانية كل هذا؟ (نعم). هذه هي شخصياتهم الشيطانية. إذن تحصل على تغطية، وماذا بعد؟ يبجِّلك الناس كثيرًا، وإن يكن؟ يعبدونك، وإن يكن؟ هل يثبت أي من هذا أنك تملك واقع الحق؟ لا شيء من هذا له أي قيمة. عندما يمكنك التغلب على هذه الأشياء – عندما تصبح غير مبالٍ بها، ولا تعد تشعر بأهميتها، عندما لا تعود الوجاهة والغرور والمكانة وإعجاب الآخرين بك تتحكم في أفكارك وسلوكك، ولا حتى تتحكم في كيفية أدائك لواجبك، عندئذٍ سيصبح أداءك لواجبك أكثر فاعلية وأكثر نقاءً من أي وقت مضى.

اقتباس 39

بعض الناس لا يسلكون سلوكًا حسنًا أبدًا عندما يتعلق الأمر بواجباتهم، بل دائمًا ما يبحثون عن أشياء جديدة لكي يميزوا أنفسهم عن الآخرين، ويطرحون أفكارًا رنانة. هل هذا شيء جيد؟ وهل يمكنهم التعاون بانسجام مع الآخرين؟ (لا يمكنهم ذلك). ما نوع الشخصية التي يظهرها المرء إذا ما تكلم بآراء رنانة؟ (الغطرسة والبر الذاتي). إنها الغطرسة والبر الذاتي. وما طبيعة تصرفاته؟ (إنه يسعى إلى ترسيخ استقلاله، والتعبير عن ذاته وفرديته، وتكوين عصبته الخاصة). والمقصود بتكوين عصبته الخاصة هو جعل الآخرين يطيعونه وألا يتعاملوا مع الأمور وفقًا لمبادئ الحق. إن هدفه وغايته هما ترسيخ استقلاله والتعبير عن ذاته وفرديته، ومن ثمَّ تنطوي أفعاله على الإخلال بنظام الأشياء. وما المقصود بالإخلال بنظام الأشياء؟ يشير هذا المفهوم إلى إحداث الدمار، فهو ينطوي على طبيعة التعطيل والاضطراب. إنَّ غالبية المشكلات يمكن حلها عادةً من خلال عقد الشركة والمناقشات الجماعية؛ حيث تتوافق معظم القرارات التي تُتخذ مع مبادئ الحق، التي هي صحيحة ودقيقة، لكن بعض الأشخاص يقاومون هذا الإجماع باستمرار، وهم بفعلهم هذا لا يتجنبون طلب الحق فحسب، إنما يتجاهلون أيضًا مصالح بيت الله. إنهم يسهبون في طرح نظريات غريبة ليبرزوا ويدفعوا الآخرين إلى تقديرهم. إنهم يريدون معارضة القرارات الصحيحة التي اتُّخذت ودحض الاختيارات التي اتخذها الجميع. هذا هو المقصود بالإخلال بنظام الأشياء وإحداث الدمار وخلق العراقيل والاضطرابات. هذا هو جوهر طرح الأفكار الرنانة؛ ما المشكلة إذن في هذا النوع من السلوك؟ أولاً، أنهم يكشفون عن شخصية فاسدة وافتقار تام إلى الخضوع، وإضافةً إلى ذلك، دائمًا ما يرغب هؤلاء الأشخاص العنيدون في أن يبرزوا وأن يجعلوا الآخرين يقدِّرونهم، ونتيجةً لذلك يعرقلون عمل الكنيسة ويربكونه. إنهم – بدون الحق – عاجزون عن رؤية جوهر الأمور، لكنهم يصرون على طرح الأفكار الرنانة للتباهي بأنفسهم، ولا يطلبون الحق على الإطلاق. أليس هذا تصرفًا اعتباطيًا ومتهورًا؟ إنَّ تعلم المرء التعاون مع الآخرين أمر ضروري لأداء واجباته جيدًا. ذلك أنَّ النقاش بين شخصين دائمًا ما يولِّد منظورًا يفوق في شموله ودقته وجهة نظر الشخص الواحد للأمور. إذا أراد شخص ما أن يتصرف دائمًا على نحو غير توافقي أو اعتاد طرح الأفكار الرنانة ليجعل الآخرين يتبعونه، فهذا أمر خطير، ويعني أنه يسير في طريق خاص به وحده. لا بد للمرء أن يناقش كل ما يفعله مع الآخرين، وأن يستمع أولاً إلى ما يقوله الجميع. إذا كان رأي الأغلبية صحيحًا ويتوافق مع الحق، فعليك قبوله وطاعته. ومهما يكن من أمر، فلا تطرح الآراء الرنانة، إذ إنَّ القيام بذلك ليس بالأمر الجيد أبدًا في أي مجموعة من الناس. عندما تعظ بفكرة رنانة، فقد تُعد مقبولة إذا كانت تتماشى مع مبادئ الحق وتحظى بموافقة الأغلبية، لكن إذا كانت تتعارض مع مبادئ الحق وتضر بعمل الكنيسة، فيجب أن تتحمل المسؤولية عنها وتواجه عواقب أفعالك. علاوةً على ذلك، فإن طرح الأفكار الرنانة من المشكلات المتعلقة بالشخصية، فهو يثبت أنك لا تمتلك واقع الحق، وأنك تعيش على أساس شخصيتك الفاسدة بدلاً منه. أنت تحاول بطرحك للأفكار الرنانة قيادة الآخرين، وأن تكون في موقع السيطرة، وتحاول أيضًا التعبير عن ذاتك وفرديتك وخلق دائرة تأثيرك الخاص؛ إذ تريد أن تجعل شعب الله المختار بأكمله يستمع إليك ويتبعك ويطيعك. إنك بذلك تسير في طريق ضد المسيح. هل أنت واثق من قدرتك على إرشاد شعب الله المختار للدخول إلى وقائع الحق؟ وهل يمكنك قيادتهم إلى ملكوت الله؟ أنت نفسك تفتقر إلى الحق، وأنت قادر على القيام بأشياء لمقاومة الله وخيانته. إذا كنت لا تزال ترغب في قيادة شعب الله المختار في هذا الطريق، أفلا تصبح بذلك خاطيًا كبيرًا؟ بولس قد أصبح خاطيًا كبيرًا ولا يزال يتحمل عقاب الله. إذا سرت في طريق ضد المسيح، فأنت تسير في طريق بولس، ولن تختلف آخرتك ونهايتك عن آخرته ونهايته. ولهذا، يجب على أولئك الذين يؤمنون بالله ويتبعونه ألا يطرحوا أفكارًا رنانة، بل يجب عليهم أن يتعلموا طلب الحق وقبوله والخضوع للحق والله كليهما. وبهذا فقط يمكنهم ضمان أنهم لا يسلكون طريقهم الخاص، وأنهم يستطيعون اتباع الله دون الانحراف في أي من الاتجاهين. إنَّ بيت الله يستلزم من الناس أن يتعاونوا بانسجام في أداء واجباتهم. هذا أمر ذو مغزى، وهو أيضًا الطريق الصحيح للممارسة. ففي الكنيسة، من الممكن أن تأتي استنارة الروح القدس وإرشاده على أي شخص من أولئك الذين يفهمون الحق ولديهم القدرة على الاستيعاب. يجب أن تتمسك باستنارة الروح القدس وإضاءته، وأن تتبعه عن كثب، وتتعاون معه عن قرب. عندما تعمل هذا، ستكون سائرًا على أصح الطرق؛ الطريق الذي يرشده الروح القدس. انتبه بشكل خاص لكيفية عمل الروح القدس في أولئك الذين يعمل فيهم وإرشاده لهم. يجب عليك أن تشارك مع الآخرين في كثير من الأحيان، حيث تُقدِّم الاقتراحات وتُعبِّر عن آرائك الخاصة – فهذا واجبك وهو حريتك. ولكن في النهاية، عندما يلزم اتخاذ قرار؛ فأنت تنتهك المبادئ إن كنت أنت وحدك من يصدر الحكم النهائي؛ بحيث تجعل الجميع يفعلون مثلما تقول ويكونون وفق إرادتك. يجب عليك اتخاذ الاختيار الصحيح بناءً على ما تراه الأغلبية، ثم اتخاذ القرار. وإذا لم تتوافق اقتراحات الأغلبية مع مبادئ الحق، فيجب عليك أن تتمسك بالحق. هذا فقط هو ما يتوافق مع مبادئ الحق. إذا كنت تطرح الأفكار الرنانة دائمًا، وتحاول شرح بعض النظريات المعقدة لإبهار الآخرين، بينما تشعر في قلبك أن هذا خطأ في واقع الأمر، فلا تجبر نفسك على أن تكون في دائرة الضوء. هل هذا هو الواجب الذي ينبغي أن تؤديه؟ ما هو واجبك؟ (أن أبذل كل ما في وسعي لأداء الواجب الذي أنا منوط به، وأن أتحدث فقط عما أفهمه. وإذا لم يكن لدي رأيي الخاص، فيجب أن أتعلم الإكثار من الاستماع إلى اقتراحات الجميع، والتمييز بحكمة، والوصول إلى النقطة التي يمكنني عندها التعاون بشكل متناغم مع الجميع). إذا كان كل شيء غير واضح لك ولم يكن لديك رأي، فتعلم أن تسمع وتطيع وتطلب الحق. هذا هو الواجب الذي يتعين عليك القيام به؛ هذا هو التوجه الذي ينم عن حسن السلوك. إذا لم تكن لديك آراء خاصة بك وتخشى دائمًا أن تبدو أحمق، أو غير قادر على تمييز نفسك، أو تخشى التعرض للإهانة، أو إذا كنت تخشى أن يحتقرك الآخرون ولا يكون لك مكان في قلوبهم، ومن ثم تحاول دائمًا أن تجبر نفسك على أن تكون في دائرة الضوء وترغب دائمًا في طرح أفكار رنانة، وطرح بعض التأكيدات السخيفة التي لا تتوافق مع الواقع، والتي تريد أن يقبلها الآخرون، فهل تكون بذلك تؤدي واجبك؟ (لا). ما الذي تفعله؟ أنت بذلك تغدو مدمرًا. عندما تلاحظون أن شخصًا ما يتصرف بهذه الطريقة باستمرار، فلا بد لكم من فرض قيود عليه. كيف ينبغي أن تُفرض هذه القيود؟ إنكم لا تحتاجون إلى إسكاته تمامًا ولا إلى منعه من أي فرصة للتحدث. يمكنكم السماح له بعقد شركة، ولا ينبغي استبعاده، لكن ينبغي على كل مَن هم حوله أن يمارسوا التمييز. هذا هو المبدأ. على سبيل المثال، إذا طرح شخص وجهة نظر غير صحيحة تتوافق تمامًا مع مفاهيم الإنسان وتصوراته، وأيدت الأغلبية رأي ذلك الشخص ووافقت عليه، لكن تمكن القليل من الأشخاص الذين يتمتعون بقدر من التمييز من اكتشاف أن وجهة نظره مشوبة بإرادته وطموحاته ورغباته، فيجب على هؤلاء الأفراد كشف ذلك الشخص وحمله على التفكر في ذاته ومعرفة نفسه. هذا هو النهج الصحيح. إذا لم يمارس أحد التمييز أو يعبر عن رأيه، وكان الجميع يسعون إلى إرضاء الناس فحسب، فسيوجد حتمًا مَن يتملقون ذلك الشخص، ويؤيدونه ويدعمونه، ومن ثم يغذون طموحاته ورغباته. حينئذٍ سيبدأ هذا الشخص في اكتساب القوة حقًا في الكنيسة، وسيصبح الأمر خطيرًا، إذ يمكنه الانضمام إلى مَن يدعمونه، ويصبحون بذلك قوة خاصة مستقلة، يفعلون الشر ويعطلون عمل الكنيسة. وبهذه الطريقة سيكونون قد وضعوا أقدامهم على طريق أضداد المسيح. وفور إحكام سيطرتهم على الكنيسة، سيصبحون ضد المسيح ويبدؤون في تأسيس مملكتهم المستقلة.

عندما تحدث الأشياء، يجب على الجميع أن يُصلّوا معًا أكثر وأن يكون لديهم قلب يتقي الله. يجب ألا يتكل الناس مطلقًا على أفكارهم الخاصة للتصرف تعسفيًا. طالما كان للناس عقل واحد وقلب واحد في الصلاة إلى الله وطلب الحق، سوف يمكنهم الحصول على استنارة وإضاءة عمل الروح القدس، وسوف يمكنهم نيل بركات الله. ماذا قال الرب يسوع؟ ("إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ" [مت 18: 19-20]). ما الموضوع الذي يوضحه هذا؟ يوضح أن الإنسان لا يستطيع أن يبتعد عن الله، وينبغي أن يتكل على الله، ولا يستطيع أن يعتمد على نفسه، وأن تصرف المرء بطريقته أمر غير مقبول. ما المقصود بقولنا إن الإنسان لا يستطيع أن يعتمد على نفسه؟ يعني أنه ينبغي على الناس أن يتعاونوا بانسجام، ويعملوا الأشياء بقلب واحد وعقل واحد، ويكون لديهم هدف مشترك. وببساطة، يمكن القول بأن "الاتحاد قوة". كيف يمكنك إذًا تحقيق الاتحاد؟ يجب أن تتعاونوا بانسجام وتتوصلوا إلى توافق، وحينئذٍ سوف يعمل الروح القدس. إذا كان كل شخص يخفي أسراره الخاصة، ويفكَّر في مصالحه الخاصة، ولا يتحمَّل أحد مسؤولية عمل الكنيسة، ويريد الجميع التنصل منه، ولم يرغب أحد في تولى القيادة، وبذل الجهد والمعاناة ودفع ثمن ذلك، فهل سيقوم الروح القدس بعمله؟ (كلا). لِمَ لا؟ عندما يعيش الناس في حالة غير سليمة، ولا يُصلِّون لله أو يسعون إلى الحق، سيتخلى الروح القدس عنهم، ولن يكون الله حاضرًا. كيف يمكن لمن لا يطلبون الحق أن يملكوا عمل الروح القدس؟ الله يزدريهم، لذلك يحجب وجهه عنهم، ويتوارى عنهم الروح القدس. عندما لا يعود الله يعمل يمكنك أن تفعل ما شئت. وبمجرد أن ينحيك جانبًا، ألن تكون نهايتك؟ لن تحقق أي شيء. لماذا يجد غير المؤمنين مثل هذه الصعوبة في عمل الأشياء؟ ألا يحتفظ كل منهم بمشورته الخاصة؟ يحتفظ كل منهم بمشورته الخاصة، ولا يكونوا قادرين على إنجاز أي شيء، فكل شيء شاق للغاية، حتى أبسط الأمور. تلك هي الحياة تحت نفوذ الشيطان. إن فعلتم كما يفعل غير المؤمنين، فكيف تختلفون عنهم؟ ليس هناك فرق على الإطلاق. إذا كانت السلطة في الكنيسة بيد من لا يملك الحق، وإذا كانت بيد المملوئين بشخصيات شيطانية، أليس الشيطان في واقع الأمر من بيده السلطة؟ إذا تعارضت جميع أفعال من بيدهم السلطة في الكنيسة مع الحق، عندها يتوقف عمل الروح القدس، ويسلمهم الله إلى الشيطان. وبمجرد أن يصبحوا بين يديِّ الشيطان، تظهر جميع أشكال القبح بين الناس، كالغيرة والخلافات على سبيل المثال. ما الذي تبيِّنه تلك الظواهر؟ أن عمل الروح القدس قد توقف وأنه غادر وأن الله لم يعد يعمل. دون عمل الله فما جدوى الكلمات والتعاليم التي يفهمها الإنسان؟ لا جدوى منها. عندما لا يعود لدى الشخص عمل الروح القدس، سيكون خاويًا من الداخل، ولن يعود يشعر بأي شيء بعد الآن، هو كالموتى، وفي هذه المرحلة، سيصبح مذهولًا. كل الإلهام والحكمة والذكاء والرؤية الثاقبة والتنوير في البشر يأتي من الله، وكله عمل الله. عندما يطلب الشخص الحق في مسألة معينة، ويصل فجأة إلى فهمٍ ما ويكتسب طريقًا، فمن أين تأتي هذه الإضاءة؟ كلها تأتي من الله. تمامًا مثلما يحدث عندما يعقد الناس شركة عن الحق، لا يكون لديهم فهم في البداية، لكن بينما هم في الشركة يضاؤون ويصبحون قادرين بعد ذلك على التحدث عن بعض الأفهام. هذه استنارة الروح القدس وعمله. متى يعمل الروح القدس في الغالب؟ عندما يعقد شعب الله المختار شركة عن الحق، وعندما يصلي الناس إلى الله، وعندما يؤدي الناس واجباتهم بقلوب وعقول متحدة. هذه هي الأوقات التي يكون فيها قلب الله راضيًا أكثر من أي وقت. لذا، إذا كنتم تؤدون واجباتكم معًا سواء كنتم كثيرين أو قليلين، ومهما كانت الظروف، وأيًأ كان الوقت، لا تنسوا هذا الشيء، وهو أن تكونوا في حالة توافق. من خلال العيش في هذه الحالة، ستحظون بعمل الروح القدس.

اقتباس 41

في بيت الله، جميع أولئك الذين يسعون إلى الحق متَّحدون أمام الله، غير منقسمين. جميعهم يعملون معًا لتحقيق هدفٍ مشترك: تتميم واجبهم، وقيامهم بالعمل المنوط بهم، والتصرُّف بحسب مبادئ الحق، والعمل وفقًا لما يطلب الله، وإرضاء مقاصده. إذا لم يكن هدفك لأجل ذلك، وإنما لأجل ذاتك، لأجل إرضاء رغباتك الأنانيَّة، فإنما ذلك كشف عن شخصيَّة شيطانيَّة فاسدة. في بيت الله، تُؤدَّى الواجبات بحسب مبادئ الحق، أما تصرُّفات غير المؤمنين فتحكمها شخصيَّاتهم الشيطانيَّة. وهذان سبيلان مختلفان أشد الاختلاف. ذلك أنَّ غير المؤمنين يحتفظون بمشورتهم لأنفسهم؛ كلٌّ منهم له أهدافه الخاصة وخططه، والجميع يعيشون لأجل مصالحهم. ولهذا السبب يتدافعون جميعهم لتحقيق نفعهم الشخصي؛ وهم غير مستعدين للتنازل عن ذرة واحدة مما ربحوا. هم منقسمون، غير متَّحدِين، لأنَّهم لا يسعون لهدفٍ مشترك. إنَّ القصد وراء ما يفعلون وطبيعته، هما ذاتهما؛ جميعهم يسعون في سبيل أنفسهم. لا حقَّ يحكم في ذلك، ما يحكم ذلك ويسيطر عليه هي شخصيَّة شيطانيَّة فاسدة. كلٌ منهم محكوم بشخصيته الشيطانيَّة الفاسدة ولا يملكون من أمرهم شيء، لذا يزدادون سقوطًا في الخطيئة أكثر فأكثر. وفي بيت الله، إن لم تكن مبادئ تصرفاتكم وأساليبها ودوافعها وكذلك نقطة الانطلاق الخاصة بها مختلفة عما يتبناه غير المؤمنين، أو إن كان ثمة شخصيَّة شيطانيَّة فاسدة تلهو بكم وتسيطر عليكم وتتلاعب بكم، أو إن كانت نقطة الانطلاق لتصرُّفاتكم هي مصالحكم الخاصَّة وسمعتكم وكبرياءكم ومكانتكم، فحينها لن يوجد اختلاف بين أسلوب أداء واجبكم وبين أسلوب غير المؤمنين في أداء الأمور. إذا كنتم تسعون إلى الحق، فعليكم تغيير طريقة قيامكم بالأمور. عليكم أن تتخلُّوا عن مصالحكم الخاصة ومقاصدكم ورغباتكم الشخصيَّة. عليكم أوَّلًا أن تعقدوا معًا شركة حول الحق عندما تقومون بالأمور، وأن تفهموا مقاصد الله ومتطلَّباته قبل أن تُوزِّعوا الحِملَ فيما بينكم، واضعين في الحسبان من يصلح في فعل هذا أو ذاك، ومَن لا يصلح. عليكم أن تتولوا ما تستطيعون فعله وتتمسَّكوا بواجبكم. لا تتصارعوا أو تتخاطفوا الأشياء. ينبغي لكم تعلُّم الوصول لحلول وسط. وأن تكونوا متسامحين. إن كان أحدٌ ما قد بدأ للتوِّ أداءَ واجبٍ أو تعلَّم لتوه مهارات مجالٍ ما، لكنَّه غير جاهزٍ لبعض المهام، فعليكم ألَّا تجبروه. يجب أن توكلوا إليه مهامًا أسهل قليلًا؛ ذلك من شأنه أن يُسهِّل عليه تحقيق نتائج في أداء واجبه. وهذا هو معنى أن تكونوا متسامحين وصبورين وتتحلون بالمبادئ. هذا جزءٌ مما ينبغي أن تتحلى به الإنسانية الطبيعيَّة؛ هذا ما يطلبه الله من الناس وما يجب عليهم ممارسته. إذا كنتَ ماهرًا إلى حدٍّ ما في مجالٍ معيَّن وأنت تعمل فيه منذ فترة أطول مما قضته فيه الأغلبية، فينبغي أن يوكل إليك العمل الأصعب فيه. ينبغي أن تقبل هذا من الله وتخضع. لا تكن انتقائيًّا وتتذمَّر قائلًا: "لماذا يتحاملون عليَّ دائمًا؟ يُعطون المهام السهلة للآخرين ويعطونني الصعبة. هل يحاولون تصعيب الحياة عليَّ؟" "يحاولون تصعيب الحياة عليك؟" ما الذي تقصده بذلك؟ إن ترتيبات العمل مصممة بما يتناسب مع كل شخصٍ؛ الأقدر يفعلون أكثر. إن تعلَّمت أكثر وأعطاك الله الكثير، فينبغي أن تُكلَّف بحمل أثقل، وليس ذلك لتصعيب الحياة عليك، بل لأنَّه يُناسبك تمامًا. هذا واجبك، لذا لا تحاول الانتقاء والاختيار، أو الرفض، أو أن تحاول التهرب منه. لماذا تظن أنَّ القيام به أمر صعب؟ الحقيقة أنَّه إذا بذلت بعض الجهد المخلص، فستكون على أتم استعداد للقيام بالمهمة. تفكيرك أنه عمل صعب؛ أنك تتعرض لمعاملة منحازة وأنَّ ثمة مَن يتحامل عليك عمدًا، هذا كشف عن شخصيَّة فاسدة. هذا رفض لأداء واجبك وعدم قبوله من الله. ليس هذا بممارسة الحق؛ عندما تنتقي وتختار في القيام بواجبك، وتفعل كل ما هو خفيف وسهل، مكتفيًا بما يجعلك تبدو شخصًا جيِّدًا، فهذه شخصية شيطانية فاسدة. إذا كنت غير قادر على قبول واجبك والخضوع، فهذا يثبت أنك لا تزال متمردًا على الله؛ أنك لا تزال تعارضه وترفضه وتتجنبه. هذه شخصية فاسدة. ما الذي عليك فعله عندما تُدرك أنَّ هذه شخصيَّة فاسدة؟ إن شعرتَ أنَّ المهام المُوكلة لآخرين يمكن إنجازها بسهولة في حين أنَّ تلك المُوكلة إليك تُبقيك مشغولًا لوقتٍ طويل وتتطلَّب منك جهدًا في البحث، وهذا يجعلك تعيسًا، فهل من الصواب أن تشعر بالتعاسة؟ بالتأكيد لا. فما الذي يتعين عليك فعله إذن عندما تشعر أنَّ ذلك ليس صوابًا؟ إن كنت مقاومًا وقلتَ: "في كلِّ مرَّة يوكِّلون الأعمال، يُعطونني الصعبة والقذرة والمتطلِّبة، ويُعطون الآخرين الخفيفة والبسيطة والبارزة. أتراهم يظنون أنَّني مجرَّد شخصٍ يمكنهم معاملته بسوء؟ هذه ليست طريقة عادلة في توزيع الأعمال!". إن كان هذا منهج تفكيرك، فهو خطأ. بغضِّ النظر عما إن كانت هناك أيُّ انحرافات في توزيع الأعمال أو ما إن وزِّعت على نحو معقول أم لا، ما الذي يفحصهُ اللهُ؟ ما يفحصه هو قلب المرء؛ ينظر ما إن كان لدى الشخص خضوع في قلبه، وما إن كان يستطيع تحمُّل بعض الأحمال لأجل الله، وما إن كان محبًّا لله. وقياسًا بمتطلَّبات الله، فإنَّ أعذارك غير مشروعة؛ أداؤك لواجبك لا يلبي المعايير، وأنت تفتقر إلى واقع الحق. لا خضوع لديك على الإطلاق، وتتذمَّر عندما تقوم ببعض المهام المتطلِّبة أو القذرة. ما المشكلة هنا؟ أوَّلًا، عقليتك خطأ. ما معنى ذلك؟ يعني أنَّ موقفك تجاه واجبك خطأ. إن كنت تُفكِّر على الدوام في كبريائك ومصالحك، ولا تراعي لمقاصد الله، وليس لديك خضوع على الإطلاق، فليس هذا هو الموقف الصحيح الذي ينبغي أن تتحلَّى به تُجاه واجبك. إذا بذلت بإخلاص لأجل الله وكان لديك قلب محبٌّ لله، فكيف ستتعامل مع المهام القذرة أو المتطلِّبة أو الصعبة؟ ستكون عقليتك مختلفة: ستختار أن تفعل ما هو صعب وتبحث عن الأعباء الثقيلة لتحملها. ستأخذ على عاتقك ما لا يرغب الآخرون في فعله، ولن تقوم بذلك إلا محبةً لله وإرضاءً له. ستمتلأ بالفرح لفعل ذلك، دون أيِّ إشارة للتذمُّر. المهام غير النظيفة والمتطلِّبة والصعبة تُظهر معدن الناس. كيف تختلف عن الناس الذين لا يتولون إلا المهام الخفيفة والبارزة فقط؟ لستَ أفضل منهم بكثير. أليس الحال كذلك؟ هذه هي النظرة التي يجب أن تتبناها تجاه هذه الأمور. ولهذا إذن، فإنَّ أكثر ما يكشف معدن الناس هو أداؤهم لواجبهم. بعض الناس يقولون أمورًا عظيمة في أغلب الوقت، مُدَّعين أنَّهم راغبون بمحبة الله والخضوع له، لكنهم عندما يواجهون صعوبة في تأدية واجبهم، يفصحون عن جميع أنواع الشكاوى والكلمات السلبيَّة. من الواضح أنَّهم منافقون. إن كان الشخص محبًّا للحقِّ، فمتى ما واجه صعوبة في تأدية واجبه، سيصلُّي لله ويطلب الحق وهو يتعامل في أثناء ذلك مع واجبه بجدِّيَّة حتَّى وإن رُتِّب بصورة غير مناسبة. لن يتذمَّر، حتَّى وإن واجه مهامًا ثقيلة أو قذرة أو صعبة، وسيتمكن من القيام بمهامه جيدًا وأداء واجبه أداءً حسنًا بقلبٍ خاضع لله. سيجد استمتاعًا عظيمًا بفعل ذلك، ويُسرُّ الله برؤية ذلك. هذا هو نوع الشخص الذي ينال استحسان الله. إذا كان الشخص يصبح منزعجًا وسريع الانفعال حالما يقابل مهامًا قذرة أو صعبة أو متطلِّبة ولا يسمح لأحد بانتقاده، فمثل هذا الشخص لا يبذل من نفسه بإخلاص لله. لا يمكن إلا أن يُكشفوا ويُستبعدوا. عندما تكون لديكم هذه الحالات في المعتاد، هل تكونون قادرين على الوعي بخطورة هذه المشكلة؟ (بعض منها). إذا استطعتم الوعي ببعض منها، فهل يمكنكم تغييرها بقوَّتكم الذاتية وبإيمانكم الشخصيِّ وبقامتكم؟ عليك تغيير هذا الموقف؛ وأولًا عليك أن تفكِّر: "هذا الموقف خطأ. أليس ذلك انتقاءً للأفضل في تأديتي لواجبي؟ هذا ليس خضوعًا. ينبغي أن تكون تأدية واجبي أمرًا مبهجًا، أُنفِّذه بطواعيَّة وسرور. فلماذا أنا لستُ سعيدًا، ولماذا أنا منزعج؟ أعلم حق المعرفة ما هو واجبي وأنه ما ينبغي فعله، فلماذا لا أستطيع الخضوع فحسب؟ ينبغي أن آتي لمحضر الله وأصلي وأن أدرك الكشف عن هذه الشخصيَّات الفاسدة في أعماق قلبي". بعدها، في أثناء فعلك ذلك، عليك أن تُصلِّي: "يا الله، اعتدتُ أن أكون عنيدًا؛ ما كنت أصغي لأحد. موقفي خطأ، ولا خضوع لديَّ. أرجوك أدِّبني واجعلني خاضعًا. لا أريد أن أكون منزعجًا. لا أريد أن أتمرد عليك بعد الآن. أرجوك أثّر فيّ، واجعلني قادرًا على أداء هذا الواجب جيدًا. أنا لستُ راغبًا في العيش للشيطان، أنا راغب في العيش لأجل الحق وممارسته". عندما تُصلِّي على هذا النحو، ستتحسَّن الحالة الموجودة بداخلك، وعندما تتحسَّن تلك الحالة، ستصبح قادرًا على الخضوع. سيجول في خاطرك: "هذا ليس بالكثير فعلًا. كل ما هنالك أنَّني أقوم بالمزيد في حين يقوم الآخرون بأقل، أو أمتنع عن التسلية في حين هم يتسلُّون وأنني لا أثرثر عاطلًا في حين هم يفعلون. لقد أعطاني الله عبئًا إضافيًّا، عبئًا ثقيلًا، هذا مستوى تقديره العالي لي وإحسانه لي وهذا يبرهن أنَّ بمقدوري حملُ هذا العبء الثقيل. الله صالحٌ جدًّا معي، وعليَّ أن أكون مطيعًا". وسيكون موقفك قد تغير، دون أن تشعر بذلك. كان لديك موقف سيء عندما قبلتَ واجبك في البداية؛ كنت عاجزًا عن الخضوع، لكنك تمكنت من تغييره بسرعة، وتقبُّل تمحيص الله وتأديبه على الفور. كنت قادرًا على أن تأتي إلى محضر الله بسرعة بموقف المطيع؛ موقف قبول الحق وممارسته، إلى أن صرتَ قادرًا على قبول واجبك بكلِّ ما فيه من الله وأدائه من كلِّ قلبك. ينطوي ذلك على عمليَّة كفاح. عملية الكفاح تلك هي عملية تغييرك، عملية قبولك للحق؛ أن يكون الناس راغبين وسعداء وأن يخضعوا لكلِّ ما يواجههم دون تردد أمر مستحيل. لو أنَّ الناس تمكنوا من فعل ذلك، لكان معناه أنَّه ليس لديهم شخصيَّة فاسدة، ولما كانت لديهم حاجة لله ليعبر عن الحق ويخلِّصهم. ثمة أفكار تدور في أذهان الناس، وهم يتبنون مواقف خاطئة، وتكون لديهم حالات خاطئة وسلبيَّة. هذه كلها مشاكل حقيقيَّة وموجودة. لكن عندما تُسيطر هذه الحالات السلبيَّة والمخالِفة والمشاعر السلبيَّة والشخصيات الفاسدة وتتحكَّم في سلوكك، وأفكارك، وموقفك، فإنَّ ما تفعله وكيفية ممارستك والسبيل الذي ستختاره، كل ذلك سيعتمد على موقفك تجاه الحق. ربما لديك مشاعر أو تكون في حالة سلبية أو متمرِّدة، لكن عندما تظهر هذه الأمور في أثناء تأديتك لواجبك، ستتغيَّر بسرعة لأنَّك تأتي إلى محضر الله، لأنَّك تفهم الحق، لأنَّك تطلب الله، ولأنَّ موقفك هو موقف الطاعة وقبول الحق. حينها لن تكون لديك مشكلات في تأدية واجبك جيدًا، وستتمكن من الانتصار على قيد الشخصيَّة الشيطانيَّة الفاسدة عليك وسيطرتها. في النهاية، ستنجح في تتميم واجبك، وتتميم إرساليَّة الله، وضمان الحقِّ والحياة. عمليَّة تأدية الناس لواجبهم وربح الحق هي أيضًا عملية التغيير في الشخصيَّة. إنَّ تلقي الناس لاستنارة الروح القدس وإضاءته، وفهمهم للحق، ودخولهم إلى الواقع، كل ذلك يتوقف على أدائهم لواجبهم. وأيضًا عندما توجد صعوبات في أثناء تأدية واجباتهم، يأتون إلى محضر الله ليصلوا ويستوعبوا مقاصده ويميِّزوها لكي يحلُّوا هذه الصعوبات، ومن ثمَّ يتمكَّنوا من أداء واجباتهم كالمعتاد. إنَّ تأديب الله للناس وعيشهم في ظل إرشاد الروح القدس، وتعلمهم تدريجيًّا القيام بالأمور وفق مبادئ الحق وأداء واجبهم بصورة مُرضِية، كل ذلك يحدث من خلال أداء واجباتهم. وهذا هو الحق يسُيطر على قلبك ويحكم.

بالنسبة إلى بعض الناس، بغضّ النظر عن المشكلة التي يواجهونها عند أداء واجباتهم، فإنهم لا يطلبون الحقّ، بل يتصرَّفون دائمًا وفقًا لأفكارهم ومفاهيمهم وتصوُّراتهم ورغباتهم. من البداية إلى النهاية، هم يُرضون رغباتهم الخاصة بهم، وتتحكم شخصياتهم الفاسدة في تصرُّفاتهم. ربما يبدون أنهم كانوا يؤدون واجباتهم دائمًا، ولكن نظرًا لأنهم لم يقبلوا الحقّ قطّ، وقد فشلوا في فعل الأشياء وفقًا لمبادئ الحقّ، فإنهم في النهاية لا يربحون الحقّ والحياة، ويصبحون عمالًا جديرين بهذا الاسم. ما الذي يعتمد عليه مثل هؤلاء الأشخاص إذًا عند أداء واجباتهم؟ إنهم لا يعتمدون على الحقّ ولا على الله. فالمقدار الضئيل من الحقّ الذي يفهمونه في الواقع لم يشغل مكان السيادة في قلوبهم. إنهم يعتمدون على مواهبهم ومقدراتهم، وعلى أي معرفة اكتسبوها، وكذلك على قوَّة إرادتهم أو نياتهم الحسنة لأداء هذه الواجبات. وفي هذه الحالة، هل سيمكنهم أداء واجباتهم بمستوى مقبول؟ عندما يعتمد الناس على طبيعتهم ومفاهيمهم وتصوُّراتهم وخبرتهم وتعلُّمهم لأداء واجباتهم، فمع أنه قد يبدو أنهم يُؤدُّون واجباتهم ولا يرتكبون الشرّ، فإنهم لا يمارسون الحقّ ولم يفعلوا أيّ شيءٍ مُرضٍ لله. توجد أيضًا مشكلةٌ أخرى لا يمكن تجاهلها: خلال عمليَّة أداء واجبك، إذا كانت مفاهيمك وتصوُّراتك ورغباتك الشخصيَّة لا تتغيَّر أبدًا ولا يحلّ الحقّ محلَّها أبدًا، وإذا كانت تصرُّفاتك وأفعالك لا تُنفَّذُ أبدًا بتوافق مع مبادئ الحقّ، فماذا ستكون العاقبة النهائيَّة؟ لن تدخل إلى الحياة، وسوف تصبح عاملًا، وهكذا تتحقق كلمات الرب يسوع: "كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِٱسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِٱسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِٱسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! ٱذْهَبُوا عَنِّي يا فاعلي الإثم!" (متى 7: 22-23). لماذا يُسمِّي الله أولئك الأشخاص الذين يبذلون الجهد والذين يعملون فاعلي شر؟ توجد نقطة واحدة يمكننا أن نكون متأكدين منها، وهي أنه بغض النظر عن الواجبات أو العمل الذي يقوم به أولئك الأشخاص، فإن دوافعهم ومحفزاتهم ونيَّاتهم وأفكارهم تنبع بالكامل من رغباتهم الخاصة بهم، والهدف منها كليًا هو حماية مصالحهم وآفاقهم، وأيضًا حفظ ماء وجههم ومكانتهم، وإرضاء غرورهم. جميع اعتباراتهم وحساباتهم تَتَمَحْوَر حول هذه الأشياء، ولا يوجد حقّ في قلوبهم، وليس لديهم قلبٌ يتَّقي الله ويخضع له – هذا هو أصل المشكلة. ما الأمر المُهمّ الذي تسعون إليه اليوم؟ في جميع الأشياء، ينبغي أن تطلب الحقّ، وينبغي أن تُؤدِّي واجبك أداءً صحيحًا وفقًا لمقاصد الله وما يطلبه الله. إذا فعلت ذلك، فسوف تنال استحسان الله. إذًا، ما هي تفاصيل أداءك لواجبك وفقًا لما يطلبه الله؟ في كلّ ما تفعله، ينبغي أن تتعلَّم الصلاة إلى الله، وينبغي أن تتأمَّل في نواياك والأفكار التي لديك وما إذا كانت هذه النوايا والأفكار تتوافق مع الحقّ؛ فإذا لم تكن كذلك، فيجب تنحيتها جانبًا، وبعد ذلك يجب أن تتصرَّف وفقًا لمبادئ الحقّ، وتقبل تمحيص الله. فهذا سيضمن أنك تمارس الحقّ. إذا كانت لديك نواياك وأهدافك الخاصَّة وتدرك جيِّدًا أنها تنتهك الحقّ وتتعارض مع مقاصد الله، ومع ذلك ما زلت لا تُصلِّي إلى الله ولا تطلب الحقّ لإيجاد حلٍّ، فهذا أمرٌ خطير ومن السهل عليك أن ترتكب الشرّ وتفعل أشياء تقاوم الله. إذا ارتكبت الشرّ مرَّةً أو مرَّتين وتبت، فلا يزال لديك رجاء في الخلاص. أمَّا إذا واصلت ارتكاب الشرّ، فقد صرتَ فاعلًا لجميع أنواع الأفعال الشرِّيرة. وإذا كنت لا تزال غير قادر على التوبة حتى هذه النقطة، فأنت في ورطةٍ: سوف يطرحك الله جانبًا أو ينبذك، ممَّا يعني أنك مُعرَّضٌ لخطر الاستبعاد؛ فالناس الذين يرتكبون جميع أنواع الأعمال الشرِّيرة سوف يُعاقبون بالتأكيد ويُستبعدون.

السابق:  كلمات حول معرفة تجسد الله

التالي:  كلمات حول معرفة المرء لنفسه

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب

Connect with us on Messenger