كيفية السعي إلى الحق (8)

الممارسة الأولى للسعي إلى الحقّ: التخلي

أولًا: التخلي عن مختلف المشاعر السلبية

فيما سبق، عقدنا الشركة حول الجانب الرئيسي الأول من كيفية السعي إلى الحق، وهو التخلي. فيما يتعلق بالتخلي، عقدنا الشركة حول الجانب الأول من الممارسة، وهو التخلي عن مختلف المشاعر السلبية. هدفنا في عقد الشركة حول مختلف المشاعر السلبية للناس وتشريحها هو بشكل أساسي، تناول الأفكار ووجهات النظر غير الصحيحة والمحرفة المخفية تحت تلك المشاعر السلبية. أليس هذا صحيحًا؟ (بلى). هذا يعني أننا من خلال علاج المشاعر السلبية في قلوب الناس، نهدف إلى تناول الأفكار ووجهات النظر السلبية التي يضمرونها في أعماق قلوبهم تجاه مختلف الأشخاص والأحداث والأشياء. وبالطبع، من خلال كشف المشاعر السلبية المختلفة وتشريحها وتزويد الناس بالأفكار ووجهات النظر الصحيحة والفهم، يمكن علاج مختلف المشاعر السلبية لدى الناس. هذا حتى لا يكون الناس مضطربين أو مقيدين بأفكار ووجهات نظر خاطئة ومحرَّفة كلما أصابتهم أشياء، سواء في حياتهم اليومية أو في مسار حياتهم، وبدلًا من ذلك، يواجهوا كل يوم ويواجهوا الأشخاص والأحداث والأشياء التي تصيبهم على مدار كل يوم، بأفكار ووجهات نظر إيجابية وصحيحة تتماشى مع الحق. وبهذا، لن يستجيبوا بتهوُّرٍ عندما يواجهون الأشخاص والأحداث والأشياء في الحياة الواقعية، بل سيعيشون في عالم الضمير والعقل البشرييْن الطبيعييْن، وسيكونون قادرين على تناول كل موقف يواجهونه أو يختبرونه في حياتهم وعلى مسار الحياة والتعامل معه بعقلانية، باستخدام الطرق الدقيقة والصحيحة التي علمها الله. أحد جوانب القيام بذلك يتمثل في أن يتسنى للناس العيش تحت إرشاد الأفكار ووجهات النظر الصحيحة وتأثيرها. الجانب الآخر هو أن يتعاملوا مع كل موقف بشكل صحيح تحت إرشاد الأفكار ووجهات النظر الإيجابية وتأثيرها. ليست القدرة على التعامل مع كل موقف بشكل صحيح هي الهدف النهائي بالطبع. الهدف النهائي هو تحقيق ما يجب على أولئك الذين يؤمنون بالله تحقيقه، وهو أن يتقوا الله ويبتعدوا عن الشر، وأن يخضعوا لله، ولترتيباته وتنظيماته، وأن يخضعوا لكل بيئة أنشأها، وأن يخضع كل منهم بالطبع لقدره الذي لله السيادة عليه، وأن يعيشوا بعقلانية بين جميع الأشخاص والأحداث والأشياء، وفي كل بيئة. باختصار، سواء كان ما نعقد عنه شركتنا أو نشرِّحه هو المشاعر السلبية لدى الناس أو ما لديهم من الأفكار ووجهات النظر السلبية، فإن كل هذا يتعلق بالمسار الذي يجب أن يسير فيه الكائن المخلوق، مسار الحياة الذي يطلبه الله من الشخص الطبيعي. وبالطبع، يتعلق الأمر أيضًا بالمبادئ التي يجب أن يتمتع بها الكائن المخلوق، من حيث كيفية رؤيته للأشخاص والأشياء، وبشأن الكيفية التي يتصرف بها ويسلك. إن التخلي عن مختلف المشاعر السلبية يتعلق ظاهريًا بعلاج المشاعر السلبية لدى الناس وعلاج الأفكار ووجهات النظر السلبية والمغلوطة المخفية تحت تلك المشاعر السلبية. ولكن في الواقع، يمكنك أيضًا القول إن الأمر يتعلق في الأساس بإرشاد الناس، وتزويدهم، ومساعدتهم، أو إنه يتعلق بتعليم الناس الكيفية التي يتصرفون بها ويسلكون، وكيفية أن يكون المرء – عند مواجهة مختلف البيئات والأشخاص والأحداث والأشياء – شخصًا صادقًا وطبيعيًا، وشخصًا عقلانيًا، وأن يكون الشخص الذي يريد الله من المرء أن يَكُونَه، والشخص الذي يحبه الله، والشخص الذي يرضي الله. ينطبق الأمر نفسه على الجوانب الأخرى من مبادئ الحق، من حيث إنها جميعًا تتعلق بتصرف المرء. ظاهريًا، يبدو أن موضوع التخلي عن مختلف المشاعر السلبية ينطوي على عاطفة اعتيادية تمامًا، أو حالة يعيش فيها الناس آنيًا. لكن الواقع أنَّ هذه المشاعر وهذه الحالات البسيطة ترتبط بالمسار الذي يسير فيه الناس والمبادئ التي يتصرفون وفقًا لها. من وجهة نظر الشخص، قد تبدو غير مهمة ولا تستحق الذكر. رغم ذلك، نظرًا لأنها تتعلق بوجهات النظر التي يحملها الناس والمنظورات والمواقف التي يتبنونها عند مواجهة مختلف الأشخاص والأحداث والأشياء، فإنَّها ذات علاقة قوية بتصرف المرء. وبشكل أكثر تحديدًا، فإنها تتضمن كيفية رؤية المرء للأشخاص والأشياء، والكيفية التي يتصرف بها ويسلك. نظرًا لأن هذه المشاعر السلبية والأفكار ووجهات النظر السلبية تنطوي على كيفية رؤية المرء للأشخاص والأشياء، والكيفية التي يتصرف بها ويسلك، فيجب فحصها باستمرار والتأمل فيها في حياة الناس اليومية. وبالطبع، من الضروري أيضًا أن يكون الناس قادرين على تَدَارُكِ أنفسهم على الفور متى ما اكتشفوا خلال عملية التأمل أن لديهم مشاعر سلبية أو أفكار ووجهات نظر سلبية ومغلوطة، وأن يكونوا قادرين على أن يستبدلوا بهذه المشاعر السلبية والأفكار ووجهات النظر المغلوطة على الفور أفكارًا ووجهات نظر إيجابية وصحيحة تتماشى مع مبادئ الحق. وهذا يمكّنهم من رؤية الناس والأشياء، والتصرف والسلوك متَّخِذين من كلام الله أساسًا ومن الحقِّ معيارًا لهم. إنها أيضًا طريقة لتغيير شخصيات الناس بحيث تتوافق مع الله، وبحيث يحققون تقوى الله ويبتعدون عن الشر. الأمور المذكورة أعلاه التي عقدنا الشركة حولها، هي في الأساس التفاصيل الرئيسية للجانب الأول، وهو "التخلي"، في "كيفية السعي إلى الحق". بالطبع، من بين مختلف المشاعر الإنسانية، توجد أيضًا أشياء سلبية بسيطة معينة، أو بعض المشاعر السلبية الخاصة التي تكون غير نموذجية على الإطلاق، والتي تتعلق أيضًا ببعض الأفكار ووجهات النظر السلبية أو المغلوطة. يمكن القول إن هذه المشاعر السلبية أو الأفكار ووجهات النظر المغلوطة لها تأثيرات ضئيلة على الناس، لذلك لن نعقد الشركة حول كل منها بدرجة أكبر من التفصيل.

جميع المشاعر السلبية التي عقدنا الشركة حولها سابقًا من الممكن أن تمثِّل بصفة أساسية قضايا توجد في حياة الناس الواقعية أو في مسار حياتهم. تتضمن هذه المشاعر مختلف وجهات النظر حول كيفية رؤية الأشخاص والأشياء، والكيفية التي يتصرف بها المرء ويسلك. إن مختلف هذه الأفكار ووجهات النظر السلبية حول كيفية رؤية الناس والأشياء والكيفية التي يتصرف بها المرء ويسلك ترتبط باتجاهات أوسع، ومبادئ رئيسية، وبسعي الناس إلى الحق. لذا، فإنَّ هذه أشياء يجب على الناس التخلي عنها ومعالجتها في أفكارهم ووجهات نظرهم. بعض ما يتبقى من الأمور المحددة أو غير النموذجية أو الأكثر خصوصيةً – مثل الطعام والملابس والحياة الشخصية وما إلى ذلك – لا تتضمن المبادئ الرئيسية لكيفية رؤية المرء للأشخاص والأشياء، وكيفية تصرفه وسلوكه، ويمكن القول إنها لا تتضمن التمييز بين الأشياء الإيجابية والسلبية. لذلك، فهي ليست ضمن نطاق الموضوع الذي نعقد الشركة حوله. على سبيل المثال، عندما يقول شخص ما: "أحب الأشياء السوداء"، فهذه حريته وذوقه الشخصي وتفضيله. هل يتضمن هذا أي مبادئ؟ (لا، لا يتضمن أي مبادئ). هذا لا يتضمن كيفية رؤية المرء للأشخاص والأشياء، ناهيك عن كيفية تصرفه وسلوكه. على سبيل المثال، يقول شخص يرتدي نظارات لقصر النظر: "أحب النظارات ذات الإطار الذهبي". ويقول شخص آخر: "الإطارات الذهبية عفا عليها الزمن. أفضل النظارات هي التي ليس لها إطار". هل يتضمن هذا مبادئ تتعلق بكيفية رؤية المرء للأشخاص والأشياء، وكيفية تصرفه وسلوكه؟ (لا، هذا لا يتضمن تلك المبادئ). هذا لا يتضمن مبادئ تتعلق بكيفية رؤية المرء للأشخاص والأشياء، وكيفية تصرفه وسلوكه. يقول آخرون: "لدي مشاعر سلبية تجاه الأعمال المنزلية اليومية والتنظيف. دائمًا ما أشعر أنها مزعجة وتجعل حياتي مُرْهِقَة؛ حتى الأكل أمر مزعج. إنَّ إعداد الوجبة يستغرق أكثر من ساعة، وبعد تناول الطعام، لا يزال يتعين علي غسل الأطباق وتنظيف الأواني وترتيب المطبخ، وهذه الأشياء مزعجة للغاية أيضًا". بينما لا يزال آخرون يقولون: "الحياة مزعجة للغاية. يجب على المرء تغيير ملابسه كل فصلٍ بما يتناسب مع الطقس، ورغم ذلك يكون الطقس حارًا للغاية في الصيف مهما كانت الملابس خفيفة، وباردًا للغاية في الشتاء مهما كانت الملابس ثقيلة. هذا الجسم المادي شيءٌ مزعج حقًا!". وعندما يتسخ شعرهم، لا يريدون غسله، لكنهم يشعرون بالحكة فيه عندما لا يغسلونه. لديهم حالةٌ من الخمول وعدم الترتيب. لا يمكنهم التنصل من عدم غسل شعرهم، لكنهم يغضبون عندما يغسلونه، ويفكرون، "ألن يكون من الرائع عدم وجود شعر؟ إنه لأمر مزعج للغاية أن يضطر المرء إلى قصه وغسله طوال الوقت!". هل هذه مشاعر سلبية؟ (نعم). هل يجب علاج هذه المشاعر السلبية؟ هل هي من ضمن مختلف المشاعر السلبية التي يجب التخلي عنها؟ (لا، ليست من ضمنها). لماذا ليست من ضمنها؟ (هذه ليست سوى بعض العادات والمشكلات المتعلقة بالحياة المادية للجسم). يمكن للنساء، ولا سيما البالغات منهنَّ، التعامل مع هذه الأمور اليومية العادية، مثل الغسيل والترتيب وتنظيف ما تسببوا فيه من فوضى. الرجال أسوأ حالاً قليلاً. إنهم يميلون إلى أن يعتبروا الطبخ وغسل الملابس والأعمال المنزلية مزعجة. هُم يكافحون كثيرًا عندما يتعلق الأمر بغسل الملابس. هل يجب أن يغسلوها؟ إنهم لا يشعرون بالرغبة في ذلك. هل يجب ألَّا يغسلوها؟ إنها متسخة للغاية، ويخشون أن يسخر الآخرون منهم، لذلك يقومون بشطفها في الماء لبرهةٍ خاطفةٍ فحسب. لدى الرجال والنساء مناهج ومواقف مختلفة قليلاً تجاه التعامل مع هذه الأمور اليومية البسيطة. تميل النساء إلى أن تكن أكثر تدقيقًا واهتمامًا بالتفاصيل، حيث تهتممن بالنظافة والمظهر، في حين أن الرجال قد يكونون خشنين نسبيًا في التعامل مع هذه الأمور. لكن ليس ثمة خطأ في ذلك. ليس من الجيد أن تكون فوضويًا للغاية؛ خاصة عندما تعيش مع أشخاص آخرين، فحينها ستكشف عن الكثير من عيوبك وهذا سيجعل الآخرين يكرهونك. هذه العيوب هي عيوب في إنسانيتك، ويجب عليك التغلب على عيوبك التي تحتاج إلى التغلب عليها، وعلاج تلك التي تحتاج إلى علاج. كن أكثر اجتهادًا، ونظِّم ما في مكان معيشتك من أشياء، واطوِ ملابسك وبطانياتك بشكل صحيح، ونظِّف بيئة عملك ونظمها يومًا بعد يوم أو كل بضعة أيام حتى لا تزعج الآخرين – الأمر بهذه البساطة حقًا. ما من حاجة لأن تشعر بأنَّ ذلك يمثل تحديًا، أليس كذلك؟ (بلى). أما بالنسبة لمدى تواتر مرات استحمامك أو تغيير ملابسك، فلا بأس ما دام الأمر لا يؤثّر على مزاج الآخرين. هذا هو المعيار. إذا كنتَ لا تستحم ولا تغسل شعرك ولا تبدِّل ثيابك لفترةٍ طويلةٍ من الوقت، ورائحتك تصبح كريهةً، ولا أحد يرغب في الاقتراب منك، فهذا ليس مقبولًا. يجب أن تغتسل وتبدو بمنظرٍ مقبولٍ، حتى لا تؤثر على مزاج الآخرين على الأقل. يجب ألا يضطرَّ الناس إلى تغطية أنوفهم أو أفواههم في أثناء حديثهم معك، أو أن يشعروا بالحرج بسببك. إذا عاملك الآخرون بهذه الطريقة ولم تمانع أو تهتم، فيمكنك الاستمرار في العيش بهذه الطريقة. لا أحد يفرض عليك مطالبَ مبالغ فيها؛ ما دمت قادرًا على قبول الأمر. ولكن إذا كنت تشعر بالحرج، فافعل كل ما بوسعك لإدارة بيئة معيشتك الشخصية ونظافتك، حتى لا ينزعج الآخرون من ذلك. الهدف هو عدم وضع أي عبء أو ضغوط لا مبرر لها على حياتك الخاصة، ومراعاة مشاعر الآخرين. لا تضغط على الآخرين أو تفرض تأثيرك عليهم. هذا هو الحد الأدنى من متطلبات الضمير والعقل البشريين الطبيعيين. إذا كنت حتى لا تملك هذا القدر، فكيف يمكنك أن تتصرف بلياقة؟ لذلك، فإن هذه الأشياء التي يُفْترَض أن يتمكن شخص ذو إنسانية طبيعية من تحقيقها لا تتطلب الكثير من الشرح. لا يلزم أن يعطيك بيت الله واجبات أو أوامر محدّدة. يجب أن تكون قادرًا على التعامل مع هذه الأشياء بنفسك. فالأمور الشخصية التي ذكرتُها أعلاه لا تنطوي على مبادئ أو معايير لكيفية رؤية الأشخاص والأشياء، وللكيفية التي يتصرف بها المرء ويسلك، وكيفية التصرف. لذلك، يمكن للمرء الاعتماد على الضمير والعقل البشريين الأساسيين للغاية للتعامل معها. يجب لشخص ذي ضمير وعقل بشرييْن طبيعييْن أن يمتلك هذا المستوى من الذكاء. ما من حاجة لإعطاء الأمر أكبر من حجمه، وفوق ذلك، لا ينبغي التعامل مع هذه الأمور البسيطة على أنها قضايا تتطلب الفهم أو الحل من خلال السعي إلى الحق، لأن هذه أشياء يمكن لأي شخص ذي إنسانية طبيعية تحقيقها. حتى الكلب الصغير يفهم ما يعنيه أن تكون لائقًا. إذا كان البشر لا يفهمون ذلك، فإنهم لا يلبون بمعايير كونهم بشرًا، أليس كذلك؟ (بلى). لديَّ كلب أليف. هذا الكلب جميل الشكل جدًا، وله عينان كبيرتان، وفم عريض، وأنف ذو شكل جميل. ذات مرة، تَشَاجَرَ مع جَرْوِهِ على الطعام، وعضه الجرو في أنفه. أصيب بجرحٍ صغيرٍ في منتصف أنفه بعد ذلك، مما أفسد مظهره. وضعت الدواء بسرعة على الجرح وقلت: "ماذا يمكننا أن نفعل الآن؟ كم سيكون منظرًا مُحْزِنًا أن تظهر نُدْبَةٌ على هذا الكلب الجميل!". قلت له: "من الآن فصاعدًا، لا تتبعنا عندما نخرج. إذا رأى الناس ندبة على وجهك، فسيعتقدون أنك تبدو قبيحًا". بعد أن سمع الكلب ذلك، أصدر صوتًا يعبِّر عن موافقته، وحدَّق في شرودٍ للحظة، واتسعت عيناه. تابعتُ: "أنت مصاب. لديك جرحٌ كبيرٌ على أنفك، وقد يضحك النّاس عليك إذا رأوه. تحتاج إلى الراحة والتعافي. لا يمكنك أن تتبعنا حتى تتعافى تمامًا". بعد سماعه كلماتي، لم يصدر صوتًا آخر، ولم يصر على الخروج. فكرت أنه حتى الكلب يفهم حقيقة الوضع. بعد فترة من الوقت، اندمل الجرح وتحسن بشكل ملحوظ، لذلك خرجتُ به. رأت إحدى الأخوات الكلب الصغير وسألت: "مرحبًا، ماذا حدث لأنفك؟". بعد أن سمع الكلب ذلك، أدار رأسه وركض دون النظر إلى الوراء، عائدًا مباشرة إلى السيارة، رافضًا العودة. عندما بدأت الأخت في التحدث إليه، كان يحسن التصرُّف، وشرب الماء عندما قدمته إليه. لم يهرب، لكنها حالما سألتْ: "ماذا حدث لأنفك؟". أدار رأسه وركض دون النظر إلى الوراء. عندما عدنا إلى المنزل، سألته: "لقد أصيب أنفك، لماذا هربت عندما سألتك الأخت عنه؟ هل أنت خجلان؟". نظر إليّ بتعبيرٍ خجلان، خافضًا رأسه باستمرار، وشاعرًا بحرجٍ شديد منعه من النظر إليَّ. ثم استكان بين ذراعي، وتركني أداعبه وأحضنه. قلت له: "لا تتشاجر مع جروك بعد الآن. إذا تعرضت للإصابة وظهرت لك ندوبٌ مرة أخرى، فقد تبدو قبيحًا. سيسخر الناس منك. أين ستخفي وجهك؟". انظر، حتى الكلب الصغير البالغ من العمر خمس سنوات يعرف ما يعنيه أن تشعر بالخجل. إنه يعرف أن يختبئ من الناس لأن وجهه مصاب ويخشى السخرية منه. إذا كان الكلب الصغير يملك هذا المستوى من الذكاء، ألا يجب أن يملكه البشر أيضًا؟ (بلى). يجب أن يملكه البشر، أي يجب أن يكون شيئًا يمتلكونه في نطاق عقولهم. ماذا يعني أن تكون لائقًا؟ ماذا يعني أن تصبح مهذبًا وألا يكرهك الآخرون أو ينفروا منك؟ يجب أن يكون لديك هذا المعيار في داخلك. إنها أبسط مسألة في الحياة اليومية، ومع وجود ضمير وعقل بشرييْن طبيعييْن، يمكنك التعامل مع الأشياء بدقة دون الحاجة إلى عقد الشركة حول حقائق مثل علاج شخصيات الناس الفاسدة أو مشاعرهم السلبية. بالطبع، إذا كنت تعيش في منزلك، فلا بأس أن تكون فوضويًا بعض الشيء، فالمعايير فيه ليست بهذه الصرامة. لكن إذا كنت تعيش مع الإخوة والأخوات، فيجب عليك التأكد من أنك تحافظ على إنسانيتك الطبيعية جيدًا. على الرغم من أنه ليس لدينا أي متطلبات محددة أو معايير صارمة لهذا، فيجب عليك، كإنسان طبيعي، أن يكون لديك إدراك لهذه الأمور. هذه هي الأشياء التي يجب على الأشخاص ذوي الإنسانية الطبيعية فعلها وامتلاكها. إنها لا تنطوي على أفكار أو وجهات نظر أو منظورات أو مواقف تتعلق بكيفية رؤية الأشخاص والأشياء، وكيفية تصرف المرء وسلوكه، وهي بالتأكيد لا تنطوي على مسار حياة أو اتجاه أو هدف أكبر. وبالتالي، سيكون من الأفضل لك علاج هذه الأمور وفقًا لمتطلبات الضمير والعقل البشرييْن الطبيعييْن، حتى لا يغتابك الآخرون أو يشعروا بالاشمئزاز منك بسبب هذه الأشياء. أما بالنسبة للعادات الشخصية أو الهوايات أو الاختلافات في الشخصية أو الخيارات المتعلقة بأمور لا علاقة لها بالمبادئ، فهذه الأشياء التي لا تنطوي على أفكار ووجهات نظر، فأنت حر في اختيار سلوكياتك الخاصة والاحتفاظ بها. بيت الله لن يتدخل. لقد منح الله الناس الإرادة الحرة والضمير والعقل الأساسييْن، وسمح للأفراد باختيار اهتماماتهم وهواياتهم وعاداتهم الخاصة، أو أنماط الحياة التي تناسب شخصياتهم. لا أحد له الحق في تقييدك أو إلزامك أو إلقاء اللوم عليك. فيما يتعلق بالأمور التي لا تنطوي على مبادئ الحق أو متطلبات الله في كلامه، وعلى وجه التحديد، الأمور التي لا تنطوي على كيفية رؤية الناس والأشياء، وكيفية التصرف والسلوك، فللناس الحق في اختيار طريقة حياتهم بحرية دون أي تدخل من الآخرين. إذا انتقدك قائد أو رئيس مجموعة أو مشرف أو تدخل في شأنك فيما يتعلق بالأمور الشخصية، فيحق لك تجاهله. باختصار، هذه الأمور المتعلقة بالإنسانية الطبيعية لا علاقة لها بمتطلبات كلام الله أو مبادئ الحق. ما دمت تشعر أنك لائق ومرتاح، وليس لسلوكك تأثير على الآخرين وهو لا يزعجهم، فلا بأس بذلك. على سبيل المثال، إذا كنت تستمتع بأن تكون متأنقًا في ملبسك ومرتَّبًا، فهذه ليست مشكلة ما دمت لا تؤثر على الآخرين. ولكن إذا كان الوقت متأخرًا في الليل وكان الآخرون بحاجة إلى النوم في الحادية عشرة، وأنت ما تزال تقوم بغسل الملابس أو التنظيف، فهذا غير مقبول. إذا كنت في منزلك ولا تؤثر على حياة الآخرين، فيمكنك البقاء مستيقظًا طوال الليل حتى الساعة الرابعة أو الخامسة صباحًا إذا كنت تريد ذلك. هذه حريتك. لكن بما أنك الآن تعيش مع الإخوة والأخوات، فإنَّ أفعالك ستؤثر على عاداتهم اليومية وجداولهم. وهذا ليس جيدًا. إنك بفعلك هذا لا تُمارس حقوقك وحريتك بشكل صحيح؛ وإنما تُصبح عنيدًا، وهذا ما يسمى بالافتقار إلى الإنسانية. فمن أجل حريتك وإشباع تفضيلات ورغبات جسدك، تعطل حياة الآخرين بل وتضحي بوقت راحتهم. هذا السلوك لا يتوافق مع الضمير والعقل البشرييْن الطبيعييْن؛ ويجب أن يتغير. يتعلق هذا بمبادئ تصرف الذات. لا يتعلَّق الأمر بخطأ ما في نمط حياتك الشخصية أو عادات النظافة الخاصة بك. هذا يتعلّق بمبادئ كيفيّة تصرفك. أنت لا تراعي مشاعر الآخرين أو أمزجتهم أو اهتماماتهم، وإنما تحمي مصالحك وتحافظ عليها على حساب الآخرين. هذه الطريقة في السلوك لا تتماشى مع متطلبات الله لكيفية تصرف المرء أو مع مبادئ التصرف التي يطلبها الله. لذلك، فإن أي تفضيلات أو مصالح أو خيارات في نمط الحياة أو عادات أو حريات أو حقوق، وما إلى ذلك من أشياء مرتبطة بالإنسانية الطبيعية، يجب أن تظلَّ ضمن نطاق ضمير الشخص وعقله لكي تُعَد إنسانية طبيعية. لكنها إذا تجاوزتْ حدود الضمير والعقل البشرييْن الطبيعييْن، فهذه ليست إنسانية طبيعية، أليس كذلك؟ (بلى). ضمن حدود الضمير والعقل البشرييْن الطبيعييْن، تتصرف كشخص طبيعي. لكن إذا تخطّيت حدود الضمير والعقل البشرييْن الطبيعييْن وما تزال تؤكّد على حريّتك، فأنت لا تتصرّف كشخص طبيعيّ؛ وإنما أنت شخصٌ دون بشريّ. هذا شيء يجب أن يتغير، وهذا يجب أن يكون واضحًا. ما الذي يجب أن يكون واضحًا؟ يجب أن يكون واضحًا أن هذه الأمور الشخصية يجب التعامل معها ضمن حدود الضمير والعقل البشرييْن الطبيعييْن، وأن هذا مبدأ من مبادئ التصرف. عاداتك الشخصية، ومطالبك، وخياراتك في نمط حياتك، وما إلى ذلك، كلها متروكة لك، ما دامت لا تتجاوز حدود الضمير والعقل البشرييْن الطبيعييْن. لا توجد متطلبات محددة فيما يتعلق بهذه الأمور.

في الجزء الأول من كيفية السعي إلى الحق، وهو "التخلي"، فيما يتعلق بالتخلي عن مختلف المشاعر السلبية، مثل الدونية والكراهية والغضب والاكتئاب والضيق والهم والقلق والكبت، فهذه في الأساس هي القضايا التوجيهية الرئيسية والقضايا التي تنطوي على المبادئ التي ينبغي أن نعقد الشركة حولها. وبالنسبة إلى القضايا الجانبية الثانوية التي لا تنطوي على مبادئ أو توجيهات، فقد عقدنا الشركة حولها بشكلٍ شاملٍ آنفًا. أما بالنسبة إلى التردد وعدم الرضا والاستياء وما إلى ذلك من مشاعرٍ تشعر بها تجاه مشاكلك الشخصية، فما دامت لا تنطوي على أفكار ووجهات نظر أصيلة ولا تتطرق إلى مبادئ كيفية رؤية المرء للأشخاص والأشياء، أو كيفية سلوكه وتصرفه، فهذه شؤونك الشخصية، وتحتاج إلى تعديلها والتعامل معها في نطاق ضميرك وعقلك. على سبيل المثال، أنت جائع ولا ترغب في الطهي، لكنك أضعف من أن تعمل بمعدة فارغة، وعندما تطبخ، تشعر بالانزعاج. قد تفكر: "هل هذا من المشاعر السلبية؟". ليس هذا من المشاعر السلبية؛ بل هو كسلك الجسدي وكراهيتك للطهي. هذا أمرٌ يتعلّقُ بجسدك الفاسد. إذا كانت ظروفك المالية تسمح، فيمكنك توظيف شخص ما ليساعدك في الطهي. إذا لم تكن لديك الإمكانات الماليّة، فلا يمكن لأحدٍ سواك حل المشكلة. الآخرون ليسوا ملزمين بحل هذه المشاكل الحياتية نيابة عنك؛ فهي مسؤوليتك أنت. هذه المهام الدنيوية المتمثلة في تناول الطعام وارتداء الملابس والتنظيف بالفرشاة والفرك هي جزء من حياة الإنسان. إنها متأصلة في وجود الإنسان. يختلف البشر عن القطط والكلاب. فبمجرد أن تتبنى قطًا أو جروًا، تكون مسؤولًا عن طعامه وشرابه. وعندما يجوع القط أو الجرو، يتعيَّن عليك إطعامه. لكن هذا لن يُفلح مع البشر؛ فالبشر يتعيَّن عليهم أن يعتنوا بهذه الجوانب من الحياة ويتحملوا مسؤوليتها بأنفسهم. هذا ليس عبئًا؛ فتعلُّم التعامل مع هذه الأشياء بشكل صحيح هو شيء يمكن للأشخاص ذوي الإنسانية الطبيعية تحقيقه. كل ما هنالك أن بعض الناس قد يشعرون أنهم لم يفعلوا هذه الأشياء من قبل، خاصة بعض الرجال الذين ساعدهم والداهم أو أفراد أسرهم على أن يبقوا منظمين، وبالغوا في تدليلهم لدرجة أنهم لم يتعلموا قَطّ كيفية الطهي أو غسل الملابس أو الاعتناء بالأشياء في حياتهم الخاصة. هذا نتيجة للبيئة الأسرية. رغم ذلك، فحالما يتركوا آباءهم وأمهاتهم ويبدأوا في العيش بشكل مستقل، يصيرون قادرين على القيام بكل شيء بأنفسهم، بما في ذلك غسل ملابسهم وترتيب أسِرَّتهِم. في الواقع، هذه أشياء يمكن للإنسانية الطبيعية تحقيقها. إنها ليست مهامًا صعبةً على أي شخص بالغ، وهي بالتأكيد ليست مربكة. يمكن حل هذه المشاكل بسهولة. وإذا كانت لديك معايير أعلى لجودة حياتك، فيمكنك أداء هذه الأشياء بصورةٍ أفضل. لكن إذا كانت توقعاتك لجودة حياتك أقلَّ صرامة أو أقلَّ مستوى، فيمكنك أن تجتهد أكثر. هذه كلها أمورٌ لا تنطوي على مبادئ.

ثانيًا: تخلي الناس عن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم

فيما يتعلق بالموضوع الرئيسي الأول في كيفية السعي إلى الحق، وهو التخلي عن مختلف المشاعر السلبية، دعونا نختتم هنا شركتنا حيث انتهت الشركة بشكل أساسي. وتاليًا في عملية السعي إلى الحق، يتعين على المرء أيضًا التخلي عن المساعي والتطلعات والرغبات الشخصية، وذلك بخلاف التخلي عن المشاعر السلبية. هذا هو ثاني جانب رئيسي من "التخلي" في ممارسة كيفية السعي إلى الحق، والذي سنعقد الشركة حوله اليوم. التخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم؛ هل تفهمون؟ (نعم، نفهم). ذكرتُ للتو أهداف هذه الممارسة المحددة المتمثلة في "التخلي"، وقد انتبهتم إليها أيضًا. الآن، دعونا نفحص الموضوع: ما الذي يتبادر إلى الذهن عندما نتحدث عن التخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم؟ ما الأمثلة التي يمكنكم التفكير فيها؟ (يمكنني التفكير في التطلعات التي لدى الناس، التي عقد الله الشركة حولها في وقت سابق، مثل الأشخاص الذين لديهم موهبة معينة، مثل التمثيل، ويطمحون إلى أن يصبحوا مشاهير أو نجومًا بارزين. وقد يطمح آخرون يمتلكون قدرات الكتابة وشيئًا من الموهبة الأدبية إلى أداء واجبات قائمة على النصوص في بيت الله وإلى أن يصبحوا كُتَّابًا. هذه بعض التطلعات التي تظهر في الناس). هل من شيء آخر؟ (يسعى النّاس إلى النّجاح كما يسعون إلى آفاقهم وآمالهم الخاصّة، ويرغبون في تلقّي البركات). فكروا أكثر، ماذا أيضًا؟ علامَ يجب أن يكون التركيز هنا؟ يتعلق الأمر بالمساعي والتطلعات والرغبات التي يتعيَّن على الناس التخلي عنها. إلى جانب رغبات الناس في التَّرَف والآمال التي يعقدونها تجاه آفاقهم وقَدَرِهِم، في سياق حياة الناس الواقعية، وفي الظروف الضرورية للوجود الإنساني، على ماذا أيضًا تنطوي المساعي والتطلعات والرغبات التي يجب على الناس التخلي عنها؟ ما بعض الأمور المهمة في الحياة التي يمكن أن تؤثر في إيمانك بالله وسعيك إلى الحق؟ (عندما يصل الناس إلى سن الزواج، قد يخضعون لقيود الزواج. أيضًا، عندما تتعارض المسيرة المهنية للشخص مع إيمانه بالله، فقد يختار السعي في مسيرته المهنية. هذان هما الجانبان اللذان يجب التخلي عنهما أيضًا). أحسنت القول. لقد منحك إيمانك بالله خلال السنوات القليلة الماضية نتائج وإدراكًا. لقد ذكرتَ بشكل صحيح جانبين مهمين: الزواج والمسيرة المهنية. هذان البندان الرئيسيان هما من بين القضايا المتعلقة بالأمور المستمرة مدى الحياة على مسار الحياة البشرية. الزواج مسألة مهمة للجميع، كما أن المسيرة المهنية للشخص هي أيضًا مصدر قلق كبير حتميٍّ لا مفرَّ منه. هل توجد أي أمور رئيسية أخرى إلى جانب هذين الأمرين؟ (هناك أيضًا جانب التعامل مع الأسرة والوالدين والأبناء. عندما تتعارض هذه الأمور مع الإيمان بالله والسعي إلى الحق، يصبح من الصعب على الناس التخلي عنها). عندما ترغبون في الإيجاز، لا ينبغي أن تستخدموا مثل هذه الجمل الطويلة. في وقت سابق، ذكرنا الزواج والمسيرة المهنية. إذن، بمَ ينبغي أن يُسمى هذا الموضوع؟ (الأسرة). هذا صحيح، الأسرة هي أيضًا جانب رئيسي. هل يشمل هذا الموضوع كل فرد؟ (نعم). هذا يشمل كل فرد، وهو محدد ونموذجيٌّ بما فيه الكفاية. الزواج والأسرة والمسيرة المهنية كلها مواضيع رئيسية تنطوي على الموضوع الرئيسي المتمثل في مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم. هناك ما مجموعه أربعة مواضيع رئيسية تتعلق بالتخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم. لقد حددتم ثلاثة منها بشكل صحيح، وهذا أمر رائع. يبدو أن هذا الموضوع يتطلب عقد شركةٍ مفصلة، فهو موضوع حاضر بالفعل في عقولكم، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بحياتكم أو بقامتكم وخبرتكم. هناك موضوع آخر، وهو في الواقع بسيط إلى حد كبير. ما هو؟ إنه اهتمامات الشخص وهواياته. أليس بسيطًا؟ (بلى). لماذا أذكر اهتمامات الشخص وهواياته؟ ألقِ نظرة فاحصة على الموضوع ولترَ ما إذا كانت الاهتمامات والهوايات مرتبطة بمساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم التي يتعين علينا مناقشتها. (نعم). هل الزواج مرتبط بها؟ (نعم). هل العائلة مرتبطة بها؟ (نعم). هل المسيرة المهنية مرتبطة بها؟ هذا صحيحٌ أيضًا. يرتبط كل جانب من هذه الجوانب الأربعة بمساعي الشخص وتطلعاته ورغباته. وكلٌ من هذه الجوانب يتضمن تصورات ومتطلبات محددة بشأنه في أعماق قلب الشخص، وكذلك الأشياء التي يرغب الشخص في الحصول عليها في جسده ومشاعره. لكل جانب عناصر محددة ومساعٍ ملموسة، ويتضمن أيضًا الجهد الذي يبذله الشخص والثمن الذي يدفعه مقابلها. كما يتضمن كل جانب أفكار الشخص وآراءه ويؤثر عليها طوال حياته ويمكن أن يؤثر على سعيه إلى الأهداف الصحيحة. وبالطبع، يؤثر كل جانبٍ أيضًا على كيفية رؤية المرء للناس والأشياء وكيفية سلوكه وتصرُّفه. لو أنني تحدثت بشكلٍ عامٍ، فقد تجدون الأمر غيرَ واضحٍ وصعب الفهم. لذلك دعونا نعقد الشركة عن كل جانب واحدًا تلو الآخر، ونفحص كلًا منها بعناية، وحينها قد تكتسبون تدريجيًا فهمًا واضحًا للقضايا. وبمجرد أن تصبح واضحة، قد يطلب الناس هنا المبادئ التي يتعيَّن عليهم تنفيذها والالتزام بها.

أ. التخلي عن المساعي والتطلعات والرغبات التي تنشأ من الاهتمامات والهوايات

أولًا، دعونا نتحدث عن الاهتمامات والهوايات. لا تنطوي الاهتمامات والهوايات بالطبع على ما يفعله الناس من حين لآخر للمتعة، أو تساليهم المؤقتة أو اهتماماتهم الدراسية؛ لا علاقة لها بالأشياء المؤقتة. هنا، المقصود بالاهتمامات والهوايات هو التوق الحقيقي والمسعى الذي يستقر في الوجود الروحي للشخص وفي أعماق نفسه؛ لدرجة أنَّ الأمر قد يصل به إلى اتخاذ إجراءات لهذه الأشياء ووضع خططٍ لها، وأكثر من ذلك أنه سيبذل جهودًا ملموسة ويسعى جاهدًا لإرضاء هذه الاهتمامات والهوايات أو تطويرها أكثر، أو من أجل القيام بعمل يتماشى مع اهتماماته وهواياته. في هذا السياق، تشير الاهتمامات والهوايات إلى أنَّ الأفراد قد حددوا أهدافًا وتطلعات، بل ودفعوا ثمنًا، أو بذلوا طاقة، أو اتخذوا إجراءات محددة. هم على سبيل المثال، بادروا بدراسة المعارف ذات الصلة من أجل اهتماماتهم وهواياتهم، وقضوا معظم حياتهم اليومية في دراسة هذه المعارف، وفي الحصول على خبرة عملية وإدراكٍ عملي لها. على سبيل المثال، بعض الناس يتخذون الرسم على وجه التحديد اهتمامًا وهوايةً، وليست لوحاتهم ببساطة رسم صور أو مناظر طبيعية فحسب، بل الأمر يتجاوز مثل هذه الاهتمامات والهوايات البسيطة. إنهم يدرسون تقنيات الرسم المختلفة، مثل الرسم التخطيطيّ، ورسم المناظر الطبيعية، والصور الشخصية، بل إن بعضهم يدرسون الرسم بالزيت والحبر. السبب الذي يدفعهم إلى الدراسة بهذا الشكل لا ينبع فقط من اهتماماتهم وهواياتهم، وإنما أيضًا من التطلعات التي طوروها وأنشأوها، والرغبات التي يمتلكونها، بسبب اهتمامهم بالرسم. هم حتى يرغبون في تكريس طاقة حياتهم بأكملها للرسم، ولأن يصبحوا الرسامين الذين يتطلعون إلى أن يكونوهم، وليمارسوا الرسم كمهنة. قبل الانخراط في هذه المهنة، يكون الإعداد والتخطيط المكثف ضروريين، ومن ذلك على سبيل المثال، الالتحاق بمدارس متخصصة لمزيد من التعليم والتدريب، ودراسة مختلف جوانب الرسم، وإجراء رسوم تخطيطيةٍ في المواقع، وطلب الإرشاد من الخبراء والفنانين الكبار، والمشاركة في المسابقات، وغير ذلك الكثير. تدور كل هذه الأنشطة حول مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم. وكل هذه المساعي والتطلعات والرغبات تستند بالطبع إلى اهتماماتهم وهواياتهم. لقد طوروا مساعي حياتهم وتطلعاتهم ورغباتهم بسبب هذه الاهتمامات والهوايات. بعض الناس لديهم شغف قوي بدراسة التاريخ، بما في ذلك التاريخ القديم والحديث، والتاريخ المحلي والأجنبي. ومع تزايد اهتمامهم، يبدأون في اعتبار أنفسهم أفرادًا ذوي موهبة في هذا المجال، ويشعرون بأنهم مُلْزَمُون بالسعي إلى مهنة مرتبطة به. ويستمرون في التعلم ومواصلة تعليمهم. خلال هذه العملية، بالطبع، تستمر مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم في التبلور والترسخ، ويطمحون في النهاية إلى أن يصبحوا مؤرخين. وقبل أن يصبحوا مؤرخين، يدور معظم وقتهم وطاقتهم حول هذا الاهتمام وهذه الهواية. هناك أيضًا بعض الأشخاص الذين لديهم اهتمام خاص بالاقتصاد، ويستمتعون بالعمل مع الأرقام ودراسة الأشياء المتعلقة بمجال الاقتصاد. وهؤلاء يأملون في يوم من الأيام أن يصبحوا شخصيات بارزة أو ناجحة في قطاع المالية. باختصار، هم أيضًا يطورون مسعًى يعتمد على اهتمامهم وهوايتهم، ويطورون تطلعات ورغبات متعلقة بذلك الاهتمام وتلك الهواية. في الوقت نفسه، يستثمرون وقتهم أيضًا، ويتخذون إجراءات، ويدفعون ثمنًا، ويبذلون الطاقة للتعلم والبحث وزيادة تعليمهم واكتساب معرفة شاملة تتعلق باهتماماتهم وهواياتهم. هناك آخرون لديهم شغف بالفنون، مثل الفنون المسرحية أو الرقص أو الغناء أو الإخراج. بعد تطويرهم مثل هذه الاهتمامات والهوايات، وفي ظل زخم هذه الاهتمامات والهوايات، تتشكل تطلعاتهم ورغباتهم وتترسخ تدريجيًا. نظرًا لأن تطلعاتهم ورغباتهم تصبح تدريجيًا أهداف حياتهم، فإنهم أيضًا يكرسون جهودهم وعملهم وتصرفاتهم نحو تحقيق تلك الأهداف. بعض الناس مولعون بالعمل في مجال التعليم. هؤلاء يدرسون جوانب مختلفة من التعليم، مثل علم النفس وغيره من فروع المعرفة ذات الصلة، لممارسة مهنة ترتبط باهتماماتهم وهواياتهم. بعض الناس أيضًا يستمتعون بالتصميم أو الهندسة أو التكنولوجيا أو الإلكترونيات أو البحث في الحشرات والكائنات الحية الدقيقة والسلوكيات الحيوانية المختلفة وأنماط البقاء والأصول وغير ذلك. وبعض الناس يستمتعون بالعمل الإعلامي ويطمحون إلى توظيفهم في صناعة الإعلام كمضيفين ومذيعين ومراسلين وما إلى ذلك. مدفوعين باهتماماتهم وهواياتهم المتنوعة، يواصل الناس التعلم والاستكشاف بعمق، ويكتسبون الفهم تدريجيًا. تتعمق مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم في قلوبهم وتستمر في التبلور. وبالطبع، خلال عملية تشكُّل مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم تدريجيًا، يسعى الأفراد أيضًا نحو تطلعاتهم ورغباتهم ويتقدمون فيها. كل خطوة محددة يقومون بها تستثمر طاقتهم ووقتهم وشبابهم وحتى مشاعرهم وجهودهم في هذه الأشياء.

بغض النظر عن المجال أو الصناعة التي تندرج ضمنها اهتمامات المرء وهواياته، ومهما كانت الفئة التي تنطوي عليها، فبمجرد أن يبتدئ المرء مسعاه ويؤسس التطلعات والرغبات المقابلة له، تصبح أهداف حياته واتجاهها راسخة أيضًا. وعندما تصبح تطلعات الفرد ورغباته أهداف حياته، فإنَّ مساره المستقبلي في هذا العالم يتحدد بشكلٍ أساسيٍ. لماذا أقول إنه قد تحدَّد؟ ما القضية التي نتناولها هنا؟ هي أنه بمجرد أن تُحَدِّدَ التطلعات والرغبات الناشئة عن اهتماماتك وهواياتك، يتعيَّن عليك أيضًا أن تسعى وتكافح في ذلك الاتجاه، إلى درجة أن تمتلك روحًا وعقلية عازمة لا تتزعزع، وأن تكون راغبًا في دفع ما يساوي عمرًا كاملًا من الطاقة والوقت والثمن. إنّ حياتك وقَدَرَك وآفاقك وحتى غايتك النهائيّة تتأثّر حتمًا بأهداف الحياة التي حدّدتها بالفعل، إن لم تكن وثيقة الصلة بها. ما هي النقطة الرئيسية التي أريد التأكيد عليها هنا؟ بمجرد أن يحدد الشخص مساعيه وتطلعاته ورغباته بناءً على اهتمام أو هواية معينة، فلن يظل خاملًا لا يفعل شيئًا. بسبب الاهتمامات والهوايات المحددة، تبدأ الإجراءات الملموسة في التبلور. وفي الوقت نفسه، وبإرشاد من هذه الإجراءات المحددة، ستُرسِّخ تطلعاتك ورغباتك. ومنذ ذلك الحين فصاعدًا، لن يهدأ قلبك ولن تقف قدماك ساكنتيْن. أنت مُقَدَّرٌ لك أن تعيش حياتك من أجل تطلعاتك ورغباتك، ولن يرضيك أبدًا أن تكتسب القليل من المعرفة ثم تكتفي بذلك. ولأنك تمتلك مثل هذه المواهب، وتمتلك مثل هذه المَلَكَات والطاقة الكامنة، ستبحث حتمًا عن منصبٍ يناسبك، أو ستبذل جهودًا حثيثة لترتقي وتصبح متميزًا فوق العادة في هذا العالم وفيما بين الجموع، دون أيّ ندمٍ. سوف تسعى إلى تطلعاتك ورغباتك بإيمان راسخ بالنصر، وستكون حتى راغبًا في دفع أي ثمن، ومواجهة أي صعوبات ومخاطر ومعاناة من أجل تحقيقها. لماذا يستطيع الناس فعل ذلك؟ لماذا يتمكنون من التصرف بهذه الطريقة بعد تطويرهم لتطلعاتهم ورغباتهم بناءً على اهتماماتهم وهواياتهم؟ (لأنهم يفعلون ذلك لتحقيق تطلعاتهم، والسعي إلى أشياء أعلى، والتفوق على البقية. ونتيجة لهذا، لا يتراجعون في مواجهة أي صعوبة وإنما يواصلون السعي إلى تطلعاتهم ورغباتهم). ثمة غريزة فطرية في الناس. إذا لم يعرفوا قَطُّ ما نقاط قوتهم، وما اهتماماتهم وهواياتهم، فإنهم يشعرون أنهم يفتقرون إحساسًا بالحضور، ولا يستطيعون إدراك قيمة أنفسهم، ويكتسبون شعورًا بعدم القيمة؛ ولا يستطيعون إظهار قيمتهم. لكن حالما يكتشف الشخص اهتماماته وهواياته، فإنه سيحولها إلى جسر أو نقطة انطلاق لتحقيق قيمته الذاتية. يصبح الشخص راغبًا في دفع الثمن من أجل السعي إلى تطلعاته، وأن يعيش حياة أكثر قيمة، وأن يصبح فردًا مفيدًا، وأن يتميز عن الحشد ويكون مرموقًا، وأن يصبح محل إعجابٍ وثقة، وأن يصبح شخصًا استثنائيًا. وبهذه الطريقة، يمكنه أن يعيش حياة مُرضية، وأن تكون لديه مسيرةٌ مهنيةٌ ناجحة في هذا العالم، وأن تتحقق تطلعاته ورغباته، وبالتالي يعيش حياةً ذات قيمةٍ. بالنظر في الحشود الصاخبة من الناس، ليس هناك سوى عدد قليل من الموهوبين بشكل طبيعي مثله، ممن لديهم تطلعات سامية ورغبات، وحققوا في نهاية المطاف هذه الأشياء من خلال الجهود الدؤوبة. لقد بنى مسيرة مهنية بفعله الشيء الذي يحبه، وحصل على الشهرة والربح والمنزلة التي يرغب فيها، وأظهر قيمته، وحقق قيمته الذاتية. هذا هو مسعى الناس. لكل شخص – مدفوعًا باهتماماته وهواياته الفريدة – مساعيه وتطلعاته ورغباته الخاصة. وبالطبع، بعد تحديد الشخص مساعيه وتطلعاته ورغباته الخاصة، قد لا يتمكن من تحقيق هذه التطلعات والرغبات. على الرغم من ذلك، فحالما يحدد الأفراد تطلعاتهم ورغباتهم، وحالما يكون لديهم هذه المساعي، فإنهم بالتأكيد لن يسمحوا لأنفسهم بأن يظلُّوا عاديين. كما يقول المثل، يحب الجميع التباهي بما لديهم، ويريدون أن يعتقد الآخرون أنهم فريدون. لا أحد يرغب في أن يكون شخصًا عاديًا يقول: "هذه هي الطريقة التي ستكون بها حياتي. لا بأس بأن أكون راعيًا للماشية أو مزارعًا أو عامل بناء عاديًا أو عامل نظافة. يمكن أن أكون حتى عامل توصيل أو سائقًا لتوصيل الوجبات الجاهزة". لا أحد لديه هذا النوع من التطلعات. لنفترض أنك تقول: "هل من التطلعات أن تكون عامل توصيل سعيدًا؟". سيجيب الجميع: "لا، هذا ليس من التطلعات على الإطلاق! أن تصبح مالكًا لشركة توصيل، ورئيسًا مشهورًا عالميًا، هذا من التطلعات والرغبات!". لا أحد يقبل طواعية دوره كشخص عادي. بمجرد أن يكون لدى الشخص أدنى قَدْرٍ من الاهتمام أو الهواية، إذا كانت هناك فرصة بنسبة واحدٍ في المليون أن يصبح شخصية بارزة في المجتمع أو يحقق نجاحًا معتدلًا، فلن يستسلم. بل إنه سيبذل 120 في المائة من جهده ويدفع أي ثمن مقابل ذلك، أليس كذلك؟ (بلى). الناس لا يستسلمون أبداً.

ما طبيعة التطلعات والرغبات التي تنشأ عن اهتمامات الناس وهواياتهم؟ نحن هنا لا نكشف اهتمامات الناس وهواياتهم، فما الذي نكشفه ونُشَرِّحه بالفعل؟ أليست المساعي والتطلعات والرغبات التي تنشأ عن اهتمامات وهوايات معينة لدى الناس؟ (بلى). ألسنا نكشف مختلف السلوكيات التي يظهرها الناس والمسارات التي يسلكونها نتيجة لمساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم؟ أليس هذا هو الجوهر الذي نكشفه؟ (بلى). إذن ما هي المسارات التي يسلكها الناس من أجل مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم؟ ما نوع المسار الذي يسير عليه أيُّ شخصٍ تقوده مساعيه وتطلعاته ورغباته؟ وما نوع الأهداف التي يحققها؟ خلال تحقيق الناس لمساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم، وبصرف النظر عن إنفاقهم طاقتهم ووقتهم، إضافة إلى تحملهم المزيد من الألم وجميع أنواع العمل البدني والتعب والإجهاد وغير ذلك من المصاعب المماثلة، الأهم من ذلك هو: ما المسار الذي يسلكونه؟ أي خلال سعي الناس إلى تحقيق تطلعاتهم ورغباتهم الخاصة، ما هو المسار الذي يجب أن يسلكوه من أجل تحقيق مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم؟ أولاً وقبل كل شيء، ما الذي يجب أن يدرسه الناس كخطوة أولى من أجل أن يحققوا مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم في هذا العالم؟ (جميع أنواع المعارف). هذا صحيح، يجب أن يتعلموا ويزودوا أنفسهم بجميع أنواع المعارف. كلما كانت معرفتهم أكثر وفرة وشمولية وعمقًا، زاد اقترابهم من مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم. وكلما كانت معرفتهم أكثر شمولاً ووفرة وعمقًا، زاد احتمال الاعتراف بهم أفرادًا ذوي خبرة، وارتفعت المكانة التي سيتمتعون بها في المجتمع. وفي الوقت نفسه، كلما كانت معرفتهم أكثر وفرة وعمقًا وشمولية، فهذا يعني أنهم سيحتاجون إلى إنفاق المزيد من الوقت والطاقة. هذا يُقال من منظور الطاقة البدنية. علاوةً على ذلك، بعد اكتساب الناس أساسًا معرفيًا، يدنون خطوةً من تحقيق مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم. إن اكتساب المعرفة الكافية ليس سوى الخطوة الأولى، الأساس السفلي. بعد ذلك، يتعيَّن على الناس غمس أنفسهم في المجتمع، وسط الجماهير، في حوض الصباغة الشاسع الخاص بالصناعة المرتبطة بتطلعاتهم ورغباتهم، أو في مَفْرَمَتِها إن جَازَ القول، وأن يناضِلوا، ويكافحوا، ويتنافسوا مع القوى من جميع الجوانب، وأن يشاركوا في مختلف المنافسات والمسابقات والندوات. إلى جانب بذل الناس قدرًا كبيرًا من الطاقة، يتعيَّن عليهم أيضًا التكيف مع مختلف المواقف والبيئات من أجل تحقيق مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم. في الوقت نفسه، في غِمار حوض الصباغة الشاسع هذا، يجب أن يعتمد الناس على معرفتهم، والاعتماد بالأحرى على ما تعلموه من الجماهير، وكذلك على الأساليب والفلسفات وقواعد النجاة التي يمتلكونها بالفعل، من أجل التكيف مع الجماهير وآليات المجتمع وقواعد اللعبة. من خلال هذه العملية، يقترب الناس تدريجيًا من أهداف مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم. وبعد نجاتهم من العديد من المحن، والعديد من التقلبات والتحولات، ماذا تكون العاقبة النهائية؟ الفائزون يحصلون على التاج، والخاسرون لا يحصلون على شيء. في النهاية، بالوصول إلى هذه النتيجة يحققون مساعي حياتهم وتطلعاتهم ورغباتهم، ويحققون أهداف حياتهم ويكون لديهم موطئ قدم راسخ في صناعتهم. بحلول ذلك الوقت، عادة ما يكون الناس قد وصلوا بالفعل إلى منتصف العمر أو الشيخوخة، وربما يكون بعضهم في السنوات المتأخرة، مصابين بضعف البصر، وصلع الرأس، وفقدان السمع، وفقدان الأسنان. في ذلك العمر، على الرغم من أنهم حققوا تطلعاتهم ورغباتهم، فَهُم فعلوا أيضًا العديد من الأشياء الضارة. لقد انغمسوا بحياتهم كلها في هذا. وعلى مدار حياتهم، قالوا العديد من الأشياء التي تتعارض مع إرادتهم، وارتكبوا العديد من الأفعال التي تنتهك الأخلاق والضمير وتجاوزوا حدودًا معينة، بل وانخرطوا في العديد من الأفعال الجائرة وغير الأخلاقية، وكل ذلك من أجل تحقيق تطلعاتهم ورغباتهم. لقد خدعوا الآخرين وخُدِعوا كثيرًا، وقد هزموا الآخرين وهم أيضًا قد هُزِموا. إنهم محظوظون بما يكفي أنهم قد بقوا على قيد الحياة واكتسبوا موطئ قدم، وتبدو حياتهم مثالية، كما لو أنهم أدركوا قيمتهم الذاتية ولم يعيشوا عبثًا. لقد كافحوا طوال حياتهم من أجل تطلعاتهم ورغباتهم، ويبدو أنهم عاشوا حياة ذات قيمةٍ وذات مغزى. غير أنهم يعجزون عن رؤية طريق التصرف الذاتي الذي كان يجب أن يتخذوه، وليس لديهم أي شعار للحياة من أي نوع، وقد كافحوا طوال حياتهم فقط من أجل تحقيق تطلعاتهم ورغباتهم، وحاربوا ضد الإنسانية والمجتمع، وحتى ضد أنفسهم. لقد فقدوا الضمير والحدود والمبادئ اللازمة للتصرف الذاتي. على الرغم من أن تطلعاتهم ورغباتهم قد تحققت، وأن أهداف الحياة التي حددوها في كل مرحلة قد تحققت بعد العديد من التقلبات والتحولات، فَهُم في الداخل لا يشعرون بالراحة أو الرضا. إن المساعي والتطلعات والرغبات التي أنشأوها من أجل اهتماماتهم وهواياتهم الخاصة، بعبارة واضحة، تقودهم في نهاية المطاف إلى طريق السعي إلى الشهرة والربح. على الرغم من أنهم قد يشعرون أنهم، بعد تحقيق أهدافهم النهائية، قد أدركوا قيمتهم الذاتية، واكتسبوا إحساسًا بالوجود، واكتسبوا وامتلكوا الشهرة والربح معًا، فإنهم يظلون جاهلين بالمستقبل وبوجهتهم وبقيمة الوجود الإنساني التي يجب أن يفهمها الناس حقًا. ومع تقدمهم في السن، يشعرون على نحو متزايد أن كل ما سعوا إليه مُرَاوِغٌ وفارغٌ بشكل رهيب. هذا الفراغ والمُرَاوَغَة يجلبان معهما موجات من الخواء والتوجُّس. فقط في وقت الشيخوخة يدرك الناس أن التطلعات والرغبات التي سعوا إليها لم تفعل شيئًا أكثر من إرضاء غرورهم وتوفير الشهرة والربح المؤقتين، وهما ليسا أكثر من سلوى زائلة. سرعان ما تتحول هذه السلوى إلى نوع من القلق والتوجُّس، لأنه مع تقدم الناس في السن، يكونون أكثر عرضة للتفكير في مستقبلهم، وما سيحدث لهم، وما سيحدث لهم بعد الموت، وعندما تبقى كل هذه الأسئلة دون إجابة، عندما يفتقر الناس إلى أي أفكار ووجهات نظر صحيحة حول هذه الأمور، سيبدأون في الشعور بالتوجُّس والقلق. يستمر هذا القلق والتوجس معهم حتى يغمضوا أعينهم ويفارقوا الحياة. الفرح الذي يأتي من الشهرة والربح يختفي بسرعة من قلب الإنسان، وكلما حاول المرء حتى الإمساك به والتمسك به، تلاشى بسهولة أكبر، وبسهولة أكبر يتحول هذا الشعور بالفرح إلى قلق وخوف. وبالتالي، بغض النظر عن التطلعات والرغبات التي تنشأ عن مختلف اهتمامات الناس وهواياتهم، فهي تؤدي في نهاية المطاف إلى طريق السعي إلى الشهرة والربح، والهدف النهائي الذي يتحقق، ما يكسبه الناس، ليس أكثر من الشهرة والربح. هذه الشهرة والربح لا تُقَدِّم سوى السلوى المؤقتة والإرضاء الآنيّ للغرور الجسدي. عندما لا يفهم الناس الحق، يشعرون أن مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم حقيقية، وتجعلهم يشعرون بالثبات، وأنهم أكثر قدرة على إيجاد مكانهم في العالم، وأكثر قدرة على التحكم في اتجاه حياتهم والحفاظ عليها، وأن يكونوا مسؤولين عن قدرهم. ومع ذلك، عندما تتحقق تطلعات الناس ورغباتهم، يختبرون الصحوة أخيرًا. ما سبب هذه الصحوة؟ هو إدراك أن ما كرسوا له طاقة حياتهم هو شيء فارغ لا يمكن قبضه باليد أو الشعور به بالقلب. وكلما حاولوا الاستيلاء عليه والتمسك به، أفلت منهم بدرجة أكبر، تاركًا لهم شعورًا متزايدًا بالخسارة والفراغ، وبالطبع شعورًا أكبر بالخوف والندم. لأن الناس لديهم اهتمامات وهوايات، فإنهم يطورون تطلعات ورغبات، وهذه التطلعات والرغبات تخلق وهمًا يجعل الناس يعتقدون أن لديهم القدرة على التحكم في حياتهم، وتوجيه مسار حياتهم، وتحديد أسلوبهم في الوجود وأهدافهم منه. في جذور هذا الوهم تكمن حقيقة أن الناس لا يسعون إلى الحق، وليس لديهم حب للحق، ويمكن القول بالطبع إنه ناتج عن عدم فهم الناس للحق. عندما لا يفهم الناس الحق، فإنهم غالبًا ما يسعون بشكل غريزي إلى الأشياء التي يمكن أن تُشعر جسدهم أو روحهم بالرضا. وبغض النظر عن مدى بُعْد هذه الأشياء عنهم، فإنهم يكونون راغبين في دفع الثمن إلى درجة إنفاق طاقتهم ووقتهم مدى الحياة ما داموا يشعرون أنهم يستطيعون بلوغها وامتلاكها. نظرًا لأن الناس لا يفهمون الحق، فإنهم يخطئون بسهولة في اعتبار اهتماماتهم وهواياتهم حجر الزاوية أو نوعًا من المؤهلات أو رأس المال لتحقيق أهداف حياتهم، ولهذا يكونون راغبين في دفع أي ثمن. إنّك لا تُدرك أنّه بمُجرّد دفعك هذا الثمن، بمجرّد السّير على هذا الدّرب، يكون مقدرًا لك أن تسير على دربٍ يتحكّم به الشّيطان واتّجاهات العالم وقواعد اللّعبة. وفي الوقت نفسه، مقدر لك أن تغمس نفسك بشكل لا إرادي في حوض الصباغة المجتمعي، في مَفْرَمَة اللحم المجتمعية. مهما كان اللون الذي يصبغك به المجتمع، ومهما كان ما يشكِّلك إليه بالفَرْم، ومهما كان مدى تحريف إنسانيتك، فإنك تواسي نفسك، قائلًا: "من أجل تحقيق تطلعاتي ورغباتي، ومن أجل مستقبلي، يجب أن أتحمل!". وتقول أيضًا لنفسك باستمرار: "يجب أن أتكيف مع هذا المجتمع، مهما كان اللون الذي يصبغني به، يجب أن أقبله وأتكيف عليه". وبينما تتكيف على كلّ هذه البيئات المختلفة، فإنك تتكيّف أيضًا مع الألوان المختلفة التي تصطبغ بها، وتقبل باستمرار نُسَخًا مختلفة من نفسك بأنماط مختلفة وشخصيّات مختلفة. وبهذه الطريقة، يصبح الناس أكثر فأكثر خدرًا، وبلا إحساس بالخزي بدرجة على نحو متزايد، ويصبح ضميرهم وعقلهم أكثر عجزًا عن توجيه أفكارهم ورغباتهم وخياراتهم أو التحكُّم فيها. في النهاية، وبدرجات متفاوتة، يحقق معظم الناس تطلعاتهم ورغباتهم بينما يسعون إليها. وبالطبع، فإنَّ عدد قليل من الأفراد، مهما كانت كيفية سعيهم، أو مقدار الجهد والمشقة التي يمرون بها، يظلون غير قادرين على تحقيق تطلعاتهم ورغباتهم. بغض النظر عن العاقبة النهائية، ماذا يكسب البشر؟ أولئك الذين ينجحون يكسبون الشهرة والربح، في حين أن أولئك الذين يفشلون قد يكونون غير قادرين على كسب هذه الشهرة والربح، لكن ما يتلقونه هو نفسه ما يتلقاه الأشخاص الناجحون؛ يتلقون مختلف الأضرار والأفكار السلبية التي يغرسها الشيطان، وهذه الإنسانية الشريرة، والآلية الاجتماعية بأكملها والتأثير الشرير للمجتمع. وإلَّا، فلماذا يستخدم الناس في كثير من الأحيان عبارات مثل: "له صولاتٌ وجولاتٌ"، "ثعلب عجوز ماكر"، "ثعبان محنك وداهية"، أو "اجتاز محنًا كثيرة"، وما إلى ذلك؟ هذا لأنه بينما تسعى أنت إلى تحقيق تطلعاتك ورغباتك، فإنك أيضًا "تتعلم" الكثير في حوض الصباغة المجتمعي الشاسع هذا وفي المفرمة المجتمعية هذه. "تتعلم" أشياء غير موجودة في غرائزك البدنية؛ ويجب أن يوضع مصطلح "تعلم" بين علامتيْ تنصيص. ماذا يعني "التعلم"؟ إنه يعني أن يلقنك المجتمع والشيطان والبشرية الشريرة أفكارًا مختلفة تتحدى الضمير والعقل البشريين الطبيعيين، مما يجعلك تعيش بدرجةٍ أقلَّ فأقلَّ من الضمير والعقل، وتخلو أكثر فأكثر من الإحساس بالخزي، وعلى نحو متزايد تحتقر الأشخاص العاديين وأولئك الذين يسلكون الطريق الصحيح. وفي الوقت نفسه، ماذا تكون النتيجة الأسوأ؟ لن تقتصر على أنك بصورة متزايدة ستنظر بازدراء إلى الناس ذوي الإنسانية الطبيعية والضمير والعقل، بل إنك في الوقت نفسه ستحسد الأفعال الخسيسة لأولئك الذين يخونون ضميرهم وأخلاقهم وتُعْجَب بها، وستحسدهم على المنافع المادية أو الاقتصادية الوفيرة التي يكسبونها من أفعالهم الخسيسة وسلوكهم السيء. أليست هذه هي النتيجة؟ (بلى). هذه نتيجة أكثر رعباً، أي إنه بينما يسعى الناس إلى تحقيق تطلعاتهم ورغباتهم، تصبح أساريرهم مُتَجَهِّمةً ومرعبةً أكثر فأكثر، ويضيع ضميرهم وعقلهم تدريجيًا، وتصبح نظرتهم الأخلاقية ونظرتهم للحياة وسلوكهم شريرًا وقبيحًا وخسيسًا ودنيئًا بدرجة أكبر فأكبر.

منذ اللحظة التي يطور فيها الشخص اهتماماته وهواياته حتى تحقيقه تطلعاته ورغباته، خلال هذه العملية، فإن المسار الذي يسير فيه والأنشطة التي ينخرط فيها – أي وضع حياته الحالي بأكمله – هو وضع حياة واقع في قبضة المجتمع والاتجاهات الشريرة، إن جازَ القول. في الواقع، هي أيضًا عملية يقبل خلالها الناس طواعية تلاعب الشيطان بهم ووطأته عليهم واستغلاله لهم خلال سعيهم لتحقيق تطلعاتهم ورغباتهم. إنها بالطبع أيضًا عملية يفسد الشيطان خلالها الناس بدرجة أكبر وبشكل أكثر تحديدًا في كل شيء. في كل موقف تواجهه، يغرس الشيطان فيك باستمرار فكرة أنه من أجل تحقيق أهدافك، يتعين عليك استخدام أي وسيلة ضرورية، ونبذ الأشياء الإيجابية التي يتعين على الإنسانية الطبيعية التمسك بها، مثل الكرامة الإنسانية، والنزاهة الشخصية، والحدود الأخلاقية، وضمير المرء، ومعايير التصرف الذاتي. وبينما يضللك حتى تنبذها تدريجيًا، فإنه يتحدى ضميرك أيضًا وعقلك وحدودك الأخلاقية، إضافة إلى القدر القليل من الخزي الذي لا يزال لديك. وبعد أن يفرغ من تحدي هذه الأشياء، يقودك إلى تقديم التنازلات باستمرار في خضم تضليل الاتجاهات الشريرة وغوايتها وسيطرتها ووطأتها. وخلال عملية تقديم التنازلات المستمرة، تختار أنت أن تتبنى الأفكار ووجهات النظر التي غرسها الشيطان فيما يتعلق بكيفية رؤية الناس والأشياء وكيفية التصرف والفعل، وبنشاطٍ تمارس الأفكار ووجهات النظر التي نقلها لك الشيطان وكذلك طرق وأساليب كيفية التصرف والفعل. تنخرطُ على مضض وبشكل لا إرادي في كل هذا، ولكنك في الوقت نفسه، من أجل تحقيق تطلعاتك ورغباتك، تفعل كل ذلك عن طيب خاطر وبنشاط وبموقف تكيفي للغاية. باختصار، خلال هذه العملية، يظل الناس سلبيين، ولكن من منظور آخر، فإنهم يتوافقون بنشاط مع سيطرة الشيطان وفساده. وبينما يسعون إلى تحقيق تطلعاتهم ورغباتهم، يعيشون طوال الوقت في حوض الصباغة الشاسع المُسَمَّى باتجاهات المجتمع الشريرة، وفي قبضته. وبالمثل، يعيشون بعقلية معقدة ومتناقضة تتمثل في كونهم راغبين وغير راغبين على حد سواء، وفي بيئة واقعية معقدة ومتناقضة على حد سواء. من خلال هذه العملية، ومع اقتراب الناس من التطلعات والرغبات وأهداف الحياة التي كانوا يسعون إليها، يصبح شبههم بالإنسان أقلّ فأقل، ويزداد ضميرهم خدرًا، ويتضاءل عقلهم. على الرغم من ذلك، يعتقد الناس في أعماقهم أن لديهم تطلعات ورغبات، حتى إن البعض يقولون إن تطلعاتهم ورغباتهم هي قناعاتهم، وأن وجود قناعات في قلوبهم يعني أن لديهم معتقدات، وأنه يجب أن يكون لدى المرء معتقدات في الحياة. إنهم يعتقدون أنهم بشر طبيعيون لأن لديهم معتقدات، وأنه يجب عليهم بالتالي مواصلة مساعيهم وفقًا لأساليبهم السابقة وقوانين البقاء، وأنه مادامت كانت نتائج ذلك جيدة، وأنه يقَرِّبُهم من تطلعاتهم وأهدافهم في الحياة، فإن أي ثمن يدفعونه مقابل ذلك يستحق كل هذا العناء، حتى لو كان ذلك يعني فقدان كل شيء. وبالتالي، في إطار العقلية المتناقضة المتمثلة في كونهم راغبين وغير راغبين على حد سواء، سيستمر الناس في قبول سيطرة الشيطان وأفكاره وتلاعبه وخداعه. حتى عندما يدرك الناس جيدًا أنهم قد أفسدهم المجتمع والاتجاهات الشريرة، في مثل هذه الظروف، فإنهم سيواصلون السعي الدؤوب من أجل تحقيق تطلعاتهم وتحقيق أهداف حياتهم. قد يهنئون أنفسهم حتى على حقيقة أنهم قادرون على اللجوء إلى أي وسيلة ضرورية وأنهم لم يستسلموا قَطُّ، مبتهجين بقدرتهم على الاستمرار حتى الآن. بالنظر إلى السلوكيات التي يظهرها الناس أثناء السعي إلى تطلعاتهم ورغباتهم، وكذلك المسارات التي يسلكونها وتحولاتهم المختلفة، ما نوع المسار الذي يتبعه الناس لتحقيق تطلعاتهم ورغباتهم؟ (إنه مسارٌ يؤدي إلى الدمار). إنه طريق بلا عودة، كلما مشى فيه الناس مسافةً أبعد، ابتعدوا أكثر عن الله. يمكن القول أيضًا إنه طريق الدمار. أهداف الحياة، التي تؤدي إليها التطلعات والرغبات التي أنشأها الناس، يقبع الشيطان منتظرًا عندها. وعلى طول الطريق إلى أهداف الحياة هذه، ليس ما يرافق الناس ويتبعهم هو الحق، ولا كلام الله. مَنْ إذن؟ (إنه الشيطان، ومعه اتجاهاته الشريرة وفلسفاته المختلفة للتعاملات الدنيوية). يرافقهم الشيطان، من خلال سيطرته، وفساده، وخداعه، وغواياته المتكررة. هذا طريق لا عودة منه، طريق الدمار، أليس كذلك؟ (إنه كذلك). لأن ما يسعى إليه الناس في الواقع خلال سعيهم إلى تطلعاتهم ورغباتهم ليس تحقيق تطلعاتهم ورغباتهم كهدف، وإنما هم يستخدمون السعي إلى هذه الأشياء كقوة دافعة وأساس لاكتساب الشهرة والربح. هذا هو جوهر الأمر وحقيقته. هذا المسار يجعل الناس يتوقون أكثر فأكثر إلى الشهرة والربح، للاتجاهات الشريرة للعالم. هذا المسار لا يؤدي إلا إلى غرق الناس أعمق وأعمق، مما يجعلهم أكثر انحلالًا، وأكثر تجردًا من العقلانية وفقدان الضمير، ويبعدهم عن الأشياء الإيجابية. وفي الوقت نفسه، فإنه يقودهم بعيدًا عن طرق المعيشة وأهداف الحياة الأكثر عملية التي يجب أن يتمتع بها الشخص ذو الإنسانية الطبيعية. هذا لا يفعل سوى أنه يجعل شخصيات الناس الفاسدة أكثر تجذراً، وأن يبعدهم أكثر عن سيادة الله وترتيبه. وبالطبع، فهو أيضًا يصعِّب على الناس أكثر فأكثر التمييز بين الأشياء الإيجابية والسلبية. هذه حقيقة. إذن، كيف يمكننا حل هذه المشاكل؟ حالما نفهم جوهر المساعي والتطلعات والرغبات البشرية، ما الذي يجب أن نعقد الشركة حوله؟ ينبغي أن نعقد الشركة حول كيفية التخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم، أليس كذلك؟ (بلى).

كنا للتو نعقد الشركة حول فكرة أن سعي الفرد إلى تحقيق تطلعاته ورغباته الخاصة هو طريق اللاعودة، طريق يؤدي إلى الدمار؛ فهل يتعيَّن على الناس نبذ طريقة الحياة هذه؟ (نعم). يجب عليهم التخلي عن الطريقة التي يعيشون بها وتغييرها: فهي ليست نهجًا صحيحًا ولا طريقًا صحيحًا في الحياة. وبما أنها ليست صحيحة، ينبغي للمرء أن يتخلى عنها، وأن يغيِّر الطريقة التي يعيش بها ويتبنى نهجًا صحيحًا للحياة والوجود. وبالطبع، ينبغي على المرء تبني نهج صحيح في كيفية تعامله مع اهتمامات الناس وهواياتهم، وفي كيفية تعامله مع مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم. إن مَلَكَات الناس ومواهبهم، إلى جانب هذه الاهتمامات والهوايات، تسمح لهم بتأسيس مساعيهم وتطلعاتهم ورغباتهم، وفي الوقت نفسه، تسمح لهم أيضًا بتطوير أهدافهم التي يسعون إليها. هذه الأهداف ليست صحيحة، وستقود الناس إلى طريق اللاعودة، ما يبعدهم أكثر عن الله ويؤدي بهم في النهاية إلى الدمار. وبما أن هذه الأهداف ليست صحيحة، فما هو مسار العمل الصحيح؟ دعونا أولًا نرى ما إذا كان من الصواب أن تكون لدى الناس اهتمامات وهوايات، أي هل يمكن إدراج اهتماماتهم وهواياتهم تحت فئة الأشياء السلبية؟ (لا، لا يمكن ذلك). اهتمامات الناس وهواياتهم ليست خاطئة في جوهرها، وبالطبع لا يمكن للمرء أن يقول إنها أشياء سلبية. لا ينبغي استهجانها أو انتقادها. إنه جزء مِنَ الإنسانية الطبيعية أن تكون لدى الناس اهتمامات وهوايات ومَلَكاتٌ في مجالات معينة؛ هي لدى كل شخص. بعض الناس يحبون الرقص، وبعضهم يستمتع بالغناء، أو الرسم، أو فن الأداء، أو الميكانيكا، أو الاقتصاد، أو الهندسة، أو الطب، أو الزراعة، أو الإبحار، أو بعض الألعاب الرياضية، والبعض الآخر يحب دراسة الجغرافيا، أو الجيولوجيا، أو الطيران، وبالطبع، قد يستمتع آخرون بدراسة مواضيع أكثر غموضًا. مهما كانت اهتمامات الشخص وهواياته، فكلها جزء من الإنسانية والحياة البشرية الطبيعية. لا ينبغي الحط من قدرها بوصفها أشياء سلبية، ولا ينبغي انتقادها، فضلًا عن حظرها. أي إنَّ أيَّ اهتمامٍ قد يكون لديك أو هوايةٍ، هو اهتمام مشروع أو هواية مشروعة. وبما أن أي اهتمام أو هواية، هو أمر مشروع ويجب السماح بوجوده، فكيف يجب التعامل مع التطلعات والرغبات المتعلقة به؟ على سبيل المثال، يستمتع بعض الناس بالموسيقى. يقولون: "أريد أن أصبح موسيقيًا أو قائد فرقةٍ موسيقية"، ثم يتجاهلون كل شيء آخر من أجل دراسة الموسيقى وتطوير أنفسهم فيها، ويحددون أهداف حياتهم واتجاهها في شغل وظيفة الموسيقيِّ. هل هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به؟ (ليس هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به). إذا كنت لا تؤمن بالله، وإذا كنت جزءًا من العالم وتقضي حياتك في تحقيق التطلعات والرغبات التي أسستها اهتماماتك وهواياتك الخاصة، فليس لدينا ما نقوله عن ذلك. الآن، بصفتك مؤمنًا بالله، إذا كانت لديك مثل هذه الاهتمامات والهوايات، وكنت ترغب في تكريس حياتك كلها لتحقيق التطلعات والرغبات التي أسستها اهتماماتك وهواياتك، دافعًا عمرك ثمنًا لذلك، فهل هذا الطريق جيد أم سيء؟ هل يستحق التشجيع عليه؟ (لا يستحق التشجيع عليه). دعونا لا نتحدث بعد عما إذا كان هذا الطريق يستحق التشجيع عليه أم لا؛ فكلُّ شيءٍ ينبغي تناوله بجديةٍ، إذًا كيف تفعل ذلك من أجل تحديد ما إذا كان هذا الأمر صحيحًا أم خاطئًا؟ تحتاج إلى النظر فيما إذا كانت المساعي والتطلعات والرغبات التي أسستها لها أي صلة بتعاليم الله وخلاصه وتوقعاته لك، وبمقصد الله في تخليص البشرية، وبمهمتك، وبواجبك، وفيما إذا كانت ستساعدك على إكمال مهمتك وتتميم واجبك بشكل أكثر فعالية، أو فيما إذا كانت ستزيد من فرصك في الخلاص وتساعدك على تحقيق إرضاء مقاصد الله. بصفتك شخصًا عاديًا، فإن سعيك وراء التطلعات والرغبات هو حقك، لكن بينما تُحَقِّقُ تطلعاتك ورغباتك وتسعى إلى هذا الطريق، هل ستقودك تطلعاتك ورغباتك إلى طريق الخلاص؟ هل ستقودك إلى طريق تقوى الله والحيد عن الشر؟ هل ستقودك في النهاية إلى نتيجة الخضوع المطلق لله وعبادته؟ (لن تفعل). هذا أمر مؤكد. بما أنها لن تفعل، فبصفتك مؤمنًا بالله، هل المُثُل والرغبات التي تأسست بسبب اهتماماتك وهواياتك وحتى مَلَكَاتك ومواهبك، إيجابية أم سلبية؟ هل ينبغي أن تكون لديك أم لا؟ (إنها سلبية؛ ولا ينبغي أن تكون لدينا). لا ينبغي أن تكون لديك. إذًا، ماذا تصبح طبيعة تطلعات الشخص ورغباته؟ هل تصبح أمورًا إيجابية أم سلبية؟ هل تصبح حقًا ينبغي أن يكون لديك أم شيئًا لا ينبغي أن يكون لديك؟ (تصبح سلبيةً، شيئًا لا ينبغي أن يكون لديَّ). تصبح شيئًا لا ينبغي أن يكون لديك. يقول بعض الناس: "إذا لم يكن ينبغي أن تكون لديَّ، فهذا يعني أنك تسلبني حقوقي!". أنا لا أسلبك حقوقك؛ أنا أتحدث عن نوع الطريق الذي يجب أن يسلكه الناس وكيفية السعي إلى الحق. أنا لا أسلبك حقوقك؛ فحرية الاختيار لك، ومسموحٌ لك بأن تختار. لكن بخصوص ماهية طبيعة هذا الأمر والكيفية التي ينبغي الحكم عليه بها، فلدينا أساس لحججنا ولسنا نتحدث عشوائيًا. إذا اعتبرتَ كلام الله أساسًا لك وتحدثت من منظور الحق، فإن تطلعات الشخص ورغباته ليست أشياءً إيجابية. بالطبع، وبتعبيرٍ أدق، إذا كنتَ بصفتكَ مؤمنًا بالله ترغب في السعي إلى الحق ونيل الخلاص، إذا كنت ترغب في السعي إلى الحق وتحقيق تقوى الله، والحيد عن الشر، والخضوع لله، فلا ينبغي أن تكون لديك التطلعات والرغبات نفسها التي لدى الناس الدنيويين. بعبارة أخرى، إذا كنت تريد السعي إلى الحق ونيل الخلاص، فيجب عليك التخلي عن مساعيك وتطلعاتك ورغباتك الخاصة. وبتعبيرٍ مختلفٍ، إذا كنت تريد السعي إلى الحق ونيل الخلاص، فينبغي ألا تسعى إلى تطلعاتك ورغباتك الخاصة، وينبغي لك على وجه الخصوص ألا تستخدم مسعاك إلى هذه التطلعات والرغبات لغرض كسب الشهرة والربح. هل يمكن التعبير عن الأمر بهذه الطريقة؟ (نعم). الأمر كله واضحٌ الآن. بصفتك مؤمنًا بالله، بما أنك راغب في السعي إلى الحق وتتمنى نيل الخلاص، يجب عليك إذًا التخلي عن مساعيك وتطلعاتك ورغباتك، يجب عليك نبذ هذا الطريق، أيْ طريق طلب الشهرة والربح، والتخلي عن هذه التطلعات والرغبات. يجب ألا تختار تحقيق تطلعاتك ورغباتك بوصفها هدف حياتك؛ وإنما يجب أن يكون الهدف هو السعي إلى الحق ونيل الخلاص.

يسأل بعض الناس: "بما أنني لا أستطيع تحقيق مساعيّ وتطلعاتي ورغباتي، وقد تخليتُ عنها جميعًا، فماذا يجب أن أفعل بشأن اهتماماتي وهواياتي؟". ذلك شأنك الخاص. حتى إن كانت لديك اهتمامات وهوايات، فما دامت أنها لا تزعج مسعاك العادي، ولا تتدخل في أدائك لواجبك وإكمالك لمهمتك، ولا تؤثر على أهداف حياتك أو الطريق الذي تسلكه، فيمكنك الإبقاء على هذه الاهتمامات والهوايات. بالطبع، يمكن أيضًا فهم الأمر على هذا النحو: نظرًا لأن هذه الاهتمامات والهوايات هي جزء من إنسانيتك، فيمكن القول أيضًا إنَّ الله قد أعطاك إياها. إنَّ جميع الجوانب، مثل مظهر الشخص وعائلته وخلفيته وبيئة معيشته، قد قدَّرها الله مسبقًا. ومن ثَمَّ، لا يمكننا أن ننكر أن الله قد أعطاك أيضًا الاهتمامات والهوايات التي لديك. هذه الحقيقة لا يمكن إنكارها، إنها مؤكدة. على سبيل المثال، بعض الناس ماهرون في اللغات والرسم والموسيقى وتمييز الأصوات والألوان وما إلى ذلك. بغض النظر عما إذا كانت هذه الأشياء هي مهاراتك المميزة أو اهتماماتك وهواياتك، فيمكن القول إنها كلها جزء من الإنسانية. لماذا يعطي الله الناس اهتمامات وهوايات معينة؟ هذا لجعل حياتك البشرية أكثر ثراءً وحيوية، حتى تكون حياتك مصحوبة بعناصر معينة من الترفيه والترويح دون التأثير على اتخاذ الطريق الصحيح في الحياة، مما يجعل حياتك أقل جفافًا وأقل مللًا ورتابة. على سبيل المثال، عندما يحين وقت الترنُّم بالترانيم في التجمعات، يمكن للشخص القادر على العزف على آلة موسيقية أن يُصاحِب الترنيم بالعزف على البيانو أو الجيتار. إذا لم يكن ثمة أحد قادر على العزف، فسيُحْرَم الجميع من هذه البهجة. لكن إذا كان ثمة شخص ما يقدِّم مصاحبةً موسيقية، فستكون النتيجة أفضل بكثير من الترنيم بدون مصاحبة، وسيستمتع الجميع بها. في الوقت نفسه، فهذا يوسع الآفاق، ويثري التجارب، ويجعل الحياة تكتسب المزيد من الجوهر، ويشعر الناس أن الحياة أكثر جمالًا، ويصبح مزاجهم أكثر ابتهاجًا. هذا مفيد لكل من إنسانيتهم الطبيعية والطريق الذي يسلكونه في الإيمان بالله. على سبيل المثال، إذا كنت تستمتع بالرسم، فعندما تصبح حياة الإخوة والأخوات رتيبة، يمكنك رسم رسومات فكاهية، وتصوير التعبيرات السلبية لأشخاصٍ معينين ووجوههم، وتعليقاتهم السلبية، في شكل رسوم كاريكاتورية ذكية طريفة، ثم تجميعها في كتيب صغير ومشاركتها مع الجميع، بما فيهم هؤلاء المتشائمون السلبيون. عندما يرون تلك الرسومات ويقولون: "يا إلهي، هل هذا رسمٌ لي؟". سيضحكون ويشعرون بالسعادة، ولن يكونوا سلبيين بعدئذ. أليس هذا أمرًا جيدًا؟ لم يستغرق الأمر الكثير من الجهد، لكنه ساعدهم على الخروج من سلبيتهم بسهولة. في وقت فراغ المرء، يمكن للرسم أو العزف على الآلات الموسيقية أو مناقشة الفنون أو استكشاف التمثيل وأداء أدوار شخصيات مختلفة، بما في ذلك الأنواع المختلفة من الأشخاص السلبيين، والأنواع المختلفة من الأفراد المتكبرين، والمظاهر المختلفة لأضداد المسيح الذين يتصرفون تعسفيًا، أن تساعد الناس على تحسين تمييزهم وتوسيع آفاقهم. أليس هذا أمرًا جيدًا؟ كيف لا تكون هذه الاهتمامات والهوايات مفيدة؟ إنها مفيدة للناس. على الرغم من ذلك، إذا نشأت لديك تطلعات ورغبات بسبب اهتماماتك وهواياتك، وكان لها تأثير في توجيهك نحو طريق اللاعودة، فهي ليست جيدة لك. لكن إذا طبقت اهتماماتك وهواياتك في حياتك بطريقة تكون ذات بصيرة لإنسانيتك، وتجعل حياتك أكثر وفرة وحيوية، وتجعلك أكثر ذكاءً وابتهاجًا، وتعيش حياة أفضل تغذية وأكثر حرية وتحررًا، فإن اهتماماتك وهواياتك سيكون لها تأثير إيجابي، مما يفيد الجميع ويوفر لك التقوية، بما لا يؤثر على أدائك واجبك وإكمالك مهمتك. وبالطبع، ستساعدك إلى حدٍ ما في تتميم واجبك. عندما تشعر بالاكتئاب أو الإحباط، فإن الترنُّم بترنيمٍ أو العزف على آلة موسيقية أو عزف موسيقى مرحة وإيقاعية يمكن أن يحسن مزاجك، مما يمكِّنك من الحضور أمام الله في الصلاة. لن تضمر بعدئذٍ السلبية، أو تشتكي، أو ترغب في المغادرة. في الوقت نفسه، ستكتشف نقاط ضعفك وعيوبك، وتدرك أنك هش للغاية وغير قادر على تحمل التطويع أو النكسات. سيساعدك العزف على آلة موسيقية على تحسين مزاجك؛ وهذا ما يسمى معرفة كيفية العيش. ألم يكن لهذه الاهتمامات والهوايات تأثير إيجابي؟ (بلى). يمكن النظر إلى الاهتمامات والهوايات على أنها أدوات، عندما تُستخْدَم بشكل صحيح، يمكن أن تغير مزاجك، مما يسمح لك بعيش حياة أكثر طبيعية وعقلانية. وإلى حدٍّ ما، يمكن أن تُسَرِّع أو تُسَهِّلَ من دخولك إلى واقع الحق وتوفِّر أداة إضافية تساعدك على أداء واجباتك. بالطبع، إنسانية بعض الناس سيئة وشريرة؛ فهم دائمًا طموحون، ولديهم شخصية ضد المسيح، أو هم أضداد للمسيح بالفعل. بالنسبة إليهم، يمكن أن يكون امتلاك الاهتمامات والهوايات مسببًا للمتاعب، إذ يمكن أن يستخدموها كرأس مالٍ ويغتروا بأنفسهم للغاية، مما يغذي بلا شك عدوانيتهم وجرأتهم على القيام بأعمال شريرة. لذلك، فإن الاهتمامات والهوايات نفسها ليست أشياء سيئة أو سلبية في جوهرها. الأشخاص الطيبون والطبيعيون يستخدمونها لأشياء إيجابية، بينما يستخدمها الأفراد السيئون والأشرار والسلبيون للقيام بأعمال شريرة وسيئة. إذًا، يمكن للاهتمامات والهوايات أن تجعلك شخصًا أفضل أو أسوأ، أليس كذلك؟ (بلى). دعونا نَعُد إلى موضوع كيفية التخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم. بعد فهم جوهر الاهتمامات والهوايات، يجب ألا ينظر الناس إلى اهتمامات شخص ما وهواياته بنظاراتٍ ملونةٍ، وبالتأكيد يجب عليهم عدم رفض الأشخاص الذين لديهم أي اهتمامات أو هوايات. الاهتمامات والهوايات هي جزء من الإنسانية الطبيعية، ويجب أن يتعامل معها الناس بشكل صحيح. ما لم تبدأ اهتماماتك وهواياتك في التأثير على حياة الآخرين أو التسبب في إزعاجهم، أو إذا حافظت على اهتماماتك وهواياتك على حساب التأثير على الآخرين أو إزعاجهم، فهذا غير لائق. فيما عدا ذلك، فاهتماماتك وهواياتك مشروعة، والرجاء هو أن يتعامل الناس معها بشكلٍ صحيح وأن يستخدموها ويوظفوها بشكلٍ معقولٍ. وبالطبع، فإنَّ أفضل طريقة لاستخدامها وتوظيفها هي السماح لاهتماماتك وهواياتك بأن يكون لها أكبر تأثير على العمل الذي تقوم به والواجبات التي تؤديها، وتوظيفها إلى أقصى حد دون إهدارها. يقول بعض الناس: "يمكن أن تلعب اهتماماتي وهواياتي دورًا مهمًا في أداء واجباتي، لكنني أشعر أن معرفتي في هذا المجال ليست كافية وشاملة بما فيه الكفاية في الوقت الحالي. أريد تطوير نفسي وإجراء دراسة أفضل وأكثر منهجية للموضوعات المتعلقة بهذا المجال، ثم تطبيقها على واجباتي. هل يمكنني فعل ذلك؟". أجل، يمكنك. يشجعكم بيت الله مرارًا وتكرارًا على مواصلة التعلم. المعرفة أداة، وإذا لم تحتوِ على أي شيء يؤدي إلى تآكل أفكار المرء أو حتِّها، فيمكنك دراستها وتعميق فهمك لها. يمكنك استخدامها كأداة إيجابية ومفيدة لأداء واجباتك، مما يجعلها فعالة وذات تأثير. أليس هذا أمرًا جيدًا؟ أليس هذا نهجًا مناسبًا؟ (بلى). بالطبع، طريقة الممارسة هذه هي أيضًا طريقة مناسبة للتعامل مع اهتماماتك وهواياتك، وفي الوقت نفسه هي أيضًا طريقة صحيحة للتخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم. أنت تستخدم اهتماماتك وهواياتك وتوظفها بشكلٍ صحيح، ولا تستخدمها لتحقيق أهدافٍ شخصيةٍ أو لتحقيق هدف السعي إلى إشباع الطموحات والشهوات الشخصية. هذه، إذًا، طريقة مشروعة ودقيقة للممارسة، وبالطبع هي أيضًا طريقة صحيحة وإيجابية للممارسة. علاوة على ذلك، فإنها تمثِّل أيضًا طريقًا ملموسًا لكيفية التخلي عن المساعي والتطلعات والرغبات.

لقد أوضحنا مسألة كيفية التعامل مع الاهتمامات والهوايات بشكلٍ صحيح؛ والآن، إلامَ يشير التخلي حقًّا؟ نحن لا ننتقد الاهتمامات والهوايات أو نستهجنها، بل نقوم بتشريح المساعي والتطلعات والرغبات التي يؤسسها الناس معتمدين على الاهتمامات والهوايات كأساس ورأس مال لهم. وبالتالي، فإن هذه المساعي والتطلعات والرغبات هي التي يجب التخلي عنها حقًا. لقد عقدنا الشركة سابقًا عن السماح لاهتماماتك وهواياتك بلعب دورٍ إيجابيٍ وإنتاج تأثيرٍ إيجابيٍ؛ هذه طريقة فعالة لممارسة التخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم. من ناحية أخرى، يجب ألا يسعى الناس وراء تطلعاتهم ورغباتهم الخاصة لأن لديهم اهتمامات وهوايات – هذا شكل أكثر عملية من أشكال التخلي. بعبارةٍ أخرى، يتمثل أحد الجوانب في توظيف اهتماماتك وهواياتك بشكل جيد، بينما يتمثل الجانب الآخر في أنه يجب عليك عدم السعي وراء التطلعات والرغبات التي تأسست بسبب اهتماماتك وهواياتك، أي عدم السعي وراء أهداف الحياة التي لديك بسبب اهتماماتك وهواياتك. إذن كيف يمكنك أن تُمَيِّزَ أنك توظف الاهتمامات والهوايات بشكل طبيعي، ولا تسعى وراء التطلعات والرغبات؟ إذا كان لديك اهتمام أو هواية، وكنت تطبقها بشكل صحيح على عملك، وأداء واجبك، وحياتك اليومية، وإذا كان هدف سعيك ليس استعراض نفسك أو التفاخر بنفسك، ولا هو بالطبع زيادة شعبيتك أو كسب تقدير الآخرين وإشادتهم وإعجابهم، وعلى نحو أخص، هو بالطبع لا يتمثل في أن يحتفظ الناس لك بمكان في قلوبهم بسبب اهتماماتك وهواياتك، وبالتالي ترسيخك واتباعك؛ فإنك تكونُ قد طبقت اهتماماتك وهواياتك تطبيقًا إيجابيًا ومناسبًا ولائقًا وعقلانيًا يتوافق مع الإنسانية الطبيعية ويتوافق مع مقاصد الله، وأنت توظفها وفقًا لمبادئ الحق. ولكن إذا أجبرتَ الآخرين، في أثناء توظيف اهتماماتك وهواياتك أو تطبيقها، على الإعجاب بك وقبولك، بينما لديك الهدف القوي للغاية المتمثل في استعراض نفسك، وإذا أجبرت الآخرين دون ضميرٍ ولا حياءٍ على الاستماع إليك وقبولك، بما يرضي الخُيلاء التي تنالها من استعراض اهتماماتك وهواياتك، بغض النظر عن شعور الآخرين، لينتهي بك الأمر في نهاية المطاف إلى استخدام اهتماماتك وهواياتك كرأس مال للسيطرة على الآخرين، واكتساب مكان في قلوبهم، وتأسيس وجاهة بين الناس، وإذا حققت في النهاية الشهرة والربح نتيجة لاهتماماتك وهواياتك الخاصة، فإنَّ هذا ليس باستخدام مشروع للاهتمامات والهوايات، ولا هو بتوظيف طبيعي لاهتماماتك وهواياتك. ينبغي استهجان مثل هذه الأعمال، وينبغي أن يميزها الآخرون ويرفضوها، وبالطبع ينبغي أيضًا أن يتخلى عنها الناس. عندما تستغل الفرص التي تتمثل في أداء واجباتك، أو تمنح نفسك الذريعة المتمثلة في كونك قائدًا أو شخصًا مسؤولًا أو شخصًا يتمتع بموهبة استثنائية، من أجل أن تُظْهِر للآخرين أن لديك مَلَكَات ومهارات معينة، وتبين لهم أن اهتماماتك وهواياتك أعلى من اهتماماتهم وهواياتهم، فإن هذه الطريقة في القيام بالأشياء غير لائقة. هذا ينطوي على استخدامك لاهتماماتك وهواياتك كذريعة لترسيخ وجاهتك بين الناس وإرضاء طموحاتك ورغباتك. بعبارة أدق، ترقى هذه العملية – أو مسار العمل هذا – إلى أن تكون استغلالًا لاهتماماتك وهواياتك وإعجاب الناس بها لتحقيق مساعيك وتطلعاتك ورغباتك. هذا ما يجب عليك التخلي عنه. يقول بعض الناس: "حتى بعد سماعي هذا، لم أزل أجهل كيفية التخلي". واقعيًا، هل التخلي سهل؟ إذا كانت لديك بعض الاهتمامات والهوايات الفريدة، إذا لم تفعل شيئًا، فإن هذه الاهتمامات والهوايات تبقى ضمن إنسانيتك ولا تكون لها أي علاقة بالطريق الذي تسلكه. لكن بمجرد أن تستعرض باستمرار اهتماماتك وهواياتك، في محاولة لكسب الشهرة بين الناس أو زيادة شعبيتك، وأن تجعل نفسك معروفًا للمزيد من الناس، وجذب المزيد من الاهتمام، فإن هذه العملية ومسار العمل هذا ليسا طرقًا بسيطة للقيام بالأشياء. عند جمع كل هذه الأفعال والسلوكيات، فإنها تشكل الطريق الذي يسلكه الشخص. إذن، ما هو هذا الطريق؟ إنه جهد للسعي إلى تحقيق الفرد لتطلعاته ورغباته داخل بيت الله، والسعي إلى نيل إعجاب الآخرين، وتحقيق إرضاء طموحاته ورغباته. بمجرَّدِ أن تبدأ هذا النوع من المساعي، يصبح طريقك الذي تسلكه طريق اللاعودة، طريقًا يؤدي إلى الدمار. ألا يجب أن تستدير وتتراجع بسرعة، وتعكس هذه الأفعال، وتتخلى عن هذه الأفعال والطموحات والرغبات؟ قد يقول البعض: "ما أزال أجهل كيفية التخلي". إذًا، لا تفعله. ماذا يعني "لا تفعله"؟ هذا يعني أنه يتعيَّن عليك إخفاء اهتماماتك وهواياتك وبذل قصارى جهدك لعدم إظهارها. قد يسأل البعض: "ولكن إذا كان أداء واجباتي يتطلب استعراضها، فهل يجب أن أستعرضها؟". عندما يتعين عليك ذلك، عندما يكون من الضروري استعراضها، يجب عليك القيام بذلك؛ ذلك هو الوقت المناسب لذلك. لكن إذا كنت تسير حاليًا على طريق السعي وراء تطلعاتك ورغباتك، فلا تكشف عنها. عندما تشعر بالرغبة الملحة في إظهارها، يجب عليك الصلاة إلى الله، وأن يكون لديك عزم ثابت، وأن تكبح جماح هذه الرغبات، وفي الوقت نفسه قبول تمحيص الله وتأديبه، والسيطرة على قلبك وأن تجعل طموحاتك ورغباتك مقتصرة على مهدها، وجعلها تختفي، وعدم السماح لها بأن تتحول إلى واقعٍ؛ هل هذا جيد؟ (نعم). هل من السهل القيام بذلك؟ الأمر ليس سهلاً، أليس كذلك؟ مَنْ لديه القليل من الموهبة لكنه لا يريد إظهارها؟ هذا فضلًا عن أولئك الذين لديهم بعض المهارات المميزة. بعض الناس ماهرون في طهي الوجبات وإعدادها، ويريدون التباهي أينما ذهبوا، بل إنهم يطلقون على أنفسهم أسماء مثل "حسناء التوفو" أو "ملكة المكرونة". هل هذه المهارات الثانوية تستحق أن تُعرَض؟ لو أنهم امتلكوا مواهب استثنائية، فإلى أي مدى ستصل عجرفتهم؟ مما لا شك فيه أنه سينتهي بهم المطاف على طريق اللاعودة. بالطبع، إلى جانب الأشخاص الذين يسلكون الطريق الخطأ، أو طريق اللاعودة، بسبب اهتماماتهم وهواياتهم، غالبًا ما يكون لدى معظمهم بسبب اهتماماتهم وهواياتهم أفكار نشطة في عملية الإيمان بالله. بينما يؤمنون بالله ويقومون بواجباتهم، فإنهم يقلبون في أذهانهم باستمرار التطلعات والرغبات التي أسسوها، أو قد يذكرون أنفسهم باستمرار وتطلعاتهم ورغباتهم غير المحققة، ويخبرون أنفسهم باستمرار في قلوبهم أنه لا تزال لديهم هذه التطلعات والرغبات التي لم تتحقق قَط. على الرغم من أنهم لم يدفعوا قَط أي ثمن محدد أو تبنوا أي ممارسة محددة تجاه تحقيق هذه الأشياء، فإنَّ هذه التطلعات والرغبات قد تجذَّرت في أعماق قلوبهم، ولم يتخلَّوا عنها قَطُّ.

في وقت سابق، عقدنا الشركة عن أنَّ السعي إلى تحقيق التطلعات والرغبات واتباع طريق هذا العالم، هو طريق اللاعودة، وهو طريق يؤدي إلى الدمار وشرَّحنا ذلك. إنّ هذا السعي، والسعي إلى الحق، مثل خطين متوازيين، فلن يتقاطع هذان الخطان في أي نقطة، وبالطبع لن يتقاطعا أيضًا أحدهما مع الآخر. إذا كنت تؤمن بالله وترغب في السعي إلى الحق ونيل الخلاص، فيجب عليك التخلي تمامًا عن أي تطلعات ورغبات كنت تحملها سابقًا في قلبك. لا تحافظ عليها أو تعتز بها؛ بل عليك التخلص منها. إن السعي إلى تحقيق تطلعاتك ورغباتك والسعي إلى الحق متعارضان مثل الزيت والماء. إذا كانت لديك تطلعات ورغبات وترغب في تحقيقها، فلن تتمكن من السعي إلى الحق. إذا كنت، من خلال فهم الحق وسنوات عديدة من الاختبار، ترغب في عقد العزم على السعي إلى الحق على أرضية راسخة، فيجب عليك نبذ تطلعاتك ورغباتك السابقة، وإزالتها تمامًا من وعيك أو أعماق نفسك. إذا كنت ترغب في السعي إلى الحق، فلن تؤتي تطلعاتك ورغباتك ثمارها أبدًا، وبدلًا من ذلك ستعطِّل سعيك إلى الحق ودخولك إلى واقع الحق، بينما تُثْقِلُك وتجعل طريقك للسعي إلى الحق مُضْنِيًا ومليئًا بالتحديات. وبما أنك تعلم أنك لن تتمكن من تحقيق تطلعاتك ورغباتك، فمن الأفضل قطع الصلات بها بشكل حاسم، والتخلي عنها تمامًا، وألا تفكِّر فيها مجددًا، وألا تتمسّك بأيّ خيالات عنها. إذا قلت: "ما أزال غير مهتم جدًا بطريق السعي إلى الحق ونيل الخلاص. أنا لا أعرف بعد إذا كان بإمكاني السعي إلى الحق، وما إذا كنت من الساعين إلى الحق. ما يزال هذا الطريق لنيل الخلاص غير واضحٍ بالنسبة إليَّ. على العكس من ذلك، لدي مسار ملموس للغاية نحو السعي وراء التطلعات والرغبات الدنيوية، وخطة ملموسة للغاية واستراتيجية". إذا كان هذا هو الحال، فيمكنك التخلي عن طريق السعي إلى الحق والقيام بواجباتك، لتمضي إلى تحقيق تطلعاتك ورغباتِكَ. بالطبع، إذا كنت غير متأكد مما إذا كنت ستسعى إلى تطلعاتك ورغباتك الخاصة أو إلى الحق، فإنني أنصحك بأن تلزم الهدوء لفترة من الوقت. ربما يمكنك البقاء لمدة عام أو عامين آخرين في بيت الله: كلما أكلت كلام الله وشربته أكثر، وكلما اختبرت المزيد من البيئات، ازدادت وجهة نظرك ونهجك في كيفية رؤيتك للأشياء نضجًا، وسيتحسن مزاجك وحالتك، وهو ما سيكون بلا شك نعمة هائلة بالنسبة إليك. وربما بعد بضع سنوات، قد تتوصل إلى فهم حقائق معينة، وتكتسب نظرة ثاقبة شاملة للعالم والإنسانية، وحينها ستتمكن من التخلي تمامًا عن تطلعاتك ورغباتك ومن اتباع الله طواعيةً لبقية حياتك، وقبول ترتيباته. مهما كان حجم المشاق التي قد تواجهها في بيت الله، ستتمكن من المثابرة في تتميم واجباتك وإكمال مهمتك. والأهم من ذلك أنك ستكون قد عقدت العزم وقررت التخلي عن تطلعاتك ورغباتك السابقة، مما يسمح لك بالسعي إلى الحق على أرضية راسخة ودون تردد. لكن إذا كنت غير متأكد الآن وترغب في إعادة تقييم ما إذا كان بإمكانك السعي إلى الحق في غضون عام أو عامين، فلن يجبرك بيت الله، أو يقول: "أنت مشتت وغير مستقر". بعد عام أو عامين، بينما تقرأ المزيد من كلام الله، وتستمع إلى المزيد من العظات، وتفهم بعضًا من الحق، وتنضج إنسانيتك، ستتغير وجهة نظرك حول كيفية رؤيتك للأشياء، ونظرتك إلى الحياة، ونظرتك إلى العالم. بحلول ذلك الوقت، ستكون اختياراتك أكثر دقة إلى حد ما مما هي عليه الآن، أو، بكلمات غير المؤمنين، بحلول ذلك الوقت ستعرف ما تحتاج إليه أنت نفسك، والطريق الذي يجب أن تسلكه، ونوع الشخص الذي يجب أن تكون عليه. هذا جانب من الجوانب. لنفترض أنك لا تهتم حقًا بالإيمان بالله وفعلت ذلك فقط لأن والديك أو زملاءك في العمل قدموا الإنجيل لك، فَقَبِلْتَ حفظًا لماء الوجه أو تأدبًا؛ وأنك تحضر التجمعات وتقوم بواجباتك في بيت الله على مضض، بينما تعتقد أن الإخوة والأخوات في الكنيسة ليسوا سيئين، ولا يتنمرون على الناس على الأقل، وأن بيت الله هو مكان العقل، حيث يسود سلطان الحق، وحيث لا يتعرض الناس للاضطهاد أو التنمر من الآخرين، وأنك تشعر أن بيت الله أفضل من عالم غير المؤمنين؛ لكنك لم تتخلَّ قط عن تطلعاتك ورغباتك أو تُغَيِّرها، وعلى العكس من ذلك، فإنَّ هذه التطلعات والرغبات التي كنتَ تحملها سابقًا كانت تزداد قوة ووضوحًا في أعماق قلبك وعقلك وروحك؛ وبينما تصبح تطلعاتك ورغباتك أكثر وضوحًا، تجد أنه عندما يتعلق الأمر بالإيمان بالله، فإن الحق الذي تُعْقَدُ الشركة حوله، والكلمات والأفعال وطريقة الحياة اليومية، وما إلى ذلك، تصبح مملة وجافةً أكثر فأكثر؛ وتشعر بعدم الارتياح، ويصبح السعي إلى الحق أمرًا غير وارد، ولا يكون لديك أي اهتمام على الإطلاق بالسعي إلى الحق، ولا توجد في ذهنك آراء جيدةٌ حول السير في الطريق الصحيح في الحياة، أو كيفية السلوك بشكل صحيح، أو ما الأشياء التي تُعَدُّ إيجابية؛ إذا كنت شخصًا مثل هذا، فأقول لك: أسرع بالسعي وراء تطلعاتك ورغباتك الخاصة! هناك مكان لك في هذا العالم، مكان وسط تيارات الشر المعقدة والفوضوية. ستحقق بلا شك تطلعاتك ورغباتك تمامًا كما كنت تأمل وستحصل على الأشياء التي تتمناها. لا يناسبك البقاء في بيت الله، إنه ليس مكانًا لتطلعاتك، وبالتأكيد، فإن طريق السعي إلى الحق ليس الطريق الذي تريد أن تسلكه، وهو – على وجه الخصوص – ليس ما تحتاج إليه. انتهز الفرصة الآن، بينما تتشكل تطلعاتك ورغباتك، وبينما لا تزال شابًا ولا تزال لديك الطاقة أو الموارد للسعي في العالم، أسرع بمغادرة بيت الله، واذهب لتحقيق تطلعاتك ورغباتك. بيت الله لن يعيقك. لا تنتظر حتى اليوم الذي تفقد فيه الأمل في تلقي البركات ولا يصبح لديك ما تقوله عن شهادتك الاختبارية، عندما لا تكون قد انتهيت من تتميم واجباتك بشكل صحيح وتستيقظ أخيرًا في سن الخمسين أو الستين أو السبعين أو الثمانين، متمنيًا السعي إلى الحق؛ حينئذٍ سيكون الأوان قد فات. إذا كنت لا ترغب في البقاء في بيت الله، فإنك ستنبذ نفسك للدمار. بالنسبة لأشخاص مثلك، ليست هناك حاجة لمخالفة إرادتك والتخلي عن مساعيك وتطلعاتك ورغباتك. لأن الفرضية التي ناقشتها للتخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم هي أنك شخص يسعى إلى الحق أو أنك حتى إن لم تبدأ بعد في السعي إلى الحق، فإنك قد عقدت العزم على أن تصبح ساعيًا إلى الحق، وأنك لن تغادر منزل الله بغض النظر عما إذا كنت ستنال الخلاص أم لا، وبغض النظر عما إذا كنت ستعيش أو ستموت. أنا أخاطب أمثال هؤلاء الأشخاص. بالطبع، ينبغي أن أضيف إخلاء مسؤولية: بما أنني كنت أعقد الشركة اليوم حول موضوع "التخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم"، فقد عقدتها على افتراض أن الناس على استعداد للسعي إلى الحق ونيل الخلاص. وهي تستهدف على وجه التحديد الأشخاص الراغبين في السعي إلى الحق ونيل الخلاص. وبخلاف هؤلاء، فإن أولئك الذين لا يهتمون بالطريق أو الاتجاه أو الرغبة أو العزم على السعي إلى الحق ونيل الخلاص، لا يحتاجون إلى الاستماع إلى موضوع اليوم. هذا هو إخلاء المسؤولية الذي أضفته؛ وهو ضروري، أليس كذلك؟ (بلى). نحن نمنح الناس الحرية، ولا نجبر أي شخص. إنَّ أي مبدأ من مبادئ الحق أو أي تعليم أو إمداد أو دعم أو مساعدة يُقَدَّم للناس على أساس العقلانية وبشرط أن يكونوا راغبين. إذا كنت غير راغب في الاستماع، فيمكنك تغطية أذنيك وعدم الاستماع إليه أو قبوله، أو يمكنك أيضًا المغادرة؛ كلاهما مقبول. إن شركة الحق في بيت الله لا تُجبَر على أي شخص لقبولها. يمنح الله الناس الحرية ولا يجبر أي شخص. أخبرني، هل هذا أمر جيد؟ (نعم). هل هناك حاجة لإجبارهم؟ (لا). ليست هناك حاجة للإجبار. الحق يجلب الحياة: الحياة الأبدية. إذا كنت على استعداد لتلقِّي الحق، وكنت تقبله وتخضع له، فستتلقاه. إذا كنت لا تقبله، بل ترفضه وتقاومه، فلن تناله. وسواء تمكنت من نيله أم لا، يجب أن تقبل العواقب. أليس هذا هو الحال؟ (بلى).

السبب في أننا نعقد الشركة حول الحاجة إلى التخلي عن أشياء معينة خلال السعي إلى الحق هو أن السعي إلى الحق ونيل الخلاص يشبه مشاركة الناس في سباق الماراثون. لا يحتاج المتسابقون المشاركون في الماراثون إلى قوة جسدية غير عادية أو مهارات استثنائية، لكنَّهم مطالبون بامتلاك درجةٍ معينةٍ من التحمل والمثابرة، ومطلوب منهم التحلي بالإيمان، وكذلك التصميم على المثابرة. بالطبع، عند المشاركة في الماراثون، بصرف النظر عن هذه العناصر الروحية، يُطلب من الناس أيضًا التخلي تدريجيًا عن أعباء معينة من أجل الوصول إلى غايتهم بسهولة أكبر أو بحرية أكبر أو بطريقة تتماشى أكثر مع رغباتهم. لا يهتم الماراثون، كرياضة، بترتيب المشاركين الذين يصلون إلى غايتهم؛ بل يهتم بأداء الأفراد على مدار السباق، ومثابرتهم، وتحملهم، وكل ما يتعرضون له خلال السباق. أليس هذا صحيحًا؟ (بلى). في ما يتعلق بالإيمان بالله، فإن السعي إلى الحق ونيل الخلاص في نهاية المطاف يشبه الماراثون؛ فهو يتطلب عملية طويلة جدًا، وفي هذه العملية يتطلب أيضًا التخلي عن أشياء كثيرة لا علاقة لها بالسعي إلى الحق. هذه الأشياء ليست فقط غير مرتبطة بالحق، لكن الأهم من ذلك أنها يمكن أن تعيق سعيك إلى الحق. وبالتالي، في عملية التخلي عن هذه الأشياء وحلها، سيختبر المرء حتمًا بعض الألم وسيحتاج إلى نبذ أشياء معينة واتخاذ الخيارات الصحيحة. إنَّ السعي إلى الحق يتطلب من الناس التخلي عن أشياء كثيرة لأن هذه الأشياء تنحرف عن طريق السعي إلى الحق وتتعارض مع أهداف الحياة الصحيحة والاتجاه الذي يرشد الله الناس نحوه. أي شيء يتعارض مع الحق ويمنع الشخص من السعي إلى الحق واتخاذ الطريق الصحيح في الحياة هو شيء سلبي، وكل ذلك من أجل السعي وراء الشهرة والربح، أو لتحقيق نتائج مثل وفرة الممتلكات والمال. يعتمد مسار السعي إلى تحقيق تطلعات المرء ورغباته على قدرات الناس، وكذلك معرفته، وأفكاره ووجهات نظره المغلوطة، وفلسفاته المختلفة في التعاملات الدنيوية، إضافة إلى مختلف أساليبه وحيله ومخططاته. كلما زاد سعي المرء إلى تحقيق تطلعاته ورغباته الخاصة، ابتعد أكثر عن الحق، وعن كلام الله، وعن الطريق الصحيح الذي وجهه الله إليه. إن ما يسمى بالتطلعات والرغبات في قلب المرء هي في الواقع أشياء فارغة، ولا يمكنها أن تعلمك كيفية التصرف، أو كيفية عبادة الله وفهمه، أو كيفية الخضوع لله، ولإرادة الله، وللسيِّد، إلى جانب الأشياء الإيجابية الأخرى مثلها. عندما تسعى إلى تطلعاتك ورغباتك، فلن تكتسب أيًا من هذه الأشياء التي هي إيجابية وقيمة على حد سواء وتتوافق مع الحق. أي مسار حياة موجّه نحو مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم له نفس الهدف النهائي والجوهر والطبيعة؛ كلها تتعارض مع الحق. لكن طريق السعي إلى الحق مختلف. إنه سيرشدك إلى مسار حياتك الصحيح؛ هذه عبارةٌ عامةٌ إلى حدٍ ما. وبشكل أكثر تحديدًا، سيكشف أفكارك ووجهات نظرك غير الصحيحة والمُحَرَّفة تجاه كيفية تعاملك مع مختلف الأشخاص والأحداث والأشياء. وفي الوقت نفسه، سيطلعك على الأفكار ووجهات النظر الصحيحة والدقيقة ويرشدك إليها ويزوِّدك بها ويعلِّمك إياها. وبالطبع، سيخبرك أيضًا بنمط الأفكار ووجهات النظر التي يجب أن تمتلكها في رؤيتك للأشخاص والأشياء، وفي تصرفك وفعلك. يخبرك طريق السعي إلى الحق هذا بكيفية السلوك، وكيفية العيش ضمن حدود الإنسانية الطبيعية وأن تسلك وفقًا لمبادئ الحق. على أقل تقدير، يجب ألا تنخفض إلى ما دون مستوى الضمير والعقل؛ يجب أن تعيش مثل إنسان وأن تعيش بصفتك إنسانًا. بخلاف هذا، فإن هذا المسار يخبرك بشكل أكثر تحديدًا بالأفكار ووجهات النظر والمنظورات والمواقف التي يجب أن تكون لديك بينما ترى كل مسألة وتقوم بكل شيء. هذه الأفكار ووجهات النظر والمنظورات والمواقف الصحيحة هي في الوقت نفسه المعايير والمبادئ الصحيحة للسلوك الذاتي والفعل التي يجب على المرء التمسك بها. عندما يحقق الشخص واقع أن تكون رؤيته للناس والأشياء وسلوكه وأفعاله كليًا وفقًا لكلام الله، بحيث يكون الحق معيارًا له، أو عندما يدخل في هذا الواقع، فإنَّ ذلك الشخص قد أصبح مُخَلَّصًا. بمجرد أن يُخَلَّص الشخص ويكسب الحق، ستتحول وجهة نظره تجاه الأشياء تمامًا، وتتوافق بالكامل مع كلام الله وتصبح في توافقٍ مع الله. عندما يصل الشخص إلى هذه المرحلة، لن يتمرد على الله بعدئذٍ، ولن يعود الله يوبِّخه أو يدينه، ولن يبغضه. هذا لأن هذا الشخص لم يعد عدوًا لله، ولم يعد يقف في معارضةٍ لله، وقد أصبح الله حقًا وبحق خالق كائناته المخلوقة. عاد النّاس تحت سيادة الله، ويتمتّع الله بالعبادة والخضوع والتقوى الّتي يجب أن يقدّمها النّاس له. كل شيء يعود إلى نِصابِه الصحيح بشكلٍ طبيعي. كل الأشياء التي خلقها الله هي للبشرية، والبشرية بدورها تدبِّر كل الأشياء تحت سيادة الله. كل الأشياء تحت تدبير البشرية، كل شيء يتبع القواعد والقوانين التي وضعها الله، ويتقدم ويستمر قُدُمًا بطريقة منظمة. تتمتع البشرية بكل الأشياء التي خلقها الله، وكل الأشياء موجودة بطريقة منظمة تحت تدبير البشرية. كل الأشياء هي للبشرية، والبشرية هي لكل الأشياء. كل هذا متناغم ومنظم للغاية، كل ذلك يأتي من سيادة الله وخلاصه للبشرية. إنه حقًا شيء رائع للغاية. هذا هو أحد المعاني النهائية للتخلي عن المساعي والتطلعات والرغبات. كما ترى، على الرغم من أنك تتخلى عن تطلعاتك ورغباتك المؤقتة الآن، فإن ما تكسبه في النهاية هو الحق، وهو الحياة، وهو أثمن شيء. مقارنةً بالتطلعات والرغبات التي تتخلى عنها، فإن هذه الأشياء أقيم ربما بآلاف أو عشرات آلاف الأضعاف. إنها لا تُضَاهَى بها. أليس هذا صحيحًا؟ (بلى). بالطبع، هناك أمرٌ ينبغي توضيحه: يجب أن يفهم الناس أن السعي وراء التطلعات والرغبات لن يعلمك أبدًا كيفية التصرف. منذ اليوم الذي ولدت فيه، يُخبِرك والداك: "يجب أن تتعلم الكذب، وتتعلم حماية نفسك، وألا تدع الآخرين يتنمرون عليك. عندما يتنمر عليك شخص ما، يجب أن تكون قويًا، وألا تكون ضعيفًا، ولا تدع الآخرين يعتقدون أنه يمكن التنمر عليك بهذه السهولة. علاوة على ذلك، يجب أن تكتسب المعرفة وتقوي نفسك، حتى تتمكن من الصمود في المجتمع. يجب أن تسعى وراء الشهرة والربح، ويجب أن تكون النساء مستقلات، ويجب أن يحمل الرجال ثقل العالم". منذ سن مبكرة، ربَّاك والداك بهذه الطريقة، كما لو كانا يعلمانك كيفية التصرف؛ لكنهما في الواقع، كانا يسعيان جاهديْن، ويفعلان كل ما يلزم، ويبدو حتى أنهما يضعان حياتهما على المحك من أجل دفعك إلى هذا العالم، في هذا المَدّ الشرير، ليتركاك جاهلًا بما هو إيجابي وما هو سلبي، جاهلًا بكيفية التمييز بين العدالة والشر، وكيفية التمييز بين الأشياء الإيجابية والسلبية. في الوقت نفسه، علمك والداك أيضًا: "افعل كل ما يتطلبه الأمر، حتى لا تكون مهذبًا أكثر من اللازم مع الآخرين. التسامح مع الآخرين هو قسوة على نفسك". لقد رَبَّياك بهذه الطريقة منذ أن بدأت في فهم الأشياء، ثم في المدرسة، وفي المجتمع، يعلمك الجميع الأشياء نفسها. إنهما لا يعلمانك هذا حتى يتسنى لك أن تتصرف كإنسان، بل لكي تصبح إبليسًا، وتكذب، وتفعل الشر، وتهلك. فقط بعد أن تؤمن بالله، ستعرف أنه يتعيَّن على المرء أن يتصرف كشخص صادق وأن يقول الحق والحقائق. تستجمع شجاعتك وتتمكن أخيرًا من قول الحق، وتتمسك بضميرك وحدودك الأخلاقية من أجل أن تقول الحق مرة واحدة، لكن المجتمع يزدريك، وتلومك عائلتك، وحتى يسخر منك أصدقاؤك، وفي النهاية، ماذا يحدث؟ تتعرض لصدمة شديدة، ولا يمكنك تحمل الأمر، ولا تعود تعرف كيف تتصرف. تشعر أن التصرف بوصفك إنسانًا أمر صعب للغاية، وأن الأسهل أن تكون إبليسًا. كن إبليسًا فحسب واتبع المد الشرير لهذا المجتمع؛ لن يقول أحد أي شيء. لا أحد في البشرية بأكملها يعلمك كيفية التصرف. بعد أن تؤمن بالله كل كلمة تسمعها مما يتحدث به الله وكل ما يفعله الله هو لتعليمك كيفية التصرف، وكيفية ممارسة الحق حتى تتمكن من أن تصبح إنسانًا حقيقيًا. فقط في كلام الله يمكنك العثور على الإجابة الصحيحة عن ماهية الحياة البشرية الحقيقية. وبالتالي، فإن كيفية رؤية الناس والأشياء، وكيفية التصرف والفعل يجب أن تستند تمامًا إلى كلام الله، معتمدة على الحق بوصفه المعيار. هذا هو المسار الذي يجب أن يتبعه الناس في التصرف؛ لن ينجحوا إلا إذا تصرفوا بهذه الطريقة. عندما تفهم أساس التصرف وفقًا لكلام الله، وتفهم مبادئ الحق وتدخل فيها، ستعرف كيف تتصرف، وستصبح إنسانًا حقيقيًا. هذا هو أساس التصرف، وحياة مثل هذا الشخص هي وحدها المستحقة للجهد؛ وحده مثل هذا الشخص هو الذي يستحق أن يعيش ويجب ألا يموت. على العكس من ذلك، أولئك الذين يتصرفون مثل الأبالسة، تلك الجثث التي تمشي مرتدية جلد الإنسان، أولئك الناس لا يستحقون العيش. لماذا؟ لأن كل شيء خلقه الله مُجَهَّزٌ للبشرية، لكائنات الله المخلوقة، وليس للنوع الإبليسي. إذًا لماذا لا يزال هؤلاء الناس قادرين على البقاء على قيد الحياة اليوم؟ أليسوا مشاركين في المنفعة مع أولئك الناس الذين أراد الله أن يخلصهم؟ لولا عمل الله للخلاص في هذه المرحلة، واستخدامه للأبالسة والشياطين لتأدية الخدمة، ليمكِّن شعب الله المختار من تمييز الأشياء السلبية، ورؤية حقيقة جوهر الأبالسة، لكان الله قد دمرهم منذ فترة طويلة، لأن هؤلاء الناس لا يستحقون التمتع بكل الأشياء التي خلقها الله، وهم يبددون الأشياء التي صنعها الله ويدمرونها. في ظنك ماذا سيكون شعور الله عندما يرى هذا؟ هل سيكون في مزاج جيد؟ (لا). لذلك، يريد الله بشكل عاجل تخليص مجموعة من الأشخاص ذوي الإنسانية الطبيعية الذين هم بشر حقيقيون، وتعليمهم كيفية التصرف. عندما ينال هؤلاء الناس الخلاص، ويصبحون مؤهلين للبقاء وعدم التدمير – حينها يكون عمل الله العظيم قد أُنْجِزَ. بعبارةٍ أخرى، بغض النظر عما إذا كانت هذه الأشياء تصل إلى مستوى الدقة والصواب، عندما تكون قوانين البقاء الخاصة بهم، ونظراتهم إلى الحياة، والمسارات التي يسلكونها، وكذلك مساعيهم، والمواقف التي يعاملون بها الله، والحق، والأشياء الإيجابية، لا تتعارض مع الحق على الأقل، وبالتأكيد لا تصل إلى حد الإساءة إلى شخصية الله، عندما لا يُدَمَّرُ هؤلاء الناس، لأنهم قادرون على الخضوع لله بطريقة أساسية – حينها يكون عمل الله العظيم قد أُنْجِزَ. ماذا يعني إنجاز هذا العمل العظيم؟ هذا يعني أن أولئك الذين خلصهم الله يمكن أن يظلوا موجودين إلى الأبد، ويمكن أن يعيشوا إلى الأبد. وباللغة التي يستعملها البشر، هذا يعني أن هذا الجنس البشري سيكون له خلفاء، وأن أسلاف البشر الذين خلقهم الله سيكون لهم خلفاء، وسيكون هناك بشر قادرون على تدبير كل الأشياء. حينها، سيشعر الله بالراحة، ثم سيستريح، ولن يعود مضطرًّا إلى الاهتمام بالأشياء. كل الأشياء لها قواعدها وقوانينها الخاصة، التي وضعها الله بالفعل، ولا يحتاج الله إلى بذل خاطرةٍ أو فكرةٍ أو خطةٍ لها. كل الأشياء موجودة ضمن قواعدها وقوانينها المعنية بها، وليس على البشر سوى الحفاظ عليها وتدبيرها. في ظل وجود مثل هذا الجنس البشري، هل تعتقد أن الله سيظل بحاجة إلى القلق؟ هل سيظل بحاجة إلى الانشغال؟ سيستريح الله، وعندما يستريح، سيكون وقت إنجاز عمله العظيم قد حان. بالطبع، سيكون هذا أيضًا وقت البشر للاحتفال؛ أي إنهم سيحصلون في النهاية على الخلاص على أساس طريق السعي إلى الحق، فلا يتمردون بعدئذٍ على الله، وإنما يتوافقون مع مقاصد الله. سيكون الله قد ربح البشر، ولن يضطروا بعدئذ إلى تذوق الموت؛ حينها سيكونون قد تلقَّوا الخلاص بالفعل. أليس هذا شيئًا يستحق الاحتفال؟ (بلى). الآن، بما أنه ستكون هناك منافع هائلة، وأنت تعلم أن هذه هي مقاصد الله، ألا يستحق الأمر أن يتخلى الناس عن التطلعات والرغبات الصغيرة التي كانوا يحملونها سابقًا؟ (بلى). الأمر مناسب كيفما قيَّمته إذًا، بما أنه مناسب، ألا يجب أن تتخلى؟ (بلى). من الناحية النظرية، يعلم الجميع أنه يجب عليهم التخلي، ولكن كيف يتم ذلك على وجه التحديد؟ في الواقع، الأمر بسيط للغاية. يعني أنك تكفَّ عن القيام بأي تصرف أو بذل أي جهد أو دفع أي ثمن من أجل تطلعاتك ورغباتك. لا تعود تسمح لها بشغل عقلك ولا تقدِّمْ أي تضحيات من أجلها. وبدلاً من ذلك، تعود إلى الله، وتتخلى عن رغباتك وتطلعاتك الشخصية، وتتوقف عن الهوس بها، وحتى تتوقف عن الحلم بها عندما تحلم. وبدلاً من ذلك، شيئًا فشيئًا، تُحول اتجاهك وميلك في قلبك، نحو طريق السعي إلى الحق ونيل الخلاص. يومًا بعد يوم، يكون كل ما تفعله، والأفكار، والطاقة، والثمن الذي تدفعه، كلها من أجل السعي إلى الحق ونيل الخلاص؛ هكذا تتخلى تدريجيًا.

فيما يتعلق بشركة اليوم حول موضوع "التخلي عن مساعي الناس وتطلعاتهم ورغباتهم"، هل عقدتُ الشركة حول الموضوع بشكل مفهوم؟ هل تعرفون كيفية التخلي؟ قد يقول بعض الناس: "حسنًا، لقد كنتُ أتخلى بالفعل قبل حتى أن تثير الموضوع". لكن هذا ليس صحيحًا بالضرورة. في الواقع، فقط من خلال عملية السعي إلى الحق، يرى الناس تدريجيًا حقيقة المد الشرير في العالم وأيضًا يرون تدريجيًا حقيقة طريق السعي وراء الشهرة والربح الذي يتخذه غير المؤمنين، ويتخلون عنه. إذا لم تكن قد سعيت إلى الحق بعد، وكنت تفكر فقط في التخلي داخل قلبك، فهذا ليس تخليًا حقًا على الإطلاق. إن استعدادك للتخلي والتخلي بحق شيئان منفصلان تمامًا؛ لا يزال بينهما فرق. لذلك، فإن أهم شيء هو البدء في السعي إلى الحق، وهذا لا ينبغي أن يتغير مهما كان الوقت؛ إنه أهم شيء. بمجرد أن تبدأ في السعي إلى الحق، يصبح التخلي عن التطلعات والرغبات أسهل. إذا كنت لا تقبل الحق لكنك تقول: "أريد حقًا التخلي عن هذه التطلعات والرغبات. لا أريد أن أكون مصبوغًا في حوض الصباغة الشاسع أو مفرومًا في مفرمة اللحم"، وإذا كنت لا تزال ترغب في البقاء على قيد الحياة، فأنا أخبرك أن هذا غير ممكن. مستحيل، لن تنال مثل هذه الصفقة الجيدة! إذا كنت لا ترغب في السعي إلى الحق لكنك لا تزال ترغب في التخلي عن التطلعات والرغبات، فهذا مستحيل. جميع الناس الطبيعيين لديهم تطلعات ورغبات، خاصة أولئك الذين لديهم القليل من المواهب أو المَلَكَات. أين يوجد شخص يرضى بالوحدة ويستسلم طواعيةً لعيش حياة عادية؟ لا يوجد شخص مثل هذا في أي مكان. يريد الجميع أن يبرزوا، وأن ينجحوا في حياتهم، وأن يحيطوا أنفسهم بهالةٍ معينةٍ، وأن يجعلوا حياتهم أكثر راحة. إذا كنت تريد التخلي عن التطلعات والرغبات الشخصية، ونيل الخلاص، وعيش حياة ذات معنى، فعليك قبول الحق، والسعي إلى الحق، والخضوع لعمل الله؛ بهذه الطريقة سيكون لديك أمل. الاستماع إلى كلام الله واتباع الله هو السبيل الوحيد. لذلك، على الرغم من كل التغييرات الظاهرية، ثمة شيء واحد يبقى ثابتًا في جوهره؛ السعي إلى الحق. هذا هو الموضوع الأكثر أهمية، أليس كذلك؟ (بلى). حسنًا، لننهِ شركة اليوم حول موضوعنا هنا. وداعًا!

17 ديسمبر 2022

السابق:  كيفية السعي إلى الحق (7)

التالي:  كيفية السعي إلى الحق (9)

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب

Connect with us on Messenger