البند الثامن: يجعلون الآخرين يخضعون لهم وحدهم، وليس للحقَّ ولا لله (الجزء الثاني)
ملحق: مناقشة موجزة لثلاثة من جوانب الإنسانية الطبيعية
لن نروي قصصًا في شركتنا هذه المرة. سنبدأ بموضوع كثيرًا ما ناقشناه: ما هي الإنسانية. لقد تحدثنا كثيرًا عن هذا الموضوع في الماضي، وسنفعل ذلك الآن أيضًا. إنه موضوع تكرر ذكره كثيرًا، وهو موضوع يواجهه المرء كل يوم في حياته اليومية، ويمكن للمرء أن يواجهه ويختبره كل يوم. الموضوع هو: ما هي الإنسانية. تشمل الإنسانية عدة أمور مهمة. ما هي المظاهر الإنسانية المشتركة في الحياة اليومية للمرء؟ (الاستقامة والكرامة). وماذا أيضًا؟ الضمير والعقل، صحيح؟ (نعم). أنتم تتحدثون عنهما كثيرًا. ما هي الأمور الأخرى التي لا تتحدثون عنها كثيرًا؟ أي ما هي الموضوعات التي لا تتطرقون إليها أساسًا في حديثكم المعتاد عن الإنسانية؟ الضمير والعقل، والاستقامة والكرامة؛ هذه مواضيع قديمة نتعرض لها بانتظام. ما مدى الارتباط بين الضمير، والعقل، والاستقامة، والكرامة التي تناقشونها في كثير من الأحيان وبين حياتكم الواقعية؟ كيف ساهمت تلك المادة في تثقيفكم وساعدتكم في ممارستكم ودخولكم في حياتكم الواقعية؟ ما مدى فائدة ذلك؟ إذًا، ما البنود الأخرى التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحياتكم اليومية الاعتيادية؟ سوف أذكر بعضها، وسنرى ما إذا كانت هذه مواضيع تصادفكم بانتظام. مع مادتنا التي تتعلق بالإنسانية، سنضع جانبًا أولًا ما إذا كانت المادة إيجابية أو سلبية، وما إذا كانت تتعلق بالإنسانية الطبيعية أو غير الطبيعية. بالإضافة إلى البنود التي ذكرناها للتو، ثمة عنصر لموقف الناس في تعاملهم مع مختلف أنواع الأشخاص، والأحداث، والأشياء في حياتهم اليومية. أليس هذا أحد العناصر؟ ألا ينطوي ذلك على الإنسانية؟ (بلى). ثمة أمر آخر، وهو إدارة الناس لمحيطهم الشخصي في حياتهم اليومية، وآخر هو، موقف الناس وسلوكهم في تواصلهم مع الجنس الآخر. هل هذه البنود الثلاثة مرتبطة بالإنسانية؟ (نعم). كلها كذلك. بالنسبة للموضوع الذي سنناقشه الآن، فإننا سنضع جانبًا موضوعات سعي الإنسان إلى الحق، وكيفية الدخول إلى واقع الحق في إيمانه بالله، وكيفية التمسك بجميع المبادئ المختلفة، ونتحدث فقط عن الإنسانية. إذًا، هل ارتباط تلك البنود الثلاثة بالإنسانية جوهري؟ (نعم). ما هي تلك البنود الثلاثة؟ أعد ذكرها. (الأول هو موقف الأشخاص في تعاملهم مع مختلف أنواع الأشخاص، والأحداث، والأشياء في حياتهم اليومية. والثاني هو إدارة الأشخاص لمحيطهم الشخصي في حياتهم اليومية. والثالث هو موقف الأشخاص وسلوكهم في تعاملهم مع الجنس الآخر في حياتهم اليومية). وما الذي تنطوي عليه هذه البنود الثلاثة؟ (الإنسانية). لماذا نقول إن هذه البنود الثلاثة تنطوي على الإنسانية، وأنها مرتبطة بها؟ لماذا نعرض هذه البنود الثلاثة؟ لماذا لا نتحدث عن جزئية الضمير والعقل؟ لماذا ننحِّي الجوانب التي نناقشها عادةً، لنتحدث عن هذه البنود الثلاثة؟ هل هذه البنود الثلاثة أكثر تقدمًا أم أكثر بدائية من الضمير، والعقل، والاستقامة، والكرامة التي تتعلق بالإنسانية، والتي ناقشناها من قبل؟ (إنها أكثر بدائية). فهل يعتبر ذلك استخفافًا بكم أن نناقش هذه الأمور؟ (كلا). لماذا نناقشها إذًا؟ (إنها عملية). إنها أكثر عملية. هل هذا هو السبب الذي توصلت إليه؟ لماذا سنتحدث عن هذا؟ لأنني وجدت مشكلات؛ فيما يتعلق بالظروف على ما هي عليه، ومختلف السلوكيات التي تظهر في حياة الناس اليومية، ووجدت بعض المشكلات التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحياة الناس الحقيقية، ومن الضروري عرضها واحدة تلو الأخرى لغرض عقد الشركة. إذا نحَّى الناس جانبًا الحياة الواقعية، ومختلف سلوكيات الإنسانية الطبيعية، والحياة اليومية في إيمانهم بالله، وسعوا بإصرار إلى الحق – الحقائق العميقة مثل كونك شخصًا يحبه الله – أخبرني، ما المشكلات التي قد تترتب على ذلك؟ ما الشرط الأساسي الذي بموجبه قد يتمكن شخص ما من الدخول إلى واقع الحق في سعيه إلى الحق؟ (عليه أن يفعل ذلك في الحياة الواقعية). وماذا أيضًا؟ (إنه بحاجة إلى إنسانية طبيعية). بالضبط؛ يجب أن يتحلى بالإنسانية الطبيعية، التي تتكون – بخلاف الضمير، والعقل، والاستقامة، والكرامة – من البنود الثلاثة التي ذكرناها للتو. سيكون كلامًا أجوف بعض الشيء أن يتحدث المرء عن السعي إلى الحق وطلبه الحق، إذا لم يتمكن من الارتقاء إلى المعايير أو تحقيق الحالة الطبيعية في هذه البنود الثلاثة التي تمس الإنسانية. إن السعي إلى الحق، والسعي إلى الدخول إلى واقع الحق، والسعي إلى الخلاص هي أمور لا يمكن للجميع تحقيقها، بل فقط يمكن ذلك للأقلية من الناس الذين يحبون الحق ولديهم إنسانية طبيعية. إذا كان المرء لا يعرف ما الذي يجب أن يتحلى به الشخص ذو الإنسانية الطبيعية، أو ما الذي يجب أن يفعله، أو ما نوع الموقف ووجهة النظر التي يجب أن يتبناها تجاه بعض الأشخاص، والأحداث، والأشياء، فهل هذا الشخص قادر على تحقيق الدخول إلى واقع الحق؟ هل يمكن أن يؤدي سعيه إلى الحق إلى نتائج؟ كلا للأسف.
أ. موقف الناس في تعاملهم مع مختلف أنواع الأشخاص، والأحداث، والأشياء
سوف نبدأ بعقد شركة عن أول بند يتعلق بالإنسانية: موقف الناس في تعاملهم مع مختلف أنواع الأشخاص، والأحداث، والأشياء في حياتهم اليومية. يفهم الجميع معنى عبارة "الحياة اليومية". إنها لا تحتاج إلى توضيح. فما الأشخاص، والأحداث، والأشياء الرئيسية التي تتعلق بالإنسانية إذًا؟ بمعنى، ما الذي يرتقي فيها إلى مستوى الإنسانية الطبيعية، وما الذي يتعلق بنطاقها، وما الذي يمسها؟ (التعامل مع الأشخاص والأشياء). هذا جزء. وهناك أيضًا المعرفة والمهارات المهنية التي ينبغي للمرء أن يتعلمها، وهناك المعرفة العامة للحياة اليومية. كل هذه أجزاء مما يجب أن يفهمه ويتحلى به الشخص ذو الإنسانية الطبيعية. بعض الأشخاص، على سبيل المثال، يتعلمون النجارة أو البناء، والبعض الآخر يتعلمون القيادة أو إصلاح السيارات. هذه مهارات وحرف، ومعرفة مثل هذه الحرف تعني أن تكون متمرسًا في التجارة الاحترافية لتلك الحرفة. إذًا، إلى أي درجة وأي معيار يجب على المرء أن يتعلم مهارة ما حتى يُعتبر ماهرًا؟ يجب أن يكون قادرًا على الأقل على إنتاج منتج نهائي بمعايير مقبولة. فثمة أشخاص يقومون بأعمال رديئة للغاية، والأعمال التي ينفذونها ليست مُرضية، لدرجة أنه لا يُطاق حتى رؤيتها. ما المشكلة في ذلك؟ إن هذا يمس موقف المرء تجاه حرفته. بعض الناس لا يتمتعون بموقف ينم عن الضمير. يفكر الواحد منهم قائلًا: "لو أمكن لما أصنعه أن يؤدي وظيفته، فهذا جيد بما يكفي. فقط اكتفِ به لبضع سنوات، ثم أصلحه". هل هذا النوع من الرؤية هو ما يجب أن يتحلى به الأشخاص ذوو الإنسانية الطبيعية؟ (كلا). فبعض الناس لديهم مواقف مستهترة وغير مبالية. مستوى "جيد بما يكفي" مناسب لهم. هذا موقف غير مسؤول. إنَّ التعامل مع الأمور بهذا الاستخفاف وعدم الشعور بالمسؤولية من صفات الشخصية الفاسدة. إنها حقارة يشير إليها الناس كثيرًا. ففي كل الأشياء التي يفعلونها، يؤدونها إلى الحد الذي يمكن عنده القول: "هذا مناسب تقريبًا"، و"هذا قريب بما يكفي"؛ إنه موقف يستخدمون فيه كلمات مثل: "ربما"، و"محتمل"، و"بنسبة كبير"؛ إنهم يفعلون الأشياء بلا مبالاة، وهم راضون عن القيام بالحد الأدنى، كما أنهم راضون بالخداع والتظاهر؛ إذ إنهم لا يرون أي فائدة في أخذ الأمور على محمل الجد أو أن يكونوا دقيقين، ولا يرون كثيرَ فائدةٍ في السعي إلى مبادئ الحق. أليست هذه صفات الشخصية الفاسدة؟ هل تعتبر مظهرًا من مظاهر الطبيعة البشرية؟ كلا، إن سمَّيناها غطرسة فذلك صحيح، وإن سميناها فسادًا فذلك مناسب تمامًا أيضًا؛ ولكن الكلمة الوحيدة التي تصفها تمامًا هي "الحقارة". أغلب الناس بهم حقارة في داخلهم، لكن فقط بمستويات مختلفة. ففي جميع الأمور، يرغبون في القيام بالأشياء بطريقة لا مبالية وتتسم بالإهمال، وثمة قدر من الخداع في كل ما يفعلونه. إنهم يغشون الآخرين عندما يستطيعون ذلك، ويلجؤون للطرق الأسهل كلما استطاعوا، ويوفرون الوقت عندما يمكنهم ذلك. إنهم يفكرون في أنفسهم: "ما دمت أستطيع تفادي أن يكشفني أحد، ولا أتسبب في أي مشكلات، ولا أحاسَب، فيمكنني أن أمضي بتخبط. لست بحاجة إلى إنجاز عمل ممتاز، فهذا مزعج للغاية!". أشخاص مثل هؤلاء لا يتعلمون شيئًا إلى حد إتقانه، ولا يبذلون جهدًا في مجال دراستهم، أو يعانون، ويدفعون ثمنًا. إنهم يريدون فقط تعلم الموضوع على نحو سطحي، ثم يعتبرون أنفسهم بارعين فيه، ومن ثم يعتمدون على ذلك للمضي في تخبطهم. أليس هذا موقفًا يتبناه الناس تجاه الآخرين، وتجاه الأحداث والأشياء؟ هل هو موقف جيد؟ إنه ليس جيدًا. وببساطة فهو "تخبُّط"، ومثل هذه الحقارة موجودة في كل البشرية الفاسدة. يتبنى الأشخاص ذوو الحقارة في إنسانيتهم، وجهة نظر "التخبُّط" وموقفه في أي شيء يفعلونه. فهل هؤلاء قادرون على القيام بواجبهم بشكل صحيح؟ كلا. هل هم قادرون على عمل الأشياء بحسب المبدأ؟ هذا أقل احتمالًا.
بعض الأشخاص غير ملتزمين في أي شيء يفعلونه، بل يتسمون بالإهمال، واللامبالاة، وانعدام المسؤولية. على سبيل المثال، البعض يتعلمون قيادة السيارات، ومع ذلك لا يسألون السائقين المتمرسين عن الأمور التي يجب الانتباه إليها أثناء القيادة، أو عن السرعة التي قد تضر بالمحرك. إنهم لا يسألون، بل يقودون فحسب؛ ونتيجة لذلك تتعطل سيارتهم. فيركلون السيارة ويقولون: "هذا الشيء هش. أعطني سيارة مرسيدس أو بي إم دبليو، هذه السيارة القديمة المعيبة لن تفي بالغرض؛ لقد عفا عليها الزمن!" ما هذا الموقف؟ إنهم لا يعاملون الأشياء المادية بمحبة، ولا يفكرون في الحفاظ عليها بحالة جيدة، بل يدمرونها ويفسدونها عن قصد. يعيش بعض الناس حياة قذرة ومهملة. إنهم يفعلون كل شيء طوال اليوم، بعشوائية ولا مبالاة. أي نوع من الأشخاص هم؟ (أشخاص غافلون). "أشخاص غافلون" هي طريقة لطيفة لوصفهم؛ وينبغي أن تسميهم "أشخاص مهملون"؛ ويناسبهم أيضًا "أشخاص دنيئون". هل هذا مبالغ فيه؟ كيف يتسنى للمرء أن يفرق بين النبيل والدنيء؟ فقط انظر إلى موقفهم وتصرفاتهم تجاه الواجبات، وانظر إلى كيفية تعاملهم مع الأمور، وتصرفهم عندما تنشأ المشكلات. إن الأشخاص الذين يتمتعون بالاستقامة والكرامة يتسمون بالدقة، والضمير، والاجتهاد في أعمالهم، وهم على استعداد لدفع الثمن. أما الأشخاص عديمو الاستقامة والكرامة فمهملون ومقصرون في أعمالهم، ودائمًا ما يخططون لخدعة ما، ويريدون دائمًا تدبر أمرهم على نحو متخبط. وأيًا كان التقنية التي يدرسونها، فإنهم لا يتعلمونها بمثابرة، ولا يستطيعون تعلمها، ومهما أمضوا من وقت في دراستها، فإنهم يظلون جاهلين تمامًا. هؤلاء أشخاص ذوو شخصية متدنية. معظم الأشخاص يتهاونون في أداء واجباتهم. ما الشخصية الظاهرة هنا؟ (الحثالة). كيف يتعامل الحثالة مع واجبهم؟ بالتأكيد ليس لديهم الموقف الصحيح تجاه واجبهم، وهم بالتأكيد يتعاملون معه بلا مبالاة. وهذا يعني أنهم لا يتحلون بإنسانية طبيعية. الأشخاص الحثالة إلى حد بعيد هم بالفعل مثل الحيوانات. الأمر أشبه بالاحتفاظ بكلب باعتباره حيوانًا أليفًا: إذا لم تراقبه، فسوف يمضغ الأشياء ويدمر كل أثاثك وأجهزتك. سيكون ذلك خسارة. الكلاب حيوانات؛ إنها لا تفكر في التعامل مع الأشياء بمحبة، ولا يمكنك أن تحمِّلها المسؤولية؛ عليك فقط التعامل معها. إذا لم تفعل ذلك، ولكنك تترك حيوانًا يعبث بحياتك ويعكر صفوها، فهذا يدل على أن ثمة شيئًا مفقودًا في إنسانيتك. أنت لا تختلف كثيرًا إذًا عن الحيوان. معدل ذكائك منخفض جدًا؛ أنت شخص لا تصلح لشيء. كيف تتعامل معها بشكل جيد إذًا؟ يجب عليك التفكير في طريقة لحصرها ضمن معايير محددة، أو حبسها في قفص، والسماح لها بالخروج في وقتين أو ثلاثة أوقات محددة كل يوم، حتى تحظى بقدر كافٍ من النشاط. سيؤدي ذلك إلى الحد من مضغها المُفرِط، ويوفر لها التمارين الرياضية، وكذلك للحفاظ على صحتها. بهذه الطريقة، تتعامل مع الكلب جيدًا، وتحمي بيئتك أيضًا. إذا لم يتمكن الشخص من التعامل مع الأمور التي يواجهها، ولم يتبن الموقف السليم، فإن شيئًا ما ينقص إنسانيته. لا يمكن أن تفي بمعايير الإنسانية الطبيعية. أو، فيما يتعلق بالطهي: يستخدم الأشخاص العاديون القليل فقط من الزيت عند القلي السريع، ولكن بعض النساء يستخدمن كمية كبيرة منه. حتى لو كنت غنيًا، لا يمكنك تبديد الزيت؛ عليك استخدام كمية معقولة. لكن هؤلاء النساء لا يكترثن بذلك؛ فإذا فقدن السيطرة وصببن كمية كبيرة من الزيت في المقلاة، فإنهن يكتفين بإخراج الكمية الزائدة وإلقائها على الأرض. هذا إسراف، أليس كذلك؟ ماذا يُطلق عمومًا على شخص لديه هذا الموقف تجاه الأشياء المادية؟ "مسرف"؛ أو، على سبيل الإهانة، "مبذر". من أين تأتي الأشياء المادية؟ إنها من الله. يقول بعض الأشخاص إنهم كسبوا أشياءهم؛ ولكن كم كنت ستكسب أنت لو لم تُعطَ لك من الله؟ لقد منحك حياتك. لو لم يهبك حياتك، لما كان لديك أي شيء ولما كنت أنت شيء، فهل يمكنك حينها أن تظل تملك تلك الأشياء المادية التي تملكها؟ ربما أعطاك الله أكثر من الأسرة العادية، ولكن هل الموقف والرأي الذي سوف تبدد به ما أعطاك الله هو الصواب؟ كيف يمكن تعريف ذلك من ناحية الإنسانية؟ مثل هذا الشخص فقير في إنسانيته. الإسراف، وتبديد الأشياء، والجهل في التعامل مع الأشياء بمحبة، مثل هذا الشخص لا يتمتع بإنسانية طبيعية. بعض الناس لا يفكرون حتى في التعامل مع أشياء بيت الله بعناية. شيء يخص بيت الله. إنهم يرون ذلك. ومع ذلك، إذا كان المطر على وشك أن يهطل، وسيكون من السيئ أن يبتل هذا الشيء، فكيف سيفكرون؟ سيقولون: "ليس بالأمر الجلل إذا ابتل. وكأنه كان لي. سأتركه على حاله". ثم يرحلون. ماذا يسمى هذا الموقف؟ أنانية. هل هم مستقيمون في تفكيرهم؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فما هو؟ (معوَج). إذا لم يكن المرء مستقيمًا، ألا يكون معوجًا؟ هل الأشخاص غير المستقيمين في تفكيرهم يتمتعون بإنسانية طبيعية؟ كلا بالتأكيد. بالنسبة للبند الأول، وهو موقف الناس في تعاملهم مع مختلف أنواع الأشخاص، والأحداث، والأشياء، كم عدد الأشياء التي تحدثنا عنها الآن؟ هناك الحثالة القذرة. وماذا أيضًا؟ (أن يكون المرء دنيئًا ومعوجًا). هذه اللغة العامية؛ هل تستخدمون مثل هذه الكلمات عندما تتأملون أنفسكم وتتعرفون عليها وتشرِّحونها في حياتكم اليومية؟ (كلا). لا أحد يفعل ذلك. إذًا، ما الكلمات التي تستخدمونها؟ أنت تتحدث بعبارات مهيبة؛ لا أحد يستخدم مثل هذه اللغة اليومية.
يشعر كثير من الناس بعظمة أنفسهم لأنهم يؤمنون بالله. ويشعر أصحاب بعض المهارات والدراية المهنية، أو حتى الدرجات العليا المتقدمة، على وجه الخصوص، بأنهم فوق الأشخاص العاديين. إنهم راضون عن أنفسهم، ويفكرون قائلين: "لقد تخليت حتى عن وظيفتي المستقرة في الدنيا، ولم آتِ إلى بيت الله من أجل وجبة مجانية. يمكن لشخص ماهر مثلي أن يقدم مساهمة في بيت الله. أنا أبذل نفسي وأعاني في سبيل الله. حتى أنني أشارك هؤلاء الناس العاديين السكن والطعام في عيش مشترك. ما أروع طباعي!" إنهم يعتقدون أنهم يتحلُّون باستقامة مشرفة للغاية، وأنهم أنبل من أي شخص آخر. إنهم يشعرون بسعادة دائمة في هذا الأمر. الحقيقة هي أن هناك الكثير من الأمور المفقودة من إنسانيتهم، ولا يقتصر الأمر فقط على أنهم لا يعرفون ذلك، بل إنهم في حالة من السعادة به، معتقدين أنهم عظماء، وأن شخصيتهم أعظم من شخصية الناس العاديين. في الواقع، لا يوجد شيء واحد فيها يرقى إلى مستوى تعريف كلمة "الطبيعية" التي تلي كلمة "الإنسانية" في تعبير "الإنسانية الطبيعية". لا يوجد شيء يفي بالمعايير؛ بل كل شيء أقل من ذلك بكثير. وماذا عن ضمائرهم؟ ليس لديهم ضمير. وخُلُقُهم؟ ليس جيدًا. واستقامتهم وصفاتهم؟ لا شيء منها جيد. وفي ظل عيش الجميع معًا، عندما يكون لدى بعض الأشخاص شيئًا ثمينًا، فلن يجرؤوا على تركه في العراء. لماذا؟ أحد أجزاء المشكلة أنهم لا يثقون بالآخرين، والجزء الآخر هو أنه حيثما يوجد الكثير من الناس، يوجد أشخاص غير موثوق بهم، وقد يكون بعضهم لصوصًا؛ بل إنهم قد يسرقون. هؤلاء الأشخاص خُلُقهم سيئ. يشرع بعض الأشخاص في انتقاء أفضل اللقم عند تناول الطعام، ويأكلون منها حتى الشبع، مهما كان عدد الأشخاص الذين لم يأكلوا من خلفهم. أليست هذه أنانية مفرطة؟ وهناك من يفكر في الآخرين عندما يأكلون. ماذا يوضح هذا؟ هذا يدل على أن هؤلاء الأخيرين هم أشخاص عقلانيون يضعون الآخرين في اعتبارهم. سيأكلون أقل قليلًا ليتركوا بعض الطعام للآخرين. هذا ما يعنيه أن يكون المرء ذا صفات جيدة. في بيت الله، بعض الأشخاص يتحلون بالإنسانية، بينما تنقص قليلًا لدى البعض الآخر. فلا يمكنهم حتى أن يلبوا معايير الإنسانية الطبيعية. وبالنظر إلى السلوكيات التي ذكرتها، هل هناك الكثير من الأشخاص ذوي الإنسانية الطبيعية بينكم؟ أم أنه لا يوجد الكثير؟ عندما تظهرون مثل هذه السلوكيات عادةً، هل أنتم قادرون على إدراك أنها مشكلات؟ عندما تكشف عن شخصية فاسدة، هل تكون على علم بذلك؟ إذا كنت على دراية بذلك، ويمكنك أن تشعر به، وكنت على استعداد لإحداث التغيير، فأنت تمتلك بعض الإنسانية؛ لكنها فقط لم تصل إلى الحالة الطبيعية. وإذا لم تكن على دراية بذلك، فهل يمكن اعتبارك شخصًا ذا إنسانية؟ لا يمكن ذلك. هذه ليست مسألة إنسانية جيدة أو سيئة، طبيعية أو غير طبيعية، فأنت لا تتحلى بالإنسانية. على سبيل المثال، أثناء تناول وجبات الطعام، هناك بعض الأشخاص الذين يرون طبقًا من لحم الخنزير المطهو على نار هادئة، فيبدأون في اختطافه، القطع المليئة بالدهون أو الخالية من الدهون على حد سواء، ولا يتوقفون حتى ينفد كل ما في الطبق. هل سبق لكم رؤية حيوانات تتقاتل على الطعام؟ (نعم). إنه نفس المشهد، ولكن مع الحيوانات؛ أما مع البشر، فهل هذا القتال جزء من الإنسانية الطبيعية؟ (إنها ليست إنسانية طبيعية). ماذا سيفعل الأشخاص ذوي الإنسانية الطبيعية؟ (سوف يقنعون بما حصلوا عليه ولا يطمعون). هذه طريقة واقعية تمامًا لوصف الأمر. كيف يمكن للمرء ألا يكون جشعًا إذًا؟ وأي أفكار وأي اعتبارات تجاه هذه المسألة تشكل التفكير الذي ينبغي أن يكون لدى أصحاب الإنسانية الطبيعية، والذي من خلاله يمكن للمرء أن يتصرف بدقة؟ أولًا، يجب أن يكون تفكيرك صحيحًا. قد تفكر امرأة، على سبيل المثال، قائلة: "هناك الكثير من لحم الخنزير المطهو على نار هادئة اليوم. وأود أن أحصل على المزيد، لكنني أشعر بالخجل بعض الشيء، نظرًا لأنني محاطة بإخوتي. ماذا يجب أن أفعل؟ أفترض أنني سأنتظر لتناول الطعام إلى أن يجربوه. لا أريد أن يتساءل الآخرون كيف يمكن لسيدة مثلي أن تكون شرهة إلى هذا الحد. كم سيكون ذلك مهينًا!" قد يكون التفكير بهذه الطريقة أمرًا طبيعيًا بالنسبة لامرأة، لأنها عادةً ما تكون حساسة بعض الشيء. سوف يقول معظم الرجال: "لحم الخنزير المطهو على نار هادئة رائع. سأتناوله وأخدم نفسي". سوف يكونون أول من يمدون أيديهم إليه بعيدان تناول الطعام، غير آبهين بما يظنه الآخرون. لكن بعض الرجال أكثر عقلانية من ذلك. فبعد أن يتناولوا قضمة من الطعام، يفكرون في الأمر ويقولون: "ثمة كثير من الناس خلفي لم يأكلوا بعد. يجب أن أتوقف وأترك البعض للآخرين". حقيقة أن بإمكانهم التفكير والتصرف بهذه الطريقة تدل على أنهم أشخاص يتحلون بالعقل، وأنهم بطبيعتهم يتمتعون بإنسانية طبيعية. بعض الناس يغيرون الموضوع بسخافة قائلين: "لا يريد الله أن يأكل الناس لحم الخنزير المطهو على نار هادئة، لذلك لن آخذ حتى قضمة واحدة. هذا يعني أنني أتحلى بالمزيد من الإنسانية، أليس كذلك؟" هذا تفكير سخيف. ما الذي أُوضحه من خلال هذا المثال؟ أنه ينبغي للناس أن يتبنوا موقفًا صحيحًا تجاه كل نوع من الأشخاص، والأحداث، والأشياء. يتوصل المرء إلى هذا الموقف الصحيح من خلال الفكر الذي ينطلق من منظور العقلانية، والضمير، والاستقامة، وكرامة الإنسانية. إذا مارست هذا النوع من التفكير، فستكون في الأساس، في توافق مع البشرية الطبيعية.
إن الموقف الذي يتبناه المرء تجاه الأشخاص، والأحداث، والأشياء ليس سوى كيفية تفاعله مع الناس والأشياء في حياته اليومية. قد لا يكون لهذه المظاهر علاقة كبيرة بالعمل الذي يجب عليك فعله، أو قد تكون بعيدة عنه، ولكن الإيمان بالله ليس أجوف: فالمؤمنون بالله لا يعيشون في فراغ، بل في الحياة الواقعية. ينبغي لهم ألا ينفصلوا عن الحياة الواقعية. ما نوع الموقف والتفكير الذي يجب أن يتحلى به الناس، سواء كان ذلك تجاه المهارات المهنية أو تجاه الحكمة أو المعرفة الشائعة حول شيء ما؟ هل من الصواب أن يكون لديك عقلية التخبط على الدوام؟ بعض الأشخاص دائمًا ما يكونون مشوشي الذهن بشأن هذه الأمور؛ فهل سيفلح ذلك؟ ألا توجد لديهم مشكلة في وجهة نظرهم؟ المشكلة في وجهة نظرهم هي جزء من الأمر، وبالإضافة إلى ذلك، يتعلق الأمر بخُلُقهم. لقد حكم التنين العظيم الأحمر الصين لآلاف السنين، وانخرط دائمًا في حملات وصراعات. ولم يطور الاقتصاد، ولم يهتم بحياة عامة الناس. وفي نهاية المطاف، دعم الناس نوعًا من حقارة الانجراف مع التيار. إنهم يتسمون باللا مبالاة، ويعانون من منظور قصير النظر في كل ما يفعلونه. إنهم لا يسعون إلى التميز في أي من دراساتهم، ولا يستطيعون تحقيق ذلك. إنهم يعملون دائمًا بمنظور قصير النظر: فينظرون إلى ما يحتاجه السوق، ثم يسارعون إلى إنتاجه، دون تفكير حتى يحققوا ثروتهم. إنهم لا يتطورون لأبعد من هذه المؤسسة، ولا يقومون بمزيد من البحث العلمي، ولا يسعون إلى مزيد من التميز المثالي، والمحصلة النهائية هي أن صناعات الصين الخفيفة والثقيلة وكل القطاعات الأخرى على حد سواء لا تمتلك منتجات رائدة على الساحة العالمية. ومع ذلك فإن الصينيين يتفاخرون قائلين: "لدينا خمسة آلاف عام من الثقافة التقليدية الممتازة هنا في الصين. نحن الصينيون طيبون ومجتهدون". ولكن لماذا تستمر الصين في إنتاج النسخ المقلدة للاحتيال على الناس؟ لماذا لا يملكون أي شيء تقريبًا يمكن أن ينافس في السوق العالمية؟ ما الذي يجري هناك؟ هل تمتلك الصين منتجات متطورة؟ يمتلك الشعب الصيني شيئًا واحدًا "متطورًا"، وهو مهارتهم في التقليد والتزييف؛ في الخداع. إن حقارتهم موجودة في ذلك. سوف يقول البعض: "لماذا تصفنا بهذا؟ ألا تعتقد أن هذا يقلل من شأننا ويحط من قدرنا؟" هل هذا صحيح؟ بالنظر إلى بعض الأشياء التي يفعلها الصينيون، يمكن القول إن الحذاء مناسب بالفعل. هل يوجد من الصينيين، في السوق أو بين عامة الناس، من يقوم بعمله على الوجه الصحيح؟ قِلة قليلة، وفيما يتعلق بهذه القلة التي تحاول الاهتمام بعملها الصحيح، فعندما يرون مدى سوء البيئة الاجتماعية، وأنه لا خير يأتي من هذا، يتوقفون عن المحاولة ويستسلمون.
تلك الأشياء التي تمس الإنسانية – المواقف، والأفكار، والآراء التي يكشف عنها الناس في تعاملهم مع الأشخاص، والأحداث، والأشياء الأخرى – معبرة للغاية. ما الذي تخبرنا به؟ إنها تخبرنا كيف يمكن للمرء أن يرى خُلُق الشخص، وما إذا كان شخصًا مهذبًا ومستقيمًا. ما معنى أن تكون مهذبًا ومستقيمًا؟ هل كونك تقليديًا يعتبر أمرًا مهذبًا ومستقيمًا؟ هل كونك لطيفًا ومؤدبًا يعتبر أمرًا مهذبًا ومستقيمًا؟ (كلا). هل اتباع القواعد بدقة متناهية يعتبر أمرًا مهذبًا ومستقيمًا؟ (كلا). لا شيء من هذا صحيح. إذًا، ما معنى أن تكون مهذبًا ومستقيمًا؟ إذا كان شخص ما مهذبًا ومستقيمًا، فإن ما يفعله مهما كان، يفعله بعقلية معينة: "سواء أحببت عمل هذا الأمر أم لا، أو سواء كان هذا الأمر ضمن نطاق اهتماماتي أو كان أمرًا لا أهتم به كثيرًا، فقد أُعطيت هذا الأمر لأعمله، وسأقوم به على أكمل وجه. سوف أبدأ بدراسته من الصفر، وبينما أقف على أرض صلبة، سأقوم به خطوة بخطوة. وفي نهاية المطاف، مهما كان مدى تقدمي في المهمة، سوف أبذل قصارى جهدي". على أقل تقدير، يجب أن يكون لديك نوع من الموقف والعقلية المتواضعة. إذا كنت، منذ اللحظة التي تتولى فيها مهمة ما، تؤديها وأنت مشوش الذهن ولا تهتم بها على أقل تقدير؛ إذا كنت لا تتعامل معها بجدية، ولا ترجع إلى المصادر ذات الصلة، ولا تقوم بالاستعدادات التفصيلية، ولا تسعى وتستشير الآخرين، وإذا كنت، فوق ذلك، لا تزيد من الوقت الذي تقضيه في دراسة هذا الأمر حتى تتحسن فيه باستمرار، وتبلغ إتقان هذه المهارة أو المهنة، بل تظل على موقف الاستخفاف بها، وموقف تسيير أمورك في تعاملك معها، فهذه مشكلة في إنسانيتك. أليس هذا مجرد أداء متخبط؟ يقول البعض: "لا يعجبني أن تعطيني هذا النوع من الواجب". إذا لم يعجبك، فلا تقبله؛ وإذا قبلته، فعليك أن تتعامل معه بموقف جاد ومسؤول. هذا هو نوع المواقف الذي ينبغي أن تتبناه. أليس هذا ما يجب أن يمتلكه الأشخاص ذوو الإنسانية الطبيعية؟ هذا هو معنى أن تكون مهذبًا ومستقيمًا. في هذا الجانب من الإنسانية الطبيعية، تحتاج، على أقل تقدير، إلى اليقظة، والضمير، والاستعداد لدفع الثمن، إلى جانب مواقف كونك واقعيًا، وجادًا، ومسؤولًا. يكفي أن يكون لديك هذه الأمور.
هناك كل أنواع الناس في الكنيسة. أولئك الذين يحبون الحق هم من أفضل البشر، وعندما يكشفون عن شخصية فاسدة، يتم تصحيحهم بسهولة. وأولئك الذين لا يحبون الحق ذوو إنسانية أسوأ بكثير. إذا لم يبذل شخص ما جهده ولم يتقيد بإرسالية الله، ألا يكون غير جدير بالثقة؟ إنسانية مثل هذه عديمة الجدوى ولا قيمة لها. إنها وضيعة. أنت تؤمن بالله. إذا كنت تتعامل مع إرساليتك بموقف غير مبالٍ وغير مسؤول، سواء كانت إرسالية الله لك أو إرسالية الكنيسة، فهل موقفك هو الموقف الذي ينبغي أن يتبناه شخص ذو إنسانية طبيعية؟ قد يقول البعض: "أنا لا آخذ الأمور التي يكلفني بها الإخوة والأخوات على محمل الجد، لكنني أضمن أنني سوف أنجح في الأمور التي يكلفني الله بها. سوف أتعامل معها بشكل جيد". هل هذا هو الشعور الصحيح؟ (كلا). كيف لا؟ شخص غير جدير بالثقة، ويفتقر إلى الفضيلة، وتفتقر إنسانيته إلى هذه الأمور؛ لمن يمكن أن يكون مخلصًا؟ لا أحد. حتى في شؤونه الخاصة، فهو يغش، ويتظاهر بالتفاني. ألا يُعد مثل هذا الشخص دنيئًا ولا قيمة له؟ إذا أمكن لشخص ما أن يبذل جهده ويتحمل المسؤولية ويكون جديرًا بالتقدير فيما يتعلق بالأمور التي يكلفه الآخرون بفعلها، فهل سيفعل ما هو أسوأ بكثير مع إرسالية قبلها من الله؟ إذا كان هؤلاء، وهم أصحاب الضمائر والعقول، يفهمون الحق، فلا ينبغي لهم أن يفعلوا ما هو أسوأ من ذلك مع إرسالية قبلوها من الله ومع أداء واجبهم. بالتأكيد سوف يؤدون على نحو أفضل بكثير من أولئك الذين لا ضمير لهم ويفتقرون إلى الفضيلة. هذا هو الفارق في خُلُقهم. يقول البعض: "لن آخذ الأمر على محمل الجد إذا طلبت مني رعاية كلب أو قطة، ولكن إذا كُلفت بأمر مهم لبيت الله، فسوف أُنجزه على خير وجه بالتأكيد". هل هذا صحيح؟ (كلا). لمَ لا؟ إذا كان شخص ما صاحب وجهة نظر صحيحة، في الأمور الكبيرة والصغيرة على حد سواء، مهما كانت إرساليته، وكان سليم القلب ونبيل الصفات، ويتحلى بالاستقامة، وجديرًا بالثقة، وتنعكس أخلاقه في سلوكه، فهذا شيء ثمين، وهو مختلف. مثل هؤلاء الأشخاص يتعاملون مع أي مسألة بأي حال من الأحوال بأخلاقهم وجدارتهم بالثقة. لو قال شخص لا يتحلى بالأخلاق، وغير جدير بالثقة: "إذا كلفني الله مباشرةً بإرسالية ما، فأنا متأكد من أنني سأحسن التعامل معها"، فهل يكون ذلك صادقًا؟ سيكون الأمر مبالغًا فيه ومخادعًا بعض الشيء. كيف يمكنك أن تكون جديرًا بثقة الآخرين دون ضمير أو عقل؟ تبدو كلماتك جوفاء؛ إنها خدعة. ذات مرة، كان لبيت الله كلبان صغيران لحراسة المكان. تم تدبير شخص ما لرعايتهما، وكان يعتني بهما ويتعامل معهما كما لو كانا ملكًا له. لم يكن ذلك الشخص مولعًا بالكلاب، لكنه كان يعتني بهما جيدًا. عندما كان يمرض أحد الكلبين، كان يعالجه، ويحمِّمه، ويطعمه في الوقت المناسب. ربما لم يكن يحب الكلاب، لكنه اعتبر الاعتناء بتلك الكلاب إرسالية ومسؤولية له. أليس في هذا شيء ينبغي أن يكون في إطار الإنسانية؟ لقد كان يتحلى بالإنسانية، لذلك أدى الأمر على أكمل وجه. انتقل الكلبان فيما بعد إلى رعاية شخص آخر، وفي غضون شهر، كان الكلبان نحيفان على نحو مثير للشفقة. ماذا حدث؟ لم يهتم أحد أو يلاحظ أحد عندما مرض الكلبان، وأثر مزاجهما السيئ على شهيتهما. هكذا آلَ بهما الحال إلى أن يصبحا نحيفين للغاية، هكذا كان يعتنى بهما ذلك الشخص. هل هناك فارق بين الشخصين؟ (نعم). أين؟ (في إنسانيتهما). هل كان من اعتنى بالكلبين جيدًا يفهم عددًا كبيرًا من الحقائق؟ ليس بالضرورة. والشخص الذي أساء الاعتناء بهما، لم يكن بالضرورة قد آمن بالله لفترة أقصر. لماذا إذًا يوجد مثل هذا الاختلاف الكبير بينهما؟ لأن خُلُقُهما مختلف. بعض الأشخاص جديرون بالثقة عندما يعطون شخصًا ما كلمتهم، فسيكونون قادرين على تبرير أفعالهم في نهاية المطاف، سواء أحبوا فعل الشيء أم لا. وعندما يتولون مهمة، يتأكدون من إنجازها، خطوة بخطوة. إنهم يعيشون وفقًا للثقة التي يمنحها لهم الآخرون، ويعيشون وفقًا لقلوبهم. إن لديهم ضمير، وبه يقيسون كل الأمور. وبعض الأشخاص ليس لديهم ضمير. سوف يعطون كلمتهم، ولا يفعلون شيئًا لدعمها بعد ذلك. إنهم لا يقولون: "لقد وثقوا بي. يجب أن أقوم بالأمر على أكمل وجه للحفاظ على ثقتهم". ليس هذا قلبهم، وليست هذه هي الطريقة التي يفكرون بها. أليس هذا فارقًا في الإنسانية؟ قل لي، هل الشخص الذي أبلى بلاءً حسنًا وجد أن ذلك كان شاقًا؟ لم يجد الأمر متعبًا أو شاقًا للغاية. لم يجهد نفسه في محاولة اكتشاف كيفية القيام بالأمر جيدًا، ولم يصل كثيرًا بشأن الأمر. كان يعلم في قرارة نفسه ما هو الشيء الصحيح الذي يتعين فعله، لذلك تحمل هذا العبء. أما من لم يكن راغبًا في تحمل العبء فقد قبل بالواجب، ووجده مزعجًا ما إن فعله. كان يشعر بالانزعاج عندما تنبح الكلاب ويوبخها قائلًا: "انبح، هلا فعلت؟ انبح مرة أخرى وسأركلك حتى الموت!" أليس ثمة فارق في الإنسانية هنا؟ بلى، وهو فارق كبير. مع بعض الأشخاص، عندما تكلفهم بشيء ما، يجدون الأمر مثيرًا للسخط، ومصدر إزعاج، أنك تترك لهم القليل من الحرية. يقولون: "عمل آخر؟ لديَّ الكثير لأفعله بالفعل؛ أنا لست هنا فقط لأتسكع!" وهكذا، يختلقون جميع أنواع الأعذار لتبرير الأمر، ليعذروا أنفسهم عن عدم الوفاء بمسؤولياتهم. إنهم لا يتحلون بضمير ولا عقل، ولا يحاسبون أنفسهم، بل يقدمون المبررات والأعذار لتبرير إنسانيتهم الفقيرة. هكذا يتصرف أصحاب الإنسانية الفقيرة. هل يمكن إذًا لمثل هذا الشخص أن يدخل إلى واقع الحق؟ (كلا). لمَ لا؟ إنه لا يحب الحق، ولا يحب الأمور الإيجابية. أليس الأمر كذلك؟ إنه لا يمتلك الإنسانية الطبيعية ولا واقع الأمور الإيجابية. إنه لا يمتلك هذا الجوهر بداخله. فما هي العلاقة بين الحق والإنسانية الطبيعية؟ ما الذي يجب أن يكون داخل إنسانية الشخص حتى يدخل إلى واقع الحق ويمارس الحق؟ يجب أن يتحلى أولًا بالضمير والعقل. ومهما كان ما يفعله، يجب أن يكون لديه الموقف الصحيح، والتفكير الصحيح، ووجهة النظر الصحيحة. بهذه الأشياء فقط، يمكن للمرء أن يمتلك إنسانية طبيعية؛ وفقط من خلال امتلاك إنسانية طبيعية يمكن للمرء أن يقبل الحق ويمارسه.
ب. إدارة الناس لمحيطهم الشخصي
البند الثاني هو: إدارة الناس لمحيطهم الشخصي في حياتهم اليومية. أي مجال من مجالات الإنسانية الطبيعية يتطلبه هذا البند؟ (مجال البيئة التي يعيش فيها المرء). ومما يتكون هذا؟ يتكون في الأساس من مجالين واسعين: البيئة التي يعيش فيها المرء والتي تمتد لتشمل حياته الشخصية فقط، والبيئات العامة التي يحتك بها بشكل متكرر. وما الذي يتكون منه هذان المجالان الواسعان على وجه التحديد؟ أسلوب حياة المرء، فضلًا عن تدبيره للنظافة والبيئة المحيطة به. لتفصيل الأمر أكثر، ما الذي يتكون منه أسلوب حياة المرء؟ العمل والراحة، والحِمية، وأشياء أخرى مثل الحفاظ على الصحة بشكل يومي، والمعرفة العامة عن الحياة اليومية. وسوف نبدأ بالأول، العمل والراحة. ينبغي القيام بهما بطريقة منتظمة ومجدولة زمنيًا. وباستثناء الظروف الخاصة، كما هو الحال عندما يتطلب عمل الشخص السهر لوقت متأخر أو العمل لساعات إضافية، فإن العمل والراحة غالبًا ما يكونان منتظمين ومجدولين زمنيًا. هذه هي الطريقة الصحيحة. ثمة من يفضلون السهر ليلًا. إنهم لا ينامون في المساء، بل ينشغلون بأمور شتى. لا ينامون حتى يستيقظ الآخرون ويبدأون عملهم، في الصباح الباكر، وعندما ينام الآخرون في الليل، فهذا هو الوقت الذي يستيقظون فيه ويبدأون عملهم. أليس هناك أشخاص مثل هؤلاء؟ إنهم دائمًا غير متناغمين مع الآخرين، ودائمًا مميزون؛ مثل هؤلاء الأشخاص ليسوا سليمي العقل تمامًا. ينبغي أن تكون إيقاعات الجميع متزامنة بالأساس في ظل الظروف العادية، باستثناء الحالات الخاصة. ما التالي؟ (الحِمية). من السهل تحقيق المتطلبات الغذائية للإنسانية الطبيعية، أليس كذلك؟ (بلى). هذا سهل. ومع ذلك، أليس لدى الناس بعض الآراء الخاطئة عن الحِمية؟ يقول البعض: "نحن نؤمن بالله، وكل شيء بيديه. لا توجد طريقة لتناول الطعام يمكن أن تضر معدة الشخص. سنأكل ما يحلو لنا، بحرية تامة، دونما قيود. إنها ليست مشكلة في ظل حفظ الله لنا". ألا يوجد أشخاص لديهم مثل هذا الفهم؟ أليس ثمة شيء محرف قليلًا في هذا الأمر؟ مثل هذا الفهم هو أمر غير طبيعي؛ فمن يمتلكه ليس طبيعيًا في تفكيره. وثمة آخرون يجمعون بين المعرفة الطبيعية والمنطقية للعيش، وبين مراعاة الجسد. إنهم يعتقدون أن الاهتمام بالمعرفة المنطقية للعيش هو إظهار الاعتبار للجسد. ألا يوجد أشخاص يعتقدون ذلك؟ (بلى). على سبيل المثال، يعاني بعض الأشخاص من مشاكل في المعدة، ولا يأكلون الأطعمة الحارة والمهيجة. ويقول لهم البعض: "هذا تفضيلك الخاص فيما يتعلق بالحِمية؛ أنت تظهر اهتمامًا بالجسد. يجب أن تتمرد عليه. فثمة أماكن سوف تذهب إليها حيث يوجد هذا الطعام، وسوف تحتاج إلى تناوله. كيف لك ألا تفعل ذلك". ألا يوجد أشخاص لديهم هذا النوع من الفهم؟ (بلى). بعض الناس لا يستطيعون أكل شيء معين، ومع ذلك يصرون على تناوله، على الرغم من عدم ارتياحهم، من أجل التمرد على الجسد. أقول: "مسموح لك ألا تتناوله إذا كنت لا ترغب في ذلك. لن يدينك أحد إذا لم تفعل ذلك". فيقول: "كلا، يجب أن أتناوله!" وفي هذه الحالة، فإن انزعاجهم مستحق. لقد جلبوا هذا لأنفسهم. إنهم يضعون اللوائح لأنفسهم، لذلك عليهم أن يلتزموا بها. فهل من الخطأ إذًا عدم تناول هذا الشيء؟ (كلا). ليس هذا خطأ. وهناك آخرون يعانون من حالات صحية معينة لديهم حساسية تجاه بعض الأطعمة. إنهم يحتاجون إلى تجنب تلك الأشياء وعدم تناولها. البعض يعاني من حساسية تجاه الفلفل الحار، وبالتالي لا ينبغي لهم تناوله، ومع ذلك يصرون على تناوله. وهم يستمرون في تناوله، معتقدين أن هذا هو معنى التمرد على الجسد. أليس هذا فهمًا محرَّفًا؟ هذا صحيح. إذا لم يكونوا لائقين لأكل شيء ما، فلا ينبغي لهم أكله. ما الذي يحاربون أجسادهم من أجله؟ أليس هذا تهورًا منهم؟ (إنه كذلك). لا حاجة للالتزام بهذه اللائحة، ولا للتمرد على أجسادهم بهذه الطريقة. لكل شخص حالته البدنية الخاصة به: فالبعض لديه معدة سيئة، والبعض لديه قلب ضعيف، والبعض لديه ضعف في الإبصار، والبعض لديه ميل للتعرق، والبعض لا يتعرق أبدًا. تختلف حالة كل شخص عن الآخر؛ ويجب عليك إجراء تعديلات بناءً على حالتك الخاصة. يمكن لجملة واحدة أن تمثل هذه الحالات: تعلم قليلًا من الفطنة في الحياة. ماذا تعني كلمة "الفطنة" هنا؟ تعني أن عليك أن تعرف ما هو ضار لك إن أكلته، وما هو جيد لك إن أكلته. لو كان ثمة شيء مذاقه ليس جيدًا، ولكنه مفيد لصحتك، فيجب عليك أن تأكله من أجل صحتك؛ وإذا كان ثمة شيء لذيذ، ولكنك تمرض عند تناوله، فلا تأكله. هذه هي الفطنة. علاوة على ذلك، يتعين على الناس أيضًا أن يعرفوا بعض الطرق المنطقية للحفاظ على صحتهم. في فصول السنة الأربعة، دع للوقت والمناخ والموسم تحديد ما تأكله؛ هذا مبدأ رئيسي. لا تحارب جسدك؛ هذه فكرة وفهم يجب أن يتمتع بهما الأشخاص ذوو الإنسانية الطبيعية. بعض الأشخاص يصابون بالتهاب الأمعاء، ويعانون من الإسهال عند تناول أطعمة مهيجة. لذا، لا تتناول تلك الأطعمة. ومع ذلك يقول البعض: "أنا لست خائفًا. الله يحميني"، ويعانون من الإسهال نتيجة لذلك، بعد تناول وجباتهم. حتى أنهم يقولون إن الله يختبرهم وينقيهم. أليسوا أشخاصًا سخيفين؟ إذا لم يكونوا سخيفين، فهم شرهون وفظيعون يأكلون دون اعتبار للعواقب. مثل هؤلاء الأشخاص لديهم الكثير من المشاكل. إنهم لا يستطيعون التحكم في شهيتهم، ولكنهم يقولون: "أنا لست خائفًا. الله يحميني!" ما مدى فهمهم للمشكلة؟ إنه فهم محرَّف؛ إنهم لا يفهمون الحق، ومع ذلك يحاولون تطبيقه بشكل أعمى. إنهم مصابون بالتهاب الأمعاء ومع ذلك يأكلون دون تمييز، وعندما يصابون بالإسهال نتيجة لذلك، يقولون إن الله يختبرهم وينقيهم؛ أليس هذا تطبيقًا أعمى للوائح؟ أن يقول مثل هذا الشخص السخيف شيئًا سفيهًا كهذا؛ ألا يُعدُّ ذلك تجديفًا على الله؟ هل يؤدي الروح القدس عملًا في مثل هذا الشخص السخيف؟ (كلا). إذا كنت لا تفهم الحق، فلا يجب تطبيق اللوائح تلقائيًا على الأمور. هل يُخضِع الله أحدًا للتجارب دون تمييز؟ كلا بالتأكيد. أنت حتى لست مؤهلًا لذلك؛ وقامتك لا وجود لها؛ وبالتالي، لن يضعك الله في التجارب. فالشخص الذي لا يعرف ما هي الأطعمة التي تصيبه بالمرض هو شخص أحمق مضطرب الفكر. هل يمكن للأشخاص الذين لا يتمتعون بالعقلانية والفكر السليم أن يفهموا مقاصد الله؟ هل يمكنهم فهم الحق؟ (كلا). هل سيضع الله مثل هذا الشخص في تجارب إذًا؟ كلا، لن يفعل ذلك. وهذا ما يعنيه نقص العقل والتحدث بالهراء. هناك مبادئ لتجربة الله للناس؛ فهي موجهة إلى الأشخاص الذين يحبون الحق ويسعون إليه، إلى الأشخاص الذين يستخدمهم الله ويمكنهم أن يشهدوا له. فهو يضع الأشخاص ذوو الإيمان الحقيقي، الذين يستطيعون أن يتبعوه ويشهدوا له، في التجارب. لا يمكن لأحد يسعى فقط إلى الراحة والمتعة ولا يسعى إلى الحق على الإطلاق، وبالتأكيد لا يمكن لأحد لديه فهم محرَّف، أن يمتلك عمل الروح القدس. فهل سيضعهم الله في تجارب لو كان الأمر كذلك؟ هذا مستحيل تمامًا.
يستطيع بعض الناس الوصول إلى الأدوية العشبية الصينية أو الأطعمة الصحية، والتي يتناولونها بإسراف. بعض النساء غالبًا ما يضعن على وجوههنّ أشياء تحمي البشرة، وتُبيّضها، وتشدّها. إنهن يقضين ساعتين كل يوم في وضع المكياج، وثلاث ساعات في إزالته، وفي نهاية المطاف تدمير بشرتهن بشكل كامل. بل إنهن يقلن: "لا يمكن لأحد أن يتغلب على القانون الطبيعي للجمال الذي يتلاشى مع التقدم في العمر؛ فقط انظر إلى بشرتي التي تشيخ!" والحقيقة أنهن لم يكن ليبدون متقدمات في العمر لو لم يعبثن بوجوههن؛ بل لقد كن يدهن وجوههن بالمنتجات ذاتها التي جعلتهن يتقدمن في السن. ما رأيك في ذلك؟ (لقد جلبن هذا لأنفسهن). يستحققن ذلك! هناك بعض المعرفة البديهية للعيش بإنسانية طبيعية، ويحتاج المرء إلى استيعابها، مثل المعرفة العامة عن الحفاظ على الصحة والوقاية من الأمراض: مثل أن برودة القدمين قد تسبب آلام الظهر، أو كيف ينبغي للمرء أن يعالج طول النظر في وقت مبكر، أو ما هي أضرار الجلوس الطويل أمام الكمبيوتر. ينبغي للمرء أن يفهم قليلًا عن مثل هذه الرعاية البديهية لصحته. قد يقول البعض: "لكي تؤمن بالله، عليك فقط أن تقرأ كلامه. ما الفائدة من تعلم كل هذه الأمور البديهية المتعلقة بالرعاية الصحية؟ إن عمر الإنسان مقدّر من الله، ولن يجدي نفعًا أي قدر من المعرفة بالرعاية الصحية. وعندما يحين وقت وفاتك، لا يمكن لأحد أن ينقذك". يبدو هذا صائبًا للوهلة الأولى، لكنه في الواقع سخيف بعض الشيء. إنه شيء قد يقوله شخص لا يتمتع بفهم روحي. إنهم يتعلمون أن يثرثروا بكلمات وتعاليم مبتذلة، ويبدون روحانيون، بينما هم في الواقع لا يملكون أي فهم نقي على الإطلاق. إنهم يحاولون تطبيق اللوائح تلقائيًا عندما تحدث لهم الأمور، ويتحدثون بلطف ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، دون ممارسة أي حق. قد يخبرهم بعض الناس أن عصيدة الذرة مغذية، على سبيل المثال، وأنها جيدة للصحة. لكنهم لن يقتنعوا بهذا. ولكن ما إن يسمعوا أحدهم يقول إن لحم الخنزير المطهو على نار هادئة صحي، فإنهم يأكلون منه حتى الشبع في المرة التالية التي يرونه فيها، ويقولون حتى وهم يمضغونه: "ماذا يمكنني أن أفعل؟ يجب أن آكل هذا؛ إنه من أجل صحتي!" أليس هذا قولًا مخادعًا؟ (بلى، هو كذلك). إنه خداع. أن تمتلك ما يجب أن يمتلكه الأشخاص ذوو الإنسانية الطبيعية، وأن تعرف ما ينبغي للناس أن يعرفوه، وأن تعرف ما يجب أن يعرفه الناس في مرحلة الحياة التي تتوافق مع عمرك؛ هذا هو معنى أن تتحلى بالإنسانية الطبيعية. بعض الأشخاص في العشرينات من عمرهم يأكلون دون تمييز. إنهم يتناولون مكعبات الثلج في يوم شديد البرودة. ويخشى كبار السن عندما يرون ذلك، ويحثونهم على التوقف عن ذلك، قائلين إنهم سيصابون بألم في المعدة. فيجيبون: "ألم في المعدة؟ سأكون بخير، انظر إلي: "أنا في حالة جسدية ممتازة!" إنهم لا يعرفون شيئًا عن مثل هذه الأمور في عمرهم. انتظر حتى يبلغوا الأربعين؛ وأعطهم مكعبًا من الثلج ليأكلوه حينها. هل سيأكلوه؟ (كلا). وعندما يبلغون الستين، انسَ أمر أكل الثلج؛ سيخشون مجرد الاقتراب منه. ستكون برودته أكثر مما يمكن لأجسادهم أن تتحمله. وهذا ما يسمى بالخبرة؛ تعلم دروس الحياة. إذا كان شخص في الستين من عمره لا يزال لا يعرف أن معدته لا يمكنها تحمل الكثير من مكعبات الثلج، وأن جسمه لا يستطيع تحملها، وأنها ستصيبه بالمرض، فماذا يسمى ذلك؟ هل يفتقر إلى الإنسانية الطبيعية؟ إنه يعاني من نقص في الخبرة الحياتية. إذا كان شخص يبلغ من العمر ستين عامًا أو أكثر لا يزال لا يعرف أن البرد ضار للظهر، وأن برودة الأقدام تسبب آلام الظهر، فكيف عاش إذًا تلك الأعوام الستين ونَيْف؟ لا بد أنهم كانوا مشوشي الذهن خلالها. بعض الناس يفهمون الكثير من الأمور البديهية عن الحياة عندما يبلغون الأربعين من عمرهم: المعرفة الصحية المنطقية على سبيل المثال، ولديهم بعض الآراء الصحيحة فيما يتعلق بالأمور المادية والمال والعمل، وفيما يتعلق بأقاربهم وشؤون الدنيا والحياة وما إلى ذلك. إن لديهم فهم نقي لهذه الأمور، وحتى لو لم يؤمنوا بالله، فإنهم لا يزالون يفهمون هذه الأمور بشكل أفضل قليلًا من صغارهم. هؤلاء أشخاص لديهم إحساس بالصواب والخطأ، وتفكيرهم طبيعي. في العقدين اللذين عاشوهما منذ العشرينات من عمرهم، فهموا العديد من الأمور، وبعضها يقترب من الحق. وهذا يُظهر أنهم أشخاص يتمتعون بقدرة على الفهم، وذوي مستوى قدرات معقول. وإذا كانوا ممن يسعون إلى الحق، فسوف يكون دخولهم إلى واقع الحق أسرع بكثير، لأنهم سيكونون قد اختبروا الكثير في تلك السنوات العشرين، واكتسبوا بعض الأمور الإيجابية. سوف تكون خبراتهم متوافقة مع واقع الحق الذي يتحدث عنه الله. ولكن إذا كان ذلك الشخص يفتقر إلى الكثير من إنسانيته، ولم يكن لديه آراء صحيحة، أو تفكير الإنسانية الطبيعية، فضلًا عن ذكاء الإنسانية الطبيعية فيما يتعلق بالحياة، وفيما يتعلق بالأشخاص، والأحداث، والأشياء التي تحدث في تلك السنوات العشرين، فإنه يكون قد عاش تلك السنوات عبثًا. في العديد من الأماكن التي ذهبت إليها، وجدت أن بعض الأخوات الأكبر سنًا لا يعرفن كيفية الطبخ. إنهن لا يستطعن حتى التخطيط لوجبة متوازنة. إنهن يصنعن الحساء مما يجب أن يُقلى، ويقلين ما ينبغي أن يوضع في الحساء. تتغير المحاصيل مع تغير الفصول، ومع ذلك، فإن الأطباق القليلة الموجودة على طاولاتهن هي نفسها دائمًا. ماذا يحدث هناك؟ هذا افتقار حقيقي للذكاء، أليس كذلك؟ إنهن يفتقرن إلى مستوى قدرات الإنسانية الطبيعية. إنهن لا يستطعن حتى طهي مختلف الأطعمة التي يصادفونها في حياتهن اليومية، مثل الكرنب والبطاطس. إنهن غير قادرات على أداء أبسط المهام ولا يستطعن إنجازها. كيف تدبرن أمرهن خلال الخمسين أو الستين سنة الماضية؟ هل كان من الممكن حقًا أنه لم تكن لقلوبهن مطالب لحياتهن؟ إذا لم يستطع الشخص استخلاص الخبرة من أي شيء يفعله، فما الواجب الذي يمكن لشخص كهذا أن يفعله بشكل جيد؟ الحقيقة هي أنه يمكن للأشخاص تعلم فعل الأشياء، إذا ما بذلوا جهدًا وتدربوا لبعض الوقت. وإذا لم يتمكن الشخص من فعل شيء ما بعد عدة سنوات من الدراسة، فلا بد أن ذكاءه ومستوى قدراته سيئان للغاية!
دعونا نتحدث الآن قليلًا عن إدارة النظافة الشخصية. ذهبت مؤخرًا إلى مكانين حيث كان محيط المنازل في حالة فوضى عارمة. كان كل شيء في الأصل منظمًا تمامًا هناك، فكيف انتهى الأمر بتلك الأماكن إلى أن أصبحت مثل "زرائب الخنازير؟" السبب هو أن الناس هناك لا يعرفون كيفية السيطرة على الأمور. إنهم لا يتمتعون بوعي الإنسانية الطبيعية بالنظافة الشخصية ومتطلباتها. لا يقتصر الأمر على كونهم كسالى فحسب؛ بل إنهم اعتادوا على العيش في مثل هذه الظروف. إنهم ينثرون القمامة على الأرض، ويضعون الأشياء في أي مكان، دون قواعد أو قيود. عندما ينظفون مكانًا ما، يمكنهم الحفاظ عليه نظيفًا ليوم واحد أو يومين فحسب؛ وبعد بضعة أيام، يصبح المكان فوضويًا وقذرًا لدرجة يصعب معها مجرد النظر إليه. أخبرني، ماذا تسمى بيئة كهذه؟ ويمكن للناس هناك أن يأكلوا بشراهة، ويناموا في مثل هذه الظروف؛ فأي أناس هؤلاء؟ إنهم مثل الخنازير، أليس كذلك؟ إنهم لا يتمتعون بأي وعي، ولا يفهمون شيئًا عن النظافة الشخصية، أو البيئة، أو البنية، أو الإدارة. وهم لا يلاحظون ذلك، مهما كان الوضع قذرًا أو فوضويًا. الأمر لا يزعجهم؛ إنهم غير قلقين وغير منزعجين منه. إنهم يستمرون في العيش كما هم، دون التزام بقواعد، وبدون متطلبات. بعض الأماكن تعتني جيدًا بنظافتها وبيئتها، وقد تظن أن الناس هناك يهتمون بالنظافة، وأنهم يعرفون كيفية إدارة محيطهم؛ لكن لا أحد يعرف حتى إجراء تفتيش مفاجئ أنهم كانوا يرسلون أشخاصًا قبل أعمال التفتيش لتنظيف المكان. إذا أخبرتهم بقدومك مسبقًا، فمن المؤكد أن المكان سيكون نظيفًا؛ أما إذا ذهبت دون أن تنبههم فستجد بيئة مختلفة؛ بيئة من المؤكد أنها ستكون قذرة وفوضوية. تتناثر الملابس والأحذية في غرف بعض الفتيات، وفي الخارج تتكدس أدوات الحِرف، مثل المعاول والفؤوس مع الملابس. قد يقول البعض هناك إنهم كانوا مشغولين للغاية لدرجة أنه لم يكن لديهم الوقت للتنظيف. هل كانوا مشغولين إلى هذا الحد؟ أليس لديهم حتى الوقت للتنفس؟ إذا لم يكن لديهم الوقت للتنفس، فهذا يعني أنهم مشغولون، حسنًا؛ لكنهم بالتأكيد لم يكونوا مشغولين إلى هذا الحد؟ ما الصعوبة في إدارة مكانهم الخاص؟ ما وجه المشقة في الحفاظ على بيئة نظيفة ومرتبة؟ هل لهذا علاقة بالإنسانية؟ لماذا يحب الناس العيش في "زريبة خنازير" إلى هذا الحد؟ لماذا يشعرون بمثل هذه الراحة في مثل هذه البيئة؟ كيف يمكنهم أن يكونوا غير متجاوبين تمامًا مع مثل محيطهم هذا؟ ما الذي يجري هناك؟ ما سبب سوء إدارة البيئات؟ إذا ذهبت إلى مكان ما من حين لآخر، وأخبرتهم مسبقًا، فسيجعلونه نظيفًا للغاية، لكنهم سيتوقفون عن التنظيف إذا كَثُرَ ذهابك إلى هناك. يقولون: "أنت موجود هنا في كثير من الأحيان، لذلك سوف نستغني عن الرسميات. هذا ما نحن عليه. التنظيف طوال الوقت أمر مرهق! من لديه الطاقة؟ نحن مشغولون للغاية بالعمل طوال اليوم، لدرجة أننا لا نملك الوقت لتمشيط شعرنا!" إنهم يعطون مبررات كهذه. وماذا يعطون غير ذلك؟ يقولون: "كل هذا مؤقت. لسنا بحاجة إلى ترتيبه بشكل مثالي. سوف يفي بالغرض وهو على حاله تلك". في الواقع، كل شيء مؤقت؛ ولكن حتى لو كنت تعيش في خيمة، فلا يزال يتعين عليك أن تعتني بها، أليس كذلك؟ تلك هي الإنسانية الطبيعية. إذا لم يكن لديك حتى هذا القدر من الإنسانية الطبيعية، فما الفارق بينك وبين البهائم؟
ثمة كنيسة في بيت الله تحظى بموقع جيد، بالقرب من الجبال والمياه. أُنشيء طريق هناك، وتصطف الأشجار على طول النهر القريب. حتى أن بها كشك، بجواره صخور مزخرفة. إنها حقًا جميلة للغاية. ذات يوم، رأيت من بعيد شيئًا صغيرًا أصفر اللون هناك على ذلك الطريق النظيف. وعندما اقتربت، رأيت أنه كان قشر برتقالة. من يدري من الذي قد يرمي قمامته هناك دون مبالاة. وفي الكشك، الذي كان نظيفًا أيضًا، كان ثمة شخص يأكل بذور عباد الشمس، ويلقي القشور في كل مكان على الأرض. أخبرني، هل كان هذا الشخص شخصًا يعرف القواعد؟ في الإنسانية الطبيعية، هل ثمة معايير مطلوبة لنظافة الشخص وبيئته، أم لا؟ قد يقول البعض: "كيف لا أملك معايير؟ أنا أغسل قدمي كل مساء. بعض الناس لا يفعلون ذلك. بعض الناس لا يغسلون حتى وجوههم عندما يستيقظون في الصباح". قد تكون قدماك نظيفتين، حسنًا، ولكن لماذا تكون بيئة عملك أشبه بزريبة خنازير؟ ما قيمة تلك النظافة التي تتحدث عنها؟ في أفضل الأحوال، يُظهر ذلك أنك أناني للغاية. أنت ترغب في إدارة كل الأشياء؛ فكيف يمكنك أن تكون سيدًا لكل الأشياء إذا كنت لا تستطيع حتى إدارة مجمع سكني؟ ذلك أمر وقح حقًا! ولا يقتصر الأمر فقط على البيئة التي لا يستطيع هؤلاء الأشخاص إدارتها؛ بل إنهم لا يستطيعون حتى إدارة نظافتهم الشخصية، ويلقون القمامة على الأرض. كيف اكتسبوا هذه العادة؟ ربما يبررون إلقاء قشور الفاكهة على الأرض بتسميتها سمادًا عضويًا. لماذا لا يضعونها إذًا في كومة سماد، أو سلة قمامة؟ لماذا يلقونها على الطريق أو في ذلك الكشك؟ هل الكشك مكان لحفظ السماد العضوي؟ أليس هذا تجاهلًا للقواعد؟ (إنه كذلك). إنه افتقار رهيب للإنسانية والعقل والأخلاق؛ إنهم أشخاص دنيئون! أخبرني، هل هناك طريقة لحل هذه المشكلة؟ كيف يمكن إيقافها؟ هل تنجح المراقبة في حل هذه المشكلة؟ من يستطيع أن يراقب الأمور بهذه الطريقة؟ ما الذي يجب فعله؟ (تغريمهم). نعم، هذا هو الملاذ الأخير. يجب وضع نظام مناسب. لا مجال للإفلات من العقاب بعد الآن. هؤلاء الأشخاص حثالة للغاية؛ لا يُرجى صلاحهم! في بعض الأماكن، توجد صناديق من الورق المقوى الفاسد، وألواح متعفنة، وبقايا ورق متناثرة في كل مكان، ويقول الناس هناك إنهم يحتفظون بها لاستخدامها لاحقًا. وبما إنها أشياء مفيدة، فلماذا لا تُفرز حسب النوع، في أكوام مرتبة؟ ألن يبدو ذلك أجمل ويشغل مساحة أقل؟ لا يعرف معظم الناس شيئًا عن إدارة الأمور. الأشياء مكدسة ومبعثرة عشوائيًا في أماكنها، بحيث لا توجد مساحة خالية. تزداد الأكوام فوضى كلما كبرت، ومع الفوضى تأتي القذارة، إلى أن يصبح المكان مكبًا للقمامة ومقززًا لكل من يراه. هل يتمتع الأشخاص الذين يعيشون في مثل هذه البيئات بإنسانية طبيعية؟ هل هم أشخاص أكفاء، إذا كانوا لا يستطيعون حتى السيطرة على البيئة التي يعيشون فيها؟ ما الفارق بين مثل هؤلاء الأشخاص والبهائم؟ جزء من سبب عدم معرفة معظم الناس لكيفية إدارة المساحات التي يعيشون فيها هو عدم وجود وعي بالنظافة الشخصية، وعدم معرفة أي شخص بكيفية إدارة بيئته. هذه الأمور لا تخطر على بالهم، وهم لا يدركون ما يجب أن تكون عليه البيئة المعيشية للناس. إنهم مثل الحيوانات، غير مدركين لنوع البيئة التي يجب أن يعيشوا فيها. أما الجزء الآخر فيتعلق بعدم معرفة المديرين لكيفية إدارة هذه الأمور. لا يعرف المديرون كيفية إدارة هذه الأمور، وأولئك الذين يتم إدارتهم ليسوا مبادرين أو على دراية بهذه الأمور. وفي نهاية المطاف، في ظل "مشاركة" الجميع، يتحول المكان إلى "زريبة خنازير". عندما يتواجد هؤلاء الأشخاص في مكان ما لفترة من الوقت، أغادره بينما يخالجني شعور معين حيث أقول لنفسي: "لماذا لا يكون هذا المكان نظيفًا أبدًا؟ لماذا لا يبدو هذا المكان مثل منزل أبدًا؟" قل لي، هل يمكن لرؤية مكان مثل هذا أن تُحسِّن مزاج الشخص؟ (كلا). هل الذهاب إلى هناك سيجعلكم في مزاج جيد؟ (لن يكون لدينا شعورًا قويًا حيال ذلك). سيكون هذا هو ردكم الحقيقي؛ لن يكون لدينا شعورًا قويًا. لقد وضعت خططًا لبعض تلك الأماكن، وعندما انتهى العمل وأُعيد ترتيب الأشياء، استمتع الجميع بالمنظر. ومع ذلك، بعد بضعة أيام، عادت الأمور إلى الفوضى مرة أخرى. وكان عليَّ أن أجد شخصًا مناسبًا لإدارة هذه المهمة، إذا كان لا بد من الحفاظ على النظافة. ذلك لأن معظم الناس غير نظيفين للغاية، ويحدثون فوضى في أي عمل يقومون به. بعض الناس يقطفون الخضروات ولا يعرفون المكان المناسب لغسلها. إنهم يصرون على البحث عن مكان نظيف للقيام بذلك، مما يجعل ذلك المكان قذرًا نتيجة لذلك. كيف سيكون شعورك عند رؤية ذلك؟ أليس هؤلاء الناس قطيعًا من البهائم؟ ليس لديهم إنسانية! إن النظر إلى هؤلاء الأشخاص، الذين لا يهتمون بالنظافة الشخصية، ولا يعرفون كيف يديرون بيئتهم، سوف يثير غضبك! يُمنح هؤلاء الأشخاص بيئة لطيفة للعيش فيها، وكل شيء مرتب فيها جيدًا. تنبثق كل أنواع الزهور والأعشاب في فصل الربيع؛ ولديهم جبال ومياه وكشك؛ ولديهم أماكن للعمل، وأماكن للسكن، وكافة أنواع وسائل الراحة. كم هذا لطيف! ولكن كيف انتهى الأمر؟ لقد اعتبروا ذلك أمرًا مفروغًا منه، ولم يقدّروا اللُّطْف. لقد فكروا: "هذا مكان لطيف للعيش فيه أكثر من معظم الأماكن الأخرى، ولكنه ريفي إلى حد ما. الأرض ليست سوى أعشاب وطين". وبهذه العقلية، دمروا المكان دون تفكير. لم يفكروا في إدارة بيئتهم. كم من الأمور غائبة عن مثل هذه الإنسانية! ليس بها تلك الأمور التي ينبغي أن تمتلكها البشرية، فأولئك الأشخاص لا يستطيعون حتى الحفاظ على مختلف جوانب بيئتهم المعيشية بأبسط الطرق. قل لي، كيف لا يفكر الناس في تقدير مثل هذه البيئة الجميلة التي يعيشون فيها؟ كيف لم يفكروا في الاهتمام بها؟ لماذا؟ هل هم مشغولون بواجباتهم لدرجة أنه ليس لديهم الوقت؟ أم ماذا يحدث معهم أيضًا؟ ألا يوجد أحد غير مشغول بواجباته؟ ثمة بعض الأشخاص الذين يعيشون في بيئات أسوأ من بيئاتكم، ومع ذلك فهم يعتنون بالمكان الخاص بهم جيدًا. ويرى الناس ذلك ويشيدون بهم، مع الإعجاب بهم وتقديرهم. ومن ثم، هناك بيئتكم المعيشية؛ لا يحتاج الآخرون حتى إلى الدخول إليها؛ بل سيحتقرونكم ما إن يلقوا نظرة عليها من الخارج. أليس هذا من فعلك؟ لقد أدت أفعالك وسلوكياتك إلى هذه البيئة المُزرية بشكل مؤسف التي تعيش فيها. عندما يرى الناس البيئة التي تعيش فيها، فإن الأمر بالنسبة لهم هو نفسه مثل رؤية جوهرك. هل يمكنك أن تلومهم إذًا على احتقارهم لك؟ سواء كان الشخص عظيمًا أو حقيرًا، نبيلًا أو وضيعًا، فإن ذلك لا يتقرر من تقييمات الآخرين، بل مما يعيشه هو نفسه. إذا امتلكت أمور الإنسانية الطبيعية، فأنت قادر على أن تعيش شبه الإنسان الحقيقي. ستتمكن من إظهار صفاتك النبيلة، وسوف يقدرك الآخرون ويحترمونك بشكل طبيعي. وإذا كنت لا تمتلك هذه الأشياء، ولا تفهم النظافة الشخصية البديهية، ولا تعرف كيف تعتني ببيئتك، وتعيش كل أيامك في "زريبة خنازير" وتشعر بالسعادة التامة حيال ذلك، فهذا يكشف عن خصالك الحيوانية. هذا يعني أنك دنيء ووضيع. ومثل هذا الشخص الدنيء والوضيع، بمثل هذه الإنسانية الدنيئة والوضيعة، وبدون أدنى تفكير أو آراء أو متطلبات أو سعي ينبغي للإنسانية الطبيعية أن تتحلى به؛ دون أي من ذلك، هل يمكن لمثل هذا الشخص أن يفهم الحق؟ هل يمكنه الدخول إلى واقع الحق؟ (كلا). هل تعتقدون أيضًا أنه لا يستطيع؟ لمَ لا؟ سيقول البعض: "لقد تخلصنا من كل تلك الأمور الدنيوية منذ زمن طويل في سنوات إيماننا بالله. نحن لا نهتم بتلك الأمور! 'عَيْشُ حياة ذات جودة'؛ إنه هو أمر دنيوي!" أليس هناك من يقول هذا؟ هل الهواء الذي تتنفسه شيء دنيوي إذًا؟ الملابس التي ترتديها، وكل الأشياء المادية التي تستخدمها؛ هل تلك أشياء دنيوية؟ لماذا لا تجدون أي مكان قديم في العراء لتجتمعوا فيه؟ لماذا تتجمعون في غرفة؟ أليس من يقول هذا الكلام سخيفًا؟ سأخبرك بحقيقة: إذا أراد مثل هذا الشخص الدخول إلى واقع الحق، فسيكون ذلك صعبًا عليه. إذا أراد شخص الدخول إلى واقع الحق، فعليه أولًا امتلاك إنسانية طبيعية؛ وعلاوة على ذلك، عليه أن يتخلص من تلك العادات السيئة في حياته، وأن يسعى إلى شيء ذي أسلوب وهدف في الحياة، ويتمتع بالخلق، والآداب، والأخلاق. هل هذه طريقة مناسبة لوصف الأمر؟ حسنًا إذًا، هل من السهل تسوية هذه المشكلات؟ كم من الوقت يستغرق تغيير نمط حياة المرء والتخلي عن عادة سيئة في حياته؟ ما الطريقة الواجب استخدامها للدخول في ذلك بأسرع وقت ممكن؟ ما الأساليب المتاحة، بعيدًا عن العقاب؟ (المراقبة المتبادلة). إن المراقبة المتبادلة هي أحد هذه الأساليب، ولكن يتوقف الأمر على مدى قبول الناس لها. من وجهة نظري، فإن فرض الغرامات هو خطوة قوية وفعالة حقًا. فما إن تتطرق إلى الغرامات النقدية، فإنك تتطرق إلى مصالح الناس. ولا خيار لديهم سوى الامتثال، خوفًا من أن تتضرر مصالحهم. وهذا ما يتحقق من خلال فرض الغرامات. ولكن لماذا لا يتحقق أي شيء من خلال عقد شركة عن الحق مع هؤلاء الناس؟ لأنهم لا يتحلون بالإنسانية الطبيعية أو الشروط اللازمة لقبول الحق. لهذا السبب فإن عقد شركة عن الحق هي طريقة غير فعالة معهم. في أي بيئة عمل أيًا كانت، تعلّم أولًا فرز الأشياء حسب نوعها، وثانيًا الحفاظ على الترتيب، وثالثًا الحفاظ على الصحة والنظافة الشخصية، ومن ثم، علاوة على ذلك، غرس عادة التخلص من القمامة. هذا ما يجب أن تمتلكه الإنسانية الطبيعية.
ثمة بعض النساء اللواتي يمشطن شعورهن ويخرجن، دون أن يكنسن الخصلات المتساقطة أولًا. وهن يفعلن ذلك كل يوم. هل يمكن تغيير مثل هذه العادة؟ عند الانتهاء من تمشيط شعرك، يجب عليك التنظيف والترتيب على الفور. لا تترك للآخرين مهمة تنظيفها؛ عليك إدارة بيئتك الخاصة جيدًا بنفسك. إذا كنت ترغب في إدارة بيئتك بشكل جيد، يجب أن تبدأ بنفسك. نظف المكان الخاص بك أولًا. وبخلاف ذلك، يجب أن يكون المرء متحضرًا في التعامل مع البيئات العامة التي يسكنها. على سبيل المثال، يتعين أن تقع المسؤولية على عاتق الجميع لإدارة الأماكن التي يعيش فيها الناس ويستريحون. إذا رأيت بضع قطع من قشر البرتقال على الأرض، فما عليك سوى التقاطها ورميها في سلة المهملات. في بعض مواقع العمل، توجد رقائق الخشب، ونشارة الخشب، وقضبان الحديد، والمسامير في كل مكان عند الانتهاء من العمل. اذهب إلى هناك، وقد تدوس بسهولة على مسمار ما لم تكن حذرًا. إنه أمر غير آمن على الإطلاق. لماذا لا ينظفون ويجعلون الأشياء صحية بعد الانتهاء من عملهم هناك؟ أي نوع من العادات السيئة هذه؟ بفعل ذلك، هل يستطيعون تبرير أنفسهم؟ ماذا سيظن الناس، عندما يرون مكان عمل فوضوي وقذر مثل هذا؟ أليست هذه هي طريقة البهائم في أداء عملها؟ يجب على الأشخاص ذوي الإنسانية أن ينظفوا الأشياء جيدًا عندما ينتهون من عمل ما، وسوف يعرف الآخرون من النظرة الأولى أن العمل من صنع البشر. البهائم لا تُنظف بعد الانتهاء من عمل ما، كما لو كان التنظيف لا يقع على عاتقها، ولا علاقة لها به. أي نوع من المنطق هذا؟ لقد رأيت أكثر من شخص لا يُنظف بعد الانتهاء من عمل ما. لديهم جميعًا هذه العادة السيئة. لقد أخبرتهم أنه يتعين عليهم كل يوم، بعد انتهائهم من عملهم، أن يوفروا شخصًا ما لتنظيف القمامة كلها. نظفوا كل يوم. وبهذه الطريقة، سيكون الموقع نظيفًا. يجب غرس مثل هذه العادة. ولغرس عادة حياتية، يتعين على المرء أن يبدأ بالحفاظ على بيئة معينة، ثم الانتظار حتى يعتاد عليها. ومن ثم، يومًا ما، عندما تتغير تلك البيئة، سيشعر هو نفسه بالانزعاج عند رؤية شيء غير نظيف. تمامًا كما هو الحال مع بعض الأشخاص الذين عاشوا بالخارج لمدة ثلاث أو خمس سنوات، والذين يعتقدون أن كل شيء أفضل هناك. ويأتي اليوم الذي يعودون فيه إلى موطنهم، فيشعرون فجأة أنهم أصبحوا متأنقين. إنهم ينظرون بازدراء إلى الآخرين ممن لا يهتمون بالنظافة، وإلى الأشخاص الذين تكون بيوتهم غير نظيفة. إنهم لا يتحملون حتى قضاء بضعة أيام دون استحمام. ألم تكن بيئتهم هي التي فرضت عليهم ذلك؟ هكذا هو الأمر. لذا، يجب عليك أن تبدأ بإدارة نظافتك الشخصية وبيئتك. هذه هي الطريقة التي تُشعرك بالراحة أثناء أداء واجبك؛ وهي أيضًا ما يجب أن يتحلى به الأشخاص من ذوي الإنسانية الطبيعية. في العديد من الأماكن التي زرتها، رأيت غرف الفتيات في حالة من الفوضى العارمة. قد يقول البعض: "أنت تريد منا أن نكون منظمين؛ هل ينبغي أن يكون الأمر كما هو الحال في معسكر تدريب؟" لا داعي لهذا كله. رتب سريرك ونظّف غرفتك كل يوم. حافظ على النظافة. اجعلها عادة. إذا كنت تفعل هذه الأمور كل يوم، وأصبحت عادة وعرفًا وتلقائية مثلها مثل الأكل، فستكون قد غرست هذا النوع من العادات الحياتية اليومية، وسترتفع متطلباتك تجاه محيطك إلى مستوى أعلى. وعندما ترتفع هذه المتطلبات إلى ذلك المستوى، فإن تصرفك بالكامل، ونظرتك العقلية، وذوقك، وإنسانيتك، وكرامتك سوف ترتفع جميعها. ولكن إذا كنت في "زريبة خنازير"، وهو مكان ليس للبشر، بل هو أشبه بعرين بهيمة، فأنت لا تملك شبه الإنسان. على سبيل المثال، عند دخول بعض الأشخاص إلى غرفة ما، عندما يرون نظافة الغرفة وأرضيتها، يزيلون الأوساخ عن أحذيتهم لبعض الوقت في الخارج. وسيظلون يشعرون بعدم النظافة، لذلك سوف يمضون قدمًا لخلع أحذيتهم قبل دخول الغرفة. وعندما يرى صاحب الغرفة مدى نظافتهم واحترامهم له، سيحترمهم أيضًا. وسوف يدخل أشخاص آخرون بأحذية مغطاة بالطين، غير عابئين بترك الطين على الأرض. إنهم لا يكترثون تمامًا بذلك. يرى مالك الغرفة أنهم بطبيعتهم لا يبالون بالقواعد. حينها ينظر إليهم نظرة سيئة، ولذلك فهو يحتقرهم، ولن يسمح لهم بدخول الغرفة في المستقبل. سيجعلهم ينتظرون بالخارج، وسيكون المعنى الضمني لهذا هو: "أنتم لا تستحقون الدخول؛ سوف تفسدون المكان إذا دخلتم، وسأضطر إلى قضاء وقت طويل في تنظيفه!" لن يحترمهم. عندما يرى أنهم لا يمتلكون شبه الإنسان، فلن يحترمهم. إذا وصل شخص ما إلى هذه النقطة في حياته، فهل لا يزال بشريًا؟ الحيوان الأليف أفضل منه. لذا، يجب على الناس أن يعيشوا شبه الإنسان لكي يُطلق عليهم بشرًا، ويجب أن يتحلوا بالإنسانية الطبيعية حتى يعيشوا شبه الإنسان. أينما يعيش أي شخص، ومهما كان الواجب الذي يؤديه، يجب عليه الالتزام بالقواعد. ويجب عليه الاهتمام بمكانه، ونظافته، وأن يتحلى بروح المسؤولية، وأن يتبنى عادات حياتية جيدة. يجب عليه أن يكون منتبهًا وجادًا في كل ما يفعله، وأن يستمر في ذلك إلى أن ينجز العمل جيدًا، ولبَّى المعايير المطلوبة. وبهذه الطريقة، سيرى الناس في أدائك لواجبك، وسلوكك الذاتي وطريقة تعاملك والأشياء، أنك شخص مستقيم، ومهذب، وصالح. سوف يشعرون بالإعجاب بك، وسوف يحترمونك بشكل طبيعي. سوف يقدرونك ويوقرونك أيضًا، وبالتالي، لن يخدعوك أو يتنمروا عليك. سوف يتحدثون إليك بجدية، دون أي سخرية أو ازدراء. لا أعرف كيف ينظر الناس إلى مظهري، لكن لدي شعور: عندما ألتقي بمعظم الناس، لا يلقون النكات أو يتحدثون بابتهاج. لا أعرف سبب ذلك. قد يخالج الناس شعور مفاده: "أنت شخص جاد للغاية، وأنت جاد في حديثك وتصرفاتك أيضًا. أنت شخص مستقيم؛ فلن أجرؤ على إلقاء نكتة عند التعامل معك. من الواضح للوهلة الأولى أنك لست من هذا النوع من الأشخاص". عندما تذهب إلى مكان ما، وتتحدث مع الناس، وتتحاور، وتتفاعل معهم، سيشعرون أن ثمة شيئًا ما في إنسانيتك وأخلاقك؛ قد لا يستطيعون أن يقولوا بوضوح ما هو، لكنك ستعرف ما تفكر فيه كل يوم، وستكون لديك دائمًا مبادئ ومعايير لكيفية نظرتك للأمور وتعاملك مع الناس؛ فإذا كانت هذه هي طريقة تعاملك مع الآخرين وتفاعلك معهم، فسوف يقولون إنك رزين للغاية، وجاد تمامًا، وحذر في كل ما تفعله، أي أنك صاحب مبادئ. ما الشعور الذي سيبعثه هذا في نهاية المطاف في أنفسهم؟ أمعن التفكير في ذلك بروية. إذا كان سلوكك الذاتي يزدان بما يجب أن يتحلى به أصحاب الإنسانية الطبيعية، فلا يهم كيف سيقيمك الناس من وراء ظهرك. لو أنهم شعروا في قرارة قلوبهم إنك شخص مستقيم ورزين، شخص ذو موقف جاد ومسؤول تجاه كل الأمور، شخص يتسم بالنُبل والفضيلة، فبعد التعامل والتفاعل معك لفترة من الوقت، سيستحسنونك ويقدرونك. ومن ثم، ستكون لك قيمة كشخص. وإذا رأوا بعد التعامل معك لفترة أنك لا تجيد فعل أي شيء، وأنك كسول وجشع، وغير راغب في تعلم أي شيء، وأن معاييرك تفوق قدراتك، وأنك طماع وأناني للغاية، وأكثر من ذلك، أنك غير مهتم بالنظافة الشخصية، ولا تفكر في الاهتمام ببيئتك؛ فإذا رأوا أنك لا تعرف تفاصيل أي شيء تفعله، وأن مستوى قدراتك ضعيف، وأنك غير جدير بالثقة، وغير قادر على إنجاز أي مهمة تُسند إليك كما ينبغي؛ فعندها لن يكون لك أي اعتبار على الإطلاق لدى الناس، وستصبح غير صالح بوصفك إنسانًا. أن تكون بلا اعتبار على الإطلاق بالنسبة للآخرين ليس بالأمر المهم، ففي نهاية المطاف، ما يهم هو أنه إذا كنت كذلك دنيئًا، وحقيرًا، وعديم القيمة في قلب الله، مثل البهيمة، بلا قلب أو روح، فإنك في ورطة. أنت لا تزال بعيدًا عن الخلاص! وبالنسبة لأي شخص لا يرقى خُلُقُه إلى المستوى المطلوب، وكلامه وأفعاله غير منظمة بالمرة، وهو مثل البهيمة، هل ثمة أمل في الخلاص؟ إنه في خطر، حسبما أرى. وعاجلًا أم آجلًا، سوف يُستبعد.
ج. موقف الناس وسلوكهم في اتصالهم بالجنس الآخر
البند الثالث هو موقف الأشخاص وسلوكهم في تعاملهم مع الجنس الآخر في حياتهم اليومية. هذه مشكلة سيواجهها كل من يعيش وسط أشخاص آخرين، بغض النظر عن عمره. ما الجانب الإنساني الذي ينطوي عليه الأمر؟ إنه ينطوي على كرامة المرء، وإحساسه بالخجل، وأسلوب تصرفه. ينظر بعض الناس إلى الاتصال بالجنس الآخر بشكل عرضي للغاية. إنهم يشعرون أنه ليس بالأمر الجلل ما دام لم يحدث شيء، وكذلك الحال بالنسبة للانغماس في الأفكار الشهوانية أو الكشف عن بعض الهوى الآثم. هل ينبغي لشخص يتحلى بإنسانية طبيعية أن تكون لديه مثل هذه الأفكار؟ هل هذه علامة على الإنسانية الطبيعية؟ ما إن تصبح في سن الزواج والاتصال بالجنس الآخر، وترغب في الدخول في علاقة، افعل ذلك بشكل طبيعي، ولن يتدخل أحد. لكن بعض الناس لا يريدون إقامة علاقة؛ إنهم يغازلون شخصًا ما لبضعة أيام إذا لفت انتباههم، وما إن يقابلوا شخصًا يعجبهم ويناسب ميولهم، يبدأون في التباهي. وكيف يتباهون؟ برفع الحاجب، أو الغمز بالعين، أو تغيير في نبرة الصوت أثناء الحديث، أو تحرك بطريقة معينة، أو البدء في إبداء ملاحظات فكاهية لجذب الانتباه إليهم؛ هذا هو التباهي. عندما يكشف شخص ما ليس لديه مثل هذه الطبيعة عادة عن هذه السلوكيات، يمكنك التأكد من وجود بعض أفراد الجنس الآخر بالقرب ممن يناسبون ميوله. من هم هؤلاء الأشخاص؟ قد تقول إنهم يتصرفون بأسلوب سيئ، ولا يحافظون على حدود واضحة بين الرجال والنساء، لكنهم لم يظهروا أي سلوك مُخْزٍ. قد يقول البعض إنهم ببساطة يتصرفون بعبث. وبعبارة أخرى، هم يفتقرون إلى احترام الذات؛ فالأشخاص العابثون ليس لديهم فكرة احترام الذات. بعض الأشخاص يُظهرون هذه الصفات في حياتهم اليومية، ولكن لا يتأثر بها أداء واجباتهم، ولا تؤثر على إنجاز أعمالهم، فهل يُعد هذا مشكلة حقًا؟ يقول البعض: "طالما أن ذلك لا يعيق سعيهم إلى الحق، فهل هناك حاجة للحديث عن ذلك". بماذا يتعلق هذا الأمر؟ بخجل وكرامة إنسانية المرء. فلا يمكن أن تكون إنسانية المرء بلا خجل وكرامة، وبدونهما لا يمكن أن تكون إنسانيته طبيعية. بعض الناس يتمتعون بالمصداقية، ويكونون جادين، ومسؤولين، ويعملون باجتهاد في كل ما يفعلونه. ليس لديهم أي مشاكل كبيرة، لكنهم ببساطة لا يأخذون هذا الجانب من حياتهم على محمل الجد. عندما تغازل شخصًا من الجنس الآخر، هل يكون هذا الأمر مفيدًا أم ضارًا؟ ماذا لو وقع الشخص الذي تغازله في حبك؟ قد تقول: "ليس هذا ما أردته"؛ حسنًا، إذا كنت لا تزال تغازل شخصًا ما رغم أن هذا ليس ما تريده، ألا يكون ذلك تلاعبًا به؟ أنت تؤذيه! هذا يفتقر نوعًا ما إلى الحس الأخلاقي. الأشخاص الذين يفعلون ذلك خُلُقُهم سيئ. وعلاوة على ذلك، إذا كنت لا تنوي متابعة هذه العلاقة ولا تأخذها على محمل الجد، ومع ذلك لا تزال ترفع حاجبيك وتغمز للجنس الآخر، وتتباهى بالمرح والدعابة، وتفعل كل شيء لإظهار أنك صاحب أسلوب أنيق، وأنك وسيم أو جميل؛ إذا كنت تتباهى بهذه الطريقة، فماذا تفعل في الواقع؟ (إغواء الناس). ثمة نية للإغواء في ذلك. والآن، هل هذا النوع من السلوك الإغوائي شيء نبيل أم قبيح؟ (إنه شيء قبيح). هنا لم تعد توجد أي كرامة. أي نوع من الناس في هذا العالم قد يُغوي الآخرين؟ المومسات، والنساء الفاسقات، والأنذال؛ هؤلاء الأشخاص لا يعرفون الخجل. ماذا يعني عدم معرفة الخجل؟ يعني أنهم لا يشعرون بالعار. الاستقامة، والخجل، والشرف، وكذلك الكرامة، والسمعة؛ هم لا يهتمون بأي من هذه الأمور. مثل هؤلاء الأشخاص يتجولون، ويتباهون، ويغازلون. مغازلة شخص أو اثنين لا تكفيهم، ولا يجدون أن ثمانية أو عشرة أشخاص أمرًا مبالغًا فيه. بل إن الأمر يتطلب آلافًا وآلافًا من الناس لإسعادهم. بعض النساء المتزوجات أنجبن طفلين، ولا يعلم أحد خارج المنزل بذلك. لماذا لا يُعلمون الناس بذلك؟ إنهن يخشين أنه ما إن يُعلن عن زواجهن ووجود شريك لهن، لن يجدن أي نجاح في مغازلتهن، وأن يفقدن إغوائهن وفتنتهن. ولهذا السبب لن يتحدثن بصراحة عن هذا الأمر. ألا يشعر مثل هؤلاء الأشخاص بالعار؟ هل تكون إنسانية المرء طبيعية إذا كان بها مثل هذه الأمور؟ إنها ليست كذلك. والنتيجة المترتبة على ذلك هي أنه إذا كنت تتحلى بمثل هذه الإنسانية، ومثل هذه السلوكيات، فأنت تفتقر إلى الإنسانية الطبيعية؛ إنها تفتقر إلى الخجل والاستقامة. تبدأ بعض النساء في تمشيط شعورهن وتسوية ملابسهن ما إن يكن بالقرب من الجنس الآخر، أو تضع أحمر الشفاه والمساحيق، ويحاولن قدر المستطاع تجميل أنفسهن. ما هدفهن من هذا؟ هدفهن هو الإغواء؛ وهو ما لا ينبغي أن يكون في الإنسانية الطبيعية. أن يكون المرء قادرًا على إغواء الناس بهذه الطريقة، وألا يشعر بشيء، معتقدًا أن الأمر عادي ومألوف تمامًا، وأنه ليس بالأمر الجلل، هو افتقار إلى الشعور بالخجل وعدم معرفة ما ينبغي وما لا ينبغي للمرء فعله. وهناك بعض النساء اللاتي قد يكن على استعداد للسير في الشارع عاريات تمامًا إذا حصلن على عشرة آلاف يوان. أي نوع من الأشخاص هن؟ إنهن بلا شعور بالخجل. إنهن مستعدات لفعل أي شيء مقابل المال، دون خجل. الاستقامة، والخُلُق، والشعور بالخجل، والكرامة لا تعني شيئًا ولا قيمة لها بالنسبة لهن. إنهن يشعرون أن قدرتهن على التباهي وإغواء الآخرين هي موهبة من مواهبهن، وأن متعتهن الوحيدة تأتي من كسب ود المزيد من الناس، ومن ملاحقة المزيد من الناس لهن. هذا هو أسمى شرف لمثل هذه المرأة؛ إنه ما تقدره. إنها لا تقدر أشياء مثل الكرامة، أو الشعور بالخجل، أو الخُلُق. هل هذه إنسانية جيدة؟ (كلا). هل أظهرتم مثل هذه السلوكيات؟ (نعم، فعلنا). هل أنتم قادرون على السيطرة عليها إذًا؟ هل يمكنكم السيطرة عليها معظم الوقت، أم يمكنكم فعل ذلك فقط في قليل من الوقت فحسب؟ هل لديكم القدرة على كبح جماح أنفسكم؟ إن من يقدرون على كبح جماح أنفسهم هم من تعرف قلوبهم الحياء. يمر الجميع بلحظات عابرة من الاندفاع والانحلال، لكن عندما يفعل ذلك من يستطيعون كبح جماح أنفسهم، فإنهم يشعرون أن ما يفعلونه ليس صحيحًا، وأنه يحط من قدرهم، وأن عليهم أن يعودوا عن ذلك فورًا، وأنه يجب عليهم ألا يفعلوا ذلك بعد الآن. وفيما بعد، عندما يواجهون مثل هذا الأمر مرة أخرى، يتمكنون من التحكم في أنفسهم. فإذا لم يكن هناك حتى هذا القدر من القدرة على كبح جماح النفس داخل إنسانيتك، فما الذي قد تتمرد عليه عندما يُطلب منك ممارسة الحق؟ بعض الناس ينعمون بمظهر جيد، ويجدون أنفسهم باستمرار ملاحقين من الجنس الآخر؛ وكلما زاد عدد الأشخاص الذين يلاحقونهم، زاد شعورهم بأنهم قادرون على التباهي. أليس هذا خطرًا عليهم؟ ما الذي ينبغي عليك فعله في هذه الحالة؟ (تعرف على هذا الفخ وتجنبه). إنه حقًا فخ، ويجب عليك تجنبه؛ وإذا لم تفعل، فقد تجد أن شخصًا ما قد أوقعك في شَرَكِه. يجب عليك أن تتجنب هذا الفخ قبل أن تقع فيه، وهذا ما يسمى بضبط النفس. الأشخاص الذين يتمتعون بضبط النفس يشعرون بالخجل ويتحلون بالكرامة. أما أولئك الذين لا يتمتعون بضبط النفس، فقد يُغرر بهم أي شخص يغويهم، ويبتلعون الطُعم كلما لاحقهم أحد، وهو ما ينذر بالمتاعب. علاوة على ذلك، فإنهم سوف يتباهون عمدًا، ويتأنقون في ملابسهم، وأي ملابس يتعين عليهم ارتداؤها والتي يمكن أن تجعلهم يبدون أكثر وسامة وجاذبية وجمالًا، فإنهم سيختارونها على وجه التحديد، وسيرتدونها كل يوم؛ وهذا أمر خطير بالنسبة لهم، ويُظهر أنهم أناس يحاولون عمدًا إغواء الآخرين. إذا كنت تبدو جذابًا للغاية ومثيرًا في هذه الملابس، فعليك أن تتمرد على جسدك وتتخلى عن ارتداء مثل هذه الملابس. إذا كانت لديك عزيمة في هذا الصدد، فيمكنك القيام به. لكن إذا لم يكن لديك هذا العزم وتريد البحث عن شريك، فامض قدمًا وابحث عنه: تفاعلا بشكل طبيعي مع أحدكما الآخر، دون مغازلة أحدكما الآخر. وإذا كنت لا تبحث عن شريك، ولكنك لا تزال تغازل الآخرين، فهذا لا يمكن أن يسمى إلا افتقارًا إلى الشعور بالخجل. يجب أن تكون واضحًا بشأن ما تختاره. هل يمكنكم جميعًا الالتزام بالمبادئ؟ (لدينا هذا العزم). إذا كان لديكم هذا العزم، فستكون لديكم الطاقة والدافع، وسيكون من السهل الالتزام به. بعض الناس يكونون مهذبين بطبيعتهم، فضلًا عن إنهم بعد أن وجدوا الإيمان بالله، يسعون إلى الحق ويسلكون الطريق الصحيح، فلا يكون لديهم تلك الرغبة، ولا يستجيبون لأي شخص يحاول مغازلتهم. بعض الناس لديهم ميل تام إلى ذلك، في حين أن البعض الآخر لا يعيره أي اهتمام؛ ويبدو أن بعض الناس لديهم هذا العزم، ولكن حتى هم أنفسهم لا يستطيعون معرفة ما إذا كانوا يفعلون ذلك بالفعل أم لا. فيما يتعلق بالتفاعل مع الجنس الآخر، فهذا أمر يجب أن تتعامل معه بشكل صحيح وتعيد النظر فيه، وتحدده باعتباره جزءًا من كرامة وخجل الإنسانية الطبيعية. كيف يرتبط الافتقار إلى الشعور بالخجل بالافتقار إلى الإنسانية؟ من العدل أن نقول إنه إذا لم يكن لدى المرء شعور بالخجل، فهو لا يتمتع بإنسانية. لماذا كل من يفتقر إلى الإنسانية لا يحب الحق؟ ولماذا نقول إنه يمكن للمرء أن يسعى إلى الحق إذا كان يمتلك الإنسانية؟ أخبرني، هل يعرف الأشخاص الذين ليس لديهم شعور بالخجل ما هو صالح وما هو غير صالح؟ (كلا). إذًا، عندما يفعلون السيئات التي تقاوم الله وتخونه، وتخالف الحق، هل يشعرون بأي لوم للنفس؟ (كلا). هل يمكن أن يستقيموا على الطريق الصحيح إذا لم تؤنبهم ضمائرهم؟ هل يمكنهم السعي إلى الحق؟ الأشخاص الوقحون عديمو الخجل هم بلا إحساس؛ إنهم لا يستطيعون التمييز بجلاء بين الأمور الإيجابية والسلبية، أو ما يحبه الله وما يكرهه. لذا، عندما يطلب الله من الناس أن يكونوا صادقين، فإنهم يقولون: "ما المشكلة في التحدث بكذبة؟ إن الكذب ليس أمرًا مهينًا!" ألن يقول شخص بلا خجل شيئًا مثل هذا؟ لو أن شخصًا يشعر بالخجل ولم يكن صادقًا، واكتشفه الجميع، ألا يحمر وجهه؟ ألا يشعر بعدم الارتياح بداخله؟ (يشعر به). وماذا عن شخص عديم الخجل؟ يقول: "كوني شخصًا صادقًا، وما يعتقده الآخرون بي، وما هي القيمة التي أحملها لهم، أو ما هو الوزن الذي يعطونني إياه؛ لا شيء من هذا يعنيني!" إنه لا يهتم. هل لا يزال بإمكانه السعي إلى الحق إذًا؟ إذا سألته بعد أن تحدث بالأكاذيب ما إذا كان غير مضطرب في قلبه أو ما إذا كان يشعر بأي لوم للذات، سيقول: "ماذا يعني أن تكون في سلام؟ ما هو لوم الذات؟ لماذا يجب أن يكون هذا مزعجًا للغاية؟" ليس لديه مثل هذا الوعي. هل يمكن لشخص لديه مثل هذا العقل غير السليم أن يتبع الله؟ هل يمكنه السعي إلى الحق؟ إنه لا يسعى إليه. بالنسبة له، لا حدود بين الأمور الإيجابية والسلبية، بين الحق وبين ما يخالفه؛ كلها متساوية. وعلى أي حال، هو يعتقد أن كل شيء سيكون على ما يرام إذا بذل الجميع الجهد، وأدوا واجبهم، ودفعوا ثمنًا. لا شيء يميز هذه الأشياء. إنه لا يشعر بأي لوم للذات عندما يفعل شيئًا يقاوم الله، أو عندما يفعل شيئًا يخالف مبادئ الحق، أو عندما يفعل شيئًا يتسبب في خسارة لمصالح شخص آخر، أو عندما يفعل شيئًا يعيق عمل الكنيسة. ليس لديه أي لوم للذات على الإطلاق. ألا يفتقر، في هذا، إلى الشعور بالخجل؟ الأشخاص الذين لا يشعرون بالخجل لا يميزون مثل هذه الأمور. بالنسبة لهم، الأمر يتعلق بفعل ما يريدون. كل شيء جائز، فلا داعي لاستخدام الحق في إصدار الأحكام. لذا، لا توجد طريقة للأشخاص الذين لا يشعرون بالخجل لفهم الحق أو ممارسته. هذه هي العلاقة بين عدم الشعور بالخجل والافتقار إلى الإنسانية. لماذا، إذًا، لم تتمكنوا من قول هذا؟ أنتم جميعًا تفكرون قائلين: "لا علاقة لما تعظ به بالحق؛ فهو بعيد كل البعد عنه. نحن عادةً ما نكون قادرين على رؤية هذه الأمور بوضوح، فهل لا نزال بحاجة إلى أن تتحدث عنها؟" إذا كنتم تشعرون أن الأمر لا علاقة له بالحق، فما مقدار واقع الحق الذي دخلتموه؟ هل تعيشون إنسانية طبيعية؟ هل أصبحتم حقًا أناسًا يملكون الحق والإنسانية؟ أنتم صغيرو القامة للغاية، ولا يمكنكم حتى معرفة هذه الأمور، فأي واقع حق يمكن أن يكون لديكم؟
يقول أحد المراسيم الإدارية العشرة لبيت الله: للإنسان شخصية فاسدة، كما أنه يمتلك مشاعر. ومن ثم، فإنه محظور قطعًا على فردين من جنسين مختلفين (ذكر وأنثى) أن يعملا معًا بمفردهما أثناء خدمة الله. إن تم اكتشاف أي شخصين يفعلان ذلك سيتم طردهما، بلا استثناء. كيف ينظر الناس إلى هذا المرسوم الإداري؟ لو أن رجلًا واحدًا أقام علاقات غير لائقة مع أكثر من ثلاثين امرأة، أخبرني، كيف سيكون شعور الناس الذين سمعوا بذلك؟ (سوف يرتابون في الأمر). سوف تتفاجأ عند سماع لذلك، وسوف تُصدم وتقول: "يا إلهي، هذا كثير! هذا مثير للاشمئزاز، أليس كذلك؟" وما الشعور الذي كان سيشعر به ذلك الرجل عندما أخبَرَكَ؟ (كان ليتصرف وكأن الأمر لا يعنيه). لن يكون شيئًا يُذكر بالنسبة له. اسأله عما يأكله اليوم: "أرز". اسأله عن عدد النساء اللواتي كان معهن: "ثلاثون أو أكثر". كان ليقول الأمرين بنبرة الصوت نفسها والعقلية نفسها بالضبط. هل ثمة خلاص لشخص بمثل هذه الإنسانية؟ لا يوجد، حتى لو كان يؤمن بالله. كيف له ألا يعرف الخجل عندما يتلفظ بشيء كهذا؟ إنه أمر مُهين! كيف أمكنه الإفصاح عن ذلك ببساطة إذًا؟ أخبرني، هل بقي لديه أي شعور بالخجل؟ كلا، ليس لديه أي شعور بالخجل. لقد أصبح إدراك الضمير داخل إنسانيته مخدرًا بالفعل، ولم يعد لديه أي إدراك. الأمر لا يتعلق بمجرد أن يكون المرء فاسقًا؛ فالأشخاص الذين بلا خجل أو كرامة لم يعودوا بشرًا. إنهم لا يزالون يبدون كأشخاص ظاهريًا، لكن ذلك يتهاوى ما إن يضطروا للتعامل مع شيء ما. إنهم قادرون على فعل أي شيء، دون أن يعرفوا معنى الخجل؛ وهذا يعني أنهم لم يعودوا بشرًا. دعونا نختم حديثنا عن هذه الأمور هنا.
أمعنوا التفكير في هذه الجوانب الثلاثة للإنسانية الطبيعية التي ناقشناها اليوم؛ هل هي مهمة؟ هل هذه الأمور في الإنسانية الطبيعية منفصلة عن السعي إلى الحق؟ (كلا). إذًا ما علاقتها بالسعي إلى الحق؟ لو لم تمتلك إنسانية المؤمن بالله الدقة، والإحساس بالمسؤولية، والقدرة على الانتباه في أفعاله؛ إذا لم تكن لديه مثل هذه الإنسانية، فما الذي يمكن أن يستفيده من إيمانه بالله وسعيه إلى الحق؟ لقد عقدنا شركة عن عدد ليس بالقليل من الحقائق، على مر السنين، حقائق في كل مجال. إذا لم يبذل الناس جهدهم أو يتعاملوا مع هذه الحقائق بعقلية واعية، مع ربط كل شيء ببعضه البعض، ودون عمل أي شيء بضمير حي، فهل يمكنهم تحقيق فهم للحق بهذه الطريقة؟ يقول البعض: "لو لم أتمكن من فهم الحق، ألا يمكنني ببساطة حفظ هذه التعاليم والمصطلحات عن ظهر قلب؟" هل ستتمكن في النهاية من الحصول على الحق بهذه الطريقة؟ إذا كنت لا تتحلى بهذا النوع من الإنسانية الطبيعية، ولا تمتلك هذه الأمور في إنسانيتك؛ بمعنى أنك لا تملك موقفًا يتسم بالضمير الحي، والدقة، والجدية، والمسؤولية تجاه الأمور، فإن الحق يتحول عندئذٍ إلى تعاليم وعبارات رنانة بالنسبة لك؛ يتحول إلى لوائح. لا يمكنك ربح الحق، لأنك غير قادر على فهمه. وبخلاف ذلك، إذا لم تتمكن من إدارة البيئة، والروتين، وأسلوب حياتك الشخصية جيدًا، فهل ستتمكن من الدخول إلى مختلف المبادئ والأقوال التي تنطوي على الحق؟ لن تتمكن من ذلك. علاوة على ذلك، يجب على الناس أن يحبوا الأمور الإيجابية في الحياة، وفيما يخص الأمور السلبية والشريرة، عليهم أن يحافظوا على موقف من المُقت والاشمئزاز تجاهها في أعماق قلوبهم. هذه هي الطريقة الوحيدة للدخول إلى بعض الحقائق. هذا يعني أنه في سعيك إلى الحق، يجب أن يكون لديك الموقف الصحيح والإطار الذهني المناسب؛ يجب أن تكون شخصًا مستقيمًا وجادًا. مثل هؤلاء الناس فقط هم من يمكنهم ربح الحق. إذا لم يكن لدى شخص ما أي شعور بالخجل، وظل بلا إحساس، وغير مدرك في قلبه عندما ارتكب العديد من الأمور الشريرة، والعديد من الأمور التي تتمرد على الله، وتخالف الحق، معتقدًا أن ذلك ليس بالأمر الجلل، فهل ينفعه الحق بعد ذلك؟ لا فائدة منه على الإطلاق. إن الحق لا يؤثر عليه، ولا يمكنه كبح جماحه، أو زجره، أو إرشاده، أو أن يبين له الطريق والاتجاه؛ مما يعني أنه في ورطة. كيف يمكن لشخص ليس لديه حتى شعور بالخجل أن يفهم الحق؟ لكي يكون الإنسان قادرًا على فهم الحق، يجب أن يكون حساسًا أولًا للأمور الإيجابية والسلبية في أعماقه. إنه ينفر من مجرد ذكر أو مقابلة شيء سلبي أو شرير، وإذا فعل مثل هذا الشيء بنفسه فإنه يشعر بالخجل والاضطراب. إنه يشعر بحب الحق ويستطيع قبول الحق في قلبه، ويستطيع استخدامه لكبح جماح نفسه وتغيير حالاته الخاطئة. أليست هذه هي الأمور التي ينبغي أن تتحلى بها الإنسانية الطبيعية؟ (بلى). وبامتلاك هذه الأمور، ألا يصبح من السهل على الشخص أن يسعى إلى الحق؟ وإذا لم يمتلك شخص ما أيًا منها، فإن الحديث عن السعي إلى الحق هو مجرد كلام فارغ؛ كيف يمكنه أن يفعل ذلك دون أن يكون في قلبه أمور إيجابية؟ لن يتجذر الحق ويزدهر ويثمر في داخلك حتى تتحلى إنسانيتك الطبيعية بهذه الأمور؛ لن ينتج تأثيرًا حتى ذلك الحين. وعندما تفهم الحق، ستتمكن من تغيير تفكيرك وكبح جماح سلوكك، وسوف تقل أفكارك الفاسدة أكثر فأكثر. هذا تغيير حقيقي.
كم من مظاهر الإنسانية الطبيعية التي ناقشناها اليوم تمتلكونها؟ وكم ينقصكم منها؟ ماذا تملكون؟ (شعور بالخجل). الشعور بالخجل؛ هذا شعور جيد. إن الشعور بالخجل هو أقل ما يجب عليك أن تتحلى به. وماذا أيضًا؟ هل لديكم جميعًا عقلية وموقف يتمتعان بالوعي والدقة فيما يتعلق بالأشخاص، والأحداث، والأشياء؟ أرى أنكم مهملون في كل ما تفعلونه، ومجرد خاملين، ومتراخين، وعندما أرى هذه الأمور التي تفعلونها، يزداد القلق في قلبي. هل يمكنكم اكتشاف هذه المشكلات بأنفسكم؟ هل تشعرون بالقلق عندما تكتشفونها؟ (نعم). بأي طريقة؟ تحدث عن ذلك. (الآن وقد سمعت للتو شركة الله، أشعر بأنني لا أملك الكثير من الإنسانية، وأنني كنت أمتلك عقلية فظة تجاه واجبي وأحداث حياتي. أنا بعيد كل البعد عن المعايير التي يتطلبها الله. إنني أشعر بالخوف بعض الشيء). هناك الكثير مما ينقص في إنسانيتك، أليس كذلك؟ تشعر أنك آمنت بالله لسنوات، وسمعت العديد من الحقائق، ومع ذلك ليس لديك حتى أكثر الأشياء أساسية للإنسانية؛ كيف يمكن ألا تشعر بالقلق؟ يتمتع بعض الناس ببعض المهارة الفنية، لكن كل ما يفعلونه رديء. كل شيء دون المستوى، ولا يرقى إلى المستوى القياسي، إنهم لا ينظرون إلى ماهية الطرق المتقدمة والقياسية. أليس هذا تخلفًا منهم؟ على سبيل المثال، طُلب من أحدهم ذات مرة تركيب باب فقال: "في المكان الذي أتيت منه، معظم الأبواب التي لدينا هي أبواب ذات مصراع واحد". هذا المكان الصغير الذي ينتمي إليه لا يحدد المعيار. ينبغي أن ينظر إلى نمط الأبواب في المباني التجارية والسكنية في المدن الكبرى، ثم يقوم بعمله بناءً على واقع الحال. ولكنه هنا فتح فمه وقال: "نحن لا نصنع أبوابًا ذات مصراعين في موطننا، ولا يوجد الكثير من الناس هنا. لن يشكل الأمر معضلة إذا كان ثمة أشخاص هنا؛ يمكنهم فقط أن يتزاحموا". وقال شخص آخر: "إذا كان الناس يتزاحمون لفترة طويلة، فسيؤدي ذلك إلى كسر إطار الباب. دعنا نتحدث عن هذا الأمر. اجعله بابًا مزدوجًا هذه المرة، على سبيل الاستثناء، حسنًا؟" فقال: "كلا! أنا أصنع أبوابًا ذات مصراع واحد؛ لا يمكنني صنع أبواب ذات مصرعين. هل أنا من يعرف كيفية عملها، أم أنت؟ إنه أنا؛ فلماذا لا تستمعون إليّ في هذا الأمر؟ عليكم أن تنصتوا لي!" لقد قيل له أن يعمل وفقًا للموقف، لكنه لم يستمع وأصر على صنع باب صغير. أليست هذه مشكلة؟ وعندما طُلب منه تركيب حاجز زجاجي بين الداخل والخارج للسماح بدخول الضوء والحفاظ على المكان من أن يبدو صغيرًا، قال: "لماذا نركِّب زجاجًا؟ ستكون هذه مخاطرة أمنية، أليس كذلك؟ أنا لا أُركِّب زجاجًا، هذان البابان سوف يفيان بالغرض. هذا هو النوع الوحيد من الأبواب الذي نستخدمه في المكان الذي أتيت منه". إنه دائمًا ما يردد عبارات مثل: "من حيث أتيت"، "العودة إلى الوطن"، "لقد درست أمورًا فنية"، من أجل قمع الآخرين. هل هذه الأمور هي الحق؟ (كلا). ولكي يتبنى مثل هذا الموقف تجاه الأمور الخارجية، ما الذي يجب أن يكون ناقصًا في إنسانيته؟ العقلانية. وما نوع الشيء، على وجه التحديد، الذي يجب أن يكون ناقصًا في عقلانيته؟ البصيرة. إنه يشعر دائمًا أن كل شيء في المكان الذي أتى منه هو الصحيح، وأن كله أفضل، وكله الحق. أليست عقلانيته سيئة؟ كيف يجب أن تبدو العقلانية الطبيعية؟ بعقلانية طبيعية، كان سيقول: "أنا أعمل في هذه المهنة منذ سنوات عديدة، لكنني لم أرَ الكثير. هذه هي الطريقة التي نصنع بها الأبواب في المكان التي أتيت منه، لذلك دعونا نرى مدى كِبَر الأبواب هنا. سوف نتوافق مع ما يفعله الناس هنا. هذا مكان مختلف، وفي هذه المهمة، ينبغي أن أظل مرنًا". أليست هذه عقلانية؟ (بلى). هل يتمتع مثل هذا الشخص بهذه العقلانية إذًا؟ كلا؛ ليس لديه أي عقل. وكيف تم التعامل مع الأمر في نهاية المطاف؟ كان لا بد من إعادة العمل. أليست إعادة العمل خسارة؟ (بلى، هي كذلك). بلى، إنها كذلك. هل توجد أمثلة عديدة على مثل هذه الأمور؟ نعم. ذلك الشخص عنيد للغاية. ما مدى عناده؟ لم يستمع إلى ما قاله أحد؛ لم يستمع حتى إلى ما قلته أنا، كما أنه عارضني. قلت له: "عليك أن تغير ذلك. إذا لم تفعل، فهذه ليست الوظيفة المناسبة لك". وكانت لديه الجرأة ليرد قائلًا: "سأصنع بابًا بهذا الحجم حتى لو لم تكن بحاجة إليّ!" ما هذه الشخصية؟ هل هذه إنسانية طبيعية؟ (كلا). إنها ليست إنسانية طبيعية؛ أي إنسانية هي إذًا؟ كما أرى الأمر، إنه يشبه البهائم بعض الشيء. الأمر مشابه تمامًا لحالة وجود ثور يشعر بالعطش: فمهما كان عدد البضائع أو الأشخاص المحمولين في العربة، فما إن يرى بركة أو نهرًا، فسوف يسحب العربة مباشرة إلى هناك. لا يمكن لأي عدد من الأشخاص أن يسحبوه بعيدًا. ما نتحدث عنه هو حيوان. فهل يتمتع الناس أيضًا بهذا النوع من الشخصية؟ عندما يفعلون ذلك، فهذه ليست إنسانية طبيعية، وهذا أمر خطير. سوف يجدون عذرًا لرفضك، والتوقف عن الاستماع. إنهم عنيدون وحمقى للغاية. في مثل هذه الأمور في الحياة اليومية، إذا لم يكن لديك موقف القبول المتواضع، وتقبل آراء الآخرين، وإذا لم يكن لديك موقف دراسة، فكيف ستتمكن من قبول الحق؟ كيف ستتمكن من ممارسة الحق؟ يقول الجميع أنه سيكون من المناسب صنع باب ذي مصراعين. لا يمكنك حتى فعل ذلك، وهذا بعيد كل البعد عن ممارسة الحق؛ إنك لا تستمع حتى إلى اقتراح سليم. هل سيكون بوسعك الاستماع إلى شيء يمس الحق؟ لن تستمع، كما هو الحال دائمًا. لن ينجح الأمر مع شخص يمتلك مثل هذه الشخصية، وهذا يعني مشكلة كبيرة بالنسبة له. إذا كانت إنسانية المرء لا تتحلى بهذا النوع من العقل، فما هو الحق الذي يمكنه ممارسته؟ لمن يفعل هذه الأمور التي ينشغل بها كل يوم؟ إنه يفعلها بالكامل وفقًا لميوله الخاصة، ورغباته الأنانية. كل يوم، لديه هذا النوع من الرأي تجاه الأشخاص، والأحداث، والأشياء التي تحيط به في الحياة اليومية: "سأفعل ما أريد، وسأفعل ما أفكر فيه، وسأفعل ما أؤمن به". ماذا يسمى هذا؟ كل ما يفكر فيه طوال اليوم، هو الشر بعينه. وإذا كان شريرًا في قلبه، فماذا عن أفعاله؟ هل يوجد شيء مثل شخص أفكاره كلها شريرة، لكن أفعاله كلها لا تزال متوافقة مع الحق؟ هذا ليس صحيحًا؛ سيكون هذا تناقضًا. إن أفكاره كلها شريرة، ومن حيث الأصل هو شر تام، لذلك فإن ما يفعله على أقل تقدير لن يُتذكَّر. ومن الأمور التي لن تُتذكَّر، بعضها عراقيل واضطرابات، وبعضها مدمر، في حين أن البعض الآخر ليس سيئًا للغاية. لو كانت هذه الأمور تؤخذ على محمل الجد، لوجب إدانتها. هكذا تسير الأمور.
يوجد لدى بعض الأشخاص نوع من الرأي الخاطئ، والذي يجده البعض الآخر مثيرًا للاشمئزاز تمامًا. هؤلاء الناس لديهم بعض المواهب أو نقاط القوة، أو ربما حرفة، أو بعض الكفاءة، أو قدرة خاصة في مجال ما، وبعد أن آمنوا بالله، يعتقدون أنهم أشخاص متميزون. هل هذا الموقف صحيح؟ ما رأيك في هذا الرأي؟ هل هو شيء ينتمي إلى تفكير الإنسانية الطبيعية؟ كلا. ما نوع الفكرة إذًا؟ أليس هذا افتقار إلى العقل؟ (بلى، إنه كذلك). يقول الواحد منهم: "أنا أعلى من الأشخاص العاديين لأنني أعرف هذه الحرفة، وأنا أفضل من الشخص العادي في بيت الله. أنا رجل، أمتلك الحرفية والقدرة، وأنا متحدث جيد وموهوب. أنا أبدو بشكل مميز في بيت الله. أنا الأفضل. لا يمكن لأحد أن يعطيني أوامر، ولا أحد يستطيع أن يقودني، ولا يمكن لأحد أن يأمرني بفعل أي شيء. لدي هذه المهارة، لذا سأفعل ما أريد. ليس عليَّ أن أفكر في المبادئ؛ كل ما أفعله هو الصواب ويتماشى مع الحق". ما رأيك في هذا الرأي؟ ألا يوجد أشخاص مثل هذا؟ مثل هؤلاء الناس ليسوا أقلية، وهم يأتون إلى بيت الله للتباهي بأنفسهم. إذا كانوا يستخدمون قواهم أو مهاراتهم لأداء واجب في بيت الله فلا بأس بذلك، أما إذا كانوا يريدون التباهي بأنفسهم فهذه مشكلة ذات طبيعة أخرى. لماذا يُطلق على ذلك "التباهي بأنفسهم"؟ إنهم ينظرون إلى المؤمنين بالله على أنهم أغبياء، وكأنهم لا شيء. ألم يحدث خطأ ما في تفكيرهم؟ هل ثمة خطأ ما في عقلانيتهم؟ أهكذا تسير الأمور بالفعل؟ هل الأشخاص الذين يؤمنون بالله لا قيمة لهم حقًا؟ (كلا). لماذا إذًا ينظر إليهم هؤلاء الناس على هذا النحو؟ لماذا قد يكون لديهم مثل هذا التفكير؟ ما الذي يؤدي إلى مثل هذا التفكير؟ هل يتعلمونه من غير المؤمنين؟ إنهم يعتقدون أن الأشخاص الذين يؤمنون بالله ليسوا شيئًا، وأنهم جميعًا ربات بيوت، وأرباب منازل، وأنهم جميعًا فلاحون، وأنهم من الطبقات الدنيا من المجتمع. رأيهم هو رأي التنين العظيم الأحمر. إنهم يعتقدون أن الأشخاص الذين يؤمنون بالله عاجزون، وأنهم لم يستطيعوا شق طريقهم في المجتمع، وأنهم لم يأتوا للإيمان بالله إلا لأنه لم يكن ثمة طريق لهم في الخارج، ولا مكان آخر يلجأون إليه. إنهم يظنون أن امتلاكهم لبعض القدرات، أو معرفتهم ببعض المهن، أو امتلاكهم لبعض المعرفة الفنية، يجعلهم أشخاصًا موهوبين في بيت الله. هل هذا التفكير صحيح؟ (كلا). ما الخطأ في ذلك؟ إنهم يعتقدون أنه لا يوجد أشخاص أكفاء في بيت الله، وبفضل درايتهم المهنية، فإنهم يودون أن يمارسوا السلطة ويكون لهم القول الفصل في الأمور. هل يوجد مثل هؤلاء الأشخاص؟ هل يوجد أشخاص مثل هؤلاء بجانبكم، أو بين من تألفونهم أو تعرفونهم؟ ثمة عدد من الأشخاص المهرة في مجال معين، وعندما تجعلهم يتصرفون كقادة فرق أو مشرفين، فإنهم يشعرون وكأنهم حصلوا على منصب رسمي. إنهم يشعرون أن لهم القول الفصل في بيت الله، وأنه لا أحد غيرهم يرعى مصالح بيت الله مثلهم أو يحمي مصالحه أكثر منهم، وأنه لا أحد مخلص مثلهم. إنهم يريدون الإدارة والمشاركة في كل شيء، لكنهم لا يحسنون إدارة أي شيء، ولا يطلبون مبادئ الحق. إنهم لا يستمعون حتى إلى ما أقوله. هل يوجد مثل هؤلاء الأشخاص؟ (نعم). يوجد مثل هؤلاء الأشخاص. تحت راية مهارة معينة يتمتعون بها، يرغبون في إدارة الجميع وشغل المناصب. على سبيل المثال، عندما يفعل بعض الإخوة والأخوات شيئًا لا يروق لهم، سيقولون: "يجب علينا تولي أمر هؤلاء الأشخاص؛ إنهم بذيئون!" عندما يواجه المؤمنون بالله مشكلة، ينبغي عقد شركة عن الحق معهم. هذا ليس معسكرًا للجيش يجب ممارسة السيطرة العسكرية فيه. بالنسبة للأمور المتعلقة بالكنيسة، لا يمكن حل المشكلات إلا من خلال عقد شركة عن كلام الله وجعل الناس يفهمون الحق. أولئك الذين لا يقبلون الحق ويتصرفون بتعسف وبتقلب يمكن تهذيبهم؛ فقط أولئك الذين يصرون على عدم قبول الحق هم الذين يمكن تأديبهم. ثمة بعض الأشخاص الذين لعبوا دور المشرفين أو القادة وعاملين والذين من الواضح أنهم لا يملكون واقع الحق، ولكنهم يرغبون دائمًا في ممارسة السلطة وأن يكون لهم القول الفصل في بيت الله. هل يتحلى هؤلاء الأشخاص بالضمير والعقل؟ إنهم لا يعرفون سوى القليل من حيل المهنة، ولا يفهمون الحق على الإطلاق. إنهم يحسبون أنفسهم نافعين وقادرين، ويعتقدون أنهم أفضل من الشخص العادي في بيت الله، ويرغبون في أن يفعلوا ما يريدون في الكنيسة من موقع السلطة؛ ليكون لهم القول الفصل الوحيد. إنهم لا يسعون إلى مبادئ الحق ولكنهم يتصرفون وفقًا لما يرغبون فيه، ووفقًا لميولهم. ما المشكلة هنا؟ أليست هذه هي شخصية أحد أضداد المسيح؟ هل يتمتع أمثال هؤلاء الأشخاص بعقل الإنسانية الطبيعية؟ إنهم لا يتمتعون بِذرَّة منه. سوف نختتم شركتنا عن الإنسانية الطبيعية هنا.
تشريح كيف أنَّ أضداد المسيح يجعلون الآخرين يخضعون لهم وحدهم، ولا يخضعون للحقَّ ولا لله
ثالثًا: تشريح منع أضداد المسيح الآخرين من التدخل في عملهم، أو الاستفسار عنه، أو الإشراف عليهم
استكمالًا لموضوع شركتنا الأخيرة، هذا هو البند الثامن بين الطرق العديدة التي يُظهرها أضداد المسيح: يجعلون الآخرين يخضعون لهم وحدهم، ولا يخضعون للحق ولا لله. لقد قسمنا هذا البند إلى أربعة أقسام فرعية. ناقشنا قسمين منها في اجتماعنا الأخير: كان الأول عن عدم قدرة أضداد المسيح على التعاون مع أي شخص؛ وكان الثاني هو أن لدى أضداد المسيح دائمًا الرغبة والطموح للسيطرة على الناس وإخضاعهم. فما هو القسم الثالث؟ منع أضداد المسيح الآخرين من التدخل في أي عمل يقومون به، أو الاستفسار عنه، أو الإشراف عليهم. ما الذي قد يتضمنه أي عمل قاموا به؟ يشمل ذلك أي برنامج عمل قد يكون القائد أو العامل مسؤولًا عنه، وكذلك العمل الذي قد يكون مشرف فريق أو قائد فريق مسؤولًا عنه؛ وقد يكون أيضًا عملًا مهنيًا في مجال ما، أو عملًا فرديًا. قد يكون هذا الشخص الذي تولى أي عمل قائدًا أو عاملًا، أو قد يكون أخًا عاديًا أو أختًا عادية. إذا منعوا الآخرين من التدخل، أو الاستفسار، أو الإشراف عليهم، فما هي الحالة التي هم عليها؟ ما السلوكيات المرتبطة بهذا المنع؟ هذا سلوك آخر يقع ضمن المظهر الثامن لأضداد المسيح، وهو كشف آخر عن جوهرهم. في كل نوع من الواجبات، توجد أعمال مهنية، وأخرى تتعلق مباشرة بالدخول في الحياة. يتضمن العمل المهني جميع جوانب الأمور، مثل التقنية، والمعرفة، والتعلم، والتوظيف. كل هذه الأشياء متضمنة فيه. يبدأ بعض الأشخاص – بعد أن يتولوا عملًا ما – بالعمل عليه بأنفسهم. إنهم لا يناقشون الأمر مع الآخرين، وعندما يواجهون صعوبات، لا يريدون أن يطلبوا آراء الآخرين؛ إنهم يريدون فقط أن يكونوا الحكام الوحيدين وأن يكون لهم القول الفصل. قد يعرض أشخاص آخرون أفكارهم وإسهاماتهم على أمل مساعدتهم بعض الشيء؛ ولكن هل يقبلون ذلك؟ (كلا). كلا، لا يمكنهم ذلك. ما نوع هذه الشخصية؟ ما الشخصية التي تحكمهم حتى يمنعوا الآخرين من التدخل، أو الاستفسار، أو الإشراف على أدائهم لواجبهم؟ إنهم يفكرون: "أنا أعرف عن هذا المجال من العمل، وأعرف نظريته. لقد كلفتني الكنيسة بهذا العمل. لذا، سأقوم به بمفردي". وغالبًا ما يدّعون أنهم يفهمون المهنة وأنهم من المطلعين على بواطن الأمور لتبرير رفضهم الإفصاح للآخرين عن أي معلومات متعلقة بالعمل أو عن سير العمل. بل إنهم لا يرغبون حتى في إخبار الآخرين بالأخطاء، أو الهفوات، أو الحوادث المؤسفة التي قد تحدث في العمل. وما إن يعلم شخص آخر بهذا الأمر ويرغب في الاستفسار أو التدخل، أو معرفة المزيد، يرفضون الإجابة، ويقولون: "الأشياء التي تقع في نطاق عملي هي من اختصاصي. ليس لك الحق في الاستفسار. لم تُكلّفك الكنيسة بهذا؛ بل كلّفتني أنا، وعليَّ أن أحافظ على السرية". هل ذلك مبرر معقول؟ هل من الصواب أن "يحافظوا على السرية"؟ (كلا). لمَ لا؟ هل يشكل ذلك خرقًا لسرية المعلومات أن يعقدوا شركة مع الآخرين عن حالة العمل والأخطاء والمشكلات التي ظهرت فيه وخطته واتجاهه؟ (كلا). كلا، إلا في بعض التفاصيل الخاصة التي قد تشكل خطرًا على سلامة الكنيسة إذا ما خرجت للعلن، وسيكون من غير المناسب إخبار الآخرين بها. في مثل هذه الحالات، لا بأس بعدم قولها. ولكن إذا كانوا يستخدمون ثقتهم على أنها مبرر، ويمتنعون عن إطلاع الآخرين على أي شيء يدخل في نطاق عملهم، ويقاومون ويرفضون الاستفسارات، أو الأسئلة، أو الطلبات من الإخوة والأخوات العاديين والقادة والعاملين على حد سواء، فما المشكلة في ذلك إذن؟ قد يرغبون في القيام بشيء ما بطريقة معينة، على سبيل المثال. فيقول لهم شخص آخر: "إذا فعلتم ذلك بهذه الطريقة، ستتسببون في خسارة لمصالح بيت الله، وستنحرفون عن جادة الطريق. ماذا لو فعلنا ذلك بهذه الطريقة بدلًا من ذلك؟" فيفكرون في أنفسهم قائلين: "إذا فعلت ذلك كما تقول، فسوف يتضح للآخرين أن طريقتي ليست جيدة، أليس كذلك؟ وحينها سيعود الفضل في العمل إليك، أليس كذلك؟ هذا لن يُجدي نفعًا؛ أُفضل أن أنحرف عن جادة الطريق على أن أُوافق على طريقتك. يجب أن أتمسك بطريقتي. لا أكترث إن كان في ذلك خسارة لمصالح بيت الله؛ ما يهم هو سمعتي ومكانتي؛ ما يهم هو هيبتي!" حتى لو كان ما يفعلونه خاطئًا، فإنهم سيزيدون من فداحة خطأهم، ولن يسمحوا لأحد بالتدخل. أليست هذه شخصية ضِدَ المسيح؟ (بلى، هي كذلك). ما هو جوهر عدم السماح للآخرين بالتدخل؟ إنه انخراط المرء في مشروعه الخاص. إن مصالح بيت الله ليست هي ما يهمهم، وعمله ليس محور تركيزهم. إنهم لا يعملون وفقًا لهذا المبدأ. وبدلًا من ذلك، يعملون وهم يركزون على مصالحهم الشخصية ومكانتهم وهيبتهم، ويجب أن يكون عمل بيت الله ومصالحه في خدمة مكانتهم ومصالحهم الخاصة. لهذا السبب لا يسمحون للآخرين بالتدخل في عملهم، أو الاستفسار عنه. إنهم يعتقدون أنه حالما يتدخل أي شخص في عملهم فإن مكانتهم ومصالحهم سوف تصبح مهددة، وأن ونقائصهم وانحرافاتهم، وكذلك المشكلات والانحرافات في عملهم ستكون عرضة للانكشاف. لذا فإنهم عازمون بكل قوة على منع الآخرين من التدخل في عملهم، ولا يقبلون تعاون أو إشراف أي شخص آخر.
أيًا كان العمل الذي ينخرط فيه أضداد المسيح، فإنهم يخشون من أن يعرف الأعلى المزيد عنه ويقدم استفساراته. إذا استفسر الأعلى عن حالة العمل أو التوظيف، فسيكتفون بسردٍ لا مبالٍ لبعض التفاصيل التافه – بعض الأمور التي يعتقدون أنه لا بأس من أن يعرفها الأعلى، والتي لن تترتب على معرفتها أي عواقب. وإذا ألحّ عليهم الأعلى في الاستفسار عن بقية الأمور، فسيعتقدون أنه يتدخل في واجبهم وفي "شؤونهم الداخلية". لن يقولوا له المزيد، بل سيتظاهرون بالجهل، وسيخدعونه ويُخفون الأمور. أليسوا يرفضون إشراف بيت الله؟ (بلى، يرفضون). وماذا سيفعلون إذا اكتشف أحد مشكلة لديهم وأراد أن يفضحهم ويبلغ عنها إلى الأعلى؟ سوف يمنعون ذلك، ويعترضونه؛ بل إنهم سيقومون بالتهديدات: "إذا قلت هذا، وتسبب في تهذيبنا من قِبل الأعلى، فسيقع اللوم عليك. إذا كان ثمة من سيُهذَّب، فسيكون أنت!". ألا يحاولون تأسيس مملكة مستقلة؟ (بلى، يحاولون). لن يسمحوا حتى للأعلى بالاستفسار، وليس لأحد الحق في معرفة الأشياء التي تقع ضمن نطاق عملهم أو أن يسألهم عن تلك الأمور، فضلًا عن تقديم التوصيات. إذا وضعوا أيديهم على برنامج عمل، فإنهم وحدهم من يملكون القول الفصل في الأمور التي تقع ضمن نطاق ذلك العمل؛ وهم وحدهم من يستطيعون الحكم؛ وهم وحدهم من يستطيعون التصرف والتحدث كما يحلو لهم، وكيفما تصرفوا، فإن لديهم مبررًا لذلك. ما الإجراء الذي يتخذونه بعد أن يقدم أحدهم بعض الاستفسارات؟ اللامبالاة والإخفاء. وماذا أيضًا؟ (الخداع). هذا صحيح: الخداع؛ حتى إنهم سيقدمون لك واجهة زائفة. في بعض الكنائس، على سبيل المثال، قد يكون من الواضح أنَّ قائدًا أو شماس إنجيل ربح ثلاثة أشخاص فحسب في الكنيسة التي هو مسؤول عنها خلال شهر، وهو عدد أقل بكثير من الكنائس الأخرى. يشعر بأنه لا توجد طريقة لتبرير ذلك أمام الأعلى؛ فماذا يفعل؟ عندما يقدم تقريرًا عن عمله، يضيف صفرًا بعد رقم ثلاثة، ويقول إنه ربح ثلاثين شخصًا. يعلم شخص آخر بذلك ويسأله: "أليس هذا خداعًا؟" فيقول: "خداع؟ لماذا؛ سيكون الأمر على ما يرام عندما نربح ثلاثين شخصًا الشهر المقبل لتعويض ذلك، أليس كذلك؟". إن لديه مبررًا لهذا. وإذا أخذ شخص آخر الأمر على محمل الجد ورغب في إبلاغ الأعلى بالحقائق، فإنه يعتقد أن هذا الشخص يخلق له المتاعب، وأنه يكيد له. لذلك، سيقمعه ويتعامل معه؛ سيخلق لهذا الشخص المتاعب. أليس بهذا يعذب الناس؟ ألا يفعل الشر؟ إنه لا يطلب مبادئ الحق في عمله أبدًا، فما هدفه من العمل؟ الهدف هو تأمين مكانته ومصدر رزقه. وأيًا كان ما يفعله من أمور سيئة، فإنه لا يُخبر الناس عن نيته ودوافعه وراء ما يفعله. لا بد أن يحافظ على سرية هذه الأشياء بشكل صارم؛ تلك الأشياء معلومات سرية بالنسبة له. ما الموضوع الأكثر حساسية بالنسبة لمثل هؤلاء الأشخاص؟ إنه عندما تسألهم: "ماذا كنت تفعل مؤخرًا؟ هل أسفر أداؤك لواجبك عن أي نتائج؟ هل كان ثمة عراقيل أو اضطرابات في المنطقة التي يغطيها عملك؟ كيف تعاملت معها؟ هل أنت حيثما ينبغي أن تكون في عملك؟ هل كنت تقوم واجبك بإخلاص؟ هل ألحقت قرارات العمل التي اتخذتها، خسائر بمصالح بيت الله؟ هل أُعفيَ القادة الذين لا يلبون المعايير؟ هل الأشخاص ذوي مستوى القدرات الجيد، الذين يسعون إلى الحق نسبيًا، قد جرت ترقيتهم وتنميتهم؟ هل قمعت الأشخاص الذين كانوا غير منصاعين لك؟ ما المعرفة التي لديك عن شخصيتك الفاسدة؟ أي نوع من الأشخاص أنت؟" هذه هي المواضيع الأكثر حساسية بالنسبة لهم. إن طرح هذه الأسئلة عليهم هو أكثر ما يخشاه هؤلاء الأشخاص، لذلك، بدلًا من أن ينتظروا أن تطرحها أنت عليهم، سوف يسارعون إلى إيجاد موضوع آخر للتغطية عليها. إنهم يرغبون في تضليلك بكل الوسائل، ومنعك من معرفة حقيقة الوضع كما هو عليه. إنهم دائمًا ما يُخفون الأمور عنك، ويمنعونك من معرفة مدى تقدمهم في عملهم. لا يوجد أي قدر من الشفافية لديهم. فهل مثل هؤلاء الأشخاص لديهم إيمان حقيقي بالله؟ هل لديهم تقوى لله؟ كلا. إنهم لا يبادرون أبدًا بالإبلاغ عن العمل، ولا يبادرون بالإبلاغ عن الحوادث المؤسفة في عملهم؛ ولا يسألون أبدًا، أو يطلبون، أو يصارحون بالتحديات والارتباك الذي واجهوه في عملهم، بل يذهبون إلى حد إخفاء تلك الأمور، فيحتالون على الآخرين ويخدعونهم. لا توجد شفافية على الإطلاق في عملهم؛ فقط عندما يُلحّ عليهم الأعلى لتقديم تقرير واقعي وتفسير، سيقولون القليل على مضض. إنهم يفضلون الموت على التحدث عن أي قضايا تمس سمعتهم ومكانتهم؛ إنهم يفضلون الموت قبل أن يقولوا كلمة واحدة عن ذلك. وبدلًا من ذلك، يتظاهرون بعدم الفهم. أليست هذه شخصية ضِدَ المسيح؟ أي نوع من الأشخاص هذا؟ هل يمكن علاج هذا النوع من المشكلات بسهولة؟ إذا أعطاهم الأعلى توجيه في عملهم، فما هو موقفهم تجاه ذلك؟ موقف اللامبالاة. يبدو أنهم يتقبلون، بل إنهم يخرجون دفتر الملاحظات أو جهاز الكمبيوتر ليدونوا الملاحظات بهمة؛ لكن بعد أن يفعلوا ذلك، هل سيكونون قد فهموا التوجيهات ويباشرون العمل؟ (كلا). إنهم يتظاهرون أمامك، إذ يقدمون استعراضًا من أجل تضليلك. لكن ما الذي يفكرون فيه حقًا؟ إنهم يفكرون: "بما أن هذا العمل قد أُسند إليَّ، فما أقوله هو ما سيتم تنفيذه. لا يمكن لأحد التدخل فيما أريد أن أفعله. "مسؤول المقاطعة أقل قدرة على تكليف الأفراد من المسؤول المحلي"، لذا فإنني أملك هذا الحق. إذا لم يكن الأمر كذلك، فلا تدعني أتولى الأمر. افصلني من العمل". هذا ما يفكرون فيه، وهكذا يتصرفون. ما هذه الشخصية؟ أليست هذه شخصية ضِدَ المسيح؟ (بلى، إنها كذلك). هذا يعني ظهور المتاعب. لا يُسمح لك بالتدخل أو الاستفسار، ولا حتى التحقيق وطرح الأسئلة. إنهم حساسون للغاية تجاه هذا الأمر. إنهم يفكرون: "هل هذا الأعلى يحاول معرفة مشكلاتي ومراقبة عملي؟ من أفشى السر؟". في حالة من الذعر، يبذلون جهدًا متضافرًا لمعرفة من الذي تسبب في تعريضهم للخطر. وفي نهاية المطاف، تنحصر شكوكهم في شخصين، ويطردوهما. ما هذه المشكلة؟ إنها شخصية ضِدَ المسيح.
ما هي السمة المميزة لشخصية ضِدَ المسيح؟ التشبث بالمكانة والسيطرة على الآخرين. إنهم يكتسبون المكانة للسيطرة على الآخرين. فما داموا يتمتعون بمكانة، فسوف يُخضعون الناس لسيطرتهم بشكل شرعي. لماذا أقول إنهم سيفعلون ذلك بشكل شرعي؟ لأن وظيفتهم قد أُسندت إليهم من قِبل بيت الله؛ وقد اختارهم الإخوة والأخوات للقيام بها. ألن يشعروا بذلك إذًا أنه مشروع لهم أن يقوموا بها؟ (بلى). لذا فإن هذا يفيدهم باعتباره شيئًا يمكن الاستفادة منه، وهم يفكرون: "لقد اخترتموني، أليس كذلك؟ فإذا اخترتموني، فعليكم أن تثقوا بي. ثمة قول لدى غير المؤمنين يرد فيه: "إذا استعنت برجل، فلا تشك فيه، وإذا شككت فيه، فلا تستعن به". هنا، هم حتى يستخدمون مقولة شيطانية. هل هذا القول صحيح؟ (كلا). إنها هرطقة شيطانية ومغالطة. إذا استفسرت عن عملهم، فسوف يخرجون بنظرية كهذه: "إذا استعنت برجل، فلا تشك فيه، وإذا شككت فيه، فلا تستعن به". إذا استخدمتني، فلا يمكنك الشك بي. إذا لم تكن تعرف أي نوع من الأشخاص أنا، وإذا لم تستطع إدراك حقيقتي، فلا تستخدمني. لكنك تستخدمني، ونظرًا لذلك، يجب أن أكون راسخًا في هذا المنصب. ما أقوله يجب أن يُنفذ". ما يقولونه يجب أن يُنفذ في جميع شؤون العمل؛ لن يُجدي نفعًا منعهم من ذلك، أو إيجاد شريك لهم، أو وجود آخرين يشرفون عليهم ويرشدونهم. لو أتى شخص ما للتحقق من عملهم، فإنهم يرفضون ببساطة؛ إنهم يشعرون أنهم لم يرتكبوا أي خطأ ولا يحتاجون إلى أن يتحقق من عملهم أحد. وبموجب حقهم، يستغلون مكانتهم وسلطتهم للسيطرة على الآخرين، وعلى موقع العمل، وعلى عمل الكنيسة. ألا يؤسسون مملكة مستقلة؟ أليسوا من أضداد المسيح؟ قد يكلفهم بيت الله بالقيام بهذا العمل وتأدية هذا الواجب، لكنه لن يجعلهم يمارسون السلطة كمستبدين. ألم يسئ مثل هذا الشخص فهم مقصد الله وترتيبات بيته؟ لماذا يحاولون دائمًا الحصول على المكانة والسلطة بدلًا من أن يقوموا بواجبهم على أكمل وجه؟ (إنهم محكومون بشخصية ضِدَ المسيح). هذا صحيح؛ تلك هي شخصية ضِدَ المسيح. لماذا يُسيئون فهم الأمر عندما تُرتّب الكنيسة عملًا لهم؟ لأنهم غريزيًا يُحبون السيطرة على الناس. هذا هو جوهر طبيعتهم؛ هذا ما هم عليه. رتب لهم عملًا، وسوف يشعرون أنهم الآن يتمتعون بالسلطة والمكانة، وبالتالي لديهم سيطرة في نطاقهم. إذا كنت في نطاقهم، فعليك أن تفعل ما يقولونه. على سبيل المثال، رتّب بيت الله لقائد ذات مرةٍ أن يُراجع عمل أحد أضداد المسيح. كان ذلك القائد وضِدَ المسيح كلاهما قائد كنيسة؛ كانا على الرتبة نفسها. قال ضِدَ المسيح: "أنت قائد كنيسة، وأنا قائد كنيسة. نحن على الرتبة نفسها. لا تتدخل معي، وأنا لن أتدخل معك. لا تعقد شركة معي؛ أنت لست في وضع يسمح لك بذلك! تريد أن تسأل عن كيفية سير الأمور في كنيستنا؛ هل أمرك الأعلى بذلك؟ أرني الدليل". قال القائد: "لقد طلب مني الأعلى للتو أن أنقل رسالة. اذهب واسأل إذا كنت لا تصدقني". قال ضِدَ المسيح: "إذًا، ما الذي يعطيك الحق في أن تعقد شركة معي وتوجه الاتهامات لي؟ ما الذي يعطيك الحق في الاستفسار عن أمور تندرج ضمن نطاق عملي؟ لا يحق لك ذلك!". هل تتفق هذه الكلمات مع الحق؟ (كلا). ما هذا التصرف؟ هو تصرفٌ لا يفعله إلا ضِد للمسيح. ثمة قول شائع بين غير المؤمنين: "القوة تصنع الحق". إنهم يتنافسون لمعرفة أيهم أعلى رتبة، وأيهم أكثر قوة، وأيهم أكثر كفاءة. يتنافسون لمعرفة من المسؤول عن عددٍ أكبر من الأشخاص. وفي بيت الله، يتنافس أضداد المسيح مع غيرهم لرؤية هذه الأمور نفسها. ألم يأتوا إلى المكان الخطأ؟ هل الشخص الذي يمتلك شخصية فاسدة، ولكنه ليس من أضداد المسيح، سيفكر عادةً بهذه الطريقة عندما يقابل قائد كنيسة من رتبته نفسها؟ سوف يكشف شيئًا ما، لكنه سيكون قادرًا على عقد الشركة مع قائد الكنيسة بشكل طبيعي. لن يقول على الإطلاق: "هل أنت في منصب يسمح لك بالاستفسار عن عملي؟" لن يقول ذلك، لأنه يتمتع بعقلٍ سليم، ولديه قلبٌ يتقي الله. كيف سيتصرف شخص ذو عقل طبيعي؟ سوف يفكر: "أن نُكلَّف بقيادة الكنيسة؛ هذا يعني أن الله يرفع درجتنا؛ هذه إرساليته، وهي واجبنا. لو لم يُكلّفنا الله بذلك، لما كنا شيئًا. إنه ليس نوعًا من التعيين الرسمي. يمكنني أن أعقد شركة معك حول عمل الكنيسة، وكيف تسير الأمور مع الإخوة والأخوات، واختبار عملي". هل سيعقد ضِدَ المسيح شركة مع الآخرين عن هذه الأمور؟ كلا؛ لن يكشفوا عنها بالتأكيد. ولهذا السبب فإن إحدى سمات أضداد المسيح هي الرغبة في الحصول على المكانة والسلطة التي تفوق تلك التي يتمتع بها الأشخاص العاديون، ولهذا السبب أيضًا، فإنهم أكثر مكرًا ومراوغة من الأشخاص العاديين. أين يتجلى مكرهم ومراوغتهم؟ (إنهم لا يقولون لك أي شيء. لا يخبرونك بأي شيء مباشرة). إنهم يشعرون أن كل أمر هو سر، لا ينبغي لهم البوح به للآخرين. في كل أمر، هم حذرون من الآخرين؛ يحتفظون بكل شيء مستترًا، ومغطى، ومخفيًا. فهل يُمكنهم إذًا التفاعل والتواصل بشكل طبيعي في تعاملاتهم مع الآخرين؟ هل يمكنهم قول أي شيء من القلب؟ كلا. إنهم فقط يقدمون بعض العبارات السطحية المبتذلة والكلمات اللطيفة، ليمنعوك من فهم الوضع المخفي. وبعد أن تخالطهم لفترة من الوقت، سوف تشعر بشيء من قبيل: "من حيث المظهر، هذا الشخص لا يبدو شريرًا، ولكن لماذا أشعر دائمًا أن قلبه بعيد كل البعد عن الآخرين؟ لماذا يكون التواصل معه دائمًا مربكًا للغاية؟ دائمًا ما ينتابني شعور بأنه لا يمكن فهمه". هل يكون لديكم هذا الشعور؟ (نعم). تلك هي شخصية ضِدَ المسيح: إنه حذر من الجميع. ولماذا يكونون حذرين؟ لأنهم يرون أن أي شخص قد يشكل تهديدًا لمكانتهم. إذا لم يتوخوا الحذر، وإذا تخلوا عن حَيْطَتِهم، فقد يسمحون للآخرين بمعرفة ما يجري بداخلهم حقًا، ذاتهم الحقيقية؛ عندها ستصبح مكانتهم عرضة للخطر. فإذا جاءهم من يسألهم عن حال عملهم وواجبهم، أو يستفسر عن حالتهم الشخصية، سوف يُخفون ما يستطيعون ويُغطّون ما يستطيعون. أما ما لا يستطيعون تغطيته، فسيجدون طريقةً للتخفيف منه، أو سيُخفون أنفسهم عنك. بعض أضداد المسيح لديهم شخصية غريبة: فعلى الرغم من أنهم يعيشون بين الآخرين، فلن تراهم يتفاعلون بشكل طبيعي مع أي شخص، وليس لديهم أي تواصل طبيعي مع الآخرين. إنهم ينطوون على أنفسهم كل يوم، فيظهرون في وقت تناول الطعام ويختفون مرة أخرى بعد ذلك. إنهم دائمًا ما يختفون. لماذا لا يتفاعلون مع الآخرين؟ إنهم يقولون أي شيء لعائلاتهم، فلماذا لا يكون لديهم ما يقولونه للإخوة والأخوات؟ لدى غير المؤمنين مقولة: "من يتكلم كثيرًا سيخطئ كثيرًا لا محالة". مثل هؤلاء الأشخاص ملتزمون بهذا المبدأ؛ إنهم لا يسمحون لأنفسهم بالتحدث بعفوية، لأنه يمكن لشيء ما يقولونه أن يفضح أمرهم، ويكشف نقطة ضعف لديهم. لا يمكن معرفة أي كلمة قد تجعل الآخرين يزدرونهم، وتجعل الآخرين يعرفون حقيقة ما يحدث بداخلهم، لذا فإنهم يبذلون قصارى جهدهم لتجنب الآخرين. فهل هذا التهرب غير مقصود، أم أن ثمة شيء ما يتحكم به؟ ثمة شيء ما يتحكم به. هل هذا الشيء عادل وشريف، أم أنه مُريب؟ (إنه مُريب). بالطبع، إنه مُريب. ليست هذه هي الطريقة الوحيدة التي يتصرف بها أضداد المسيح؛ ففي معظم الأحيان، لا يتواصلون أو يتفاعلون بشكل طبيعي مع الآخرين؛ لكنهم في بعض الأحيان، يكونون فصيحين جدًا وقادرين على الكلام، ولكن عن ماذا يتحدثون؟ ما محتواهم؟ إنهم يعظون بالكلمات والتعاليم، ويتباهون بأنفسهم. يقولون إنهم قادرون على القيام بعمل حقيقي وحل مشكلات حقيقية، بينما في الواقع، ليس لديهم أي مهارات حقيقية. اسألهم عن نقائصهم، وما إذا كانوا متكبرين، وسيقولون لك: "مَن مِن بين البشر الفاسدين ليس متكبرًا؟" انظروا؛ حتى عجرفتهم لها أساسها. إنها تشمل الجميع داخلها، وكأن عجرفتهم كانت أمرًا صحيحًا تمامًا. إنهم لن يطلبوا الحق أبدًا، ويبدو أنهم لا يدركون وجود أي مشكلات أو صعوبات في العمل. ولن تتمكن من اكتشاف الوضع الحقيقي بسؤالهم. عندما لا يكون لديهم ما يفعلونه، سيجلسون صامتين، وعندما يتحدثون سيتحدثون عن مؤهلاتهم. إنهم لا يفتحون قلوبهم أبدًا؛ ولا يكشفون أبدًا عما بداخلهم من تمرد أو رغبات مفرطة، أو كيف يحاولون عقد صفقات مع الله، أو على من كذبوا، أو ما هي طموحاتهم من وراء القيام بالعمل. إنهم لا يثيرون هذه القضايا أبدًا، وعندما يثيرها الآخرون فإنهم لا يهتمون. حتى مع المسائل التي تتطرق إلى أمور تدخل في نطاق عملهم، سيتحدثون قليلًا وعلى عجل. باختصار، أي شخص يتعامل معهم، مهما كانت مدة تعامله، سيواجه صعوبة بالغة إذا أراد معرفة المزيد عن أي شيء يدخل ضمن نطاق عملهم، سواء كان ذلك يتعلق بالعاملين، أو الممارسة المهنية، أو سير العمل. وأيًا كانت زاوية مقاربتك – سواء حاولت أن تدس سؤالك بشكل غير مباشر، أو تطرحه مباشرة، أو تطرحه على شخص قريب منهم – فلن تحصل على أي نتائج بسهولة. إنه أمر شاق للغاية. أليست تلك مراوغة؟ (بلى). لماذا يصعب للغاية الحصول على أي معلومات عن حقيقة الأمور منهم؟ لماذا يُصرّون على إبقاء الأمور طي الكتمان الشديد؟ ما هدفهم؟ إنهم يريدون أن يظلوا آمنين في مكانتهم ومصدر رزقهم. إنهم يعتقدون أنه: "لم يكن من السهل الوصول إلى هذه المكانة، والوصول إلى ما أنا عليه اليوم؛ ألن يمثل مشكلة بالنسبة لي إذا جعلت من نفسي أحمقًا بارتكاب خطأ في لحظة إهمال؟ علاوة على ذلك، إذا علم بيت الله بما فعلته من أمور سيئة، فمن يضمن أنهم سيتعاملون معي؟" مهما تحدثت عن الانفتاح، والصدق، والقيام بالواجب بإخلاص، هل سيصل إليهم هذا الكلام؟ كلا، لن يصل إليهم. بالنسبة لهم، ثمة معتقد واحد فحسب: الكلام غير المحسوب عاقبته وخيمة. إذا أخبرت الآخرين بكل شيء، فأنت غير كفء؛ لا تصلح لشيء! هذا هو معتقدهم. هكذا هي شخصية أضداد المسيح.
مهما كان العمل الذي يقوم به ضِدَ المسيح فإنه يمنع الآخرين من التدخل أو الاستفسار، فضلًا عن منع بيت الله من الإشراف عليه. ما هدف أضداد المسيح من فعل هذا؟ إنهم يهدفون بالأساس إلى السيطرة على شعب الله المختار، لضمان مكانتهم وسلطتهم، أي تأمين مصدر رزقهم. ذلك هو هدفهم الرئيسي. إذا كنتم قادة أو عاملين، فهل تخافون من أن يستفسر بيت الله عن عملكم ويشرف عليه؟ وهل تخشون أن يكتشف بيت الله زلاتٍ وانحرافات في عملكم فيهذبكم؟ هل تخشون أنه بعدَ أن يعرفَ الأعلى مستوى قدراتكم الحقيقي وقامتكم الحقيقية، فإنه سينظر إليكَم نظرةً مختلفةً ولن يضعكم في الاعتبار للترقية؟ إذا كانت لديك هذه المخاوف، فهذا يثبت أن دوافعك ليست من أجل عمل الكنيسة؛ أنت تعمل من أجل السمعة والمكانة، وهو ما يثبت أن لديك شخصية ضد المسيح. إذا كانت لديك شخصية ضِدَ المسيح، فأنتَ عُرضةٌ للسير في طريق أضداد المسيح، وارتكاب كل الشرور التي يرتكبها أضداد المسيح. إن لم يكن في قلبك خوف من إشراف بيت الله على عملك، وكنت قادرًا على تقديم إجابات حقيقية عن أسئلة واستفسارات الأعلى دون إخفاء أي شيء، وقول كل ما تعرفه، فبغض النظر عما إذا كان ما تقوله صائبًا أو خاطئًا، وبغض النظر عن الفساد الذي كشفته – حتى لو كشفت عن شخصية ضِدَ المسيح – فلن توصَّف قطعًا على أنك أحد أضداد المسيح. المهم هو ما إذا كنت قادرًا على معرفة شخصيتك كأحد أضداد المسيح، وما إذا كنت قادرًا على طلب الحق لحل هذه المشكلة. إذا كنت شخصًا يقبل الحق، فيمكن إصلاح شخصية ضِدَ المسيح الخاصة بك. وإذا كنت تعلم جيدًا أن لديك شخصية ضِدَ المسيح، ومع ذلك لا تطلب الحق لمعالجتها، وإذا كنت تحاول حتى إخفاء المشكلات التي تحدث أو الكذب بشأنها والتهرب من المسؤولية، وإذا كنت لا تقبل الحق عندما تخضع للتهذيب، فهذه مشكلة خطيرة، وأنت لا تختلف عن ضِدَ المسيح. لماذا لا تجرؤ على مواجهة الأمر مع علمك بأن لديك شخصيَّة ضدِّ المسيح؟ لماذا لا يمكنك التعامل مع الأمر بصراحةٍ والقول: "إذا كان الأعلى يستفسر عن عملي، فسوف أقول كلّ ما أعرفه، وحتَّى إذا انكشفت الأشياء السيئة التي فعلتها ولم يعد الأعلى يستخدمني ما إن يعرف ذلك وأفقد مكانتي، فسوف أظلّ أقول بوضوحٍ ما يجب أن أقوله؟" إن خوفك من إشراف بيت الله على عملك واستفساراته عنه يثبت أنك تُقدر مكانتك أكثر من الحقّ. أليست هذه هي شخصيَّة ضدِّ المسيح؟ فالاعتزاز بالمكانة فوق كلّ شيءٍ هو صفة شخصيَّة ضدّ المسيح. لماذا تُقدِّر المكانة إلى هذه الدرجة؟ ما الفوائد التي يمكنك جنيها من المكانة؟ إن جلبت عليك المكانة كارثة وصعوبات وإرباكًا وألمًا، فهل ستظلّ تُقدِّرها؟ (كلا). توجد فوائد كثيرة للغاية تأتي من امتلاك المكانة؛ أشياء مثل غيرة الآخرين، واحترامهم، وتقديرهم، وإطرائهم، بالإضافة إلى إعجابهم وتبجيلهم. ويوجد أيضًا الشعور بالتفوُّق والامتياز الذي تجلبه لك مكانتك، وهو ما يمنحك الفخر وإحساسًا بقيمة الذات. بالإضافة إلى ذلك، يمكنك أيضًا التمتُّع بأشياء لا يتمتَّع بها الآخرون؛ مثل فوائد المكانة والمعاملة الخاصَّة. هذه هي الأشياء التي لا تجرؤ حتَّى على التفكير فيها؛ وهي ما كنت تتوق إليه في أحلامك. هل تُقدر هذه الأشياء؟ إذا كانت المكانة جوفاء وبلا معنى حقيقيّ، وكان الدفاع عنها بلا هدف حقيقيّ، أليس من الحماقة أن تقدرها؟ إذا كان بإمكانك التخلِّي عن أشياء مثل اهتمامات الجسد ومتعه، فلن تعود الشهرة والربح والمكانة تقيدك. إذن، ما الذي ينبغي معالجته أولًا من أجل حلّ المشكلات المرتبطة بتقدير المكانة والسعي إليها؟ أوَّلًا، انظر إلى طبيعة مشكلة فعل الشرّ والانخراط في الخداع والكتمان والتستُّر، بالإضافة إلى رفض إشراف بيت الله واستفساراته وتحقيقه، من أجل الاستمتاع بفوائد المكانة. أليست هذه مقاومة شديدة ومعارضة لله؟ إذا تمكَّنت من رؤية طبيعة وعواقب اشتهاء فوائد المكانة، فسوف تُحلّ مشكلة السعي وراء المكانة. وإذا كنت لا تستطيع رؤية حقيقة جوهر اشتهاء فوائد المكانة، فلن تُحلّ هذه المشكلة أبدًا.
هل تتعاونون مع الآخرين للقيام بالعمل وتؤدون واجباتكم؟ هل تقبلون الإشراف؟ هل فعلتم أي شيء لمنع الآخرين من التدخل أو الاستفسار؟ إذا استفسر أحدهم، فهل تقاومه وتقول: "من تظن نفسك لتتدخل في عملي؟ أنا أعلى منك رتبة في المكانة، وكلامي هو ما يجب تنفيذه في نطاق عملي. لم يقدم الأعلى استفسارات، فما الذي يمنحك الحق في ذلك؟" أو تقول شيئًا من هذا القبيل؟ ما الشخصية الرئيسية لأضداد المسيح؟ شغل المكانة والتشبث بالسلطة؛ عدم فعل أي شيء يفيد عمل بيت الله، وأي شيء يأتي من باب مراعاة مصالح بيت الله، بل والسطحية، والخداع، والتظاهر بالتفاني. إنهم يبدون من الخارج مستغرقين تمامًا في مهامهم، لكن انظر إلى ما يفعلونه، أولًا: هم لا يُحرزون أي تقدم؛ ثانيًا: هم غير فعّالين؛ وثالثًا: لا يُحدثون تأثيرًا يُذكر؛ إنهم يُصبحون في فوضى عارمة. ثمة شيء واحد لا يتنازلون عنه، وهو استغلال الفرصة التي تُتيحها لهم وظائفهم للاستيلاء على السلطة وعدم التخلي عنها. إنهم بخير حال ما دام لديهم السلطة. مهما كان العمل الذي يقومون به، سواء كان له علاقة بالمهنة، أو بالشؤون الخارجية، أو بالمهارة الفنية، أو بجوانب أخرى، لا توجد شفافية بشكل عام. هل هذا النقص في الشفافية غير مقصود؟ كلا؛ ما هو غير مقصود ليس متعلقًا بطبيعة الشخصية، بل له علاقة بنقص مستوى القدرات وعدم معرفة كيفية القيام بالعمل. لماذا إذًا أقول إن هذه الشخصية هي شخصية ضِدَ المسيح؟ إنهم يتصرفون عن قصد. لديهم نية في داخلهم. إنهم يمنعونك عن معرفة هذه الأشياء عمدًا، ويختبئون عنك عمدًا، ويتجنبون رؤيتك. إنهم يقللون من حديثهم وتواصلهم معك، ويقللون من تفاعالاتهم معك. إنهم يقللون من كشفهم لهذه الأمور، حتى لا تلومهم وتستفسر منهم دائمًا، حتى لا تعرف الكثير عما يحدث حقًا، حتى لا تدرك حقيقتهم. أليس هذا مقصودًا؟ أليست هناك نية في ذلك؟ ما هي نيتهم وهدفهم؟ إنهم يرغبون في خداعك، والتلاعب بك؛ ويقدمون لك انطباعًا زائفًا ويمنعونك من معرفة حقيقة الأمور. بهذه الطريقة، يكونون قد ضمنوا مكانتهم، مما سيسعدهم. أليست هذه هي طبيعته؟ (بلى). إنها شخصية أضداد المسيح، أن يخدعوا عن قصد، ويضللوا، ويخفوا الأمور. كل هذا بوعي. أخبرني، ما هو برنامج العمل الذي يجعل الناس مشغولين للغاية بحيث لا يكون لديهم وقت للقاء الآخرين؟ لا شيء، أليس كذلك؟ لا يوجد برنامج عمل يُشغل المرء لدرجة أنه لا يجد وقتًا للأكل أو النوم، ولا للقاء الآخرين. لم تصل الأمور إلى هذا الحد من الانشغال بعد. يمكن تدبير وقت لتلك الأمور. فلماذا لا يجد هؤلاء الوقت؟ إنهم لا يريدون مقابلتك؛ ولا يريدون منك أن تستفسر عن عملهم. أليست هذه هي شخصية ضِدَ المسيح؟ (بلى، هي كذلك). أي نوع من الأشخاص هم؟ أليسوا عديمي الإيمان؟ إنهم كذلك؛ كل واحد من أضداد المسيح هو عديم الإيمان. لو لم يكونوا كذلك لما صادروا عمل بيت الله، أو سيطروا على أولئك الذين يتبعون الله تحت سلطتهم الخاصة. ما كانوا ليفعلوا أشياء من هذا القبيل. أول سلوك لعديمي الإيمان هو أنهم لا يملكون قلوبًا تتقي الله على الإطلاق. إنهم يتآمرون من أجل مصالحهم الخاصة، بحجة الإيمان بالله؛ إنهم جريئون ومتهورون، ولا يخافون الله على الإطلاق. إيمانهم بالله ليس إيمانًا حقيقيًا، بل مجرد شعار. ليس لديهم تقوى لله في قلوبهم على الإطلاق.
ما الموقف الذي يتبناه بعض الأشخاص حال سماعهم أن ثمة من ينوي التدخل في عملهم والإشراف عليه؟ "الإشراف لا بأس به. أنا أقبل الإشراف. ولا بأس بتقديم الاستفسارات أيضًا؛ ولكن إذا أشرفت عليَّ بالفعل، فلن يكون ثمة سبيل للمضي قدمًا في عملي. ستكون يداي مقيدتين. إذا كان لك القول الفصل دائمًا وجعلتني منفّذًا للأوامر، فلن أتمكن من العمل. "لا يمكن أن يكون هناك إلا قائد مهيمن واحد فقط". أليست هذه نظرية؟ إنها نظرية أضداد المسيح. ما الشخصية التي لدى من يقول ذلك؟ هل هي شخصية ضِد للمسيح؟ ماذا تعني عبارة: "لا يمكن أن يكون هناك إلا قائد مهيمن واحد فقط؟" إنهم لن يتحملوا حتى الاستفسارات التي يقدمها الأعلى. إذا لم يطرح الأعلى الاستفسارات، ألن تكون أفعالك حينئذٍ مخالفة للحق؟ هل ستفعل شيئًا خاطئًا بسبب الاستفسارات؟ هل سيعرقل الأعلى عملك؟ أخبرني، هل يعطي الأعلى توجيهات عن العمل، ويقدم استفسارات عنه، ويشرف عليه ليراه يتم بشكل أفضل أو أسوأ؟ (بشكل أفضل). حسنًا، لماذا لا يقبل بعض الناس هذه النتائج المحسنة؟ (إنهم محكومون بشخصية ضِدَ المسيح). هذا صحيح. إنها شخصية ضِدَ المسيح لديهم؛ إنهم لا يستطيعون مساعدة أنفسهم. إذا قدم شخص ما استفسارات عن العمل المسؤولون عنه، يزعجهم ذلك. إنهم يشعرون بأن مصالحهم ستؤول إلى غيرهم، وكذلك مكانتهم وسلطتهم. لذلك، يشعرون بالارتباك. إنهم يشعرون بأن خططهم وإجراءاتهم أصبحت في حالة من الفوضى. وهل سيفلح هذا الأمر معهم؟ إذا رقَّى الأعلى شخصًا ما، وجعل هذا الشخص يتعاون معهم، فإنهم يفكرون: "لم يكن لديَّ أي خطط لاستخدام هذا الشخص، ولكن الأعلى يصر على أنه جيد وقام بترقيته. لا أشعر بالرضا حيال ذلك. كيف سأعمل بالتعاون معه؟ إذا استخدمه الأعلى، فسوف أستقيل!" إنهم يقولون ذلك بالكلام، ولكن هل سيتمكنون بالفعل من التخلي عن مكانتهم؟ لن يفعلوا ذلك؛ ما يفعلونه هو أمر تصادمي. هل سيسمحون لأي شخص بالقيام بعمل يهدد مكانتهم، ولا يضعهم في دائرة الضوء، ويخرِّب وضعهم الحالي؟ كلا، لن يفعلوا ذلك. عندما يرقِّي الأعلى شخصًا ما أو يعفيه، على سبيل المثال، ماذا يفكرون؟ "يا لها من صفعة على الوجه! لم يأخذ رأيي حتى. بغض النظر عن كل شيء، ما زلت قائدًا؛ لماذا لا يقول أي شيء مسبقًا؟ لماذا، كما لو كنت غير مهم على الإطلاق!" من أنت على أي حال؟ هل هذه وظيفتك؟ أولًا، هذا ليس مجالك، وثانيًا، هؤلاء الأشخاص لا يتبعونك، فلماذا يجب أن تكون مهمًا بالنسبة لهم إلى هذه الدرجة؟ هل يتفق هذا مع الحق؟ أي حق؟ ثمة مبادئ لترقية الأعلى لشخص ما أو إعفائه. لماذا يقوم الأعلى بترقية شخص ما؟ بسبب احتياج العمل إليه. ولماذا يقوم الأعلى بإعفاء شخص ما؟ لأنه لم يعد مطلوبًا للعمل؛ لا يمكنه القيام بالعمل. إذا لم تُعفه أنت، بل ولم تدع الأعلى يفعل ذلك، ألا تكون غير قابل للتفاهم؟ (بلى). يقول البعض: "أن يُقيل الأعلى شخصًا ما؛ ما أشد العار الذي سيترتب على ذلك بالنسبة لي. إذا كان ينوي إعفاء شخص ما، فعليه إخباري بذلك على انفراد، وسأفعل ذلك. هذا هو عملي، وهو جزء مما يقع على عاتقي. إذا أعفيته أنا، فسوف يظهر للجميع مدى إدراكي للناس، وأنني قادر على القيام بعمل فعلي. يا له من شرف عظيم!" هل تفكرون بهذه الطريقة؟ بعض الأشخاص يريدون السمعة الطيبة والفخر، فيقدمون مثل هذه المبررات. هل هذا مقبول؟ هل هذا منطقي؟ من ناحية، يقوم بيت الله بعمله وفقًا لمبادئ الحق؛ ومن ناحية أخرى، يعمل وفقًا للظروف كما هي. لا يوجد شيء اسمه تجاوز أحد مستويات القيادة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بترقيات الأعلى وإعفاءاته، أو توجيهاته وتعليماته لمشروع عمل معين؛ في مثل هذه الحالات، يكون الأمر أقل بكثير من مجرد تجاوز أحد مستويات القيادة. لماذا إذًا يبحث ضِدَ المسيح عن هذه "العيوب"؟ شيء واحد مؤكد: إنه لا يفهم الحق، لذلك يقيِّم عمل بيت الله بعقله البشري ومن خلال تلك العمليات الموجودة في العالم الخارجي. وفيما عدا ذلك، يظل هدفه الرئيسي هو الحفاظ على الذات، ويجب أن يكون له كبرياؤه. إنه يتمتع بالسلاسة والبراعة في كل ما يفعله؛ ولا يمكنه السماح للأشخاص الذين يعملون تحت إمرته برؤية أن لديه أي عيوب أو نقائص. إلى أي مدى سيستمر في الحفاظ على المظاهر؟ إلى حد أن يرى الآخرون أنه بلا أخطاء، دون أي فساد أو نقائص. وسوف يرى آخرون أنه من المناسب أن يستفيد منهم الأعلى، وأن يختارهم الإخوة والأخوات؛ إنهم أشخاص مثاليون. أليس هذا ما يريدون أن تكون عليه الأمور؟ أليست هذه هي شخصية ضِدَ المسيح؟ (بلى، إنها كذلك). بلى، إنها شخصية ضِدَ المسيح.
كانت شركتنا الآن عن أحد السلوكيات الأساسية لأضداد المسيح؛ يمنعون الآخرين من التدخل، أو الاستفسار، أو الإشراف عليهم في عملهم. وأيًا كانت الترتيبات التي يتخذها بيت الله لمتابعة عملهم، أو لمعرفة المزيد عنه، أو الإشراف عليه، فإنهم سيستخدمون كل أنواع الأساليب لعرقلتها ورفضها. على سبيل المثال، عندما يُكلف بعض الأشخاص بمشروع ما من قِبَل الأعلى، تمر مدة من الوقت دون إحراز أي تقدم على الإطلاق. إنهم لا يخبرون الأعلى ما إذا كانوا يعملون عليه، أو كيف تسير الأمور فيه، أو ما إذا كانت هناك أي صعوبات أو مشكلات قد حدثت. لا يقدمون أي ملاحظات. بعض الأعمال عاجلة ولا يمكن تأجيلها، ومع ذلك يماطلون في إنجازها، مما يؤدي إلى تأخيرها لفترة طويلة دون إنهاء العمل. حينها يجب أن يطرح الأعلى بعض الاستفسارات. وعندما يفعل ذلك، يجد أولئك الأشخاص الاستفسارات محرجة بشكل لا يطاق، ويقاومونها في قلوبهم: "لم يمر سوى عشرة أيام منذ أن كُلِّفتُ بهذه المهمة. لم أتأقلم بعد مع الأعمال المطلوبة، ومع ذلك، فإن الأعلى بدأ بالاستفسار. إن متطلباته من الناس مرتفعة للغاية!" ها هم يبحثون عن أخطاء في الاستفسارات. ما المشكلة هنا؟ أخبرني، أليس من الطبيعي تمامًا أن يقدم الأعلى استفسارات؟ جزء من ذلك هو الرغبة في معرفة المزيد عن حالة تقدم العمل، وكذلك الصعوبات التي لا يزال يتعين معالجتها؛ وإضافة إلى ذلك، هي رغبة في معرفة المزيد عن مستوى قدرات الأشخاص الذين أُسنِد إليهم هذا العمل، وما إذا كانوا قادرين بالفعل على حل المشكلات والقيام بالمهمة جيدًا أم لا. يريد الأعلى أن يعرف الحقائق كما هي، وفي معظم الأحيان، يقوم بالاستفسار في مثل هذه الظروف. أليس هذا شيئًا ينبغي له أن يفعله؟ يشعر الأعلى بالقلق من أنك لا تعرف كيفية حل المشكلات ولا تستطيع التعامل مع الوظيفة. ولهذا السبب يقوم بالاستفسار. بعض الأشخاص يقاومون تمامًا مثل هذه الاستفسارات ويرفضونها. إنهم لا يرغبون في السماح للناس بالاستفسار، وما دام الناس يفعلون ذلك، فإنهم يقاومون ويبدون شكوكًا ويُمعنون التفكير دائمًا: "لماذا يقدمون استفسارات دائمًا ويتطلعون إلى معرفة المزيد؟ هل هذا يعني أنهم لا يثقون بي وينظرون إليّ باستخفاف؟ إذا كانوا لا يثقون بي، فلا ينبغي لهم أن يستخدموني!" إنهم لا يفهمون أبدًا إشراف الأعلى واستفساراته، بل يقاومونها. هل لدى مثل هؤلاء الأشخاص عقل؟ لماذا لا يسمحون للأعلى أن يقدم استفسارات ويشرف عليهم؟ لماذا هم مقاومون، ومتمردون أيضا؟ ما المشكلة هنا؟ إنهم لا يهتمون بما إذا كان أداؤهم لواجبهم فعالًا أم أنه يعوق تقدم العمل. إنهم لا يطلبون مبادئ الحق عند القيام بواجبهم، بل يفعلون ما يريدون. إنهم لا يفكرون في نتائج العمل أو كفاءته، ولا يفكرون على الإطلاق في مصالح بيت الله، فضلًا عن ما يقصده الله وما يطلبه. وتفكيرهم هو: "لديَّ طرقي وروتيني لأداء واجبي. لا تطلب مني أكثر مما ينبغي أو تطلب مني أشياء بتفاصيل كثيرة للغاية. من الجيد أن أتمكن من أداء واجبي. لا أستطيع أن أتعب أو أعاني أكثر من اللازم". إنهم لا يفهمون استفسارات الأعلى ومحاولاته لمعرفة المزيد عن عملهم. ما الذي ينقصهم في عدم فهمهم هذا؟ أليس هذا انعدام للخضوع؟ أليس هذا انعدام لحس المسؤولية؟ للوفاء؟ لو كانوا مسؤولين حقًا ومخلصين في القيام بواجبهم، هل كانوا سيرفضون استفسارات الأعلى حول عملهم؟ (كلا). كانوا سيتمكنون من فهمها. فإذا كانوا حقًا لا يستطيعون فهمها، فثمة احتمال واحد فقط ألا وهو أنهم يعتبرون واجبهم بمثابة مهنة ومصدر رزق لهم، ويستغلون ذلك، معتبرين الواجب الذي يقومون به شرطًا وورقة مساومة للحصول على مكافأة في كل الأحوال. سيكتفون بالقيام ببعض أعمال الوجاهة ليتدبروا أمرهم مع الأعلى، دون أي محاولة اعتبار تكليف الله بمثابة واجب والتزام لهم. لذلك، عندما يقدم الأعلى استفسارات عن عملهم أو يشرف عليه، فإنهم يدخلون في حالة ذهنية من النفور والمقاومة. أليس الأمر كذلك؟ (إنه كذلك). من أين تنبع هذه المشكلة؟ ما جوهرها؟ إن موقفهم تجاه مشروع العمل خاطئ. إنهم لا يفكرون إلا في الراحة الجسدية، وفي مكانتهم وكبريائهم، بدلًا من التفكير في فعالية العمل ومصالح بيت الله. إنهم لا يسعون إلى العمل وفقًا لمبادئ الحق على الإطلاق. لو كان لديهم حقًا بعض الضمير والعقل، لكانوا قادرين على فهم استفسارات الأعلى وإشرافه. ولكانوا قادرين على أن يقولوا من القلب: "إنه لأمر جيد أن يقوم الأعلى بالاستفسار؛ وإلا سأظل دائمًا أسيرًا لإرادتي، مما سيعيق فعالية العمل، أو حتى يفسده. يعقد الأعلى شركات ويقوم بالتدقيق، وقد حل ذلك بالفعل مشاكل فعلية؛ يا له من شيء رائع!" هذا من شأنه إظهار أنهم أشخاص مسؤولون. إنهم يخشون أنهم إذا تولوا العمل بأنفسهم، وإذا حدث خطأ أو حادث مؤسف، وتسبب ذلك في خسارة لعمل بيت الله، دون سبيل لإصلاحه، فستكون هذه مسؤولية لا يقدرون على تحملها. أليس هذا شعورًا بالمسؤولية؟ (إنه كذلك). إنه شعور بالمسؤولية، وهو علامة على أنهم يوفون بولائهم. ماذا يدور في أذهان الأشخاص الذين لا يسمحون للآخرين بالاستفسار عن عملهم؟ "هذا العمل من شأني، لأنني أنا من كُلفتُ به. أنا أتخذ القرارات فيما يخصني من عمل، ولا أحتاج إلى تدخل أي شخص آخر!" إنهم يفكرون في الأمور بأنفسهم، ويفعلون ما يحلو لهم حسب ما تمليه عليهم شخصيتهم. إنهم يفعلون كل ما يعود عليهم بالنفع، ولا يُسمح لأحد بالسؤال عن الأمور؛ لا يُسمح لأحد بمعرفة الحالة الحقيقية للأمور. وإذا سألتهم: "كيف تسير الأمور في هذه المهمة؟" سيقولون: "انتظر". وإذا سألتهم بعد ذلك: "كيف تسير الأمور؟" سيقولون: "لقد أوشكت على الانتهاء". ومهما سألتهم، سيقولون كلمة أو كلمتين فحسب. لن ينطقوا بأكثر من بضع كلمات في كل مرة، ليس أكثر من ذلك؛ لن يقدموا جملة واحدة دقيقة ومحددة. ألا تجد أنه من المثير للاشمئزاز أن تتحدث مع أشخاص مثل هؤلاء؟ من الواضح أنهم لا يريدون قول أي شيء آخر. وإذا طرحتَ المزيد من الأسئلة، فسينفد صبرهم: "أنت تواصل السؤال عن هذا الأمر البسيط، وكأنني لا أستطيع إنجاز الأمور؛ وكأنني غير مؤهل لهذه المهمة!" إنهم ببساطة لا يرغبون في السماح للناس بطرح الأسئلة. وإذا واصلت سؤالهم، سيقولون: "ما أنا بالنسبة لك، حمار أو حصان لتتسلط عليه؟ إذا كنت لا تثق بي، فلا تستخدمني؛ وإذا كنت تستخدمني، فعليك أن تثق بي؛ والثقة بي تعني أنه لا ينبغي لك دائمًا طرح الأسئلة!" هذا هو نوع الموقف الذي يتبنونه. هل يتعاملون مع برنامج العمل باعتباره واجبًا عليهم القيام به؟ (كلا). لا يتعامل أضداد المسيح مع العمل على أنه واجب عليهم، بل يتعاملون معه على أنه ورقة مساومة يحصلون بها على البركات والمكافأة. إنهم يكتفون بالعمل فحسب، ويرغبون في مقايضته بالبركات. لهذا السبب يعملون بِمَوْقِفٍ من اللامبالاة. إنهم لا يريدون أن يتدخل الآخرون في عملهم، من جانب، من أجل الحفاظ على كرامتهم وكبريائهم. يعتقدون أن الواجب الذي يؤدونه والعمل الذي يقومون به يخصهم شخصيًا، وأنه شأنهم الخاص. ولهذا السبب لا يسمحون للآخرين بالتدخل. والجانب الآخر من الأمر هو أنه إذا أنجزوا العمل جيدًا، فيمكنهم المطالبة بالتقدير عليه، وطلب المكافأة. إذا تدخل أحد، فإن الفضل لن يعود إليهم وحدهم. إنهم يخشون أن ينتزع الآخرون الفضل منهم. لهذا السبب لن يوافقوا على الإطلاق على تدخل الآخرين في عملهم. أليس هؤلاء الأشخاص مثل أضداد المسيح أنانيين وحقراء؟ أيًا كان الواجب الذي يقومون به، فهم وكأنهم يهتمون بشؤونهم الخاصة. لن يسمحوا للآخرين بالتدخل أو المشاركة، بغض النظر عن كيفية سير الأمور عندما يقومون بشيء ما بأنفسهم. إذا قاموا بالأمر على نحو جيد، فلن يسمحوا أن يذهب الفضل إلى أحد غيرهم، لكيلا يسمحوا لشخص آخر بالمطالبة بنصيب من الفضل ونتائج العمل. أليس هذا مزعجًا؟ ما هذه الشخصية؟ إنها شخصية الشيطان. عندما يعمل الشيطان، فإنه لا يسمح بتدخُّل أيّ شخصٍ آخر، ويتمنَّى أن تكون له الكلمة الأخيرة في كلّ شيءٍ يفعله، وأن يتحكَّم في كلّ شيء ولا يجوز لأحدٍ الإشراف أو تقديم أيّ استفساراتٍ. فإذا تدخَّل أيّ شخصٍ أو اعترض، فهو أقل سماحًا بذلك. هذه هي طريقة تصرُّف ضِدِّ المسيح. بصرف النظر عمَّا يفعله، لا يُسمَح لأحدٍ بتقديم أيّ استفساراتٍ، وبصرف النظر عن كيفيَّة عمله وراء الكواليس، لا يُسمَح لأحدٍ بالتدخُّل. هذا هو سلوك ضدّ المسيح. إنه يتصرَّف بهذه الطريقة لأن شخصيَّته في منتهى الغطرسة من ناحية، ومن ناحية أخرى، لأنه يفتقر تمامًا إلى العقل. كذلك يفتقر تمامًا إلى الخضوع، ولا يسمح لأحدٍ بالإشراف عليه أو بفحص عمله. هذه بالفعل هي تصرُّفات شيطانٍ، وهي تختلف تمامًا عن تصرُّفات الشخص العاديّ. فأيّ شخصٍ يُؤدِّي العمل يتطلَّب تعاون الآخرين، ويكون بحاجةٍ إلى مساعدة الآخرين واقتراحاتهم وتعاونهم، وحتَّى إن كان يوجد شخصٌ يشرف أو يراقب فهذا ليس بالأمر السيِّئ، بل هو أمرٌ ضروريّ. وإذا وقعت بعض الأخطاء في أحد أجزاء العمل وحدَّدها الناس الذين يراقبون وجرى إصلاحها على الفور، وأمكن تجنب الخسائر التي ستلحق بالعمل، أفلا تكون هذه مساعدة كبيرة؟ وبالتالي، عندما يفعل الأذكياء أمورًا فإنهم يحبّون أن يخضعوا للإشراف والملاحظة وطرح الاستفسارات من الآخرين. فإذا حدث خطأ بأيّ حالٍ من الأحوال وتمكَّن هؤلاء الناس من الإشارة إليه وأمكن تصحيح الخطأ على الفور، أفلا تكون هذه نتيجة مرغوبة للغاية؟ لا أحد في هذا العالم لا يحتاج إلى مساعدة الآخرين. وحدهم الأشخاص المصابون بالتوحُّد أو بالاكتئاب هم الذين يحبّون أن يكونوا بمفردهم وألا يتصلوا بالآخرين أو يتواصلوا معهم. فعندما يعاني الناس من التوحُّد أو الاكتئاب لا يعودون طبيعيّين، ولا يمكنهم التحكُّم بعد ذلك في أنفسهم. إذا كانت عقول الناس طبيعية ومنطقهم طبيعي، ولكنهم لا يريدون التواصل مع الآخرين فحسب، ولا يريدون أن يعرف الآخرون عن أيّ شيءٍ يفعلونه، ويريدون أن يفعلوا الأشياء بسرية، وفي الخفاء، ومن وراء الكواليس دون الاستماع إلى أيّ شيءٍ يقوله أيّ شخصٍ آخر، فمثل هؤلاء الناس هم أضداد المسيح إذًا، أليسوا كذلك؟ إنهم أضداد للمسيح.
ذات مرة، عندما رأيت رئيس إحدى الكنائس، سألته عما يحدث مع الإخوة والأخوات في أداء واجباتهم. سألته: "هل يوجد في الكنيسة حاليًا من يزعج حياة الكنيسة؟" هل يمكنك تخمين ما قاله؟ قال: "الأمور على ما يرام؛ كل شيء على ما يرام". فسألته: "كيف تقوم الأخت فلانة بواجبها؟" قال: "جيدًا". ثم سألت: "كم سنة آمنت بالله؟" فقال: "لا بأس". قلت: "لا ينبغي أن تكون هذه الطاولة هنا؛ يجب نقلها". فقال: "سأفكر في ذلك". قلت: "ألا تحتاج هذه القطعة من الأرض إلى الري؟" فقال: "سنعقد شركة عن هذا الأمر". قلت: "هذا هو المحصول الذي زرعته في هذه الأرض هذا العام. هل ستزرع الشيء نفسه العام المقبل؟" فقال: "مجموعة اتخاذ القرار لدينا عندها خطة". هذه هي نوعية الإجابات التي أعطاها لي. ما الشعور الذي ينتابك عندما تسمعها؟ هل تفهم أي شيء منها؟ هل حصلت على أي معلومات؟ (لا شيء على الإطلاق). يمكنك أن تلاحظ في الحال أنه يخدعك، ويحسبك أحمقًا أو دخيلًا. إنه لا يعرف على وجه التحديد من هو الدخيل؛ يطلق غير المؤمنين على هذا "ضيف يتصرف وكأنه مضيف". إنه لا يعرف هويته الخاصة. قلت: "لديكم الكثير من الأشخاص الذين يعيشون هنا، والهواء لا يتدفق جيدًا. يجب عليك تركيب مروحة، وإلا سيصبح الجو حارًا جدًا هنا، وسيكون الناس عرضة للإصابة بضربة شمس". فقال: "سنناقش هذا الأمر". برغم كل شيء أخبرته به، كان عليه أن يناقشه، ويعقد شركة عنه، ويفكر فيه أيضًا. وأيا كانت الترتيبات التي قمت بها، وأيا كان ما قلته، لم يكن له أي أهمية بالنسبة له. لم تكن بالنسبة له ترتيبات أو أوامر ولم ينفذها. ماذا فهم من كلامي إذًا؟ (مقترحات للنظر فيها). هل كنت أقدم له مقترحات لينظر فيها؟ كلا؛ لقد كنت أخبره بما ينبغي أن يفعله، وما كان عليه أن يفعله. هل كان الأمر أنه لم يفهم ما كنت أقول؟ إذا لم يكن كذلك، فهذا يعني أنه كان أحمقًا لا يعرف ما هي هويته أو ما هو الواجب الذي كان يقوم به. كان ثمة كثير من الناس يعيشون هناك، دون تكييف هواء داخلي أو تهوية عابرة. ما مدى ذكائه وهو لم يقم بتركيب مروحة؟ ينبغي أن يعود إلى منزله على الفور؛ إنه حثالة، وبيت الله ليس بحاجة إلى الحثالة. إن الناس لا يعرفون كل شيء عن أي شيء، لكنهم يستطيعون التعلم. هناك بعض الأمور التي لا أفهمها، لذلك أناقشها مع الآخرين. أقول لهم: "ما هي برأيكم الطريقة الجيدة للتعامل مع الأمر؟ لكم مطلق الحرية في تقديم اقتراحاتكم". إذا اعتقد بعض الناس أن طريقة ما قد تكون هي الأفضل، فأنا أقول: "حسنا، دعنا نفعل ما تقوله. لم أفكر بعد فيما يجب علينا فعله، على أي حال. سنعمل بما تقول". أليس هذا تفكير الإنسانية الطبيعية؟ هذا هو ما يعنيه التوافق مع الآخرين. في التوافق مع الآخرين، يجب ألا يفرق الناس بين من هو أعلى أو أدنى، أو من يحظى بالاهتمام ومن لا يحظى به، أو من لديه القول الفصل في الأمور. لا حاجة لإجراء هذه التمييزات؛ من كان طريقه صحيحًا ومتوافقًا مع مبادئ الحق، فهو من يجب الاستماع إليه. هل أنتم قادرون على فعل ذلك؟ (نعم). ثمة أشخاص ليسوا كذلك. أضداد المسيح ليسوا كذلك؛ إنهم يصرون على أن يكون لهم القول الفصل. أي نوع من الأشياء هذا؟ ما يطرحه الآخرون لن يلقى قبولًا لديهم، حتى لو كان معقولاً؛ هم يعلمون أنه صائب ومعقول، لكنهم لن يقبلوا بأي شيء يقترحه أي شخص آخر؛ إنهم سعداء ما داموا هم من اقترح شيئًا ما. حتى في هذه المسألة الصغيرة، يتقاتلون من أجل التفوق. ما هي هذه الشخصية؟ شخصية ضِد للمسيح. إنهم يولون قيمة مفرطة للمكانة، والشهرة، والكبرياء. ما مقدار هذه القيمة؟ تلك الأشياء أهم لديهم من حياتهم؛ سيحرصون على مكانتهم وشهرتهم، وإن كان ذلك يعني حياتهم.
يحظر أضداد المسيح التدخل أو الاستفسارات أو الإشراف من الآخرين في أي عمل يقومون به، ويظهر هذا الحظر بعدَّة طُرقٍ. الطريقة الأولى هي الرفض بكلّ وضوح وبساطةٍ. "توقَّف عن التدخُّل وطرح الاستفسارات والإشراف عليَّ عندما أعمل. فأيّ عملٍ أعمله هو مسؤوليَّتي ولديَّ فكرةٌ عن كيفيَّة عمله ولست بحاجةٍ إلى أيّ شخصٍ يديرني!" هذا رفضٌ صريح. من المظاهر الأخرى أن يبدو المرء مُتقبِّلًا لذلك فيقول: "لا بأس، دعنا نعقد شركة ونرى كيفيَّة أداء العمل"، ولكن عندما يبدأ الآخرون بالفعل في طرح الاستفسارات ومحاولة اكتشاف المزيد عن عمله، أو عندما يشيرون إلى بضع مشكلات، ويُقدِّمون بعض الاقتراحات، ما هو موقفه؟ (لا يكون مُتقبِّلًا). هذا صحيحٌ؛ فهو ببساطةٍ يرفض القبول، ويجد الذرائع والأعذار لرفض اقتراحات الآخرين، ويُحوِّل الخطأ إلى صوابٍ والصواب إلى خطأ، ولكنه يعرف حقًّا في قلبه أنه يفرض المنطق، وأنه يتكلَّم كلامًا رنانًا، وأن ما يقوله هو كلام نظري فحسب، وأن كلامه ليس عمليًا بالدرجة التي يصفه بها الآخرون. ومع ذلك، لحماية مكانته مع علمه التامّ بأنه مخطئ وبأن الآخرين على حقٍّ، يواصل تحويل صواب الآخرين إلى خطأ وخطئه هو إلى صوابٍ، ويستمرّ في تنفيذ ذلك مع عدم السماح بعرض الأشياء الصحيحة والتي تتوافق مع الحقّ أو تنفيذها أينما كانت. ألا يتعاملون مع عمل الكنيسة وكأنه لعبة أو مزحة؟ ألا يرفضون قبول الاستفسارات والإشراف؟ إنهم لا يعبرون عن هذا "المنع" الخاص بهم بوقاحة، بأن يقولوا لك: "لا يُسمح لك بالتدخل في عملي". هذا ليس ما يفعلونه، ولكن هذه هي عقليتهم. سوف يستخدمون بعض الحيل، ويبدون في غاية الورع ظاهريًا. سيقولون: "إننا نحتاج للمساعدة بالفعل، لذا، بما أنك هنا، تفضل بعقد شركة معنا قليلًا!" سوف يعتقد قائدهم الأعلى مستوى أنهم صادقون، وبالتالي سيعقد شركة معهم، ويخبرهم عن الظروف كما هي. وما إن يستمعوا للقائد، سيبدأون في التفكير: "هذه هي الطريقة التي ترى بها الأمور؛ حسنًا، سيتعين عليَّ مناقشتك، في هذا الأمر لدحض وجهة نظرك وإثبات بطلانها. سأجعلك تشعر بالخزي". هل هذا موقف قبول؟ (كلا). ما هذا الموقف إذًا؟ إنه رفض لتحمل تدخل الآخرين، أو استفساراتهم، أو إشرافهم عليهم في العمل الذي يقومون به. إذا كان أضداد المسيح يفعلون ذلك، فلماذا إذًا يظهرون وجهًا كاذبًا للناس، ويتظاهرون بموقف القبول؟ إن خداعهم للناس بهذه الطريقة يظهر مدى مكرهم. إنهم يخشون أن يكتشف الناس حقيقتهم. في الوقت الحاضر، على وجه الخصوص، ثمة أشخاص يمتلكون قدرًا من التمييز، لذلك إذا رفض أضداد المسيح إشراف الآخرين ومساعدتهم مباشرة، فسوف يتمكنون من معرفة ذلك وإدراك حقيقتهم. وعندها سيفقدون كبرياءهم ومكانتهم، ولن يكون من السهل عليهم أن يُنتخبوا قائدة أو عاملين في المستقبل. لذلك، عندما يقوم قائد أعلى مستوى بتفقد عملهم، يتظاهرون بقبوله، ويقولون أشياء مُرضية ومتملقة، مما يجعل الجميع يفكرون: "انظروا إلى مدى تقوى قائدنا، ومقدار طلبه للحق! قائدنا يحرص على حياتنا وعلى عمل الكنيسة. إنه يتحمل المسؤولية في أداء واجبه. سوف نختاره مرة أخرى في الانتخابات القادمة". ما لا يتوقعه أحد هو أنه ما إن يغادر القائد الأعلى حتى يقول ضِدَ المسيح شيئًا مثل هذا: "ما قاله ذلك الشخص الذي تفقد العمل كان صحيحًا، لكن ذلك لا يتناسب بالضرورة مع الظروف في كنيستنا. الأمور تختلف في كل كنيسة. لا يمكننا اتباع ما قاله بالكامل؛ بل يتعين علينا أن ننظر إليه في ضوء وضعنا الحقيقي. لا يمكننا تطبيق اللوائح عن ظهر قلب!" ويخرج الجميع من هذا معتقدين أن الأمر صحيح. ألم يتم تضليلهم؟ جزء مما يفعله ضِدَ المسيح هو أن يقول كلمات مُرضية ويتظاهر بقبول إشراف الآخرين؛ وبعد ذلك مباشرةً يبدأ في عمل التضليل وغسل الأدمغة داخليًا. إنه ينفذ جزأي هذا النهج في وقت واحد. هل لديهم حيل؟ الكثير بالطبع! ظاهريًا، يتحدثون بلطف ويتظاهرون بالقبول، ويوهمون الجميع أنهم يشعرون بالمسؤولية التامة عن العمل، وأنهم يستطيعون التخلي عن مناصبهم ومكانتهم، وأنهم ليسوا متسلطين، بل يمكنهم قبول الإشراف من الأعلى أو من أشخاص آخرين؛ وأثناء قيامهم بذلك، "يوضحون" للإخوة والأخوات محاسن ومساوئ الأمور، و"يوضحون" مختلف المواقف. ما هدفهم؟ عدم قبول تدخل الآخرين، أو استفساراتهم، أو إشرافهم، وجعل الإخوة والأخوات يعتقدون أن تصرفهم على هذا النحو مبرر وصحيح ومتوافق مع ترتيبات عمل بيت الله، ومتوافق مع مبادئ العمل، وأنهم، بوصفهم قادة، يلتزمون بالمبدأ. في الواقع، قلة فقط من الناس في الكنيسة يفهمون الحق؛ والأغلبية بلا شك غير قادرين على التمييز، ولا يمكنهم رؤية ضِدَ المسيح هذا على حقيقته، ومن الطبيعي أن يضللهم. على سبيل المثال، بعض الأشخاص لا يستطيعون النوم في الليل لسبب معين. إنهم يقضون الليل كله دون نوم. هناك نوعان من الأشخاص تظهر قلة النوم لديهم بطريقتين مختلفتين. النوع الأول يجد فرصة للنوم قليلًا أثناء النهار ما إن يستطيع. إنهم لا يسمحون للآخرين بمعرفة أنهم لم يناموا. تلك إحدى الحالتين، وإحدى طريقتين تسير بها الأمور. ليس ثمة نية وراء ذلك. والنوع الآخر من الأشخاص يغفو أثناء الوجبات ويقول للجميع: "لم أنم الليلة الماضية!" يسأل أحدهم: "لماذا لم تنم؟" فيقول: "كان ثمة اجتماع عبر الإنترنت، ووجدت بعض المشاكل في العمل. ظللت مستيقظًا طوال الليل لحلها". إنهم يستمرون بلا انقطاع في إعلان أنهم لم يناموا طوال الليل. هل كانوا يمانعون في البقاء مستيقظين طوال الليل؟ لماذا يشرحون للمجموعة؟ وهل يوجد شيء في هذا الشرح؟ ما هدفهم؟ إنهم يريدون إخبار العالم أجمع بما فعلوه، خوفًا ألا يعرف الآخرون. إنهم يريدون أن يعرف الجميع أنهم عانوا، وأنهم ظلوا مستيقظين طوال الليل، وأنهم مستعدون لدفع ثمن لإيمانهم بالله، وأنهم لا يشتهون الراحة. وبهذا، فإنهم يقصدون كسب تعاطف الإخوة والأخوات ورضاهم. إنهم يشترون قلوب الناس من خلال تقديم هذا الأداء السطحي، وبهذا يحصلون على احترام الآخرين، ويكتسبون الهيبة في قلوب الناس. وما إن يحصلوا على المكانة حتى يتأكدوا بعد ذلك من التحدث بسلطة. ومتى تحدثوا بسلطة، ألن يتمكنوا بعدها من الاستمتاع بالمعاملة الخاصة التي ترافق المكانة؟ (بلى). هل تعتقد أنهم استغلوا هذه الفرصة جيدًا؟ هل تخبرون الآخرين عندما لم تناموا، أو إذا سهرتم حتى وقت متأخر؟ (نعم، فعلنا ذلك). عندما فعلتم ذلك، هل كان عن غير قصد، أم كان ثمة قصد ما وراء ذلك؟ هل أخبرت شخصًا ما بشكل عابر، أم كنت تصدر بيانًا صاخبًا وتقدم عرضًا استعراضيًا؟ (كان بشكل عابر). لا يوجد قصد وراء قول ذلك بشكل عابر؛ هذا لا يشير إلى مشكلة في الشخصية. بالطبع هناك طبيعة مختلفة بين قوله عمدًا وقوله عن غير عمد. عندما يتصرف أحد أضداد المسيح، ما الدافع وراء ما يفعله، سواء بدا ظاهريًا أنه يقبل تدخل الآخرين واستفساراتهم، أو أنه يرفضها رفضًا تامًا؛ أيهما كان؟ إنه يتمسك بالمكانة والسلطة، ولن يتخلى عنهما. أليس هذا هو دافعه؟ (بلى، هو كذلك). هذا صحيح؛ إنه لن يسمح مطلقًا لسلطته التي ناضل من أجلها، ولمكانته وهيبته التي اكتسبها بشق الأنفس، أن تذهب هباءً في لحظة غفلة؛ لن يسمح لأي شخص بإضعاف قوته ونفوذه بالتدخل في عمله أو الاستفسار عنه. إنه يؤمن بهذا: إن أداء واجب ما، أو تولي برنامج عمل ما، ليس واجبًا في الواقع، ولا يحتاج إلى القيام به باعتباره التزامًا؛ بل الأمر يتطلب امتلاك سلطة معينة، وأن يكون لديه بعض الأشخاص تحت إمرته. إنه يعتقد أنه مع امتباك السلطة لم يعد بحاجة إلى استشارة أحد، بل أصبح لديه الآن الفرصة والقوة لتولي زمام المسئولية. هذا هو نوع موقفه تجاه الواجب.
ثمة آخرون، عندما يتقصى الأعلى عن عملهم، فإنهم يؤدون عملهم بلا اهتمام فحسب. إنهم يقدمون أداءً سطحيًا، ويسألون عن بعض الأمور التافهة، كما لو كانوا ممن يطلبون الحق. إذا كان ثمة حادثة شكلت بوضوح عراقيل واضطرابات، على سبيل المثال، فسوف يسألون الأعلى ما إذا كان يجب التعامل مع الشخص الذي تسبب فيها. أليس مثل هذا الأمر جزءًا من عملهم؟ (بلى). ماذا يريدون من سؤال الأعلى عن ذلك؟ إنهم يقصدون أن يعطوك مظهرًا زائفًا لهم، ليظهروا لك أنهم إذا سألوا حتى عن أمور كهذه، فهذا دليل على أنهم ليسوا عاطلين، وأنهم يعملون. إنهم يصطنعون مظهرًا زائفًا فحسب لتضليلك. الحقيقة هي أن لديهم بعض المشاكل الفعلية في قلوبهم، ولا يعرفون كيف يعقدون شركة عن الحق لحلها، ولا يعرفون أي المبادئ يجب أن يمارسوها. ثمة أمور غامضة بالنسبة لهم، سواء في التعامل مع الناس أو في التعامل مع المسائل على حد سواء، لكنهم لا يسألون أو يبحثون عنها أبدًا. فإذا كانوا غير متأكدين من هذه الأمور في قلوبهم، أفلا ينبغي لهم أن يسألوا عنها الأعلى؟ (بلى). إنهم ليسوا على يقين منها، ولا يستطيعون إدراك حقيقتها، لكنهم يمضون في التصرف بشكل أعمى؛ فماذا ستكون عواقب ذلك؟ هل يمكنهم التنبؤ بما سيحدث؟ هل سيكونون قادرين على تحمل مسؤولية العواقب؟ كلا، لن يفعلوا. إذًا، لماذا لا يسألون عن هذه الأمور؟ ثمة اعتبارات تتعلق بعدم سؤالهم. أحدها هو الخوف من أن يكتشفهم الأعلى: "إذا لم أتمكن حتى من التعامل مع هذه المسألة التافهة، واضطررت إلى السؤال عنها، فسيعتقد الأعلى أن مستوى قدراتي ليس جيدًا للغاية. ألن يسمح هذا للأعلى أن يدرك حقيقتي بوضوح؟" وثمة اعتبار آخر أيضًا، وهو أنهم إذا سألوا، وتعارض قرار الأعلى مع رأيهم واختلف عن رأيهم الخاص، فسيكون من الصعب عليهم الاختيار. إذا لم يفعلوا ما يقوله الأعلى، فسيقول الأعلى إنهم ينتهكون مبادئ العمل؛ وإذا فعلوا ذلك فإنه سيؤدي إلى خسارة مصالحهم الخاصة. لذا فإنهم لا يسألون. أليس ذلك أمرًا يضعونه في الاعتبار؟ (بلى). إنه كذلك. أي نوع من الأشخاص هم الذين يفكرون في هذه الأمور؟ (أضداد للمسيح). إنهم حقا أضداد للمسيح. فيما يتعلق بأي شيء، سواء سألوا عنه أم لا، سواء عبروا عنه أو اكتفوا بالتفكير فيه، فإنهم لا يطلبون الحق، ولا يعاملون ذلك الأمر وفقًا للمبادئ؛ ففي كل الأمور، يضعون مصالحهم الشخصية أولًا. إن لديهم قائمة في قلوبهم بالأمور التي يمكن أن يسمحوا للأعلى أن يستفسر عنها ويعرفها، والأمور التي لا يريدون أن يعرفها الأعلى على الإطلاق. لقد حددوا تلك المناطق وقسموها إلى فئتين. سوف يتحدثون باقتضاب مع الأعلى عن تلك الأمور التافهة التي لا تشكل تهديدًا لمكانتهم، وذلك من أجل أن يتدبروا أمرهم مع الأعلى؛ لكن فيما يتعلق بالأمور التي يمكن أن تهدد مكانتهم، فإنهم لن ينطقوا بكلمة واحدة. وإذا سأل الأعلى عن هذه الأمور، فماذا يفعلون؟ سيستخدمون بضع كلمات لتسويف الأمر؛ سيقولون: "حسنًا، سنناقش الأمر... سنواصل البحث..."؛ كلمات مليئة بالتأكيدات لك، دون أي شيء يمكن فهمه على أنه مقاومة. ظاهريًا، هم في غاية الخضوع؛ لكن في الحقيقة، لديهم حساباتهم الخاصة. ليس لديهم نية للسماح للأعلى باتخاذ القرارات؛ وليس لديهم نية لطلب اقتراحات الأعلى وتركه يتخذ القرارات، أو لطلب أي مسار من الأعلى. ليس لديهم مثل هذه الخطط. إنهم لا يريدون السماح للأعلى بالتدخل أو معرفة ما يحدث بالفعل. فما إن يعرف الأعلى، ما التهديد الذي سيشكله ذلك عليهم؟ (سيكونون غير آمنين في مكانتهم). ليس فقط أنهم لن يكونوا غير آمنين في مكانتهم؛ بل إن خططهم وأهدافهم لن تكون قابلة للتنفيذ، وبالتالي لن يكون لديهم بعدها ما يبرر شرورهم؛ لن يكونوا قادرين على تنفيذ خططهم الخاصة بشكل مشروع، وعلني، ووقح. هذه هي المشكلة التي سيواجهونها. فهل يستطيعون التأكد من كيفية التصرف بطريقة تفيدهم؟ من المؤكد أن لديهم أفكارهم وحساباتهم حول هذا الموضوع. هل تجدون أنفسكم تواجهون أيضًا مثل هذه الأمور؟ ما رأيكم فيها إذًا؟ كيف تتعاملون معها؟ سأعطي مثالًا على ذلك. ذات مرة، كان ثمة رجل أصبح قائدًا، وانجرف في ذلك الأمر؛ فكان دائمًا مولعًا بالتفاخر أمام الآخرين لكسب تقديرهم. صادف شخصًا غير مؤمن كان يعرفه، وأراد ذلك الرجل أن يقترض مالًا. دافع غير المؤمن عن قضيته بشكل مثير للشفقة لدرجة أن القائد، بدافع من الحماسة في تلك اللحظة، وافق على ذلك، ثم فكر بعدها بهدوء ودون تردد: "أنا قائد الكنيسة؛ يجب أن يكون لي القول الفصل في أموال الكنيسة. عندما يتعلق الأمر بالأشياء التي تخص بيت الله والكنيسة والتقدمات، أنا أتولى المنصب، لذا فإن ما أقوله هو ما يحدث. الأمور المالية من اختصاصي لأدبِّرها، وأمور التوظيف هي من اختصاصي أيضًا؛ أنا صاحب القول الفصل في كل ذلك!" وهكذا، أقرض مال بيت الله لغير مؤمن. وما إن فعل ذلك حتى شعر بشيء من عدم الارتياح، وفكر فيما إذا كان ينبغي أن يخبر الأعلى بذلك. إذا فعل ذلك، فقد لا يوافق الأعلى على ذلك؛ لذا فقد بدأ في اختلاق الأكاذيب وإيجاد الأعذار التي يخدع بها الأعلى. لقد عقد الأعلى شركة معه عن مبادئ الحق، ومع ذلك لم يُعره أي اهتمام. هكذا ارتكب الفعل الشرير المتمثل في إساءة استخدام التقدمات بشكل خاص. لماذا يجرؤ مثل هذا الشخص على التخطيط للتلاعب بالتقدمات؟ أنت مجرد قائد كنيسة؛ هل لك الحق في تدبير التقدمات؟ هل لك القول الفصل في أمور التقدمات والأمور المالية؟ كيف ينبغي أن تعامل تقدمات الله، إذا كنت شخصًا يتمتع بإنسانية طبيعية وعقل، شخصًا يسعى إلى الحق؟ ألا ينبغي إحالة الأمور المتعلقة بالتقدمات إلى الأعلى، لمعرفة ما يقرره بيت الله؟ أليس من حق الأعلى أن يعرف عن مثل هذه المسألة الكبرى؟ بلى. هذا أمر يجب أن تكون على علم به في قلبك؛ إنه العقل الذي الذي يجب أن تمتلكه. فعندما يتعلق الأمر بالأمور المالية، الكبيرة منها والصغيرة على حد سواء، فمن حق الأعلى أن يعرف. الأمر مختلف إذا لم يسأل الأعلى؛ ولكن ما إن يسأل الأعلى، يتعين أن تجيب بصدق، ويجب أن تخضع لأي قرار يتخذه الأعلى. أليس هذا هو نوع العقل الذي ينبغي أن تمتلكه؟ (بلى، إنه كذلك). لكن، هل يستطيع أضداد المسيح أن يفعلوا هذا؟ (كلا). هذا هو الفارق بين أضداد المسيح والأشخاص العاديين. إذا كانوا يعتقدون أن ثمة فرصة بنسبة مائة بالمائة ألا يوافق الأعلى على هذا الأمر، وأنهم سوف يعانون من خسارة كبريائهم، فسوف يفكرون بشتى الطرق لإبقاء الأمر طي الكتمان، لمنع الأعلى من معرفة ذلك. بل إنهم سيحاولون التأثير على الأشخاص الذين هم تحتهم، ويقولون: "إذا كشف أي شخص عن ذلك، فهو ضدي. سيكون لي معهم حديث. وسأتولى أمرهم مهما كان الثمن!" وبتلك الكلمات المخيفة منهم، لا يجرؤ أحد على إبلاغ الأعلى بالأمر. لماذا قد يفعلون ذلك؟ إنهم يعتقدون: "هذا يدخل في نطاق سلطتي. لدي الحق في نشر وتوزيع الأشخاص والأموال والمواد التي تقع ضمن نطاق اختصاصي!" ما هي مبادئهم في النشر والتوزيع؟ إنهم يتخذون الترتيبات كما يشاؤون، ويستخدمون الأموال والمواد ويعطونها بتعسف، دون الالتزام بأي مبادئ، ويبددونها ويهدرونها دون تمييز، ولا يحق لأي شخص آخر التدخل؛ بل يجب أن يكون لهم القول الفصل في كل ذلك. أليست تلك هي الطريقة التي يفكرون بها؟ بالطبع، لن يقولوا هذا بصوت مرتفع وبمثل هذه العبارات الصريحة؛ لكن في قلوبهم، هذا ما يفكرون به بالتأكيد: "ما الفائدة من تولي المنصب؟ أليس الأمر كله متعلق بالمال، والإطعام والكساء؟ الآن، أنا في منصب؛ لديَّ تلك المكانة. ألن يكون غباء مني ألا أستغل سلطتي لأفعل ما يحلو لي؟" أليس هذا ما يعتقدونه؟ (بلى). ونظرًا لأنهم يمتلكون مثل هذه الشخصية، ويؤمنون بذلك، فإنهم يجرؤون على إخفاء مثل هذا الأمر دون أي تردد، دون خوف من أي عاقبة، بكل السبل والوسائل التي يمكنهم التفكير فيها. أليس الأمر كذلك؟ (بلى، إنه كذلك). إنهم لا يُقيِّمون ما إذا كان الأمر صحيحًا أم لا، أو ما هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به، أو ما هي المبادئ. إنهم لا يضعون هذه الأمور في الاعتبار؛ الاعتبار الوحيد لديهم هو من سيهتم بمصالحهم. إن ضِدَ المسيح شيء خبيث، وأناني، وحقير! ما مدى حقارتهم؟ يمكن إيجاز ذلك في كلمة واحدة: إنهم وقحون! هؤلاء الأشخاص ليسوا ملكًا لك، ولا تلك الأشياء، ولا تلك الأموال ملكًا لك؛ ومع ذلك تريد أن تأخذها كما لو كانت ملكك لتتصرف بها كما تشاء. لا يحق للآخرين حتى أن يعرفوا عنها؛ حتى لو أسرفتَ في تبذيرها وإهدارها، فلا يحق للآخرين أن يقدموا استفسارات عنها. كم تماديت؟ لقد وصلت إلى حد الوقاحة! أليس هذا وقحًا؟ (بلى، إنه كذلك). ذلك ضِدَ للمسيح. ما الحد الذي لا يمكن للشخص العادي تجاوزه عندما يتعلق الأمر بالمال؟ الأشخاص العاديون يعتقدون أن هذه هي تقدمات الله، والتقدمات تُقدَّم لله من شعبه المختار، لذلك فهي ملك لله؛ إنها "ممتلكاته الشخصية"، كما قد يقول البعض. ما يخص الله لا يخص العامة، ولا يخص أي شخص. من هو سيد بيت الله؟ (الله). نعم، إنه الله. وماذا يتضمن بيت الله؟ إنه يتضمن شعبه المختار في كل كنيسة، وكذلك جميع مستلزمات وممتلكات كل كنيسة. كل هذه الأشياء تخص الله. إنها ليست ملكًا لشخص واحد على الإطلاق، ولا يحق لأحد الاستيلاء عليها. هل يظن ضِدَ المسيح ذلك؟ (كلا). إنهم يعتقدون أن التقدمات ملك لمن يدبِّرها، ولمن تتاح له الفرصة للانتفاع منها، وإذا كان شخص ما قائدًا، فإن له الحق في التمتع بها. لهذا السبب يسعى أضداد المسيح باستمرار إلى المكانة بكل ما أوتوا من قوة. وما إن يحصلوا عليها حتى تتحقق كل آمالهم في نهاية المطاف. لماذا يسعون إلى المكانة؟ إذا جعلتهم يقودون شعب الله المختار بدقة وبمبادئ وراء أفعالهم، ولكن لم تسمح لهم بالمساس بممتلكات الكنيسة أو تقدمات الله، هل كانوا سيظلون بهذه الاندفاعية في سعيهم للصعود؟ قطعًا لا. كانوا سينتظرون بسلبية، ويتركون الأمور تأخذ مجراها. سيفكرون: "إذا انتُخبت، فسأقوم بعملي وأؤدي واجبي على أكمل وجه؛ وإذا لم يتم انتخابي، فلن أتملق أحدًا. لن أقول أو أفعل أي شيء حيال ذلك". نظرًا لأن ضد المسيح يعتقد تحديدًا أنه بصفته قائدًا يحق له أن يأمر ويستمتع بكل ممتلكات الكنيسة، فإنه يحاول أن يجهد نفسه في محاولة الصعود إلى أعلى، إلى حد الوقاحة، من أجل الحصول على المكانة والاستمتاع بكل ما تجلبه هذه المكانة. ماذا يعني كون المرء وقحًا؟ يعني القيام بأشياء مشينة؛ هذا هو معنى أن تكون وقحًا. ولو قال لهم أحد: "إن ما تفعله مشين للغاية!" لما اهتم بذلك، بل سيفكر: "ما المشين في ذلك؟ من لا يحب المكانة؟ هل تعرف ما هو شعور أن تكون لك مكانة؟ أن تكون متحكمًا في المال؟ هل تعرف هذه الفرحة؟ هل تعرف هذا الشعور بالامتياز؟ هل تذوقته؟" هكذا ينظر أضداد المسيح إلى المكانة، في أعماق قلوبهم. وما إن يكتسب أضداد المسيح مكانة، سيرغبون في السيطرة على كل شيء. سيأخذون تقدمات الله تحت سيطرتهم أيضًا. إنهم يرغبون في أن يكون لهم القول الفصل في أي جزء من عمل الكنيسة يكلف مالًا، دون التشاور مع الأعلى. إنهم يصبحون سادة أموال بيت الله، ويصبح بيت الله ملكًا لهم. ولهم الحق في أن يكون لهم القول الفصل فيه، وتحديد ما يحدث له، وأن يعطوه لهذا الشخص أو ذاك كما يحلو لهم، وتحديد كيفية إنفاق كل جزء منه. وفيما يتعلق بتقدمات الله، لا يتصرفون أبدًا بحرص وحذر، وفقًا للمبادئ؛ بل يكونون مسرفين في الإنفاق، وما يقولونه هو ما يُنفذ. شخص مثل هذا هو ضِدَ المسيح الحقيقي.
ذات مرة، اختلس أحد الأشخاص سرًا تقدمات الله، وهي مشكلة خطيرة. إنه ليس ذنبًا عاديًا؛ إنها مشكلة في جوهر طبيعته. عندما كان يتفاعل مع غير المؤمنين أثناء إدارة بعض الأمور، كان يتباهى ليظن الناس أن لديه المال والسلطة. ونتيجة لذلك، كان الناس يطلبون منه اقتراض المال. ولم يقتصر الأمر على أن هذا الشخص وافق على ذلك فحسب، بل لقد التزم بالفعل بإقراضهم المال، ثم فعل ذلك باستخدام أساليب خادعة لبيت الله. كان هذا الشخص يعاني من مشكلة خطيرة. في مثل هذه المسألة الكبرى، يتعين عليك تقديم تقرير إلى الأعلى، وشرح الحقائق؛ فلا يمكنك التعامل مع الأشخاص الذين يستخدمون تقدمات الله من أجل تقديرك وكبريائك. هكذا يتعامل الشخص العقلاني الذي لديه قلب يتقي الله مع مثل هذه الأمور عندما يواجهها. ولكن هل هذا ما يفعله أضداد المسيح؟ لماذا يُسمون أضدادًا للمسيح؟ لأنهم لا يملكون أدنى قدر من قلب يتقي الله؛ إنهم يفعلون ما يحلو لهم، ولا يعطون أهمية كبرى لله ولا للحق ولا لكلام الله. إنهم لا يخضعون لله حقًا على الإطلاق، بل يضعون في الصدارة مصالحهم الشخصية، وشهرتهم، ومكاسبهم، ومكانتهم. إنهم يستخدمون وسائل خادعة لتضليل قادة الكنيسة والعاملين فيها، ومن ثم إقراض المال لغير المؤمنين. هل هو مالهم؟ ببضع كلمات فحسب يقرضون المال؛ أليس هذا بمثابة تحويل تقدمات الله إلى هدية؟ هذا ما يفعله أضداد المسيح، وقد قام بعضهم بالفعل بمثل هذه الأمور. ولكي يتمكنوا من فعل مثل هذا الشيء، يجب أن تكون شخصيتهم جريئة ومتعجرفة إلى حدّ بعيد، وخبيثة للغاية أيضًا. من الواضح أيضًا أنهم أغبياء، أغبى ما يكون؛ ومن المؤكد أنهم سيتعرضون للمشاكل جزاء ما اقترفته أيديهم. أخبرني، كيف ينبغي التعامل مع هؤلاء الأشخاص؟ (ينبغي طردهم). هذا كل ما في الأمر؟ الطرد؟ من سيعوض الخسائر؟ يجب إلزامهم بدفع تعويضات ومن ثم طردهم. ألا يُعد أضداد المسيح وقحون حتى يكونوا قادرين على فعل شيء كهذا؟ كيف يختلفون عن رئيس الملائكة؟ كان رئيس الملائكة ليقول بكل وقاحة: "أنا الذي خلقت السماوات والأرض وكل الأشياء؛ البشرية ملكي وأتحكم فيها!" إنه يسحق البشرية ويفسدها كما يشاء. ما إن يتولي ضِدَ المسيح السلطة حتى يقول: "يجب أن تؤمنوا جميعًا بي وتتبعوني. أنا أحكم هنا، وأنا صاحب القول الفصل. ارجعوا إليَّ في كل الأمور، وائتوني بأموال الكنيسة!" يقول بعض الناس: "لماذا يجب أن نعطيك أموال الكنيسة؟" فيقول ضِدَ المسيح: "أنا القائد. من حقي أن أدبِّرها. يجب أن أدبِّر كل شيء، بما في ذلك التقدمات!" وبعد ذلك، يتولون مسؤولية كل شيء. إن أضداد المسيح لا يكترثون بما يعانيه الإخوة والأخوات من مشاكل أو صعوبات في دخولهم الحياة، أو ما ينقصهم في كتب العظات وكلام الله. ما يهتمون به حقًا هو من يتولى حفظ أموال الكنيسة، ومقدارها، وكيفية استخدامها. وإذا استفسر الأعلى عن الحالة المالية لتلك الكنيسة، فلن يقتصر الأمر على أنهم لن يسلموا أموال الكنيسة فحسب؛ بل لن يسمحوا للأعلى بمعرفة الحقائق. لماذا لن يفعلوا ذلك؟ لأنهم يريدون اختلاس أموال الكنيسة وأخذها لأنفسهم. إن أضداد المسيح لديهم الاهتمام الأكبر بالأشياء المادية، والمال، والمكانة. إنهم لا يشبهون بالتأكيد الطريقة التي يتحدثون بها في الظاهر: "أنا أؤمن بالله. أنا لا أسعى إلى الدنيا، ولا أطمع في المال". إنهم ليسوا كما يقولون بالتأكيد. لماذا يسعون إلى المكانة ويحافظون عليها بكل ما أوتوا من قوة؟ لأنهم يرغبون في الاستحواذ، أو السيطرة والاستيلاء على كل ما يقع تحت سلطتهم؛ المال والأشياء المادية على وجه الخصوص. إنهم يستمتعون بهذه الأموال وهذه الأشياء المادية كما لو كانت فوائد لمكانتهم. إنهم أحفاد حقيقيون من نسل رئيس الملائكة، بجوهر طبيعة الشيطان اسمًا وفعلًا. كل من يسعى إلى المكانة ويقدِّر المال لديه بالتأكيد مشكلة في جوهر شخصيته. الأمر ليس ببساطة أن لديهم شخصية ضِدَ المسيح فحسب: إنهم طموحون للغاية. إنهم يريدون السيطرة على أموال بيت الله. وإذا كُلِّفوا بمهمة عمل، فإنهم، أولًا وقبل كل شيء، لن يسمحوا بتدخل الآخرين، ولن يقبلوا الاستفسارات أو الإشراف من الأعلى؛ بل أكثر من ذلك، عندما يكونون هم المشرفين على أي مهمة عمل، فإنهم سيجدون طرقًا للتباهي بأنفسهم، وحماية أنفسهم، ورفع مكانتهم. إنهم يرغبون دائمًا في أن يكونوا في الصدارة، وأن يصبحوا أشخاصًا يحكمون الآخرين ويتحكمون بهم. كما أنهم يرغبون أيضًا في التمتع بمكانة أعلى والتنافس عليها، بل والسيطرة على كل جزء من بيت الله؛ لا سيما أمواله. إن أضداد المسيح لديهم حب خاص للمال. عندما يرونه، تلمع أعينهم؛ ففي أذهانهم دائمًا ما يفكرون في المال ويبذلون جهودًا من أجله. هذه كلها علامات وإشارات على أضداد المسيح. وإذا عقدت شركة معهم عن الحق، أو حاولت أن تتعرف على أحوال الإخوة والأخوات، وطرحت أسئلة مثل كم منهم ضعيف وسلبى، وما هي النتائج التي يحصل عليها كل واحد منهم في واجبه، وأيهم لا يصلح لواجبه، فلن يهتم أضداد المسيح. ولكن عندما يتعلق الأمر بتقدمات الله – مقدار المال، ومن يحرسه، وأين يُحتفظ به، وكلمات المرور الخاصة به، وما إلى ذلك – فهذا هو شغلهم الشاغل. ضِدَ المسيح لديه سيطرة استثنائية على هذه الأمور. إنه يعرفها عن ظهر قلب. وهذه أيضًا علامة من علامات ضِدَ المسيح. أضداد المسيح هم الأفضل في التحدث بكلمات لطيفة وجميلة، لكنهم لا يقومون بعمل فعلي. وبدلًا من ذلك، هم مشغولون دائمًا بأفكار الاستمتاع بتقدمات الله. أخبرني، أليس أضداد المسيح غير أخلاقيين؟ إنهم لا يتمتعون بأي إنسانية على الإطلاق؛ إنهم أبالسة بكل معنى الكلمة. في عملهم يمنعون دائمًا تدخل، واستفسار، وإشراف الآخرين. هذا هو السلوك الثالث الذي يتضمنه المظهر الثامن من مظاهر أضداد المسيح.
منذ فترة، اشترت كنيسة في أحد البلدان مبنى، واحتاجت إلى تجديده، وصادف أن قائدة الكنيسة في ذلك البلد كانت من أضداد المسيح التي لم تظهر بعدُ على حقيقتها. استخدمت ضِدَ المسيح شخصًا لا يعرفه أحد جيدًا في التجديدات، ولم يعرف أحد نوع العلاقة التي تربطه بها. ونتيجة لذلك، استغل ذلك الشخص الشرير الوضع، وأهدر الكثير من الأموال التي ما كان ينبغي إنفاقها خلال التجديدات. كان هناك بعض الأثاث الصالح للاستخدام جاء مع المنزل، وقد تم إخلاؤه كله واستبداله بأثاث جديد. ثم قام ذلك الشخص الشرير ببيع الأثاث القديم الذي تم إخلاؤه مقابل المال. لم يكن الأثاث غير سليم في الواقع – وكان لا يزال من الممكن استخدامه – لكن ذلك الشخص الشرير أنفق مبلغًا إضافيًا من المال لشراء أثاث جديد، من أجل كسب المال، لاستغلال الموقف. هل كانت ضِدَ المسيح على علم بهذه الأمور؟ نعم، كانت تعلم. فلماذا تغاضت إذًا عنه وهو يتصرف بهذه الطريقة؟ لأنه لا بد أن تكون علاقتهما غير طبيعية. لقد رأى بعض الأشخاص المشكلة، وكانوا سيتابعون ويتفقدون أعمال البناء، ليروا كيف كانت تسير الأمور. وما إن قالوا إنهم سيتفقدون البناء، حتى شعرت ضِدَ المسيح بالقلق والتوتر، وقالت: "كلا! لم يحن الموعد النهائي بعد؛ لا يُسمح لأحد برؤية ما يحدث!" كانت ردة فعلها قوية وحساسة للغاية؛ هل كان ثمة شيء ما يحدث في هذا؟ (نعم). هؤلاء الأشخاص، الذين أصبحوا الآن منزعجين بعض الشيء، ناقشوا الأمر: "هذا لن يجدي نفعًا. لن تسمح لنا بإلقاء نظرة على البناء. ثمة مشكلة بالتأكيد هنا؛ علينا أن نذهب لإلقاء نظرة على الموقع". لكن ضِدَ المسيح ظلت لا تسمح برؤيته حتى يحين موعد تسليم العمل. أخبرني، ألم يكن هؤلاء الأشخاص مشوشي الذهن؟ إن حقيقة عدم سماح ضِدَ المسيح برؤية البناء أثبتت أن ثمة شيئًا ما يحدث. كان عليهم الإسراع إلى إبلاغ الأعلى عنها، أو عزلها معًا، أو الذهاب بالقوة للنظر والتحقق من البناء. كانت هذه مسؤوليتهم. وإذا لم يتمكنوا من تحمل هذه المسؤولية، فهذا يعني أنهم عديمو الفائدة وجبناء غير أكفاء. هؤلاء الجبناء غير الأكفاء لم يصروا. لم تكن مشكلة متعلقة بمنازلهم، لذلك تجاهلوها ببساطة. هكذا كانت أنانيتهم وعدم مسؤوليتهم. وعندما تم تسليم العمل، رأيت من خلال مقطع فيديو أن هناك مشكلة. ما المشكلة التي رأيتها؟ كانت ثمة طاولة في منتصف غرفة الاجتماعات، وحولها كراسي جلدية كتلك المستخدمة في المكاتب الفاخرة. الكراسي التي أجلس عليها كلها كراسي عادية، فهل ينبغي لهؤلاء الأشخاص العاديين استخدام أغراض فاخرة كهذه؟ (كلا). كان هذا هو نوع الأثاث الذي جلبه هذان الاثنان، وكان الناس هناك يشعرون بسعادة بالغة وهم يجلسون على تلك المقاعد. وما إن اكتشفتُ المشكلة حتى اتصلت بذلك الوغد وبدأت في التحقيق في الأمر. في كل مكان، وفي كل غرفة، كشف الفحص عن الكثير من الأمور، وعن خسائر مالية كبيرة. بعض الأثاث الأصلي للمنزل كان صالحًا للاستخدام، لكن ذلك الشخص الشرير أخرجه وباعه ليجني المال منه؛ والأكثر من ذلك أنه جني المال عندما اشترى الأثاث الجديد باهظ الثمن؛ وعلاوة على ذلك، قام بتركيب بعض المعدات التي لا ينبغي أن تكون في كنيسة. هذا الشخص الشرير فعل ذلك دون استشارة أحد. عندما فعل هذا، هل كانت ضِدَ المسيح على علم بذلك؟ ربما كانت تعلم. لقد كانت تذهب إلى موقع العمل كل يوم، وبعد أن رأته لم تقدم أي تقرير، بل تغاضت عن تبديده. يا للجرأة! هل هي مؤمنة بالله؟ بعد 20 عامًا من الإيمان بالله، كانت بهذه البشاعة وفعلت شيئًا كهذا؛ أي نوع من الأشخاص هي؟ إنها ليست شخصًا! حتى الأشخاص الطيبون بين غير المؤمنين لا يفعلون ذلك؛ يا له من فجور! وفي كل مرة كان يسألها الأعلى عن أمور تتعلق بأعمال البناء، كانت تتظاهر بالغباء لتخدع الأعلى، وتحجب الأمور وتخفيها، وفي النهاية ظهرت مشاكل عديدة. هل سيكون من المبالغ فيه إذًا طردها وتركها تجد عملاً لكسب المال لتعويض الخسائر؟ أخبرني، حتى لو استطاعت ضِدَ المسيح تلك إعادة الأموال، هل ستجد السلام في هذه الحياة؟ هل يمكن أن تمر بوقت يسير؟ أخشى أنه سيكون عليها قضاء حياتها كلها في عذاب. إذا كانت تعلم أن أفعالها ستؤدي إلى هذا، فلماذا تصرفت بهذه الطريقة آنذاك؟ لماذا فعلت ذلك من الأساس؟ ليس الأمر أنها آمنت بالله لمدة عام أو عامين فحسب، ولم تكن تعرف القواعد في بيته، أو ما هو معنى أن يكون لدى المرء قلب يتقي الله، أو ما هو الإخلاص؛ بل بعد كل تلك السنوات من الإيمان بالله، لم تتغير مطلقًا، ورغم أنه كان باستطاعتها تقديم خدمة بسيطة، فإنها ظلت تفعل مثل هذا الشر! ولأنها بشعة إلى هذا الحد، يجب استبعادها ولعنها!
ثمة شيء مشترك بين أضداد المسيح في طريقة عملهم: أيًا كان العمل الذي يقومون به، فإنهم يمنعون الآخرين من التدخل أو الاستفسار. إنهم يريدون دائمًا إخفاء الأمور وحجبها. لا بد أنهم يخططون لشيء ما؛ فهم لا يسمحون للناس بمعرفة المشكلات التي تحدث في عملهم. لو أنهم يقومون بالأمور بطريقة مستقيمة وواضحة، بطريقة تتماشى مع الحق والمبادئ، وبضمير مطمئن، فما الذي عليهم أن يقلقوا بشأنه؟ ما الذي لا يمكن أن يذكر في ذلك؟ لماذا لا يسمحون للآخرين بالاستفسار والتدخل؟ ما الذي يقلقهم؟ ما الذي يخشونه؟ من الواضح أنهم يخططون لشيء ما؛ هذا واضح جدًا! يعمل أضداد المسيح بدون أي شفافية. وعندما يفعلون شيئًا سيئًا، فإنهم يفكرون في طرق لإخفائه وحجبه، واختلاق مظاهر كاذبة، وحتى الانخراط في خداع سافر. ما نتائج ذلك؟ إن الله يمحص كل شيء، وإن كان الآخرون قد لا يعلمون شيئًا لفترة من الزمن، وقد يُضلَلوا لبعض الوقت، فسيأتي اليوم الذي يكشف فيه الله ذلك. في نظر الله، كل شيء واضح ومكشوف. من غير المجدي أن تخفي شيئًا عن الله. إنه قدير، وعندما يقرر أن يكشفك، فسوف يظهر كل شيء جليًا في وضح النهار. وحدهم أضداد المسيح، أولئك الأغبياء الذين لا يتحلون بالفهم الروحي، والذين يمتلكون طبيعة رئيس الملائكة هم من سيعتقدون أنه: "ما دمت أُحكِم إخفاء الأمور، ولا أسمح لك بالتدخل أو الاستفسار، ولا أسمح لك بالإشراف على الأمور، فلن تعرف أي شيء؛ وسأكون مسيطرًا تمامًا على هذه الكنيسة!" إنهم يعتقدون أنهم إذا حكموا مثل الملوك، فسيتمكنون من السيطرة على الوضع. هل هكذا تسير الأمور في الواقع؟ إنهم لا يعلمون أن الله قدير؛ فذكاءهم أمر يدَّعُونَهُ لأنفسهم. إن الله يمحص كل شيء. على سبيل المثال، لنفترض أنك فعلت شرًا اليوم. إن الله يمحصه، لكنه لا يفضحك؛ بل يمنحك فرصة للتوبة. ثم ترتكب شرًا مرة أخرى غدًا، ومع ذلك، لا تقدم مبررًا له ولا تتوب؛ ومع ذلك يمنحك الله فرصة، وينتظرك لتتوب. ولكن إذا بقيت بغير توبة، فلن يريد الله أن يعطيك تلك الفرصة. سيشعر بالاشمئزاز منك وسيبغضك، وفي أعماق قلبه، لن يرغب في خلاصك، وسيتخلى عنك تمامًا. في هذه الحالة، ستكون مسألة دقائق معدودة قبل أن يكشفك، ومهما حاولت إخفاء الأمور أو عرقلة ذلك، فلن يجدي ذلك نفعًا على الإطلاق. أيًا كان حجم يدك، هل يمكنك حجب السماء بها؟ مهما كنت قادرًا، هل يمكنك تغطية عيني الله؟ (كلا). هذه أفكار بشرية حمقاء. أما عن مدى قدرة الله حقًا، فيمكن للناس بالفعل الشعور ببعض من ذلك في كلامه. وعلاوة على ذلك فإن جميع أفراد هذه البشرية الفاسدة الذين ارتكبوا شرورًا عظيمة وعارضوا الله مباشرةً، قد واجهوا عقوبات مختلفة، وكل من يرى ذلك مقتنع تمامًا، ويقر بأنه قصاص. حتى غير المؤمنين يستطيعون أن يروا أن بر الله لا يتسامح مع الإساءة، لذلك يجب على أولئك الذين يؤمنون بالله أن يكونوا قادرين على رؤية هذا الأمر بوضوح أكبر. إن قدرة الله وحكمته لا يمكن إدراك عمقهما. ولا يستطيع الإنسان رؤيتهما بوضوح. هنالك تلك الأغنية؛ ماذا تقول؟ ("طرق الله لا يمكن إدراك عمقها"). هذا هو جوهر الله، والكشف الحقيقي عن هويته وجوهره. لا حاجة إلى تخميناتك أو تكهناتك. عليك أن تؤمن بتلك الكلمات فحسب؛ حينها لن تفعل مثل هذه الأشياء الحمقاء. كل الناس يظنون أنفسهم أذكياء؛ إنهم يغطون أعينهم بورقة ويقولون: "هل تستطيع أن تراني؟" يقول الله: "لا أستطيع رؤيتك بالكامل فحسب، بل أرى أيضًا قلبك، وعدد المرات التي زرت فيها عالم البشر"، ويكون الناس في حالة ذهول. لا تظن نفسك ذكيًا؛ لا تفكر قائلًا: "الله لا يعلم بهذا ولا يعلم بذلك. لم يرَ أي من الإخوة والأخوات شيئًا. لا أحد يعرف. لديّ مخططي الصغير الخاص بي. انظروا كم أنا ذكي!" ليس ذكيًا في هذه الدنيا من الناس من لا يفهم الحق ولا يؤمن بأن الله له السيادة على كل شيء. أيًا كان ما يقولونه أو يفعلونه، فكله في نهاية المطاف خاطئ، وكله يخالف الحق، وكله مقاومة لله. ثمة نوع واحد فحسب من الأشخاص الأذكياء. أي نوع هذا؟ إنه النوع الذي يعتقد أن الله يمحص كل شيء، وأنه بصير بكل شيء، وأن له السيادة على كل شيء. مثل هؤلاء الناس أذكياء للغاية، لأنهم في كل ما يفعلونه خاضعون لله؛ كل ما يفعلونه يتماشى مع الحق، ويستحسنه الله، ويحظى بمباركة الله. يعتمد ذكاء الشخص أو عدمه على قدرته على الخضوع لله، ويتوقف الأمر على ما إذا كان ما يقوله ويفعله يتماشى مع الحق. إذا كانت لديك هذه الفكرة: "هذا ما أفكر فيه بشأن هذه المسألة، وهذا ما أود أن أفعله، لأنه سيفيدني، لكنني لا أريد أن أُطلع الآخرين على هذا الأمر، ولا أريد أن يعرفوا به"؛ فهل هذه هي الطريقة الصحيحة للتفكير؟ (كلا). ماذا ينبغي أن تفعل عندما تدرك أن هذه ليست الطريقة الصحيحة للتفكير؟ ينبغي عليك أن تصفع نفسك صفعة قوية على وجهك لتعلم نفسك درسًا. أتعتقد أن الله لن يعرف إذا لم تقل؟ الحقيقة هي أنه بينما تراودك هذه الفكرة، فإن الله يعلم ما في قلبك. كيف يعلم ذلك؟ يدرك الله جوهر طبيعة الإنسان. فلماذا لا يكشفك في هذا الأمر إذًا؟ وحتى من دون أن يكشفه الله، سوف يمكنك فهمه تدريجيًا بنفسك، لأنك قد أكلت وشربت الكثير من كلام الله. إن لديك ضمير، وعقل، وفكر، وتفكير طبيعي؛ فينبغي أن تكون قادرًا على تحديد الصواب والخطأ بنفسك. إن الله يمنحك الوقت والفرصة للتفكير في الأمور بروية، لترى ما إذا كنت أحمق أم لا. سترى النتائج بعد التفكير في الأمر لبضعة أيام: ستعرف حينها أنك أحمق وغبي، وأنه لا ينبغي أن تحاول إخفاء ذلك الأمر عن الله. في كل الأمور، ينبغي أن تكشف كل شيء لله، وأن تكون صريحًا؛ هذا هو الشرط الوحيد، والحالة الوحيدة التي ينبغي الحفاظ عليها أمام الله. حتى عندما لا تكشف عن مكنونات نفسك، فأنت مكشوف أمام الله. من منظور الله، الله أعلم بالحقائق، سواء كشفت عنها أم لا. أليس من الحماقة ألا تستطيع إدراك ذلك؟ فكيف يمكنك أن تكون شخصًا ذكيًا؟ بكشف مكنونات نفسك أمام الله. أنت تعلم أن الله يمحص كل شيء ويعلم كل شيء، لذلك لا تظن نفسك ذكيًا، وتعتقد أنه قد لا يعلم؛ لأنه من المؤكد أن الله يراقب قلوب الناس في الخفاء، لذلك ينبغي للأذكياء أن يكونوا أكثر صراحةً وأنقى قليلًا وأن يكونوا صادقين؛ هذا هو التصرف الحكيم. هل الطريقة الصحيحة في التفكير هي أن تشعر دائمًا بأنك ذكي؛ وأن ترغب دائمًا في الاحتفاظ بأسرارك الصغيرة؛ وأن تحاول الحفاظ على بعض الخصوصية؟ لا بأس أن تكون بهذه الطريقة مع الآخرين، لأن بعض الأشخاص ليس لديهم خُلُق إيجابي ولا يحبون الحق. يمكنك أن تكون حذرًا بعض الشيء مع أشخاص مثل هؤلاء. لا تفتح قلبك لهم. لنفترض، على سبيل المثال، أن ثمة أشخاص تكرههم، وقد تحدثت عنهم بالسوء من وراء ظهورهم. هل يجب أن تخبرهم بذلك؟ لا تفعل؛ يكفي ألا تفعل ذلك مرة أخرى. إذا تحدثت عن ذلك الأمر، فسوف يؤثر ذلك على العلاقات بينكما. أنت تعلم في قرارة نفسك أنك غير صالح، وأنك قذر وشرير من داخلك، وأنك تغار من الآخرين، وأنك تحدثت عن شخص آخر من وراء ظهره لتلويث سمعته من أجل التنافس على الشهرة والمكاسب؛ يا للحقارة! أنت تعترف بأنك فاسد، وتعلم أن ما فعلته كان خاطئًا، وأن طبيعتك شريرة. ثم تأتي أمام الله وتصلي له: "يا إلهي، إن ما فعلته في الخفاء كان عملاً شريرًا، وخبيثًا، وخسيسًا؛ أرجو مغفرتك، وأتضرع إليك أن تهديني، وأتضرع إليك أن توبخني. سوف أسعى جاهدًا ألا أعود لمثل هذا الأمر مرة أخرى". لا بأس بذلك. يُمكنك استخدام بعض الأساليب في تعاملاتك مع الناس، لكن الأفضل أن تكشف عن مكنوناتك تمامًا أمام الله، فإنّك إذا أضمرت النيات واستخدمت الأساليب، فستكون في ورطة. أنت تفكر دائمًا في عقلك: "ما الذي يمكنني قوله لأجعل الله ينظر لي نظرة اعتبارٍ ولا يعرف ما أفكِّر فيه من الداخل؟ ما الشيء الصحيح الذي يجب قوله؟ ينبغي أن أحتفظ بالأكثر لنفسي، ينبغي أن أكون أكثر لباقةً، ينبغي أن تكون لديَّ طريقةٌ؛ فربَّما بعدها سوف ينظر لي الله نظرة اعتبارٍ ". هل تعتقد أن الله لن يعرف إذا كنت تفكِّر هكذا دائمًا؟ الله يعرف كلّ ما تفكِّر به. من المرهق التفكير هكذا. ومن الأسهل بكثيرٍ التحدُّث بصدقٍ وصراحة، فهذا يجعل حياتك أسهل. سوف يقول الله إنك صادقٌ وطاهر وصريح – وذلك ثمينٌ للغاية. إذا كان لك قلبٌ صريح وموقفٌ صادق، فحتَّى إذا جاءت أوقاتٌ تهت فيها بعيدًا وتصرَّفت بحماقةٍ، فإن الله لا يعتبر هذا إثمًا؛ هذا أفضل من إجراء الحسابات وأفضل من تفكيرك وتدبيرك المُستمرِّين. هل أضداد المسيح قادرون على هذه الأمور؟ (كلا، ليسوا قادرين).
كل الذين يسلكون طريق أضداد المسيح هم أشخاص لهم شخصية ضِدَ المسيح، وما يسلكه الأشخاص الذين لهم شخصية ضِدَ المسيح هو طريق أضداد المسيح؛ لكن ثمة فارق بسيط بين الأشخاص الذين لهم شخصية ضِدَ المسيح وبين أضداد المسيح. لو أن شخصًا ما لديه شخصية ضِدَ المسيح وسار في طريق أضداد المسيح، فلا يشير هذا بالضرورة إلى أنه من أضداد المسيح. ولكن إذا لم يتب ولم يستطع قبول الحق، فقد يتحول إلى ضِدَ للمسيح. لا يزال ثمة أمل وفرصة للأشخاص الذين يسلكون طريق أضداد المسيح أن يتوبوا، لأنهم لم يصبحوا أضدادًا للمسيح بعد. إذا ارتكبوا أعمالًا شريرة من أنواع كثيرة، ووصِّفوا على أنهم أضداد للمسيح، وبالتالي تم إخراجهم وطردهم على الفور، فلن تكون لديهم فرصة للتوبة بعد الآن. لو أن شخصًا يسلك طريق أضداد المسيح لم يفعل الكثير من الأمور الشريرة بعد، فهذا على الأقل يُظهر أنه ليس شخصًا شريرًا بعد. إذا كان بإمكانه قبول الحق، فثمة بصيص أمل له. أما إذا لم يقبل الحق، فمهما حدث، فسيواجه وقتًا عصيبًا للغاية فيما يتعلق بنيل الخلاص، حتى لو لم يفعل كل أنواع الشرور. لماذا لا يمكن خلاص ضِدَ المسيح؟ لأنه لا يقبل الحق على الإطلاق. غير أن بيت الله يعقد شركة عن كون المرء صادقًا – عن كيفية كون المرء منفتحًا وصريحًا، وأن يقول ما يجب قوله، وأن يتجنب الخداع – لكنه ببساطة لا يستطيع قبول ذلك. إنه يشعر دائمًا أن الناس يخسرون بسبب صدقهم، وأن قول الحق حماقة. إنه عازم على ألا يكون شخصًا صادقًا. هذه هي طبيعة أضداد المسيح، التي تنفر من الحق وتكرهه. كيف يمكن لشخص ما أن ينال الخلاص إذا لم يقبل الحق على الأقل؟ إذا كان بإمكان شخص يسلك طريق أضداد المسيح أن يقبل الحق، فثمة فارق واضح بينه وبين ضِدَ المسيح. جميع أضداد المسيح أشخاص لا يقبلون شيئًا من الحق. ومهما فعلوا من أمور خاطئة أو شريرة، ومهما عظمت الخسائر التي تسببوا في أن يتكبدها عمل الكنيسة ومصالح بيت الله، فلن يتأملوا أبدًا في أنفسهم ويعرفوها. وحتى لو هُذِبوا، فإنهم لا يقبلون أي حق على الإطلاق؛ ولهذا السبب توصِّفهم الكنيسة على أنهم أشرار، وعلى أنهم أضداد المسيح. على أقصى تقدير، يمكن أن يعترف أضداد المسيح فحسب بأن أفعالهم تنتهك المبادئ ولا تتماشى مع الحق، لكنهم لن يعترفوا أبدًا بأنهم يفعلون الشر عن قصد، أو يقاومون الله عن قصد. سوف يعترفون فقط بالأخطاء، لكنهم لن يقبلوا الحق؛ وبعد ذلك، سيستمرون في فعل الشر كما كانوا من قبل، دون ممارسة أي حق مطلقًا. وانطلاقًا من حقيقة أن ضِدَ المسيح لا يقبل الحق أبدًا، يمكن أن نرى أن جوهر طبيعة أضداد المسيح هو النفور من الحق وكراهيته. إنهم يظلون يقاومون الله كما هم دائمًا، مهما كان عدد السنوات التي آمنوا فيها به. ومن ناحية أخرى، قد يكون لدى الأشخاص العاديين الفاسدين شخصية ضِدَ المسيح، ولكن ثمة فارق بينهم وبين أضداد المسيح. يوجد عدد من الأشخاص الذين يستطيعون أن يحفظوا كلام الله عن الدينونة والكشف في قلوبهم بعد سماعه، ويفكرون فيه مليًا مرارًا وتكرارًا، ويتدبروا في أنفسهم. وقد يدركون حينها قائلين: "هذه إذًا شخصية ضِدَ المسيح؛ وهذا هو معنى السير في طريق أضداد المسيح. يا لها من مسألة خطيرة! لديَّ تلك الحالات والسلوكيات؛ لديّ هذا النوع من الجوهر؛ أنا ذلك النوع من الأشخاص!" ثم يفكرون في كيفية التخلص من شخصية ضِدَ المسيح، والتوبة الحقيقية، وبذلك، يمكنهم أن يُصمموا على عدم السير في طريق أضداد المسيح. في عملهم وحياتهم، وفي موقفهم تجاه الأشخاص، والأحداث، والأشياء، وتجاه إرسالية الله، يمكنهم أن يفكروا في أفعالهم وسلوكهم، ولماذا لا يستطيعون الخضوع لله، ولماذا يعيشون دائمًا بشخصية شيطانية، ولماذا لا يستطيعون التمرد على الجسد والشيطان. وهكذا، سَيُصلُّون لله، ويقبلون دينونته وتوبيخه، ويتضرعون إليه ليخلصهم من شخصيتهم الفاسدة ومن تأثير الشيطان. إن امتلاكهم العزم على القيام بذلك يثبت أنهم قادرون على قبول الحق. إنهم بالمثل يكشفون عن شخصية فاسدة، ويتصرفون وفقًا لإرادتهم؛ الفارق هو أن ضِدَ المسيح لا يطمح فحسب في تأسيس مملكة مستقلة، بل لن يقبل أيضًا الحق مهما كان. هذه هي نقطة ضعف ضِدَ المسيح. ومن ناحية أخرى، إذا استطاع شخص ذو شخصية ضِدَ المسيح أن يقبل الحق، ويصلي لله ويتوكل عليه، وإذا أراد التخلص من شخصية الشيطان الفاسدة، والسير في طريق السعي إلى الحق، فكيف ستكون تلك الصلاة وذلك العزم نافعين لدخوله الحياة؟ هذا على الأقل سوف يدفعهم إلى التأمل في أنفسهم ومعرفة أنفسهم أثناء قيامهم بواجبهم، واستخدام الحق لحل المشكلات، بحيث يصلون إلى القيام بواجبهم على نحو يفي بالمعايير. هذه إحدى الطرق التي ستعود عليهم بالنفع. علاوة على ذلك، مع التدريب الذي يوفره لهم القيام بواجبهم، سوف يكونون قادرين على الانطلاق في طريق السعي إلى الحق. ومهما كانت الصعوبات التي يواجهونها، فسوف يكونون قادرين على طلب الحق، والتركيز على قبول الحق وممارسته، وسيتمكنون تدريجيًا من التخلص من شخصيتهم الشيطانية، وسيخضعون لله ويعبدونه. وبهذه الممارسة، يمكنهم نَيْل خلاص الله. قد يكشف أصحاب شخصية ضِدَ المسيح عن فسادهم في بعض الأحيان، وقد يظلون يتكلمون ويتصرفون من أجل سمعتهم، ومكسبهم، ومكانتهم رغمًا عنهم، وقد يظلون يعملون وفق إرادتهم الخاصة؛ ولكن ما إن يدركوا أنهم يكشفون عن شخصيتهم الفاسدة، سيشعرون بالندم ويُصلُّون لله. هذا يثبت أنهم أشخاص يستطيعون قبول الحق، ويخضعون لعمل الله؛ ويثبت أنهم يسعون إلى دخول الحياة. وبغض النظر عن عدد السنوات التي اختبرها الشخص، أو مقدار الفساد الذي يكشف عنه، فإنه سيتمكن في نهاية المطاف من قبول الحق، والدخول في واقع الحق. إنهم أشخاص يخضعون لعمل الله. ولأنهم يفعلون كل هذا، فإن ذلك يُظهر أنهم قد وضعوا أساسهم بالفعل على الطريق الصحيح. لكن بعض الذين يسلكون طريق أضداد المسيح لا يمكنهم قبول الحق. بالنسبة لهم، سيكون الخلاص صعب المنال كما هو الحال بالنسبة لأضداد المسيح. مثل هؤلاء الناس لا يشعرون بأي شيء عندما يسمعون كلام الله الذي يكشف أضداد المسيح، بل لا يبالون ولا يتأثرون. فعندما تتحول الشركة إلى موضوع شخصية ضِدَ المسيح، سيعترفون بأن لديهم شخصية ضِدَ المسيح، وأنهم يسيرون في طريق أضداد المسيح. وسيتحدثون عن الموضوع بشكل جيد. ولكن عندما يحين وقت ممارسة الحق، سيظلون يرفضون القيام بذلك؛ ومع ذلك، سوف يتصرفون وفق إرادتهم الخاصة، اعتمادًا على شخصية ضِدَ المسيح لديهم. فإذا سألتهم: "هل تشعر بالصراع في قبك عندما تكشف عن شخصية ضِدَ المسيح؟ هل تشعر بتأنيب الذات عندما تتكلم من أجل الحفاظ على مكانتك؟ هل تتأمل في نفسك وتتعرف عليها عندما تكشف شخصية ضِدَ المسيح؟ هل أنت نادم في قلبك بعد أن علمت بشأن شخصيتك الفاسدة؟ هل تتوب أو تتغير على الإطلاق بعد ذلك؟" من المؤكد أنهم لن يجدوا إجابة، لأنهم لم يمروا بأي من مثل هذه الاختبارات. لن يتمكنوا من قول أي شيء. هل مثل هؤلاء الأشخاص قادرون على التوبة الحقيقية؟ لن يكون الأمر سهلًا بالتأكيد. أولئك الذين يسعون حقًا إلى الحق سوف يتألمون من أي كشف عن شخصية ضِد المسيح في أنفسهم، وسوف يصبحون قلقين؛ وسوف يفكرون: "لماذا لا أستطيع أن أتخلص من هذه الشخصية الشيطانية؟ لماذا أكشف دائمًا عن شخصية فاسدة؟ لماذا شخصيتي الفاسدة هذه عنيدة للغاية ولا سبيل للخلاص منها؟ لماذا يصعب للغاية الدخول في واقع الحق؟" هذا يُظهر أن خبرتهم الحياتية ضحلة، وأن شخصيتهم الفاسدة لم تُعالج كثيرًا على الإطلاق. لهذا السبب تحتدم المعركة في قلوبهم بشدة عندما يحدث لهم شيء ما، ولهذا السبب يتحملون أيضًا وطأة ذلك العذاب. على الرغم من أن لديهم العزم على التخلص من شخصيتهم الشيطانية، إلا أنهم بالتأكيد لا يستطيعون المُضي من دون تلك المعركة ضدها في قلوبهم؛ وتشتد حالة التعبئة تلك يومًا بعد يوم. ومع تعمق معرفتهم بأنفسهم، ورؤيتهم لمدى فسادهم العميق، يتوقون أكثر إلى ربح الحق وتقديره أكثر، وسيتمكنون من قبول الحق وممارسته دون انقطاع على مدار معرفتهم بأنفسهم وبشخصيتهم الفاسدة. سوف تنمو قامتهم تدريجيًا، وسوف تبدأ شخصيتهم الحياتية في التغير بشكل حقيقي. وإذا استمروا في محاولة الاختبار بهذه الطريقة، فسوف يتحسن وضعهم أكثر فأكثر، عامًا بعد عام، وفي نهاية المطاف، سيتمكنون من التغلب على الجسد والتخلص من فسادهم، وممارسة الحق باستمرار، وتحقيق الخضوع لله. إن دخول الحياة ليس سهلًا! الأمر أشبه بإنعاش شخص على وشك الموت: إن المسؤولية التي يمكن للمرء أن يتحملها هي مسؤولية عقد شركة عن الحق، ودعمهم، وإعانتهم، أو تهذيبهم. فإذا استطاعوا قبول ذلك والخضوع له، فثمة أمل لهم؛ وقد يحالفهم الحظ بما يكفي للنجاة، وتتوقف الأمور قبل الموت. أما إذا رفضوا قبول الحق، ولم يعرفوا شيئًا عن أنفسهم على الإطلاق، فهم في خطر. يمضي بعض أضداد المسيح عامًا أو عامين بعد استبعادهم دون أن يعرفوا أنفسهم، ولا يعترفون بأخطائهم. وفي مثل هذه الحالة، لا يبقى فيهم أي علامة للحياة، وهذا دليل على فقدانهم أي أمل في الخلاص. هل يمكنكم قبول الحق عندما يتم تهذيبكم؟ (نعم). ثمة أمل إذًا؛ هذا أمرٌ جيّد! إذا كنت تستطيع قبول الحق، فلديك أمل في الخلاص.
إذا كنت ترغب في نيل الخلاص، يجب أن تتخطى العديد من العقبات. ما هي تلك العقبات؟ إنها معركة مستمرة مع شخصيتك الفاسدة، ومعركة مع شخصية الشيطان وأضداد المسيح: كل هذه الأشياء ترغب في السيطرة عليك، وأنت ترغب في التحرر منها؛ إنها ترغب في تضليلك، وأنت ترغب في التخلص منها. فإذا وجدت نفسك لا تستطيع أن تتحرر من شخصيتك الفاسدة حتى بعد أن تعرفت عليها، فستحزن وتتألم، وسوف تصلي. في بعض الأحيان، عندما ترى أنه قد مر وقت طويل، وأنت لا تزال غير قادر على التخلص من سيطرة شخصية الشيطان، سوف تشعر أن الأمر ميؤوس منه، لكنك لن تستسلم، وستشعر أنه لا يمكنك الاستمرار في هذا الشعور السلبي واليائس، بل عليك مواصلة النضال. في أثناء أداء الواجب واختبار عمل الله، تختلف استجابات الأشخاص الداخلية بدرجات متفاوتة. باختصار، أولئك الذين لديهم الحياة هم أولئك الذين يسعون إلى الحق، وهم يتغيرون باستمرار من الداخل. سيستمر الانقلاب في تفكيرهم وآرائهم، وسلوكهم وممارساتهم، بل وحتى في النوايا والأفكار والخواطر التي في أعماق أذهانهم. علاوة على ذلك، فإنهم سوف يفرقون بوضوح متزايد بين ما هو صواب وما هو خاطئ، وما هي الأشياء الخاطئة التي فعلوها، وما إذا كانت بعض طرق التفكير صحيحة أو خاطئة، وما إذا كانت بعض الآراء تتماشى مع الحق، وما إذا كانت المبادئ التي تقف وراء التصرف بطريقة معينة تتماشى مع مقاصد الله، وما إذا كانوا أشخاصًا يخضعون لله، ويحبون الحق. سوف تزداد هذه الأمور بالتدريج وضوحًا وجلاءً في قلوبهم. على أي أساس إذًا يقوم تحقيق هذه النتائج؟ على أساس ممارسة الحقائق والدخول فيها كما يفهمونها. لماذا لا يستطيع أضداد المسيح تحقيق التغيير؟ هل هم عاجزون عن فهم الحق؟ (كلا). إنهم يستطيعون فهمه، لكنهم لا يمارسونه، ولا يطبقونه عندما يسمعونه. قد يكون الأمر أنهم يفهمونه ويقبلونه على أنه من التعاليم، ولكن هل يستطيعون حتى أن يطبقوا على أرض الواقع تلك الأجزاء من التعاليم واللوائح التي يستطيعون فهمها؟ كلا، على الإطلاق؛ حتى لو أجبرتهم، حتى لو أجهدوا أنفسهم في المحاولة، فلن يستطيعوا تطبيقها. لهذا السبب يظل الدخول إلى الحق بالنسبة لهم فراغًا أبديًا. مهما تحدث أضداد المسيح عن كونهم أشخاصًا صادقين، ومهما بذلوا من جهود، فإنهم لا يستطيعون أن يقولوا جملة واحدة صادقة؛ ومهما تحدثوا عن مراعاتهم لمقاصد الله، فإنهم يظلون لا يستطيعون التخلي عن دوافعهم الأنانية الدنيئة. إنهم يتصرفون من وجهة نظر أنانية. عندما يرون شيئًا جيدًا، شيئًا من شأنه أن يفيدهم، يقولون: "أعطني إياه؛ إنه لي!" إنهم يقولون كل ما من شأنه أن يعود بالنفع على مكانتهم، ويفعلون كل ما من شأنه أن يعود بالنفع على أنفسهم. هذا هو جوهر أضداد المسيح. قد يشعرون، في فورة حماس عابرة، أنهم فهموا جزءًا من الحق. تغمرهم الحماسة ويهتفون ببعض العبارات الرنانة: "أحتاج إلى الممارسة والتغير، وإرضاء الله!" ومع ذلك، عندما يحين الوقت لممارسة الحق، هل يفعلون ذلك؟ لا يفعلون. وأيًا كان ما يقوله الله، ومهما كان عدد الحقائق والوقائع التي يبشر بها، مع أي عدد الأمثلة الواقعية، فإنها لا يمكن أن تحرك ضِدَ المسيح ولا يمكن أن تثني طموحه. هذه سمة وعلامة تميز ضِدَ المسيح. إنهم ببساطة لن يمارسوا أي نوع من الحق على الإطلاق؛ عندما يتحدثون بشكل لطيف، يكون ذلك ليستمع الآخرون، ومهما كان أسلوب حديثهم لطيفًا، فهو مجرد شكل من الكلام الفخم الفارغ؛ إنه نظرية بالنسبة لهم. كيف يضع مثل هؤلاء الأشخاص الحق في قلوبهم؟ ماذا فيما قلته لك بالفعل هو جوهر طبيعة ضِدَ المسيح؟ (كُرْه الحق). هذا صحيح. إنهم يكرهون الحق. إنهم يعتقدون أن شرهم، وأنانيتهم، ودناءتهم، وعجرفتهم، وخبثهم، واغتصابهم للمكانة والثروات، وسيطرتهم على الآخرين هي أعلى حق، وأعلى فلسفة، وأنه لا شيء آخر بمثل علو تلك الأشياء. فما إن يحصلوا على المكانة والقدرة على التحكم في الناس حتى يمكنهم فعل كل ما يرغبون فيه، وعندها تصبح جميع طموحاتهم ورغباتهم قابلة للتحقيق. وهذا هو الهدف النهائي لضِدَ المسيح.
أضداد المسيح ينفرون من الحق ويكرهونه. هل يمكنك أن تجعل شخصًا كارهًا للحق يقبله ويمارسه؟ (كلا). إن فعل ذلك يعادل أن تجعل خنزيرًا يطير، أو ذئب يأكل التبن؛ هل هذا يعني طلب المستحيل منهما؟ في بعض الأحيان سوف ترى ذئبًا يتسلل إلى القطيع ليكون هناك مع الأغنام. إنه يتظاهر، في انتظار فرصته لالتهام الأغنام. لن تتغير طبيعته أبدًا. وبالمثل، فإن وجود أحد أضداد المسيح يمارس الحق يعادل وجود ذئب يأكل التبن ويتخلى عن غريزة أكل الأغنام: هذا مستحيل. الذئاب من الحيوانات آكلة اللحوم. إنها تأكل الأغنام؛ تأكل جميع أنواع الحيوانات. هذه هي طبيعتها، ولا يمكن تغييرها. إذا قال أحدهم: "لا أعلم إن كنت أحد أضداد المسيح أم لا، ولكن عندما أسمع شركة عن الحق، يشتعل قلبي غضبًا، وأكره ذلك؛ كل من يريد أن يهذبني، أكرهه أكثر"، فهل يكون هذا الشخص أحد أضداد المسيح؟ (نعم). يقول أحدهم: "عندما تحل بك النوازل، عليك أن تخضع وتطلب الحق"، فيرد عليه الشخص الأول قائلًا: "أخضع؟ هُراء! توقف عن الكلام!" أي نوع من الأشياء هذا؟ هل هو مزاج سيء؟ (كلا). ما هذه الشخصية؟ (كُرْه الحق). إنهم حتى لن يتحملوا الحديث عنه، وما إن تعقد شركة عن الحق حتى تنفجر طبيعتهم ويظهرون على حقيقتهم. إنهم يكرهون سماع أي ذكر لطلب الحق أو الخضوع لله. ما مدى كراهيتهم؟ عندما يسمعون مثل هذا الحديث، يثورون. يتلاشى تحضرهم؛ فلا يخافون من إفشاء السر. هذا هو المدى الذي وصلت إليه كراهيتهم. هل يستطيعون ممارسة الحق إذًا؟ (كلا). الحق ليس موجهًا للأشرار، بل هو موجه لأولئك الذين يملكون الضمير والعقل، والذين يحبون الحق والأمور الإيجابية. إنه يتطلب من هؤلاء الأشخاص أن يقبلوا به ويمارسوه. أما بالنسبة لأولئك الأشرار الذين لديهم جوهر ضِدَ المسيح، والذين يُكنون عداءً شديدًا للحق وللأمور الإيجابية، فلن يقبلوا الحق أبدًا. مهما طالت سنوات إيمانهم بالله، ومهما سمعوا من عظات، لن يقبلوا الحق أو يمارسوه. لا تفترض أنهم لا يمارسون الحق لأنهم لا يفهمونه، وأنهم سيفهمون عندما يسمعون المزيد منه. هذا مستحيل؛ لأن جميع الذين ينفرون من الحق ويكرهونه هم على شاكلة الشيطان. إنهم لن يتغيروا أبدًا، ولا يمكن لأي شخص آخر تغييرهم. إنهم يشبهون تمامًا رئيس الملائكة، بعد خيانة الله: هل سمعتم الله من قبل يقول إنه سيخلّص رئيس الملائكة؟ لم يقل الله ذلك أبدًا. إذًا، ماذا فعل الله للشيطان؟ لقد ألقاه في الهواء وجعلَه يخدمه على الأرض، يؤدي ما يجب عليه. وعندما ينتهي من أداء الخدمة، وتكتمل خطة تدبير الله، سيقوم بتدميره، ومن ثم ينتهي الأمر. هل يقول الله شيئًا إضافيًا واحدًا له؟ (كلا). لمَ لا؟ لأنه، باختصار، سيكون بلا فائدة. فقول أي شيء له سيكون غير ضروري. لقد أدرك الله حقيقته: إن جوهر طبيعة ضِدَ المسيح لا يمكن أن يتغير أبدًا. هكذا تسير الأمور.
عندما تقابل أحد أضداد المسيح كيف يجب أن تعامله؟ كان ثمة قادة وُصِفوا بأنهم قادة كذبة أو أضداد للمسيح وأُعفوا. أفاد الإخوة والأخوات بعد فترة أن أحدهم كان لا يزال لديه بعض القدرة على العمل، وأنه تاب في غضون ذلك، وكان أداؤه جيدًا. ليس من الواضح تمامًا ما إذا كان أداؤه جيدًا من الناحية السلوكية، أو ما إذا كان يتحدث بأسلوب لطيف، أو ما إذا كان قد أصبح أكثر انضباطًا في دوره. ونظرًا لأن الإخوة والأخوات قالوا إنه كان يؤدي جيدًا، ونظرًا لوجود نقص في القوى العاملة لبعض الأعمال، تم الترتيب ليقوم ببعض الأعمال. ونتيجة لذلك، بعد أقل من شهرين، قدم الإخوة والأخوات تقريرًا قالوا فيه: "اعفوه على الفور؛ إنه يضطهدنا بشكل لا يطاق. إذا لم يُعفّْ، فلن نتمكن من أداء واجباتنا". لقد رفضوا استخدامه، مهما حدث؛ أيًا كان من سينتخبونه قائدًا، فلن يكون هو. لقد كان هو نفسه الفاسق القديم؛ كان يتحدث بطريقة جيدة، لكنه في الواقع لم يتغير قيد أُنملة. ماذا يحدث؟ لقد انكشفت طبيعته تمامًا. كيف ينبغي التعامل مع هذه المسألة في رأيك؟ أن يكون للإخوة والأخوات رد فعل قوي مثل هذا يثبت أنهم، بالفعل، كانوا يمتلكون قدرًا من التمييز. لقد ضلل بعض الأشخاص، وبعد أن تعامل معه الأعلى، انبرى بعضهم للدفاع عنه، ثم قال بعضهم لاحقًا إنه تاب. لذا تمت ترقيته مرة أخرى، وبعد فترة، انكشف تمامًا. أدرك الإخوة والأخوات الآن حقيقته، وسيتحدون معًا لخلعه. لقد رأى الأعلى أن هؤلاء الناس أصبحوا الآن قادرين على التمييز. إنهم لم يُسقَوا عبثًا. لذلك، نظرًا لأنهم جميعًا لم يوافقوا على استخدامه، فقد أعفاه الأعلى. من أين جاء تمييزهم؟ (من فهم الحق). نعم؛ لقد فهموا الحق. التمييز يأتي من فهم الحق. ألم يكن لا يزال الحق والله يسودان هناك؟ (بلى). كان تمييزهم في الوقت المناسب: بعد إعفائه، لم يعد الإخوة والأخوات يعانون من سيطرته. لقد عانى الناس كثيرًا تحت اضطهاده. لم يكن لديه أي إنسانية على الإطلاق. لم يقم بعمله بشكل صحيح، بل أزعج أداء الإخوة والأخوات لواجباتهم؛ تعامل معهم بوقاحة، واستغل سلطته في الإساءة إليهم. من سيرضى بذلك؟ الأحمق هو من يرضى بذلك! عندما يُعفى هؤلاء الأشخاص، هل تكون لديهم أي مشاعر حول هذا الأمر بعدها؟ في المرة السابقة، تم إعفاء هذا الشخص من قِبل الأعلى؛ أما هذه المرة، فقد تم خلعه بواسطة الإخوة والأخوات، وتعرض للاستهجان على المنصة؛ وهي ليست طريقة رائعة للرحيل! لقد كان يرغب في البداية في طلب منصب. وكما اتضح فيما بعد، لم يحصل على منصب، بل سقط دفعة واحدة، وعاد إلى هيئته الأصلية. ألا ينبغي له أن يتأمل في نفسه؟ (بلى). لو أنه كان شخصًا عاديًا، مجرد شخصية فاسدة للغاية، أما كان عليه أيضًا أن يتأمل في نفسه؟ (بلى). ثمة نوع من الأشخاص لا يتأمل. هؤلاء يعتقدون أنهم على حق، وأن كل ما يفعلونه هو الصواب؛ إنهم لا يقبلون الحقائق، ولا يقبلون الأمور الإيجابية، ولا يقبلون تقييمات الآخرين لهم. هؤلاء هم أشخاص لديهم جوهر شخصية ضِدَ المسيح. إن أضداد المسيح وحدهم لا يعرفون كيف يتأملون في أنفسهم. ما الذي يتأملون فيه بدلًا من ذلك؟ إنهم يفكرون: "همم! سيأتي اليوم الذي يبزغ فيه نجمي مرة أخرى. انتظروا حتى تكونوا في قبضتي؛ عندها سترون كيف سأعذبكم!" هل ستتاح لهم الفرصة لفعل ذلك؟ (كلا). لقد نفدت فرصهم. عندما يصل الإخوة والأخوات إلى فهم المزيد والمزيد من الحقائق، وعندما يتمكنوا من تمييز كافة الحالات المختلفة لمختلف الأشخاص، وعلى وجه الخصوص، تمييز أضداد المسيح، ستتقلص المساحة المتبقية لأضداد المسيح لفعل الشر أكثر فأكثر، وستكون فرصهم في فعل ذلك أقل وأقل. لن يكون من السهل عليهم العودة. إنهم يأملون أن يُقلل الأعلى من عظاته حول التمييز، وأن يَكُفَّ عن تمييزهم. عندما يسمعون مثل هذه الحقائق تُعقد عنها شركة، يعرفون أن الأمر قد انتهى بالنسبة لهم، ويعتقدون أنه لا أمل لهم في العودة. تأملاتهم لا تسير على هذا النحو: "إن ما يكشفون عنه ويميزونه صحيح؛ إنه يعكس حالتي تمامًا. كيف ينبغي أن أتغير؟ إذا ظل سلوكي الذاتي على هذا النحو، ألن تكون تلك هي نهايتي؟ سأتعرض للطرد. ما الفائدة من السير في طريق رئيس الملائكة ومعاداة الله؟ هل سيكون لديهم مثل هذه التأملات؟ (كلا). لن يتأملوا، وبالتأكيد لن يتفكروا في أنفسهم ويحاولوا أن يعرفوا أنفسهم؛ بل سيموتوا قبل أن يتوبوا. تلك هي طبيعتهم. بغض النظر عن كيفية عقد شركة عن الحق معهم، فلن توقظهم أو تجعلهم يتوبوا. فهل من منفذ للنجاة دون توبة؟ (كلا). إنهم لا يتوبون. إنهم يسيرون في طريقهم إلى نهايته المريرة، إلى خرابهم الذي سعوا إليه بأنفسهم، وهو ما تمليه طبيعة أضداد المسيح.
لقد كنا نتحدث طوال هذا الوقت عن موضوع تمييز أضداد المسيح. ما هو برأيك الشعور الذي يكون لدى أضداد المسيح حال استماعهم؟ عندما يحين وقت التجمع، يشعرون بعذاب لا يطاق، ويكونون مقاومين في قلوبهم. أليسوا أضدادًا للمسيح؟ (بلى، هم كذلك). عندما يعرف شخص طبيعي ذو شخصية فاسدة أن لديه شخصية ضِدَ المسيح، فإنه يتمنى بفارغ الصبر أن يسمع ويفهم أكثر، لأنه ما إن يفهم، سيكون قادرًا حينها على السعي إلى التغيير. يظنون أنهم إن لم يفهموا فسوف يضلوا الطريق، وقد يأتي يوم يسلكون فيه طريق أضداد المسيح، حيث يرتكبون شرًا عظيمًا، ويفتحون الباب على مصراعيه، وبالتالي يفقدون فرصتهم في الخلاص، ويصيرون إلى الهلاك. إنهم يخشون ذلك. غير أن عقلية ضِدَ المسيح مختلفة. إنهم يائسون لدرجة أنهم يسعون جاهدين لمنع الآخرين من التحدث عن مثل هذه العظات حول التمييز أو سماعها؛ ويتمنون بلهفة أن يكون الجميع مشوشين وغير قادرين على التمييز، وأن يتم تضليلهم. هذا ما سيجعلهم سعداء. ما أعظم أمنية لضِدَ المسيح؟ الاستيلاء على السلطة. هل ترغبون في الاستيلاء على السلطة؟ (كلا). ليس بقلبك، ولكن تخطر ببالك أحيانًا على أنها شيء ترغب فيه، وهو في الواقع شيء تودّ أن تفعله. قد يكون لديك أمنية ذاتية بداخلك، ورغبة شديدة في أعماق قلبك ألا تكون ذلك النوع من الأشخاص، وألا تسلك ذلك الطريق، ولكن عندما يحدث لك شيء ما، فإن شخصيتك الفاسدة تسيطر عليك وتدفعك. أنت تُجهد عقلك في التفكير في كيفية حماية مكانتك ونفوذك، وعدد الأشخاص الذين يمكنك السيطرة عليهم، وكيفية التحدث بسلطوية لكسب تقدير الآخرين. عندما تفكر دائمًا في هذه الأشياء، فإن قلبك لا يعود تحت سيطرتك. ما الذي يتحكم به؟ (شخصية فاسدة). نعم؛ إنه تحت سيطرة شخصية الشيطان الفاسدة. يفكّر المرء طوال الوقت في اهتمامات مصالحه الجسدية؛ إنه دائمًا في صراع مع الآخرين، وفي خضم هذه الصراعات لا يربح شيئًا، وهذا مؤلم للغاية بالنسبة له؛ إنه يعيش فقط من أجل الجسد والشيطان. لذلك يعقد المرء العزم على أداء واجبه على أكمل وجه، والعيش في سبيل الله، ثم يصارع من جديد من أجل المكانة ومصالحه عندما تحل به الأمور: إنه صراعٌ متكرر يُرهقه حتى النخاع، ولا يجني منه شيئًا. أخبرني، أليس هذا أسلوب حياة مرهق؟ (بلى، هو كذلك). إنهم يعيشون هكذا يومًا بعد يوم، وبسرعة وقبل أن يدركوا، تكون قد مرت عقود. بعض الناس يؤمنون بالله لعشر أو عشرين سنة؛ فكم اكتسبوا من الحق؟ إلى أي مدى تغيرت شخصيتهم الفاسدة؟ لمن يعيشون كل يوم؟ بماذا يشغلون أنفسهم؟ من أجل ماذا يقدحون زناد فكرهم؟ كل هذا من أجل الجسد. قال الله إن "كُلَّ تَصَوُّرٍ لأفْكارِ قَلْبِه إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ". هل ثمة أخطاء في هذه الكلمات؟ تذوقها؛ استمتع بها. عندما تفكر بهذه الكلمات، عندما تختبرها، ألا تشعر بالخوف؟ قد تقول: "أشعر ببعض الخوف. في الظاهر، أدفع الثمن طوال الوقت؛ أتخلى عن نفسي، وأبذل نفسي، وأعاني. هذا ما يفعله جسدي البشري، لكن كل أفكار قلبي شريرة. كلها تتعارض مع الحق. في كثير من الأمور التي أفعلها، في المكان الذي أتيت منه، تتعلق دوافعي وأهدافي بارتكاب الشرور التي أتصورها فحسب". ماذا ينتج عن التصرف بهذه الطريقة؟ أفعال شريرة. هل سيذكرهم الله بعد ذلك؟ قد يقول البعض: "لقد آمنت بالله منذ عشرين عامًا. لقد تخليت عن كل شيء؛ ومع ذلك، لا يذكره الله". إنهم حزينون ويتألمون. ما الذي يؤلمهم؟ لو كان الله صارمًا حقًا مع الإنسان، ما كان لدى الإنسان ما يتفاخر به. كل هذا من نعمة الله، ورحمته؛ فالله متسامح للغاية مع الإنسان. فكِّر في الأمر: الله قدوس، وبار، وقدير، وهو يراقب أولئك الذين يتبعونه وهم يفكرون بأفكار شريرة تمامًا، طوال الوقت، وأفكار تتعارض مع الحق، وأفكار تتعلق بالكامل بمسائل تهم مكانتهم، وسمعتهم، ومكاسبهم. فهل سيتسامح الله مع أتباعه الذين يعارضونه ويخونونه بهذه الطريقة؟ كلا بالطبع. إن الناس، إذ تُسيطر عليهم هذه الأفكار، والآراء، والنوايا، والدوافع، يأتون بشكل سافر بأمور تدل على التمرد على الله ومعارضته، مُتباهين طوال الوقت بأنهم يؤدون واجبهم ويتعاونون مع عمل الله. كل هذا يراه الله، ومع ذلك لا بد أن يتحمله. كيف يتحمله؟ إنه يقدم الحق؛ إنه يسقي ويكشف، وينير ويضيء، ويعطي إرشادًا، ويؤنب، ويؤدب؛ وعندما يكون هذا التأديب شديدًا، يجب أن يقدم حتى الطمأنينة. ما أشد صبر الله ليقوم بكل ذلك! إنه يُراقب مختلف الشخصيات الفاسدة لهؤلاء الأشخاص، ويرى حقيقة أن كل استعلاناتهم، وسلوكياتهم، وأفكارهم المختلفة شريرة؛ ومع ذلك، فهو قادر على تحملها. أخبروني، هل يستطيع الإنسان أن يفعل ذلك؟ (كلا). إن صبر الوالدين على أبنائهم حقيقي، لكنهم مع ذلك قد يهجرونهم، أو حتى يقطعون علاقتهم بهم عندما تصبح الأمور لا تطاق. ماذا، إذًا، عن الصبر الذي يمده الله للمرء؟ إن كل يوم تعيشه هو يوم يمدك الله فيه بصبره. إنه صبور إلى هذا الحد. ما الذي ينطوي عليه هذا الصبر؟ (المحبة). ليست المحبة فحسب؛ إن لديه توقع منك. ما هو ذلك التوقع؟ أنه قد يرى نتيجة ومكافأة من خلال العمل الذي يقوم به ويجعل الإنسان يتذوق محبته. فهل للإنسان مثل هذه المحبة؟ كلا. بقليل من التعلم والتعليم، وقليل من الموهبة أو المهارة الخاصة، يشعر المرء بأنه في مرتبة أعلى من الآخرين، وأن الناس العاديين لا يمكنهم الاقتراب منه. تلك هي دناءة الإنسان. هل هكذا يتصرَّف الله؟ بل على العكس تمامًا: مثل هذه البشرية الدنيئة والفاسدة إلى حد لا يُصدق هم أولئك الذين يخلصهم الله؛ والأكثر من ذلك أنه يعيش معهم، ويتحدث معهم، ويدعمهم وجهًا لوجه. لا يستطيع الإنسان أن يفعل ذلك.
فيما يلي شركة إضافية عن مشكلة إضافية. بعض الناس، عندما يؤدون الشهادة، يقولون: "كلما حدث لي شيء، أفكر في محبة الله ونعمته، وأتأثر. إنني أتوقف عن الكشف عن شخصيتي الفاسدة عندما أفكر في هذه الأمور". يرى معظم الناس أن هذا القول جيد، وأنه يمكن أن يحل بالفعل مشكلة الكشف عن شخصية فاسدة. هل هذه الكلمات صائبة؟ كلا، ليست صائبة. فمحبة الله، وقدرته، وتسامحه مع الإنسان، وكل العمل الذي يقوم به في الإنسان لا يمكن إلا أن يؤثر في الإنسان؛ ذلك الجانب منه الذي هو إنسانيته، والجانب الذي هو ضميره وعقلانيته؛ إلا أنه لا يمكن أن يعالج شخصي الإنسان الفاسدة، ولا يمكن أن يغير هدف الإنسان واتجاه سعيه. لهذا السبب يقوم الله بعمل الدينونة في الأيام الأخيرة: إنه يعبر عن الحق ويقدمه من أجل حل مشكلة شخصية الإنسان الفاسدة. ما أهم شيء يفعله الله؟ إنه يعبّر عن الحق ويقدّمه، ويدين الإنسان ويوبّخه. إنه لا يرغب في التأثير فيك بأفعاله أو بأمور يفعلها، لتغيير اتجاه سعيك وهدفه. لن يعمل بهذه الطريقة. ومهما قال الله عن مدى صبره مع الإنسان، أو عن كيف يخلص الإنسان، مهما كان الثمن الذي يدفعه؛ مهما عبر عن ذلك، فإن الله لا يريد إلا أن يفهم الإنسان مقصده المتمثل في خلاص الناس. إنه لا يقول تلك الأشياء لكي يُليِّن قلوب الناس ويجعلهم يتغيرون بسبب تأثرهم بسماعه. لا يمكن فعل ذلك. لمَ لا؟ الشخصية الفاسدة للإنسان هي جوهر طبيعته، وجوهر الطبيعة هذا هو الأساس الذي يعتمد عليه الناس في البقاء على قيد الحياة. إنها ليست عادة سيئة أو خصلة يمكن تغييرها ببعض التحفيز؛ ولن تتغير ما إن يشعر المرء بالسعادة، أو مع ما يكتسبه من معرفة، أو بقرائته لبعض الكتب. هذا مستحيل. لا أحدَ يستطيع تغييرَ طبيعةِ الإنسان. لا يمكن للمرء أن يتغير إلا بقبول الحق واكتسابه؛ الحق وحده هو الذي يمكن أن يغير الناس. إذا كنت ترغب في تحقيق تغيير في شخصيتك الحياتية، فعليك أن تسعى إلى الحق، ولكي تسعى إلى الحق، عليك أن تبدأ بفهم واضح لمختلف الحقائق التي يتكلم بها الله. يعتقد بعض الناس أنه إذا فهم المرء التعاليم فقد فهم الحق. وهذا خطأ إلى أبعد حد ممكن. ليس الأمر أنك إذا فهمت تعاليم الإيمان بالله وكنت تستطيع تبنى بعض النظريات الروحية، تكون بذلك قد فهمت الحق. فكّر في الأمر الآن: ما المقصود بالحق بالضبط؟ لماذا أقول دائمًا إن الكثير من الناس لا يفهمون الحق؟ إنهم يفترضون أنه: "إذا استطعت أن أفهم معنى كلام الله، فهذا يعني أنني فهمت الحق"، وأن: "كل كلام الله صحيح، وكله يُقال في قلوبنا، لذا فهو لغتنا المشتركة". أخبرني، هل هذه العبارة صحيحة أم لا؟ ما الذي يعنيه حقًا فهم الحق؟ لماذا نقول إنهم لا يفهمون الحق؟ سنتحدث قليلًا أولًا عن ماهية الحق. الحق هو واقع كل الأمور الإيجابية. إذًا، كيف يرتبط واقع تلك الأمور الإيجابية بالإنسان؟ (كما أفهم، يا إلهي، إن الطريقة التي يتجلى بها عندما يفهم شخص الحق هي أن الشخص مهما واجه من أشخاص، وأحداث، وأشياء يكون لديه مبادئ، ويعرف كيف يتعامل معها، ولديه طريق للمارسة؛ فالحق قادر على حل مشكلاته وعلى أن يصبح واقعًا في حياته. كان الله يقول للتو إن فهم شخص ما للتعاليم ليس فهمًا للحق؛ إنه يشعر وكأنه فهم الحق، لكنه لا يستطيع حل أي من المشكلات والصعوبات التي يواجهها في حياته الواقعية. لا سبيل له إلى ذلك؛ إنه لا يستطيع الربط بين الأشياء والحق). هذا ما يعنيه عدم فهم الحق. جزء مما قيل للتو أصاب كبد الحقيقة: ما هو الحق؟ (يمكن للحق أن يمكِّن الناس من أن يكون لهم طريق لممارسة المبادئ والعمل بها، ويمكنه معالجة مشكلات الناس). هذا صحيح. أن يقارن المرء نفسه بمبادئ الحق وأن يتصرف وفقًا لها؛ هذا هو السبيل. وهو ما يثبت أن هذا فهم للحق. إذا كنت تفهم التعاليم فحسب، وعندما يحدث لك شيء ما لا تستطيع تطبيقها، ولا تستطيع أن تجد المبادئ، فهذا ليس فهمًا للحق. ما هو الحق؟ الحق هو مبادئ ومعايير القيام بجميع الأمور. أليس كذلك؟ (بلى، هو كذلك). عندما أقول إنكم لا تفهمون الحق، فأنا أقول إنكم تخرجون من العظات وأنتم لا تعرفون سوى التعاليم. أنتم لا تعرفون ما هي مبادئ الحق ومعايير الحق بداخلها، ولا تعرفون ما هي الأشياء التي تحدث لكم والتي تنطوي على هذا الجانب من الحق، ولا تعرفون ما هي الحالات التي ينطوي عليها، ولا تعرفون كيفية تطبيق هذا الجانب من الحق. أنتم لا تعرفون أيًا من هذه الأمور. لنفترض، على سبيل المثال، أنكم طرحتم سؤالًا. إن طرحكم للسؤال يعني أنكم لا تفهمون الحق المتعلق بهذا السؤال. فهل ستفهمونه بعد عقد شركة عنه؟ (نعم). قد تفهم قليلًا بعد الشركة، ولكن إذا أخفقت في فهمه عندما يحدث لك شيء مماثل مرة أخرى، فهذا ليس فهمًا حقيقيًا للحق. أنت لا تعرف مبادئ ومعايير ذلك الحق، ولا تملك فهمًا لها. قد يكون ثمة حق تعتقد أنك فهمته، ولكن فيما يتعلق بالوقائع التي يتناولها ذلك الحق، والحالات البشرية الذي يستهدفها، إذا كنت قد فهمت ذلك الحق، هل يمكنك عندئذ مقارنة حالتك الشخصية به؟ إذا لم تستطع، ولم تعرف أبدًا ما هي حالتك الحقيقية، فهل لديك فهم للحق؟ (كلا). إنه ليس فهمًا للحق. عندما يتعلق الأمر بأحد جوانب الحق والمبادئ، إذا كنت تعرف أي الأمور وأي الحالات تتعلق بذلك الحق، وأي أنواع الناس أو أي من حالاتك تتعلق بذلك الحق، وكنت قادرًا أيضًا على استخدام ذلك الحق لمعالجتها، فهذا يعني أنك تفهم الحق. إذا كنت تشعر بأنك تفهم عظة وأنت تسمعها، ولكن عندما يُطلب منك أن تعقد شركة، فإنك تردد الكلام الذي سمعته، ولا تقدر على التحدث عنها وشرحها من حيث الحالات والمواقف الحقيقية، فهل فهمك هو فهم للحق؟ كلا، ليس كذلك. إذًا، هل تفهمون الحق في معظم الأحيان، أم لا تفهمونه؟ (لا نفهمه). لم لا؟ لأنه فيما يتعلق بمعظم الحقائق، تخرجون من سماعها بفهم التعاليم فحسب. كل ما يمكنكم فعله هو الالتزام بها باعتبارها لائحة، ولا تعرفون كيفية تطبيقها بمرونة. وعندما يحدث لك شيء، تصاب بالذهول؛ عندما يحدث لك شيء، لا يمكنك استخدام تلك التعاليم التي فهمتها على أرض الواقع؛ إنها عديمة الفائدة. هل هذا فهم للحق أم لا؟ (ليس كذلك). هذا ما يعنيه عدم فهم الحق. وإذا كنت لا تفهم الحق، فماذا بعد؟ عليك أن تسعى للارتقاء، وأن تتحمّل عناء اكتشافه. ثمة أمور يجب أن تكون موجودة في إنسانيتك: يجب أن تكون حي الضمير ومدققًا فيما تتعلمه وتفعله. إذا كنت ترغب في السعي إلى الحق ولكنك تفتقر إلى ضمير الأشخاص العاديين وعقلهم، فلن تتمكن أبدًا من فهم الحق، وإيمانك هو إيمان مشوش. هذا لا يعتمد على مستوى قدراتك، بل يعتمد فحسب على ما إذا كنت تتحلى بهذا النوع من الإنسانية أم لا. إذا فعلت ذلك، فحتى لو كان مستوى قدراتك متوسطًا، فلا يزال بإمكانك فهم الحقائق البدائية. هذا يمس الحق على الأقل. وإذا كان مستوى قدراتك جيدًا للغاية، فإن ما تفهمه قد يكون أشياء على المستويات العميقة من الحق، وفي هذه الحالة ستكون قادرًا على الدخول إليها بعمق أكبر. هذا مرتبط بمستوى قدراتك. ولكن ما لم يكن ثمة موقف من ضمير ودقة في إنسانيتك، وكنت دائمًا في شك وغير مُتَيَقِّن، ومشوش، ودائمًا في حالة من الضبابية؛ ضبابي، وغير واضح، وسطحي في كل الأمور، فإن الحق بالنسبة لك سيكون دائمًا عبارة عن لوائح وتعاليم. لن تتمكن من ربحه. عندما تسمعونني أقول هذا، هل تشعرون الآن أن السعي إلى الحق صعب؟ ثمة درجة من الصعوبة في الأمر، لكنها قد تكون كبيرة، وقد تكون صغيرة. إذا فكرت وبذلت الجهد، ستتقلص درجة الصعوبة، وسوف تربح بعض الحقائق؛ أما إذا لم تبذل أي جهد على الإطلاق في الحق، بل فقط في التعاليم والممارسات الخارجية، فلن تتمكن من ربح الحق.
هل أدركتم جوهر شيء ما من خلال شركتي المنهجية عن هذه الحقائق؟ هل توصلتم إلى أي إدراكات؟ ألا يوجد مزيد من التفصيل للأمور في أي ضرب من ضروب الحق أكثر مما في المحتوى المعرفي لأي دورة جامعية؟ (بلى، يوجد). يوجد الكثير من التفصيل. يستطيع الناس استيعاب المواد التعليمية بمجهود بضع سنوات فحسب، من خلال الممارسة المستمرة والخبرة العملية، ما داموا يستطيعون حفظها وفهمها. عند تعلّم مادة أكاديمية، يمكن للمرء أن يتقنها تدريجيًا ما إن يبذل الوقت والجهد، ويبذل القليل من التفكير فيها. ولكن لفهم الحق، لن يجدي استخدام عقلك فحسب؛ بل يجب أن تستخدم قلبك. فإذا لم تفكر مليًا في كلام الله بقلبك، أو تختبره بقلبك، فلن تتمكن من فهم الحق. وحده من يملك الفهم الروحي، والضمير الحي، والقدرة على الفهم، يستطيع بلوغ الحق؛ أما من يفتقر إلى الفهم الروحي، ومن كان مستوى قدراته ضعيفًا، ومن يفتقر إلى القدرة على الفهم فلن يستطيع الوصول إليه أبدًا. هل أنتم غافلون، أم أنكم مدققون؟ (نحن أناس غافلون). أليس هذا خطيرًا؟ هل يمكنكم أن تكونوا مدققين؟ (نعم، يمكننا). هذا شيء جيد؛ أحب سماع ذلك. لا تقل دائمًا إنك لا تستطيع؛ كيف ستعرف ما لم تجرب؟ يجب أن تكون قادرًا على ذلك. مع عزيمتكم الحالية، وموقفكم الحالي في سعيكم، ثمة أمل أن تفهموا الحقائق الأساسية. هذا ممكن. وما دام الإنسان مستعدًا لاستخدام قلبه ودفع الثمن، والعمل جاهدًا من أجل الحق في قلبه، فسيعمل الروح القدس ويُكمّله. وإذا لم يجتهد في سبيل الحق في قلبه، فلن يعمل الروح القدس. تذكر: لكي يصل شخص ما إلى فهم الحق، عليه أن يبذل جهدًا نشطًا ويدفع ثمنًا، ولكن هذا لا يحقق إلا نصف النتائج المرجوة، ولا يمكنه أن يحقق إلا الجزء الذي يجب على الناس أن يقوموا بدورهم فيه معه. أما النصف الآخر فهو الجزء الحاسم في فهم الحق الذي يخفق الناس في إدراكه، ويجب أن يعتمدوا على عمل الروح القدس وكماله لتحقيقه. يجب ألا تنسى أنه رغم كفاية الاعتماد على بذل الجهد في اكتساب المعرفة وتعلم العلم، إلا أن فهم الحق لا يتم بهذه الطريقة. فلا جدوى من الاعتماد على العقل وحده؛ بل يجب على المرء أن يستخدم قلبه، وعليه أن يدفع ثمنًا. ما الذي يتحقق بدفع ثمن؟ عمل الروح القدس. ولكن ما هو أساس عمل الروح القدس؟ يجب أن يكون عقل المرء مدققًا بما يكفي؛ ويجب أن يكون قلبه هادئًا ومستقرًا بما يكفي، وصادقًا بما يكفي، قبل أن يعمل الله. إن عمل الروح القدس خفي، وأولئك الذين ذاقوا منه يعلمون ذلك. غالبًا ما يشعر الأشخاص الذين يبذلون جهودًا متكررة نحو الحق باستنارة الروح القدس، لذا فإن طريق ممارستهم في أداء واجبهم يكون سلسًا، ويزداد صفاء قلوبهم. لا يمكن للأشخاص الذين ليس لديهم اختبار أن يشعروا بعمل الروح القدس، ولا يمكنهم أبدًا رؤية الطريق الصحيح. كل الأمور ضبابية وغامضة بالنسبة لهم؛ إنهم لا يعرفون ما هو الطريق الصحيح. في الواقع، ليس من الصعب تحقيق فهم الحق، ورؤية طريق الممارسة بوضوح: إذا وُجدت تلك الظروف في قلب المرء، فسيعمل الروح القدس. ولكن إذا خرج قلبك من تلك الظروف، فلن تتمكن من اكتشاف عمل الروح القدس. هذا ليس أمرًا مجردًا أو غامضًا. وأنت في تلك الحالات، وقلبك في تلك الظروف، إذا سعيت وبذلت جهودًا وتأملت مليًا، وصلّيت، فإن الروح القدس سيعمل فيك. لكن إذا كنت شارد الذهن، وترغب دائمًا في السعي إلى المكانة والنضال من أجل الشهرة والربح، وترغب دائمًا في إثارة الضجة وتوظيف جهودك نحو الشكل؛ إذا كنت دائمًا تتهرب من الله، وتختبيء منه، وتتجنبه، وترفضه، ولا تكون صادقًا، بقلب غير منفتح عليه، فلن يعمل الروح القدس، ولن ينتبه لك، ولن يوبخك. ما مقدار الحق الذي يمكن أن يفهمه شخص لم يختبر حتى توبيخ الروح القدس؟ أحيانًا، يوبخك الروح القدس ليخبرك بالطريقة الصحيحة والطريقة الخاطئة لفعل شيء ما. عندما يمنحك هذا الشعور، ما الذي ستستفيده في النهاية منه؟ ستكون قد اكتسبت القدرة على تمييز الصواب من الخطأ، وستكون واضحًا تمامًا بشأن هذ الأمر بلمحة بصر. "هذه الطريقة خاطئة؛ إنها لا تتماشى مع المبادئ. لا يمكنني فعل ذلك". بهذا الشيء، ستعرف بوضوح ما هي المبادئ، وما هو مقصد الله، وما هو الحق بالفعل، وهكذا، ستعرف ما يجب عليك فعله. ولكن إذا لم يعمل الروح القدس، وإذا لم يمنحك مثل هذا التأديب، فستظل إلى الأبد في حالة مشوشة، دون وضوح، فيما يتعلق بمثل هذه الأمور. عندما تحلّ بك، ستصاب بالذهول؛ عندما تحلّ بك، لن تعرف ما يحدث، وفي قلبك ستكون في حيرة شديدة؛ ولن يكون واضحًا لك ما يجب عليك فعله. قد تكون على وشك الانفجار قلقًا؛ ولكن لماذا لا يعمل الروح القدس؟ ربما تكون بعض الحالات بداخلك غير صحيحة، وأنت تقاوم. بماذا تقاوم؟ إذا كنت متشبثًا برأي أو بمفهوم خاطئ، فلن يعمل الله، بل سينتظر إلى أن تدرك أن ذلك المفهوم أو الرأي خاطئ. أما الروح القدس، فلن يعمل إلا انطلاقًا من هذا الأساس. وعندما يعمل، فإنه لا يتوقف عند إخبارك، بوعي، ما هو الصواب وما هو الخطأ. بل إنه يُمكّنك من أن ترى بوضوح ما هو الطريق، وما هو الاتجاه، وما هو الهدف، ومدى بُعد فهمك عن الحق. إنه يتيح لك معرفة ذلك بوضوح. هل مررتَ بمثل هذه الاختبارات؟ لو أن شخصًا آمن بالله لعشر سنوات أو عشرين سنة، دون أن يمرّ بمثل هذه الاختبارات المحددة، فأيُّ نوعٍ من الأشخاص هو؟ شخص غافل. إنهم لا يستطيعون أن يقدموا سوى عددًا ضئيلًا من التعاليم، والعبارات الشائعة، التي غالبًا ما تُكرر لفظيًا، ولا يمكنهم معالجة المشكلات إلا بتلك الأساليب البسيطة التي يمتلكونها. لهذا، مقدر لهم أن يحرزوا تقدمًا ضئيلًا؛ لن يفهموا الحق أبدًا، ولن يعمل الروح القدس فيهم. مع مثل هؤلاء الناس الغافلين، الذين يكون الحق بالنسبة لهم بعيد المنال تمامًا، فإنهم لا يستطيعون فهمه، حتى لو أنارهم الروح القدس. وهكذا، لن يعمل الروح القدس فيهم. لمَ لا؟ هل يُحابي الله أحدًا؟ كلا. ما السبب إذًا؟ لأن مستوى قدراتهم ضعيف للغاية، والأمر بعيد المنال. إنهم لا يفهمون الحق، حتى لو كان الروح القدس يعمل؛ فلو قيل لهم إن شيئًا ما مبدأ، فهل ستكون لديهم القدرة على فهم ذلك؟ كلا. لذا، لن يفعل الله ذلك. هل اختبرتم هذا الأمر من قبل؟ الحق مُنصِف. بينما تسعى إليه، وبينما تتعمّق فيه، سيعمل الروح القدس، وستربحه. لكن إذا كنت كسولًا وتشتهي الراحة، وغير مستعد لبذل جهد لربح الحق، فلن يعمل الروح القدس، ولن تتمكن من ربح الحق، أيًا كنت. هل تفهمون الآن؟ هل تسعون الآن إلى الحق؟ من يسعى إلى الحق يربحه، ومن يربح الحق في نهاية المطاف سيصبح كنزًا. والذين لا يستطيعون ربح الحق يمكنهم أن يحسدوا الآخرين، ولكن دون جدوى؛ وإذا فاتتهم هذه الفرصة، فستكون قد ضاعت.
ما هي أفضل فترة زمنية للسعي إلى الحق؟ إنها هذه هي الفترة التي يعمل فيها الله في الجسد، يتحدث إليك ويعقد شركة معك وجهًا لوجه، ويرشدك ويساعدك. لماذا أقول إن هذه هي أفضل فترة؟ لأن عمل الله المتجسد وكلامه يستطيع أن يُمكّنك تمامًا من فهم مقاصد الروح القدس، ويتيح لك معرفة كيفية عمله. إن الله المتجسد قادر على فهم مبادئ، وأنماط، وطرق، ووسائل عمل الروح القدس بالكامل، وهو يخبرك بها، حتى لا تضطر إلى أن تتلمسها بنفسك. اسلك هذا الطريق المختصر، وستتمكن من الوصول إليه على الفور. عندما يتوقف الله المتجسد عن الكلام وينتهي من عمله، سيتعين عليك أن تتلمسه بنفسك. ليس ثمة من يمكنه أن يقوم مقام هذا الجسد المتجسد، الذي يمكن أن يخبرك صراحةً بما يجب أن تفعله، وإلى أين تتجه، وما نوع الطريق الذي يجب أن تسلكه. لا أحد يستطيع أن يخبرك بهذه الأمور؛ مهما كانت روحانية الشخص، فلن يستطيع فعل ذلك. وثمة أمثلة على ذلك. تمامًا كما هو الحال مع المؤمنين بيسوع، الذين يؤمنون منذ ألفي عام: بعضهم الآن يتراجع خطوة إلى الوراء ليقرأ العهد القديم ويحفظ الناموس؛ وبعضهم يحمل الصلبان، ومع ذلك يعلقون الوصايا العشر في غرفهم، ويحفظون اللوائح والوصايا. ماذا ربحوا في نهاية المطاف؟ الروح القدس يعمل، ولكن إذا كان كلام الله الصريح غائبًا، فإن الناس يتخبطون دائمًا. ماذا يعني غياب الكلام الصريح؟ يعني هذا أن ما يتلمس الناس من أجله ويكسبونه غير مقنع. ليس ثمة أحد يستطيع أن يمنحك اليقين، قائلًا لك إنه من الصواب أن تفعل هذا ومن الخطأ أن تفعل ذلك. لا يوجد أحد يستطيع أن يخبرك بذلك. حتى لو أنارك الروح القدس، وآمنتَ به، فهل يُقرّه الله؟ أنت لست متأكدًا أيضًا، أليس كذلك؟ (بلى، لسنا متأكدين). تلك الكلمات التي قالها الرب يسوع، والتي تركها خلفه منذ ألفي عام، وسُجِّلت في الكتاب المقدس؛ والآن، بعد ألفي عام، قدم المؤمنون بالرب تفسيرات من كل الأنواع لمسألة عودته، ولا يوجد أحد يعرف ما هو التفسير الدقيق في الواقع. لذا فإن قبولهم لهذه المرحلة من العمل يمثل عبئًا كبيرًا عليهم. ماذا يُظهر هذا؟ أن هذه الكلمات الغامضة التي لم تُذكر بشكل صريح، سيُقدّم لها عشرة أشخاص عشرة تفسيرات، ومائة شخص مائة تفسير. لكلٍّ منهم مبرراته وحججه الخاصة. ما هو التفسير الدقيق؟ ما دام الله لا يتكلَّم أو يُقدِّم استنتاجًا، فلا شيء مما يقوله الإنسان يُهم. مهما كَبُرت طائفتك، ومهما كان عدد أفرادها، فهل لذلك حساب عند الله؟ (كلا). إن الله لا ينظر إلى قوتك. حتى لو لم يستطع شخص واحد في العالم قبول ما يفعله الله، فهو صحيح، وهو الحق. هذه حقيقةٌ أبديةٌ لا تتغير! جميع الطوائف والمذاهب تفسر الأمر بهذه الطريقة وتلك الطريقة، فماذا يحدث في نهاية المطاف؟ هل لتفسيرك أي فائدة؟ (كلا). الله يدحضه بجملة واحدة. مهما حاولت تفسيره، هل سينتبه الله إليك؟ (كلا). لماذا لن ينتبه الله إليك؟ لقد بدأ الله في القيام بعمل جديد، مستمر منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا حتى الآن. هل سيأبه لأولئك الأشخاص، مهما صاحوا بغطرسة؟ (كلا). لن يأبه لهم. سيقول أهل الدين: "بدون أن تأبه لهم، ألا يمكن تخليص هؤلاء الناس؟" الحقيقة هي أن كلام الله قد أوضح كل شيء منذ زمن طويل، وما يقوله الله هو ما يحدث. مهما بلغت قوة العالم الديني، فلن يكون لها أي فائدة؛ ومهما بلغت أعداد أفراده، فإن ذلك لا يثبت أنهم يملكون الحق. الله يفعل ما يجب عليه فعله؛ أيًا كان ما يجب أن يبدأه، فهذا ما يبدأه؛ وأيًا كان من يريد أن يختاره، فإنه يختاره. هل هو متأثر ومقيد بالعالم الديني؟ (كلا). على الإطلاق. هذا عمل الله. ومع ذلك، يريد البشر الفاسدون أن يجادلوا الله، ويقدموا تفسيرات له طوال الوقت؛ فهل هذا مفيد بأي شكل من الأشكال؟ بل إنهم يتمسكون بكلمات الكتاب المقدس ليفسروها كما شاؤوا؛ ومن الواضح أنهم يخرجونها من سياقها، بل ويريدون التمسك بها طوال حياتهم، منتظرين أن يحققها الله. إنهم يحلمون! إذا كان المرء لا يبحث عن الحق في كلام الله، ويتمنى دائمًا أن يطلب من الله فعل هذا الشيء أو ذاك، فهل لا يزال لدى هذا الشخص عقل؟ ما الذي يحاول فعله؟ هل يريد الثورة؟ هل يريد أن يتنافس مع الله؟ عندما تحل الكوارث العظمى، سيصاب الجميع بالذهول؛ سيبكون ويصرخون دون جدوى. أليس هذا ما ستؤول إليه الأمور؟ إنه كذلك.
الآن هي أفضل فترة زمنية؛ إنه الوقت الذي يخلص الله فيه الناس ويكملهم. لا تنتظر إلى أن يأتي اليوم الذي تُفوّت فيه هذه الفترة، ثمّ تفكر: "ماذا يعني ذلك الأمر الذي قاله الله؟ كان من الأفضل أن أسأل حينها، أما الآن فلم أعد أستطيع السؤال. إذًا سأصلي فحسب، والروح القدس سيعمل، إنه الشيء نفسه". هل سيكون هو الشيء نفسه؟ (كلا). لو كان كذلك، لما كان الناس الذين آمنوا بالرب على مدى هذين الألفي عام كما هم الآن. انظروا فحسب إلى الكلمات التي دونها من يسمون بالقديسين خلال النصف الأول من الألفية الثانية؛ كم هي ضحلة ومثيرة للشفقة! يوجد الآن كتاب ضخم من الترانيم التي ينشدها الناس من جميع الطوائف والمذاهب، وتلك الترانيم لا تتحدث إلا عن نعمة الله والبركة؛ فقط هذان الأمران. هل هذه معرفة بالله؟ كلا، ليست كذلك. هل ثمة شيء من الحق في هذا؟ (كلا). إنهم يعلمون فحسب أن الله يحب أهل الدنيا. ثمة مقولةٌ ثابتةٌ في الدنيا، لا تتغير أبدًا، ألا وهي: "الله محبة". هذه هي الجملة الوحيدة التي يعرفونها. حسنًا، كيف يُحبُّ الله الناس؟ إن الله ينبذهم الآن ويستبعدهم؛ فهل لا يزال يُحبُّهم؟ من وجهة نظرهم، لا؛ لم يعد يحبهم. وهكذا يُدينونه. إن عدم سعي الإنسان إلى الحق، وعدم قدرته على فهمه هو أكثر شيء يدعو إلى الشفقة. ثمة فرصة كبيرة في الوقت الحاضر. لقد تجسد الله للتعبير عن الحق، وليخلص الناس بنفسه. سيكون من المؤسف حقًا ألا تسعى إلى الحق وألا تناله. لو أنك سعيت إليه، وفعلت ذلك بحماس، لكنك فشلت في فهمه في نهاية المطاف، لكان ضميرك مطمئنًا؛ على الأقل لن تكون قد خذلت نفسك. هل بدأتم الآن سعيكم؟ هل يُعدّ أداء الواجب سعيًا إلى الحق؟ إنه يُعتبر تعاونًا من نوع ما، ولكن من حيث تحقيق السعي إلى الحق، واعتباره سعيًا إلى الحق، فإن الأمر لم يبلغ ذلك بعد. إنه مجرد شكل من أشكال السلوك، نوع من الفعل؛ إنه امتلاك موقف السعي إلى الحق. فكيف يُمكن إذًا اعتبار شيء ما بمثابة سعي إلى الحق؟ يتعين عليك أن تبدأ بفهم الحق. إذا لم تفهم الحق، ولم تأخذ أي شيء على محمل الجد، وتخبطت في واجبك، وفعلت ما يحلو لك، دون طلب الحق أو الانتباه لمبادئ الحق، فهل ستتمكن حينها من فهم الحق؟ إذا لم تفهم الحق، فكيف يمكنك السعي إليه؟ أليس هذا صحيحًا؟ (بلى، هو كذلك). أي نوع من الناس هم أولئك الذين لا يسعون إلى الحق؟ إنهم حمقى. إذًا، كيف تسعى إلى الحق؟ يتعين أن تبدأ بفهمه. هل من العسير فهم الحق؟ كلا، ليس عسيرًا. ابدأ بالبيئات التي تخالطها، والواجب الذي تؤديه، وتمرن وتدرب وفقًا لمبادئ الحق. إن قيامك بذلك يدل على أنك بدأت في السير في طريق السعي إلى الحق. أولًا، بين هذه المبادئ، ابدأ في البحث، وإمعان التفكير، والصلاة، واكتساب الاستنارة شيئًا فشيئًا؛ تلك الاستنارة التي تكتسبها هي الحق الذي يجب عليك فهمه. اطلب الحق من خلال أدائك لواجبك أولًا، ثم تابع العمل وفقًا لمبادئ الحق. كل هذه الأمور لا تنفصل عن الحياة الواقعية: الناس، والأحداث، والأشياء التي تقابلها في الحياة، والأمور التي تقع في نطاق واجبك. ابدأ بتلك الأمور، وتوصل إلى فهم مبادئ الحق؛ حينها سيكون لديك دخول الحياة.
23 أكتوبر 2019