ما هو الأداء المناسب للواجب؟
خلال الاجتماع الأخير، كان موضوع الشركة الرئيسي هو الشروط الأربعة الأساسية لكي يُكمَّل شخص ما من خلال تقبل الدينونة والتوبيخ. ما تلك الشروط الأربعة الأساسية؟ (الشرط الأول هو الأداء المناسب للواجب. والثاني هو امتلاك عقلية الخضوع لله. والثالث هو أن يكون شخصًا صادقًا في الأساس. والرابع هو أن يمتلك قلبًا تائبًا). ثمة بعض التفاصيل في كلٍ من تلك الشروط الأربعة، بالإضافة إلى ممارسات راسخة ومراجع محددة. في الواقع، تمت مناقشة تلك الموضوعات الأربعة طيلة سنوات. إذا تحدثنا عنها مجددًا اليوم، فهل سيُعد ذلك تكرارًا لموضوعات سابقة؟ (كلا). لمَ لن يعتبر الأمر كذلك؟ لأن محتويات كلٍ من تلك الشروط الأربعة تتضمن واقع الحق ودخول الحياة، وهذان موضوعان لا ينضبان. لم يتوصل أغلب الناس بعد إلى نقطة الدخول إلى واقع الحق؛ وإنما هم يفهمون المعنى السطحي للحق فحسب، ويفهمون بعض التعاليم البسيطة فقط. وعلى الرغم من أنهم قادرون على عقد شركة حول بعض الوقائع، إلّا أنهم يعجزون عن دخول وقائع الحق. لذا، أيًا كان جانب الحق المعني، فلا بد من عقد شركة عنه والاستماع إليه بشكل متكرر. هكذا، سيتعمق فهم الناس للعديد من الحقائق من خلال اختبارهم الحقيقي، وستزداد اختباراتهم دقة وإحكامًا.
لخصنا للتو الشروط الأربعة الأساسية لكي يُكمَّل المرء من خلال قبول الدينونة والتوبيخ. فلنبدأ إذن نقاشنا بدايةً من الشرط الأول: الأداء المناسب للواجب. يقول بعض الناس: "كانت المناقشات على مدار العامين السابقين تتمحور حول أداء الواجب؛ لا سيما كيفية أداء الواجب، وكيفية أدائه بشكل جيد، وأي المبادئ يجب الالتزام بها أثناء أدائه؛ أعرف في أعماق قلبي هذه الأمور حق المعرفة، وهي واضحة إلى أقصى حد. وعلى مدار الأعوام الماضية، كانت حياتي اليومية بالكامل تتمحور حول الحقائق المتعلقة بأداء واجبي. ومنذ بدأت في أداء واجبي، كنت أسعى وآكل وأشرب وأستمع إلى الحقائق المتعلقة به، وحتى الآن لا يزال هذا الموضوع قيد المناقشة. لقد فهمته في قلبي بالفعل منذ مدة طويلة، أليس معناه أداء الواجب بشكل جيد؟ ألا يتمحور أداء الواجب بشكل مناسب حول اتباع تلك المبادئ المذكورة سابقًا؟ أحبب الرب إلهك بكل قلبك، وكل روحك، وكل عقلك، وكل قوتك، واطلب المبادئ، ولا تعتمد على الميول الشخصية، ونسق بتناغم أثناء أداء واجبك؛ ووفق بين واجبك وبين دخول الحياة؛ ذلك كل ما يدور حوله الأمر". الأشياء التي تقابلونها وتختبرونها في حياتكم اليومية هي تلك المواضيع فحسب، لذا فذلك كل ما تفهمونه. مهما كان مدى فهمكم، فما زلنا بحاجة لمناقشة هذا الحق اليوم. إذا تكرر أي شيء، فسيكون ذلك في صالحكم أيضًا، ويمكنكم التأمل فيه مجددًا؛ وإذا كان شيئًا لم نناقشه من قبل، فاستقبلوه. سواءً كان مكررًا أم لا، فعليكم الإنصات بعناية. فكروا في الحقائق المتضمنة هنا، وإذا كانت لتلك الحقائق فوائد فيما يتعلق بدخولكم الحياة، وإذا كان بإمكانها مساعدتكم على أداء الواجب بشكل مناسب. لذا، فإنه من الضروري بالفعل العودة إلى موضوع الأداء المناسب للواجب.
فيما يتعلق بالأداء المناسب للواجب، فلنضع جانبًا أولًا معنى كلمة "مناسب"، ونتحدث بدلًا من ذلك عن ماهية الواجب. في النهاية، سوف تعرفون ماهية الواجب، وما يعتبر مناسبًا، وكيف يجب أداء الواجب؛ وسيكون لديكم مسارًا للممارسة من أجل أداء الواجب بالمستوى المطلوب. ما هو الواجب إذن؟ (الواجب هو ما يعهد به الله للإنسان ليقوم به، وهو ما يجب على الكائن المخلوق عمله). هذا القول نصف صحيح فحسب. بشكل نظري، لا يوجد به خطأ، لكن عند الفحص بشكل أكثر تمعنًا، نكتشف أن هذا التفسير غير مكتمل؛ حيث يجب أن يكون ثمة شرط مسبق. فلنتعمق في هذا الموضوع. بالنسبة لكل مؤمن وغير مؤمن، كيف يعيشون حياتهم، وما يفعلونه في هذا العالم البشري، وقدر حياتهم؛ أليست هذه كلها أشياء قدَّرها الله مسبقًا؟ (أجل، هي كذلك). على سبيل المثال، ينخرط بعض الناس في الموسيقى في هذا العالم. إنهم يجعلون الموسيقى مهمتهم في الحياة، فهل يمكن اعتبار هذه المهمة هي واجبهم؟ (كلا). وفعل بعض الناس أشياءً استثنائية في العالم، وكان لهم تأثير على البشرية جمعاء، وقدموا إسهامات في عصر ما، بل حتى غيروا ذلك العصر؛ وكانت تلك هي مهمة حياتهم. أيمكن أن تسمى مهمة الحياة هذه بواجبهم؟ (كلا). لكن أليست مهمة الحياة هذه وما فعلوه في حياتهم شيء عهد الله به إليهم؟ أليست شيئًا يجب على الكائن المخلوق فعله؟ (بلى). هذا صحيح. لقد أعطاهم الله مهمة، وائتمنهم على هذه الإرسالية، ومن بين البشرية كلها، كجزء من البشرية ذاتها، صار لديهم شيئًا يجب عليهم فعله، ومسؤولية يجب عليهم أداؤها. بغض النظر عن المجال الذي يشاركون فيه – سواءً كان الفنون، أو الأعمال، أو السياسة، أو الاقتصاد، أو الأبحاث العلمية، وما لى ذلك – فهذه كلها أمور قد قدرَّها الله مسبقًا. لكن ثمة نقطة اختلاف واحدة؛ فأيًا كانت الطريقة التي قدّرها الله، فإن هؤلاء الناس خارج إطار عمل تدبير الله. إنهم يُعدون غير مؤمنين، وما يفعلونه يُعد خارجيًا بالنسبة لعمل تدبير الله. لذا، هل يمكن لمسؤولياتهم، والإرسالية التي قبلوها، ومهمة حياتهم أن تُدعى بالواجب؟ (كلا). إنهم لا يؤدون الواجب، لأن ما يفعلونه غير متعلق بعمل الله لتخليص البشرية. إن كل البشر في هذا العالم يقبلون بشكل سلبي إرسالية الخالق والمهمة التي أعطاها، لكن المهمة التي يقبلها من لا يؤمنون بالله، والمسؤوليات التي يؤدونها ليست واجبًا، لأنها غير متعلقة وليس لها ارتباط بخطة تدبير الله لتخليص البشرية. إنهم لا يقبلون الله، ولا يعمل الله فيهم، لذا فأيًا كانت المسؤوليات التي يقومون بها، وأيًا كانت الإرسالية التي يقبلونها أو المهمة التي ينجزونها في هذه الحياة، فلا يمكن القول إنهم يؤدون واجبهم. ما هو الواجب إذن؟ ما نوع المتطلبات الأساسية التي يجب إضافتها من أجل شرح هذا المفهوم والحق المتعلق به بشكل واضح ودقيق وشامل؟ هل فهمتهم مفهومًا من شركتنا الآن؟ أي مفهوم؟ أنه بالنسبة لأي فرد من البشر، بغض النظر عن أهمية المهمة التي قد قبلها، أو مستوى التغيير الذي حققه، أو مدى مساهمته من أجل البشرية، فإن تلك المهمة وتلك الإرساليات لا يمكن أن تُدعى واجبات. هذا لأنها غير متعلقة بخطة تدبير الله لتخليص البشرية؛ فهي مجرد مهمات. وسواءً كانوا يتصرفون بشكل فعّال أو سلبي، فإن كل ما يفعلونه هو إنجاز مهمة؛ وهذا أمر قدَّره الله مسبقًا. بعبارة أخرى، ما دامت أفعالهم لا تتعلق بخطة تدبير الله، ولا تتعلق بعمل الله لتخليص البشرية، فلا يمكن أن يسمى إنجاز مثل هذه المهام بأداء الواجب. هذا أمر مؤكد دون أدنى شك. ما هو الواجب إذن؟ ينبغي فهم الواجب على هذا النحو: الواجب هو الإرسالية والمهمة التي أعطاها الله ضمن نطاق عمل التدبير لتخليص البشرية. أليس وصف الأمر بهذه الطريقة يُعد كاملًا ودقيقًا؟ فقط ما هو دقيق يعبر عن الحق؛ أما ما هو غير دقيق ومنحاز وغير متوازن فليس بالحق، بل مجرد تعاليم. دون أن تفهم تمامًا ما هو الواجب وتعرفه على نحو كامل، لن تعرف حقًا ما هي الحقائق المتعلقة بالواجب. ربما كان لدى الناس سابقًا العديد من المفاهيم الخاطئة التي تشوب فهمهم للواجب؛ وذلك لأنهم لم يفهموا الحق، ما أدى إلى جميع أنواع المفاهيم والأفكار الغامضة. ثم استخدم الناس هذه المفاهيم والأفكار الغامضة لشرح الواجب، وعاملوا الواجب بناءً على هذه الأفكار. على سبيل المثال، يعتقد بعض الناس أنه بما أن حياة الفرد بأكملها قد قدرها الله مسبقًا – أي أن نوع العائلة التي يولد فيها المرء، وما إذا كان سيصير غنيًا أم فقيرًا في الحياة، وما هي المهنة التي سيمتهنها، كل ذلك قد قدره الله مسبقًا – فإن ما يقوم به الفرد في فترة حياته والأشياء التي يحققها كلها إرساليات قد منحها الله وتُعتبر مهمة المرء. إنهم يظنون أنها واجب لمجرد أنها تتضمن مهمة. وهكذا يتخبطون عشوائيًا في مفهومهم عن الواجب. أليس هذا سوء فهم؟ يقول بعض الناس الذين يتزوجون وينجبون أطفالًا: "إنجاب الأطفال هو إرسالية من الله عهد بها إلينا، إنها مهمتنا. إن واجبنا هو تربية أطفالنا حتى سن البلوغ". أليس هذا فهمًا خاطئًا؟ وثمة آخرون يقولون: "لقد جئنا إلى هذه الأرض لنعمل في الزراعة. وبما أن هذا هو مصيرنا، فمن الأفضل أن نقوم بذلك بشكل جيد، لأن هذه إرسالية ومهمة منحها الله لنا. مهما أصبحنا فقراء أو صارت ظروفنا صعبة، فلا يمكننا الشكوى. إن الزراعة بشكل جيد في هذه الحياة هي واجبنا". إنهم يساوون بين مصير الفرد وبين مهمته وواجبه. أليس هذا فهمًا خاطئًا؟ (إنه كذلك). إنه فهم خاطئ بالفعل. وهناك أيضًا بعض الأشخاص الذين يمارسون الأعمال التجارية في العالم، ويقولون: "لم أنجح في أي شيء من قبل، لكن بعد دخولي في مجال الأعمال، أصبحت الحياة جيدة ومستقرة. يبدو أن الله قد قدر لي ممارسة التجارة في هذه الحياة، لأعيل عائلتي من خلالها. لذا، إذا نجحت في الأعمال التجارية ووسعت نشاطي في هذه الحياة، ووفرت احتياجات كل فرد من أفراد عائلتي، فإن هذه هي مهمتي، وربما كانت هذه المهمة هي واجبي". أليس هذا سوء فهم؟ يعتبر الناس أن شؤونهم اليومية، والطريقة التي يكسبون بها عيشهم، ونمط الحياة الذي يحققونه، وجودة الحياة التي يتمتعون بها – كل الأشياء المتعلقة بمهمتهم – هي واجبهم. هذا غير صحيح؛ إنه فهم مشوه لماهية الواجب.
ما هو الواجب بالضبط إذن؟ لدى معظم الناس فهم مشوه ومُحَرف لهذا الأمر. إذا رتب لك بيت الله أن تزرع الحبوب والخضروات، فكيف تتعامل مع هذا الترتيب؟ قد لا يستطيع بعض الناس فهم ذلك، قائلين: "الغرض من الزراعة هو إعالة الأسرة؛ إنها ليست واجبًا. لا يشمل مفهوم الواجب هذا الجانب". لماذا يفهمون الأمور بهذه الطريقة؟ لأنهم لا يفهمون الحقائق المتعلقة بأداء الواجب، ولا يفهمون ما هو الواجب. إذا كان المرء يفهم هذا الجانب من الحق، فسيكون مستعدًا للذهاب والعمل في الأرض. سيدرك أنه في بيت الله، الزراعة لا تُمارس من أجل إعالة الأسرة، بل من أجل تمكين أولئك الذين يؤدون الواجب بدوام كامل من الاستمرار في أدائه بشكل طبيعي. في الحقيقة، هذه أيضًا إرسالية من الله؛ قد لا يكون العمل نفسه أكثر أهمية من حبة سمسم، أو ربما حتى حبة رمل، ولكن بغض النظر عن أهميته، فهو عمل يُنتج في نطاق عمل تدبير الله. يقول الله الآن إنك مطالب بإكمال هذا العمل؛ فكيف تفهم ذلك؟ يجب عليك أن تقبل ذلك باعتباره واجبك، ويجب أن تقبله دون تقديم أي أعذار. إذا خضعت بشكل سلبي فحسب وذهبت للقيام بأعمال الزراعة لمجرد أن ذلك هو ما قد تم ترتيبه لك، فهذا لن يكون كافيًا. ثمة مبدأ هنا يجب أن تفهمه: إن ترتيب الكنيسة لك للقيام بأعمال الزراعة وزراعة الخضروات ليس لكي تصبح ثريًا، ولا لكي تتدبر أمورك وتعيل عائلتك؛ بل هو لتلبية احتياجات العمل في بيت الله خلال أوقات الكوارث. الهدف هو ضمان أن جميع الذين يؤدون الواجب في بيت الله بدوام كامل لديهم ما يسد احتياجاتهم اليومية، حتى يتمكنوا من أداء واجباتهم بشكل طبيعي دون تعطيل أعمال بيت الله. لذا، يمكن اعتبار أن بعض الأشخاص الذين يزرعون في مزرعة تابعة للكنيسة يؤدون واجبهم؛ وهذا يختلف في طبيعته عن المزارعين العاديين. ما هي طبيعة الزراعة بالنسبة للمزارعين العاديين؟ المزارعون العاديون يزرعون لتوفير احتياجات عائلاتهم والبقاء على قيد الحياة؛ فهذا ما قدرّه الله لهم. هذا هو مصيرهم، لذا يزرعون جيلًا بعد جيل؛ ولا علاقة لذلك بواجبهم. والآن، لقد جئت إلى بيت الله وأنت أيضًا تزرع، لكن هذا أحد متطلبات العمل في بيت الله؛ إنه شكل من أشكال البذل من أجل الله. يختلف هذا في طبيعته عن الزراعة في أرضك الخاصة. يتعلق هذا بأداء مسؤولياتك والتزاماتك. هذا هو الواجب الذي ينبغي على المرء أداؤه؛ إنها الإرسالية والمسؤولية التي ائتمنك عليها الخالق. هذا هو الواجب بالنسبة إليك. لذا، عند مقارنة هذا الواجب بمهمتك الدنيوية، أيهما أكثر أهمية؟ (واجبي). لماذا هذه هي الحال؟ الواجب هو ما يطلب الله منك فعله، وهو ما عهد به إليك؛ هذا أحد الأسباب. والسبب الآخر الأساسي، هو أنه عندما تتولى واجبًا في بيت الله وتقبل إرسالية الله، فإنك تصبح وثيق الصلة بعمل تدبير الله. في بيت الله، متى تم ترتيب شيء لك للقيام به، سواءً كان ذلك عملًا شاقًا أو متعبًا، وسواء أحببته أم لا، فإنه واجبك. إذا استطعت اعتبار ذلك إرسالية ومسؤولية أعطاك الله إياها، فإنك تكون عندئذ ذا صلة بعمله لتخليص البشرية. وإذا كان ما تقوم به والواجب الذي تؤديه مرتبطًا بعمل الله لتخليص البشرية، وإذا كنت تستطيع قبول الإرسالية التي أعطاك الله إياها بصدق وإخلاص، فكيف سينظر إليك؟ سينظر إليك باعتبارك أحد أعضاء عائلته. هل هذه نعمة أم نقمة؟ (نعمة). إنها نعمة عظيمة. يشتكي بعض الناس عندما يواجهون بعض المشقة أثناء أداء الواجب، غافلين عن النعم العظيمة التي تلقوها. أليس من الحماقة أن تشكوا من الله بعد أن تنال كل هذه المزايا؟ في هذه المرحلة، من الضروري أن تفهم الحقيقة، وتدرك أن هذا واجبك ويجب عليك قبوله من الله. والآن، هل صار لديكم فهم جديد أو بصيرة جديدة حول ماهية الواجب؟ هل فهمتموه بعمق؟ هل الواجب مهم لنيل الخلاص؟ (نعم). ما مدى أهميته؟ يمكن القول إن ثمة علاقة مباشرة بين أداء الواجب ونيل الخلاص. فبغض النظر عن المهام التي تنجزها في هذه الحياة، فإذا لم تؤدِ واجبكم، فأنت بعيد كل البعد عن نيل الخلاص. بعبارة أخرى، أيًا كانت الإنجازات العظيمة التي حققتها في هذه الحياة بين البشر الآخرين، فقد كنت ببساطة تتم مهمة؛ أنت لم تؤد واجبك بوصفك كائن مخلوق، لذا فليس لك أي علاقة بنيل الخلاص أو بعمل الله في تدبير شؤون البشرية.
في بيت الله، ثمة ذكر مستمر لموضوع قبول إرسالية الله وأداء واجب المرء بشكل صحيح. كيف يظهر الواجب إلى الوجود؟ بشكل عام، يظهر الواجب كنتيجة لعمل تدبير الله لخلاص البشرية؛ أمّا بشكل محدد، فأثناء تجلي عمل تبير الله بين البشر، فإن العديد من الأعمال تظهر وهي تتطلب أن يتعاون الناس ويكملوها. وقد تسبب هذا في ظهور المسؤوليات والمهام التي يجب على الناس إتمامها، وتلك المسؤوليات والمهام هي الواجبات التي يمنحها الله للبشرية. في بيت الله، تكون المهام المتنوعة التي تتطلب تعاون الناس هي الواجبات التي يجب عليهم أداؤها. لذا هل ثمة اختلافات بين الواجبات من حيث الأفضل والأسوأ، أو الأسمى والأدنى، أو العظيم والضئيل؟ تلك الاختلافات غير موجودة، ما دام الأمر يتعلق بعمل الله التدبيري، وهو مطلوب لعمل بيت الله، ومطلوب لنشر إنجيل الله، فهو يُعد إذن واجب المرء. هذا هو أصل وتعريف الواجب. من دون عمل الله التدبيري، هل سيكون لدى الناس على الأرض – بغض النظر عن الطريقة التي يعيشون بها – أي واجبات؟ كلا. الآن صرت ترى بوضوح. ما الذي يتعلق به واجب المرء؟ (إنه يتعلق بعمل الله التدبيري لتخليص البشرية). هذا صحيح. ثمة علاقة مباشرة بين واجبات البشرية، واجبات الكائنات المخلوقة وبين عمل الله التدبيري لتخليص البشرية. يمكن القول إنه من دون تخليص الله للبشرية، ومن دون العمل التدبيري الذي أطلقه الله المُتجسد بين البشر، لم تكن لتكون ثمة واجبات تذكر للبشرية. تظهر الواجبات نتيجة عمل الله؛ إنها ما يطلبه الله من البشر. وبالنظر إلى الواجب من هذا المنظور، نجد أن الواجب مهم بالنسبة لكل شخص يتبع الله، أليس كذلك؟ إنه في غاية الأهمية. بالحديث بشكل عام، فإنك تشارك في خطة تدبير الله؛ وعلى نحو أكثر تحديدًا، فإنك تتعاون مع الأنواع المختلفة من أعمال الله المطلوبة في أوقات مختلفة وبين فئات مختلفة من الناس. بغض النظر عن ماهية واجبك، فإنه مهمة أعطاها الله لك. قد يُطلب منك أحيانًا الاعتناء بغرض مهم أو حراسته. قد تكون هذه مسألة تافهة نسبيًا ليمكن القول إنها مسؤوليتك، لكنها مهمة أعطاها الله لك؛ وقد قبلتها منه. لقد قبلتها من بين يديّ الله، وقد صارت واجبك. وبالحديث عن أصل الموضوع، فإن واجبك يُعهد به إليك من قبل الله، وهو يتضمن بشكل أساسي نشر الإنجيل، وتقديم الشهادة، وصنع مقاطع فيديو، وأن تكون قائدًا أو عاملًا في الكنيسة، أو قد يكون عملًا أكثر خطورة وأهمية. وبغض النظر عن ذلك، فما دام الأمر يتعلق بعمل الله، وضرورة عمل نشر الانجيل، فيجب على الناس قبوله كواجب من الله. الواجب، بشكل أكثر عمومًا، هو مهمة المرء، وإرسالية عهد الله بها إليه؛ وعلى نحو أكثر تحديدًا، إنه مسؤوليتك والتزام عليك. وبما أنه مهمتك والإرسالية التي عهد الله بها إليك، وأنه يُعد مسؤوليتك والتزام عليك، فإن أداء واجبك لا علاقة له بشؤونك الشخصية. ليس للواجب صلة بالشؤون الشخصية؛ فلماذا نثير هذا الموضوع؟ لأنه يجب على الناس أن يفهموا كيفية التعامل مع واجبهم وكيفية استيعابهم له. الواجب هو الإرسالية التي قبلتها الكائنات المخلوقة والمهمة التي يجب عليهم إكمالها في إطار عمل تدبير الله. يعرف الناس الفرضية العامة، لكن ماذا عن التفاصيل الدقيقة؟ كيف يجب على المرء أن يتعامل مع واجباته لكي يُعتبر أن لديه فهم سليم؟ يتعامل بعض الناس مع واجبهم على أنه ضمن شؤونهم الخاصة؛ فهل هذا مبدأ سليم؟ (كلا). لمَ هو خاطئ؟ إن القيام بالأمور من أجل أنفسكم لا يُعد أداءً للواجب. لا يتمحور أداء الواجب حول القيام بالأشياء من أجل نفسك، وإنما بتنفيذ العمل الذي عهد الله به إليك؛ ثمة فارق بين الأمرين. ما هو المبدأ عندما يتعلق الأمر بالقيام بالأمور من أجل نفسك؟ إنه فعل ما ترغب به دون استشارة الآخرين، ودون الصلاة إلى الله أو الطلب منه؛ إنه يعني التصرف تبعًا لأهوائك دون وضع العواقب في الاعتبار ما دام الأمر يعود عليك بالنفع. هل هذا المبدأ مقبول بالنسبة لأداء واجبكم في بيت الله؟ (كلا). يقول بعض الناس: "إنني لا أتعامل حتى مع شؤوني الخاصة بجدية شديدة أو أبذل فيها الكثير من الجهد. أنا أتعامل مع واجبي كما لو كان شأني الخاص، وهذا المبدأ صحيح بالتأكيد". هل هذه هي الطريقة الصحيحة لقبول الواجب؟ كلا بالتأكيد. كيف يجب أن يكون سلوك المرء تجاه الواجب إذن؟ (قبوله من الله). "قبوله من الله". يسهل قول هذه الكلمات، لكن الممارسة الفعلية للحق الذي تتضمنه تلك الكلمات تعتمد على كيفية تعاملك مع واجبك. لقد حددنا الآن ماهية الواجب. يأتي الواجب من الله، وهو إرسالية يعهد بها الله، وهو متعلق بعمل خطة الله في التدبير وخلاص البشرية. ومن وجهة النظر هذه، هل للواجب علاقة بمبادئ السلوك؟ هل له علاقة بتفضيلاتك الشخصية، أو عاداتك الحياتية، أو روتين حياتك؟ كلا، على الإطلاق. ما الذي يتعلق به الواجب إذن؟ إنه يتعلق بالحق. يقول بعض الناس: "بما أن هذا الواجب منوط بي، فهو شأني الخاص إذن. لديَّ أسمى المبادئ لأداء الواجب، وذلك ما لا يملكه أحد منكم. يطلب الله من الناس أن يؤدوا واجبهم من كل قلبهم، وروحهم، وعقلهم، وقوتهم. لكن بالإضافة إلى ذلك، لديّ مبدأ أسمى، وهو معاملة واجبي على أنه أكبر اهتماماتي، وأداءه بجهد ومثابرة، والسعي لتحقيق أفضل النتائج". هل هذا المبدأ صحيح؟ (كلا). لمَ هو خاطئ؟ إذا قبلت واجبك من الله وكان من الواضح لك في أعماق قلبك أنه يعهد به إليك، فكيف يجب عليك التعامل مع هذه الإرسالية؟ يتعلق هذا بمبادئ أداء الواجب. أليس من الأسمى أن يتعامل المرء مع واجبه باعتباره إرسالية من الله، وليس باعتباره شأنًا شخصيًا للمرء؟ هذان الأمران ليسا متساويان، أليس كذلك؟ إذا تعاملت مع واجبك على أنه إرسالية الله، وعلى أنه أداء لواجبك أمام الله، وإرضاء لله من خلال أداء الواجب، فلن يكون مبدئك لأداء الواجب هو معاملته على أنه شأنك الخاص فحسب.ما السلوك الذي يتعيَّن عليك اتخاذه تجاه واجبك، والذي يمكن وصفه بالصحيح ويتوافق مع مقاصد الله؟ أولًا، لا يمكنك تحليل مسألة من الذي رتبه، وما مستوى القيادة التي قامت بالتكليف به – عليك أن تقبله من الله. لا يمكنك تحليل ذلك، بل عليك قبوله من الله. هذا شرط. أضف إلى ذلك أنه مهما كان واجبك، لا تُميِّز بين الأعلى والأدنى. لنفترض أنك تقول: "على الرغم من أن هذه المُهمَّة تكليفٌ من الله وعمل بيت الله، قد ينظر الناس لي باحتقارٍ إذا فعلتها. يُؤدِّي آخرون عملًا يجعلهم يتميزون. لقد أُوكلت إليّ هذه المُهمَّة التي لا تدعني أتميز بل تجعلني أُجهد نفسي خلف الكواليس، هذا غير منصف! لن أؤدي هذا الواجب. يجب أن يكون واجبي من النوع الذي يجعلني أتميز أمام الآخرين ويسمح لي بأن أصبح مشهورًا – وحتَّى إذا لم أصبح مشهورًا أو إذا لم أتميز، فما زال يتعيَّن أن أستفيد من ذلك وأشعر بالراحة الجسدية". هل هذا موقفٌ مقبول؟ كثرة التدقيق لا تعني قبول الأشياء من الله، أي اتّخاذ الخيارات وفقًا لتفضيلاتك الخاصَّة. وهذا يعتبر عدم قبول لواجبك بل هو رفضٌ له، ومظهر من مظاهر التمرد على الله. فالانتقائية هذه مشوبةٌ بتفضيلاتك ورغباتك الفرديَّة. وعندما تُفكِّر في مصلحتك الشخصيَّة وسُمعتك وما إلى ذلك، فإن موقفك تجاه واجبك لا يعتبر خضوعًا. ما الموقف الذي ينبغي أن تتخذه تجاه الواجب؟ أوَّلًا، عليك عدم تحليله، في محاولة للتحقق ممن كلفك به. وبدلًا من ذلك، يجب عليك أن تقبله من الله كواجب عَهِدَ الله به إليك، ويجب عليك أن تطيع ترتيبات الله وتدابيره، وأن تقبل واجبك من الله. وثانيًا، لا تُميِّز بين الأعلى والأدنى ولا تشغل نفسك بطبيعته، سواء سمح لك بالظهور أم لا، وسواء نُفِّذَ علنًا أو خلف الكواليس. لا تُفكِّر في هذه الأشياء. وثمة موقف آخر أيضًا: الخضوع والتعاون الفعال. فإذا كنت تشعر أنه يمكنك أداء واجب معين ولكنك تخشى أيضًا ارتكاب خطأ وتخشى والتعرض للاستبعاد، وبالتالي فأنت هيَّاب وفاتر ولا يمكنك إحراز تقدم، فهل هذا موقف خضوع؟ مثال ذلك، إذا اختارك إخوتك وأخواتك قائدًا لهم، فقد تشعر أنك ملزم بأداء هذا الواجب لأنك تم اختيارك، لكنك لا تنظر إلى هذا الواجب بموقف استباقي. لماذا لا تكون استباقيًا؟ لأن لديك أفكار عنه، وتشعر هكذا "أن أكون قائدًا ليس بالأمر الجيد على الإطلاق. إنه مثل المشي على حافة سكين أو على طبقة رقيقة من الجليد. إذا أديت عملًا جيدًا، فلن تكون هناك مكافأة، ولكن إذا أديت عملًا رديئًا، فسوف أتعرض للتهذيب. والتعرض للتهذيب ليس حتى هو أسوأ ما في الأمر. فماذا لو تم استبدالي أو استبعادي؟ إذا حدث ذلك، ألم ينتهِ أمري؟" في تلك المرحلة، تبدأ في الشعور بالتضارب. ما هذا الموقف؟ إنه الاحتراس وسوء الفهم. ليس هذا هو الموقف الذي يجب أن يتبناه الناس تجاه واجبهم. فهو موقف محبَط وسلبي.كيف يجب أن يكون الموقف الإيجابي إذن؟ (يجب أن نفتح قلوبنا ونكون صريحين، وأن نتحلى بالشجاعة لتحمل الأعباء). يجب أن يكون موقف خضوع وتعاون استباقي فعّال. ما تقولونه خاوٍ بعض الشيء. كيف يمكنك أن تفتح قلبك وتكون صريحًا وأنت شديد الخوف إلى هذا الحد؟ وما معنى التحلي بالشجاعة لتحمل الأعباء؟ ما هي العقلية التي ستمنحك الشجاعة لتحمل الأعباء؟ إذا كنت خائفًا دومًا من أن يقع خطأ ما وأنك لن تتمكن من التعامل مع الوضع، وكانت لديك الكثير من العوائق الداخلية، فإنك ستفتقر في الأساس إلى الشجاعة اللازمة لتحمل الأعباء. يبدو ما تقولونه عن "أن يفتح المرء قلبه ويكون صريحًا" و"التحلي بالشجاعة لتحمل الأعباء"، أو "عدم التراجع أبدًا ولو في مواجهة الموت" كشعارات يهتف بها شباب غاضب. هل يمكن لهذه الشعارات أن تحل مشاكل عملية؟ ما نحن بحاجة إليه الآن هو موقف صحيح. ولكي تمتلك موقفًا صحيحًا، يجب عليك أن تفهم هذا الجانب من جوانب الحق. هذه هي الطريقة الوحيدة لمعالجة الصعوبات الداخلية، والسماح لنفسك بقبول هذه الإرسالية وهذا الواجب بسلاسة. هذا هو طريق الممارسة، وهذا وحده هو الحق. إذا استخدمت مصطلحات مثل "أن يفتح المرء قلبه ويكون صريحًا" و"التحلي بالشجاعة لتحمل الأعباء" للتعامل مع الخوف الذي تشعر به، فهل سيكون ذلك فعالًا؟ (كلا). يشير هذا إلى أن تلك الأشياء ليست هي الحق، وليست هي طريق الممارسة. قد تقول: "أنا منفتح القلب وصريح، وصاحب قامة لا تقهر، ولا توجد أفكار أو شوائب أخرى في قلبي، ولديّ الشجاعة لتحمل الأعباء". حينها سيبدو ظاهريًا أنك تضطلع بواجبك، لكن لاحقًا، بعد التدبر في الأمر لوهلة، سيظل لديك شعور بأنك لا تستطيع الاضطلاع به. قد تظل تشعر بالخوف. وإضافة إلى ذلك، قد ترى الآخرين يتعرضون للتهذيب ويزداد خوفك، مثل كلب تعرض للضرب ويخشى السوط. ستشعر على نحو متزايد بأن قامتك ضئيلة للغاية، وأن هذا الواجب أشبه بهاوية شاسعة لا يمكن عبورها، وفي نهاية المطاف، لن تتمكن من حمل هذا العبء. لذا لا يمكن للهتاف بالشعارات حل المشاكل العملية. إذن كيف يمكنك حل هذه المشكلة فعليًا؟ يجب عليك طلب الحق بشكل فعّال وتبني موقف خاضع ومتعاون. ذلك من شأنه أن يحل المشكلة تمامًا. لا جدوى من الرهبة والخوف والقلق. هل ثمة أي علاقة بين ما إذا كان سيتم اكتشافك واستبعادك وبين كونك قائدًا؟ إذا لم تكن قائدًا، فهل كانت شخصيتك الفاسدة ستختفي؟ يجب عليك حل مشكلة شخصيتك الفاسدة عاجلًا أم آجلًا. وإضافة إلى ذلك، إذا لم تكن قائدًا، فلن تحظى بالمزيد من الفرص للممارسة وسيكون تقدمك في الحياة بطيئًا، مع تضاؤل فرص تكميلك. على الرغم من أن كونك قائدًا أو عاملًا ينطوي على المزيد من المعاناة، فإنه يجلب أيضًا الكثير من المكاسب، وإذا كنت تستطيع السير في طريق السعي إلى الحق، فمن الممكن تكميلك إذن. يا لها من نعمة عظيمة! لذا يجب عليك الخضوع والتعاون بشكل فعال. هذا هو واجبك ومسؤوليتك. وأيًا كان الطريق أمامك، فيجب عليك أن تتحلى بقلب خاضع. هذا هو الموقف الذي يجب أن تتبناه أثناء أداء واجبك.
إن موضوع أداء المرء لواجبه ليس غريبًا على أحد؛ وهو ليس موضوعًا جديدًا. ولكن بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بالله، فإن هذا الموضوع مهم جدًا؛ إنه حق يجب فهمه والدخول فيه. يجب على الكائنات المخلوقة أن تؤدي واجبها بشكل جيد قبل أن يستحسنها الخالق. لذا فمن المهم جدًا أن يفهم الناس ما يعنيه أداء الواجب. إن أداء الواجب ليس نظرية من نوع ما، وليس شعارًا؛ بل هو جانب من جوانب الحق. فما معنى أداء الواجب إذن؟ وما هي المشكلات التي يمكن حلها من خلال فهم هذا الجانب من جوانب الحق؟ على أقل تقدير، يمكنه أن يحلّ مسألة كيف ينبغي لك أن تتقبل إرسالية الله وتتعامل معها، وما هي نوعيّة الموقف والعزم الذي ينبغي أن يكون لديك عند أداء الإرسالية التي عهد الله بها إليك. يمكنك القول أيضًا إنه سيعالج بعض العلاقات غير الطبيعية بين الناس والله في الوقت نفسه. بعض الناس يرون أداء واجباتهم باعتبارها رأس مال، وبعضهم يرى أداء واجباتهم بوصفها مهام شخصية خاصة بهم، وبعضهم يرى أداء واجباتهم على أنها أعمال ومشاريع خاصة، أو يرون الواجب باعتباره نوعًا من التلهي، أو التسلية، أو هواية لقتل الوقت. باختصار، أيًا كان نوع موقفك تجاه واجبك، فإن لم تقبله من الله، ولم تتعامل معه بوصفه مهمة يجب أن يقوم بها كائن مخلوق في عمل تدبير الله أو أن يتعاون معها، فإن ما تفعله ليس أداءً لواجبك. هل يصح لك أن تتعامل مع واجبك باعتباره مشروعك التجاري العائلي؟ هل يصح أن تعامله بوصفه جزءًا من عملك أو هوايتك الخاصة؟ هل يصح أن تتعامل معه على أنه مسألة شخصية؟ لا يصح أي من هذه الأمور. لماذا من الضروري ذكر هذه الموضوعات؟ ما هي المشكلة التي ستُحل من خلال عقد شركة حول هذه الموضوعات؟ سيحل مشكلة تبني الناس مواقف غير صحيحة تجاه واجبهم، والطرق اللامتناهية التي يؤدون بها واجبهم بلا مبالاة. من خلال فهم جانب الحق الذي يتعلق بأداء المرء واجبه فقط سيتغير موقف الناس تجاه واجبهم. وبالتدريج سيصبح موقفهم متوافقًا مع الحق، وسيلبي مطالب الله ويتوافق مع مقاصده. وإذا لم يفهم الناس جانب الحقّ المتعلّق بأداء المرء واجبه، فستظهر المشاكل في موقفهم تجاه واجبهم والمبادئ الكامنة وراء واجبهم، ولن يتمكنوا من تحقيق نتيجة أداء الواجب. إن الواجبات هي مهام عهد بها الله إلى الناس؛ فهي مهام يجب على الناس أن يكملوها. غير أن الواجب ليس هو بالتأكيد تدبيرك الشخصي، ولا هو منطلق لك لتتميز عن الآخرين. فبعض الناس يتخذون من واجباتهم فرصًا للانخراط في تدبيرهم الخاص وتكوين جماعات؛ وبعضهم لإرضاء رغباتهم؛ وبعضهم لملء الفراغ الذي يشعرون به في داخلهم؛ وبعضهم لإرضاء عقلية ترك الأمر للصدف، ظانين أنهم ما داموا يؤدون واجباتهم فإنهم سيكون لديهم نصيب في بيت الله وفي الغاية الرائعة التي يرتبها الله للإنسان. مثل هذه المواقف تجاه الواجب غير صحيحة؛ إنها مواقف يبغضها الله ويجب معالجتها على نحو عاجل.
بخصوص ماهية الواجب، وكيف ينبغي للناس أن يتعاملوا مع واجبهم، والمواقف والآراء التي ينبغي أن تكون لديهم تجاه الواجب، فإن هذه الأمور كثيرًا ما عُقدت حولها شركة في السابق بالفعل. يجب عليكم جميعًا أن تتفكّروا فيها بعناية؛ ففهم الحقائق في هذه الجوانب هو الأهم والأكثر إلحاحًا. ما هو الحق الذي أنتم في أمس الحاجة إلى فهمه الآن؟ من ناحية، أنت بحاجة إلى أن تفهم الحقائق المتعلقة بالرؤى في هذا الجانب؛ ومن ناحية أخرى، أنت بحاجة إلى أن تفهم أين يوجد لديك أخطاء في الفهم واستيعاب مشوه لهذه الحقائق في الممارسة والحياة الواقعية. عندما تواجهك مشكلات تتعلق بحقائق أداء الواجب، فإن كانت هذه الكلمات والحقائق قادرة على أن تعالج حالتك الداخلية، فهذا يثبت أنك قد فهمت حقًا وبصورة كاملة المحتوى الذي عُقدت شركة حوله؛ وإن لم تستطع معالجة الصعوبات التي تواجهها يوميًا في أمور أداء واجبك، فهذا يدل على أنك لم تدخل في هذه الحقائق. بعد الاستماع إلى هذه الحقائق، هل لخصتها وتأملت فيها؟ هل في كل مرة تدونون فيها ملاحظات تفهمونها في الحال، ولكن مع مرور الوقت تنسونها، وكأنكم لم تسمعوها قط؟ (نعم). هذا لأنكم أنتم أنفسكم ليس لديكم أدنى قدر من الدخول؛ فما تمارسونه لا علاقة له أساسًا بهذه الحقائق ولا صلة له بالحق على الإطلاق. في الواقع، هذه الحقائق حول أداء الواجب هي أهم الحقائق الأساسية التي يجب على المرء أن يفهمها ويدخل فيها في عملية الإيمان بالله. إذا كنت بعد سماع كلمات الحق لا تزال مرتبكًا ومشوشًا، فإن مستوى قدراتك ضعيف جدًا ببساطة، كما أنك تفتقر إلى أي قامة. إنك لا تستطيع إلا أن تقرأ كلام الله، ولا تستطيع إلا أن تصلي وتحضر الاجتماعات؛ فأنت تفعل كل ما يُطلب منك، شأنك شأن من ينخرط في الإيمان الديني. وهذا يعني أنه ليس لديك أي دخول في الحياة ولا قامة على الإطلاق. وما الذي يعنيه أنه لا قامة لك؟ يعني أنك في أثناء عملية الإيمان بالله وأداء واجبك، حالما يضللك شخص ما، فإنك تتبعه وتتوقف عن الإيمان بالله؛ وأنك إذا فعلت شيئًا خاطئًا وقام شخص ما بتهذيبك قليلًا، متحدثًا إليك بطريقة صارمة بعض الشيء، فإنك ربما تتخلى عن إيمانك؛ وأنك إذا واجهت انتكاسات أو صعوبات مختلفة في حياتك، فإنك ربما تشتكي من الله، وترى أنه لا يمنحك نعمة أو يعالج صعوباتك، ويمكن أن تنصرف وتترك بيت الله، متوقفًا عن الإيمان. وإذا كنت قد دخلت في بعض جوانب حقيقة أداء الواجب – وهي أكثر الحقائق جوهرية – فذلك يثبت أنك متصل بالحق بالفعل؛ وأنك متصل بالفعل بواقع الحق، وحققت بعض الدخول. وإذا لم يكن لديك شيء من واقع الحق هذا، ولا حتى القليل، فهذا يثبت أن الحق لم يتجذر بعد في قلبك.
لقد عقدت للتو شركة حول ماهية الواجب، وكذلك حول أصل الواجب وتولده، حتى يتسنى للناس أن يفهموا ما هو الواجب بالضبط. ما هي فؤائد معرفة ذلك؟ ما أن يفهم الناس الحق بشأن ماهية الواجب، فإنهم سيعرفون أهمية الواجب. على أقل تقدير، سيشعرون في أعماقهم أنه يجب أن يكون لديهم موقف صحيح تجاه الواجب، وأنهم لا يمكنهم أن يتصرفوا بشكل تعسفي. على الأقل، سيكون هذا المفهوم موجودًا في أذهانهم. ومع أن الواجب هو ما يجب عليك أن تؤدّيه، وهو الإرسالية والمهمة التي أوكلها الله إليك، فإنه ليس شأنك الشخصي، ولا هو عملك الخاص. قد يبدو هذا متناقضًا، لكنه في الواقع هو الحق. وكل ما هو الحق له جانبه العملي، المتعلق بممارسة الناس ودخولهم، وكذلك متطلبات الله. إنه ليس فارغًا. هكذا حال الحق؛ ولا يمكنك أن تفهم هذا الجانب من جوانب الحق فهمًا متزايدًا إلا من خلال اختبار هذا الحق والدخول في واقعه. إذا كنت دائمًا ما تشكك في الحق، وتواصل إثارة الشكوك، وتواصل التدقيق والتحليل، فلن يكون الحق أبدًا حقًا بالنسبة إليك. سيكون غير متصل بحياتك الحقيقية ولن يكون قادرًا على تغيير أي شيء فيك. وإذا تقبل المرء الحق من أعماق قلبه واتخذه دليلًا للعيش والتصرف، ودليلاً لسلوكه وإيمانه بالله، فإن الحق سيغير حياته. سيغير أهداف حياته، واتجاه حياته، وطريقة تفاعله مع العالم. هذا هو أثر الحق. إن فهم ماهية الواجب سيكون بالتأكيد ذا فائدة عظيمة ومساعدة للناس في أداء واجبهم. على أقل تقدير، سيعرف المرء أن الواجب مهم جدًا لكل من يؤمن بالله، وأنه يحمل أهمية أكبر بالنسبة لأولئك الذين يهتمون أو لديهم متطلبات أو تطلعات محددة لنيل الخلاص والكمال. هذا هو الحق الأكثر جوهرية الذي يجب أن يفهمه أي شخص لكي يخلص، وهو أيضًا الحق الأكثر جوهرية الذي يجب أن يدخل فيه المرء. إذا لم تفهم ما هو الواجب، فإنك لن تعرف كيف تُتمم واجبك بشكل صحيح، ولن تعرف الموقف الصحيح الذي تقبل به واجبك وتنظر به إليه. هذا أمر خطير؛ فمن ناحية، من المحتمل أنك لن تكون قادرًا على أن تُتمم واجبك بشكل جيد، وستتصرف بشكل تعسفي وغير مبالٍ؛ ومن ناحية أخرى، قد تفعل أشياء تعطل عمل الكنيسة وتخل به، أو حتى ترتكب أفعالًا شريرة تخالف مراسيم الله الإدارية. وبتعبير تقليدي إلى حد ما، قد تُعزل للتأمل، وفي الحالات الشديدة، قد تُستبعد. لذا فإن فهم ماهية الواجب – على الرغم من أنه جانب أساسي جدًا من جوانب الحق – يرتبط بخلاص المرء؛ فهو ليس أمرًا غير ذي صلة، وهذا مهم جدًا. وبعد فهم ماهية الواجب، لا يقتصر الأمر على مجرد الإلمام بأحد التعاليم؛ فالنتيجة المقصودة هي أن يستوعب الناس مقاصد الله وأن يتعاملوا مع واجبهم بالموقف الصحيح. ولا يمكن تحقيق أي نتيجة في أداء أي واجب بمجرد بذل الجهد؛ فالاعتقاد دائمًا بأن الواجب يمكن أن يُتمم بشكل صحيح بمجرد بذل الجهد يدل على افتقار للفهم الروحي. في الواقع، ينطوي أداء الواجب على تفاصيل كثيرة، بما في ذلك التحلي بالعقلية الصحيحة، ومبادئ الممارسة والخضوع الحقيقي، إضافة إلى امتلاك الحكمة الروحية. وفقط حينما يكون لدى المرء هذه الجوانب من جوانب الحق، يمكنه أن يُتمم واجباته بشكل جيد ويحل مشكلة أداء الواجب بطريقة لا مبالية. أما أولئك الذين ليس لديهم الموقف الصحيح تجاه واجباتهم فهم أناس يفتقرون إلى واقع الحق؛ إنهم أناس ليس لديهم قلب يتقي الله، ويفتقرون إلى الضمير والعقل. ومن ثم، لكي يتبع المرء الله فعليه أن يفهم أهمية أداء الواجب؛ هذا أمر بالغ الأهمية لاتباع الله.
بعد فهم ماهية الواجب ومصدره، ستميز بين طبيعة الواجب وطبيعة العمل في المجتمع. ما هي النقطة الفارقة بين التعامل مع العمل الذي عهد به إليك بيت الله باعتباره واجبًا، وبين التعامل معه بوصفه عملًا دنيويًا؟ إذا كنت تتعامل معه على أنه واجب، فإنك تحتاج إلى أن تطلب مقاصد الله والحق. سوف تقول: "هذا واجبي، فكيف ينبغي لي أن أقوم به؟ ما الذي يتطلبه الله؟ ما هي لوائح الكنيسة؟ أنا بحاجة إلى أن أكون واعٍ بالمبادئ الكامنة وراء ذلك". وحدها الممارسة بهذه الطريقة هي الموقف الصحيح تجاه التعامل مع واجبك؛ وهذا الموقف وحده هو ما يجب أن يكون لدى الناس تجاه واجبهم. ولكن ما نوع الموقف الذي يجب أن يتبناه الناس عند التعامل مع العمل الدنيوي أو مع أمور حياتهم الشخصية؟ هل ثمة حاجة إلى طلب الحق أو المبادئ إذن؟ ربما تطلب المبادئ أيضًا، لكن تلك المبادئ تتعلق فقط بكسب المزيد من المال، وعيش حياة طيبة، وتكديس الثروة، وتحقيق النجاح، وتحقيق الشهرة والمكاسب معًا؛ مبادئ كهذه فقط. هذه المبادئ دنيوية بالكامل، وتنتمي إلى الاتجاهات الحالية؛ إنها مبادئ الشيطان وهذه البشرية الشريرة. ما هي مبادئ أداء الواجب؟ يجب أن تفي تلك المبادئ حتمًا بمتطلبات الله؛ فهي مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالحق ومتطلبات الله ولا تنفصل عنها. وعلى النقيض من ذلك، فإن المهن أو الوظائف التي يشتغل بها الناس في العالم لا علاقة لها بالحق أو بمتطلبات الله. فكلما كنت قادرًا على تحمّل المشاق وراغبًا في ذلك، ومجتهدًا، وشريرًا، وجريئًا بما فيه الكفاية، يمكنك أن تبرز في المجتمع وقد تبني حياة مهنية مرموقة. غير أن هذه المبادئ والفلسفات لا حاجة إليها في بيت الله. ففي بيت الله، بغض النظر عن نوع الواجب الذي تؤديه، وبغض النظر عن طبيعة هذا الواجب، سواء أكان يُنظر إليه على أنه عالي الشأن أم وضيع، نبيل أم متواضع، سواء أكان رفيع المستوى أم بسيطًا، سواء أكان مؤتمنًا من الله أم مسندًا إليك من قائد الكنيسة؛ بغض النظر عن العمل الذي يسنده إليك بيت الله، فيجب ألا تتجاوز المبادئ التي تلتزم بها في أداء عملك مبادئ الحق. يجب أن تكون مرتبطة بالحق، ومرتبطة بمتطلبات الله، ومرتبطة بلوائح بيت الله وترتيبات عمله. باختصار، يجب التمييز بين الواجب وبين العمل الذي ينشغل به المرء في العالم.
لماذا نقدم شركة حول الفارق بين أداء الواجب والاشتغال بالعمل الدنيوي؟ هل هذا مهم؟ (نعم). أين تكمن الأهمية؟ الأمر يتعلق بموقف الناس من أداء الواجب. لا تجلبوا المواقف والمبادئ التي لديكم في عملكم الدنيوي إلى عالم أداء الواجب. وما هي العواقب إذا فعلت ذلك؟ (تصرف المرء وفقًا لرغباته الخاصة). إن تصرف المرء وفقًا لرغباته الخاصة قضية شائعة؛ وهو يعني عدم الرغبة في أن يتشاور مع الآخرين عند تنفيذ المهام، ورغبته في أن يكون له القول الفصل، وأن يفعل أي شيء يريده، شاعرًا بأن التصرف بهذه الطريقة يجلب الراحة والرضا الخالي من أي شعور بالاضطهاد أو التعاسة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه غالبًا ما يؤدي إلى الدسيسة، والغيرة، والنزاعات، وتكوين الجماعات، بالإضافة إلى طلب المكافآت والتقدير، والتباهي، والتصرف بلا مبالاة، وعدم المسؤولية، وخداع من هم أعلى وأدنى منه، وإقامة مملكة خاصة به. وباختصار، فإن أداء الواجب يختلف عن الاشتغال بالعمل الدنيوي؛ فأداء الواجب مطلب من الله وترتيب من الله، وهذا هو الفارق الأكبر بين أداء الواجب والاشتغال بالعمل الدنيوي. أداء الواجب يجب أن يكون وفقًا لمتطلبات الله وبناءً على مبادئ الحق. إنه ليس تدبيرًا شخصيًّا للمرء، ولا شأنًا شخصيًّا له، وهو بالتأكيد ليس شأنًا خاصًّا لأي شخص. وهو لا علاقة له بالمصالح الشخصية، أو الكبرياء، أو المكانة، أو النفوذ، أو التطلعات المستقبلية؛ بل هو يتعلق فقط بدخول الناس في الحياة والتغيير الشخصي، وهو يتعلق بعمل تدبير الله. وعلى النقيض من ذلك، عندما تشتغل بعمل دنيوي، فإنك تركز بالكامل على التدبير الشخصي. سواء كنت تؤدي وظيفة أو تدير عملًا، مهما بلغ قدر التكلفة التي تدفعها، ومهما كان مقدار ما يمكن أن تتخلى عنه أو مقدار المعاناة التي تتحملها – سواء كانت هذه الجوانب عاطفية أو جسدية – أو سواء كنت معرضًا للتنمر والإذلال أو سوء الفهم، أو حتى تواجه ضغوطًا عامة هائلة، فإن كل ما تفعله يدور حول مشيئتك، وتطلعاتك، وطموحاتك، ورغباتك الشخصية. إنه ينبع من هذه الطبيعة وحدها. هذه الطبيعة هي فقط الاشتغال بالتدبير الشخصي وإدارة مشروع شخصي. ولا يوجد بين البشر شخص واحد يتقدم ليقول: "أنا أقوم بخدمة عامة من أجل البشرية؛ أنا أريد أن أتصرف وفقًا للعقائد والمبادئ الإلهية التي منحتها السماء". لا يوجد مثل هذا الشخص. وحتى لو تقدم شخص ما ليقول: "أنا أريد أن أنفذ أكثر المساعي إيثارًا وأعظمها من أجل البشرية، وأن أبني رخاءً وأقوم بأعمال صالحة من أجل الناس"، فإن هدفه ليس نقيًا جدًا؛ إنه يفعل ذلك من أجل الشهرة. أليس هذا اشتغالًا بالتدبير الشخصي؟ هذا كله من أجل التدبير الشخصي. وبغض النظر عن مدى حُسن كلامه، وبغض النظر عن مقدار المعاناة التي تحملها، أو التكلفة التي دفعها، أو حجم المساهمة التي قدمها، أو ما إذا كان قد غير البشرية، أو حوّل عصرًا، أو دشن حقبة جديدة، مهما فعل، فإن هدفه ليس من أجل الآخرين بل من أجل نفسه. جميع البشر الفاسدين يفعلون الأشياء بهذه الطريقة. وسواء فعل شخص ما شيئًا كبيرًا أو صغيرًا، فإن نيته إما للشهرة أو للربح. ما هي طبيعة أفعاله؟ إنه الاشتغال بالتدبير الشخصي. هل للتدبير الشخصي أي علاقة بتدبير الله؟ لا علاقة له على الإطلاق. بعض الناس يقولون: "هذا ليس صحيحًا. بعض الناس يأتون إلى هذا العالم ويغيرون عصرًا ما؛ أليس هذا أيضًا مقدّرًا من الله؟ أليس لهذا أيضًا علاقة بتدبيره؟". هل هذه الأمور مرتبطة ببعضها البعض؟ (لا). لماذا تقول إنه لا توجد صلة؟ (لأنه لا صلة له بعمل تدبير الله في خلاص البشرية). أحسنتَ القول؛ إن لم يكن للأمر صلة بعمل الله في خلاص البشرية، فلا علاقة له بتدبير الله. ومع ذلك، فإن هذا القول صحيح جزئيًا فحسب؛ فهناك شرط مسبق آخر هنا، وهو قضية الجوهر. إذا كان الأمر لا علاقة له بخطة تدبير الله، فإن الأمر كله مجرد تدبير بشري. هذا جانب واحد، لكن دعوني أضيف لكم شيئًا: إن طبيعة ما يفعلونه هو من أجل الشهرة والمنفعة الشخصية؛ فالمستفيد النهائي هو أنفسهم. طبيعة كل ما يفعلونه، ومبادئه، ونتيجته النهائية هي من أجل من؟ (أنفسهم). إنها من أجل أنفسهم، وبمعنى أكثر سرية، من أجل من؟ (الشيطان). صحيح، إنها من أجل الشيطان. وما هي طبيعة عمل الشيطان؟ (أن يكون عدوًا لله). وما هو الجوهر الكامن وراء كونه عدوًا لله؟ لماذا نقول إن هذا عداء لله؟ (نقطة البداية، والمصدر، والمبادئ الكامنة وراء أفعالهم كلها تتعارض مع كلام الله). هذا أحد الجوانب، وهو قضية أساسية. إن نقطة بداية، ومصدر، ومبادئ ما يفعلونه كلها من الشيطان وهي شريرة، فما هي النتيجة النهائية؟ لمن يشهدون؟ (الشيطان). صحيح، إنهم يشهدون للشيطان. على مر التاريخ البشري، هل كان هناك أي مؤرخ أو كاتب نسب إنجازات ما قام به البشر في كل عصر إلى الخالق؟ (كلا). إنهم يقولون فقط إن هذه هي الموروثات أو الإنجازات العظيمة التي خلفتها أعمال البشر الكبرى. ما الذي يمثله هؤلاء الأشخاص العظماء والشخصيات المشهورة ممن تركوا هذه الأشياء وراءهم في نظر البشرية؟ أي شخصية مشهورة أو شخص عظيم، أو أولئك الذين قدموا إسهامات مهمة للبشرية، جميعهم يعبدهم البشر الفاسدون. المنزلة التي يحتلونها في قلوب الناس هي المنزلة التي يعتبرها الناس منزلة الله. أليس هذا هو جوهر القضية؟ (بلى). لقد ناقشنا للتو أن المصدر، والدوافع، ونقاط البداية، والمبادئ الكامنة وراء أعمال الناس كلها تنبثق من المنطق الشيطاني ولا تتماشى مع الحق. ينجز الناس شيئًا ما من خلال وسائل بشرية أو من خلال مواهبهم ويصبحون مشهورين بين الناس، والنتيجة النهائية هي أن البشر ينسبون كل هذا إلى الشيطان؛ بنفس الطريقة بالضبط التي يعبد بها الكثير من الناس الآن شخصيات مشهورة وأشخاصًا عظماء من التاريخ، مثل كونفوشيوس وجوان يو. وبغض النظر عن مدى عظمة الأعمال التي قام بها هؤلاء الأشخاص، فمن حيث المبدأ، فإن الله في الواقع هو الذي رتب لهذه الشخصيات المختلفة أن تأتي إلى هذا العالم وتؤدي أعمالًا محددة في عصور مختلفة. غير أنه في كل التاريخ البشري المسجل، سواء كان قديمًا أو حديثًا، لا توجد حالة واحدة تشهد على أعمال الخالق. وحده الكتاب المقدس يسجل بعض عناصر مرحلتي عمل الله في عصر الناموس وعصر النعمة، لكن حتى كلام الله المسجل هناك محدود للغاية. في الحقيقة، لقد تكلم الله العديد من الكلمات وقام بالعديد من الأعمال، لكن ما سجله البشر محدود للغاية. وعلى النقيض من ذلك، هناك عدد لا يُحصى من الكتب التي تسجل أو تشهد أو تمدح أشخاصًا مشهورين وعظماء. ألا يوضح هذا جوهر القضية التي ناقشناها للتو؟ لقد ذكرنا للتو أن الأشخاص المشهورين والعظماء على مر التاريخ قد عملوا لأنفسهم؛ أي أنهم كانوا يعملون، في جوهر الأمر، من أجل الشيطان. وهذا يُظهر أنهم لم يكونوا يؤدون واجباتهم، بل كانوا بالأحرى يديرون تدبيرهم الخاص أو يشتغلون في مشاريعهم الخاصة. ما هي طبيعة وجوهر أي عمل يقوم به الناس في العالم؟ (الاشتغال بالتدبير الشخصي). لماذا يعتبر اشتغالًا بالتدبير الشخصي؟ ما هو السبب الجذري؟ لأن الشيطان هو الذي يشهدون له؛ فمبادئهم ودوافعهم للتصرف كلها تأتي من الشيطان، ولا علاقة لها بالحق أو بمتطلبات الله. لكن ما هي طبيعة الواجب؟ إنها تشير إلى العمل الذي يُنفذ وفقًا لمتطلبات الله، بمعنى أن العمل يجب أن يكون مستندًا إلى الحق، ومنفذًا وفقًا لمبادئ الحق، ومفعولًا بما يتماشى مع مطالب الله. والنتيجة هي أن الناس يستطيعون أن يشهدوا لله، ويمتلكون الخضوع لله والمعرفة به؛ لديهم فهم أعمق وخضوع أصدق للخالق، بل وأكثر من ذلك، يمكنهم أن يفعلوا ما ينبغي أن تفعله الكائنات المخلوقة. هذا هو الفارق الأكبر بين الاثنين. حينما يباشر الناس واجباتهم وفقًا لمتطلبات الله، تصبح علاقتهم مع الله طبيعية أكثر فأكثر. وهل يمكن لأي عمل يشتغل به الناس في العالم أن يحقق هذا التأثير؟ كلا بالتأكيد، فالنتيجة هي العكس بالضبط. فكلما زاد عدد السنوات التي يمضيها المرء في العمل الدنيوي، زاد تمرده على الله وانجرف بعيدًا عنه. وكلما ازداد التدبير الشخصي للمرء تحسنًا، ابتعد أكثر عن الله؛ وكلما زاد نجاحه في التدبير الشخصي، ازداد انحرافه عن متطلبات الله. لذا فإن أداء الواجب والاشتغال بالعمل الدنيوي لهما طبيعتان مختلفتان تمامًا.
ناقشنا للتو الفارق بين واجبات المرء وبين انخراطه في عمل دنيوي. فما هو جانب الحق الذي هدفت هذه المناقشة إلى مساعدة الناس على فهمه؟ أيًا كان واجبك، فعليك أن تؤديه كما يطلب الله. على سبيل المثال، عندما تُختار قائدًا لكنيسة ما، فإن واجبك هو أداء واجب قائد الكنيسة. وماذا يجب أن تفعل بمجرد أن تضطلع بهذا العمل بوصفه واجبك؟ أولًا، اعلم أن إنجاز عملك بوصفك قائدًا فقط هو ما يُعد أداءً لواجبك. أنت لا تعمل بوصفك موظفًا في العالم الخارجي؛ فإذا أصبحت قائدًا، ثم اعتبرت نفسك موظفًا، فقد ضللت الطريق. ولكن إذا قلت: "الآن وقد صرت قائدًا في الكنيسة، يجب ألا أكون متعاليًا، ويجب أن أضع نفسي في مرتبة أدنى من أي شخص آخر، ويجب أن أجعلهم أعلى وأكثر أهمية مني"، فإن هذه العقلية خاطئة أيضًا؛ حيث إن التستر وراء أي مظهر لا طائل من ورائه إذا كنت لا تفهم الحق. لن يفلح شيء سوى الفهم الصحيح لواجبك. أولًا، يجب عليك تقدير أهمية واجب القائد في الكنيسة: يمكن أن تضم الكنيسة عدة عشرات من الأعضاء، ويجب أن تفكر في كيفية قيادة هؤلاء الأشخاص أمام الله، وكيفية السماح لمعظمهم بفهم الحق ودخول واقع الحق. يجب عليك أيضًا قضاء المزيد من الوقت في سقاية السلبيين والضعفاء ودعمهم، حتى تمنعهم من أن يكونوا سلبيين وضعفاء، وتمكِّنهم من أداء واجبهم. ويجب عليك أيضًا أن ترشد كل من هو قادر على أداء واجبه في فهم الحق ودخول الواقع، والتصرف وفقًا للمبادئ، وأداء واجبه بشكل صحيح، ومن ثمَّ تحقيق تأثير أكبر. هناك أشخاص معينون آمنوا بالله طيلة سنوات عديدة ولكنهم يتسمون بإنسانية شريرة تمامًا، ودائمًا ما يعرقلون ويزعجون عمل الكنيسة؛ ويجب تهذيب هؤلاء الأشخاص حسبما يقتضي الأمر؛ وأولئك الذين يرفضون التوبة بعناد يجب إخراجهم. يجب التعامل معهم وفقًا للمبادئ وإدارتهم بالطريقة المناسبة. وهناك أيضًا أهم شيء على الإطلاق: البعض في الكنيسة يتمتعون بإنسانية صالحة نسبيًا ولديهم بعض مستوى القدرات، وهم قادرون على الاضطلاع بجانب معين من العمل؛ يجب رعاية كل هؤلاء الأشخاص دون تأخير، عاجلًا وليس آجلًا؛ لأن الأمر سيستغرق تدريبًا لهم لكي يصيروا مؤهلين، ولن يكونوا قادرين على فعل أي شيء بشكل جيد إذا لم يتلقوا أي تدريب. أليست هذه هي الوظائف التي يحتاجها القائد أو العامل بصورة مُلحة لكي يؤدوا بشكل جيد؟ إذا أصبحت قائدًا ولم تضع هذه الأمور في اعتبارك، ولم تؤدِّ العمل بهذه الطريقة، فهل يمكنك أن تتمم واجبك بشكل جيد؟ (كلا). بصفتك قائدًا، من الضروري أن تصنف كل جانب من جوانب عمل الكنيسة: أولًا، الأمر الأكثر أهمية هو أن تنمي الأشخاص الموهوبين. ارتقِ بأولئك الذين يتمتعون بإنسانية جيدة ويمتلكون مستوى قدرات، وارعهم ودرِّبهم. ثانيًا: قُدْ الإخوة والأخوات للدخول في واقع الحق، ومكّنهم من الانخراط في مراجعة النفس، ومعرفة أنفسهم، وتمييز البدع والمغالطات، وتمييز الأشخاص، وإتمام واجباتهم بشكل جيد؛ هذا جزء من دخول الحياة. ثالثًا: مكِن الغالبية ممن يستطيعون القيام بواجباتهم من القيام بواجباتهم فعليًا (باستثناء ذوي الإنسانية الوضيعة)، واحرص على أن يحققوا نتائج في أثناء أداء واجباتهم بدلًا من مجرد التصرف بلا مبالاة. رابعًا، تعامل على الفور مع أولئك الذين يُعطلون عمل الكنيسة ويزعجونه. إذا رفضوا الحق عند عقد الشركة، فلا بد من تهذيبهم. وإذا ظلوا غير تائبين طوال الوقت، فيجب عزلهم للتأمل، وحتى إخراجهم أو طردهم. خامسًا: مكِن شعب الله المختار من تمييز والقادة الكذبة، وأضداد المسيح، لضمان ألا يُضَلَلوا وأن يستطيعوا الدخول إلى الطريق الصحيح للإيمان بالله في أقرب وقت ممكن. جميع النقاط الخمس المذكورة أعلاه مهمة، وهي المهام الأصيلة للقيادة. إتمام هذه الجوانب الخمسة للعمل هو ما يجعل شخصًا ما قائدًا كنسيًا مؤهلًا. إضافة إلى ذلك، لا بد أيضًا من التعامل مع الظروف الخاصة بشكل صحيح. على سبيل المثال، قد تكون سلبية بعض الأشخاص وضعفهم مؤقتة، وعليك أن تتعامل معهم بشكل مناسب. لا يمكنك إصدار دينونة قاطعة؛ فإذا كان شخص ما سلبيًا بصورة مؤقتة ووصمته بأنه "متشائم إلى حد غير مقبول" أو "سلبي بشكل مزمن" وقلت إن الله لم يعد يريده، فإن هذا ليس مناسبًا. علاوة على ذلك، يجب أن يتمم الجميع أدوارهم الفردية ويسهموا وفقًا لقدراتهم. ويجب وضع ترتيبات لأداء الواجبات بشكل مناسب بناءً على مواهب الأفراد، وقدراتهم، ومستوى قدراتهم، وأعمارهم، وطول المدة التي آمنوا فيها بالله. هذا النهج يجب أن يكون مفصلًا ليناسب أنواعًا مختلفة من الأشخاص، بحيث يسمح لهم أن يؤدوا واجباتهم في بيت الله ويحققوا أقصى قدر من وظائفهم. إذا وضعت هذه الاعتبارات في ذهنك، فستخلق عبئًا، وستكون دائمًا مُلزمًا بالتركيز على المراقبة. مراقبة ماذا؟ ليس من يظهرون بمظهر حسن حتى تتمكن من التفاعل معهم أكثر؛ وليس من تعتقد أنهم قبيحون حتى تتمكن من استبعادهم؛ وليس من يبدون أن لديهم القدرة والمكانة حتى تتمكن من التودد إليهم؛ وبالتأكيد ليس من لا ينحنون لك حتى تحاول معاقبتهم. ليس أيًا من هذه الأشياء. إذًا، ما الذي يجب أن تراقبه؟ عليك أن تميز الناس بناءً على كلام الله، وعلى مواقفه ومتطلباته تجاه مختلف أنواع الناس، وتعاملهم بناءً على المبادئ؛ وهذا يتماشى مع الحق. أولًا، صنَّف كافة أنواع الناس في الكنيسة: أولئك الذين لديهم مستوى قدرات جيد وقدرة على قبول الحق في فئة، وأولئك من ذوي مستوى القدرات المتدني وعدم القدرة على قبول الحق في فئة أخرى، وأولئك الذين يستطيعون أداء واجباتهم في فئة أخرى، وأولئك الذين لا يستطيعون في فئة أخرى. وأخيرًا، الذين يتذمرون دائمًا، وينشرون المفاهيم، ويقعون في السلبية، ويسببون الاضطرابات، يجب أن يوضعوا أيضًا في الفئة نفسها. وما أن تكون قد صنفت الجميع، وأدركت بدقَّة الحالة الحقيقية لكل مجموعة وفقًا لكلام الله، بحيث ترى بوضوح من يمكن خلاصه ومن لا يمكن خلاصه، عندئذٍ ستتمكن من أن تستشف جميع أصناف الناس؛ ستفهم مقاصد الله، وتعرف من يريد الله أن يخلصه ومن يريد أن يستبعده. ألا ينشأ كل هذا بسبب عبئك؟ أليس هذا هو الموقف الصحيح الذي عليك أن تتبناه تجاه الواجب؟ إذا كنت تمتلك هذا الموقف الصحيح ونشأ بداخلك عبء، فيمكنك حينئذٍ أن تقوم بعملك جيدًا. وإذا كنت لا تتعامل مع واجباتك بهذه الطريقة، وبدلًا من ذلك تنظر إلى أداء واجباتك كما لو كنت تشغل منصبًا رسميًا، وتفكر دائمًا: "كون المرء قائدًا هو بمثابة تولي منصب؛ هذه نعمة من الله! والآن بما أن لديَّ مكانة، ينبغي على الناس أن يستمعوا إلي، وذلك شيء جيد!"؛ إذا كنت تعتقد أن كونك قائدًا يُعادل كونك مسؤولًا، فأنت في ورطة. بالتأكيد ستقود بطريقة المسؤول وبناءً على الكيفية التي يعمل بها المسؤولون؛ فهل يمكنك أن تؤدي عمل الكنيسة بشكل صحيح حينها؟ بمثل هذا المنظور، لا شك أنك ستنكشف وتُستبعد. سوف تتخيل نفسك دائمًا كمسؤول، حيث ستكون محاطًا بالناس أينما ذهبت، سيُذعن الناس لأي شيء تقوله. وأيضًا ستحصل على أولوية الفوز بأي منافع في الكنيسة. وأيًا كان العمل لدى الكنيسة، فإنك ستحتاج فقط إلى إعطاء الأوامر ولن تضطر إلى القيام بأي شيء بنفسك. أي نوع من التفكير هذا؟ أليس هذا انغماسًا في منافع المكانة؟ أليست هذه شخصية فاسدة؟ إن كل أولئك الذين لا يسعون إلى الحق يؤدون واجباتهم بناءً على شخصية شيطانية. وقد كُشف العديد من القادة والعاملين واستُبعدوا لأنهم كانوا دائمًا ما يؤدون واجباتهم بناءً على شخصية شيطانية، دون قبول ولو لمحة من الحق. في الوقت الحاضر، لا يزال بعض القادة يتصرفون بهذه الطريقة. فبعد أن يصبحوا قادة، يشعرون بنوع من النشوة في داخلهم، ويشعرون بشيء من الرضا عن النفس. من الصعب وصف الشعور، ولكن على أي حال، هم يعتقدون أنهم أبلوا بلاءً حسنًا. غير أنهم يتفكرون بعد ذلك: "لا يمكنني أن أكون مغرورًا. الغرور هو علامة على التكبر، والتكبر هو نذير بالفشل. يجب أن أكون متواضعًا". ظاهريًا، هم يتصرفون بتواضع ويخبرون الجميع أن هذه ترقية وإرسالية من الله، وأنهم لا خيار لهم سوى القيام بذلك. إلا أنهم يبتهجون سرًا في قرارة أنفسهم: "أخيرًا، لقد أُختِرت. من قال إن مستوى قدراتي ليس جيدًا؟ لو كان مستوى قدراتي ضعيفًا، فكيف وقع الاختيار عليَّ؟ لماذا لم يُختار شخص آخر؟ يبدو أن لديّ مزايا تفوق الآخرين". عندما يُلقى عليهم هذا الواجب، تكون هذه هي الأشياء التي يفكرون فيها أولًا في قلوبهم. إنهم لا يفكرون: "الآن وقد أُلقيَّ هذا الواجب على عاتقي، كيف يجب أن أؤديه؟ من قام بعمل جيد في الماضي حتى أتعلم منه؟ ما متطلبات الله لأداء هذا الواجب؟ هل هناك أي متطلبات كهذه في ترتيبات العمل في الكنيسة؟ لم أعتد أبدًا أن أقلق بشأن هذه الجوانب من عمل الكنيسة، ولكن الآن وقد اُخترت لأكون قائدًا، ماذا عليّ أن أفعل؟" في الواقع، ما دام لديك العزم ويمكنك طلب الحق، فهناك طريق. إذا تعاملت مع العمل على أنه واجبك، فسيكون من السهل القيام به جيدًا. يصبح بعض الناس قادةً ويقولون: "هل أنا مؤتمن على هؤلاء الناس الآن؟ وهل سيُناط بي تحديد كيفية تجمعهم ونوعية العمل الذي يُرتَّب لهم؟ يا إلهي، أشعر بحمل ثقيل على قلبي الآن". ما الذي تنطوي عليه هذه الكلمات؟ يبدو الأمر كما لو كان هؤلاء قادرين على إنجاز أشياء عظيمة؛ إنه كله مجرد كلام وتعاليم فارغة. أليس هذا النوع من الأشخاص منافقًا بعض الشيء؟ هل سبق لأحدكم أن قال مثل هذه الأشياء؟ (نعم). إذًا أنتم جميعًا أيضًا منافقون تمامًا. غير أن مثل هذا السلوك طبيعي بالنسبة للناس. حتى أولئك الذين يصبحون مسؤولين صغارًا يجب أن يتباهوا قليلًا. إنهم يشعرون فجأة بأن قيمتهم الشخصية قد ارتفعت، وما أن يتذوقوا بعض المكانة، والشهرة، والربح، فإن قلوبهم تنقلب مثل بحر هائج، ويصبحون أشخاصًا آخرين. تظهر كل شخصياتهم الفاسدة، ورغباتهم المسرفة. إن كل شخص لديه هذه السلوكيات السلبية الخاملة. هذا قاسم مشترك بين البشر الفاسدين. كل من هو إنسان فاسد لديه ذلك. بعض الناس، بعد أن يصبحوا قادة، لا يعودون متأكدين من الطريقة التي يجب أن يسيروا بها؛ وبعضهم لا يعرفون كيف يجب أن يتحدثوا مع الناس. بالطبع، لا يعود السبب في عدم تأكدهم من الكيفية التي يجب أن يتحدثوا بها إلى الخجل، بل إلى عدم اليقين بشأن الكيفية التي يجب أن يتصرف بها القائد. وآخرون، بعد أن يصبحوا قادة، يكونون غير متأكدين مما يأكلون أو يلبسون. هنالك جميع أنواع السلوكيات. هل يظهر أي منكم هذه السلوكيات؟ جميعكم تفعلون ذلك بالتأكيد بدرجات متفاوتة. إذن، كم سيستغرق الأمر لتجاوز هذه الحالات والسلوكيات؟ عام أو عامين، أو ثلاثة أو خمسة أعوام، أو عشرة أعوام؟ هذا يعتمد على عزم المرء للسعي إلى الحق ودرجة سعيه إلى الحق.
في عملية السعي إلى الحق، يتناسب فهم بعض الناس للحق بشكل مباشر طرديًا مع دخولهم؛ فالاثنان متكافئان. إنهم يستطيعون الدخول في الحق بقدر ما يستطيعون فهمه؛ فعمق فهمهم للحق هو أيضًا عمق دخولهم، وكذلك عمق استيعابهم، ومشاعرهم، واختباراتهم. غير أن بعض الناس يفهمون كثيرًا من التعاليم، لكن ممارستهم ومقدار دخولهم يصل إلى الصفر. لذا، أيًا كان عدد العظات التي استمعوا إليها، فلن يتمكنوا أبدًا من حل مشاكلهم الداخلية. وعندما يواجهون أمرًا صغيرًا، يظهر جانبهم القبيح على الفور، ولا يستطيعون السيطرة عليه مهما حاولوا؛ ومهما حاولوا إخفائه، فإن فسادهم يظل مكشوفًا. إنهم يظلون غير قادرين على قبول الحق أو طلب الحق لإيجاد الحلول. إنهم يتعلمون حتى أن يتصنعوا، ويخادعوا، ويتظاهروا بالصلاح. وطوال الوقت، لا يتم التخلص من شخصياتهم الفاسدة وهي لا تتغير؛ وهذا هو نتاج عدم السعي إلى الحق. لذا، في نهاية المطاف، يعود الأمر كله إلى العبارة نفسها: السعي إلى الحق في غاية الأهمية. وينطبق الأمر نفسه على أداء المرء لواجباته. فأيًا كان الواجب الذي يُسند إليك، وأيًا كان الواجب الذي يقع على عاتقك، سواء كان واجبًا يستلزم مسؤولية كبرى أو كان واجبًا أبسط من ذلك، أو حتى لو لم يكن واجبًا بارزًا جدًا، فإنك إذا كنت قادرًا على أن تطلب الحق وتتعامل مع الواجب وفقًا لمبادئ الحق، فستكون قادرًا على إتمام واجبك بشكل جيد. علاوة على ذلك، في أثناء أداء واجباتك، ستختبر درجات متفاوتة من النمو في كل من دخولك الحياة وتغيير الشخصية. لكن إذا لم تسع إلى الحق، وفقط تعاملت مع واجبك على أنه مجرد تدبيرٍ خاص بك، أو مهمةٍ خاصة بك، أو تعاملت معه على أنه تفضيلك الخاص أو عملك الشخصي، فستكون لديك مشكلة. إن معاملة واجبك على أنه عملك الخاص ومعاملته وفقًا لمبادئ الحق أمران مختلفان. عندما تعامل واجبك على أنه تدبيرك الخاص، فما الذي تسعى إليه؟ إنك تسعى إلى الشهرة، والربح، والمكانة، وتتوقع من الآخرين تلبية مطالبك. وماذا ستكون النتيجة النهائية لأداء واجبك بهذه الطريقة؟ من ناحية، أداء واجبك بهذه الطريقة لن يفي بالمعيار المطلوب؛ فهو بمثابة جهد لا فائدة من وراءه. حتى لو بذلتَ جهدًا كبيرًا في الظاهر، فإنك لم تطلب الحق، وبالتالي ستكون ثمرات واجبك سيئة، ولن يرضى الله عنك. ومن ناحية أخرى، فإنكم كثيرًا ما ترتكبون الذنوب، وكثيرًا ما تعرقلون وتزعجون، وكثيرًا ما ترتكبون أخطاءً تؤدي إلى عواقب وخيمة. في الوقت الحالي، العديد من الناس يقصرون كثيرًا في أداء واجباتهم. إنهم يتصرفون بعناد وبشكل تعسفي، ولا يحققون أي نتائج في الأساس، بل وأحيانًا يتسببون في خسائر لعمل الكنيسة. إن أداء واجبك بهذه الطريقة هو في الحقيقة عرقلة وإزعاج لعمل الكنيسة؛ إنه سلوك شخص شرير حقًا. وأولئك الذين يتّبعون باستمرار نهجًا لا مبالٍ في أداء واجباتهم يجب أن يُكشفوا حتى يتمكنوا من التأمل في أنفسهم. وإذا استطاعوا أن يتأملوا بصدق، ويعرفوا أخطائهم، ويكرهوا أنفسهم، فيمكنهم البقاء والاستمرار في أداء واجباتهم. لكن إذا كانوا لا يعترفون أبدًا بأخطائهم ولا يزالون يدافعون عن أنفسهم ويبررون لأنفسهم، مدعين أنه لا توجد محبة في بيت الله وأنهم يعاملون بغير إنصاف، فهذه إذن علامة على أنهم غير تائبين عن عناد، ويجب إخراجهم من الكنيسة. ما هو السبب الجذري لعرقلة هؤلاء الناس وإزعاجهم؟ هل السبب هو أنهم خططوا عمدًا للعرقلة والإزعاج؟ لا، السبب الرئيسي هو أنه ليس لديهم حب للحق على الإطلاق، وإنسانيتهم سيئة للغاية. بعض هؤلاء الأفراد لديهم بعض مستوى القدرات ويستطيعون فهم الحق، لكنهم لا يقبلون الحق على الإطلاق، فضلًا عن ممارسته. إن إنسانيتهم دنيئة للغاية. وبغض النظر عن الواجب الذي يؤدونه، فهم دائمًا ما يتسببون في العرقلة والإزعاج، ويفسدون عمل الكنيسة، ويجلبون العديد من النتائج الشريرة بتأثير رهيب. لا شك أن هؤلاء الناس عديمي الإيمان، وأنهم جميعًا أشرار. هذا هو السبب الرئيسي وراء استبعادهم. والآن، معظم الناس يستطيعون تمييز عديمي الإيمان. وعندما يرون السلوكيات المختلفة لهؤلاء الأفراد، يشعرون بالغضب. فكيف يمكن اعتبار هؤلاء الناس مؤمنين بالله؟ إنهم أذناب الشيطان، الذين أُرسلوا لعرقلة عمل الكنيسة وإزعاجه. بعض هؤلاء هم محض متطفلين، وينتمون إلى أولئك الذين يحبون الراحة ويكرهون العمل؛ إنهم لا يريدون القيام بأي عمل ولكنهم لا يزالون يريدون أن يأكلوا جيدًا كل يوم. أليسوا طفيليين؟ إنهم حتى أدنى من كلاب الحراسة. هكذا تم استبعاد هؤلاء الناس. إن الأشخاص الذين يؤمنون بالله بصدق هم جميعًا أناس راغبون في أداء واجبهم وحريصون على ذلك. وعلى الرغم من أن معظم الناس لا يعرفون معنى الواجب في الواقع، فإنهم على الأقل يعرفون في قلوبهم أن الناس يجب أن يؤدوا واجبهم، وهم راغبون في القيام بذلك. ولكن هل تعني رغبة المرء في أداء واجباته أنه بذلك يمارس الحق؟ هل يعني هذا الاستعداد الداخلي أن المرء قد تمم واجباته بشكل جيد؟ بالطبع لا. ينبغي على المرء أن يضع الحق موضع التطبيق ويفي بمعيار التصرف وفقًا للمبادئ لكي يُعتبر أنه قد تمم واجباته بشكل جيد. وقبل أن تضع الحق موضع التطبيق، بغض النظر عن مدى إيمانك الذي تدعيه، أو مدى حرصك ورغبتك التي تتحدث عنها – أنك قادر على المخاطرة بحياتك، ولا تتردد في خوض النار والماء – فهذه كلها مجرد شعارات لا تحقق أي غرض. يجب عليك – بناءً على هذا الاستعداد – أن تتصرف أيضًا وفقًا لمبادئ الحق. إنك تقول: "أنا لا أحب الحق تحديدًا، ولا أسعى إليه، ولم أتغير كثيرًا في الشخصية في أثناء أداء واجباتي. لكن ثمة شيء واحد تمسكت به: إنني أفعل كل ما يُطلب مني فعله. ولا أتسبب في عرقلة أو إزعاج؛ قد لا أكون قادرًا على تحقيق الخضوع، لكنني أنصت". ألا يمكن لمن يستطيع أن يفعل ذلك أن يبقى في الكنيسة ويؤدي واجباته بشكل طبيعي؟ لكن هؤلاء الأشرار وعديمو الإيمان الذين تم إخراجهم لم يتمكنوا حتى من تحقيق هذا الشرط الأدنى، بل إنهم أحدثوا اضطرابات. إن مثل أولئك من عديمي الإيمان أو الأشرار لا ينبغي السماح لهم بالبقاء في الكنيسة لأداء واجباتهم. يجب على شعب الله المختار أن يميزوا عديمي الإيمان والأشرار؛ وإلا فسوف يُضللونهم بسهولة. يجب على كل شخص لديه ضمير وعقل أن يتبنى موقف الرفض تجاه عديمي الإيمان والأشرار.
إن أداء المرء لواجباته هو أعظم جوانب الإيمان بالله. أولًا، على المرء أن يفهم ما هو الواجب، ثم يكتسب تدريجيًا اختبارًا وفهمًا حقيقيين له. وما هو الحد الأدنى للموقف الذي يجب أن يتبناه الإنسان تجاه واجبه؟ إذا قلتَ: "بيت الله أعطاني هذا الواجب، وإذن فهو ملكٌ لي. يمكنني أن أفعل ما يحلو لي، لأن هذا شأني ولا يمكن لأحد أن يتدخل فيه"، فهل هذا موقف مقبول؟ كلا بالتأكيد. إذا كان هذا هو موقفك في أثناء أداء واجبك، فأنت في مأزق، لأن موقفك لا يتماشى مع مبادئ الحق. موقفك هو موقف القيام بكل ما تريده وليس أن تطلب الحق، فضلًا عن أن يكون لديك قلب يتقي الله. وإذا كان الشخص عنيدًا جدًا، فسيكون مهملًا إلى حد ما لعمله الصحيح في أثناء أداء واجبه. فما هو الموقف الذي يجب أن يكون لدى المرء عند أداء واجبه؟ يجب أن تكون لديه رغبة في الخضوع لله وإرضائه. وإذا لم يكمل الإرسالية التي ائتمنه الله عليها، فإنه يشعر بأنه خذل الله؛ وإذا لم يؤد واجبه على النحو الصحيح، فإنه يشعر بأنه لا يستحق أن يُطلق عليهم اسم إنسان. إن امتلاك هذا النوع من المواقف في أثناء أداء واجبك يجعلك مخلصًا. ولكي تؤدي واجبك بشكل جيد، عليك أولًا أن تعرف ما يطلبه الله منك، وأن تطلب الحق، وتطلب المبدأ. وما أن تتأكد أن الإرسالية التي أعطاك الله إياها هي واجبك، يجب أن تطلب الحق من خلال التفكير: "كيف يمكنني أن أؤدي واجبي جيدًا؟ ما مبادئ الحق التي يجب أن أمارسها؟ ما الذي يطلبه الله من الناس؟ ما العمل الذي يجب أن أقوم به؟ وكيف ينبغي أن أتصرف لكي أقوم بمسؤولياتي وأكون مخلصًا؟" لمن تكون مخلصًا؟ لله. عليك أن تكون مخلصًا لله وتؤدي مسؤولياتك تجاه الناس. عليك أن تؤدي واجبك وفقًا لكلام الله ومبادئ الحق، وأن تتمسك بواجبك. وماذا يعني أن تتمسَّك بواجبك؟ على سبيل المثال، إذا كان هناك واجب أُعطي لك منذ عام أو عامين، ولكن، حتى الآن، لم يراجعك أحد، فماذا يجب أن تفعل؟ إذا لم يراجعك أحد، فهل هذا يعني أن الواجب قد انتهى؟ لا، لا تلتفت إلى أن أحدًا لم يراجعك أو يتحقق مما تقوم به؛ هذه المهمة قد ائتمنت عليها، فهي مسؤوليتك أنت. يجب أن تراعي كيفية القيام بهذه المهمة وكيف يمكن القيام بها بشكلٍ جيد، وهذه هي الطريقة التي يجب أن تؤديها بها. إذا كنت تنتظر دائمًا أن يتفقدك الآخرون وأن يشرفوا عليك ويحثوك على القيام بعملك، فهل هذا هو الموقف الذي ينبغي أن يكون لديك في أداء واجبك؟ أي نوع من المواقف هذا؟ هذا موقف سلبي؛ إنه ليس الموقف الذي يجب أن تتبناه تجاه واجبك. إذا تبنيت هذا الموقف، فإن أداءك لواجبك سيكون بالتأكيد غير وافٍ. ولكي تؤدي واجبك بشكل وافٍ، يجب أن يكون لديك أولًا موقفًا صحيحًا، ويجب أن يكون موقفك متوافقًا مع مبادئ الحق. هذه هي الطريقة الوحيدة التي تضمن لك أن تؤدي واجبك بشكل جيد.
فيما يتعلق بماهية الواجب، وموقف المرء تجاه الواجب، وكذلك الفارق بين أداء المرء لواجبه والانخراط في أي نوع من الأعمال الدنيوية، فإن شركتنا حول هذه المواضيع ستنتهي هنا في الوقت الراهن. عليكم جميعًا أن تتفكروا في المضمون الذي عُقدت الشركة حوله. على سبيل المثال، لمَ نُناقش العلاقة بين أداء المرء لواجبه وبين الانخراط في التدبير الشخصي؟ ما العقبة المنشودة من مناقشة هذه المواضيع؟ على الجانب الإيجابي، يمكن لهذه المناقشة أن توفر للناس طريقًا صحيحًا لأداء واجبهم، واتجاهًا صحيحًا، ومبادئ صحيحة. وعلى الجانب السلبي، يمكن أيضًا أن تساعدهم في التعرف على السلوكيات التي تُعد انخراطًا في التدبير الشخصي. هذان الجانبان مترابطان، وفي الوقت نفسه، مختلفان أحدهما عن الآخر. لا يكمن فهم هذين الجانبين في فهم كلمات الحق؛ عليك أن تستوعب الحالات والمظاهر المتضمنة فيهما. وحالما يكون لديك فهم شامل لهذه الحالات والمظاهر وتستطيع تمييزها، ففي المرة القادمة التي تُبدي فيها هذه الحالات والمظاهر غير الصحيحة، فإنك ستطلب الحق لتجد مخرجًا منها إذا كنت شخصًا يسعى إلى الحق. إذا كنت لا تفهم هذا الجانب من الحق، فإنك قد تنخرط في التدبير الشخصي ظانًا أنك تبذل نفسك لله، بل ومعتقدًا أنك تؤدي واجبك وأنك مخلصُ للغاية. مثل هذه العواقب ستنشأ من عدم فهم الحق. على سبيل المثال، في أثناء عملية أداء واجبك، عندما تنكشف بعض أفكارك وأساليبك، وكذلك مقاصد أفعالك والدوافع تحرِّكها، تدرك أنك لا تؤدي واجبك وأنك قد انحرفت بالفعل عن مبادئ أداء المرء لواجبه ونطاق أداء الواجب؛ فقد تغيرت الطبيعة، وأنت في الواقع منخرط في التدبير الشخصي. فقط عندما تفهم هذه الحقائق، يمكنك أن تجد مخرجًا من هنا وتضع حدًا لمثل هذه الأفكار، والأفعال، والمظاهر. لكن إذا لم تفهم الحق وانخرطت في التدبير الشخصي في أثناء أداء واجبك، فستكون غافلًا عن حقيقة أنك قد خالفت المبادئ بالفعل. وعلى غرار بولس، على سبيل المثال؛ بعد العمل والاشتغال لسنوات عديدة، انتهى به الحال إلى الصراخ في الله قائلًا: "إن لم تعطني إكليلًا، فإنك لست الله!" كما ترى، كان لا يزال بإمكانه أن ينطق بمثل هذه الكلمات. إذا كان الناس اليوم، بعد أن فهموا الحق، لا يزالون يتبعون طريق بولس، فإنهم ليسوا ممَّن يحبون الحق. إذا كنت شخصًا يؤمن بالله بصدق، فإن فهم الحق بالغ الأهمية بالنسبة إليك. ودون فهم الحق، فأنت بالتأكيد تعيش على أساس شخصية شيطانية. في أفضل الأحوال، سوف تلتزم فقط ببعض اللوائح وتتجنب ارتكاب الآثام الواضحة، بينما تظل معتقِّدًا أنك تمارس الحق. سيكون ذلك مثيرًا للشفقة للغاية. لذا، إذا كان المرء يرغب في السعي إلى الحق ويهدف إلى الدخول في واقع الحق، فعليه أولًا أن يفهم الحق. إن الغرض من فهم الحق هو أن يتمكن الناس من فهم الأشخاص الآخرين والأحداث الأخرى بدقة، وأن يكون لديهم تمييز ومبادئ للفعل وطريق للممارسة، وأن يحققوا الخضوع لله. حين تفهم الحق، تستطيع تمييز جميع أنواع الأشخاص، والأحداث، والأشياء، واختيار طريق الممارسة الصحيح، والتحدث والتصرف وفقًا للمبادئ، والتخلص من شخصياتك الفاسدة، وتحقيق الخضوع لله. وإذا كنت لا تفهم الحق، فإن الطريق الذي تسلكه سيكون خاطئًا بالتأكيد، ولن يكون لديك أي دخول في الحياة، ولن تكون قادرًا على أن تُخلَّص. بعض الناس بارعون للغاية في إخفاء أنفسهم، ويظهرون وكأنهم يسعون إلى الحق، ولكنهم ليس لديهم مبادئ في أفعالهم، وكل ما يفعلونه يسبب عرقلة وإزعاجًا، وهم يخلقون الكثير من المتاعب لعمل الكنيسة؛ ومثل هؤلاء الناس لا يمكن أن يُخلَّصوا. لذا فإن الغرض من الاستماع كثيرًا إلى العظات وأكل وشرب كلام الله بشكل متكرر ليس من أجل المشاركة السطحية أو ملء القلب، وليس من أجل أن يتزود المرء بالتعاليم أو يمارس الفصاحة؛ بل من أجل أن يتزود بالحق ويصل إلى فهم الحق. ما ناقشناه للتو ليس في الواقع عميقًا للغاية من حيث حقيقة معرفة الله؛ بل هو الحق الأكثر أساسية. إن فهم الناس للحق محدود ويتفاوت في العمق، وهو يعتمد على مستوى قدرات الفرد. فبعض الناس يستوعبون بشكل أعمق؛ بمعنى أن لديهم القدرة على الاستيعاب. ويستوعب آخرون بشكل سطحي تمامًا. وبغض النظر عن عمق فهم المرء، فإن الأكثر أهمية هو ممارسة الحق. غير أنه لا يمكن تقسيم الحق إلى كبير أو صغير، أو نبيل أو وضيع، ولا يمكن تقسيمه إلى عميق أو سطحي. بعبارة أخرى، يمكن تصنيف الحق إلى الأكثر أساسية أو الأكثر أولية، ولكن لا يمكن تقسيمه إلى درجات من العمق؛ الناس فقط يستوعبونه ويختبرونه بأعماق متفاوتة. إن كل ما يمس جوهر الحق هو على نفس القدر من العمق وهو ليس شيئًا يمكن لأي شخص أن يختبره كاملًا أو يمتلكه كليًا. وأيًا كان جانب الحق المعنيّ، فيجب على الناس أن يبدأوا من الطبقة الأكثر سطحية في استيعابهم وممارستهم، ثم ينتقلوا من السطحية إلى العمق تدريجيًا، ليصلوا إلى فهم صحيح للحق والدخول إلى الواقع. إن الجزء الأكثر سطحية من الحق هو ما يمكن فهمه حرفيًا. وإذا لم يتمكن الناس من ممارسته أو الدخول فيه، فإنهم لا يفهمون سوى بعض الكلمات والتعاليم. ومجرد فهم الكلمات والتعاليم يقصر كثيرًا عن جوهر الحق. الأشخاص الذين لا يفهمون الحق يعتبرون دائمًا أن القدرة على تفسير المعنى الحرفي بمثابة فهم للحق؛ هذا مجرد جهل بشري. إذا كانت ممارستك للحق تتعلق فقط باتباع اللوائح وتطبيقها بصرامة دون أي مبادئ، فلا تظن أن ذلك ممارسة للحق ودخول إلى الواقع؛ أنت لا تزال بعيدًا جدًا عن ذلك. وإذا واصلت الممارسة والاختبار لعدة سنوات أخرى، واكتشفت المزيد من النور – وهو ما سيكفيك للممارسة والاختبار لعدة أشهر أو سنوات أخرى – وبعد ذلك – مع المزيد من الاختبار – أمكنك اكتشاف نور أحدث، والتقدم بهذه الصورة من السطحي إلى العميق، بطريقة تدريجية خطوة بخطوة، عندها تكون قد دخلت حقًا إلى واقع الحق. وحده الشخص الذي دخل بالكامل في واقع الحق هو الذي ربح الحق. حتى لو عشت بحسب واقع الحق في يوم من الأيام، وأمكن القول إنك قد ربحت الحق، فإن ما اختبرته وتوصّلت لمعرفته في الواقع لا يزال محدودًا. لا يمكنك أن تقول إنك تمثل الحق، ولا يمكنك أن تدعي مثلما فعل بولس: "لِأَنَّ لِيَ ٱلْحَيَاةَ هِيَ ٱلْمَسِيحُ" (فيلبي 1: 21)، لأن الحق متعمق جدًا، وما يمكن للمرء أن يختبره ويفهمه في عدة عقود من العمر محدود للغاية. من الواضح، إذن، أن بإمكان الناس أن يتوصلوا إلى فهم الحق إلى حد ما، ولكن ربح الحق ليس بالأمر السهل بأي حال من الأحوال. وإذا كان المرء لا يستطيع أن يفهم أو يطبق حتى أكثر الحقائق سطحيةً، فهذا إذن شخص لا يحب الحق، ويفتقر بالتأكيد إلى الفهم الروحي؛ والأشخاص الذين لا يقتربون من الحق بأي قدر لا يمكن أن يُخلصوا. وأولئك الذين لا يفهمون الحق أبدًا لا يستطيعون أداء واجباتهم بشكل جيد؛ إنهم مضيعة للحياة، وحوش في ثياب البشر. بعض الناس يظنون أنهم يفهمون الحق لمجرد أنهم يفهمون بعض التعاليم. فلو كانوا يفهمون حقًا بعض الحقائق، فلماذا لا يستطيعون أداء واجباتهم بشكل جيد؟ لماذا ليس لديهم مبادئ في أفعالهم؟ هذا يوضح أن فهم التعاليم لا طائل من وراءه؛ وفهم المزيد من التعاليم لا يعني فهم الحق.
بعد عقد شركة حول موضوع الواجب، سننتقل الآن إلى مسألة الأداء الوافي للواجب. فيما يتعلق بالأداء الوافي للواجب، يكمن التركيز على كلمة "الوافي". إذًا، كيف ينبغي تعريف كلمة "وافي"؟ في هذا أيضًا، ثمة حقائق يجب طلبها. هل مجرد القيام بعمل بدرجة مقبولة يُعَد وافيًا؟ بالنسبة للتفاصيل المحددة لكيفية فهم كلمة "وافي" والنظر إليها، يجب أن تفهم حقائق عديدة وأن تزيد من عقد الشركة حول الحق. في أثناء أداء واجبك، عليك أن تفهم الحق والمبادئ؛ وحينئذٍ فقط يمكنك أن تصل إلى أداءٍ وافٍ للواجب. لماذا يجب أن يؤدي الناس واجباتهم؟ حالما يؤمن الناس بالله ويقبلوا إرساليته، يكون لديهم نصيبهم من المسؤولية والالتزام في عمل بيت الله وفي موقع عمل الله، وبالتالي، أصبحوا عنصرًا في عمل الله، وأحد المستهدفين بعمله، وأحد المستهدفين بخلاصه، بسبب هذه المسؤولية وهذا الالتزام. وثمة علاقة جوهرية تمامًا بين خلاص الناس وكيفية أدائهم لواجباتهم، وما إذا كانوا قادرين على القيام بها بشكل جيد، وما إذا كانوا قادرين على القيام بها بشكل وافٍ. بما أنك قد أصبحت جزءًا من بيت الله وقبلت إرساليته، فلديك الآن واجب. ليس لك أن تقول كيف يجب أن يؤدى هذا الواجب؛ بل الله هو الذي يقول؛ والحق هو الذي يقول؛ وهو أمر تمليه معايير الحق. لذلك يجب على الناس أن يعرفوا كيفية قياس الله لواجبات الناس وأن يفهموا ذلك ويكونوا على بينة منه، وأن يعرفوا ما الذي يقيسها بناءً عليه؛ وهذا شيء جدير بطلبه. في عمل الله، يتلقى الناس المختلفون واجبات مختلفة. أي إنَّ الأشخاص ذوي المواهب المختلفة ومستويات القدرات والأعمار والظروف، يتلقون واجبات مختلفة في أوقات مختلفة. وأيًا كان الواجب الذي تلقيته، وأيًا كانت الأوقات والأحوال التي تلقيته فيها، فإن واجبك هو مجرد مسؤولية والتزام يفترض أن تؤديه، وليس من تدبيرك، فضلًا عن أن يكون شأنك الشخصي. إن المعيار الذي يطلبه الله لأداء واجبك هو أن يكون "وافيًا". وماذا يعني أن يكون "وافيًا"؟ يعني أن يلبي مطالب الله ويرضيه. ولا بد أن يقول الله إنه وافٍ ويجب أن يلقى استحسانه. حينها فقط سيكون أداء واجبك وافيًا. وإذا قال الله إنه غير وافٍ، فهو ليس بوافٍ مهما بلغ طول الوقت الذي كنت تؤدي فيه واجبك، أو مهما بلغ الثمن الذي دفعته. ماذا ستكون النتيجة إذًا؟ سيُصنَّف كله على أنه عمل. ولن ينجو من العمال إلا أقلية مِن ذوي القلوب المخلصة. وإذا لم يكونوا مخلصين في عملهم، فلن يكون لديهم أمل في النجاة. وبوضوح، فإنهم سيهلكون في كارثة. وإن لم يحقق المرء أبدًا المعيار المطلوب عند أداء واجبه، فسيُسلب حقه في أداء الواجب. وبعد أن يُسلب هذا الحق، فإن بعض الناس سوف ينبذون جانبًا. وبعد أن يُنبذوا، سيجري التعامل معهم بوسائل أخرى. هل تعني "يُعتنى بهم بوسائل أخرى" أن يُستبعدوا؟ ليس بالضرورة. إن الله ينظر بشكل أساسي إلى ما إذا كان الشخص قد تاب أم لا. لذا فإن كيفية أدائك لواجبك بالغة الأهمية، وعلى الناس أن يتعاملوا مع ذلك بجدية وبإخلاص. ونظرًا لأن أداء واجبك يرتبط مباشرة بدخولك في الحياة ودخولك في وقائع الحق، وكذلك بقضايا كبيرة مثل خلاصك وتكميلك، فعليك أن تتعامل مع أداء واجبك على أنه المهمة الأولى والأهم عند الإيمان بالله. لا يمكنك أن تكون مشوشًا في ذلك الصدد. سيُبدي كثير من الناس في أثناء عملية أداء واجباتهم مجموعة من السلوكيات المختلفة. وهذه السلوكيات المختلفة ليست ظاهرة ومرئية للناس فقط بل لله أيضًا. وليست الكنيسة وحدها هي التي تسجِّل وتقيِّم؛ ففي نهاية المطاف، سيعطي الله أيضًا درجات وتقييمات لكل من يؤدون واجباتهم. إن بعض الناس يلبون المعايير بشكل أساسي، بينما البعض الآخر لا يفون بها على الإطلاق. وسيظل بعض الأشخاص الذين لا يفون بالمعايير تحت الملاحظة، بينما البعض الآخر سيكونون قد صنفهم الله بالفعل تصنيفًا نهائيًا. فمن هم الأشخاص الذين يرى الله أنهم لا يفون بالمعايير؟ إنهم أولئك أصحاب الإنسانية الضعيفة والمفتقرون إلى الضمير والعقل، الذين يؤدون واجباتهم باستمرار بطريقة لا مبالية. بصرف النظر عن مقدار نعمة الله التي يتمتعون بها، فإنهم غير مهتمين بالمعاملة بالمثل وخاليين من الامتنان. وبالطبع، هذا يشمل بطبيعة الحال الأشرار أيضًا. ويمكن القول إن جميع الأشخاص ذوي الإنسانية الضعيفة والمفتقرين إلى الضمير والعقل يؤدون واجباتهم بشكل غير وافٍ. وأولئك الذين يكونون أشرارًا بشكل واضح سيرتكبون حتمًا أفعالًا شريرة لا حصر لها في أثناء أداء واجباتهم. وما داموا لم يُخرجوا، فإنهم سيستمرون في ارتكاب الشرور. مثل هؤلاء الناس يجب إخراجهم على الفور. بالطبع، ثمة بعض الأشخاص الذين يبدو أن لديهم بعض مظاهر الإنسانية والذين لا يبدون أشخاصًا سيئين، لكن أداءهم للواجب يكون لا مبالٍ ولا يحقق أي نتائج. وبعد أن يتلقوا التهذيب ويتلقوا شركة حول الحق، فإن الأمر سيعتمد على كيفية أدائهم في النهاية وما إذا كانوا قد تابوا بإخلاص أم لا. بالنسبة لمثل هؤلاء الناس، فإن الله لا يزال ينتظرهم ويلاحظهم. أما بالنسبة لأولئك الذين لديهم إنسانية ضعيفة ويفتقرون إلى الضمير والعقل، وكذلك أولئك الذين هم أشرار بشكل واضح، فإن الله قد توصل بالفعل إلى حكم قاطع بشأنهم؛ يجب استبعادهم تمامًا.
بعد ذلك، لنعقد شركة حول مظاهر عدم الأداء الوافي للواجب. سأقدم شركة عن مثال أولًا، وبإمكانكم جميعًا أن تميزوا ما إذا كان هذا الشخص يؤدي واجبه بشكل وافٍ ووفقًا لمتطلبات الله أم لا. كان هناك شخص اختير ليكون قائدًا في الكنيسة واستضافته عائلة نصف مؤمنة، حيث كان بعض أفرادها مؤمنين والبعض الآخر غير مؤمنين. غير أنهم جميعًا كانت لديهم سمة غريبة، وهي أنهم كانوا بارعين للغاية في قراءة مزاج من هم في السلطة وتملقهم. ماذا يمكن أن تشكل هذه السمة عن غير قصد للقائد؟ (ستشكل غواية). لقد شكلت غواية. هل كانت هذه نعمة أم نقمة بالنسبة له؟ سنرى لاحقًا ما إذا كانت بمثابة نعمة أم نقمة؛ فلنتابع. بعد أن استضافت هذه العائلة القائد، كانوا يقدمون له اللحم والطعام الجيد في كل وجبة. لماذا استقبلوا القائد بهذه الطريقة؟ هل كان ذلك بدافع المحبة؟ هل كانوا سيستقبلون الإخوة والأخوات بهذه الطريقة؟ كلا بكل تأكيد. عندما كان القائد هناك، كانوا يطبخون له اللحم كل يوم. وفي النهاية، قال القائد، وهو مسرور بالوجبات، للعائلة: "إن عائلتكم كلها تحب الله. يمكن لوالدتك أن تدخل الملكوت، ويمكن لابنك أن يدخل الملكوت، ويمكنك أنت وزوجتك أيضًا أن تدخلا الملكوت. وفي المستقبل، يمكن لعائلتك بأكملها أن تدخل الملكوت". عند سماع ذلك ابتهجت العائلة وفكروا: "يمكن لعائلتنا بأكملها أن تدخل الملكوت، حتى غير المؤمنين بيننا يمكنهم الدخول. يبدو أن اللحم الذي كنا نقدمه له لم يضيع هباءً؛ علينا أن نستمر في تقديمه له". في الواقع، هذه العائلة كان لديها قليلًا من الفهم لما يستلزمه دخول الملكوت، لكنهم كانوا يعلمون أنه شيء جيد. من بين أولئك الذين يؤمنون بالله قد لا يريد أن يدخل ملكوت السماء ويتلقى البركات؟ لقد فكروا: "ما دام القائد يقول إننا نستطيع دخول الملكوت، فنحن نستطيع، أليس كذلك؟ إن كلمة القائد نهائية؛ فالقائد يمثل الله في نهاية المطاف!" وبعد ذلك، كلما قال القائد إن بإمكانهم دخول الملكوت، زاد إسرافهم في تقديم الوجبات له. وبالتدريج، لم يعد هذا القائد يرغب في زيارة العائلات الأخرى لأنهم لم يقدموا له هذه الأشياء الطيبة أو يتملقونه بهذه الطريقة. وبعد فترة وجيزة، زاد وزن القائد أكثر فأكثر، وسمن رأسه أيضًا، وتحول من "رأس إنسان" إلى "رأس خنزير". وخلال تجمع زملاء العمل، كان الأمر ملحوظًا على الفور. فبعد أن لم يروه لمدة شهر واحد فقط، كان قد اكتسب وزنًا زائدًا لدرجة أنهم سألوه على وجه السرعة عن عمله. واكتشفوا مشاكل خطيرة وأعطوه تهذيبًا صارمًا، وقاموا بتشريح جوهر مشكلته قبل أن يستبدلوا في النهاية هذا القائد الكاذب. وكشف المزيد من التحقيق عن مزيد من المشاكل: لم يقم هذا القائد الكاذب بأي عمل حقيقي، وكان يستمتع بمزايا مكانته كل يوم. كان يحابي أولئك الذين يتملقونه ويشجعهم، بينما كان يقمع أولئك الذين لم يقدموا له الهدايا. بل إنه طلب من زوجته أن تحضر له المزيد من الدجاج ليأكله. ما رأيكم إذًا في أداء هذا القائد الكاذب لواجباته؟ ماذا كان موقفه تجاه واجباته؟ إنه لم يكن يؤدي العمل فعليًا؛ بل كان يبدو وكأنه ذهب إلى مكان ما لمجرد أن يكون مسؤولًا. وإلا، فكيف اكتسب كل هذا الوزن الزائد؟ هناك سببان لذلك: فمن ناحية، كان يختار عمدًا العائلات المضيفة حيث يمكنه أن يأكل اللحم، ويقيم هناك ويلهو باستمرار؛ ومن ناحية أخرى، لم يكن لديه بالتأكيد أي إحساس بالعبء أثناء أداء واجباته، ولم يتحمل أي مشقة. إذا كان لدى القائد أو العامل إحساس بالعبء، عند رؤية عبء العمل الهائل للكنيسة والقضايا العديدة التي تحتاج إلى الحل على نحو عاجل، ألن يشعر أنه متوتر وقلق؟ هذا القلق من شأنه أن يدفعه إلى التصرف؛ فيبدأ على الفور في معالجة هذه القضايا، ويبذل الطاقة ويتحمل بعض المشاق. من الناحية الجسدية، سيخسر الوزن؛ إنه قانون طبيعي. فما هي الظروف التي تجعل المرء يستمر في تناول المزيد من الطعام ويزداد وزنه؟ لا يمكن أن يكون ذلك إلا من خلال تناول المرء الطعام حتى يشبع ويرضى طوال اليوم وعدم التركيز على أي شيء آخر، وأن يكون متحررًا من الأعباء، ويجلس مترفعًا وعظيمًا، ومنقطعًا عن المجتمع ومكان العمل، ومنغمسًا في الراحة الجسدية. عندها فقط يمكن للمرء أن يستمر في اكتساب الوزن، متحولًا من "رأس إنسان" إلى "رأس خنزير" خلال ما يزيد قليلًا عن شهر. إذن، ما مدى حسن أداء هذا القائد لواجباته؟ لقد تغيرت طبيعة دوره كقائد؛ فلم يعد الأمر يتعلق بأداء واجباته بل بالانغماس في الراحة ومنافع المكانة. لقد كان يتصرف باعتباره مسؤولًا حكوميًا. وهو لم يتهرب من العمل الحقيقي فحسب، بل كان منخرطًا أيضًا في ارتكاب الذنوب. فإذا لم يداهنه أحد أو يقدم له طعامًا لذيذًا، فإنه كان يقمعه. وعلاوة على ذلك، كان يحرض إخوته وأخواته على الانضمام إليه في تهذيبهم، مما أثار في النهاية غضب الناس. بدأ الناس يشعرون بالنفور منه ونأوا بأنفسهم عنه. إذا وضعنا جانبًا أسباب عزله، دعونا نناقش فقط مدى أداء واجباته بشكل وافٍ. إن انغماسه في منافع المكانة وعدم قيامه بعمل حقيقي هو أخطر قضية. إنه لم يكن يخدم شعب الله المختار؛ بل كان يتصرف معهم بوصفه مسؤولًا، ولم يكن يؤدي واجباته بأي حال من الأحوال. في عمله بوصفه قائدًا، لم يُظهر ذرة من الوفاء في أداء واجباته، فضلًا عن تكريس قلبه وطاقته. لقد أعطى قلبه وطاقته للأكل والشرب والاستمتاع فقط. لقد كان يُضني عقله مفكرًا في كيفية التمتع بمنافع مكانته، ولم يقدم شركة للأسرة المضيفة ليحد من هذا النوع من التزلف من جانبهم. وعلاوة على ذلك، فقد خدعهم قائلًا إن مثل هذه الاستضافة هي وحدها التي تسمح بدخول الملكوت وكسب المكافآت. أليس هذا فعل الشر؟ إذا كانت هذه هي كيفية معاملته للعائلة المضيفة، فماذا كان سيفعل في عمل الكنيسة؟ كيف سيعامل شعب الله المختار؟ من المؤكد أنه سيكون مليئًا بالخداع واللامبالاة. هل كان هذا الشخص يعرف حقًا ما هو الواجب؟ هل كان يعرف ما هو العمل الذي ائتمنه الله عليه؟ وماذا كان يعتبر هذه الإرسالية؟ لقد اعتبرها بمثابة رأس مال وأساسًا للتمتع بمنافع مكانته، ونتيجة لذلك ارتكب شرورًا كثيرة، وعرقل حياة الكنيسة، وتسبب في ضياع دخول الحياة للإخوة والأخوات. إن مثل هذه الطريقة في أداء الواجب ليست فقط غير وافية، بل تحولت أيضًا إلى أفعال شريرة. وفي غياب أي عنصر للوفاء بأداء الواجب، هل يمكن أن يتذكره الله؟ (كلا). من الواضح أنه لا يمكن تذكره، وهو أمر مثير للشفقة تمامًا. إنه لمن المثير للشفقة عدم فهم الحق؛ فهل من الأكثر إثارة للشفقة أن يفهم المرء الحق ولا يمارسه؟ (نعم). هذه هي المسألة الأولى، مسألة "رأس الإنسان الذي تحوَّل إلى رأس خنزير". هذه المسألة بسيطة نسبيًا: إنها تنطوي على الانغماس في منافع المكانة، وأداء المرء واجبه دون ذرة من إخلاص، والافتقار إلى قلب يتقي الله ولو بقدر بسيط. لقد تعامل هذا القائد مع واجبه الذي منحه الله إياه على أنه رأس مال مقابل الانغماس في منافع مكانته. وهذا من السهل تمييزه. تذكروا اسم المسألة الأولى، حتى تتمكنوا في المستقبل من إجراء مقارنة وتمييز الآخرين وتحفيز أنفسكم. ما رأيكم في هذه المسألة التي تحدثت عنها؟ هل تكرهون مثل هؤلاء الأشخاص ومثل هذه الأفعال؟ (نعم). إذا كنتم تقبلون إرسالية الله، فهل يمكنكم ارتكاب مثل هذه التصرفات؟ إذا كان بإمكانكم أن تكونوا أكثر تعقلًا من ذلك القائد الكاذب وأن تكونوا منضبطين بعض الشيء، ويمكنكم أن تجاهدوا من أجل الحق، فلا يزال هناك بعض الأمل. ولكن إذا أمكنكم أن تنغمسوا في الأكل والشرب والتمتع بمنافع المكانة مثله، فسوف تنكشفون وتُستبعدون؛ وستكونون قادة كاذبين وأشخاصًا يمقتهم الله. الآن لديكم بعض التمييز وتفهمون بعض الحقائق. إن مدى قدرتك على ضبط نفسك والتحكم فيها يحدد مدى أملك في الخلاص؛ فهما متناسبان طرديًا. وإذا كنت لا تستطيع ضبط نفسك، وتواصل التصرف وفقًا لتفضيلاتك الخاصة، وكنت تعيش في شخصية فاسدة ومنغمسًا في منافع المكانة، ومسرورًا ومنتشيًا عندما يداهنك أحدهم، دون أي تأمل ذاتي أو توبة حقيقية، فإن أملك في نيل الخلاص معدوم.
بعد ذلك، لنتحدث عن حالة أخرى. في أثناء توسع الإنجيل، يذهب العديد من الناس في الكنيسة إلى أماكن مختلفة لنشر الإنجيل. إن عمل نشر الإنجيل واجب على الجميع. وبغض النظر عن كيفية تعاملك معه أو ما إذا كنت تعتقد أن هذا الواجب جيد أم لا، فإنه، بوجه عام، إرسالية أعطاها الله للناس. وبالحديث عن إرساليات الله للناس، فإن هذا ينطوي على مسؤولية الناس، وينطوي أيضًا على واجب الناس. وبما أنه ينطوي على واجب الناس، فإنه ينطوي أيضًا على كيفية أداء المرء لواجبه. في أثناء عملية نشر الإنجيل، يطلب بعض الناس المناطق الغنية والأسر الثرية تحديدًا. عندما يرون شخصًا يقود سيارة جميلة أو يعيش في منزل كبير، فإنهم يشعرون بالحسد والغيرة. وإذا وجدوا أسرة تستضيفهم بشكل جيد، فإنهم يطيلون المكوث ويضمرون قلوبًا طامعة. إنهم يعتقدون أنه بما أنهم قدموا إسهامات في عملية نشر الإنجيل، فيجب أن يتمتعوا ببعض النعمة. ماذا يصبح نشرهم للإنجيل إذن؟ كل ما يفعلونه هو الانغماس في الملذات الجسدية، ومبادلة عملهم بالاستمتاع المادي؛ فيصبح ذلك بيعًا لعملهم. وبعد عامين أو ثلاثة أعوام، يكونون قد ربحوا بعض الناس بنشر الإنجيل بينهم، بل وأسسوا كنيسة، وبالتالي جمعوا بعض رأس المال. ومن ثم يبدأون في الانجراف بعيدًا، وبحلول الوقت الذي يعودون فيه "بمجد" إلى مسقط رأسهم، يكونون قد أصبحوا متألّقين، بعد أن أصبحوا عمليًا من الأشخاص المتأنقين. إنهم يجلبون معهم أجهزة منزلية ومنتجات إلكترونية حديثة، ويرتدون ملابس فاخرة من الرأس إلى أخمص القدمين. لا يستطيع السكان المحليون التعرف عليهم بعد ذلك، معتقدين أنهم قد حققوا ثراءً في مكان ما. ألا توجد مشكلة هنا؟ لقد كانوا مؤمنين طوال سنوات عديدة، ودائمًا ما كانوا يؤدون واجبهم بعيدًا عن ديارهم. في البداية، لم يكن في منزلهم أي شيء ذي قيمة في الواقع، لكنهم الآن يأخذون كل ما يقدمه الناس من ملابس فاخرة وأجهزة جيدة؛ يرتدون ملابس أنيقة ولديهم كذلك تجهيزات جيدة. إنهم يعتبرون هذا نعمة الله. لكن من أين أتت هذه الأشياء حقًا؟ يمكن القول إنها استُبدلت مقابل جهودهم في نشر الإنجيل. ويكون البعض الآخر قد رأى سنوات إيمانهم العديدة وعملهم الشاق في نشر الإنجيل، لذلك فإنهم يعطون هؤلاء بعض الأشياء الجيدة. هل هذا "العطاء" صدقة؟ هل هو إحسان؟ إذا كانت هذه الأشياء الجيدة قد اكتُسِبَت بسبب نشر الإنجيل، وأُعطيت لهم عن طريق المداهنة من الآخرين، فهل من اللائق أن يعتبرها هذا الشخص فضلًا من الله أو نعمةً من الله؟ بعبارة صريحة، إنهم يستغلون فرصة نشر الإنجيل لاقتناء هذه الأشياء. إذا كانوا دائمًا ما يندبون فقرهم أمام الآخرين، بينما يذكرون أيضًا أنهم يحبون هذه السلعة أو تلك، ومن ثم يعطيهم الناس إياها على مضض، ألا يحمل ذلك شبهة انتهاز أو ابتزاز؟ إن بعض الناس الذين يبشرون بالإنجيل يحبون أن يقولوا للآخرين: "نحن ناشرو الإنجيل رسل من الله، ومرسلون من الله. أنتم تتلقون إنجيل الله منا؛ فيا لها من بركة وميزة هائلة تربحونها! بالنظر إلى مدى ثرائكم ومقدار نعمة الله التي تمتعتم بها، ألا يجب أن تظهروا بعض الامتنان؟ ألا يجب أن تشاركوا معنا بعضًا من أغراضكم الزائدة أو غير المستخدمة؟" وبعد مثل هذا الإقناع، فإن بعض الناس، بدافع الحرج، ينتهي بهم الأمر إلى الاستسلام، ويظن ناشرو الإنجيل أن فعلهم مُبرر تمامًا. هل أولئك الذين يعطون يفعلون ذلك عن طيب خاطر حقًا؟ وبغض النظر عما إذا كان المعطون راغبين في ذلك أم لا، فهل هذه هي الأشياء التي يجب أن يتلقاها ناشرو الإنجيل؟ (كلا). يقول البعض مبررًا "لماذا لا ينبغي أن أتلقى هذه الأشياء؟ لقد عملت جاهدًا للتبشير بالإنجيل؛ أليس الحصول على هذه الأشياء القليلة نعمة من الله فحسب؟" ماذا تفعل حين تُبشر بالإنجيل؟ هل هذا عملك لكسب الرزق؟ إن التبشير بالإنجيل ليس صفقة؛ إنه واجبك. حين تطلب أشياء من الناس، فإنك في الأساس تطلب أشياء من الله. لكن بما أنك لا تستطيع الوصول إلى الله، ولأنك لا تجرؤ على سؤاله، فإنك تمد يدك إلى الناس بدلًا من ذلك، وتضللهم من خلال التحدث بعدد كبير من النظريات الروحية. تشعر أنك اكتسبت استحقاقًا بربح بعض الناس من خلال نشر الإنجيل، وأنك تستحق تلقي بعض التعويض مقابل جهودك. أنت لا تظن أنه سيكون من الجيد أن تطلب المال مباشرةً، لذلك تطلب أشياء بدلًا من ذلك، معتقدًا أنه بهذه الطريقة لم تذهب جهودك سدى. هل هذا أداء لواجبك؟ (كلا، ليس كذلك). لقد تغيرت طبيعة أفعالك. إلى ماذا حولت نشر الإنجيل؟ لقد حولت إنجيل الله إلى تجارةٍ، وقايضته بهذه الأشياء المادية. أي نوع من السلوك هذا؟ (انتهازية). هل هذه انتهازية؟ هل تسميتها انتهازية تقليل من خطورتها؟ أليس هذا في الواقع فعلًا للشر، أليس عملًا شريرًا؟ (بلى). ولماذا يعتبر عملًا شريرًا؟ إن نشر الإنجيل هو أداء الواجب والشهادة لله؛ فبينما تشهد لله، فإنك في الوقت نفسه تجلب الإنجيل لشخصٍ ما ويربح الله ذلك الشخص، وتكون بذلك قد أكملت مهمتك. وأيًا كان ما يجب أن تحصل عليه مقابل إكمال مهمتك، فإن الله سيعطيك إياه؛ لست بحاجة إلى أن تسأل أحدًا، ولا أحد لديه سبب لمبادلة الصدقة بهذا الإنجيل. إن إنجيل الله لا يقدر بثمن؛ لا يمكن لأي مبلغ من المال أن يشتريه، ولا يمكن مقايضته بأي شيء. وعندما تستغل نشر الإنجيل باعتباره فرصة للحصول على منافع مادية، فإنك تخسر شهادتك؛ وهذا النهج تجديفي وعلامة على الإساءة إلى الله. علاوة على ذلك، ما هي طبيعة جعل الناس ممتنين لك بعد أن تنشر لهم الإنجيل؟ هذه سرقة لمجد الله! إن إنجيل الله وعمل الله ليسا بضائع. إن الله يمنح إنجيله للإنسان بلا مقابل؛ إنه مجاني ولا ينطوي على أي صفقات على الإطلاق. ومع ذلك، يحول الناس إنجيل الله إلى بضاعة يبيعونها للآخرين، ويطلبون منهم المال والأشياء المادية. هذا يفتقر إلى الشهادة ويسيء إلى اسم الله. أليس هذا عملًا شريرًا؟ (بلى). إنه بالفعل عمل شرير. هل هذا أداءٌ وافٍ للواجب؟ (كلا). هل هذا أشد خطورة بطبيعته من الحالة التي تحدثنا عنها للتو، "رأس الإنسان الذي تحول إلى رأس خنزير"؟ (نعم). وأين تكمن الخطورة؟ (في الإساءة إلى الله). إن هذا إساءة إلى الله، وتجديف على الله، وسرقة لمجد الله. إن أخذ إنجيل الله وبيعه للناس، وتسويقه لهم كما لو كان سلعة، ثم التربح منه بإفراط والسعي لتحقيق ربح شخصي منه؛ أي نوع من المخلوقات يفعل هذا؟ هؤلاء قطاع طرق وأشرار يتصرفون بطريقة الشيطان! إنه لمن الجلي أن الله خلق السماء، والأرض، وكل الأشياء، وكذلك البشر، ومع ذلك فإن الشيطان والأرواح الشريرة يضللون الناس بالقول إنهم هم الذين خلقوا البشر، والسماء، والأرض، ويجعلون الناس يعبدونهم على أنهم الله والخالق. أليس هذا سرقة لمجد الله؟ هذه خطيئةٌ، عمل شرير، ومعارضة لله. هل بيع الإنسان للإنجيل هو نفسه سلوك الشيطان؟ (نعم). وما الغرض من بيعه الإنجيل؟ أن يجعل الناس يعتبرونه رسول الإنجيل، كما لو كان الإنجيل نابعًا منه ولديه القدرة على اتخاذ القرارات. أليس هذا سرقة لمجد الله؟ (بلى). ما نوع الخطيئة التي ارتُكبَت بسرقة مجد الله؟ ما هي طبيعتها؟ هذا هو العمل الشرير المتمثل في معارضة الله؛ إنه سلوكٌ تجديف على الله. هل لا يزال نشر الإنجيل بهذه الطريقة يُعَدُّ أداءً للواجب؟ هذا فعل للشر بأكمله؛ إنه معارضة لله. إن نشر الإنجيل بهذه الطريقة ليس شهادةً لله على الإطلاق، لذا فهو ليس أداء لواجب المرء؛ إنه محض فعل للشر. يقول بعض الناس: "إن نشر الإنجيل عمل شاق للغاية؛ والحصول على بعض الأشياء الجيدة هو أمر عادل فحسب. ما المشكلة الكبيرة في هذا؟ إن هذا لا يُعدُّ شيئًا خاطئًا بين غير المؤمنين". هل هذا القول صحيح؟ يعتمد هذا على نواياك، وما تشتهيه، وطبيعة ما تشتهيه. إذا كنت تفعل ذلك لتحقيق ربح شخصي، وما تبيعه هو إنجيل الله، وما تبيعه هو الحق، وما تربحه في النهاية هو منفعتك الشخصية، فهذا في الواقع عمل شرير. هل من المبالغة وصف هذا بأنه عمل شرير؟ (كلا). إنه ليس مبالغة على الإطلاق. عندما يكون شخص ما قد تلقى واجبه ونفذه، ولكن بعد ذلك تنشأ مثل هذه العواقب، فمن الملام؟ (الشخص نفسه). لا يمكن أن يلوم إلا نفسه. إذن كيف نشأت هذه العواقب؟ إنها مرتبطة مباشرة بطبيعة الناس الشريرة. بعض الناس لا يسعون إلى الحق، ولكن لديهم شعور بالخزي، والسمعة، والضمير، لذلك لن يفعلوا مثل هذه الأشياء. وإذا انخرط شخص ما في مثل هذه الأفعال، فهذا يدل على أن هذا الشخص يفتقر إلى الإنسانية؛ إنه جشع ولديه شخصية شريرة. إن هذا لا يؤدي فقط إلى الفشل في أداء واجباته بصورة وافية، بل إنه في الواقع يحولها إلى فعل الشر. يقول بعض الناس: "كيف يمكن وصفه بأنه فعل للشر؟ لقد تمكن من كسب عدد غير قليل من الناس من خلال نشره للإنجيل؛ مجرد حقيقة أنه حقق نتائج واضحة يجب أن تنفي فكرة أنه يفعل الشر، أليس كذلك؟" هل هذا القول صحيح؟ (كلا). ولماذا هو غير صحيح؟ إن نشر الإنجيل هو واجبه ومسؤوليته. وما هو المقصد والغرض من وراء واجبه؟ وما هي المبادئ التي توجِّه واجبه؟ هل هو مسؤول في أفعاله؟ استنادًا إلى هذه العوامل، يمكن للمرء أن يحدد ما إذا كان الشخص يؤدي واجباته أو يفعل الشر. على الرغم من أنه كان يؤدي واجباته، إلا أن نقطة البداية في أدائه كانت خاطئة؛ فهو لم يتصرف وفقًا للمبادئ، وارتكب الكثير من الأعمال الشريرة. لا يوجد أدنى مظهر من مظاهر ممارسة الحق. فما هو جوهر هذا النوع من نشر الإنجيل؟ (بيع الإنجيل). بماذا يجب أن تُسمى هذه الحالة؟ حالة "بيع الإنجيل". ما أن تسمع هذا الاسم، فإنك تعرف أن طبيعة المشكلة بالغة الخطورة. كيف يمكن لشخص ما أن يبيع إنجيل الله؟ إن طبيعة مشكلة بيع الإنجيل خطيرة للغاية. لذا، في كل مرة يُذكر فيها بيع الإنجيل، ألا يجب أن يعرف الناس ما هو الأمر، وما هي الحالات، والسلوكيات، والأساليب؟ هذه هي الحالة الثانية، وطبيعة هذه الحالة أخطر من سابقتها.
الحالة التالية هي أيضًا حالة حدثت في أثناء عملية نشر الإنجيل. في الماضي، كان بيت الله قد وضع بعض المبادئ والأساليب لنشر الإنجيل، بما في ذلك أساليب تتعلق بالتعاطف وتكوين الصداقات. سمح ذلك لبعض الناس بإيجاد ثغرات لاستغلالها. من هم الأشخاص الذين استغلوا هذه الثغرات؟ أشخاص ذوو طبيعة شريرة لا يحبون الحق. في عملية نشر الإنجيل، هناك بالفعل بعض الأشخاص الأشرار الذين يستغلون هذه الفرصة للعثور على شركاء عاطفيين والانخراط في علاقات عاطفية وحميمية. عندما تحدث مثل هذه الأشياء، فإنهم يظنون أن ثمة أسبابًا لذلك، بينما الحقيقة هي أن أولئك الأشخاص الأشرار من الشيطان يستغلون الثغرات. باستغلال فرصة نشر الإنجيل للاحتكاك بالجنس الآخر، عندما يجد هؤلاء الأشخاص شخصًا مناسبًا أو مفضلًا لهم، فإنهم يبذلون كل ما بوسعهم لإيجاد سبل للتفاعل معه واستمالته. في الظاهر، يبدو الأمر وكأنه من أجل ربح الناس من خلال نشر الإنجيل، بينما في الواقع، فإن ذلك لإشباع شهواتهم الشخصية. إنهم يفعلون كل هذه الأشياء تحت راية نشر الإنجيل، وتحت راية توسيع عمل الله، وتحت راية الشهادة لله وتكريس أنفسهم لله، وأيضًا تحت راية أداء واجبهم. ولا أحد يفعل هذه الأشياء بغير عمد، بل إنهم في الواقع مدركون تمامًا ولكنهم يتظاهرون بإصرار بأنهم مرتبكون. كل شخص يعرف في قلبه عندما يفعل هذه الأشياء أنها خطأ، ومبغوضة من الله، وغير مسموح بها من الله، لكنهم لا يستطيعون السيطرة على شهوتهم الجسدية، ويحاولون جاهدين اختلاق الأعذار والتبريرات للخطايا التي يرتكبونها. أيمكن لهذا أن يخفي مشكلاتهم الخاصة؟ إذا ارتكبت مثل هذه الخطايا مرة أو مرتين ثم تُبت، فقد يعفو الله عنك، ولكن إذا أصررت على رفض التغيير، فأنت في خطر. قد يشعر بعض الناس بعدم الارتياح إلى حد ما في كل مرة يرتكبون فيها مثل هذه الخطيئة، متسائلين: "هل يمكنني أن أُخلَّص إذا تصرفت بهذه الطريقة؟" لكنهم يفكرون بعد ذلك قائلين: "هذا ليس شرًا عظيمًا؛ إنه مجرد كشف عن فساد على أكثر تقدير. لن أفعل ذلك مرة أخرى؛ ولن يؤثر ذلك على عاقبتي وغايتي". هل هذا الموقف من ارتكاب الذنب هو موقف توبة حقيقية؟ إذا لم يكن هناك حتى ندم في قلوبهم، ألن يستمروا في الانتكاس؟ أعتقد أن الأمر محفوف بالمخاطر. هل يمكن لمثل هذا الشخص أن يؤدي واجبه بشكل وافٍ؟ في أداء واجبه، لا تزال ثمة عناصر "عملية خاصة"؛ إنه يخلط بين "العام والخاص"، وهذا غش كبير! من المؤكد أن هذا يسيء إلى شخصية الله. فهؤلاء الناس لا يمكن اعتبارهم "يوفون" أداء واجبهم؛ هذا أخطر من طلب الأشياء أو بيع الإنجيل. كيف يكون أخطر؟ إنه مثير للاشمئزاز؛ إنه تجارة بالجسد والشهوة. ما طبيعة هذه المشكلة إذن؟ إنه ارتكاب للخطيئة عن عمد رغم معرفة الطريق الصحيح. وكلمة "عن عمد" تغير طبيعة المشكلة. في الواقع، إنهم يعلمون أن اللوائح والمبادئ في ترتيبات العمل مصممة لحمل الناس على ممارسة الحكمة ومنع الشيطان من كسب النفوذ ضدهم. إنّ المراد هو جلب الناس أمام الله، لكنهم يستغلون الثغرات ويغتنمون الفرص لإطلاق العنان لشهواتهم الشريرة بحرية؛ وهذا ما يسمى ارتكاب الخطيئة عن علم. ماذا يقول الكتاب المقدس عن هذا؟ ("فَإِنَّهُ إِنْ أَخْطَأْنَا بِٱخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ ٱلْحَقِّ، لَا تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ ٱلْخَطَايَا" (عبرانيين 10: 26)). فإذا لم تعد حتى ذبيحة الخطيئة للصليب متاحة، فهل يظل لدى هؤلاء الناس أي علاقة بالخلاص؟ يعتمد ذلك على الموقف. بعض الناس يتصرفون بدافع الضرورة، أو يدينون أنفسهم داخليًا، لكنهم يكونون مجبرين على التصرف بهذه الطريقة بسبب الظروف في ذلك الوقت. وإذا لم يكن عدد المرات كثيرًا جدًا – لا يزيد عن ثلاث مرات – فمن الممكن أن يُغفر لهم. وماذا يعني أنه يمكن أن يُغفر لهم؟ يعني أنه عند أول إساءة، إذا استطاعوا أن يعودوا إلى رشدهم، ويطلبوا الحق، ويظهروا علامات الندم، ويرجعوا دون ارتكاب الإساءة مرة أخرى، وكل ذلك في أثناء سؤالهم أن يؤدوا واجباتهم، فإنه يمكن إعطاؤهم فرصة للتكفير عن خطاياهم. لا يزال ثمة أمل في الخلاص في مثل هذه الحالات، ولكن مقدار الأمل يعتمد على السعي الفردي. لا يمكن لأحد أن يصدر حكمًا نهائيًا عليك، ولا يمكن لأحد أن يعطيك ضمانات؛ الأمر يعتمد بشكل أساسي على سعيك الخاص. لن أقطع لك أي وعود، قائلًا إنك ما دمت لن ترتكب هذه الخطيئة مرة أخرى، فإنك بالتأكيد ستُخلص؛ لن أقطع ذلك الوعد لأنني لا أعرف كيف سيكون أداؤك في المستقبل. إذا تجاوزت عدد المرات التي يكون فيها الغفران ممكنًا، ورفضت مرارًا وتكرارًا أن تتغير، ولم يكن لديك أعمال صالحة في سياق التبشير بالإنجيل يمكن أن تعوض أعمالك الشريرة، فإنك قد انتهيت تمامًا. لقد ارتكبت الكثير من الشرور دون أي أثر للأعمال الصالحة؛ تبشيرك بالإنجيل هو فقط من أجل الانخراط بتهور في علاقات حميمية، وليس بهدف أداء واجبك بشكل جيد؛ إنه منفصل عن أدائك للواجب. لم تعد القضية هي أن يكون لديك أو لا يكون لديك ذبيحة خطيئة. بماذا ينبغي تصنيف مثل هؤلاء الناس؟ يجب تصنيفهم على أنهم شياطين نجسة وأرواح شريرة. إنهم ليسوا بشرًا عاديين. إنهم لا يرتكبون الخطايا فحسب؛ بل إنه لا علاقة لهم بأداء واجبهم. هل لا يزال ثمة أمل في خلاصهم؟ كلا، ليس هناك أمل. مثل هؤلاء الناس طُردوا من بيت الله؛ لقد أُبعدوا ولن يخلصهم الله. إن ما يفعلونه وكيف يتصرفون لا يفشل فقط في أن يمس واجبهم؛ بل لا يمكن اعتباره حتى أمرًا يتعلق بالأداء الوافي للواجب. والنتيجة النهائية والعاقبة لمثل هؤلاء الناس ستُحدد بناءً على تصنيفهم. أليست هذه الحالة مقززة للغاية؟ إن طبيعتها أشد خطورة من الحالة الثانية التي ناقشناها للتو. من بين مثل هؤلاء الأشخاص، ثمة بعض الأشخاص الذين تكون حالاتهم أشد خطورة في طبيعتها. فهل يمكنهم العودة إلى الوراء؟ هل يمكن أن يكون لديهم قلب تائب ويتوقفوا عن فعل مثل هذه الأشياء، ويظلوا يعملون بنشر الإنجيل في بيت الله؟ هل هناك أشخاص مثل هؤلاء؟ (كلا). هل يمكنهم العمل طواعية؟ (كلا). في الواقع، لقد ربح بعض هؤلاء الناس خلال فترة عملهم في نشر الإنجيل بعض الأشخاص. لكن الآن، ما الذي يساويه كل هذا العمل الذي قاموا به؟ إنه يساوي مجرد عمل، وليس أداءً لواجبهم. في الواقع، هؤلاء الناس لم يكونوا مقصرين في بذل الجهد، لكن الطريق الذي سلكوه حدد مصيرهم وعاقبتهم. ومن بين أولئك الذين ينشرون الإنجيل أيضًا، هل كل واحد منهم سيواجه مثل هذه الإغراءات؟ يمكن القول إن الجميع سيواجهون هذه الأنواع من الإغراءات بدرجات متفاوتة في مواقف مختلفة، ولكن هل يعني ذلك أن كل واحد منهم سيستسلم للإغراء ويرتكب الخطيئة؟ (كلا). ليس بإمكان كل واحد منهم أن يرتكب الخطيئة، وليس بإمكان الجميع أن ينخرط في مثل هذه الأنشطة؛ هذا يدين أولئك الذين ينخرطون في هذه الأنواع من الأنشطة، وبالتالي ينكشفون. ويدل هذا على أنه ثمة مشكلة في شخصيتهم وفي إنسانيتهم. ومن يمكن أن يلوموا على مثل هذه العاقبة؟ (أنفسهم). يمكنهم أن يلوموا أنفسهم فقط، وليس أي شخص آخر.
بعض الناس – بغض النظر عن الذنوب التي يرتكبونها خلال فترة نشرهم للإنجيل – لا يطلبون الحق أبدًا لمعالجتها، ولا يصلون إلى الله، ولا ينخرطون أبدًا في التأمل الذاتي، مما يدل على أنهم غير تائبين بعناد. في نهاية المطاف، هؤلاء الناس يُستبعدون. لقد سمعت عن شخص استحوذ على امرأة، بينما كان ينشر الإنجيل، ولم يسمح لها حتى بالعثور على شريك والزواج؛ إن طبيعة هذا الأمر خطيرة للغاية. أي نوع من الأشخاص هذا؟ (شخص شرير). هل يمكن لمثل هؤلاء الأشخاص الأشرار أن يبقوا في بيت الله؟ (كلا). إن بيت الله لا يتسع لمثل هؤلاء الطغاة؛ إنهم يسيئون إلى الله! إنهم بفعلهم مثل هذه الأشياء يؤثرون على تصور عدد لا يحصى من الناس عن الله ويتسببون في إساءة فهم الكثيرين له! سيقول الناس: "كيف يمكن لشخص يؤمن بالله أن يفعل مثل هذه الأشياء؟" إن هذا إساءة إلى الله بالفعل. وإذا لم تطرد الكنيسة مثل هؤلاء الأفراد وتتعامل معهم، بل تتركهم يستمرون في نشر الإنجيل وتمنحهم فرصة للتوبة، فهذا خطأ تمامًا. إن هذا الشخص ليس مسيئًا للمرة الأولى؛ فسلوكه خطير بطبيعته وينبغي طرده مباشرة؛ وإلا فإنه سيسيء إلى الله ويوفر للشيطان نفوذًا لدينونة بيت الله وإدانته. لذا لا يمكن منح الشيطان فرصة لكسب النفوذ؛ وأولئك الذين اعتادوا الفسق يجب طردهم من الكنيسة. مثل هؤلاء الأفراد هم أرواح فاسقة وقد أساءوا إلى الله بالفعل، ولن يخلصهم الله بالتأكيد. وبغض النظر عن مدى فعالية تبشيرهم بالإنجيل أو عدد الأشخاص الذين ربحوهم، فإذا لم يسلكوا الطريق الصحيح، فقد دمروا أنفسهم وخسروها. إن مثل هؤلاء الأشخاص غير مسموح لهم بالوجود داخل بيت الله؛ بل يجب العمل على طردهم. إذًا، هل تُعتبر أعمالهم بمثابة أداءً لواجبهم؟ كلا، فكل إسهاماتهم قد محيت تمامًا في عيني الله ولن يتذكرها. إنهم ليسوا غير مستوفين للواجب فحسب؛ بل إن طبيعة أدائهم للواجب قد تبدلت، وأصبحت فعلًا للشر. وكيف يتعامل الله مع أولئك الذين يفعلون الشر؟ يطردهم. وما معنى أن يُطردوا؟ يعني أنهم يُقصون من بين الناس الذين اختارهم الله وأعدهم للخلاص؛ فهم لا ينتمون إليهم. إنهم يُصنَّفون بدلًا من ذلك بين الأرواح الشريرة والشياطين الدنسة، وغير المستحقين للخلاص. ما هي فرصهم في نيل الخلاص؟ (صفر). رغم أنهم أدوا واجباتهم واتبعوا الله بالمثل، ففي النهاية يصل هذا النوع من الأشخاص إلى هذه النقطة ويتم استبعادهم. وها أنت ترى، هذا نوع آخر من الأشخاص. هل طبيعة هذه الحالة أخطر من الحالة السابقة؟ (نعم). إنها أكثر خطورة؛ إنها مستهدفة. يجب أن تُدمج هذه الحالة مع الحالة الثالثة؛ فهي تندرج تحت فئة حالة خاصة ونموذجية في المثال الثالث، وهي مستهدفة. وماذا ينبغي أن تسمى هذه الحالة؟ "الأشخاص الخبثاء سوف يُبعدون"، لنستقر على ذلك. بالنسبة للأنواع الثلاثة من الناس في هذه الحالات الثلاث، فإن أداءهم للواجب في الأساس كان يساوي العمل بلا تأثير. وما معنى أن تعمل بلا تأثير؟ يعني أنهم حوَّلوا واجبهم إلى مجرد عمل؛ وحتى حينها، فإنهم لم يعملوا بشكل جيد أو يؤدوا واجبهم بشكل صحيح. إنهم لم يتعاملوا مع واجبهم بوصفه واجبًا، بل وارتكبوا العديد من الآثام والأعمال الشريرة واستُبعدوا في النهاية، ولم يلقوا عاقبة حسنة. إن طبيعة هذه الحالات الثلاث في غاية الخطورة.
ثمة مسألة أخرى، وطبيعتها خطيرة للغاية أيضًا. كان هناك فردٌ أدى عملًا لسنواتٍ عديدة، وظاهريًا، بدا أنه يسعى إلى الحق ويبذل نفسه بصدق. لقد ترك الزواج والأسرة، ونبذ مهنته وتطلعاته، وذهب إلى أماكن كثيرة لأداء واجباته، وكذلك قام ببعض الأعمال التي كانت ذات مردود ضئيل. ولكن في سياق أدائه لواجباته، فهم القليل من الحقائق لأنه لم يسعَ إلى الحق فعلًا، وظن أنه كان يقوم بعمل جيد لمجرد أنه كان يستطيع التحدث عن بعض الكلمات والتعاليم. وما كان أكثر خطورة هو أن هذا الشخص لم يمارس الحق على الإطلاق. لذلك كان أداؤه للواجب مجرد وعظ ببعض التعاليم واتباع لبعض اللوائح، وعادة ما كان يتصرف بعطف مع الآخرين ولا يسيء إلى أحد. وفيما يتعلق بكيفية أداء عمل الكنيسة والقضايا التي كانت لا تزال قائمة، فإنه لم يكن منتبهًا، ولم يبذل الجهد، ولم يطلب الحق لحل هذه القضايا. باختصار، كان موقفه تجاه العمل سطحيًا وغير مكترث؛ كان يبدو أنه لا يتكاسل، لكنه لم يكن يتعب نفسه أيضًا. لم يظهر عليه أنه كان يتصرف بطريقة لامبالية، لكن نتائج عمله لم تكن جيدة للغاية. في إحدى الوقائع تحديدًا، وبسبب إهماله وموقفه غير المبالي، تسبب في خسارة أكثر من 10 ملايين رينمينبي من التقدمات المقدمة لله. أي نوع من الأرقام هو رقم 10 ملايين رنمينبي بالضبط؟ إن الناس العاديين، عند سماع هذا المبلغ، سيعتبرونه رقمًا فلكيًا. كانوا ليشهقوا غير مصدقين، وبالكاد يجرؤون على التفكير فيه، لأنهم لم يروا هذا القدر من المال في حياتهم. إلا أن هذا "الرجل المُسن"، بعد أن تسبب في خسارة أكثر من 10 ملايين رنمينبي من التقدمات، لم يكن لديه أي ندم، ولم يكن لديه أي بادرة توبة، ولم يكن حزينًا. وعندما طردته الكنيسة، ظل يشتكي. ما نوع المخلوق الذي يفعل هذا؟ دعونا نناقش نقطتين. أولًا، لقد ضاع هذا المبلغ من المال بينما كنت تعمل، وبغض النظر عمن هو المخطئ، فإنك مسؤول. لقد كانت لديك مسؤولية لحمايته، لكنك فشلت في أن تفعل ذلك. هذا إهمال للواجب، لأن هذا ليس مال الإنسان؛ وإنما هو تقدمة، والناس عليهم أن يتعاملوا معه بمنتهى الإخلاص. فإذا ما تعرضت التقدمات لخسارة، فكيف يجب أن يفكر المرء؟ حتى الموت لن يكون تعويضًا شافيًا! ما هي قيمة حياة الإنسان بالمال؟ وإذا كانت الخسارة فادحة جدًا، فحتى التخلي عن حياة المرء لن يكون كافيًا لسدادها! والأمر الأهم هو أن طبيعة هذه القضية بالغة الخطورة. إن هذا "الرجل المُسنّ" لم يأخذ خسارة هذا الكمّ الهائل من التقدمات على محمل الجد؛ هذا الشخص بغيض للغاية! كانت خسارة أكثر من 10 ملايين رنمينبي من التقدمات بمثابة خسارة 100 رنمينبي أو نحو ذلك بالنسبة له؛ فهو لم يبلغ عن ذلك على الإطلاق إلى الأعلى، ولم يكن لديه أي ندم على هذه القضية على الإطلاق، ولم يقل لأولئك المحيطين به: "لنحلل كيفية ضياع هذا المال وما الذي يجب فعله. هل يجب علينا أن نسدده أم نبحث عن حل آخر؟ أو ربما يجب علينا أن نبلغ الأعلى، ونعترف بالمسؤولية ونستقيل، ونصلي إلى الله لنعترف بخطايانا؟" لم يكن لديه حتى هذا الموقف، فهل هذا بغيض؟ (نعم). إنه بغيض للغاية! إن قدرته على مثل هذا الشر العظيم تكشف عن موقفه تجاه واجبه وتجاه الله. ثانيًا، بعد أن طُرد، لم يكتفِ بأنه لم يقبل ذلك، ولم يعترف بخطيئته، ولم يتُب، بل إنه تذمر أيضًا. مثل هذا الشخص تجاوز حدود العقل. فكِر وحسب فيما قد يكون لديه ليشتكي منه. لقد اشتكى قائلًا: "لقد آمنت بالله لأكثر من 20 عامًا، ولم أتزوج قط، وتخليت عن الكثير، وتحملت الكثير من المعاناة، والآن يطردونني، ويرفضونني. سأجد مكانًا خاصًا بي!" وبعد فترة ليست طويلة، تزوج. أخبرني، لو أن شخصًا عاديًا – شخصًا ذا ضمير وإنسانية – كان لديه القليل من الإحساس بالضمير، هل كان سيتزوج بهذه السرعة؟ هل سيكون في مزاج جيد لذلك؟ بشكل عام، الشخص الذي يتمتع بقليل من الضمير والإنسانية، عندما يواجه مثل هذه القضية الخطيرة، سيتأمل حتى في الموت، مفكرًا: "لقد انتهت حياتي، كيف أمكنني أن أرتكب مثل هذا الفعل بعد الإيمان بالله لأكثر من 20 عامًا؟ لا ألوم إلا نفسي وأستحق الطرد! انسي أمر العشرة ملايين، فأنا لا أستطيع حتى تحمل سداد مليون واحد. وحتى لو تم بيعي، لن أستطيع تعويضه، فحياتي لا تساوي شيئًا!" لماذا ظللت تفعل ذلك وأنت تعلم أنك لا تستطيع تحمله؟ ألا تعلم أن ذلك المال كان تقدمة مُهداة إلى الله؟ ذلك المال لم يكن ملكًا لك؛ وكانت مسؤوليتك هي أن تحافظ عليه. إنه لم يكن شيئًا لا علاقة لك به؛ لقد كان شيئًا تعين عليك أن تحافظ عليه. لقد كان أهم شيء، وإهمالك كان إهمالًا للواجب. وبعد أن فقدته، لم تستطع بالتأكيد أن تتنصل من المسؤولية عن ذلك. بصفتك شخصًا يؤمن بالله، ألم يكن عليك التزام ومسؤولية الحفاظ على هذه التقدمات آمنة ومنع أي حوادث مؤسفة؟ ألم يكن عليك أن تقلل من احتمال حدوث خطأ ما؟ إذا كنت لا تستطيع حتى أن تفعل ذلك، فماذا تكون أنت؟ ألا تكون شيطانًا حيًا؟ (بلى). إن ذلك مثير للاشمئزاز تمامًا وخالٍ من الإنسانية! علاوة على ذلك، بعد أن طُرد، لم يتوقف فقط عن الإيمان بالله وتزوج، بل أربك أيضًا المؤمنين في عائلته؛ وطبيعة ذلك أكثر خطورة. لقد أدى واجبه لسنوات عديدة، وهجر الكثير، وقدم العديد من التضحيات، وقام بقدر كبير من العمل وخاض المخاطر، وقضى وقتًا في السجن. لكن هذه العوامل الخارجية لا تحدد قدر المرء. فما الذي يحدده؟ إنه الطريق الذي يختاره المرء. لو كان قد سلك طريق السعي إلى الحق، لما انتهى به الأمر إلى هذا، ولما تسبب في مثل هذه الخسارة الكبيرة لبيت الله. إن وقوع مثل هذا الحادث المؤسف الكبير لم يكن عشوائيًا على الإطلاق، بل كان مرتبطًا بشكل مباشر بنوعية إنسانيته والطريق الذي اختاره. هل تعتقدون أن الله على علم بالطريق الذي يسلكه؟ (نعم). إن الله يعلم. إذن، هل كان المقصود من هذه الحادثة الكشف عنه أم استبعاده؟ كانت لكشفه واستبعاده في آنٍ واحد. من المنظور البشري، بدا أنه كان يؤدي واجبه بشكل جيد، وبإخلاص، وبذل، واستعداد لدفع الثمن، وقدرة على تحمل المشقة. فلماذا يفعل الله به شيئًا كهذا؟ لماذا يكشفه الله؟ وما الذي كان مقصودًا أن يكشفه؟ أكان الكشف عن عاقبته فحسب؟ لا، كان المقصود هو الكشف عن إيمانه، والكشف عن إنسانيته، والكشف عن جوهره وطبيعته؛ كل هذا صار مكشوفًا الآن. هل لا يزال من الممكن أن يخلّص الله مثل هذا الشخص؟ هل يحمل الله له ولو بصيص أمل؟ إن الله ليس لديه أي أمل على الإطلاق لمثل هذا الشخص. هل يبقى لدى الله أي محبة أو رحمة له؟ على الإطلاق. قد يقول البعض: "إذا لم يكن لدى الله محبة أو رحمة له، ألا يبقى له إذن سوى البر، والجلال، والسخط؟". هذا صحيح. مثل هذا الشخص الشرير لا يعود بحاجة إلى المحبة أو الرحمة، ولم تعد ثمة حاجة لذلك، لأنه أساء إلى شخصية الله إساءة بالغة. كل ما تبقى من الله له هو البر، والجلال، والسخط. ليس لعاقبته أي علاقة بعمل تدبير الله، وليس لها أي علاقة على الإطلاق بعمل الله لخلاص البشرية؛ لقد استُبعِد وعُزِل. لذا، أينما كان هذا الشخص الآن، فإنه في نظر الله ليس إلا إنسانًا حيًا ميتًا، جثة تمشي وتسكن بين الأبالسة القذرة والأرواح الشريرة، بين أولئك الذين يرتدون وجوهًا بشرية لكنهم يمتلكون قلوب وحوش وهم وحوش في ثياب بشرية. هذه هي صفاته، وقد أُقصي من نظر الخالق. بالنظر إلى عاقبته وموقفه النهائيين إزاء هذا الحدث الجلل الذي وقع في حياته، هل كان أداؤه للواجب طوال هذه المدة له أي علاقة بكلمة "وافٍ"؟ (كلا). كيف تعرفون أن أداءه للواجب لم يكن وافيًا حتى قبل أن يقع هذا الحدث؟ هل من خلال الدينونة والاستدلال، أم أنكم قمتم بهذا التقييم من خلال ملاحظة جوهره؟ (من خلال ملاحظة جوهره). هذا صحيح. خذ بولس على سبيل المثال؛ لو أنه كان قد سعى إلى الحق، لو كان بإمكانه أن يطلب أن يُكمَّل مثل بطرس، ما كان ليتحدث بمثل هذه الكلمات التجديفية. كل عاقبة لها سبب؛ فالعاقبة التي لقيها هذا الشخص لها أسبابها الكامنة وراءها. ومن حقيقة أن هذا الشخص استطاع أن يصل إلى هذه النقطة اليوم، ومن موقفه تجاه الله، وموقفه من التقدمات، وموقفه من أعماله الشريرة، فإن كل ذلك يكفي ليرى الناس بوضوح أي طريق كان يسير فيه وما هو إيمانه بالله فعلًا. هذا يكشف تمامًا عن جوهره والطريق الذي كان يسير فيه. لو أنه كان على طريق السعي إلى الحق، وطريق تقوى الله والحيد عن الشر، ولو أنه استطاع أن يتعامل مع واجبه حقًا على أنه مسؤوليته والتزامه، فكيف كان سيتعامل مع هذا الموقف عندما حدث حتمًا؟ لم يكن ليتخذ الموقف الذي يتخذه الآن بالتأكيد – موقف المقاومة والشكوى. لقد انكشف جانبه الإبليسي؛ وظهر جوهر طبيعته الكامن في أعماق نفسه بالكامل. إنه ليس إنسانًا، إنه إبليس. لو كان إنسانًا، لما انتهى به الأمر إلى هذا بعد أن آمن بالله لأكثر من 20 عامًا. لو كان إنسانًا، فما مقدار ما كان سيشعر به من ندم على هذه الخسارة الفادحة للتقدمات؟ كم من الدموع كان سيذرف؟ وإلى أي مدى كان سيرتعد؟ كان سيشعر بأنه مسؤول لا مفر وبأنه مذنب بخطيئة فظيعة، معتقدًا أنه لن يُغفر له، وكان سيشعر بأنه يجب أن يتوب ويعترف بخطاياه إلى الله. وعلى أقل تقدير، حتى لو طردته الكنيسة، فما كان ليتوقف عن الإيمان، وما كان ليخون الله، فضلًا عن إرباك إيمان عائلته بالله. فماذا نميِّز من سلوكيات هذا الشخص المختلفة اللاحقة؟ أنه عديم إيمان ليس لديه حب للحق، وأن إنسانيته حقودة أيضًا. وهذه هي المسألة الرابعة. ماذا يجب أن نسمي هذه المسألة؟ ("مسألة خسارة عشرة ملايين من أموال التقدمات"). وعلينا أن نضيف إليها رد فعله ونسميها "مسألة خسارة عشرة ملايين من أموال التقدمات دون أي علامة على التوبة". أليس هذا الاسم أفضل؟ إنه بمثابة تحذير للآخرين؛ على أقل تقدير، هو يجعل الناس على دراية أين تكمن خطورة أفعاله.
إن وقوع كل هذه الأحداث، والسلوكيات المختلفة التي أظهرها هؤلاء الأشخاص، وكذلك مواقفهم تجاه الله بعد وقوع هذه الأحداث، كلها نشأت وظهرت في أثناء أداء واجباتهم. لذا، فإلى حد ما، الطريق الذي يسلكه المرء في الإيمان بالله وعاقبته النهائية مرتبطان ارتباطًا كبيرًا بأداء المرء لواجبه؛ بل يمكن القول إن هناك علاقة مباشرة. إن موضوع أداء الواجبات يجب أن يكون موضوعًا أبديًا، والحق المتعلق بهذا الجانب يجب أن يكون أيضًا موضوعًا أبديًا. إنه الحق الذي يجب أن يفهمه الناس بشكل أساسي، والموضوع الذي يجب أن يُناقش باستمرار في عملية نمو حياة الناس وإيمانهم بالله. هذا لأنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتغيرات في شخصيات الناس، ودخولهم الحياة، وبنوع الطريق الذي يسيرون فيه وماهية العاقبة التي ستكون لهم في النهاية. اليوم، عقدنا شركة بشكل مستفيض عن أداء الواجبات، كما عقدنا شركة عن العديد من الحالات. والغرض الرئيسي من ذلك هو أن نجعلكم تفهمون كيف تؤدون واجباتكم بالطريقة التي يستحسنها الله، وما هي العواقب إذا عملتم الشر، وأهمية أداء واجباتكم بما يحقق المعيار المطلوب. لقد تطورت شدة الأحداث في هذه الحالات تدريجيًا وازدادت ترويعًا، لكنها لم تكن من نسج خيالي. لقد وقعت حقًا بين أولئك الذين يؤمنون بالله والذين هم في صفوف الذين يؤدون واجباتهم. فما الذي يدل عليه ذلك؟ بعض الناس يقولون: "إيه، لا تحدث مشكلة إذا لم نؤدِّ واجباتنا، ولكن دائمًا ما تظهر المشاكل عندما نؤديها. فهل من المقبول إذن ألا نؤدي واجباتنا؟" ما هذا الأسلوب في التفكير؟ أليس هذا تخليًا عن الأكل خوفًا من الاختناق؟ أليست هذه حماقة؟ عليك أن تتعلم أن تطلب الحق لمعالجة هذه المشكلات؛ هذا موقف استباقي وهو نوع الموقف الذي يجب أن يتخذه الشخص الطبيعي. إذا كنت خائفًا من أن المشكلات قد تقع في أثناء أداء واجباتك مما سيؤدي إلى إدانتك، أو طردك، أو استبعادك، أو إقصائك، وأخيرًا فقدان أي أمل في نيل الخلاص، وتوقفت ببساطة عن أداء واجباتك أو تبنيت نهجًا سلبيًا عدائيًا تجاهها، فأي نوع من المواقف هذا؟ (موقف سيئ). ويقول البعض الآخر: "إنسانيتنا أضعف من اللازم لأداء الواجبات، فلماذا لا نقنع بالعمل فحسب؟ الله ليس لديه متطلبات مرتفعة من هؤلاء العاملين، وليس هناك أي معايير أو مبادئ؛ مجرد بذل الجهد كافٍ. افعل ما يُطلب منك، وكن مطيعًا، ولا تتولى أي مسؤوليات كبيرة، ولا تكن لديك أي طموحات لتصبح قائدًا أو عاملًا. إن القدرة على البقاء حتى النهاية فحسب ستكون أعظم بركة". ماذا عن هذه الدوافع؟ أليست بالأحرى دنيئة وخسيسة؟ هل يمكن لمثل هؤلاء الأفراد غير الطموحين أن ينالوا خلاص الله؟ هل يمكن لشخص بلا إنسانية أن يعمل بشكل وافٍ؟ إن أولئك الذين ليس لديهم إنسانية لا يمكنهم أن يعملوا بشكل وافٍ؛ ولن يصبحوا العمال المخلصين الذين يمكنهم البقاء.
إن عدد الأمثلة المذكورة خلال هذه المرات القليلة الماضية في الشركة كبير نسبيًا. وهذه الأحداث يسهل تذكرها، لكن الحقائق التي عقدت شركة عنها يصعب فهمها. ومع ذلك، ثمة فائدة لهذا: من خلال مناقشة هذه الأحداث، قد تتذكرون أو تفهمون الحقائق التي تتطرق إليها بعض الشيء. إذا لم نتحدث عن هذه المسائل، فإن تحقيق هذا النوع من النتائج ربما يتطلب جهدًا أكبر. مناقشة هذه المسائل تعمل كدافع وتحذير في آنٍ واحد، وتساعد الناس على إيجاد الطريق الصحيح من داخلها. إنها ترشدك في معرفة الطريق الذي يجب أن تسلكه في إيمانك لتجنب مخالفة مراسيم الله الإدارية، أو اقتراف أخطاء جسيمة، أو اتخاذ المسار الخاطئ. الهدف الرئيسي هو مساعدة الناس على أداء واجباتهم بشكل وافٍ. بعد الاستماع إلى هذه المسائل الأربع، ما هو شعوركم؟ هل لديكم فهم جديد لأداء الواجبات بشكل وافٍ؟ هل من السهل على الناس أداء واجباتهم بشكل وافٍ؟ (كلا، ليس سهلًا). أين تكمن الصعوبة؟ هل لأن الناس لا يفهمون الحق ولا يستطيعون العثور على المبادئ، ومن ثمَّ يستمرون في ارتكاب الأخطاء؟ (كلا). أين تكمن الصعوبة إذن؟ إنها تكمن في هذا: الناس لا يحبون الحق ولا يسعون إليه. إذا كان الناس لا يسعون إلى الحق ولا يمارسونه في أثناء أداء واجباتهم، وبالاقتران مع شخصياتهم الخبيثة والشريرة والمتكبرة، فإن هذا يمكن أن يؤدي بسهولة إلى تبعات معينة ويجلب عواقب لا يتوقعها الناس أو لا يرغبون في رؤيتها. هل هناك أي شخص يتوقع لنفسه عاقبة سيئة؟ (كلا). هل هناك أناس يأملون في عاقبة متواضعة فحسب، ظانين أنهم ما داموا يكافحون حتى النهاية دون أن يموتوا فلا بأس بذلك؟ (نعم). وأي نوع من الناس هؤلاء؟ إنهم أناس لا يسعون إلى الحق؛ هم فقط يمضون الوقت حتى الموت. بالنسبة لمثل هؤلاء الأشخاص، فمن المؤكد أن أداءهم للواجب سيكون لا مباليًا تمامًا، وهو ما يجعل من السهل عليهم أن يخطئوا أو يرتكبوا الخطيَّة، ومن الصعب جدًا أن يؤدوا واجباتهم على نحوٍ يفي بالمعيار. أي نوع من الناس يستطيع أن يؤدي واجباته على نحوٍ يفي بالمعيار؟ (أولئك الذين يسعون إلى الحق). ومن أيضًا؟ (الأشخاص ذوو الإنسانية). وما الذي تشمله الإنسانية؟ (الضمير والعقل). أولئك الذين لديهم ضمير وعقل، الذين يمتلكون إنسانية، سيؤدون واجباتهم بسهولة على نحو يفي بالمعيار إذا كانوا يسعون إلى الحق. يقول بعض الناس: "إنك تواصل الحديث عن هذه الأمثلة السلبية الخطيرة عن أناس لا يؤدون واجباتهم بشكل وافٍ، وهو ما يجعلنا نفقد الثقة. متى سنبلغ يومًا معيار أداء واجباتنا بشكل وافٍ؟ هل هناك أي أمثلة إيجابية على ذلك؟" دعونا إذن نناقش شيئًا أكثر تفاؤلًا وإيجابية. في الوقت الحالي، يبدأ العديد من الناس في التركيز على السعي إلى الحق، وهم أيضًا يشرعون في أن يصبحوا أكثر اجتهادًا عند أداء واجباتهم. على سبيل المثال، يمكن للبعض التعاون بتناغم مع الآخرين في أثناء أداء واجباتهم. وماذا يعني التعاون المتناغم؟ إليكم أحد مظاهره: إنه لا يتعلق فقط بتوافق الجميع بشكل جيد في الظاهر، دون صراع أو دسائس. إن التعاون المتناغم يعني أنه عند مواجهة مختلف القضايا في العمل – سواء كان لديك رؤية ثاقبة فيها أم لا، وسواء كان منظورك صحيحًا أم لا، فإنه يظل بإمكانك التشاور مع الآخرين وعقد الشركة معهم، وطلب مبادئ الحق، ثم التوصل إلى توافق في الآراء. ذلك هو التعاون المتناغم. وما الغرض من الوصول إلى توافق في الآراء؟ أن يتمم المرء واجباته على نحو أفضل، ويقوم بعمل الكنيسة على نحو أفضل، ويكون قادرًا على الشهادة لله. إذا أردت أن يصل أداء واجباتك إلى المعيار المطلوب، فعليك أولًا أن تحقق التعاون المتناغم في أثناء أداء واجباتك. يوجد حاليًّا بالفعل بعض الناس يمارسون التعاون المتناغم. وبعد فهم الحق، على الرغم من أنهم غير قادرين على ممارسة الحق بشكل كامل، وعلى الرغم من وجود إخفاقات وضعف وانحرافات على طول الطريق، فإنهم لا يزالون يسعون جاهدين إلى مبادئ الحق. لذا فإنهم لديهم أمل في تحقيق التعاون المتناغم. على سبيل المثال، قد تظن أحيانًا أن ما تفعله هو الصواب، لكنك قادر على ألا تكون بارًا في عين نفسك. يمكنك أن تتناقش مع الآخرين وتعقد شركة عن مبادئ الحق معهم حتى تتجلى وتتضح، بحيث يفهم الجميع، ويتفقون على أن القيام بذلك سيحقق أفضل نتيجة. إضافةً إلى ذلك، فإن الجميع يتفق على أن ذلك لا يخرج عن المبادئ، ويأخذ مصالح بيت الله بعين الاعتبار، ومن شأنه أن يحمي مصالح بيت الله إلى أقصى درجة ممكنة. إن الممارسة بهذه الطريقة تتماشى مع مبادئ الحق. وعلى الرغم من أن النتيجة النهائية قد لا تكون دائمًا كما تصورتها، فإن المسار والاتجاه والهدف من ممارستك كان صحيحًا. فكيف يرى الله هذا الأمر؟ وكيف يعرّف الله هذا الأمر؟ سيقول الله إن أداء واجبك كان وافيًا. هل يعني الأداء الوافي أن واجبك قد أُدِّيَ وفقًا لمقاصد الله؟ كلا، لا يعني ذلك. الأداء الوافي للواجب يظل بعيدًا عن إرضاء مقاصد الله، وتلقي تأكيد الله والممارسة بالتزام كامل بمتطلبات الله. إن الأداء الوافي يعني ببساطة أنك على الطريق الصحيح، وأن نواياك سليمة، واتجاهك صحيح، لكنك لم تصل بعد إلى المعيار الرفيع للعمل وفقًا لمبادئ الحق كما يطلبه الله. على سبيل المثال، فيما يتعلق بالخضوع، لنفترض أن بيت الله يرتب لك أن تفعل شيئًا في سياق أداء واجباتك. كيف يجب أن تتدرب حتى تحقق الهدف المطلوب في أداء واجباتك؟ عندما تسمع عن المهمة لأول مرة، ربما يكون لديك بعض الآراء. لكن بعد قليل من التفكير، تفكر قائلًا: "إن الله قد قال إنه يجب أن نتعلم أن نطلب ونخضع في الأمور التي لا نفهمها. لذا، يجب أن أطلب. على الرغم من أنني لا أفهم الحق أو أعرف كيف يجب أن أمارس، إلا أن المهمة قد وقعت على عاتقي، لذلك يجب أن أمتثل وأخضع. حتى لو كان الأمر هو مجرد اتباع اللوائح، فعليّ أن أتبعها أولًا". إذا استطعت أن تمارس بهذه الطريقة، فأنت بذلك تحقق الهدف المطلوب. ولكن هل هناك فجوة بين تحقيق هذا الهدف وبين الحصول على تأكيد الله؟ (نعم). إن هذه الفجوة تتحدد بمدى فهمك للحق. فعلى الرغم من أنك تستطيع الخضوع، فإنك لم تفهم مقاصد الله ولم تتعرف على مبادئ الحق بالكامل ولم تطبقها؛ لقد التزمت باللوائح فحسب. التزمت بالأمور الأساسية التي يجب على المرء أن يفعلها، وفقًا لمعايير الضمير واللوائح، لذا، من حيث التنفيذ، لا توجد أي مشاكل، ومن حيث طبيعة أفعالك، لا يوجد أي خطأ. ومع ذلك، فإن هذا لا يفي بمعيار ممارسة الحق؛ فأنت لا تزال لا تفهم مقاصد الله. لقد حافظت على واجباتك بشكل سلبي وانعكاسي فحسب؛ لم تتممها بشكل صحيح وفقًا لمبادئ الحق. إنك لم تصل إلى مستوى تتمكن معه من الشهادة لله أو إرضاء مقاصد الله. إنك لم تستوفِ معيار الشهادة. لذا فإن أداء واجباتك بهذه الطريقة هو مجرد أداء وافٍ، ولا يستوفي بعد استحسان الله.
ما هو معيار تحديد ما إذا كان المرء قد أدى واجبه بشكل وافٍ أم لا؟ إذا كان طريق أداء المرء واجبه صحيحًا، والاتجاه صحيحًا، والمقصد صحيحًا؛ وإذا كان الأصل صحيحًا والمبادئ صحيحة؛ إذا كانت هذه الجوانب صحيحة، فإن الواجب الذي أداه المرء يكون وافيًا. كثير من الناس يفهمون هذا من الناحية النظرية، ولكنهم يصبحون مرتبكين عندما يحدث لهم شيء ما في الواقع. باختصار، سأخبرك بمبدأ: لا تتصرف بتعسف وانفرادية عند مواجهة المواقف. ولماذا لا يمكنك التصرف بتعسف وانفرادية؟ أحد الأسباب هو أن التصرف بهذه الطريقة لا يتماشى مع مبادئ أداء الواجب. وسبب آخر هو أن الواجب ليس شأنك الشخصي؛ فأنت لا تقوم به لصالح نفسك، أنت لا تنفذ عملك الشخصي، ولا هو عملك التجاري الخاص. في بيت الله، أيًا كان ما تفعله، فأنت لا تعمل على مهمة خاصة؛ بل هذا عمل بيت الله، إنه عمل الله. يجب أن تحظى بهذه المعرفة وهذا الوعي في عقلك باستمرار وتقول: "ليس هذا شأني الخاص، أنا أؤدّي واجبي وأتمّ مسؤوليتي. أنا أقوم بعمل الكنيسة. هذا واجب عهد به الله لي وأنا أقوم به لأجله. هذا واجبي، وليس شأني الشخصي". هذا هو أول شيء يجب أن يفهمه الناس. إذا تعاملت مع واجب ما على أنه شأنك الشخصي، ولم تطلب مبادئ الحق عند التصرف، وقمت به وفقًا لدوافعك وآرائك وخططك الخاصة، فمن المحتمل جدًا أن ترتكب أخطاء. فكيف يجب إذًا أن تتصرف إذا قمت بالتمييز الواضح جدًا بين واجبك وشؤونك الشخصية، ووعيت أن هذا واجب؟ (اطلب ما يطلبه الله، واطلب المبادئ). هذا صحيح. إذا حدث لك شيء ما وأنت لا تفهم الحق، وكانت لديك فكرة ما ولكن الأمور لا تزال غير واضحة بالنسبة إليك، فيجب أن تجد إخوة وأخوات يفهمون الحق لعقد شركة معهم؛ هذا هو السعي إلى الحق، وقبل كل شيء، هذا هو السلوك الذي يجب أن يكون لديك تجاه واجبك. يجب ألّا تقرر الأشياء بناءً على ما تعتقد أنه مناسب، ثم تخبط بالمطرقة مثل القاضي وتقول إن القضية انتهت؛ فهذا يؤدي ببساطة إلى المشاكل. الواجب ليس شأنك الشخصي؛ وسواء كان مسائل بيت الله رئيسية أو ثانوية، فإنها ليست شأنًا شخصيًا لأحد. وما دام الأمر يتعلق بالواجب، فهو ليس شأنك الخاص، إنه ليس أمرًا خاصًا بك – بل إنه يتعلق بالحق، ويتعلق بالمبدأ. إذن، ما أول أمر ينبغي عليك فعله؟ يجب أن تسعى للحق، وأن تسعى للمبادئ. وإذا كنت لا تفهم الحق، فيجب عليك أولاً البحث عن المبادئ؛ أما إذا كنت تفهم الحق بالفعل، فإن تحديد المبادئ سيكون سهلًا. ماذا يجب أن تفعل إذا كنت لا تفهم المبادئ؟ ثمة طريقة: يمكنك عقد شركة مع أولئك الذين يفهمون. لا تفترض دائمًا أنك تفهم كل شيء وأنك دائمًا على حق؛ فهذه طريقة سهلة لارتكاب الأخطاء. أي نوع من الشخصية تكون شخصيتك عندما تريد دائمًا أن يكون لك القول الفصل؟ هذا تكبر وبر ذاتي، وهو تصرف تعسفي وانفرادي. يفكر بعض الناس قائلين: "أنا خريج جامعي، وأنا أكثر ثقافة منكم، ولدي القدرة على الفهم، وأنتم جميعًا لديكم قامة صغيرة ولا تفهمون الحق، لذا يجب أن تستمعوا إلى ما أقوله أيًا كان. أنا الوحيد الذي يمكنه اتخاذ القرارات!" كيف يكون هذا المنظور؟ إذا كان لديك هذا النوع من المنظور، فإنك ستواجه المتاعب؛ لن تؤدي واجباتك بشكل جيد أبدًا. كيف يمكنك أن تؤدي واجباتك بشكل جيد عندما تريد دائمًا أن تكون صاحب القول الفصل، من دون تعاون متناغم؟ إن أداء واجباتك بهذه الطريقة لن يفي بالمعيار المطلوب على الإطلاق. لماذا أقول هذا؟ إنك تريد دائمًا أن تقيد الآخرين وتجعلهم يستمعون إليك؛ أنت لا تأخذ بأي شيء يقوله الآخرون. هذا تحيز وعناد، وهو أيضًا غطرسة وبر ذاتي. بهذه الطريقة، لن تفشل في أن تؤدي واجباتك بشكل جيد فحسب، ولكنك ستعيق الآخرين عن أداء واجباتهم بشكل جيد أيضًا. هذه هي نتيجة الشخصية المتغطرسة. لماذا يطلب الله من الناس تعاونًا متناغمًا؟ من ناحية، هذا مفيد في الكشف عن شخصيات الناس الفاسدة، ما يسمح لهم بمعرفة أنفسهم والتخلص من شخصياتهم الفاسدة؛ وهذا يفيد في دخولهم الحياة. ومن ناحية أخرى، فإن التعاون المتناغم مفيد أيضًا لعمل الكنيسة. فنظرًا لأن الجميع يفتقرون إلى فهم الحق ولديهم شخصيات فاسدة، فإن لم يكن هناك تعاون متناغم، فلن يكونوا قادرين على أداء واجباتهم بشكل جيد، ما سيؤثر في عمل الكنيسة. إن عاقبة ذلك وخيمة. باختصار، لتحقيق أداء وافٍ للواجب، على المرء أن يتعلم التعاون بتناغم، وعندما تواجهه مواقف، عليه أن يعقد شركة حول الحق لإيجاد الحلول. هذا ضروري؛ فهو لا يفيد عمل الكنيسة فحسب، بل يفيد أيضًا دخول شعب الله المختار في الحياة. بعض الناس لا يستطيعون فحسب فهم هذا؛ إنهم يعتقدون دائمًا أن التعاون المتناغم أمر مزعج للغاية، وأنه في بعض الأحيان، لا تسفر الشركة حول الحق عن نتائج بسهولة. ومن ثم يثير هؤلاء الناس شكوكًا قائلين: "هل من الضروري حقًا التعاون بتناغم لتحقيق أداء وافٍ للواجب؟ هل ستؤدي شركة الجميع معًا عند مواجهة بعض المواقف إلى تحقيق نتائج حتمًا؟ أعتقد أن هذا كله مجرد أداء شكلي بلا اهتمام حقيقي؛ لا جدوى من اتباع هذه اللوائح". هل هذا المنظور صحيح؟ (كلا). وما المشكلة التي يكشفها هذا المنظور؟ (إن موقفهم تجاه أداء الواجب يثير المتاعب). بعض الناس لديهم شخصية متغطرسة وبارة في عيني ذاتها؛ إنهم غير راغبين في أن يعقدوا شركة عن الحق ويريدون دائمًا أن يكون لهم القول الفصل. هل يمكن لشخص متغطرس وبار في عيني ذاته هكذا أن يتعاون بتناغم مع الآخرين؟ إن الله يطلب من الناس أن يتعاونوا بتناغم في أداء واجباتهم لمعالجة شخصياتهم الفاسدة، ولمساعدتهم على تعلم الخضوع لعمل الله في سياق أداء واجباتهم، ويتخلصوا من شخصياتهم الفاسدة، وبذلك يحققوا أداءً وافيًا للواجب. أن ترفض التعاون مع الآخرين وأن تريد أن تتصرف بشكل تعسفي وانفرادي، وتجعل الجميع يستمعون إليك؛ هل هذا هو الموقف الذي يجب أن يكون لديك تجاه واجبك؟ إن موقفك تجاه أداء واجبك مرتبط بدخولك الحياة. إن الله غير معني بما يحدث لك كل يوم، أو كم العمل الذي تقوم به، أو كم الجهد الذي تبذله؛ ما ينظر إليه هو ماهية موقفك تجاه هذه الأشياء. وبمَ يتعلق الموقف الذي تفعل به هذه الأشياء، والطريقة التي تفعلها بها؟ إنه يتعلق بما إذا كنت تسعى إلى الحق أم لا، وأيضًا بدخولك الحياة. الله ينظر إلى دخولك الحياة، وإلى الطريق الذي تسلكه. إذا كنت تسير في طريق السعي إلى الحق، وكان لديك دخول في الحياة فإنك ستكون قادرًا على التعاون بتناغم مع الآخرين عندما تؤدي واجباتك، كما أنك ستؤدي واجباتك بطريقة وافية بسهولة. ولكن إذا كنت تؤكد باستمرار أثناء أداء واجبك على أن لديك رأس مال، وأنك تفهم مجال عملك، وأن لديك خبرة، وأنك تراعي مقاصد الله، وتسعى إلى الحق أكثر من أي شخص آخر، وإذا كنت حينئذ تظن أنه بسبب هذه الأشياء، فإنك مؤهل لأن يكون لك القول الفصل، ولا تناقش أي شيء مع أي شخص آخر، وتكون دائمًا ناموسًا بذاتك، وتنخرط في تنفيذ مهامك الخاصة، وتريد دائمًا أن تكون "الزهرة الوحيدة المتفتحة"، فهل تسير إذن في طريق دخول الحياة؟ كلا؛ فهذا هو السعي إلى المكانة، وهو سير في طريق بولس، وليس في طريق دخول الحياة. الطريقة التي جعل الله الناس يسلكون بها طريق الدخول في الحياة وطريق السعي إلى الحق لا تنطوي على مثل هذه السلوكيات ولا تظهر فيها هذه المظاهر. ما معيار الأداء الوافي للواجب؟ ( طلب الحق في جميع الأشياء، والقدرة على التصرف وفقًا للمبادئ). هذا صحيح. لأداء واجبك بشكل وافٍ، لا يهم عدد السنوات التي آمنت فيها بالله، أو عدد الواجبات التي أديتها، أو عدد المساهمات التي قدمتها إلى بيت الله، فضلًا عن مدى خبرتك في واجبك. الشيء الرئيسي الذي ينظر إليه الله هو المسار الذي يسلكه الإنسان. وبعبارة أخرى، هو ينظر إلى سلوك المرء تجاه الحق والمبادئ، والاتجاه، والمنشأ، ونقطة البداية وراء أفعاله. يركز الله على هذه الأمور؛ وهي ما يحدد المسار الذي تسلكه. إذا كان من غير الممكن مطلقًا رؤية هذه الأشياء الإيجابية فيك أثناء أداء واجبك، وكانت مبادئ عملك ومساره وأساسه هي أفكارك وأهدافك وخططك، وكانت نقطة بدايتك هي حماية مصالحك الخاصة وصون سمعتك ومنصبك، وكانت طريقة عملك هي اتخاذ القرارات والتصرف بمفردك، وأن تكون لك الكلمة الأخيرة، وعدم مناقشة الأمور أبدًا مع الآخرين ولا التعاون بانسجام معهم، وعدم الاستماع إلى النصيحة أبدًا عندما تكون قد ارتكبت خطأً، فضلًا عن أن تقوم بطلب الحق، فكيف تكون نظرة الله إليك؟ إن كنت تؤدي واجبك على هذا النحو فأنت لم تصل بعد إلى المستوى اللائق، ولم تطأ قدمك طريق طلب الحق؛ لأنك فيما تقوم بواجبك، لا تطلب مبادئ الحق، وتتصرف دائمًا كما تشاء وتفعل ما تريد. وهذا هو السبب الذي يجعل معظم الناس لا يؤدون واجباتهم بشكل وافٍ. إذن، كيف ينبغي حل هذه المشكلة؟ هل تقولون إنه من الصعب أن يؤدي المرء واجبه بشكل وافٍ؟ في الواقع، ذلك ليس صعبًا؛ إذ ما على الناس سوى أن يكونوا قادرين على اتخاذ موقف متواضع، وأن يتحلوا ببعض العقلانية، ويتبنوا موقفًا مناسبًا. مهما كنت متعلمًا، وبغض النظر عن الجوائز التي فزت بها، أو ما حققته، وبغض النظر عن مدى سمو مكانتك ومنزلتك، يجب أن تبدأ بالتخلي عن كل هذه الأشياء، وتنزل من برجك العاجي. في بيت الله، مهما كانت هذه الأشياء رائعة ومجيدة، لا يمكن أن تعلو على الحق؛ لأن هذه الأمور السطحية ليست الحق ولا يمكن أن تحل محله. لا بد أن تتحلى بفهم جلي لتلك القضية. إذا قلت: "أنا موهوب جدًّا، وحادُّ الذكاء للغاية، وردود أفعالي سريعة، وأنا سريع التعلُّم، وأتمتع بذاكرة جيدة للغاية، لذلك أنا مؤهل لاتخاذ القرار النهائي"، إذا كنت تستخدم دائمًا هذه الأشياء كرأس مال، ورأيتها ثمينة وإيجابية، فهذه مشكلة. إذا كان قلبك مشغولًا بهذه الأشياء، وإذا كانت قد ترسخت في قلبك، فسيكون من الصعب عليك قبول الحق؛ والتفكير في عواقب ذلك مُحزن. وبالتالي، يجب عليك أولًا أن تطرح عنك وتنكر تلك الأشياء التي تحبها، والتي تبدو لطيفة، والتي هي ثمينة بالنسبة لك. تلك الأشياء ليست الحق، بل بدلًا من ذلك، هي أشياء يمكنها منعك من دخول الحق. الأمر الأكثر إلحاحًا الآن هو أنه ينبغي عليك طلب الحق في أداء واجبك، والممارسة وفقًا للحق، بحيث يصبح أداء واجبك مناسبًا؛ لأن الأداء المناسب للواجب هو مجرد الخطوة الأولى على طريق الدخول في الحياة. ما معنى "الخطوة الأولى" هنا؟ إنها تعني بداية رحلة. ففي جميع الأشياء، يوجد شيء تبدأ به الرحلة، وهو الشيء الأكثر أساسية والأكثر جوهرية، والتوصل إلى الأداء المناسب للواجب هو طريق دخول الحياة. إذا كان أداؤك للواجب يبدو مناسبًا فقط من حيث كيفية عمله، ولكنه لا يتوافق مع مبادئ الحق، فأنت لا تؤدي واجبك على النحو المناسب. كيف يجب إذًا أن يعمل المرء على هذا؟ ينبغي على المرء أن يعمل على مبادئ الحق وأن يطلبها؛ فالتجهز بمبادئ الحق هو الأمر المهم. إذا كنت تكتفي بتحسين سلوكك ومزاجك، ولكنك غير مُجهز بمبادئ الحق، فهذا عديم الفائدة. قد تتمتع بقدر من الموهبة أو التخصص. هذا شيء جيد، ولكنك لا تستخدمه بشكل صحيح إلا من خلال استخدامه في أداء واجبك. فأداء واجبك جيدًا لا يتطلب تحسينًا في إنسانيتك أو شخصيتك، ولا أن تتخلى عن ملَكَتك أو موهبتك. ليس ذلك هو المطلوب. المهم هو أن تفهم الحق وتتعلم الخضوع لله. من المحتم تقريبًا أنك ستكشف عن شخصية فاسدة أثناء أداء واجبك. ماذا يجب أن تفعل في مثل هذه الأوقات؟ ينبغي أن تطلب الحق لحل المشكلة وأن تتصرف وفقًا لمبادئ الحق. افعل هذا؛ ولن يكون أداء واجبك بشكل وافٍ بمثابة مشكلة بالنسبة لك. أيًّا كان مجال موهبتك أو تخصصك، أو المجال الذي قد يكون لديك فيه بعض المعرفة المهنية، فإن استخدام هذه الأشياء في أداء الواجب الذي لديك هو الشيء الأكثر ملاءمة؛ إنها الطريقة الوحيدة لأداء واجبك بشكل وافٍ. أحد فرعي النهج المزدوج هو الاعتماد على الضمير والعقل لأداء واجبك، والآخر هو أنه ينبغي عليك طلب الحق لمعالجة شخصيتك الفاسدة. يربح المرء دخول الحياة من خلال أداء واجبه بهذه الطريقة، ويتمكن من أداء واجبه بشكل وافٍ.
كما يتبين الآن، فإن الأداء الوافي للواجب لا ينفصل عن طلب الحق والتصرف وفقًا لمبادئ الحق. فإذا لم يتمكن المرء من طلب الحقّ لمعالجة المشكلات والوصول إلى مستوى التصرف وفقًا للمبادئ، فإنه لا يستطيع تحقيق الأداء الوافي للواجب. يمكن شرح الأداء الوافي للواجب بهذه الطريقة؛ ويمكن تعريفه على هذا النحو. هل متطلبات الله للإنسان عالية؟ في الواقع، إنها ليست عالية. إنه يطلب منك فقط أن يكون لديك موقف صحيح، ومقصد صحيح، ومنظور صحيح في تصرفاتك. وعلى هذا الأساس، يمكنك نيل عمل الروح القدس وتعميق معرفتك بنفسك. ستتمكن بعد ذلك من أن تمر بالتجارب والتنقيات، مما يمكّنك من أن تدخل في حقائق أعمق وتمر بتغييرات في الشخصية. وقبل أن تمر بالتجارب والتنقيات، فإن الله – على أساس فهمك للحق – سيعطيك بعض الدينونة والتوبيخ. لكن ما أساس الدينونة والتوبيخ، وكذلك التجارب والتنقية؟ الأساس هو ما إذا كنت قد وصلت إلى مستوى أداء واجبك بشكل وافٍ أم لا؛ وبعبارة أخرى، ما إذا كنت قد حققت دخول الحياة أم لا. دخولك الحياة ليس منفصلًا عن عملك ومسؤولياتك في الكنيسة. إذا كنت تقضي اليوم كله في المنزل تقرأ كلام الله وتتحدث بلا مضمون عن أداء واجبك والدخول في الحياة، فهذا غير واقعي وغير مثمر. إن ذلك يشبه وضع الاستراتيجيات نظريًا؛ فأنت تتحدث طوال الوقت عن أداء واجبك بشكل وافٍ، وعن تلقي إرسالية الله، ولكن بدون أي تفانٍ أو إنفاق، وبالتأكيد بدون معاناة أو اختبار للمشاق. وحتى لو كنت تتأثر أحيانًا بإنشاد الترانيم أو قراءة كلام الله حتى تذرف الدموع، فإن هذا لن ينتج عنه أي تأثير. ومن هذا المنظور، هل ثمة علاقة بين بلوغك مستوى أداء واجبك بشكل وافٍ ونيل الخلاص؟ أم أن الأمر مرتبط بتلقي دينونة الله وتوبيخه؟ إنهما مرتبطان. كي يتلقى المرء دينونة الله وتوبيخه، عليه أن يحقق الأداء الوافي لواجباته. ولماذا يضع الله مثل هذا المعيار، ويطلب من الناس أن يحققوا الأداء الوافي لواجباتهم؟ لأن الله يستخدم أداءك لواجباتك لقياس درجة دخولك الحياة. فإذا كنت قد حققت أداءً وافيًا لواجباتك، فهذا يعني أن دخولك الحياة قد حقق بالفعل معيارًا يؤهلك لقبول الدينونة والتوبيخ، وهو ما يعني أيضًا أنك أهلٌ لقبول عمل تكميل الله لك. إذًا، ما الشروط التي وضعها الله للإنسان لتحقيق ذلك؟ يجب أن يكون أداؤك لواجبك وافيًا في نظر الله، أي، بعبارة أخرى، يجب أن يكون هناك طريق أساسي واتجاه أساسي لدخولك الحياة يقره الله ويراه ملائمًا. وكيف يمتحن الله هذا؟ بشكل أساسي، من خلال أدائك للواجب. وما إن تنال تأكيد الله بأداء واجباتك بشكل وافٍ، تبدأ الخطوة التالية على الفور: سيبدأ الله في تعريضك للدينونة والتوبيخ. وأيًا تكن الأخطاء التي ترتكبها، فإنك سوف تُؤدَّب؛ وكأن الله قد بدأ في مراقبتك من كثب. وهذا أمر جيد؛ فهو يعني أن الله قد أجازك، وأنك لم تعد في خطر، وأنك نوع الشخص المناسب الذي لن يرتكب بالتأكيد أفعالًا شريرة بشكل سافر. من ناحية، فإن الله سيحميك؛ ومن ناحية أخرى، بصورة ذاتية، فإن الطريق الذي تسلكه، وأهداف حياتك واتجاهها، قد ترسخت في الطريق الحق. أنت لن تترك الله ولن تنحرف. وبعد ذلك، سيكملك الله حتمًا؛ لقد حلت عليك هذه النعمة. لذا، إذا أراد المرء أن يتلقى هذه النعمة ويسير في طريق تكميله، فإن أول شرط هو أن يحقق أداء واجباته بشكل وافٍ. إن الله يراقب أداءاتك المختلفة في بيت الله، وكذلك التكليفات والإرساليات والمهام التي يعطيك إياها، ليفهم مواقفك تجاه الله والحق. ومن خلال هذه المواقف، يقيِّم الله أي طريق تسير فيه بالضبط. إذا كنت تسير في طريق السعي إلى الحق، فإن أداءك لواجباتك سيكون على المستوى المطلوب، وبالتأكيد سيكون لديك أيضًا دخول الحياة ودرجات متفاوتة من التغيير في الشخصية. وكل هذا يتحقق في أثناء أداء واجباتك. قبل أن يكملك الله رسميًا، هذا أقصى ما يمكنك الوصول إليه بالاعتماد على الجهد البشري. ومن دون عمل الله، فإنك تستطيع الوصول إلى هذا المستوى فقط؛ فالاجتهاد إلى أبعد من ذلك سيكون صعبًا. يمكنك فقط أن تعتمد على نفسك في تحقيق ما هو في حدود إمكانياتك وفي حدود قدرتك البشرية، مثل كبح جماح النفس من خلال قوة الإرادة، وتحمل المعاناة، ودفع الأثمان، والتخلي عن المشاعر، وتهذيبها، وهجر العالم، والتعرف على الاتجاهات الشريرة، والتمرد على الجسد، وأداء الواجب بإخلاص، والتمييز، وعدم اتباع الإنسان. عندما تحقق كل هذه الأمور، فإنك تكون مؤهلًا لأن يُكملك الله. إن الله في الأساس لا يتدخل فيما يمكن للبشر تحقيقه. إنه يمدك بالحق باستمرار، ويسقيك باستمرار، ويساعدك على فهم الحق، ويخبرك كيف تفهم الحق في مختلف الجوانب، وكيف تدخل في وقائع الحق. وما إن أن تفهم هذه الأمور وتدخلها، فإن الله سيعطيك شهادة تأهيل، وستكون فرصتك في الخلاص 80 بالمائة. ولكن، قبل الوصول إلى نسبة 80 بالمائة، ينبغي عليك استثمار كل طاقتك وجهدك؛ فلا يمكنك أن تعيش هذه الحياة عبثًا. يقول بعض الناس: "لقد آمنت بالله لمدة عشرين عامًا حتى الآن؛ فهل استثمرت كل طاقتي؟" إن هذا لا يقاس بعدد الأعوام. ويقول البعض: "لقد آمنت بالله منذ خمس سنوات حتى الآن، وقد توصلت إلى فهم بعض الحقائق. إنني أعرف كيف أقوم بواجبي بشكل وافٍ وأجتهد في هذا الاتجاه؛ وأعرف بعض الطرق الآن ويبدو أنني أشعر نوعًا ما بالسلام والراحة في قلبي". هذا الشعور دقيق في الأساس، لكن هل يعني هذا أن لديك فرصة 80 بالمائة لأن تخلص؟ كلا؛ فكم النسبة التي وصلت إليها حقًا؟ ما بين 10 إلى 15 بالمائة. هذا لأنه في أثناء أداء واجبك بشكل وافٍ، لا يزال عليك أن تمر باختبار أن يتم تهذيبك مرات عديدة؛ وعليك أن تختبر العديد من الظروف. وفي هذه الظروف، على الجانب الإيجابي، سيعرضك الله إلى الكثير من الأشياء. وفي أثناء التعرض لهؤلاء الأشخاص، والأحداث، والأشياء – أي، في هذه الظروف العملية – يسمح لك الله بفهم بعض الحقائق. ولماذا يسمح لك بفهم الحقائق من خلال هؤلاء الأشخاص، والأحداث، والأشياء؟ إنك إن لم تمر بهذه الاختبارات، سيظل فهمك للحق على مستوى الكلمات، والتعاليم، والشعارات إلى الأبد. وما إن تختبر ظروفًا مختلفة في الحياة، فإن تلك التعاليم التي سبق لك أن توصلت إلى فهمها أو تمكنت من استيعابها وإدراكها في ذاكرتك ستصبح نوعًا من الواقع. وهذا الواقع هو الجانب العملي للحق، وهو ما يجب أن تفهمه وتدخل فيه.
ما هي احتمالات خلاص شخص ما عندما لا يكون قد استوفى معيار أداء واجبه بشكل وافٍ؟ على الأكثر، هي ما بين 10 و15 بالمائة، لأنه لا يفهم الحق ولا يمكن أن يكون لديه خضوع حقيقي على الإطلاق. هل يمكن لشخص لا يفهم الحق أن يتصرف وفقًا للمبادئ؟ وهل يمكنه أن يقوم بواجبه بجدية ومسؤولية؟ كلا بالتأكيد. إن أولئك الذين لا يفهمون الحق بالتأكيد يتصرفون جميعًا وفقًا لمشيئتهم الخاصة، ويفعلون الأشياء بلا مبالاة، ويخلطون الكثير من الدوافع الأنانية، ويتصرفون بناءً على تفضيلاتهم الخاصة. حتى لو كان بإمكانك التحدث بالعديد من التعاليم، ويمكنك أن تتفوه بنظريات وشعارات، فإن هذا لا يعني أنك تملك واقع الحق، لذا فإن فرصك في الخلاص ليست عالية. لبلوغ الخلاص الحقيقي، وللتحرر من تأثير الشيطان والعيش بكلمة الله، فإن الخطوة التالية هي بذل الجهد في مختلف الحقائق. وما هو الغرض من هذا الجهد؟ إنه الدخول في واقع الحق بشكل أكثر دقة ورسوخًا. فقط عندما تكون قد دخلت في الحق، يمكنك الشروع في الطريق الصحيح لحياتك. وإذا كنت تعرف فقط كيف تتفوه بالتعاليم والشعارات، ولكنك لا تستوعب مبادئ الحق في أداء واجبك، بل وتكون قادرًا على التصرف بتهور بناءً على أهوائك، فأنت إذن تفتقر إلى واقع الحق؛ ولا يزال الطريق أمامك طويلًا. بعد أن يختبر الشخص العديد من الأشياء في سياق أدائه لواجباته ويدرك أنه لا يفهم الحق، ويدرك أيضًا مدى افتقاره إليه، فإنه يبدأ في بذل الجهد في الحق. وبالتدريج، يتحول من التفوه بالتعاليم والشعارات إلى فهم حقيقي، وإلى ممارسة الحق بدقة، وإلى الخضوع الحقيقي لله. وبهذه الطريقة، يزداد أمله في أن يُخلَّص، وتصبح الاحتمالات أكبر. علامَ تستند هذه الزيادة؟ (إنها قائمة على درجة فهمه للحق). إن درجة فهم المرء للحق – سواء كانت فهمًا عميقًا أو سطحيًا – ليست هي العامل الأكثر أهمية؛ ما يهم أكثر هو ما إذا كان المرء يمكنه ممارسة الحق والدخول في واقع الحق بعد أن يفهمه أم لا. فقط من خلال ممارسة الحق، يمكنك فهمه؛ ولن تفهم الحق أبدًا إذا لم تمارسه. إن مجرد فهم الكلمات والتعاليم ليس هو نفسه فهم الحق. وكلما مارست الحق أكثر، زاد ما تمتلكه من الواقع، وزاد تغيرك، وتحسَّن فهمك للحق. وبالتالي فإن أملك في أن تُخلَّص سيزداد وفقًا لذلك. في أثناء أداء واجباتك، على الجانب الإيجابي، إذا استطعت أن تتعامل مع واجباتك بالطريقة الصحيحة، ولا تتخلى عنها أبدًا مهما كانت الظروف التي تواجهها، وحتى عندما يفقد الآخرون الإيمان ويتوقفون عن أداء واجباتهم، فإنك تظل متمسكًا بواجباتك ولا تتخلى عنها أبدًا من البداية إلى النهاية، وتظل ثابتًا ومخلصًا لواجباتك حتى النهاية، فأنت تعامل واجباتك حقًا على أنها واجبات وتظهر إخلاصًا تامًا. إذا تمكنت من تحقيق هذا المعيار، فإنك تكون قد استوفيت بالأساس هدف أداء واجباتك بشكل وافٍ؛ وهذا في الجانب الإيجابي. ولكن، قبل الوصول إلى هذا المعيار، على الجانب السلبي، يجب أن يكون المرء قادرًا على أن يصمد أمام الإغراءات المختلفة. ما هي نوعية المشكلة عندما لا يستطيع المرء أن يصمد أمام الإغراءات في أثناء أداء واجبه، فيترك واجبه ويهرب، خائنًا لواجبه؟ يرقى ذلك إلى خيانة الله. إن خيانة إرسالية الله هي خيانة لله. فهل يمكن لإنسان يخون الله أن يخلص؟ إن هذا الشخص قد انتهى أمره؛ لقد ضاع كل أمل، والواجبات التي كان يؤديها سابقًا كانت مجرد عمل، وقد تلاشت إلى العدم بخيانته. لذا، من الضروري أن يتمسك المرء بواجبه؛ وبذلك يكون لديه أمل. وبالإخلاص في إتمام الواجب، يمكن للمرء أن يُخلَّص ويكسب استحسان الله. ما الذي يجده الجميع أصعب جزء في تمسك المرء بواجبه؟ إنه ما إذا كان بإمكانهم الثبات عند مواجهة الإغراءات. وماذا تشمل هذه الإغراءات؟ المال، والمكانة، والعلاقات الحميمية، والمشاعر. وماذا غير ذلك؟ إذا كانت بعض الواجبات تنطوي على مخاطر، وحتى مخاطر على حياة المرء، وقد ينتج عن أداء هذه الواجبات الاعتقال والسجن، أو حتى التعرض للاضطهاد حتى الموت، فهل تستطيع أن تستمر في أداء واجبك؟ هل يمكنك أن تثابر؟ تعتمد السهولة التي يمكن بها التغلب على هذه الإغراءات على ما إذا كان المرء يسعى إلى الحق أم لا. ويعتمد ذلك على قدرة المرء على تمييز هذه الإغراءات والتعرف عليها تدريجيًا في أثناء سعيه إلى الحق، للتعرف على جوهرها والحيل الشيطانية الكامنة وراءها. كذلك، يتطلب الأمر إدراك شخصيات المرء الفاسدة، وجوهر طبيعته، ونقاط ضعفه. وعلى المرء أيضًا أن يطلب من الله باستمرار أن يحميه حتى يتمكن من الصمود أمام هذه الإغراءات. فإذا استطاع المرء أن يصمد أمامها، ويتمسك بواجبه دون خيانة أو هروب تحت أي ظرف من الظروف، فإن احتمال خلاصه يصل إلى 50 بالمائة. فهل يمكن تحقيق هذه الـ 50 بالمائة بسهولة؟ إن كل خطوة تمثل تحديًا محفوفًا بالمخاطر، وليس من السهل تحقيقها! هل هناك أناس يجدون السعي إلى الحق صعبًا للغاية لدرجة أنهم يشعرون أن الحياة مرهقة للغاية ويفضلون الموت؟ وأي نوع من الناس يشعرون بهذه الطريقة؟ هذا ما يشعر به عديمي الإيمان. لمجرد البقاء على قيد الحياة، يمكن للناس أن يرهقوا أدمغتهم، ويتحملوا أي مشقة، ويظلوا متشبثين بالحياة بعناد في الكوارث، ولا يستسلموا حتى آخر نفس؛ فإذا آمنوا بالله وسعوا إلى الحق بهذا النوع من النشاط، فإنهم سيحققون النتائج حتمًا. وإذا كان الناس لا يحبون الحق وغير راغبين في الاجتهاد من أجله، فهم لا يصلحون لأي شيء! إن السعي إلى الحق ليس أمرًا يمكن تحقيقه من خلال مجرد جهد بشري؛ إنه يتطلب جهدًا بشريًا مقترنًا بعمل الروح القدس. إنه يتطلب أن ينسق الله بيئات مختلفة لامتحان الناس وتنقيتهم، وأن يعمل الروح القدس على تنويرهم، وإنارتهم، وإرشادهم. إن المعاناة التي يمر بها المرء للحصول على الحق لها ما يبررها كليًا. تمامًا مثل متسلقي الجبال الذين يخاطرون بحياتهم لتسلق القمم، دون أن يخشوا المشقة في مسعاهم لتحدي القيود، حتى إلى درجة المغامرة بحياتهم. فهل الإيمان بالله والوصول إلى الحق أصعب من تسلق الجبال؟ ما نوع هؤلاء الناس الذين يرغبون في البركات ولا يرغبون في المعاناة؟ إنهم لا يصلحون لأي شيء. إنك لا تستطيع السعي إلى الحق والحصول عليه دون قوة الإرادة؛ ولا يمكنك أن تفعل ذلك دون القدرة على المعاناة. عليك أن تدفع ثمنًا لتناله.
لقد فهم الناس تعريف الوفاء، ومعيار الوفاء، وسبب وضع الله لهذا المعيار للوفاء، والعلاقة بين أداء المرء واجبه أداءً وافيًا ودخول الحياة، وغير ذلك من مثل هذه العوامل المتعلقة بحق الأداء الوافي للواجب. وإذا استطاعوا بعد ذلك أن يصلوا إلى حيث يمكنهم التمسك بواجبهم بغض النظر عن الزمان أو المكان – دون التخلي عنه – وحيث يستطيعون الصمود أمام جميع أشكال الإغواءات، ومن ثم يستوعبون ويكتسبون معرفة ودخولًا في جميع الحقائق المتنوعة التي يطلبها الله في جميع المواقف المختلفة التي يُخططها لهم، فإنهم حينئذٍ، في نظر الله، قد حققوا الوفاء في الأساس. ثمة مقومات ثلاثة جوهرية لتحقيق الوفاء في أداء المرء واجبه: أولًا، امتلاك موقف صحيح تجاه واجبه، وعدم نبذ واجبه في أي وقت؛ ثانيًا، أن يكون قادرًا على أن يثبت أمام جميع أنواع الإغواءات بينما يؤدي واجبه، ولا يَزِلُ؛ وثالثًا، أن يكون قادرًا على أن يفهم كل جانب من جوانب الحق في أثناء أداء واجبه، ودخوله في الواقع. ومتى يحقق الناس هذه الأمور الثلاثة ويكونوا قد بلغوا المستوى المطلوب، عندئذٍ سيكون المتطلَّب الأول لقبول الدينونة، والتوبيخ، والتكميل – أي أداء المرء واجبه بشكل وافٍ – قد اكتمل.
بخصوص الأداء الوافي للواجب، سبق وتناولنا جزءًا من المحتوى المتعلق بمصطلح "الوافي". كيف عُرِّف مصطلح "الوافي" بصفة أساسية في المناقشات السابقة؟ (بوصفه العمل وفقًا للمبادئ). إنَّ معنى "الوفاء" الذي نناقشه اليوم قد ارتقى إلى مستوى مقاصد الله والمعايير التي يطلبها من الإنسان. لماذا يطلب الله أن يؤدي الناس واجبهم بما يلبي معيار الوفاء؟ يتعلق هذا بمقصد الله لخلاص الناس ومعاييره لخلاص الناس وتكميلهم. إذا لم تحقق الوفاء في أداء واجبك، فالله لن يكمِّلك؛ هذا هو أهم شرط لكي يُكمِّل الله الناس. لذا، يعتمد تكميل الله للشخص من عدمه اعتمادًا قاطعًا على ما إذا كان أداؤه للواجب وافيًا أم لا. إذا كان أداؤك للواجب غير وافٍ، فحينها لن يكون لعمل الله في تكميل الناس علاقة بك. الآن، يسير بعض الناس في الطريق الصحيح في أداء واجبهم، كما أن اتجاههم صحيح أيضًا، لكن ما يزال من غير الممكن اعتبارهم يؤدون واجباتهم أداءً وافيًا. لماذا؟ لأن الناس لا يفهمون إلا أقل القليل من الحق. الأمر يشبه رغبة بعض الأطفال الصغار في مشاركة والديهم في بعض المسؤوليات المنزلية، لكنهم قد لا يملكون القامة اللازمة لفعل ذلك. عند أي مرحلة سيكون لديهم القامة ليشاركوا في بعض المسؤوليات المنزلية حقًا؟ عندما يستطيعون القيام ببعض الأشياء دون أن يُقلقوا البالغين؛ حينها يمكنهم المشاركة في الواجبات المنزلية – حينها يمكنهم القيام بذلك. رغم أنك تستطيع الآن القيام ببعض الأشياء، فإنك لا تزال في مرحلة بذل الجهد والعمل لأن الحق الذي تفهمه سطحي للغاية، والحق الذي يمكنك تطبيقه قليل للغاية، والمبادئ التي يمكنك أن تستوعبها قليلة للغاية. إنك غالبًا ما تكون في طور تحسس الطريق، وغالبًا ما تتصرف وأنت في حالة من الضبابية، لذلك من الصعب جدًا عليك أن تتأكد مما إذا كان ما تفعله يتماشى مع مقاصد الله أم لا؛ أنت دائمًا غير متيقن. هل يمكن إذن اعتبار أدائك للواجب وافيًا؟ لا يزال ذلك غير ممكن بعد، لأنك لا تفهم إلا أقل القليل من الحق، ولم يصل دخولك الحياة إلى المستوى الذي يطلبه الله؛ قامتك صغيرة للغاية. وما معنى أن تكون قامة المرء صغيرة للغاية؟ يقول البعض إن المقصود هو الفهم السطحي للحق، لكنه في الواقع لا يتعلق بالفهم السطحي للحق فحسب. الأمر يرتبط أيضًا ارتباطًا مباشرًا بإنسانية المرء غير الناضجة أو مستوى قدراته السيء وامتلاكه الكثير جدًا من الأشياء السلبية. فمثلًا، إذا أُلقي على عاتقك الآن واجب وأنت لا تعرف كيف تقوم به، فقد تشعر بأنك عديم النفع، وأنك لا تستطيع أن تكون مراعيًا لمقاصد الله. يؤدي بك هذا إلى أن تصبح سلبيًا وضعيفًا، إذ تشعر أن ترتيبات الله سيئة وأنك لا تستطيع فعل أي شيء، وأنك متأكد من أنك ستُستبعد. ومن ثم فإنك لا تعود ترغب في أداء واجبك. أليس هذا مظهرًا لقامة صغيرة؟ علاوة على ذلك، هناك الآن الكثير من الإخوة والأخوات الشباب الذين لم يتزوجوا بعد. إذا التقى الواحد من هؤلاء برجل وسيم أو بامرأة جميلة، فقد يشعران أنهما مفتونان، وقد تؤدي بضع نظرات يتبادلانها بينهما إلى أن تتولد لديهما مشاعر؛ وفي ظل اختمار مثل هذه العواطف القوية، هل يظل بوسعهم أن يؤدوا واجباتهم بشكل جيد عندما يبدأون في المواعدة؟ هذا سقوط في الغواية. ألا يدل هذا على قامة صغيرة؟ إنه كذلك بالفعل. إضافة إلى ذلك، يمتلك بعض الناس بعض المواهب الخاصة، وهم يؤدون بعض الواجبات الخاصة في بيت الله. هذا يجعلهم يشعرون بأن لديهم قدرًا من رأس المال، ولذا فإنهم يرغبون في التعالي، وهم يريدون دومًا أن يتباهوا. وحالما يتباهون، فإنهم يفقدون المبادئ في القيام بالأشياء. إذا أثنى عليهم آخرون ولو قليلًا، فإنهم سيفقدون بالتأكيد مبادئهم في القيام بالأشياء، ويصبحون قانعين بأنفسهم وينسون واجباتهم. وهذا أيضًا سقوط في الغواية. ألا يدل هذا على قامة صغيرة؟ حتى صغائر الأمور يمكن أن تتسبب في أن يزل الشخص ذو القامة الصغيرة. على سبيل المثال، بعض الناس يعملون بوصفهم ممثلين داخل بيت الله؛ فبفضل مظهرهم وجاذبيتهم، يظهرون في بعض الأفلام، ومن ثم يشعرون وكأنهم قد اكتسبوا بعض الشهرة. يفكرون في أنفسهم: "لقد ذاع صيتي قليلًا الآن؛ لو حدث هذا في العالم العلماني، ألن يطلب الناس الحصول على توقيعي؟ لماذا لا يريد أي شخص في بيت الله توقيعي؟ يبدو أنه يجدر بي أن أمثل في فيلم جيد آخر". لكن عندما لا يحصلون على دور البطولة في الفيلم التالي، يشعرون بالرغبة في ترك واجباتهم، معتبرين أنه لا جدوى منها. إنهم يرغبون دائمًا في لعب الأدوار الرئيسية وأن يكونوا ممثلين مشهورين، وعندما لا يحققون ذلك، يصبحون يائسين، ومتقلبي المزاج، بل إنهم يفكرون في الاعتزال. هذا هو امتلاك قامة صغيرة. امتلاك قامة صغيرة يعني أنك غير لائق لتحمل مسؤوليات كبيرة. حتى وإن منحك الله واجبًا، فإنك تظل غير قادر على كسب ثقته؛ إذ يمكنك أن تنصرف عن واجباتك وتنقلب على الله بسبب فكرة واحدة خاطئة أو شيء واحد يسير ضد رغباتك. ألا يدل هذا أيضًا على قامة صغيرة؟ (بلى). إنها قامة صغيرة للغاية. وبمثل هذه القامة الصغيرة وهذه السلوكيات، ما مدى ابتعاد المرء عن أداء واجباته أداءً وافيًا؟ وأين تكمن الفجوة؟ إنها تكمن في مقدار حب المرء للحق. يوجد أيضًا بعض الناس الذين يكتشفون في أثناء أداء واجباتهم، أن أقرب أفراد أسرتهم قد صار مريضًا. وعندئذٍ يتوقفون عن حضور الاجتماعات ويهملون واجباتهم، ظنًا منهم أن تفويت واجباتهم لبضعة أيام أمر هَيِّن؛ فعلى أي حال، لو مات أحد أفراد أسرتهم فإنه سيرحل إلى الأبد. لكنهم لا ينظرون إلى أداء المرء واجباته باعتباره أمرًا في غاية الأهمية يتعلق بكسب الحياة، وأنه فرصة المرء الوحيدة لنيل الخلاص. إنهم يقدِّمون المشاعر والعائلة على واجباتهم ونيل الخلاص. ألا يدل هذا على قامة صغيرة؟ إن قامتهم صغيرة للغاية! وهذا يُظهر أنهم لا يفهمون شؤون الحياة الصحيحة، ولا يعرفون كيف ينخرطون في المهام الصحيحة. هل يعتمد حجم قامة المرء على عمره؟ كلا. إن البشر الفاسدين، ذكورًا كانوا أم إناثًا، وأيًا كان عمرهم، أو مكان ولادتهم، أو جنسيتهم، لديهم جميعًا الشخصية الفاسدة نفسها. إنهم جميعًا يمتلكون طبيعة الشيطان، وهم قادرون على التمرد على الله ومقاومته، وارتكاب كل أنواع الشرور. هل يمكن أن تكون للمرء توبة حقيقية إذا لم يسعَ إلى الحق؟ على الإطلاق؛ فهو لن يتغير. بعض الناس يسقطون مرضى ويهتفون بالتوكل على الله وعدم خشية الموت، لكنهم يشعرون أيضًا أنهم لا يستطيعون الاكتفاء بالجلوس دون فعل شيء. إنهم يعتقدون أنهم إذا لم يؤدوا واجباتهم فإنهم سيموتون حتمًا، لذلك يتوجهون فورًا ليؤدوا واجباتهم. إنهم يتطلعون إلى الواجب الذي ينطوي على المهام التي تتطلب أكبر قدر من الانشغال وذات الأهمية الأكبر، والتي يقدرها الله، ويهرعون للاضطلاع بها. وطوال الوقت الذي يقضونه في أداء واجبهم، يظلون يتساءلون: "هل يمكن أن يُشفى هذا المرض؟ آمل ذلك بالتأكيد. لقد كرَّست حياتي؛ ألا ينبغي أن أُشفى؟" في الحقيقة، المرض الذي يعانون منه مرض مميت؛ وسواء أدوا واجبهم أم لا، فإنهم سيموتون. وعلى الرغم من أنهم قد أتوا الآن ليؤدوا واجبهم فإن الله يرى قلوب البشر؛ فهل يمكنهم أن يؤدوا واجبهم جيدًا بقامة صغيرة كهذه ودافع كهذا؟ كلا بالتأكيد. إن أناسًا من هذا النوع لا يسعون إلى الحق، وإنسانيتهم ليست صالحة. إن لديهم دائمًا مخططاتهم الخاصة التافهة في عقولهم. وحالما يتفاقم مرضهم أو يشعرون ولو بقليل من التوعك، فإنهم يشرعون في التفكير: "هل أنعم الله عليِّ حقًا؟ هل رعاني وحماني حقًا؟ يبدو أنه لم يفعل، لذا لن أؤدي واجباتي مرة أخرى". وما إن يشعروا بقدر من عدم الارتياح، حتى يرغبوا في التخلي عن واجباتهم. فهل لديهم أي قامة؟ (كلا). لذا، لا تظن أنه لمجرد أن أناسًا مختلفين يمكنهم أن يجلسوا هنا ويستمعوا إلى العظات، أو أنه يمكنهم أن ينبذوا عائلاتهم ووظائفهم ليؤدوا واجباتهم في بعض وظائف بيت الله، ويقومون بعمل يتعلق بمهاراتهم المهنية أو مجالات خبرتهم، فإنهم بالضرورة يؤدون واجباتهم. ولا يعني ذلك أيضًا أن كل شخص يؤدي واجباته يقوم بذلك طوعًا، فضلًا عن أن يمتلك جميع أولئك الذين يؤدون واجباتهم قامة معينة. في ظاهر الأمر، يبدو الناس مشغولون ويظهرون وكأنهم يقومون بالأشياء بمحض إرادتهم ويبذلون أنفسهم لله على أساس الإيمان بالله بصدق. أما في حقيقة الأمر، فغالبًا ما يكون الجميع في أعماق قلوبهم ضعفاء. إنهم غالبًا ما يضمرون أفكارًا للتخلي عن واجباتهم، وغالبًا ما تكون لديهم مخططاتهم الخاصة، بل وغالبًا ما يأملون أن ينتهي عمل الله قريبًا حتى يتسنى لهم أن يتلقوا البركات بسرعة. هذا هو هدفهم. إن ما يهدف الله إلى معالجته هو نقاط الضعف البشرية، والتمرّد، والقامة الصغيرة، إلى جانب أفكار الناس وأفعالهم الجاهلة. وعندما تُعالج كل هذه القضايا ولا تعود تمثل مشكلات، وعندما لا يمكن أن يؤثر أي شيء يطرأ على قدرتك على أداء واجباتك، فهذا يكفي إذن، وتكون قامتك قد نمت. إن الطريق الذي سيسلكه المرء في نهاية المطاف، والمدى الذي سيقطعه في سيره، لا يتحدد بمقدار ما يهتف به من شعارات، ولا بعواطفه أو رغباته الزائلة؛ وإنما يعتمد على سعيه إلى الحق ومقدار حبه للحق.
في أي المواقف ستتخلون عن واجبكم؟ هل عندما تكونون في مواجهة الموت؟ أم حين تلاقون بعض خيبات الأمل البسيطة في الحياة؟ لدى بعض الناس متطلبات كثيرة عندما يتعلق الأمر بأداء واجبهم. فمن جهة، لا ينبغي أن يتعرضوا للرياح أو الشمس، وينبغي أن تكون بيئة عملهم مريحة. ولا يمكنهم أن يتحملوا حتى أقل أذى ممكن. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكونوا مع أزواجهم (أو زوجاتهم) في أغلب الأحيان، وأن يعيشوا عالمًا لشخصين، وأن تكون لديهم أيضًا حياتهم الخاصة، كأن يخرجوا للترفيه، أو يسافروا في إجازات، وما إلى ذلك، ويجب أن يرضيهم كل ذلك. وإذا لم يكونوا راضين ولو بقدر قليل، فإنهم سيصبحون منزعجين وساخطين في قلوبهم على الدوام، بل وسيوقعون الآخرين في الاضطراب بإشاعة المفاهيم. يستطيع بعض الناس ممن يفهمون الحق أن يميزوا أن هؤلاء الأشخاص لا فائدة منهم، وأنهم عديمو الإيمان، وسوف ينأون بأنفسهم عنهم. ولكن هناك بعض الناس ممن لا يفهمون الحق؛ لديهم قامة صغيرة ويفتقرون إلى التمييز، وسيتأثرون بالاضطرابات التي يسببها هؤلاء الناس. أخبروني، هل يجب أن يُخرج فاعلي الشر هؤلاء من الكنيسة؟ (نعم). إن هذا النوع من الأشخاص، الذين يوقعون الاضطراب ويعرقلون عمل الكنيسة باستمرار، يجب أن يُخرجوا لحماية ذوي القامة الصغيرة والجهلاء. وفي أي ظروف يمكنكم أنتم أنفسكم أن تنبذوا واجباتكم وتغادروا دون إشعار؟ على سبيل المثال، خلال نشرك الإنجيل، تقابل شخصًا وسيمًا للغاية ويتحدث بطريقة جذابة، وكلما طال نظرك إليه زاد إعجابك به، فتفكر قائلًا: "كم سيكون رائعًا ألا أؤدي واجباتي وأجد شريكًا مثل هذا!" ما إن تفكر بهذه الطريقة، فإنك تكون في خطر، وسيكون سهلًا أن تستسلم للغواية. وما إن تُفرط في التفكير في الأمر كثيرًا، فإنك تكون عازمًا على السعي وراء هذه العلاقة. ولكن حين تظفر به أخيرًا، فإنك تدرك أنه أيضًا إنسان فاسد وليس بتلك الروعة في نهاية المطاف، ولكن عندها يكون أوان الندم قد فات. فما إن يقع شخص ما في غواية الارتباطات العاطفية، لا يكون من السهل التملص منها. لن يكون التراجع سهلًا دون قضاء عام أو عامين، أو ثلاثة إلى خمسة أعوام. وخلال هذه الأعوام الثلاثة إلى الخمسة التي أضعتها، ما مقدار الحق الذي ستفوِّته؟ ما مدى فداحة الخسارة التي ستلحق بحياتك؟ وكم سيتأخر نمو حياتك؟ وبعض الناس الآخرين يرون غيرهم يجنون كثيرًا من المال في العالم الدنيوي، ويرتدون ثيابًا من مصممي الأزياء، ويأكلون ويشربون جيدًا، فيضطرب قلبهم؛ إنهم يريدون أن يسعوا إلى كسب المال أيضًا. بهذه الطريقة تنشأ الغواية. أي شخص تتدفق الأفكار في عقله في مواجهة المواقف، ويفكر في نبذ واجبه، لا يستطيع الصمود أمام الغواية؛ إنه في خطر. وهذه علامة على صغر القامة. أنت تشعر بالضيق والسخط عندما ترى شخصًا آخر يتناول طعامًا طيبًا. وتشعر أيضًا بالسخط عندما ترى شخصًا آخر مع شريك جيد. وتصبح تعيسًا عندما ترى شخصًا آخر يقاربك في العمر ويضاهيك في الجاذبية، ولكنه يرتدي ثيابًا أفضل منك بل وهو مشهور أيضًا. تبدأ بالتفكير في أنك لو لم تنبذ تعليمك ولو كنت قد تخرجت وحصلت على وظيفة لكنت بالتأكيد أحسن حالًا منه. وكلما واجهت مثل هذه المواقف، فإنك تظل مهمومًا لأيام. هذه الغوايات هي نوع من التقييد ونوع من المضايقة لك، الأمر الذي يظهر أن قامتك صغيرة. حين تنشرون الإنجيل وتقابلون شخصًا مناسبًا من الجنس الآخر من النوع "الطويل والثري والوسيم"، أو امرأة ذات بشرة فاتحة وثرية وجميلة، فإنكم قد لا تستطيعون بالضرورة تجنب الغواية. ما الذي يعنيه أنك قد لا تكون قادرًا على تجنب الغواية؟ يعني أن قامتك لم تصل إلى مستوى يمكنك معه التغلب على مختلف الغوايات؛ إنك لا تستطيع تجنبها، لذا فإن قلبك يتم الاستيلاء عليه وإغوائه. يصبح كل ما تفكر فيه، وما تتأمله في عقلك، وحتى ما تحلم به وتتناقش فيه مع الآخرين متعلقًا بهذه الأمور. يؤثر هذا على أداء واجباتك؛ ففي أثناء عقد شركة عن الحق، يكون للآخرين كثير من الحديث فيما تقل مساهمتك شيئًا فشيئًا، وتفقد الاهتمام بالإيمان بالله. أليس هذا سقوط في الغواية؟ إنه سقوط في الغواية، وهو أمر خطير. يظن بعض الناس أنك تكون قد سقطت في الغواية فقط عندما تكون قد بدأت بمواعدة شخص ما أو خرجت معه، ولكن بحلول الوقت الذي تصل فيه إلى هذه المرحلة تكون قد هلكت. هل يمكن أن تنشأ مثل هذه المواقف إذا واجهتم مثل هذه الأمور؟ (لا أعرف). إذا كنتم لا تعرفون، فذلك يثبت أن قامتكم صغيرة. ولماذا يثبت هذا أن قامتكم صغيرة؟ من ناحية، أنت لم تواجه مثل هذه الأمور قط، لذا فإنك لا تعرف كيف كنت ستتصرف؛ إنك لا تتحكم في نفسك. ومن ناحية أخرى، عندما تواجه موقفًا من هذا القبيل، فإنك لا تتبنى الموقف والنهج المناسبين للتعامل مع مشكلة من هذا النوع. وإذا لم تستطع طلب الحق لحل المشكلة، فذلك يعني أنك سلبي. وكونك سلبيًا يثبت أن لديك قامة صغيرة، وأنك جاهل. وفي حين أنك قد لا تغوي الآخرين فعليًا، فإن الآخرين يستطيعون بالتأكيد إغواءك، مما يأتي بالغواية في طريقك. وإذا لم تستطع التغلب عليها، فتلك مشكلة. فمثلًا، ماذا لو أن شخصًا ما عرض عليك المال والمكانة، أو ماذا لو أن شخصًا أفضل منك أتاك وحاول أن يستميلك؟ هل سيكون من السهل التغلب على ذلك؟ ما هي احتمالات تمكنك من التغلب على ذلك؟ يُقال إن بعض الناس عند تلقيهم قطعتين فحسب من الشيكولاتة من شخص معجب بهم، فإنهم يفتتنون به ويفكرون في بدء علاقة مع ذلك الشخص؛ إن قامتهم صغيرة إلى هذا الحد. فهل هذه قضية عدم إيمان بالله لفترة طويلة بالقدر الكافي؟ ليس بالضرورة. فبعض الناس آمنوا طيلة أكثر من عقد من الزمان ولا يزال من الممكن أن يسقطوا في الغواية عند مواجهة مثل هذه المواقف. سواء كانت تلك هي المرة الأولى أو الثانية أو الثالثة في مواجهتها، فلا يزال من الممكن أن يُستمالوا. فما هو السبب وراء هذا؟ إن قامتهم صغيرة، وهم يفتقرون حقًا إلى فهم بعض الحقائق. ولماذا يفتقرون إلى الفهم؟ لأنهم لا يسعون إلى الحق؛ إنهم دائمًا ما يكونون مشوشي الذهن. من وجهة نظرهم، مثل هذه الأمور ليست مهمة. إنهم يفكرون: "إذا تقدم لي خاطب مناسب حقًا، فلمَ لا يمكنني الزواج؟ إن كل ما في الأمر أنني لم أقابل بعد أي شخص مناسب، وأنا لست معجبًا بأحد، لذا سأخوض في هذا الأمر فحسب". وهذا الخوض ليس موقف سعي إلى الحق؛ إنه ليس سيرًا في طريق بلوغ الخلاص والتكميل؛ ليست هذه العقلية. إنهم يريدون فقط أن يدبروا حياتهم، ويعيشوا حياتهم يومًا بعد يوم، ويذهبوا حيثما تسوقهم الحياة. وإذا حلَّ حقًا يوم لا يستطيعون فيه الاستمرار، فليكن. إنهم لا يهتمون بمقصد الله لخلاص الناس أو العمل الذي يقوم به الله من أجل هذا الخلاص. وعلاوة على ذلك، هم لا يطلبون الحقائق المختلفة المتعلقة بتخليص الله للبشرية بجدية، ولا يضعونها نصب أعينهم. قد يقول البعض: "لكنهم يحضرون العظات على الدوام؛ فكيف تقول إنهم لا يضعونها نصب أعينهم؟" لكن الاكتفاء بالمواظبة على طقوس حضور الاجتماعات والاستماع إلى العظات يختلف عن قبول الحق. فثمة الكثير من الناس الذين يستمعون إلى العظات، لكن كم عدد من يمارسون الحق بالفعل؟ وعدد الذين يشرعون في طريق السعي إلى الحق أقل من ذلك. الكثير من الناس ينصبّ تركيزهم فقط على فهم العقائد وإثراء مفاهيمهم وتصوراتهم الخاصة حين يستمعون إلى العظات. أما أولئك الذين يحبون الحق فيستمعون بهدف طلب الحق وقبوله. وهم قادرون على الاستماع إلى العظات والتأمل في أنفسهم، مقارنين ما سمعوه بحالاتهم الخاصة، ويركزون على معالجة شخصياتهم الفاسدة. كما أنهم يولون اهتمامًا بالجوانب العملية للحق؛ ويؤكدون على ممارسة هذه الجوانب واختبارها، ويكتسبون الحق. لذا فإن أولئك الذين يحبون الحق يستمعون إلى العظات لكي ينالوا الحياة، ولكي يفهموا الحق ويغيروا أنفسهم. إنهم يقبلون الحق في قلوبهم، وحين يمارسونه فإن الحق الذي يفهمونه يفيدهم؛ إن فهم الحق يرسم لهم طريقًا. وبالنسبة لأولئك الذين لا يسعون إلى الحق، فهم يستمعون إلى العظات بأسلوب مشوش. إنهم يستمعون إلى عظة كاملة من البداية إلى النهاية، وحين تسألهم بعد ذلك عما فهموه، سيقولون: "لقد فهمتها كلها. كما أنني سجلت ملاحظات واضحة عن كل شيء". ولكن إذا سألتهم كيف يساعدهم هذا، سيجيبون بغموض أنه مفيد نوعًا ما. فهل هو مفيد حقًا؟ لا، لأنهم لم يكتسبوا حقائق العظة. ولماذا لم يفعلوا؟ لأنهم لم يقبلوها، فكيف يمكنهم أن يكتسبوها؟ ويقول بعض الناس: "كيف لم يتمكنوا من اكتسابها؟ وكيف لم يتمكنوا من قبولها؟ لقد استمعوا بانتباه بالغ، بل وسجلوا ملاحظات أيضًا". بعض الناس يسجلون الملاحظات فقط للمحافظة على الشكليات، وليس لأنهم يتوقون إلى الحق. وقد يكون بعض الذين يعقدون شركة عن الحق لا يقبلونه بالضرورة، فهذا يعتمد على ما إذا كانت قلوبهم تتوقف إلى الحق بصدق أم لا. إذًا، ماذا يعني قبول الحق بصدق؟ معناه أنه بعد قراءة كلام الله، يمكن للناس أن يوفقوا بينه وبين حالاتهم وسلوكياتهم وأعمالهم، ومبادئ الإيمان بالله، والإرساليات والمسؤوليات المعطاة من الله، والطريق الذي يسيرون فيه. ويمكنهم أن يتأملوا في أنفسهم بالنظر إلى كل هذه الأشياء، وأن يميزوها بوضوح، وأن يتوصلوا إلى فهم الحق، ومن ثم يمارسونه ويدخلون فيه. وحده هذا هو الشخص الذي يقبل الحق؛ ووحده هذا هو الشخص الذي يسعى إلى الحق.
ناقشنا للتو مظاهر الأشخاص ذوي القامة الصغيرة. وفي أثناء عملية فهم الحق تدريجيًا، سيعالج الناس تدريجيًا مشكلات قامتهم الصغيرة، مثل الحماقة، والجهل، والجبن، والضعف. إلامَ يشير الضعف؟ إنه يعني أن عنصر إيمانك بالله صغير للغاية؛ أي إن إيمانك بالله أقل ما يكون. في التعاليم، أنت تؤمن بأن الله يمكنه تحقيق كل شيء، وأنه يسود على كل شيء، لكن حين تواجه مواقف فعلية، فإنك لا تجرؤ على الثقة بالله؛ لا تجرؤ على تسليم كل شيء له بكل جوارحك ولا يمكنك الخضوع؛ هذا هو الضعف. إن حماقة الناس، وجهلهم، وجبنهم، وتمردهم – هذه الأمور السلبية – لا يمكن معالجتها تدريجيًا أو تحسينها بدرجات متفاوتة إلَّا من خلال السعي إلى الحق في أداء الواجب. وماذا يعني التحسين؟ يعني أنَّ هذه الأشياء السلبية تُعالَج تدريجيًا؛ فتتحسن نتائج أدائك للواجب أكثر فأكثر، وحينما تواجهك المواقف يمكنك أن تتحمل أكثر مما كنت تتحمله سابقًا. فعلى سبيل المثال، في الماضي، حين كنت تتعرض لمثل هذه المواقف، كنت تضعف بسبب قامتك الصغيرة، وكنت تصبح سلبيًا، بل كان ذلك يؤثر أيضًا في موقفك تجاه أداء واجباتك. كنتَ تُصاب بنوبات غضبٍ، وتُعرض عن أداء واجباتك، وتصبح لا مباليًا، ولا تُظهر الإخلاص. والآن، عندما تُواجه مثل هذه المواقف، فإن درجة إخلاصك تجاه أداء واجبك لا تتضاءل؛ وإن كانت لديك صعوبات أو نقاط ضعف في قلبك، فبإمكانك أن تطلب الحق لمعالجتها. معنى هذا أن قضية دخول الحياة لن تؤثر بعدئذٍ على أدائك لواجبك. أحوالك المزاجية، وحالتك، وضعفك، لن تعود تؤثر على العمل المسند لك، ولن تؤثر على مسؤولياتك، وواجباتك، والتزاماتك. أليست هذه زيادة في قدرتك على التعامل مع الأمور والتأقلم مع الأحداث الخارجية؟ هذا نمو في القامة. بعض الناس، إذا طُلب منهم أن يلعبوا دور البطولة يصبحون سعداء للغاية، وهم حتى يسيرون وكأنهم يحلقون في الهواء؛ لكن إذا طُلب منهم أن يلعبوا دورًا بديلًا فإنهم يكونون ممانعين ويصبحون متقلبي المزاج، ويسيرون منكسي الرأس. وبعض الناس يريدون دائمًا أن يتميزوا عندما ينشرون الإنجيل، لكنهم لا يستطيعون عقد شركة عن الحق. إنهم لا يمارسون التدريب لكنهم يريدون دائمًا أن يقفوا في الأماكن المرتفعة ويظهروا وجوههم. هل هذا خضوع حقيقي؟ هل هذا هو الموقف الصحيح إزاء أداء المرء لواجبه؟ حين تكون عقلية المرء غير صائبة وحالته خاطئة، فعليه أن يطلب الحق لكي يعالجهما، ويكون قادرًا في النهاية على طلب الحق وممارسته مهما كانت الظروف؛ هذا هو امتلاك خبرة الحياة. وما إن تتمكن من تمييز جميع أنواع الأمور، ستكون عندها قد اكتسبت مناعة. وأيًا كان ما تواجهه أو توقيت حدوثه، فإنه لن يؤثر على أدائك لواجبك؛ ولن يتأثر أداؤك بأي مسألة بسيطة، أو أي حالة مزاجية طفيفة، أو تغيرات في الأشخاص، والأحداث، والأشياء، والظروف؛ ستزداد قدرتك على التغلب على الخطيئة والتغلب على الظروف والحالات المزاجية المختلفة؛ هذا يعني أن قامتك قد نمت. وكيف تنمو القامة؟ إنها النتيجة التي تتحقق حين يدخل الناس تدريجيًا في واقع الحق من خلال طلب الحق لحل المشكلات. حالما تفهم بعض الحقائق، وتصير هذه الحقائق هي حياتك، وتصير هي أساس سلوكك، وتصير هي نظرتك في رؤية الأمور، وتصير هي النور الهادي لك، فإنك حينئذٍ تكون صامدًا؛ لن تضعف كثيرًا. فمثلًا، كنت ستصبح سعيدًا جدًا فيما مضى إذا عُينت قائدًا؛ وإذا استُبدلت، كنت ستصبح سلبيًا لمدة شهر أو شهرين، وغير راغب في القيام بأي شيء يُطلب منك القيام به، وستؤدي أي مهمة بموقف سلبي، وستتصرف بطريقة لا مبالية، حتى تصل إلى حد الاستسلام التام. والآن، إذا كنت ستُستبدل، فإنك ستقول: "حتى لو استُبدلت، فلن يؤثر ذلك فيّ. لن أكون سلبيًا ليوم واحد. إذا استُبدلت اليوم، فسأواصل ما يجب أن أفعله غدًا. إنني أقبل ترتيبات الله وتنظيماته وأخضع لها". هذا هو الصمود. فكيف يأتي هذا الصمود؟ إذا لم تسعَ إلى الحق، وإذا كنت لا تطلب الحق عندما تواجهك الأمور لحلها، ولا تركز على التصرف وفقًا للمبادئ، فهل ستكون لديك هذه القامة؟ لن تكون صامدًا أبدًا إذا كنت تعيش بفلسفات غير المؤمنين في المعاملات الدنيوية. لن تستطيع أن تتخلى عن الكبرياء، والمكانة، والغرور تدريجيًا إلا إذا عشت بالحق، بحيث لا يمكن لشيء في النهاية أن يوقع بك، ولا يمكن لشيء أن يؤثر عليك في أداء واجباتك جيدًا. هذا هو امتلاك القامة؛ هذا هو أن تكون صامدًا. وحين تكون صامدًا وتكون قامتك قد نمت، أفلا تؤدي واجباتك على نحوٍ وافٍ بالمعايير بدرجة متزايدة؟ وحين تؤدي واجباتك أداءً وافيًا، ألا يعني ذلك أن لديك بالفعل قامة معينة؟ وما الذي تتضمنه هذه القامة؟ الإيمان الصادق بالله، والخضوع الصادق لله، والإخلاص لله، وكذلك القدرة على التعامل مع واجباتك بشكل صحيح؛ قبول كل شيء من الله، والقدرة على الخضوع لله، وتقوى الله، والحيد عن الشر. هذه هي مظاهر نمو القامة.
والآن، هل استشعرتم في وعيكم أن تخليصكم يجب أن يوضع ضمن أهدافكم، وأنه لا يمكنكم أن تتشوشوا بشأنه بعد الآن؟ إن فهم كل حق من الحقائق غاية في الأهمية لكي تخلصوا؛ ولا يسعكم أن تكونوا مشوشين بشأن أي حق كان. إن الإيمان بالله ليس مجرد بذل بعض الجهد، والتنقل من مكان إلى مكان، وتحمُّل بعض المعاناة، والقدرة على أن تثابروا خلال التجارب دون تعثر. إذا كان الناس الذين يؤمنون بالله يعتبرون حقًا أن الخلاص أمرًا مهمًا في الحياة ويتعاملون مع نيل الحق بوصفه أمرًا مهمًا في الحياة، فعندئذٍ يمكنهم أن يتخلوا عن أي شيء؛ سيكون التخلي سهلًا بالنسبة إليهم. وإذا لم يشعر المرء بعد بمدى أهمية أن يخلص، فذلك إذن غباء وجهل؛ إن إيمانه ضئيل للغاية، ولا يزال يعيش في شقاء شديد. إذا لم يكن الشخص يحب الحق، فسيكون من الصعب عليه أداء الواجب أداءً وافيًا. والسبب في هذا هو أنه لتحقيق الأداء الوافي للواجب، يحتاج المرء إلى فهم حقائق عديدة، وكذلك الدخول في حقائق عديدة. وفي أثناء فهم الحق والدخول في الحق، سيصبح الواجب الذي يؤديه المرء وافيًا بالتدريج، وستتغير نقاط ضعفه وحالاته المزاجية المختلفة بالتدريج، كما ستتحسن حالاته المختلفة بالتدريج. وفي أثناء عملية فهم الحق والدخول في واقع الحق، سيزداد المرء وضوحًا في داخله بشأن الرؤيا المتعلقة بالإيمان بالله والخلاص، وفي الوقت نفسه، ستزداد رغبة المرء ومطلبه في الخلاص إلحاحًا. وما المقصود بالإلحاح؟ يقصد به أن تستطيع أن تشعر بأن تخليصك هو أمر مُلِحٌّ، وأنه أمر في غاية الأهمية، وأنك إذا لم تعالج شخصياتك الفاسدة، فإن الأمر قد يكون خطيرًا للغاية ولن تتمكن من نيل الخلاص. هذا هو نوع العقلية التي تتمتع بحس بالإلحاح. في البداية، لا يكون لديك أي مفهوم للخلاص أو التكميل. وبالتدريج، تفهم أن البشر لديهم شخصيات فاسدة ويحتاجون إلى الله ليخلّصهم. وتكتشف أن الناس يعيشون في الخطيئة، ومحاصرون في شخصية فاسدة بلا حرية، ويعيشون حياة من المعاناة الشديدة، وأنهم سينجرفون عاجلًا أم آجلًا في اتجاهات الشيطان الشريرة. تدرك أن البشر لا يمكنهم أن يصمدوا بمفردهم – فمهما كنت صامدًا أو حازمًا، لا يمكنك أن تضمن أنك ستتبع الله حتى النهاية – وأنه عليك أن تسعى إلى الحق، وأنه عليك أن تختبر الدينونة، والتوبيخ، والتجارب، والتنقيات كي تفهم الحق وتعرف نفسك، وحينها فقط سيكون لديك الإصرار على اتباع الله حتى النهاية. وفي هذه اللحظة ستبدأ في الشعور ببعض الإلحاح لأن تُخَلص. إن فهم الحق أمر بالغ الأهمية للخلاص. والسعي إلى الحق أمر مهم يجب ألا ينبذه المرء أو يتغاضى عنه أبدًا. وسواء كنت تسعى إلى الحق أو لا تسعى إليه، فإن لذلك علاقة مباشرة بخلاصك، وهو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بما إذا كان من الممكن أن يكملك الله. وفي أثناء عملية أداء واجباتك، لا بد من معالجة جميع المشكلات والصعوبات التي تواجهك من خلال طلب الحق؛ وسيتغير ضعفك، وجهلك، وحماقتك تدريجيًا أيضًا. إلامَ يشير هذا التغيير؟ إنه يعني أن قدرتك على التغلب على الخطية قد ازدادت قوة، وأنك تصبح أكثر إدراكًا لشخصياتك الفاسدة وللأشياء الشريرة. أنت تكتسب المزيد من التمييز والشعور تجاه هذه الأمور في قلبك. في الوقت الحالي، لا يزال بعض الناس يفتقرون إلى هذا الوعي، ولا يشعرون بأي شيء عندما يرون الخطية، أو الشر، أو الأشياء الشيطانية؛ وهذا غير مقبول ويظهر أن قامتهم لا تزال بعيدة بعض الشيء. والبعض الآخر ليس لديهم أي مشاعر، ولا تمييز، ولا حتى ذرة من الكراهية الصادقة لمختلف السلوكيات الخاطئة ومختلف أوجه الشيطان القبيحة. كما أنهم لا يملكون أي وعي أو تمييز، فضلًا عن أي كراهية، تجاه أفعالهم والفساد الذي تكشفه، وكذلك الشخصيات الفاسدة والأشياء القبيحة المتوغلة داخل قلوبهم؛ هؤلاء الناس لا يزالون بعيدين عن أن تكون لهم قامة. لكن مهما بلغ بُعد المسافة، ومهما بلغ ضعف المرء أو مهما بلغ صغر قامته في هذه اللحظة، فهذه ليس مشكلة، لأن الله قد أمَّد الناس بالطريق والتوجيه لحل هذه المشكلات. وبينما تصل تدريجيًا إلى معيار أداء واجباتك أداءً وافيًا، فإنك أيضًا تسعى إلى فهم الحق والدخول في وقائع الحق. وبينما تسعى لفهم الحق والدخول في وقائع الحق، تصبح قدرتك على التغلب على الخطيئة أقوى، كما تزداد قدرتك على تمييز الأشياء الشريرة أيضًا، وبذلك تحل مشكلة ضعفك وتمردك بدرجات متفاوتة. على سبيل المثال، حين تكون قامتك صغيرة وتواجه موقفًا ما، حتى لو كنت تعرف أنه ليس جيدًا، فقد تظل مقيدًا ومرتبطًا به، بل وتتورّط فيه. وحين تفهم الحق وتتمكن من ممارسة بعض الحقائق، ففضلًا عن كراهيتك لمثل هذه الأمور في قلبك، فإنك سترفضها وتأبى التورط فيها، وفي الوقت نفسه، ستساعد الآخرين أيضًا على التحرر منها. هذا هو التقدم؛ هذا هو نمو القامة. وما هي علامات نمو القامة؟ أولًا وقبل كل شيء، أن يكون لدى المرء إخلاص في أداء الواجب، دون مزيد من السلوكيات اللامبالية. وبالإضافة إلى ذلك، يصبح إيمان المرء بالله أكثر صدقًا وأكثر عملية، ويكون هناك خضوع حقيقي لله. علاوة على ذلك، يتمكن المرء من تمييز غوايات الشيطان واضطراباته ويتغلب عليها؛ ولا يعود الشيطان قادرًا على تضليله أو السيطرة عليه، ويتمكن من التحرر من تأثير الشيطان. بذلك، يكون المرء قد استوفى حقًا معيار نيل الخلاص.
بعد شركة اليوم، هل تعرفون كيف تقيسون ما إذا كانت الواجبات التي تؤدونها ترتقي إلى المعيار المطلوب أم لا؟ إذا كنت تعرف، فهذا يثبت أن لديك بعض الفهم لهذه الحقائق وقد أحرزت تقدمًا؛ وإذا كنت لا تعرف، فهذا يثبت أنك لم تفهم ما قيل، وأنك قد قصرت. أنت بحاجة إلى الوضوح في جانبين: أولهما هو القدرة على تقييم نفسك، والآخر هو معرفة كيف تؤدي واجبك بحيث تفي بالمعيار وتعرف الطريق. فيما مضى، كان نقاشنا في معظم الوقت منصبًا على أداء الواجب، مع ذكرٍ قليل لأداء الواجب أداءً وافيًا. أما اليوم، فقد تمحور النقاش الرئيسي حول معايير الأداء الوافي للواجب. أما معايير الوفاء والحقائق المختلفة التي يتضمنها هذا الجانب فقد عُقدت عنها الشركة بالأساس بوضوح تام. بالإضافة إلى ذلك، ما هي المشكلات التي ينبغي تجنبها وما هي المبادئ التي يتعين التمسك بها في أثناء أداء الواجبات، وكذلك الأخطاء التي لا ينبغي ارتكابها؛ وجميع هذه الأشياء في غاية الأهمية. وبصفة خاصة، لا تسرق التقدمات، ولا تتورط بطيش في علاقات عاطفية، ولا تزدري ترتيبات العمل. إذا ارتكبت هذه الأخطاء، فقد انتهى أمرك تمامًا؛ لا يوجد أمل في أن تُخلَّص. لذا، لا تتبع الطريق الخاطئ ولا تسير في طريق شخص شرير. فما إن تطأ قدمك هذا الطريق، فلا يوجد أمل بالفعل؛ لا يمكن لأحد أن يخلصك. وإذا لم يخلصك الله، فبالتأكيد لا يمكنك أن تخلص نفسك كذلك. إذا بلغ شخص ما هذه النقطة، فستكون تلك مشكلة خطيرة؛ فليس من السهل العودة إلى الوراء. هذا بالأساس طريق يودي إلى العدم.
28 نوفمبر 2018