61. عشرون يومًا من العذاب

بقلم: يي لين، الصين

في أحد أيام شهر ديسمبر من العام 2002، في الساعة الرابعة مساءً تقريبًا، تم الإمساك فجأةً بشعري وذراعيَّ من الخلف بينما كنت واقفًا على جانب طريق لإجراء مكالمة هاتفية. وقبل أن أتمكن من رد الفعل، ارتدت قدماي من تحتي. فقدت توازني وارتطمت بشدة بالأرض. أمسكني أناس عديدون فورًا بقوة شديدة، وضغطوا على وجهي بشدة على الأرض، وكُبلت يداي من ورائي. ثم رفعوني عن الأرض وسحبوني إلى سيارة سيدان. أدركت أن الشرطة قد اعتقلتني. كانت وحشيتها واضحة، وتذكرت روايات الإخوة والأخوات عن التعذيب الوحشي بعد اعتقالهم. كنت متوترًا وخائفًا بالفعل، وشعرت بالقلق من أنني قد لا أتحمَّل التعذيب وقد أصبح مثل يهوذا. صلَّيت إلى الله طوال فترة الانتقال بالسيارة، طالبًا منه أن يمنحني الإيمان والقوة لأتمكن من الثبات في الشهادة وعدم الاستسلام للشيطان.

نقلني رجال الشرطة مباشرةً إلى فندق صغير، حيث نزعوا قميصي وحذائي وخلعوا حزامي وأجبروني على الوقوف حافي القدمين على الأرضية الجليدية. كان هناك الكثير من الضباط في الغرفة وكان أحدهم يلتقط صورًا لي. وبعد ذلك، عرض أحدهم بعض اللقطات لي ولأخ آخر بينما كنا نُجري عملية إيداع في أحد البنوك، وطالب بمعرفة مصدر الأموال والمرسل إليه ومكان إقامته. شعرت بالصدمة، وأدركت أن هؤلاء الضباط لم يكونوا يراقبونني ويتعقبونني لمدة يوم أو يومين فقط. ومع وجود العديد من الضباط هناك في ذلك اليوم، عرفت أنهم لن يطلقوا سراحي بسهولة. أرعبني التفكير في هذا، وصلَّيت إلى الله بصمت مرارًا وتكرارًا. تذكرت بعضًا من كلامه: "لا تخف؛ فَمَنْ ذا الذي يستطيع أن يسد هذا الطريق إذا كان دعمي موجودًا؟ تذكَّر هذا! لا تنسه! كل ما يحدث إنما يحدث بدافع من قصدي الصالح، وكل شيء تحت نظري. هل يمكنك أن تتبع كلمتي في كل ما تقوله وتفعله؟ عندما تأتي عليك تجارب النار، هل ستركع وتصرخ؟ أم ستجبن عاجزًا عن التحرك إلى الأمام؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل العاشر). لم أشعر بالكثير من التوتر أو الخوف، عالمًا أن الله سندي وإلى جانبي. علمت أن الله سمح باعتقالي، وأنه كان يستخدم هذا الوضع لاختبار ما إذا كنت مؤمنًا به ومُكرَّسًا له. لا يمكنني أن أخذل الله، ولكن كان عليَّ أن أتَّكل عليه للثبات في شهادتي ولإخزاء الشيطان. عزمت بصمت أنه بصرف النظر عن كيفية تعذيب الشرطة لي، لا يمكنني أبدًا إفشاء مكان أموال الكنيسة، أو أن أكون مثل يهوذا حتى لو كان ذلك يعني موتي! عندما لم أنْبس ببِنْت شَفَة، صفعني أحد الضباط كثيرًا وبشدة وطالب بمعرفة قائد كنيستنا ومكان الاحتفاظ بأموال الكنيسة والشخص الذي يُجري عملية الإيداع معي. وصفعني أكثر عندما واصلت عدم الرد. عندما بدأت يداه تؤلمانه، أمسك بحذائي واستخدم كعبيه لضربي على فمي. فبدأ فمي ينتفخ بسرعة كبيرة، وانفكت بعض أسناني، وكان الدم يتدفق من زوايا فمي. عذبوني لأكثر من ساعة قبل أن يتوقفوا في النهاية. بدأوا في أخذ مناوبات ثنائية لمراقبتي، وكانوا يطلبون مني البقاء واقفًا ولا يسمحون لي بالنوم أبدًا. وقفت هكذا لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ متتالية. ولم أعرف إلا لاحقًا أن هذه طريقة تعذيب اسمها "إتعاب النسر" التي تستخدمها الشرطة غالبًا في الاستجوابات. فالشرطة تجعل الشخص يظل مستيقظًا بشكل مستمر لتحطيم إرادته، ثم تستجوبه عندما يعجز عن التفكير بوضوح. تستخدم هذه الطريقة لجعل الناس يخونون الله. كان جسدي كله مُتقرِّحًا بشكل لا يطاق، وكنت مرهقًا جسديًا وعقليًا. كان يمكنني حتى النوم أثناء الوقوف، ولكن في اللحظة التي يغلبني فيها النعاس، كان ضابط يضربني بشدة أو يركلني بقوة أو يصرخ فجأةً في أذني مباشرة حتى أستيقظ مرتعدًا. شعرت أن قلبي سينخلع مباشرةً من صدري. شعرت أحيانًا باليقظة وأحيانًا أخرى بالدوار، ولم أدرِ ما هو حقيقي وما هو حلم. كنت في عذاب وشعرت أنني لا أستطيع تحمُّل المزيد، وخشيت أنه إذا استمر ذلك فسوف أتحول إلى معتوه أو مجنون. صلَّيت إلى الله في قلبي، طالبًا منه الإيمان والقوة للثبات في الشهادة له.

جاء ضابطان ذات صباح لاستجوابي. قالا: "لا تعتقد أنه يمكنك أن تفلت من هذا بسهولة عند الامتناع عن قول أي شيء. بما أنك هنا، عليك بالتأكيد أن تجيب عن أسئلتنا بوضوح! وبصراحة، كنا نتتبعك لعدة شهور. استخدمنا نظامًا لتحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية للوصول إليك، ونحن على دراية بجميع تحركاتك. عندما نطلب منك الاعتراف، فإننا نمنحك فرصة. لديك عدة بطاقات SIM مختلفة ولديك جهات اتصال في بضعة مواقع مختلفة. لا بُدَّ وأنك قائد، أليس كذلك؟" ثم سحبا سجل مكالماتي الذي كان يزيد طوله عن متر، وطلبا مني إخبارهما بما نوقش في كل مكالمة. شعرت بالصدمة، فإذا كانت الشرطة تعرف بالفعل الكثير عني وتعتقد أنني كنت قائدًا، فمن يعرف كيف ستعذبني من الآن فصاعدًا! بقيت بلا نوم لمدة أربعة أو خمسة أيام وشعرت بالفعل أنني لا أستطيع تحمُّل المزيد. فقد سبق وسمعت أنه إن لم تنم لمدة سبعة أو ثمانية أيام متواصلة، قد تموت تلقائيًا. تساءلت عما إذا كنت سأموت هناك إذا استمروا في حرماني من النوم. شعرت بشيء من الجُبن، وسرعان ما رفعت صلاة: "يا إلهي، إن جسدي ضعيف وأخشى ألا أستطيع تحمُّل هذا، لكنني لا أريد أن أخونك أو أبيع إخوتي وأخواتي. أرجو أن تمنحني الإيمان والقوة". وبعد صلاتي خطر على بالي بعض كلام الله: "الإيمان أشبه بجسرٍ خشبيّ من جذع واحد، بحيث يجد الذين يتشبّثون بالحياة في وضاعةٍ صعوبةً في عبوره، أمّا أولئك المستعدون لتقديم حياتهم فيمكنهم المرور عليه واثقي الخطى من دون قلقٍ. إذا كانت لدى الإنسان أفكار جُبن وخوف، فلأن الشيطان قد خدعه؛ إذ يخشى الشيطان أن نعبر جسر الإيمان للوصول إلى الله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس). أيقظني كلامه – أليست حياتي وموتي بين يديَّ الله؟ إذا لم يسمح لي الله بالموت، فلن يستطيع الشيطان أن يفعل بي أي شيء. كنت أفتقر إلى الإيمان بالله. كنت جبانًا وضعيفًا لأنني كنت أتشبث بالحياة بانحطاط. هدأني التفكير في هذا الأمر قليلًا ولم أشعر بالخوف الشديد. عندما رأى ضابط أنني كنت لا أزال صامتًا، لكمني على رأسي. كان ألمي شديدًا وجسمي كله خدر كما لو كنت قد تعرضت إلى صدمة كهربائية، وكدت أن أسقط. أمسك ضابط آخر بشماعة ملابس خشبية ودفعها بقوة على ذقني. فسألتهما بينما كنت أشعر بألم لا يطاق: "أي قانون يخالفه إيماني بالله؟ ينص الدستور الوطني بوضوح على أن الناس يتمتعون بحرية المعتقد. ما أساس ضربكما لي لحد الموت تقريبًا؟ هل يوجد أي قانون في هذا البلد؟" فقال أحدهما: "قانون في هذا البلد؟ ما هو القانون؟ إنه الحزب الشيوعي! الآن بعد أن أصبحت في أيدينا، إذا لم تخبرنا بما نريد معرفته، فلا تفكر حتى في الخروج من هذا على قيد الحياة". شعرت بالغثيان والغضب عند رؤية مدى وحشيتهما ووقاحتهما، ولم أرد عليهما فيما بعد.

قال لي ضابطان يومًا ما بنبرة تهديد: "لدينا طُرقنا لنجعلك تفتح فمك، وهذه مسألة وقت فقط. لا يؤدي رفض الكلام إلا إلى المزيد من المعاناة. هل تعتقد أنك نسر صلب؟ هل تعرف كيف تُرهَق النسور؟ عليك أن تتحلى بالصبر، ولكن عندما يحين الوقت سوف يكون ذلك النسر لطيفًا ومطيعًا...". كنت عند تلك اللحظة قد تعرضت بالفعل للتعذيب لدرجة أنني لم أكن يقظًا ولم أعرف عدد الأيام الإضافية التي يمكنني فيها الصمود. كان كل ما يمكنني فعله هو محاولة إجبار نفسي على البقاء متيقظًا وبذل قصارى جهدي للتيقظ. ظللت أُصلِّي إلى الله وأدعوه مرارًا وتكرارًا. تذكرت كلام الله هذا: "عملي وسط مجموعة الناس في الأيام الأخيرة هو مشروع غير مسبوق، وبالتالي، يجب أن يعاني كل الناس المشقة الأخيرة من أجلي، حتى يمتلئ الكون بمجدي. هل تفهمون مشيئتي؟ هذا آخر مطلب لي من الإنسان، أو بتعبير آخر، أرجو أن يحمل الناس شهادة قوية ومدوية لي أمام التنين الأحمر العظيم، بحيث يمكنهم أن يهبوا أنفسهم لي للمرة الأخيرة، وأن يفوا بمتطلباتي مرة أخيرة. أيمكنكم حقاً أن تفعلوا هذا؟ لم تقدروا على إرضاء قلبي في الماضي، أيمكنكم أن تكسروا هذا النمط في المرة الأخيرة؟ أمنح الناس فرصة التأمل، وأجعلهم يفكرون بشدة قبل أن يعطوني إجابة نهائية، فهل هذا خطأ؟ انتظر إجابة الإنسان، انتظر "خطاب جوابه"، فهل لديكم من الإيمان ما يمكّنكم من الوفاء بمطالبي؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل الرابع والثلاثون). ساعدني كلام الله على فهم أنه كان يسمح للتنين العظيم الأحمر باعتقالي واضطهادي لتكميل إيماني وتكريسي. كما كان يمنحني فرصة للتمسك بشهادتي له أمام الشيطان. كان الله يُمحص كل كلمة من كلامي وكل فعل من أفعالي. كان عليَّ أن أتكل على الله وأن أثبت. جدد هذا الفكر إيماني وقوتي، وشعرت أنني أكثر يقظةً ونشاطًا وأقل خمولًا. علَّق الضابطان الواقفان على الجانب أحدهما للآخر: "هذا الرجل قوي حقًا. لا يزال لديه الكثير من الطاقة بعد كل هذه الأيام دون نوم، ولكننا العشرة منهكون تمامًا". عرفت أن هذا كله كان يرجع إلى رحمة الله وحمايته لي، وشكرت الله من قلبي.

أجبروني بعد ذلك على الوقوف في وضع القُرْفُصَاء. بعد سبعة أيام وليال دون نوم وبالكاد دون طعام، أين أجد القوة لذلك؟ لم يمضِ وقت طويل حتى لم أستطع الصمود وسقطت على الأرض. أنهضوني مرَّة أخرى للجلوس في وضع القُرْفُصَاء من جديد. وبما أنني كنت خائر القوى بالفعل، سقطت مرَّتين ولم أستطع تحمُّل الجلوس القرفصاء بعد ذلك. ثم أمروني بالركوع على ركبتيَّ في مواجهتهم. شعرت بالغضب وقلت لنفسي: "لا أركع إلا لأعبد الله، ولن أركع مطلقًا أمامكم أيها الشياطين". عندما أصررت على الرفض، أمسك اثنان منهم بذراعيَّ في غيظ وركلا باطن ساقيَّ لإجباري على الركوع. كنت لا أزال ممتنعًا عن الركوع، فداسا على باطن ساقيَّ وضغطا بشدة. آلمني هذا جدًا لدرجة أن جسمي تعرَّق بأكمله. شعرت أن الموت سيكون أفضل من ذلك. عذباني على هذا النحو لمدة ساعة تقريبًا، تاركين باطن ساقيَّ أخضر اللون مائلًا إلى الزُرقة ومنتفخًا. ولفترة طويلة بعد ذلك، كنت أمشي وأنا أعرج.

كانوا لا يزالون يمنعونني من النوم بحلول اليوم الثامن. كنت أشعر بعدم وضوح الرؤية وأعاني من ارتفاع درجة الحرارة، وكانت أذناي تطنان. لم أستطع السمع بوضوح وكنت أعاني من ضعف الرؤية، وكنت سأصاب بالإغماء إذا مشيت لدقيقة واحدة دون أن أتعرض للضرب. كان الثلج لا يزال يتساقط في الخارج، لكن رجال الشرطة أنهضوني في المرحاض ورشوا ماءً باردًا قارصًا على رأسي. وفي اللحظة التي يتركوني فيها كان يمكن أن أسقط على الأرض. كنت يقظًا في لحظة ومشوشًا في اللحظة التالية. وكنت على وشك الانهيار العقلي، وقد استنفدت طاقات جسمي أيضًا. والتفكير في أنه ليست لديَّ أي فكرة عن موعد اقتراب تلك الأيام الرهيبة أوهن روحي، ولم أرغب حتى في تناول الطعام.

جاء شخص يبدو وكأنه قائد في مساء اليوم التاسع. أشار إلى فراش وقال: "كل ما عليك أن تفعله هو أن تخبرني بمصدر تلك الأموال، وهُويَّة ذلك الرجل الذي أجرى الإيداع معك، وهوية القائد. سوف تتمكن بكلمة واحدة مني من الاستحمام والنوم، ثم ندعك تذهب إلى المنزل". كنت منهكًا للغاية جسديًا إلى أقصى حد وسقطت بالفعل على الأرض عدة مرَّات. شعرت أنني قد أموت في أي لحظة إذا لم أنم قليلًا. قلت لنفسي: "ربما يمكنني أن أقول شيئًا غير مهم جدًا؟ إذا استمر هذا، فعندئذ حتى لو لم أتعرض للضرب حتى الموت سوف أموت من الإرهاق أو الحرمان من النوم!" ولكنني أدركت بعد ذلك فورًا أن ذلك سوف يجعلني مثل يهوذا. سرعان ما تلوتُ صلاة صامتة: "يا إلهي! لا يمكنني تحمُّل هذا فيما بعد. أرجو أن تمنحني الإيمان والقوة. أريد أن أتمسّك بشهادتي وأن أخزي الشيطان". تذكرت أثناء الصلاة بعضًا من كلام الله: "خلال هذه الأيام الأخيرة يجب أن تقدموا الشهادة لله. مهما بلغ حجم معاناتك، فعليك أن تسير حتى النهاية، وحتى عند أنفاسك الأخيرة، يجب أن تظل مخلصًا لله، ورهن ترتيبه – هذه وحدها هي المحبة الحقيقية لله، وهذه وحدها هي الشهادة القوية والمدوّية" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبار التجارب المؤلمة هو السبيل الوحيد لكي تعرف روعة الله). ذكَّرني كلام الله بأن هذا كان بالضبط عندما احتجت إلى التمسك بشهادتي له، وأن هذا يتطلب قدرتي على المعاناة وإظهار التكريس له. لكنني لم أرغب في المعاناة، بل وكنت أفكر في خيانة مصالح الكنيسة للحفاظ على حياتي. كنت أنانيًا وخسيسًا للغاية – فكيف كانت لديَّ أي إنسانية؟ وكيف كانت تلك شهادة؟ أعاد هذا الفكر إيماني وقوتي. علمت أنه حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن حياتي، تعيَّن عليَّ أن أتمسّك بشهادتي وأرضي الله. ولذلك بقيت صامتًا. عندما رأي ذلك الرجل الذي يبدو قائدًا هذا، قال للضابطين اللذين كانا يراقبانني: "راقباه. إنه ممنوع من النوم إلى أن يتحدث". ثم استدار وخرج.

اعتقلت الشرطة عدة أخوات في ظهيرة اليوم العاشر. أرادوا استجوابهن بشكل منفصل، وبما أنه لم يكن لديهم ما يكفي من الناس لمراقبتي، نمت أخيرًا في تلك الليلة. وفي صباح اليوم التالي، قال نقيب شرطة لقبه كاي: "ذهبنا إلى منزلك. والدتك تتقدم في السن وليست بصحة جيدة، كما يجب عليها أن تعتني بطفليك. إن معيشتهم صعبة بالفعل. زوجتك ليست في المنزل، وطفلاك صغيران ويحتاجان إلى رعاية والديهما ويشتاقان إليك حقًا. الأمور عصيبة فعلًا على عائلتك. توصلنا إلى أننا سوف نمنحك فرصة أخرى، ومن الأفضل أن تستغلها. حصلنا بالأمس على عدد قليل من الأشخاص، فأخبرني فقط بمن منهم هو القائد، ومن يحتفظ بالمال وأين يقيم، وسأطلق سراحك فورًا. سوف تتمكن من العودة إلى المنزل ولم شمل عائلتك، ويمكننا مساعدتك على إيجاد وظيفة جيدة في المنطقة حتى تتمكن من الاعتناء بها". لم أستطع حبس دموعي عندما سمعته يقول هذا، وكنت أتألم وأشعر بالضعف. كانت والدتي وطفلاي يعانون ولم تكن لديَّ أي وسيلة لمساعدتهم. شعرت وكأنني كنت أخذلهم حقًا. أدركت في تلك اللحظة أنني كنت في الحالة الخاطئة، وسرعان ما صليت إلى الله وطلبت منه أن يرشدني ويحفظ قلبي. تذكرت كلام الله هذا: "في كل وقت يجب أن يحترس شعبي من خطط الشيطان الماكرة، ويحرسوا لي بوابة بيتي… بحيث تتفادوا السقوط في فخ الشيطان، الذي لو حدث سيكون قد فات أوان الندم" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل الثالث). ذكَّرني كلام الله مرَّة أخرى أن هذه كانت إحدى غوايات الشيطان. كان الشيطان يستخدم عواطفي لغوايتي بخيانة الله وخيانة الإخوة والأخوات حتى تتمكن الشرطة من سرقة أموال الكنيسة وإيذاء شعب الله المختار. لم أنخدع بحيلة الشيطان، ولن أخونهم أبدًا وأعيش حياة مخزية. بعد ذلك بفترة وجيزة، أحضروا الأخوات واحدةً تلو الأخرى لأتمكن من التعرف إليهن، وطلبوا منهن الدوران البطيء بزاوية 360 درجة لأتمكن من رؤيتهن بوضوح. تمكنت من جانبيّ عينيَّ أن أرى الضباط الثلاثة يراقبون تعبيرات وجهي، فصلَّيت إلى الله وطلبت منه أن يحفظني لئلا أخونهن. شعرت بهدوء شديد، ونظرت إلى كل واحدة منهن دون تعبيرات وهززت رأسي ببطء. صفعني النقيب كاي بشراسة وصرخ: "لا أعتقد أنك لا تعرف واحدةً منهن. ما رأيك في الحصول على 10 أيام أخرى من علاج النسر ثم معرفة ما إذا كنت سوف تحسن التصرف؟" ثم ظلوا يحاصرونني بأسئلة عن مكان حفظ أموال الكنيسة وعن القائد. لم أتحدث، فاستمروا في تعذيبي ليلًا ونهارًا، ولم يتركوني أنام على الإطلاق. كان أحدهم يصفعني، أو يركلني في بطانة الساق، أو يشد شعري على صدغي بشدة، أو يصرخ بكلتا يديه حول أذنيَّ كلما غلبني النعاس. كانوا ينفجرون ضحكًا كلما رأوا تعبيرات وجهي عن الخوف والألم عند استيقاظي مذهولًا. شعرت بالبؤس، ولم أعرف كم من الوقت يمكنني تحمُّل هذا الموت البطيء. شعرت بالمزيد من الضعف على وجه الخصوص عندما تذكرت أن الشرطة قالت إنه لا يوجد حد زمني لـ "إتعاب النسر"، وأن الأمر ينتهى عندما يعترف الشخص.

بحلول اليوم العشرين من تعذيبي، رأيت أنه لا توجد علامة تدل على توقف الشرطة، لكنني كنت قد استنفدت بالفعل حدود طاقتي الجسمية. كلما سقطت على الأرض لم تكن لديَّ حتى القوة للنهوض أو فتح عينيَّ. كان وعيي يصبح أكثر ضبابيةً، وكان مجرد التنفس صعبًا. شعرت وكأنني قد أموت في أي لحظة، وشعرت بالخوف الشديد. سمعت ضابطًا يصيح: "لا يهم أن نضرب المتشددين أمثالك حتى الموت! يمكننا أن ندفنك فحسب في أي مكان ولن يعرف أحد أبدًا". شعرت بالانهيار التام عندما سمعت ذلك. ماذا ستفعل والدتي وزوجتي وطفلاي إذا تعرضت للضرب حتى الموت؟ كانت والدتي كبيرة في السن وتعاني من متاعب في القلب وارتفاع ضغط الدم. ألن تكون هذه هي النهاية لها إذا مُتُّ؟ وكم سيؤذي ذلك زوجتي؟ كان طفلاي لا يزالان صغيرين للغاية – فكيف سيتدبران الأمر؟ لم أجرؤ على الاستمرار في التفكير في ذلك. شعرت وكأن شيئًا كان عالقًا في حلقي والدموع تنهمر على وجهي. وعندما وصل ألمي وضعفي إلى نقطة معينة، سمعت ضابطًا يقول: "أخبرنا فقط بالمكان الذي كنت تقيم فيه وسوف نغلق هذه القضية! وإلا، فلن نتمكن من ذلك. لا نريد أن نسهر ونعاني بجانبك هنا كل يوم". قلت لنفسي: "إذا لم أخبرهم بأي شيء الليلة، فلا أعتقد حقًا أنني سأتمكن من تجاوز الأمر. ربما يمكنني أن أقول شيئًا غير مهم. فالأخت الكبرى التي تستضيفني مجرد مؤمنة عادية ولديها القليل من المعلومات عن الكنيسة. والاعتراف بأنني أقمت في منزلها يجب ألا يُسبِّب أي ضرر فعلي للكنيسة. بالإضافة إلى ذلك، مر بالفعل 20 يومًا منذ اعتقالي، ولذلك من الممكن أن تكون جميع كتب كلام الله في منزلها قد نُقلَت. إذا لم تتمكن الشرطة من العثور على أي دليل على إيمانها، فلن تفعل أي شيء لسيدة كبيرة في السن، أليس كذلك؟" لم أُصلِّ إلى الله بعد أن حدث هذا لي، ثم عندما أطلعتني الشرطة على رسم تخطيطي للمنطقة المحيطة بمنزل أختي المضيفة، أشرت إليه للشرطة. وبمجرد أن تفوهت بالكلام، أصبحت يقظًا ومستيقظًا تمامًا وشعرت فجأةً بظلمة حقيقية في قلبي. أدركت أنني كنت مثل يهوذا وأنني أسأت إلى شخصية الله. شعرت بالرعب والذهول، وتملكني شعور بالذنب والندم. كيف كنت مثل يهوذا وخنت تلك الأخت؟ ثم سأل أحد رجال الشرطة: "أي منزل تُحفَظ فيه الأموال؟ من القائد؟ أين تُطبَع نسخ كلام الله؟" وركلني أحدهم عندما لم أخبرهم بأي شيء آخر. ولكن في تلك اللحظة، لم يكن الألم البدني مهمًا. كان الألم في قلبي أسوأ مائة مرَّة من الألم البدني. كان الأمر وكأنني قد طُعنت في قلبي، وتمنيت بشدة أن أعود بالزمن إلى الوراء وأتراجع عما قلته للتو، لكن الأوان كان قد فات. شعرت وكأنني فقدت روحي ولم أُصدر أي صوت. نقلوني إلى مركز احتجاز إذ رأوا أنهم لن يحصلوا على أي معلومات مني.

أجبرني ضابط الإصلاحيات في مركز الاحتجاز على خلع ملابسي أمام الجميع مباشرةً لإجراء فحص والتقط صورًا لي. لم أكن قد غسلت وجهي أو فرَّشت أسناني منذ 20 يومًا، وكانت رائحتي كريهة للغاية. وفي طقس شتوي بدرجة برودة حوالي 10 تحت الصفر، لم يعطوني الماء الدافئ، لكنهم سمحوا لي فقط بالاستحمام بالماء البارد. نظرًا لأنني كنت مُرهقًا لدرجة الانهيار ولم أملك القوة حتى للتحدث، ركلني ضابط الإصلاحيات بعنف في صدري عندما اعتقد أنني أجبت بهدوء شديد أثناء النداء بالأسماء. شعرت بألم شديد وكأن جميع أعضائي الداخلية قد فارقت أماكنها، واستغرق الأمر مني بعض الوقت لالتقاط أنفاسي مرَّة أخرى. طلبوا مني أيضًا سرد قواعد مركز الاحتجاز، واضطررت إلى مسح الأرضيات وتنظيف المراحيض كعقوبة لأنني لم أتمكن من سردها بشكل صحيح. امتلأت يداي بشقوق كانت تنزف بمنتهى السهولة، وفي كل ليلة كنت أضطر للنهوض من فراشي للمراقبة لمدة ساعتين. كان بإمكاني تحمُّل ذلك الألم الجسدي كله، ولكن منذ أن خنت تلك الأخت، قضيت أيامي غارقًا في الشعور بالذنب، وشعرت أنني كنت مدينًا لله ومدينًا لها. لم أستطع أن أسامح نفسي. لقد تغاضت عن سلامتها الشخصية لتستضيفني، لكني خنتها لحماية نفسي. كنت أفتقر إلى أي إنسانية! كان كلام الله هذا مُؤثرًا على نحو الخصوص بالنسبة لي: "لن أمنح مزيدًا من الرحمة لأولئك الذين لم يظهروا لي أي ذرة من الولاء في أوقات الشدة، لأن رحمتي تسع هذا فحسب. علاوة على ذلك، ليس لديَّ أي ود لأي أحد سبق وأن خانني، ولا أحب مطلقاً أن أخالط الذين يخونون مصالح أصدقائهم. هذه هي شخصيتي، بغض النظر عمّن يكون الشخص. يجب عليَّ أن أخبركم بهذا: كل مَنْ يكسر قلبي لن ينال مني رأفة مرة ثانية، وكل مَنْ آمن بي سيبقى إلى الأبد في قلبي" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أَعْدِدْ ما يكفي من الأعمال الصالحة من أجل غايتك). كان كلام الله أشبه بسكين في القلب، وجعلني أشعر بالمزيد من وخز الضمير، وكما لو فقدت ماء الوجه لملاقاة الله. كنت أعرف جيدًا أن شخصية الله مقدسة وبارَّة ولا تتسامح مع أي إهانة بشرية، وأن الله يمقت أولئك الذين يحمون أنفسهم على حساب الإخوة والأخوات والذين يريدون فقط إنقاذ أنفسهم. كنت قد خنت أختي وأصبحت شائنًا مثل يهوذا. كان ذلك مؤلمًا جدًا لله ومكروهًا تمامًا في عينيه. وكان التفكير في هذا أشبه بانفطار فؤادي، وجافاني النوم طوال الليل. كنت غارقًا في الشعور بالألم والذنب.

جاء النقيب كاي إلى مركز الاحتجاز مرَّتين أخريين لاستجوابي عن مكان أموال الكنيسة ومن الذين كنت أشاركهم بالإنجيل. وذات مرَّة، أحضر صورًا لأختين لأتمكن من تحديد هويتهن. حذرني من أنني إذا لم أقل الحقيقة، فسوف يضمن أنني سأقضي عقوبة في السجن. كنت لا أريد قبلًا إلا إنقاذ حياتي، ولذلك خنت تلك الأخت وجرحت قلب الله حقًا. ولن تكون من المبالغة معاقبتي وإرسالي إلى الجحيم. وهذه المرَّة، حتى لو حُكم عليَّ بالسجن مدى الحياة، وحتى لو مُتُّ، لن أقدم أي معلومات أخرى أبدًا. ولذلك، قلت دون أدنى تردد: "لا أعرفهن!" فقال النقيب كاي بتشديد: "ألقِ نظرة جيدة! فكر في الأمر ثم أجب". فكررت بحسم: "لا أعرفهن!" عندما رأى ضابط آخر مدى إصراري، صفعني صفعتين قويتين مما جعل وجهي يتلوى من الألم. ولكنني في هذه المرَّة شعرت بطمأنينة تامة.

تأملت لاحقًا في أسباب فشلي. كان أحد جوانبه هو أن عواطفي حاصرتني للغاية. ولذلك، عندما عذبني رجال الشرطة وهددوا حياتي، لم أستطع التخلي عن والدتي أو طفليَّ أو زوجتي، وخشيت من أنهم لن يتمكنوا من تدبر الأمر لو متُّ ولن يتمكنوا من تحمُّل تلك الضربة. لقد خنت الله وخنت تلك الأخت بسبب عواطفي الجسدية، وأصبحت خائنًا وشائنًا مثل يهوذا. كنت أفتقر حقًا إلى جميع معاني الإنسانية! كانت مصائر أفراد عائلتي كلها في يد الله بالفعل، وقد سبق الله وحدد مقدار العذاب والألم الذي سيعانون منه في الحياة. وحتى لو لم أمت وتمكنت من البقاء بجانبهم، لما كنت أملك أي طريقة لتغيير مقدار المعاناة المحددة لهم. لم أفكر في هذا، لكن مشاعري أعاقتني. كانت هذه حماقة بالفعل. والجانب الآخر من الفشل هو أنني لم أفهم تمامًا مغزى الموت. لم أستطع تحمُّل التخلي عن الحياة، مما يعني أنه لم يكن لديَّ إيمان حقيقي بالله عن بُعد. بحلول اليوم العشرين من التعذيب المرهق، كان وعيي يزداد ضبابية، وكنت أجهد نفسي لأتنفس، وشعرت أنني قد أموت في أي لحظة. شعرت بالخوف الشديد، وخشيت من أن وقتي قد حان. فكرت في جميع أولئك القديسين عبر العصور الذين عملوا لنشر إنجيل الرب. فقد رُجم بعضهم حتى الموت، وقُطعت رؤوس البعض، وصُلب البعض. تعرضوا جميعًا للاضطهاد من أجل البر، وكان موتهم جميعًا شهادات على الغلبة على الشيطان وخزي الشيطان، وقد خلَّد الله ذكراهم. وعلى الرغم من أنهم ماتوا بالجسد، فإن أرواحهم في يديَّ الله. تذكرت قول الرب يسوع: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا" (متى 16: 25). اعتُقِلت وعُذِّبتُ بسبب إيماني. وكانت معاناة الاضطهاد هذه من أجل البر. إذا كانت الشرطة قد ضربتني حقًا لدرجة الإعاقة أو الموت، لكان ذلك شيئًا مجيدًا. منحني هذا التفكير إحساسًا حقيقيًا بالانطلاق، وقررت أنه بصرف النظر عن مدى معاناتي بعد ذلك، وحتى لو اضطررت إلى التخلي عن حياتي، سوف أتمسّك بشهادتي لله، وأُكفِّر عن إثمي السابق، وأتوقف بالطبع عن مواصلة العيش في مثل هذا الخزي.

حلت أيام أواخر شهر يناير من العام 2003، وكان قد مضى ما يقرب من شهرين على اعتقالي. فقدت أكثر من 30 رطلًا من وزني. وعندما أخرجوا المحتجزين إلى الهواء الطلق، لم أتمكن إلا من الدوران بضع لفات حول الفناء قبل أن تنقطع أنفاسي. كنت في حالة هشة حقًا، وكان المسؤولون يخشون أن أموت بسببهم. ولذلك، انتهى بهم الأمر بإصدار عقوبة لمدة 18 شهرًا فقط ضدي يمكن أن أقضيها خارج السجن. وبعد إطلاق سراحي، طُلب مني الاتصال بمكتب الأمن العام مرَّتين شهريًا وإبلاغهم بأماكن وجودي ومُعْتَقدي كل ثلاثة شهور. بعد أن وصلت إلى المنزل، جاء جميع أفراد عائلتي وأصدقائي غير المؤمنين مجتمعين ووبخوني. فشعرت بالفزع الشديد. تعرضت في السجن للتعذيب على يد التنين العظيم الأحمر وكنت على وشك الموت، والآن بعد عودتي إلى المنزل كان عليَّ تحمُّل سوء تفاهم عائلتي. وكان كل ما استطعت فعله هو تحمُّل ذلك على مضض. عرفت لاحقًا أنه بعد اعتقالي، ذهبت الشرطة لتفتيش منزلي وخدعوا عائلتي قائلين كلامًا مثل إنني تورطت في أنشطة احتيالية لكسب المال. شعرت بالغضب. فقد اعتقلتني الشرطة وعذبتني ودفعتني لأكون مثل يهوذا وأخون إحدى الأخوات، بل واختلقت الأكاذيب لإثارة المتاعب وحمل عائلتي على أن ترفضني. كرهت شياطين الحزب الشيوعي أولئك بكل ذرَّة من كياني!

لم يمضِ وقت طويل قبل أن تلاحقني الشرطة من جديد، ولذلك تعيَّن عليَّ الهرب. أصبحت أحد الهاربين المطلوبين لدى الحزب الشيوعي الصيني. اضطررت إلى أداء وظائف غريبة بأسماء مزيفة، ولم يكن لديَّ سبيل للعودة إلى منزلي. كما فقدت الاتصال بالكنيسة. وقد كانت ملاحقة الشرطة لي، ورفض عائلتي لي، وعدم تمكني حتى من عيش الحياة الكنسية مؤلمًا للغاية بالنسبة لي. وكانت واقعة أنني كنت مثل يهوذا وخنت تلك الأخت قد انطبعت على وجه الخصوص في قلبي. شعرت دائمًا أنني ارتكبت خطية بلا غفران، وأن طريق إيماني قد وصل بالفعل إلى نهايته، ولم تعد لديَّ أي فرصة للخلاص فيما بعد. جعلتني هذه الأفكار أشعر بالعذاب والضعف.

أعدت التواصل بالكنيسة في شهر مايو من العام 2008 وتوليت واجبًا مرَّة أخرى. قرأت هذا في كلام الله بعد ذلك: "كل مَن قَبل إخضاع كلمات الله سينال فرصة جيدة للخلاص. خلاص الله لكل شخص من أولئك الأشخاص سيُظهر تساهله الجم، مما يعني أنه يُظهر لهم أقصى قدر من التسامح. طالما أن الناس يرجعون عن الطريق الخاطئ، وطالما أنهم قادرون على التوبة، سيعطيهم الله فرصًا لنيل خلاصه" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. عليك أن تتخلَّى عن بركات المكانة وتفهم مقاصد الله لجلب الخلاص للإنسان). "يستند تعامل الله مع كل شخص إلى الأوضاع القائمة في أحوال هذا الشخص وخلفيته في حينه، كما في تصرفاته وسلوكه وجوهر طبيعته. لن يظلم الله أحدًا أبدًا. هذا أحد جوانب بِرِّ الله. على سبيل المثال، أغوت الحية حواء لتأكل من ثمر شجرة معرفة الخير والشر، لكن يهوه لم يؤنبها بقوله: "لقد نهيتك عن الأكل منها، فلماذا فعلت ذلك على أي حال؟ كان ينبغي لك أن تتحلّيْ بالتمييز؛ كان ينبغي لك أن تعلمي أن الحية تكلمت فقط لإغوائك". لم يؤنب يهوه حواء هكذا. ما دام البشر خليقة الله، فإنه يعرف فِطَرَهم، وما تقدر هذه الفِطَر على فعله، وإلى أي مدى يستطيع الناس التحكم في أنفسهم، وإلى أي حد يمكنهم التمادي. يعلم الله كل هذا بوضوح تام. إن تعامل الله مع شخص ما ليس بالبساطة التي يتصورها الناس. عندما يكون موقفه تجاه شخص ما موقف تقزز أو اشمئزاز، أو عندما يتعلق الأمر بما يقوله هذا الشخص في سياق معين، يكون لديه فهم جيد لحالاته؛ ذلك أن الله يفحص قلب الإنسان وجوهره بدقة. يفكر الناس دائمًا قائلين: "ليس لله غير ألوهيته. وهو بار ولا يتقبل أي إساءة من الإنسان، ولا يراعي صعوبات الإنسان أو يضع نفسه مكان الناس. إذا قاوم امرؤٌ الله، فسوف يعاقبه". ليست هكذا تسير الأمور على الإطلاق. إذا كانت هذه طريقة فهم المرء لبره وعمله ومعاملته للناس، فإنه يرتكب خطأً فادحاً. إن قرار الله بشأن عاقبة كل شخص لا يستند إلى مفاهيم الإنسان وتصوراته، بل إلى شخصية الله البارة. وسيجازي كل امرئ بحسب أعماله. الله بار، وعاجلاً أم آجلاً، سوف يحرص على أن يقتنع الناس اقتناعًا تامًّا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). أثَّرت عليَّ قراءة كلام الله هذا لدرجة أنني لم أستطع حبس دموعي. كنت كطفل ارتكب خطأً شنيعًا ولم يجرؤ على العودة إلى المنزل، وعاد أخيرًا إلى حضن والدته بعد أعوام من الشرود في العالم. استطعت بالفعل أن أشعر بإحسان جوهر الله. لقد خنت تلك الأخت وخنت الله فاستحققت العقاب، لكن الله لم يعاملني حسب تَعدِّي بل منحني فرصة للتوبة. تمكنت من معرفة أن شخصية الله لا تنطوي فقط على الدينونة والغضب، بل أيضًا على الرحمة والتسامح. يتصرف الله وفقًا للمبادئ بشكل يفوق الوصف في معاملته للناس. إنه لا يَحدُّهم وفقًا لتعدياتهم اللحظية، ولكن وفقًا لطبيعة أفعالهم وسياقها، وقامتهم في ذلك الوقت. إذا كان شخص غادرًا بسبب ضعف بشري، لكنه لا ينكر الله أو يخونه من قلبه ويتبع حقيقة أنه لا يزال بإمكانه التوبة إلى الله، فإن الله لا يزال بإمكانه أن يغفر له ويمنحه فرصة أخرى. عرفت مدى برّ شخصية الله. يمقت الله شخصية البشر الفاسدة وخياناتهم، لكنه لا يزال يبذل قصارى جهده لخلاصنا. وهذا جعلني ممتنًا للغاية تجاه الله وأشعر بالمزيد من الدين له. لقد آذيت الله كثيرًا وأردت بالفعل أن أصفع نفسي. عقدت العزم على أنه بصرف النظر عن آخرتي، سوف أغتنم هذه الفرصة التي منحها الله إياي، وأسعى إلى الحق، وأؤدي واجبي لرد محبة الله.

بعد خضوعي للتعذيب الوحشي للحزب الشيوعي الصيني، رأيت جوهره الشيطاني ووجهه الشرير المتمثل في كراهية الله ومعارضته حتى النخاع. إنني أكره الشيطان أكثر من أي وقت مضى! كما اختبرت شخصيًا أن عمل الله لخلاص البشر هو عمل فعلي وحكيم للغاية. فقد استخدم التنين العظيم الأحمر لتكميل إيماني وتكريسي، مما جعلني أربح بعض الفهم عن شخصية الله البارة وأعاين سلطان كلام الله وقوته. أظهر لي هذا الاختبار بأكمله أن المشقات والتجارب هي بركة الله لي، وهي أيضًا محبته وخلاصه! بصرف النظر عما قد أواجهه في المستقبل من قمع أو شدائد، فإنني عازم تمامًا على اتباع الله حتى النهاية!

السابق:  60. الإبلاغ عن قائد زائف: صراع شخصيّ

التالي:  62. يوم استفقت من غطرستي

محتوى ذو صلة

4. صحوةُ روح مخدوعة

بقلم يانتشي – البرازيلوُلِدتُ في مدينة صغيرة شمال الصين، وفي عام 2010، لحِقتُ بأقاربي إلى البرازيل. هنا في البرازيل، تعرَّفتُ على صديق...

45. عائدٌ من على حافة الهاوية

بقلم تشاو غوانغمينغ – الصينفي بداية الثمانينيات كنت في الثلاثينيات من عمري وكنتُ أعمل بشركة إنشاءات. اعتبرت نفسي شابًا لائقًا بدنيًّا،...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب

Connect with us on Messenger