تقدير كلام الله هو أساس الإيمان بالله

سنستمع أولًا إلى ترنيمة من كلام الله: "اتَّبِعوا كلام الله ولن تضِلُّوا".

1  يأمل الله أن تتمكنوا من أن تأكلوا وتشربوا بشكل مُستقِل، وأن تعيشوا دائمًا في نور حضرة الله، وألا تتركوا كلام الله أبدًا في حياتكم، حينها فقط ستكونون متشبعين بكلام الله. في كُلِّ كلمة تقولُها وكُلِّ فعلٍ تفعله، سيرشدك كلام الله قُدُمًا بالتأكيد. إذا اقتربتَ من الله حقًا إلى هذه الدرجة، وعقدت الشركة معه باستمرار، فلا شيء تفعله سينتهي بالحيرة أو يتركك شاعرًا بأنك جاهل تمامًا. ستتمكنُ بالتأكيد من التمتع بوجود الله إلى جانبك، كما ستتمكن دائمًا من التصرف وفقًا لكلمة الله.

2  مع كل شخص تقابله وكل حدث وشيء، ستظهر لك كلمة الله في أي وقت، مرشدةً إياك إلى العمل وفقًا لمقاصده، واتباع كلمته في كل شيء تفعله. سوف تقودُك كلمة الله قُدُمًا في كُلِّ ما تفعل، ولن تَضِلَّ أبدًا، وستكون قادرًا على العيش في نورٍ جديد مع استنارات أكثر وأحدث. لا يُمكنكَ استخدام المفاهيم الإنسانية للتفكير فيما عليك القيام به؛ بل يجب أن تخضع لإرشاد كلمة الله، وتملكَ قلبًا صافيًا، وتكونَ هادئًا أمام الله، وتقومَ بالمزيد من التأمل. لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه، أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا.

3  آمِنْ بأنَّ الله هو قديرك قطعًا. يجبُ أن يكون لديكَ توقٌ كبيرٌ إلى الله، وأن تطلب بنهم بينما ترفض مبررات الشيطان ومقاصدَه وحِيَله. لا تيأس. لا تكن ضعيفًا. اطلب بكُلِّ قلبك، وانتظر بكل قلبك. تعاون بفاعلية مع الله، وتخلَّص من العوائق التي في داخلك.

– اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة

لقد استمعتم الآن للترنيمة "اتَّبِعوا كلام الله ولن تضِلُّوا". فهل ربحتم أي نور أو طرق للممارسة بعد الاستماع لهذه الترنيمة؟ ما الكلمات التي ألهمتكم وأنارتكم؟ "اتَّبِعوا كلام الله ولن تضِلُّوا"؛ هل هذه الكلمات صحيحة؟ وهل هي الحق؟ (نعم). أيٌ من سطور هذه الترنيمة تجدها مفيدة لاختبارك في الحياة الواقعية؟ ابدأ القراءة من السطر التالي: "لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه" ("لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه، أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا. آمِنْ بأنَّ الله هو قديرك قطعًا. يجبُ أن يكون لديكَ توقٌ كبيرٌ إلى الله، وأن تطلب بنهم بينما ترفض مبررات الشيطان ومقاصدَه وحِيَله. لا تيأس. لا تكن ضعيفًا. اطلب بكُلِّ قلبك، وانتظر بكل قلبك. تعاون بفعالية مع الله، وتخلَّص من العوائق التي بداخلك"). أيٌ من سطور هذا المقطع تقدم طريقًا للممارسة؟ وأيّها تمثل مبادئ الممارسة للتعامل مع مواقف في واقع الحياة أبلغ الله الإنسانَ بها؟ هل بإمكانكم اكتشاف هذه السطور؟ تتضمن جميع الصحف والمجلّات والكتب المختلفة التي يطالعها الناس أجزاءً يعتبرونها جديرة بالملاحظة، فما هي هذه الأجزاء؟ إنها الأجزاء التي يهتم بها الناس، والأجزاء التي يعتقدون أنها الأهم، والأجزاء التي توفر معلومات مهمة يحتاجون إلى معرفتها في حياتهم اليومية. فما هي إذًا الأجزاء الجديرة بالملاحظة في هذا المقطع من كلام الله؟ ما الأجزاء التي توضح متطلبات الله من الناس؟ وأيها يتضمن المبادئ التي حددها الله للناس ليمارسوها ويمتثلوا لها عند مواجهة مواقف في حياتهم اليومية؟ هل يمكنكم تحديد هذه الأجزاء؟ (ليس تمامًا). اقرؤوها ثانيةً. ("لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه، أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا. آمِنْ بأنَّ الله هو قديرك قطعًا. يجبُ أن يكون لديكَ توقٌ كبيرٌ إلى الله، وأن تطلب بنهم بينما ترفض مبررات الشيطان ومقاصدَه وحِيَله. لا تيأس. لا تكن ضعيفًا. اطلب بكُلِّ قلبك، وانتظر بكل قلبك. تعاون بفعالية مع الله، وتخلَّص من العوائق التي بداخلك"). هل تفهمون معنى كل سطر في هذا المقطع؟ (نعم). يتألف هذا المقطع من كلمات بسيطة سهلة الفهم، وليست مبهمة. من السهل فهم المعنى الحرفي لهذه الكلمات، فما المبدأ التي تنطوي عليه؟ وهل بإمكانكم معرفته عند قراءة هذه الكلمات؟ ما تعريف المبدأ؟ نقول، بصورة أعم، إن كلام الله وحقائقه عبارة عن مبادئ، لكن تعريف المبادئ بهذه الطريقة يبدو فارغًا تمامًا من المعنى بل ومبهمًا قليلًا. وبمعنىً أدقّ، فإنَّ المبدأ هو طريق الممارسة ومعيارها الذي يتعين على المرء امتلاكه عند القيام بالأمور. هذا هو ما نسميه بـ "المبدأ". فما المبدأ الوارد في هذا المقطع، إذًا؟ لكي نكون دقيقين، يتضمن هذا المقطع طريقًا للممارسة. لقد أخبر الله الناس بالفعل بكيفية الممارسة وكيفية التصرف عندما تحل بهم الأمور. اقرأ هذا المقطع مرة أخرى وأصغِ بعناية إلى الكلمات. ("لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه، أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا. آمِنْ بأنَّ الله هو قديرك قطعًا. يجبُ أن يكون لديكَ توقٌ كبيرٌ إلى الله، وأن تطلب بنهم بينما ترفض مبررات الشيطان ومقاصدَه وحِيَله. لا تيأس. لا تكن ضعيفًا. اطلب بكُلِّ قلبك، وانتظر بكل قلبك. تعاون بفعالية مع الله، وتخلَّص من العوائق التي بداخلك"). لقد قرأتم جميعًا هذا المقطع ثلاث مرات، فهل ترك انطباعًا لديكم؟ هل تشعرون، بعد قراءته ثلاث مرات، بإحساس مختلف عما تشعرون به عند الاستماع إلى هذه الترنيمة من دون الانتباه بعناية كما تفعلون عادةً؟ (نعم). فما مبادئ الممارسة التي يمكنكم إيجادها وفهمها في هذا المقطع؟ ما جانب الحق الذي يطرحه الله هنا؟ يرتبط هذا الجانب من الحق بأحد مبادئ الممارسة، ولكن ما هو المبدأ المقصود هنا بالضبط؟ ما نوع القضايا الحقيقية التي يتناولها؟ يتناول السطر الأول قضية حقيقية؛ فهو يتكلم عن أمور لا تفهمونها. من هذه الأمور التي لا تفهمونها قضايا متعلقة بالحق وبممارستكم، والتغيير في شخصيتكم، والمشكلات المرتبطة بمجال عملكم، والحالات الشخصية التي تختبرونها في أثناء قيامكم بواجبكم، إضافةً إلى القضية الخاصة بكيفية تمييزكم لجوهر الأشخاص، وغير ذلك من القضايا. إنَّ مثل هذه الأمور تحدث حولك بالفعل، وقد شاهدتَها وسمعتَ عنها، لكنك لا تفهم جوهر هذه القضايا ولا الحقائق التي تتطرق إليها، فضلًا عن أن تعرف طريق الممارسة والمبادئ التي ينطوي عليها. وأنت لا تعلم أيضًا بطبيعة الحال مقاصد الله في الأمر، وفي أمور أخرى من هذا القبيل. عندما لا يفهم المرء هذه الأشياء ولا يعرفها ولا يدرك حقيقتها، فإنها تغدو أكبر صعوباته، وينبغي معالجتها انطلاقًا من كلمات الله: "لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه، أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر". ثمة أمور كثيرة لا تفهمها؛ أمور في العالم الخارجي وأخرى في بيت الله. فما الذي ينبغي أن تفعله بما أنك لا تفهم هذه الأمور؟ أولًا، عليك أن تطلب الحق وترى ما يُقال في كلمات الله، وما المبادئ التي يمكن إيجادها هناك. وعليك أن تتأمل بعناية، بينما تكرر قراءة كلام الله عدة مرات. اعرف أولًا واقع الحق، ثم افهم ما يطلبه الله منك، وبعد ذلك حدد مبادئ ممارسة الحق، وبذلك سيكون من السهل عليك فهم الحق. هذه هي عملية قراءة كلام الله طلبًا للحق؛ فهل تستطيع فهم ما قلتُه؟ (نعم). لقد رتب الله بيئتك، والناس والأحداث والأشياء من حولك، فما موقف الله إذًا حيال هذا؟ يمكنك رؤيته في كلمة الله. يخبرك الله ألّا تكون عجولًا بشأن إيجاد الحلول، وألّا تتسرع بتعريف الأشياء وإصدار الأحكام أو أي قرارات. لمَ هذا؟ لأنك لا تفهم بعدُ هذا الحدث الذي رتبه الله لك. عندما يأمرك الله ألّا تتعجل، فما الذي يعنيه هذا؟ معناه أن هذا الحدث قد وقع، وأن الله رتبه أمامك ووضعك في هذه البيئة، وترتيب الله واضح للغاية. يقول الله لك: "لست على عجلة من أمري لأُفهمك تمامًا ما يجري في هذا الموقف، ولا أتعجّل جعلك تصدر حكمًا على الفور وتدلي باستنتاجك أو تقترح أي نوع من الحلول له". هذا الأمر غير مألوف لك، ولست تفهمه؛ فهو شيء لم يسبق أن واجهتَه من قبل، ودرس لم تتعلمه بعدُ، كما أنك لا تمتلك معرفة اختبارية أو تعليمات بشأنه، ولم تختبره مطلقًا من قبل، ولذلك فإن الله لا يستعجلك لإبداء إجابة عنه. يسأل بعض الناس: "ما دام الله قد رتب هذه البيئة، فلماذا لا يتعجل رؤية نتائجها؟" هنا أيضًا تكمن مقاصد الله. إن مقصد الله من ترتيب البيئات ليس أن يجعلك تسارع إلى إصدار حكم أو استنتاج نظري حول الأمر، بل يريدك أن تختبر مثل هذه البيئة والحدث، وأن تفهم الناس والأحداث والأشياء التي تحتوي عليها، لكي تتعلم درسًا في الخضوع لله. وبمجرد أن تربح مثل هذا الفهم والاختبار الشخصي، يغدو هذا الحدث ذا مغزى بالنسبة إليك، ويحمل دلالة وقيمة كبيرين لك، وفي نهاية المطاف، بعد اختبار هذا الأمر، فإن ما ستربحه ليس نظرية ولا مفهومًا ولا تصورًا ولا حكمًا، ولا حتى معرفة اختبارية أو درسًا يلخصه الإنسان، بل اختبارًا شخصيًّا مباشرًا ومعرفة حقّةً به. ستكون هذه المعرفة قريبة من الحق أو موافقة له. وستتمكن من خلال اختبار مثل هذه الأمور أن تدرك أن موقف الله من الإنسان واضح جدًّا، ومعبَّرٌ عنه بطريقة يسهل فهمها؛ فهو يرى أنه ليس في عجلة من أمره كي تسارع إلى إبداء ردك أو تقديم إجابتك. يريدك الله أن تختبر هذه البيئة، وهذا هو موقفه. وبما أن هذا هو موقف الله، فلديه مطلب ومعيار للإنسان، وهذا المعيار مبدأ ينبغي للناس ممارسته. ما مبدأ الممارسة؟ هو المقاربة والمنهج والوسيلة التي تستخدمها عندما تواجه حدثًا معيّنًا. وعندما تفهم مقاصد الله وموقفه تجاه حدث ما، فعليك ممارسة متطلباته. وما الذي يطلبه الله منك؟ قال الله: "لا تتعجل حلولًا". ثمة سياق لهذا القول: "لا تتعجل حلولًا". إذًا فلماذا يضع الله مثل هذا المطلب والمعيار على الإنسان؟ هل اتضحت لكم هذه النقطة؟ ذلك لأنك شخص عادي، ولست إنسانًا خارقًا، وتفكيرك تفكير شخص طبيعي. أنت شخص من عامّة الناس، وبغض النظر عما إذا عشت حتى سن الأربعين أو الخمسين أو حتى سن الثمانين، فسوف تستمر في النمو على الدوام، ولست تبقى إلى الأبد على الحال التي ولدت عليها تمامًا. إن اختباراتك الراهنة، ومعرفتك الاختبارية، وفهمك، والأشياء التي تراها وتسمعها، واختباراتك الحياتية، وغير ذلك – هذا كله – إلى جانب سائر الأشياء التي تعرفها وتفهمها في قلبك وعقلك؛ فهذه جميعًا هي النتائج التراكمية لأعوام من الصقل، وهذه تُعرف بالإنسانية الطبيعية؛ إنها عملية النمو الإنساني الطبيعي الذي قدّره الله للإنسان، وهي تعبير عن الإنسانية الطبيعية. ولهذا فإنك عندما تصادف شيئًا لا تفهمه، شيئًا غير مألوف لديك، لا يطلب الله منك أن تسارع إلى الإجابة عنه وأن تستجيب له بسرعة كبيرة كما لو كنتَ إنسانًا آليًّا. وبما أن الإنسان الآليّ يُدخل كل المعلومات في ذاكرته دفعةً واحدةً، فإنه عندما تطلب منه إجابة يستجيب بعد عملية بحث واحدة، بشرط إمكانية إيجاد الإجابة في ذاكرته، وهذا لا ينطبق على الأشخاص الطبيعيين. وحتى عندما يكونون قد اختبروا شيئًا ما سابقًا، فلا يكون بالضرورة مختزنًا في ذاكراتهم. عندما يتعلق الأمر بالأشخاص، فإنه لا يميزهم عن الأُناس الخارقين والأشخاص الآليين والناس ذوي القدرات الخاصة سوى الأمور المرتبطة بالإنسانية الطبيعية؛ مثل المعرفة الاختبارية، والاختبارات، والخبرة الحياتية، والمعرفة الحقيقية المباشرة.

لقد حدد الله المتطلبات والمعايير للناس استنادًا إلى ما يحتاج إليه ذوو الإنسانية الطبيعية وينبغي أن يمتلكوه، وبيّن لهم طريقًا للممارسة؛ فما طريق الممارسة هذا؟ لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه. يفيدك هذا أنه من غير المجدي لك أن تتعجل إيجاد حلول. لِمَ هذا الأمر كذلك؟ ما أنت سوى امرئ عادي. وعلى الرغم من أنك قد تمتلك قليلًا من المعرفة الاختبارية والفهم من اختباراتك السابقة، فإن قُدِّر أن يحصل الأمر نفسه ثانيةً في المستقبل، فقد لا تكون بالضرورة قادرًا على فهم مقاصد الله كليًا، أو الممارسة وفقًا للحق تمامًا، أو الحصول على الاستحسان التام، بل إن هذا أقل احتمالًا عندما يتعلق الأمر بأمور لا تفهمها؛ ولذلك ينبغي أن تكون حتى أقل استعجالًا في تلك الظروف لإيجاد حل. ما الذي يقوله التوجيه للناس بشأن عدم التعجل بشأن إيجاد الحلول؟ القصد منه جعل الناس يفهمون الإنسانية الطبيعية؛ فالإنسانية الطبيعية ليست استثنائية أو غير عادية أو خاصة. إن فهم الناس ومعرفتهم الاختبارية وتقديرهم واستيعابهم لمختلف الأشياء، وكذلك وجهات نظرهم حول جوهر الناس بمختلف أنواعهم، كل ذلك يتحقق من خلال اختبارهم لمختلف البيئات والناس والأحداث والأشياء؛ هذه هي الإنسانية الطبيعية. ليس فيها ما هو متعالٍ، وهي تمثل حاجزًا ليس بمقدور أحد أن يتجاوزه، وإن رغبت في تجاوز هذه القوانين التي أعدها الله للإنسان فلن يكون ذلك طبيعيًّا. فهي من جهة لا تبيّن سوى أنك لا تعرف ما هي الإنسانية الطبيعية، ومن جهة أخرى، تكشف غطرستك المفرطة وعدم جدواك. لقد أمر الله الناس ألّا يتعجلوا بشأن إيجاد الحلول لما لا يفهمونه. ما دمت شخصًا طبيعيًا فأنت بحاجة إلى أن يرتب الله لك مزيدًا من البيئات لكي تتمكن من اختبار فساد الإنسان الموضح فيها وتفهمه وتتعرف عليه، وتفهم أيضًا مقاصد الله من خلال هؤلاء الناس والأحداث والأشياء. هذا ما ينبغي أن يفعله الأشخاص ذوو الإنسانية الطبيعية. والآن ما طريق الممارسة الذي يمكن اكتشافه في: "لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه؟" (لا تتعجل حلولًا). عندما يواجه امرؤ موقفًا ولا يستطيع إدراكه أو فهمه، ولا يكون قد سبق له أن واجهه أو تصوره من قبل، ويكون من المستحيل عليه حتى أن يتخيل كيف يحل هذه المشكلة بالاعتماد على المفاهيم البشرية، فما الذي يتعين عليه فعله؟ ما المبدأ الذي يطلبه الله؟ (لا تتعجل حلولًا). لقد طلب الله هذا منك، فكيف ينبغي أن تمارس؟ ما الموقف الذي ينبغي أن تواجه به مثل هذه الأشياء؟ عندما يواجه الأشخاص ذوو الإنسانية الطبيعية أمورًا لا يمكنهم إدراكها ولا فهمها، ولا يملكون خبرة فيها، ولا حتى مواقف يكونون فيها في غاية العجز، فعليهم أولًا اتخاذ موقف مناسب وقول ما يلي: "أنا لا أفهم هذا النوع من الأشياء، ولا يمكنني إدراكه ولا خبرة لي فيه، ولا أعلم ما الذي عليّ فعله. أنا مجرد شخص عادي، ومن ثم فهناك حدود لما أستطيع تحقيقه. لا عيب في عجزي عن إدراك بعض الأمور أو فهمها، وحتمًا لا حرج في عدم اختبارها". وعندما تتحقق من أن هذا ليس مدعاة للخجل، فهل ذلك نهاية الأمر؟ وهل ستكون المشكلة قد حُلَّت؟ إن عدم الانزعاج من جلب العار على النفس ما هو سوى فهم وموقف يمكن أن يتخذه الناس تجاه مثل هذه الأمور، وهو يختلف عن الممارسة طبقًا لمتطلبات الله. فكيف إذًا يمكن للمرء أن يمارس طبقًا لمتطلبات الله؟ لنفرض أنك تفكر قائلًا في نفسك: "لم يسبق لي أبدًا أن اختبرت هذا النوع من الأمور من قبل، ولا يمكنني إدراكه، ولا أعلم ما يدل عليه ترتيب الله لمثل هذه البيئة أو ما الآخرة المقصود تحقيقها، كما لا أعلم موقف الله كذلك. ولذلك لا أرى ثمة داعيًا للانزعاج بشأن ذلك. لا يسعني سوى أن أدع الأمر يجري مجراه الطبيعي وأتجاهله"– ما رأيك بمثل هذا الموقف؟ هل هذا موقف طلب الحق؟ وهل هو موقف الممارسة وفقًأ لمقاصد الله؟ وهل هو موقف اتّباع كلمة الله؟ (كلا). يفكر أناس آخرون في أنفسهم عند مصادفة مثل هذا الموقف قائلين: "لا يمكنني إدراك هذا الأمر أو فهمه، ولم يسبق لي أن اختبرته مطلقًا؛ إذ لم يرد في محاضراتي الجامعية. أحمل درجة الماجستير، والدكتوراه، حتى إنني عملت أستاذًا جامعيًّا؛ فإن لم أستطع فهم هذا، فمن يمكنه يا تُرى؟ أليس من المربك للغاية أن أدع الجميع يعرفون أنني لا أستطيع إدراك هذا ولا خبرة لي فيه؟ ألن يزدروني جميعًا؟ لا، لا يمكنني قول إن هذا شيء لا أستطيع إدراكه. عليّ القول: "فيما يتعلق بأمور من هذا النوع، انظر إلى كلمة الله، واسعَ، فستجد الإجابة". أفضل الموت على الإقرار بأنني لا يمكنني إدراك هذا الأمر أو فهمه". ما رأيك بهذا الموقف؟ (ليس جيدًا). من يظن هذا الشخص نفسه؟ إنه يعتقد أنه قديس، شخص كامل. يفكر في نفسه: "هل يمكن حقًّا أن تكون ثمة أشياء لا يمكنني، أنا الطالب الجامعي المحترم، والباحث المشهور، وحامل درجتَي الماجستير والدكتوراه، والشخصية العظيمة والشهيرة، أن أفهمها أو أدركها؟ مستحيل! وحتى إن كانت هناك أشياء كهذه فستكون أمرًا لا يستطيع أحد منكم فهمه، ومن ثم فليست هذه مشكلة. وحتى إن لم أستطع إدراكه فمن المؤكد أنني لن أدعكم تعرفون ذلك. "لا يمكنني إدراكه"، "لا أفهم"، "لا أستطيع" – يجب ألّا تخرج مثل هذه الكلمات أبدًا من فمي!" أي نوع من الأشخاص هذا؟ (شخص متغطرس). هذا شخص متغطرس ومغرور ويفتقر إلى العقل. إن قرأ شخص من هذه النوعية الكلمات التالية "لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه"، فهل سيربح طريقًا للممارسة؟ وهل سيحظى بقبس من الإلهام؟ إن لم يكن ذلك، فستكون قراءة هذه الكلمات كلها بلا طائل. هذه الكلمات مكتوبة بوضوح وسهلة الفهم، فلِمَ إذًا لا يستطيع فهمها؟ لقد ذهبت جميع تلك الأعوام التي قضيتَها في الدراسة وتعلم الكلام أدراج الرياح. إن لم تستطع حتى فهم هذه الكلمات البسيطة والمباشرة فأنت في الواقع لا تصلح لشيء!

والآن لِنُلقِ نظرة أخرى لنعرف أي طريق ممارسة يشتمل عليها السطر التالي: "لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه". قبل كل شيء، عليك تبني موقف عدم التعجل بشأن إيجاد حلول، وعليك بدلًا من ذلك أولًا معرفة ما يمكن أن تحققه قدراتك المتأصلة، والتعرف على ماهية الإنسانية الطبيعية، وفهم ما يقصده الله حين يتحدث عن الإنسانية الطبيعية، وعليك فهم ما يقصده الله حقًا حين يقول إنه لا يريد أن يكون الناس أُناسًا خارقين أو متسامين أو غير عاديين، وإنما يريدهم أن يكونوا أناسًا عاديين. عليك أن تفهم أولًا هذه الأمور. ليس من المفيد أن تتظاهر بمعرفة الأشياء التي لا تفهمها. مهما يكن مدى تظاهرك خلاف ذلك فستظل لا تعرفها، وحتى إن استطعت خداع جميع الآخرين فلن يكون بإمكانك خداع الله. عندما تصيبك مثل هذه الأمور، إن لم تفهمها فما عليك سوى القول إنك لا تفهمها. عليك اتخاذ موقف صادق والتمتع بقلب ورع، والسماح لمن حولك برؤية أن هناك أمورًا لا تعلمها ولا يمكنك إدراكها؛ أشياء لم تختبرها من قبل، وأنك مجرد شخص عادي، لا تختلف عن أي شخص آخر. ليس ثمة عار في ذلك، فهو مظهر من مظاهر الإنسانية الطبيعية، وعليك تقبّل هذه الحقيقة، وبعد تقبّلها، ماذا بعدُ؟ أَعلِم الجميع بها بقولك: "لم يسبق لي مطلقًا أن اختبرت هذا الأمر من قبل، ولا يمكنني أن أدركه، ولا أعلم ما أفعل. أنا مثلكم تمامًا، وإن كان من الممكن أن أتفوق عليكم في مجال واحد: لقد رأيت النور ووجدت طريق الممارسة في كلام الله، ولديّ الرجاء، وأعرف كيف أمارس". أين يكمن هذا الرجاء؟ إنه يكمن في كلمات الله: "لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه، أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا". يعني هذا أن تأخذ الأمر على محمل الجد، وتضعه أمام الله بين حين وآخر لبحثه. عليك أن تأخذ الأمر بجدّيّة، وتحوله إلى نوع من الالتزام عليك لتفهم الحق ومقاصد الله فيه، وتجعله مسؤوليتك ووجهة سعيك وهدفه. إن مارست على هذا النحو، فستمثل أمام الله، وستتمكن من حل مشكلتك، وستكون قد دخلت في واقع هذه الكلمات. كيف يفترض بك أن تمارس هذا على وجه التحديد؟ عليك أن تَمثلَ أمام الله وتصلّي وتسعى، وعليك أيضًا أن تجد فرصًا لمشاركة هذا الأمر أثناء تقديمك لشركة في الاجتماعات، وأن تتواصل وتتأمل فيه مع الجميع. "أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا". يجب أن يكون قلبك مخلصًا وصادقًا، وعليك ألّا تعمل بشكل سطحي فحسب أو تتصرف بطريقة تدل على اللامبالاة، وعليك أن تعني ما تقول. ينبغي أن تتحمل المسؤولية تجاه هذا الأمر وأن تُقبِل بقلب يتوق ويتعطش إلى البرّ، رغبةً في فهم مقاصد الله في هذا الأمر وفي إدراك جوهره، مع الرغبة في الوقت نفسه في معالجة المشكلات والحيرة التي يتعرض لها الناس عند مواجهة هذا الأمر، وكذلك مشكلات مثل شخصيتك الفاسدة أو أحوالك غير الطبيعية المختلفة. "أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا". يمثل هذا مسارًا كاملًا للممارسة أخبر اللهُ الإنسانَ عنه. ما الذي تراه في هذا السطر؟ أن هدف الله من ترتيب بيئات للإنسان هو، من ناحية، أن يسمح للناس باختبار أشياء مختلفة بطرق عديدة، وتعلّم دروس منها، والدخول في مختلف وقائع الحق التي تنطوي عليها كلمة الله، وإثراء اختبارات الناس، ومساعدتهم على ربح مزيد من الفهم الشامل والمتعدد الأوجه لله ولأنفسهم ولبيئاتهم وللبشرية. ومن ناحية أخرى، يريد الله للناس أن يحافظوا على علاقة طبيعية معه من خلال تنظيم بعض البيئات الخاصة وترتيب بعض الدروس الخاصة لهم. وبهذه الطريقة، يزداد تكرار مثول الناس أمامه، بدلًا من العيش في حالة من الإلحاد مع قولهم إنهم يؤمنون بالله، ولكنهم يتصرفون بطريقة لا صلة لها بالله أو بالحق، الأمر الذي سيفضي إلى متاعب. ولذلك يأتي الله نفسه بالناس، في واقع الأمر، في البيئات التي رتّبها، ليمثلوا أمامه على مضض وبسلبية، وهذا يبين مقاصد الله الحسنة. كلما زاد افتقارك إلى فهم مسألة معيّنة، تَعيَّن عليك أن تزيد من خشية قلبك وتقواه لله، وأن يتكرر كثيرًا وقوفك بين يدَي الله لتطلب مقاصد الله والحق. وعندما لا تفهم الأمور، فإنك تحتاج إلى استنارة وإرشاد من الله، وعندما تواجه أشياء لا تفهمها، تحتاج إلى أن تطلب من الله مزيدًا من عمله فيك. هذه هي رعاية الله الحسنة. فكلما أكثرت من حضورك أمام الله، ازداد قلبك قربًا منه. أليس صحيحًا أنك كلما زاد قرب قلبك من الله سكن الله في قلبك أكثر؟ وكلما ازداد حضور الله في قلب المرء تحسن سعيه والطريق الذي يسلكه والحال التي سيغدو عليها قلبه. كلما توثقت صلتك بالله أكثر، سَهُل عليك المثول كثيرًا بين يديه لتقدّم له قلبك المخلص، وغدا إيمانك بالله أكثر صدقًا، وفي الوقت نفسه، ستُقيَّد حياتك وأفعالك وسلوكك. كيف ينشأ مثل هذا التقييد؟ إنه ينشأ عندما يصلّي الناس لله غالبًا، ويسعون إلى الحق، ويقبلون تمحيص الله؛ فهذا أهم شيء. إذًا، في أي سياق وبأية شروط يستطيع المرء قبول تمحيص الله؟ (عندما تكون صلتهم بالله طبيعية). ذلك صحيح، عندما تكون صلتهم بالله طبيعية. إذا كانت علاقتك بالله طبيعية، ألا يعني ذلك أن الله في قلبك وأنك شديد القرب منه؟ سيعني ذلك أن لله في قلبك مكانًا على الدوام، وأن الله يشغل مركزًا مرموقًا في قلبك. ونتيجة لذلك، ستفكر دائمًا في الله، وتفكر في كلمة الله، وفي هوية الله وجوهره وسيادته، وفي كل شيء يتعلق بالله. وبعبارة باللغة الدارجة، سيُفعم قلبك تمامًا بالله، وسيشغل الله مكانًا عاليًا جدًا في قلبك. إن امتلأ قلبك بالله، فستحظى بصلة طبيعية بالله، وستتمكن من قبول تمحيص الله، وفي الوقت نفسه سيكون لديك أيضًا قلب يخاف الله، وعندها فقط ستكون قادرًا على التصرف مع ضبط النفس. الجملة التالية "أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر" هي جملة بسيطة، إلّا أنها تحتوي على مستويات عديدة من المعنى؛ إذ تنطوي على مقاصد الله للبشرية، والموقف الذي يطلب الله من الناس أن يتصرفوا بموجبه، في حين تنقل أيضًا المتطلبات التي يفرضها الله على البشر. إذًا، فما متطلبات الله من البشر؟ ألّا تستسلم، أو تهرب، أو تتخذ موقفًا لا مباليًا تجاه الأمور التي تحدث لك. ما الذي يتعين عليك فعله إن واجهك أمرٌ لا تفهمه ولا تدركه أو لا تستطيع التغلب عليه، أو حتى أمرٌ يُضعفك؟ لا تكن عجولًا بشأن إيجاد الحلول؛ فالله لا يكلف الناس ما لا طاقة لهم به. الله لا يطلب من الناس مطلقًا أن يفعلوا أشياء تخرج عن نطاق قدرات الإنسان. إن ما يكلفك الله بفعله والأمور التي يطلبها منك هي جميعها أشياء يمكن للناس ذوي الإنسانية الطبيعية تحقيقها والحصول عليها وإنجازها. ولذلك فإن متطلبات الله ومعاييره للإنسان ليست فارغة أو مبهمة على الإطلاق، بل إن متطلباته من الإنسان ما هي سوى معيار يشمل نطاق ما يمكن للناس ذوي الإنسانية الطبيعية تحقيقه. إن كنت دائمًا تتبع تصوراتك وتريد أن تكون أفضل من الآخرين ومتفوقًا عليهم وأكثر قدرة منهم، وإذا أردت دائمًا أن تفوق الآخرين في الأداء، فأنت بذلك قد أسأت فهم مقصد الله. غالبًا ما يكون المتكبرون والمعتدّون ببرهم الذاتي على هذه الشاكلة. يقول لك الله ألا تكن عجولًا بشأن إيجاد الحلول، ويأمر بطلب الحق والعمل بالمبادئ، لكن المتكبرين والمعتدّين ببرهم الذاتي لا يتفكرون بعناية في متطلبات الله هذه، وبدلًا من ذلك يصرّون على محاولة إنجاز الأمور بدفقة من القوة والطاقة، وفعل الأشياء بطريقة أنيقة وجميلة، والتفوق على الآخرين جميعًا بطرفة عين. إنهم يريدون أن يكونوا رجالًا خارقين، ويرفضون أن يكونوا أناسًا عاديين. أليس هذا معاكسًا لنواميس الطبيعة التي وضعها الله للإنسان؟ (بلى). من الواضح أنهم ليسوا أشخاصًا طبيعيين؛ فهم يفتقرون إلى الإنسانية الطبيعية، وهم متغطرسون للغاية. إنهم يتجاهلون المتطلبات التي تقع ضمن نطاق الإنسانية الطبيعية التي وضعها الله للبشر، ويتجاهلون المعايير التي يمكن للناس تحقيقها بالإنسانية الطبيعية التي وضعها الله للبشرية. ولذلك يحتقرون متطلبات الله ويفكرون قائلين: "إن متطلبات الله متدنية للغاية. كيف يمكن للمؤمنين بالله أن يكونوا أناسًا طبيعيين؟ لا بد أن يكونوا أناسًا غير عاديين، وأشخاصًا يتسامون ويفوقون الناس العاديين. يجب أن يكونوا شخصيات عظيمة ومشهورة". إنهم يتجاهلون كلام الله اعتقادًا منهم أنه على الرغم من أن كلام الله صحيح وأنه الحق، فهو كلام مألوف وعاديّ للغاية، ولذلك يتجاهلون كلامه ويستخفّون به، غير أن هذا الكلام المألوف والعادي بالضبط، والذي يحتقره هكذا أولئك الذين يُدعون بالرجال الخارقين والشخصيات العظيمة، هو الذي يبين الله فيه المبادئ والطرق التي ينبغي للناس الامتثال لها وممارستها. إن كلام الله صادق وموضوعي وعملي للغاية؛ فهو لا يفرض مطالب عالية على الناس مطلقًا، بل هو كله عبارة عن أمور يستطيع الناس – وينبغي لهم – أن يحققوها. ما دام لدى الناس ذرة من عقل طبيعي، فينبغي ألّا يحاولوا الطفو وسط الأجواء على غير هدى، بل يقبلوا كلام الله والحق بثبات، ويؤدوا واجباتهم بإتقان، ويحيَوا أمام الله، ويعاملوا الحق بوصفه مبدأً لسلوكهم وأعمالهم. ويجب ألّا يفرطوا في الطموح. في السطر التالي: "أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر"، ينبغي أن يتعزز فهم الناس بأن كلام الله هو الحق، وأن الحقائق هي المبادئ التي يتعين على الناس ممارستها. لمن الإشارة بكلمة "الناس" هنا؟ إنها تشير إلى الناس الطبيعيين الذين لديهم عقلانية طبيعية ومحاكمة عقلية طبيعية، والذين يحبون الأمور الإيجابية، والذين يفهمون ما هو موضوعي، وما هو عملي، وما هو مألوف وعادي. خصص وقتًا لتذوق هذه الكلمات: "أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر". على الرغم من أن هذه كلمات بسيطة وعادية، فهي تصف شيئًا ينبغي للأشخاص الذين يمتلكون عقل الإنسانية الطبيعية أن يكونوا قادرين على فعله، وهي تمثل أيضًا مبدأ الحق الذي ينبغي بشدة لمن يتمتع أكثر بالإنسانية الطبيعية أن يمارسه عند مواجهة المصاعب في حياته الواقعية؛ فهي تمثل الحق الذي تشتد إليه حاجة الأشخاص الذين يتمتعون بعقل الإنسانية الطبيعية، وهي ليست كلمات فارغة على الإطلاق. لقد ترنّمتم وأصغيتم إلى هذه الكلمات العادية مرات عديدة، ولكن لم يتعامل أحد منكم مع هذه الكلمات على أنها حقائق ليتأملها بعناية ويعقد شركة عنها باهتمام. وبهذه الطريقة تكون قد سمحت لهذه الكلمات النفيسة أن تتطاير من بين أصابعك وتذهب هباء. والواقع أن هذه الكلمات تتضمن مقاصد الله وتذكيرات الله وتحذيراته للإنسان، ومتطلبات الله من الناس. إنها تحتوي على الكثير للغاية. إن الناس قساة ويفتقرون إلى العقلانية، وهم يعاملون هذه الكلمات ككلمات عادية، فلا يقدّرونها، أو يتأملونها، أو يمارسونها. من هم الذين سيعانون ويخسرون في النهاية بسبب ذلك؟ الناس أنفسهم. أليس هذا درسًا؟

من السهل للغاية على الأشخاص الطبيعيين أن يمارسوا المتطلبات التي حددها الله في هذا المقطع. ليس في هذه الممارسة شيئًا صعبًا أو مرهقًا، وهي فعالة. ويمكن في نهاية المطاف أن تمكّنك من النمو والتقدم تدريجيًّا. بالطبع، بعد أن تطبّق المبدأ القائل: "لا تتعجل حلولًا، أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا". ستحرز تقدمًا فيما يتعلق بالحق، وتَغير الشخصية، والفهم الذي تربحه من اختبار مختلف البيئات، وغير ذلك. كم هي رائعة هذه الكلمات! إن كان لدى الناس عقل وطبقوا هذه الكلمات، فسيتوصلون، من خلال إرشاد كلام الله وتوجيهه، إلى معرفة ما هي مقاصد الله عندما يرتب مختلف البيئات. وبعد فترة من الزمن، سيتمكنون أخيرًا من جني الثمار، وربح الخبرة، والتوصل إلى فهم الحق في تلك البيئات. عندما تجني مثل هذه الثمار ستعرف لماذا رتب الله هذه البيئات، وما هي مقاصد الله، وما يرغب الله للناس أن يربحوا منها. أضف إلى ذلك أن المنعطفات التي يسلكها الناس، والنكسات التي يختبرونها، والأفهام المحرفة التي يُكنّونها، والأفكار غير الواقعية التي يمتلكونها، والمفاهيم عن الله والمقاومة له التي نشأت في داخلهم، وغيرها، ستنكشف وتُعلَن جميعها تدريجيًّا بينما يختبرون هذه البيئات. بغض النظر عما إذا كانت هذه الأشياء إيجابية أم سلبية، فإن الأمر يستغرق فترة من الاختبار لرؤية ما يُكشف ويُعلن من خلال هذه البيئات وفهمه بوضوح. بهذه الطريقة، فإن المعنى الحقيقي لكلمات الله "لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه" يتحقق. أي عندما يرتب الله شيئًا لا يمكنك إدراك حقيقته أو فهمه، ولم تختبره من قبل، فإن الأشياء التي يريدك الله أن تفهمها وتربحها وتختبرها شخصيًّا من ذلك الموقف لا يمكن نيلها في بضعة أيام فحسب. يمكنك فقط أن تربح فهمًا وتحقق نتائج بصورة تدريجية بعد مرور بعض الوقت وبتوجيه واستنارة وإرشاد من الله في كل خطوة من الخطوات. ليس الأمر كما يتصور الناس، فإنك لا تفهم كل شيء فجأةً بدفقة من الاستنارة، ولا تعرف ما يقصده الله في ومضة إلهام. لا يفعل الله مثل هذه الأشياء بوسائل خارقة للطبيعة، لا يتصرف الله بهذه الطريقة. هذه هي الطريقة التي يعمل بها الله. يسمح الله لك باختبار أسباب موقفٍ ما وعواقبه، وتدريجيًّا تدرك: "إذًا، جوهر هذا النوع من الأشخاص هو هكذا، وواقع وجوهر ذلك النوع من الأشياء هكذا، وهذا يحقق سطر كذا وكذا من كلمة الله. أخيرًا أفهم ما كان الله يقصده عندما قال ذلك. أفهم أخيرًا لماذا قال الله هذه الأشياء عن أمور مثل هذه وأناس من هذا القبيل". يسمح الله لك بإدراك مثل هذه الأمور من خلال اختباراتك. ألا يستغرق الأمر بعض الوقت لإدراك هذه الأشياء؟ (بلى). المعرفة التي تنالها، والحقائق التي تتوصل إلى فهمها عبر فترة من الاختبار ليست تعاليمًا أو أمورًا نظرية، بل هي اختباراتك الشخصية ومعرفتك الحقيقية. هذا هو واقع الحق الذي تدخل فيه. وهنا يكمن سبب كلمات الله: "لا تتعجل حلولًا" ومصدرُها. عندما يسمح الله لك بجني ثمار من الأحداث التي تختبرها، فإنه لا يريدك أن تمر ببساطة بعملية أو تتعلم نظرية، بل أن تربح فهمًا وبعض المعرفة ووجهة نظر إيجابية، وطريقة صحيحة للممارسة. على الرغم من أن هذا المقطع لا يحتوي إلا على بضعة أسطر، ولا يشتمل على محتوى كبير، فإن المتطلبات التي يقدّمها الله في هذا المقطع ومبادئ الممارسة التي يمنحها للناس من خلاله مهمة للغاية. ينبغي للناس ألّا يعاملوا كلام الله بالموقف ذاته الذي يتخذونه تجاه المعرفة والتعاليم الإنسانية. لممارسة كلام الله يجب أن يكون لديك مبادئ. هذا يعني أنه يتعين عليك أن يكون لديك مبدأ وطريقة تطبقهما عندما تواجه موقفًا من نوعية معيّنة. هذا ما تعنيه ممارسة الحق. هذا ما نسميه مبدأً. ولذلك تلك ليست مجرد كلمات بسيطة قليلة. على الرغم من أن طريقة التعبير عنها وعرضها واضحة وسهلة الفهم، وأن الكلمات تبدو مباشرة جدًّا، وغير مزخرفة بلغة جميلة منمقة، أو مصطلحات أنيقة، أو عبارات راقية، وهي حتمًا لم يُنطق بها بلهجة متعالية، وإنما هي بالأحرى مجرد إنذارات ومتطلبات قيلت وجهًا لوجه، ومن قلب لقلب، فهي تخبر في الواقع الناس بأهم مبادئ الممارسة وطرقها.

لا يأخذ كثير من الناس الكلمات الأكثر اعتيادية التي ينطق بها الله على محمل الجد؛ فهم لا يعتبرون سوى الكلام العميق والغامض الذي يتكلم به الله على أنه كلامه. أليس هذا تجليًا لفهم محرف؟ كل جملة في كلام الله هي الحق. بغض النظر عما إن كان كلامًا عاديًّا أم كلامًا عميقًا، فإن كلام الله كله يحتوي على حقائق وأسرار، ويتطلب سنوات من الخبرة وقامة معيّنة لفهمه ومعرفته. تمامًا كما هو الحال بالنسبة إلى كلام الله الجيد والمهم الذي تحتوي عليه الترنيمة التي رنّمتموها للتوّ، لا أحد يأخذ تلك الكلمات على محمل الجد. على الرغم من تلحينها موسيقيًّا، وأن الجميع ترنموا بها سنوات، لم يجد أحد قط مبدأ الممارسة بالغ الأهمّيّة هذا الذي تحتوي عليه. حتى إن كان لدى بعض الناس شعورٌ في وعيهم بأن كلام الله يبدو أنه يقول لهم: "لا تتعجل حلولًا، أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا"، ويشعرون بأن هذه متطلبات الله من الناس، فمن حقًا مارس واقع كلمات الله هذه وطبقها ودخل في واقعها في حياته الواقعية؟ هل فعل أحد هذا؟ (كلا). لم يفعل أحد هذا. كلمات الله هذه بسيطة للغاية، لكن لا أحد يمكنه اتباعها. أليست من مشكلة جوهرية في هذا؟ (بلى، ذلك يدل على أن الناس مناوئون للحق). أي شيء آخر؟ (إن هذه الكلمات التي حدثنا الله بها عملية جدًّا. هي جميعًا كلمات ذات مبدأ، ولكننا لم نأخذ كلمات الله على محمل الجد، ولم نلقِ لها بالًا، ولم نطبقها). فكيف إذًا تقرؤون كلام الله عادةً؟ (عندما نقرأ كلام الله فإننا نتصفحه في العادة بسرعة فحسب، وبعد أن نفهم المعنى الحرفي للكلمات، نمضي قُدمًا. لا نفهم مقاصد الله في تلك الكلمات أو مبادئ الحق التي يجب أن نمارسها. نحن لم نتأملها بعناية على ذلك النحو). لقد أجبتم ببعض الأفكار النظرية، وما تقولونه يبدو صحيحًا، لكنكم لم تدركوا السبب الأساسي لذلك؛ وهو أن الناس لا يقدّرون كلام الله. إن قدّرتَ كلام الله فسوف تستطيع اكتشاف ما يحويه من كنوز وذهب وماس، وستستمتع بهذه الأشياء مدى الحياة. إن لم تقدّر كلام الله فلن تستطيع الحصول على هذه الكنوز. ما الذي يعنيه ألّا تقدّر كلام الله؟ يعني ذلك أنك لا تُعِزّ كلام الله. تشعر أن كلمات الله كثيرة جدًا، وأنها جميعًا الحق، ولا تدري أيًّا منها تقدّر. تشعر أنها جميعًا عاديّة، وهذا يؤدي إلى مشكلات. ما الذي يعنيه أن تقدّر كلام الله؟ يعني ذلك أن تعرف أن كلام الله كله حقائق، وأن هذه الحقائق هي الكنوز الأنفع والأثمن لحياة الناس ومعيشتهم. يعني أنْ تعامل كلمات الله على أنها كنوز تحبها حبًا جمًا يجعلك لا تفارقها. يسمّى هذا الموقف من كلام الله تقديرًا. يعني تقدير كلام الله أنك اكتشفت أن جميع كلمات الله كنوز ذات قيمة عظمى، وأنها أغلى بمائة بل ألف مرة من الشعارات الحياتية لأي شخصية مشهورة أو عظيمة. يعني أنك قد حصلت على الحق في كلمات الله، وأنك اكتشفت أعظم كنوز الحياة وأعلاها قيمة. ربح هذه الكنوز يمكن أن يساعدك على زيادة قيمتك والحصول على استحسان الله. لهذا السبب، أنت تقدر هذه الحقائق بصورة خاصة. سأعطي مثالًا من واقع الحياة على هذا. هب أن امرأة تشتري ثوبًا جميلًا، وعندما تعود إلى البيت تجرب ارتداءه أمام المرآة. وفيما تنظر يمينًا وشمالًا، تقول في نفسها: "هذا الثوب جميل للغاية، وقماشه ممتاز، وصنعته رائعة، وهو مريح وناعم عند ارتدائه. كم أنا مباركة إذ أستطيع أن أشتري مثل هذه الثياب الأنيقة. هذا ثوبي المفضل، لكنني لا أستطيع ارتداءه طول الوقت. سأرتديه عندما أحضر أرقى مناسبات الطبقة الراقية وألتقي أكثر الأشخاص تميزًا". وعندما تحظى ببعض وقت الفراغ فإنها كثيرُا ما تُخرج الثوب لتبدي إعجابها به وتجرب ارتداءه. بعد ستة شهور، لا تزال فرِحةً بالثوب بالقدر نفسه، ولا يمكنها أن تتحمل فراقه. هذا ما يعنيه أن تقدّر شيئًا ما. هل بلغ موقفكم من كلام الله هذا المستوى؟ (كلّا). كم هو مؤسفٌ ألّا تقدّروا كلام الله بعدُ بقدر ما تقدّر امرأة ثوبها المفضل! لا عجب أنكم قرأتم الكثير من كلام الله، لكنكم أخفقتم في اكتشاف العديد من الحقائق، ولم تستطيعوا قط الدخول إلى الواقع. تقولون دائمًا إن كلام الله كله هو الحق، لكن هذه مجرد مزاعم نظرية وشفهية. إن عُرض أحد أبسط المقاطع من كلام الله وأولها صدورًا، وسُئلتم ما الحقائق التي في تلك الكلمات، وما هي مقاصد الله، أو ما المتطلبات والمعايير التي يعطيها الله الإنسان، فستنعقد ألسنتكم عن الكلام، ولن تستطيعوا النطق بكلمة واحدة ردًّا على ذلك. لقد قرأتم كلام الله واستمعتم إليه كثيرًا، فلماذا ليس لديكم فهم حقيقي له؟ أين أصل المشكلة؟ في الواقع، السبب أن الناس لا يقدّرون كلام الله بما يكفي. فبالدرجة الحالية لتقديريكم كلام الله، أنتم بعيدون عن اكتشاف الحق في كلام الله، وبعيدون عن اكتشاف المتطلبات والمبادئ ومسارات الممارسة التي يهبها الله للإنسان من خلال كلامه. هذا دائمًا سبب حيرتكم عندما تصيبكم أشياء ولا تستطيعون أن تجدوا المبادئ مطلقًا. وهذا السبب في اختباركم أمورًا كثيرة، لكنكم لا تعرفون مطلقًا مقاصد الله، ولا تنمون أو تتغيرون كثيرًا، أو تجنون أكثر من ثمار بسيطة. أليس أمثال هؤلاء الناس مثيرون للشفقة كثيرًا؟

اقرأ هذا المقطع ثانية. ("لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه، أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا. آمِنْ بأنَّ الله هو قديرك قطعًا. يجبُ أن يكون لديكَ توقٌ كبيرٌ إلى الله، وأن تطلب بنهم بينما ترفض مبررات الشيطان ومقاصدَه وحِيَله. لا تيأس. لا تكن ضعيفًا. اطلب بكُلِّ قلبك، وانتظر بكل قلبك. تعاون بفاعلية مع الله، وتخلَّص من عوائقك الداخلية"). دعوني ألفت انتباهكم إلى النقاط المهمة، وأشرح لكم مبادئ قراءة كلام الله، وكيف تجدون مسارًا للممارسة فيه. اقرأ المقطع مرة أخرى، سطرًا سطرًا. ("لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه"). يتضمن هذا السطر مبدأً يجب أن يفهمه الناس. وهو ما يلي: لا تتسرع، لا تهلع، لا تتعجل رؤية النتائج. هذا موقف. يحتوي السطر الأول هذا على الموقف الصحيح الذي ينبغي أن يتخذه الناس تجاه الأشياء. يقع هذا الموقف الصحيح ضمن نطاق عقل الإنسانية الطبيعية؛ حيث يقع ضمن نطاق العقل وقدرات الناس الذين يمتلكون إنسانية طبيعية. الآن اقرأ السطر الثاني. ("أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا"). ماذا يعني هذا؟ (هذا مسار الممارسة الذي يمنحه الله للإنسان). صحيح، بهذه البساطة. هذا هو مسار الممارسة. هنا "أكثر" تعني أن ذلك لا ينبغي فعله كلما شعرت بالرغبة، وحتمًا لا يعني ذلك نادرًا جدًا، بل يعني أنه حالما تمر هذه الأمور ببالك فعليك أن تحضرها بها أمام الله لكي تصلي وتطلب. إن كنت تحمل عبئًا في هذه الأمور، إن كان لديك قلب يتوق ويتعطش إلى البر، إن كنت متشوقًا إلى فهم مقاصد الله ومتطلبات الله في هذه الأمور، وكذلك جوهر المشكلات التي تريد أن تدرك حقيقتها، فعليك إذًا أن تمْثل أمام الله في كثير من الأحيان؛ أي بتردد عالٍ للغاية. استنادًا إلى البيئة التي أنت فيها، عندما تكون مشغولًا، اغتنم لحظة من وقت الفراغ للنظر في هذه الأمور، كما لو كنت تفكر فيها، أو تصلي إلى الله وتطلبها. أليس هذا النمط من الممارسة واضحًا للغاية؟ (بلى). على سبيل المثال، عندما تأخذ استراحة بعد الانتهاء من إحدى الوجبات، تأمل وصلِّ قائلًا: "يا الله، لقد اختبرت بيئة صفتها كذا وكذا. أنا لا أفهم مقصدك، ولا أستطيع إدراك سبب حدوث ذلك لي. ما هي بالضبط نية هذا الشخص؟ كيف ينبغي لي أن أحل هذا النوع من المشكلات؟ ماذا تريد مني أن أفهم من هذا الأمر؟" بهذه الكلمات البسيطة القليلة تصلي إلى الله وتطلب منه بخصوص الأمور التي ترغب في طلبها، والمشكلات التي تود أن تفهم جوهرها. ما الغرض من الصلاة هكذا؟ أنت لا تطرح المسألة ببساطة أمام الله، بل تطلب الحق الله، وتحاول أن تجعل الله يفتح مخرجًا لك ويخبرك بما تفعله بشأن هذا الأمر، وتسأل الله أن ينيرك ويرشدك. ما هي الأحوال الضرورية لتتمكن من فعل ذلك؟ (عليّ ألّا أقلق بشأن الحلول). عدم القلق بشأن الحلول مجرد موقف؛ ليس الأمر أنك لا تقلق بشأن الحلول، بل أنك وراء الشرط المسبق الكبير بألّا تقلق بشأن الحلول، لديك قلب يتوق إلى البر ويتعطش له، وتحمل عبئًا في هذا الأمر. بعبارة أخرى، يمثّل هذا الأمر نوعًا من الضغط عليك، وذلك الضغط يضع عبئًا على كاهلك؛ بحيث يصبح لديك مشكلة تود أن تفهمها وتحلها. هذا هو مسارك في الممارسة؛ في أوقات فراغك، وأثناء وقت العبادة المعتاد، أو عندما تدردش مع إخوتك وأخواتك، يمكنك أن تذكر مصاعبك ومشكلاتك العملية، وتعقد شركة وتطلب مع إخوتك وأخواتك. وإذا لم تستطع حل المشكلات رغم ذلك، فأحضرها أمام الله لتصلي وتطلب الحق. عندما تفعل ذلك، قل: "يا الله، ما زلت لا أعلم كيف ينبغي أن أختبر البيئة التي رتبتها لي. ما زلت لا أملك فهمًا لها، ولا أعلم أين أبدأ أو كيف أمارس. أنا صغير القامة ولا أفهم كثيرًا من الحقائق. أرجوك أن تنيرني وترشدني؛ أنا لا أعلم ما تريد مني أن أربح أو أفهم من هذه البيئة، أو ما تريد أن تكشفه عني عبر هذه البيئة. أرجوك أن تنيرني وتسمح لي بفهم مقصدك". هذا هو مسار الممارسة الموجود في السطر: "أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر". مارس على هذا النحو، وأنت تفكر أحيانًا في قلبك، وأحيانًا تصلي إلى الله بصمت وأحيانًا أخرى علنًا، وأحيانًا تعقد شركة مع إخوتك وأخواتك. إن كانت لديك هذه التجليات، فذلك يدل على أنك تعيش بالفعل أمام الله. إن كنت تتواصل غالبًا مع الله على هذا النحو في قلبك، فأنت إذًا على علاقة طبيعية مع الله. بعد عدة سنوات من هذا الاختبار ستدخل بصورة طبيعية إلى واقع الحق. هل من صعوبات بشأن هذه الممارسة؟ (كلا). ذلك جيد. على سبيل المثال، عندما تقرؤون كلام الله في بعض الأحيان، كلما قرأتم ازداد قلبكم إشراقًا؛ هذا يعني أنك قرأت كلمات قد اختبرتها، وأن مفاهيمك وتصوراتك السابقة ستنحل على الفور. في هذا الوقت ينبغي لك أن تصلّي إلى الله وتقول: "يا الله، لقد أضاءت قراءة هذا المقطع قلبي. اتضحت لي الآن فجأة مشكلاتي السابقة. أعلم أن هذه هي استنارتك، وأنا أشكرك على السماح لي بفهم هذا المقطع من كلامك". أليست هذه صلاة ومثولًا أمام الله من جديد؟ (بلى). هل يصعب فعل هذا؟ هل بإمكانكم تخصيص وقت لهذا؟ (أجل). من بداية طلبكم إلى هذه الصلاة، ألستم تمارسون باستمرار مبدأ كلمات الله: "أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر". عندما تعيش باستمرار في ممارسة هذه الكلمات، وتتمسك دائمًا بمبدأ الممارسة الذي تحتوي عليه، وتعيش دومًا في هذا النوع من الواقع، فهذا يسمى الالتزام بمبدأ ممارسة. هل هذا صعب؟ (ليس صعبًا). لا يتطلب منك ذلك سوى أن تستعمل قلبك، وتحرك فاهك، وتخصص بعض الوقت وقليلًا من التفكير، وأحيانًا تجد لتناجي الله وتُسِر إليه وتشاركه ببعض الكلام الذي في قلبك. هذا هو المثول أمام الله أكثر. الأمر بتلك البساطة والسهولة ولا يتطلب جهدًا، وليس فيه من مشقة. أنت تحمل شيئًا تعدّه في غاية الأهمية في قلبك، وتتعامل معه على أنه عبء، ولا تنساه أو تتخلى عنه مطلقًا – لديك هذا الشيء في قلبك، وتمثل أمام الله من وقت لآخر لتصلي له، ولتتكلم وتتحدث إليه حول هذا الشيء. ما نوع القلب الذي ينبغي أن يكون لديك عندما تتحدث إلى الله؟ (قلب مخلص). هذا صحيح، ينبغي أن يكون لديك قلب مخلص. إن كنت تحمل عبئًا، فسيكون قلبك صادقًا. عندما يدردش آخرون، ستصلي وتعقد شركة مع الله في قلبك. وأحيانًا، عندما تكون متعبًا من العمل وتستريح، ستتذكر الأمر وتقول: "لا نفع في هذا، ما زلت لا أفهم هذا الأمر. لا يزال عليّ أن أتحدث عنه إلى الله". لماذا ستتذكر هذا الأمر متى أتيح لك الوقت؟ لأنك تأخذ الأمر على محمل الجد في قلبك، وتنظر إليه على أنه عبؤك ونوع من المسؤولية، وأنت تريد أن تفهمه وتحله. عندما تمثل أمام الله وتتحدث إليه وتحادثه بحميمة فسيصبح قلبك مخلصًا على نحو طبيعي. عندما تعقد شركة مع الله في هذا السياق وبهذه العقلية، ستشعر بأن علاقتك مع الله لم تعد باردة وبعيدة كما كانت من قبل، وستشعر بدلًا من ذلك بأنك تقترب منه. هذا هو مدى فاعلية مسارات الممارسة التي يمنحها الله للإنسان على الناس. ما رأيك، هل من الصعب المشاركة مع الله على هذا النحو؟ أنت تأخذ الأمر على محمل الجد، وتتحدث إلى الله عنه أحيانًا، تمثل أمام الله وتحييه من وقت لآخر، وتتحدث إلى الله عما في قلبك وعن مصاعبك، وتتحدث عن الأشياء التي تريد أن تفهمها، وعن الأشياء التي تجول في فكرك، وعن شكوكك وصعوباتك ومسؤولياتك – إن تحدثت إلى الله عن جميع هذه الأشياء، ألست من خلال الممارسة بهذه الطريقة تعيش أمام الله؟ هذه هي الممارسة وفقًا لمتطلبات الله. إن مارست على هذا النحو لفترة من الوقت، ألن تتمكن من رؤية النتائج وجني الثمار بسرعة كبيرة؟ (أجل). لكن الأمر ليس بهذه البساطة، إنها عملية مستمرة. إن مارست بهذه الطريقة لبعض الوقت، فستصبح صلتك بالله أوثق تدريجيًّا، وتتحسن عقليتك، وتصبح حالتك طبيعية على نحو متزايد، ويزداد اهتمامك بكلام الله وبالحق تدريجيًا. هذا هو ما يعنيه امتلاك علاقة طبيعية مع الله. إن كنت تستطيع فهم بعض الحقائق وممارستها، فستكون قد بدأت تدخل في واقع كلام الله. لكن هذا لا يمكن تحقيقه في فترة وجيزة، بل قد يستغرق ستة شهور أو سنة أو حتى سنتين أو ثلاث سنوات قبل أن ترى نتائج واضحة. هل سيتحرر الناس من الفساد والتمرد أثناء هذه الفترة؟ كلّا. حتى إن صليتَ إلى الله مرات لا تحصَى، ومارست بهذه الطريقة، فهل يعني ذلك أنك ستحصل حتمًا على نتائج؟ هل يجب على الله أن يريك نتيجة؟ هل عليه أن يعطيك إجابة؟ ليس بالضرورة. يقول بعض الناس: "إن كان حصولي على نتائج غير مؤكد، وإن كانت النتائج غير مضمونة، فلماذا لا يزال الله يتصرف بهذه الطريقة؟ لماذا لا يزال يجعل الناس يمارسون بهذه الطريقة؟" لا تقلق؛ فالممارسة بهذه الطريقة حتمًا لن تكون بلا ثمار. فحتى إن مارستَ بهذه الطريقة عامًا أو عامين، ولا ترى أنك قد حصلت على أي نتائج في المدى العاجل أو قصير الأمد، فلعلك، بعد خمسة أو عشرة أعوام، عندما يرتب الله لك بيئة مماثلة من جديد، ستدرك بسرعة جانبًا من الحق لم تستطع إدراكه من قبل. لكن هذا الحق الذي تتوصل إلى إدراكه وفهمه بعد خمسة أو عشرة أعوام يتطلب الأساس الذي أُرسي عبر اختباراتك ومعرفتك وفهمك في الوقت الحالي. لا بد لهذا الإدراك اللاحق أن يُبنَى على هذا الأساس. هل تحسب أنه من السهل على الناس فهم جانب من الحق؟ (ليس سهلًا). هذه هي أهمية دفع ثمن من أجل ممارسة الحق وقيمته. هذا هو مبدأ الممارسة الذي يحويه السطر الثاني: "أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا". كُتب هذا السطر بلغة واضحة وسهلة الفهم ويسهل فهمه للغاية. هو يعني أن عليك أن تزيد من الصلاة وتمتلك قلبًا مخلصًا؛ لأن الأمور تثمر من خلال القلب المخلص. الأمر بهذه البساطة، لكن هذه الكلمات هي بالفعل واقع الحق الذي ينبغي أن يدخله الجميع، والمسار الوحيد الذي يمكنهم بواسطته المثول أمام الله، والحصول في النهاية على الخلاص. على الرغم من أن هذا السطر قيل بكلمات واضحة وبسيطة، فلا بد للجميع من أن يختبروا ويدخلوا بهذه الطريقة؛ فالأمر مماثل لإنشاء مبنى؛ إذ لا يهم إن كان مؤلفًا من 30 طابقًا أو 50 طابقًا أو حتى نحو مائة طابق، فلا بد له من أساس وإذا لم يكن أساس المبنى ثابتًا، فلا يهم مدى ارتفاعه، فإنه لن يثبت طويلًا، سينهار خلال بضع سنوات. هذا يعني أنه بينما يعيش الناس في هذا العالم لا بد لهم من اتخاذ الحق أساسًا لهم. هذه هي الطريقة الوحيدة لهم حتى يقفوا بثبات ويكسبوا استحسان الله. إن أراد الناس التوصل إلى فهم حقائق أعمق وأعلى فيجب أن يمتلكوا أكثر الأمور أساسيةً؛ وهي الأشياء التي تشكل أساسًا. فامتلاك أساس متزعزع أخطر شيء. لا تحتقر هذه الحقائق الأساسية وهذه المبادئ الأساسية ومسارات الممارسة. فما دامت هي حقائق فهي أشياء ينبغي للناس أن يمتلكوها ويمارسوها. وسواء كانت كبيرة أم صغيرة، عالية أم منخفضة، فلا يهم. عليك أن تنطلق من الأساسيات. هذا هو السبيل الوحيد لإرساء أساس متين.

والآن اقرؤوا السطر الثالث: ("آمِنْ بأنَّ الله هو قديرك قطعًا"). إلامَ يشير "آمِنْ بأنَّ الله هو قديرك قطعًا"؟ يشير إلى الإيمان والرؤيا. عندما تدعمك هذه الرؤيا وترشدك، سيكون لديك مسارٌ أمامك. هل سيكون للممارسة بهذه الطريقة تأثير؟ يقول بعض الناس: "لقد مللت من كل هذه الممارسة، ومع ذلك لم يُنِرْني الله ولم يقل لي أي شيء. لا أستطيع الشعور بحضور الله. هل يوجد إله حقًّا؟" لا يمكنك التفكير على هذا النحو. فالله قدير سواء تحدث إليك أم لا. عندما يريد الله أن يتحدث إليك، ويتحدث إليك؛ فهو قدير. وعندما لا يريد أن يتحدث إليك، ولا يتحدث إليك، فهو لا يزال قديرًا. الله قدير سواء سمح لك بفهم الأشياء أم لم يسمح؛ فجوهر الله وهويته لا يتغيران. هذه هي الرؤيا التي يتعين على الناس أن يفهموها. هذا هو السطر الثالث؛ إنه بسيط للغاية، وعلى الرغم من بساطته، يجب أن يختبره الناس بالفعل. وعندما يفعل الناس ذلك، سيثبت ذلك لهم أن هذه الكلمات هي الحق بالفعل، ولن يجرؤوا بعد ذلك على الارتياب فيها بأي شكل من الأشكال.

تابع القراءة حتى السطر الرابع: ("يجبُ أن يكون لديكَ توقٌ كبيرٌ إلى الله"). "يجبُ أن يكون لديكَ توقٌ كبيرٌ إلى الله" هذا ما يطلبه الله من الإنسان. يحتاج الناس إلى فهم المقصود بكلمة "كبير". هل التباهي والتفاخر، وامتلاك قلب مليء بالطموح، وأن تكون متغطرسًا وبارًا في عيني ذاتك، ومتسلطًا ومستبدًا، ولا تطيع أحد "كبيرًا"؟ كيف يجب أن يُفهم السطر "توقٌ كبير لله"؟ كيف يكون لديك "توق إلى الله"؟ إنه كما ورد في السطر السابق "أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا" – عليك أن تتمتع برغبة وتوق للسعي لفهم الحق، والسعي للخلاص، ويجب أيضًا أن تكون لديك رغبة في قبول سيادة الله وتنظيمات الله، ونيل فهم لمقاصد الله والخضوع لسيادة الله. يُسمّى هذا توقًا كبيرًا لله. على الرغم من أن الله يستخدم لغة بشرية ليصف هذا الأمر بوضوح، يتعين على الناس استيعاب معناه بطريقة نقية، لا أن يفسروه بطريقة متطرفة. كلمة "كبير" هنا لا تشير إلى استخدام مقدار زائد من القوة المفرطة على نحو مصطنع لفعل أشياء بطريقة طائشة. هي لا تنطوي على العنف، فضلًا عن الجهل أو التهور. تشير كلمة "كبير" بصورة رئيسية إلى توق المرء، هذا يشبه حال المرء حينما يقدّر شيئًا إلى درجة أنه ببساطة يجب أن يمتلكه، وكذلك عندما يصمم على امتلاكه ولا يستسلم حتى يفعل ذلك. هذا "التوق الكبير لله" أمر إيجابي كليًا، ولا يمكن أن يحقق سوى نتائج إيجابية. إذًا، فما هو المعنى الدقيق لعبارة "توقٌ كبير لله"؟ (تعني المثول أمام الله أكثر، والتمتع بالرغبة والعزم على فهم الحق وفهم مقاصد الله في الأمور التي تواجه المرء). ذلك صحيح؛ بهذه البساطة. تعني ببساطة نبذ اهتمامات جسدك وملذاته، والتخلي أيضًا عن وقت فراغك الخاص، واستعمال هذا الوقت في أشياء إيجابية، مثل الطلب من الله، والصلاة إلى الله، والمثول أمام الله، وطلب فهم سيادة الله. تتعلق بالصلاة بعقلانية لأجل شيء، والطلب، وبذل وقتك وطاقتك، ودفع ثمن معين من أجل فهم جانب من الحق؛ يسمّى هذا توقًا كبيرًا إلى الله. هل هذه طريقة دقيقة لوصفها؟ هل تتماشى مع عقل الإنسانية الطبيعية؟ هل يسهل فهم هذه الكلمات؟ (أجل). إذًا، هل هذه التجليات تتضمن التكشير عن أنياب المرء وإبداء مخالبه والاستيلاء بعنف على ما يريد؟ هل تكشف عن نفسها في الوقاحة والتهور وعدم الحكمة؟ (كلا). إذًا، فما المقصود بكلمة "كبير"؟ كرروا ما قلته للتو لكم. (تعني القدرة على المثول أمام الله أكثر وامتلاك التوق لفهم الحق، والقدرة على التخلي عن بعض ملذات الجسد، وبذل مزيد من الوقت والطاقة على طلب الحق، والقدرة على بذل الطاقة، ودفع ثمن لأجل هذا). إذًا فكيف يُطبق هذا على نحو ملموس؟ سأعطي مثالًا. ستدرك أحيانًا فجأةً أنه قد مر وقت طويل منذ أن شاهدت ممثلك المفضل وتتساءل عن الأفلام التي يظهر فيها. ستود أن تمضي في البحث عن أخبار حوله على الحاسوب، لكنك بعدها ستتأمل وتفكر: "ذلك غير صائب، ما علاقة الأفلام التي يشارك فيها بي؟ يطلق على مشاهدة الأفلام طوال الوقت بأنه إهمال لعمل المرء الصحيح. عليّ المثول أمام الله والصلاة". عندئذ، ستهدأ وتتذكر المشكلة التي كنت سابقًا تطلب إجابة لها في حضرة الله. أنت لا تزال تفتقر إلى أي تصور عن ذلك الأمر، ولا تفهمه مطلقًا، ولذلك تُطمْئن قلبك أمام الله، وتصلي له. "يا الله، أنا راغب في أن أضع قلبي أمامك. لقد أثّرت فيّ كثيرًا البيئة التي كنت أختبرها مؤخرًا. ومع هذا، ما زلت لا أستطيع أن أخضع، ولا أن أرى بوضوح أن هذه هي سيادتك. أرجوك أنرني أرشدني واكشف فسادي وتمردي في البيئة التي ترتبها لي، حتى يتسنى لي فهم مقصدك والخضوع". بعد الصلاة، ستتأمل وتفكر: "لا، لا تزال مشكلتي لم تُحل. أحتاج إلى قراءة المزيد من كلام الله كي أجد حلًّا". ثم ستمضي على الفور لقراءة كلام الله لفترة. وبينما تعاين الوقت، ستقول: "لقد مر نصف ساعة بالفعل! كلام الله جيد حقًّا، لكن المقطع الذي قرأته لا علاقة له بمشكلتي على الإطلاق، لذا فمشكلتي لم تُحلّ بعد. أنا لا أعلم ما يريد مني الله أن أفهم من خلال ترتيب هذه البيئة لي، ولا أعرف مقصده. عليّ أن أسارع إلى العمل وأؤدي واجبي، ويجب ألّا أؤجل الأمور المهمة. ربما سأقرأ ذات يوم كلام الله المناسب وأحل مشكلتي." هل هذا هو بذل الوقت والطاقة؟ (أجل). الأمر بهذه البساطة. ففي الوقت الذي تتمرد فيه على تفضيلاتك وتتخلى فيه عن ترفيهك ووقت فراغك، ستربح قطرة صغيرة من الإخلاص وتمارس بعضًا من التوق الكبير لله. وستشعر في قلبك براحة وسلام على نحو استثنائي. للمرة الأولى في حياتك، ستختبر شخصيًّا السلام والقوت العظيمين للتمرد على الجسد ولنبذ متعة جسدك. وستتذوق أيضًا شخصيًّا كيف أن طمأنة نفسك أمام الله وقراءة كلامه وفتح قلبك لله والتحدث إليه بالكلام الذي في قلبك يجلب لك سلامًا ورضىً لا يجلبهما الاهتمام بالأمور الرائجة والشؤون الاجتماعية، وأن بإمكانك أيضًا ربح شيء منها، وتتوصل إلى فهم الحق وإدراك حقيقة الكثير من الأشياء. ونتيجة لذلك، ستشعر أن كلام الله جيد حقًّا، وأن الله صالح فعلًا، وأن نيل الحق هو ربح كنز بالفعل. لن تكون قادرًا على إدراك حقيقة كثير من الأشياء دون حيرة فحسب، بل ستكون قادرًا أيضًا على أن تحيا أمام الله وأن تحيا كذلك بكلمات الله. هذه هي الآثار التي يمكن أن يحققها توق كبير إلى الله. الممارسة على هذا النحو، وتكريس وقتك وطاقتك، والتخلي عن متعة جسدك، هذه إحدى تجليات توقٍ كبيرٍ لله. فماذا تقولون، إذًا؟ هل هذا التجلي فارغ؟ (ليس فارغًا). هل هو سهل التحقيق؟ (أجل). إنه سهل التحقيق. هو شيء يستطيع الناس ذوو الإنسانية الطبيعية تحقيقه.

عندما تكون للناس أفكارٌ تكون لديهم خياراتٌ. وإذا حدث لهم شيءٌ ما واتَّخذوا القرار الخاطئ، فيجب أن يعودوا ويتَّخذوا القرار الصحيح؛ ينبغي ألَّا يتمسَّكوا بخطئهم على الإطلاق. أناسٌ كهؤلاء هم أذكياء. ولكن إذا علم المرء أنه اتَّخذ القرار الخاطئ ولم يعد عنه لاتّخاذ القرار الصحيح، فهو لا يحبّ الحقّ، ومثل هذا الشخص لا يريد الله حقًّا. لنفترض مثلًا أنك تريد أن تكون بلا مبالاة عندما تؤدي واجبك، وتحاول التراخي وتجنُّبَ تمحيص الله. في مثل هذه الأوقات، أسرع للمثول أمام الله للصلاة، وتأمَّل فيما إذا كانت هذه هي الطريقة الصحيحة للتصرُّف. ثم فكِّر في الأمر: "لماذا أؤمن بالله؟ فمثل هذه اللا مبالاة قد لا يلاحظها الناس، ولكن ألن يلاحظها الله؟ بالإضافة إلى ذلك، فإن إيماني بالله لا يعني التراخي، لكنه من أجل الخلاص. وتصرُّفي هكذا ليس تعبيرًا عن إنسانية طبيعية، ولا يحبّه الله. لا، فربَّما تراخيت وفعلت ما يحلو لي في العالم الخارجيّ، لكنني الآن في بيت الله، وفي ظلّ سيادة الله، وقيد تمحيص نظر الله. أنا إنسانٌ، وعليّ أن أتصرف كما يملي عليّ ضميري، ولا يمكنني أن أفعل ما أشاء. ينبغي أن أتصرَّف وفقًا لكلام الله، وينبغي ألَّا أكون بلا مبالاة، ولا يمكنني أن أتراخى. كيف يجب أن أتصرَّف إذًا حتَّى لا أكون متراخيًا وبلا مبالاة؟ ينبغي أن أبذل بعض الجهد. الآن فحسب شعرت أن التصرُّف على هذا النحو كان ينطوي على الكثير من المتاعب، وأنني أردت تجنُّب المشقَّة، لكنني الآن أفهم: قد ينطوي التصرُّف هكذا على الكثير من المتاعب، لكنه أمرٌ فعَّال، وهذه هي الطريقة التي يجب عمله بها". عندما تعمل ولا تزال تشعر بالخوف من المشقَّة، في مثل هذه الأوقات ينبغي أن تُصلِّي إلى الله: "يا الله! أنا شخص كسولٌ وماكر، فأتوسَّل إليك أن تُؤدِّبني وتُوبِّخني حتَّى يشعر ضميري بشيء ويصير لديّ إحساسٌ بالخزي. لا أريد أن أكون بلا مبالاة. أتوسَّل إليك أن ترشدني وتنيرني، وأن تكشف لي تمرُّدي وقبحي". عندما تُصلِّي هكذا وتتأمَّل نفسك وتحاول معرفتها، سيثير هذا شعورًا بالندم وستتمكَّن من كراهية قبحك، وتبدأ حالتك الخاطئة بالتغيُّر، وستتمكَّن من التأمُّل في هذا ومبادرة نفسك بالقول: "لماذا أنا بلا مبالاة؟ لماذا أحاول التقاعس دائمًا؟ التصرُّف على هذا النحو يخلو من أيّ ضميرٍ أو عقل – فهل ما زلت شخصًا يؤمن بالله؟ لماذا لا آخذ الأمور على محمل الجدّ؟ ألا أحتاج إلى أن أخصِّص المزيد من الوقت والجهد؟ إنه ليس عبئًا كبيرًا. فهذا ما يجب أن أفعله. إذا لم أتمكَّن حتَّى من عمل ذلك، فهل يصلح أن أُدعى إنسانًا؟" ونتيجةً لذلك، تتخذ قرارًا وتقسم قائلًا: "يا الله! لقد خذلتك، فأنا في الواقع فاسد في الصميم، وبلا ضمير أو عقل، وأفتقر إلى الإنسانيَّة، وأتمنَّى أن أتوب. أتوسَّل إليك أن تسامحني، وسوف أتغيَّر بالتأكيد. وإذا لم أتب فأتمنى أن تعاقبني". بعد ذلك، ستتغير عقليتك، وتبدأ في التغير، وتتصرف وتُؤدِّي واجباتك بوعي وبقدرٍ أقلّ من اللا مبالاة، وستكون قادرًا على المعاناة ودفع الثمن، وستشعر بأن أداء واجبك بهذه الطريقة أمرٌ رائع، وستشعر بالطمأنينة والبهجة في قلبك. عندما يتمكن الناس من قبول تمحيص الله، وعندما يمكنهم الصلاة إليه والاتكال عليه، فإن أحوالهم سرعان ما تتغير. بعد أن تنعكس حالة قلبك السلبية، وبعد أن تتمرد على مقاصدك، وعلى رغبات الجسد الأنانية، عندما تكون قادرًا على التخلي عن راحة الجسد ومتعته، وتتصرف وفقًا لمتطلبات الله، ولا تعود اعتباطيًا أو متهورًا، ستحظى بالسلام في قلبك، ولن يؤنبك ضميرك. هل من السهل التمرد على الجسد والتصرف وفقًا لمتطلبات الله بهذه الطريقة؟ ما دام لدى الناس توق كبير لله، فيمكنهم التمرد على الجسد وممارسة الحق. وما دمتَ قادرًا على الممارسة بهذه الطريقة، فلن تلبث حتى تدخل في واقع الحق. لن يكون ذلك صعبًا على الإطلاق. بالطبع، عند ممارسة الحق، لا بدّ أن تمر بعملية مستمرة من المشقة وعملية مستمرة من التغيير في تفكيرك، ويجب حل هاتين من خلال طلب الحق. إن كنت شخصًا لا يحب الحق، فسيكون من الصعب عليك معالجة حالتك السلبية، ولن تتمكن من فهم الحق وممارسته. يعتمد مقدار الصعوبة التي يواجهها المرء في عملية تغيير تفكيره على ما إذا كان يستطيع قبول الحق. إن كان لا يستطيع قبول الحق فسيكون من الصعب عليه للغاية أن يغير تفكيره. أما الذين يستطيعون قبول الحق، فلن يجدوا صعوبة في ذلك على الإطلاق، وسيتمكنون تلقائيًا من الممارسة والخضوع للحق. بإمكان الذين يحبون الحق فعلًا أن يتوكلوا على الله للتغلب على المصاعب مهما كانت درجتها. بهذه الطريقة سيكون لديهم شهادة اختبارية، وهذا قلبٌ يتمتع برغبة كبيرة لله. لما كان قلبك به رغبة كبيرة لله، هل يعني هذا أنه لا يُسمح لك بأن يكون لديك فساد وتمرد؟ كلّا. يعني ذلك أنه، لأن لديك قلب فيه رغبة كبيرة لله، يمكنك على الأقل التصرف وفقًا لضميرك وعقلك، ويمكنك طلب الحق. بهذه الطريقة تستطيع اتخاذ الاختيار الصحيح في أي موقف، والممارسة والدخول في الاتجاه الصحيح. يُسمى هذا قلبًا فيه رغبة كبيرة دلله. هل هذه التجليات جوفاء؟ (ليست جوفاء). ليست جوفاء أو مبهمة، بل هي عملية وملموسة للغاية، وليست نظرية مطلقًا. يقول بعض الناس: "لقد آمنت بالله سنوات عديدة، ولكنني دائمًا أواجه صعوبات كلما يحين وقت ممارسة الحق. أقلق قلقًا يجعلني أتصبب عرقًا، ولكنني ليس لدي مسار بعد. أريد دومًا أن أمارس الحق من دون مواجهة أي مشقة بدنية أو إصابة مصالحي بأية خسائر، ونتيجة لذلك لا أستطيع أن أجد مسارًا. الآن فقط أدرك أن امتلاك قلب لديه رغبة كبيرة له أمر بسيط جدًا. ليتني عرفت هذا من قبل وطبقت هذه الكلمات من قبل!" من ينبغي أن تلوم على عدم ممارستك لكلام الله؟ من أجبرك على عدم تقدير كلام الله كل هذه السنوات، وعلى التخبط فحسب بلا هدىً بدلًا من ذلك؟ والآن يمكننا تلخيص جملة: عندما تؤمن بالله، عليك أن تمارس كلام الله وتختبره لكي تفهم الحق؛ إذ لا يمكنك ربح استحسان الله إلّا بالوصول إلى مرحلة تتعامل فيها مع الأمور وفقًا لمبادئ الحق. عليك ألّا تفعل الأشياء مطلقًا بحسب مشيئتك، وألا تسعى وراء الشهرة والمكسب، وعليك ألّا تشكل جماعات أو تبحث عن مؤيدين في الكنيسة. لن تحل عاقبة جيدة بالذين يفعلون ذلك. الذين لا يركزون على أداء واجباتهم بإتقان، والذين لا يسعون إلى الحق، ويتطلعون دومًا إلى الآخرين ويتكلون عليهم، والذين يحبون أن يتبعوا قادة كاذبين وأضداد المسيح في إثارة الاضطرابات العقيمة، يجلبون جميعًا الخراب لأنفسهم من خلال التخبط، فاقدين فرصتهم في الخلاص. سيتركهم ذلك في حيرة من أمرهم. إن أردت أن تمنع نفسك من سلوك طريقك الخاص، فعليك المثول أمام الله أكثر، والصلاة له، وطلب الحق في الأشياء كافّة. بهذه الطريقة يمكنك نيل نتيجة فهم الحق، والانطلاق في مسار ممارسة الحق، والدخول في واقع الحق. النقطة الرئيسية هنا أنه يجب عليك ألّا تتبع الآخرين وألا تسايرهم أبدًا، كأن تتبع هذا الشخص ذات يوم لأنك تظن أنه رائع، ثم تتبع شخصًا آخر في اليوم التالي لأنك تحسب أنه على حق، وتقضي وقتًا طويلًا تتخبط من دون ربح الحق. مهما تكن المشكلات التي تواجهها، عليك أن تطلب الحق وتحلها وفقًا لكلام الله. إن اتبعت الآخرين بغير هدى، متبعًا كل من يحسن الحديث ويتكلم بكلمات رنانة، فمن المرجح أن تُخدَع. ينبغي على الأشخاص الذين يؤمنون بالله أن يؤمنوا فقط بأن كلام الله هو الحق، عليهم ألّا يستمعوا إلّا إلى كلام الله، وأن يمارسوا وفقًا له؛ ففعل ذلك سيقيهم من اتباع الآخرين ومسايرتهم في الطريق الخطأ.

تابع واقرأ السطر التالي: ("وأن تطلب بنهم بينما ترفض مبررات الشيطان ومقاصدَه وحِيَله"). هذا أيضًا يتعلق بالممارسة. "تطلب بنهم" تشير هذه العبارة إلى الرغبة في ممارسة الحق ولكن مع الافتقار إلى المسار، والرغبة في إرضاء الله ولكن دون معرفة كيفية الممارسة – عندما تكون نهمًا على هذا النحو، فسوف تطلب وتصلي. شعورك المستمر بأنك تفتقر إلى الكثير جدًا، لاسيما أن تجد نفسك مفتقرًا إلى مسار عندما تحدث معك أشياء، من دون معرفة ماذا تفعل لترضي الله، ومتمردًا دومًا وتفعل الأشياء بالطريقة التي تريدها، بقلب قلق، وتريد أن تمارس الحق، ولكنك لا تعرف كيف تفعل ذلك – هذا هو الشعور بالنهم. إن كنت نهمًا، فعليك بالطلب، وإذا لم تطلب فلن يكون لديك مسار. إن لم تطلب فستسقط في الظلمة، وإذا لم تطلب أبدًا فسينتهي أمرك. ستكون عديم الإيمان. ما الذي تعنيه عبارة "ترفض مبررات الشيطان ومقاصدَه وحِيَله"؟ تعني أن الناس عندما يواجهون مواقف، تكون لديهم دائمًا مشيئتهم الخاصة؛ ويفكرون دومًا بمصالح أجسادهم، ويبحثون دومًا عن مخرج لأجسادهم. في أوقات كهذه، سيؤنبك ضميرك، حاثًّا إياك على ممارسة الحق والخضوع لله. في مثل هذه المواقف سيكون في قلبك صراع، ويتعين عليك أن ترفض مبررات الشيطان وترفض مختلف الأسباب المتعلقة بالجسد. "الرفض" يعني القدرة على اختراق مبررات وأسباب عدم ممارسة الناس للحق وإدراك حقيقتها؛ وهي مقاصد الشيطان وحيله، ثم التمرد عليها. هذه هي عملية الرفض. أحيانًا تنشأ لدى الناس أفكار ومقاصد وأغراض فاسدة معينة، وكذلك بعض المعارف والفلسفات والنظريات والطرق والوسائل والحيل والمكائد تتعلق بتعاملهم مع الآخرين وغير ذلك. عندما يحدث هذا، ينبغي أن يدرك الناس على الفور أن هذه أمور فاسدة تنكشف منهم، وأن عليهم السيطرة عليها، وطلب الحق، وتشريحها بدقة، ورؤية واقعها بوضوح، ورفضها والتمرد عليها تمامًا، ووأدها في المهد. ما دامت الأفكار أو الخواطر أو المقاصد أو المفاهيم الفاسدة قد نشأت لدى الشخص، أيًّا كان وقت حدوث هذا، فينبغي على الفور أن يسيطر على هذه الأشياء ويخترقها ويدرك حقيقتها، ويتمرد عليها، ومن ثم يبدأ في تغيير نفسه. هكذا هي العملية. هذه هي كيفية ممارسة رفض الشيطان والتمرد على الجسد. أليس ذلك بسيطًا جدًّا؟ في الواقع، تحدثنا عن هذه العملية بالفعل في مثالين وردا للتوّ. هذا مبدأ ممارسة للتعامل مع الحالات غير اللائقة التي تنشأ لدى الناس عندما تصيبهم أشياء.

تابع القراءة. ("لا تيأس. لا تكن ضعيفًا. اطلب بكُلِّ قلبك، وانتظر بكل قلبك"). يعني هذا أن تطلب وتنتظر من كل قلبك وفكرك. هذه العبارات الأربع البسيطة "لا تيأس. لا تكن ضعيفًا. اطلب بكُلِّ قلبك، وانتظر بكل قلبك". تحمل معنيين. ما هما هذان المعنيان؟ (الأول، هو لا تيأس ولا تكن ضعيفًا؛ أي لا تفقد عزيمتك أو تقنط عندما تواجه مصاعب أو لا تستطيع فهم الأشياء للحظة في أثناء طلبك. والثاني، هو أن عليك أن تطلب وتنتظر من كل قلبك. أي عليك أن تتمتع بالمثابرة في أثناء طلبك، وعليك أن تستمر في الطلب والصلاة عندما لا تفهم، وتنتظر استعلان مقاصد الله. هذا هو المعنى الثاني). تعني عبارة "لا تيأس. لا تكن ضعيفًا" أن على الناس أن يحافظوا على الإيمان الصادق بالله، ويؤمنوا بأن الله قدير، وأن الله يستطيع أن ينيرهم ويمكّنهم من فهم الحق. فلماذا إذًا لا تستطيع فهم الحق الآن؟ لماذا لا ينيرك الله الآن؟ لا بد من وجود سبب ما لذلك. ما السبب الأساسي؟ السبب ببساطة أن وقت الله لم يَحِنْ. الله يختبر إيمانك، وفي الوقت نفسه يريد أن يستخدم هذه الطريقة لتعزيز إيمانك. هذا هو الشيء الأساسي الذي ينبغي أن يفهمه الناس ويعرفوه. هب أنك قد تصرفت وفقًا للمبادئ التي يطلبها الله، حيث صليت وسعيت، ولديك قلب فيه رغبة كبيرة لله، وبدأت تقدّر كلام الله، وأنت مهتم بكلام الله، وكثيرًا ما تذكر نفسك بممارسة كلام الله واختباره، وبأن تمثل أمام الله، وألّا تضلّ عنه، وأن تطلب عند فعل الأشياء. لكنك تفكر في نفسك: "لا أحسب أنني شعرت بوضوح أن الله قد منحني أي استنارة أو إضاءة أو إرشاد خاص، وليس لدي حتى شعور واضح بأن الله قد منحني أي ملكات أو مواهب أو قدرات خاصة لأجل الواجب الذي أؤديه، بل أشعر أن الأشخاص الذين لا يرتقون إلى مستواي يفهمون أكثر مما أفهم، وهم أفضل في أداء واجباتهم، وأكثر فصاحة في نشر الإنجيل. لِمَ لست بمهارة الناس الآخرين؟ لِمَ لا أزال أقف في المكان نفسه وأحرز القليل من التقدم؟" لذلك سببان: أحدهما أن الناس أنفسهم لديهم مشكلات كثيرة، مثل أساليبهم ومقاصدهم وأهدافهم الفردية في الطلب، وكذلك مقاصدهم ودوافعهم إلى الصلاة إلى الله وطلبهم من الله وغير ذلك. تحتاج في هذه الأمور جميعًا إلى التأمل وربح المعرفة واكتشاف المشكلات في داخلك، وعكس مسارك على الفور. لا داعي للدخول في التفاصيل حول ذلك. السبب الثاني هو أنه عندما يتعلق الأمر بمقدار ما يمنحه الله لأناس مختلفين، وكيف يُنعم به عليهم، فإن لله طريقته الخاصة. تحدّث الله بالكلمات التالية: "أَتَرَاءَفُ عَلَى مَنْ أَتَرَاءَفُ، وَأَرْحَمُ مَنْ أَرْحَمُ" (الخروج 33: 19). ربما تكون هدفًا لرأفة الله، أو ربما أنت هدف لرحمته، أو ربما لا تكون أيًّا من هذين النوعين من الناس اللذين تحدث الله عنهما. ربما يرى الله أنك أقوى من الآخرين، أو أنك تتطلب وقتًا أطول من الآخرين لامتحانك وتلطيفك. توجد أسباب عديدة، ولكن أيًّا كان السبب، فإن أي شيء يفعله الله صائب. على الناس ألّا يقدموا أي مطالب مبالغ فيها إلى الله. الشيء الوحيد الذي يجب عليك فعله هو اطلب من كُلِّ قلبك وانتظر من كل قلبك. قبل أن يسمح الله لك بالفهم ويعطيك الإجابات، فإن الأمر الوحيد الذي عليك أن تفعله هو الطلب، بينما في الوقت نفسه تنتظر الوقت الذي يعطيك الله فيه شيئًا، والوقت الذي يكون الله رؤوفًا بك، وكذلك الوقت الذي ينيرك الله فيه ويرشدك. وعلى النقيض من المفاهيم البشرية، لا يوزع الله الأشياء بالتساوي على الناس، ومن ثم لا يمكنك استعمال كلمة "مساوٍ" مطالبًا الله. عندما يعطيك الله شيئًا، فهذا هو الوقت الذي ينبغي لك فيه أن تستلمه. عندما لا يعطيك الله شيئًا، فمن الواضح أنه ليس الوقت المناسب أو الصحيح في نظر الله، وبالتالي ينبغي ألّا تحصل عليه في ذلك الوقت. عندما يقول الله إنك ينبغي ألّا تحصل على شيء ما ولا يريد الله أن يمنحك إيّاه، فما الذي ينبغي أن تفعله؟ الشخص ذو العقل يقول: "إذا لم يعطني الله إياه، فسأخضع وأنتظر. أنا لست جديرًا في الوقت الحالي بالحصول عليه؛ ربما لأن قامتي لا يمكنها تحمله، ولكن قلبي يمكنه أن يخضع لله من دون تذمر أو ارتياب، وحتمًا بدون أي شكوك". في هذا الوقت، يجب ألّا يفقد الناس عقلهم. كيفما يعاملك الله، عليك أن تختار، بعقل، أن تخضع لله. لا يوجد سوى موقف واحد يتعين على المخلوقات اتخاذه نحو الله: أن يستمعوا ويخضعوا، فلا خيارات أخرى. لكن الله يستطيع اتخاذ مواقف مختلفة نحوك. لهذا أساس؛ لله مقاصده، وهو يتخذ خياراته الخاصة ويسلك أساليبه الخاصة عندما يتعلق الأمر بفعل هذه الأشياء وبالموقف الذي يتخذه تجاه كل شخص. وبطبيعة الحال، فإن أغراض الله تدعم هذه الخيارات والطرق. قبل أن يحظى الناس بفهم هذه الأغراض، فإن الشيء الوحيد الذي ينبغي لهم فعله ويقدرون على فعله هو الطلب والانتظار، مع تجنب فعل أي شيء للتمرد على الله. آخر شيء ينبغي للناس أن يفعلوه في هذه الأوقات – أي عندما لا يشعرون باستنارة الله وإرشاده ورأفته ورحمته – هو الضلال عن الله والقول إنه ليس بارًّا، أو الصراخ في وجه الله، أو حتى إنكار الله عندما لا يستطيعون الشعور باستنارته وإرشاده. هذا هو أكثر شيء لا يرغب الله في أن يراه. وبالطبع، إن وصلت حقًّا إلى حد إنكار الله وإنكار برّه وإنكار هويته وجوهره، وإلى حد الصراخ في الله، فسيؤكد ذلك أن الله كان على حق في اتخاذ موقف غير اكتراثي بك في المقام الأول. إن كنت لا تستطيع حتى أن تتحمل هذه التجربة والامتحان الصغيرين، فإنك عندئذ تفتقر إلى أدنى إيمان بالله، ويكون إيمانك أجوفًا جدًا. عندما لا يشعر شخص باستنارة الله وإرشاده، فإن أهم شيء يفعله هو الطلب والانتظار من كل قلبه. الطلب والانتظار هما مسؤولية الإنسان، وهما أيضًا العقل والموقف ومبدأ الممارسة الذي يجب على الناس اتخاذه تجاه الله. عند الطلب والانتظار، لا تضمر عقلية قائمة على الحظ. لا تفكر دائمًا: "ربما إن انتظرت سيمنحني الله كلمات واضحة. أنا لا أحتاج إلّا إلى أن أكون أكثر إخلاصًا بقليل وأرى إن كان الله سينيرني أم لا. لعله سينيرني. وإن لم يفعل فسأفكر في طريقة أخرى". لا تضمر عقلية كهذه مبنية على الحظ. الله يبغض هذا النوع من المواقف عند الناس. أي نوع من المواقف هذا؟ إنه موقف حظ ينطوي على امتحان. هذا ما يبغضه الله أشد البغض. إن كنت ستنتظر، فافعل ذلك بإخلاص. احمل معك عقلية الجوع والتعطش إلى البرّ، بينما تصلّي إلى الله وتطلب الحق، وبينما تحل مشكلاتك العملية، وبينما ترجو من الله الاستنارة والإرشاد. كيفما يعاملك الله، أو سواء سمح لك في النهاية بربح فهم كامل، عليك أن تلتزم بمبدأ الخضوع من دون أي انحراف. بهذه الطريقة، ستحافظ بثبات على المكانة والواجب اللذين ينبغي أن يتمتع بهما المخلوق. بصرف النظر عمّا إذا كان الله في نهاية المطاف يخفي وجهه عنك، وما إذا كان لا يريك سوى ظهره، أو ما إذا كان يَظهر لك، فما دمت متمسكًا بواجبك وبمركزك الأصلي بصفتك مخلوقًا، فستكون قد قدمت الشهادة وتكون من الغالبين. "لا تيأس. لا تكن ضعيفًا. اطلب بكُلِّ قلبك، وانتظر بكل قلبك". هذه العبارات الأربع في غاية الأهمية؛ فهي تشمل العقل الذي ينبغي للإنسان أن يمتلكه، والمركز الأصلي الذي يتعين على الإنسان أن يقف عليه، ومسار الممارسة الذي يجب على الإنسان أن يتبعه. يقول بعض الناس: "إننا جميعًا نطلب وننتظر بكل قلوبنا وعقولنا، فلماذا إذًا لا ينيرنا الله؟ لماذا لا يمنحني أي إلهام؟" لله مقاصده الخاصة، فلا تطالب الله. هذا هو عقل الإنسانية الطبيعية، وهذا هو العقل وهو أكثر ما ينبغي أن تمتلكه المخلوقات. طبقًا لفكر الناس وأفكارهم ومفاهيمهم، يوجد العديد جدًّا من الأشياء التي لا يفهمها الناس، وينبغي لله أن يخبر الناس بهذه الأشياء. لكن الله يقول: "ليست مسؤوليتي أو واجبي أن أخبرك بتلك الأشياء. إن أردت منك أن تعرف شيئًا، فستعرف قليلًا، وسيكون هذا تفضلًا مني عليك. وعندما لا أريد منك أن تعرف شيئًا ما، فلن أقول كلمة واحدة عنه، ولا تتصور أن بإمكانك أن تفهمه عندئذ!" يقول بعض الناس: "لماذا تضع نفسك في موقفٍ مضادٍّ لنا في هذا الأمر؟" لا يضع الله نفسه في موقف مضاد لكم؛ فالخالق سيكون دومًا هو الخالق، وله طرقه وأساليبه في فعل الأشياء. وعلى الرغم من أن طرقه وأساليبه لا تتوافق مع أذواق الإنسان أو أفكاره ومفاهيمه، وحتمًا لا تتفق مع ثقافة الإنسان التقليدية، بغض النظر عن جوانب الإنسان التي لا تتفق معها، وببساطة، بغض النظر عن حقيقة أنها لا تتفق مع متطلبات الإنسان ومعاييره – بصرف النظر عما يفعله الخالق، وعما إن كان يستطيع الناس فهم الأمر أم لا، فإن هوية الخالق وجوهره لن يتغيرا أبدًا. يجب ألّا يستخدم الناس اللغة البشرية أو المفاهيم البشرية أو أي أسلوب بشري لقياس الخالق. هذا هو العقل الذي يجب أن يمتلكه الناس. إن افتقرتَ حتى إلى هذا الجزء من العقل، فإنك عندئذ – سأكون صريحًا معك – لا تقدر على التصرف بصفتك مخلوقًا. ذات يوم، عاجلًا أم آجلًا، سيحدث لك شيء سيئ. إن كنت تفتقر إلى حتى هذا القدر الضئيل من العقل، فإن شخصيتك الشيطانية، ذات يوم، عاجلًا أم آجلًا، ستنفجر. في ذلك الوقت ستشك في الله، وتسيء إلى الله بلسانك، وتنكر الله، وتخون الله. عندئذ ستكون قد انتهيت تمامًا، وينبغي أن تُستبعَد. لذلك فإن العقل الذي يجب أن يمتلكه الناس مهم للغاية: "لا تيأس. لا تكن ضعيفًا. اطلب بكُلِّ قلبك، وانتظر بكل قلبك". هذه العبارات الأربع هي العقل والمبادئ التي يجب أن تمتلكها المخلوقات عند التعامل مع البيئات المختلفة التي يواجهها الناس كثيرًا في حياتهم الواقعية، ومن أجل تحسين علاقتهم مع الله.

يقول القسم الأول من هذا المقطع: "لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه"، ويقول السطر قبل الأخير: "اطلب بكُلِّ قلبك، وانتظر بكل قلبك". يقول بعض الناس: "هل المعنى غير المنطوق للكلمات "لا تتعجل حلولًا" هو أن العاقبة النهائية حتمية؟ إنْ سعينا وانتظرنا من كل قلوبنا، وكان لدينا قلب مفعم بتوق شديد إلى الله، واشتقنا إلى كلام الله، فهل الله مضطر إلى أن يعطينا الإجابة ويَسمح لنا بفهم حقيقة الأمر؟" هذه إجابتي لك: إنه غير حتميِّ وليس بالضرورة كذلك. فكل كلمة في هذا المقطع هي متطلب يَطرحه الله للإنسان، ومبدأ ممارسة ينبغي للمخلوقين الامتثال له. يَمنح الله مسار ممارسة للإنسان، ومبادئ ينبغي أن يضعها الناس موضع التطبيق ويراعوها في المواقف التي يجدون أنفسهم فيها في الحياة اليومية. ومع ذلك لم يَقل الله للناس: "مهما تكن درجة فهمكم لهذا الكلام، ما دمتم تمتثلون لهذه المبادئ، فيجب أن أخبركم بالحقائق، ويجب أن أعطيكم الإجابة، وأن أعطيكم تفسيرًا في النهاية". ليست لدى الله هذه المسؤولية، وليس لديه مثل هذه الـ "يجب". على الناس ألَّا يُقدِّموا إلى الله مثل هذه المطالب غير المعقولة. هذا أمر على كلٍّ منكم أن يفهمه. إنَّ عبارة "ليس بالضرورة كذلك" تفيد الناس بحقيقة واحدة: لن يلتزم الله مطلقًا بمبادئ اللعبة التي وضعها البشر وفقًا لمفاهيمهم البشرية، والفلسفات الإنسانية، واختبار الإنسان وعِبَره، وحتى لن يمتثل للقانون البشري، بل بالأحرى على البشر أن يمتثلوا لمبادئ متطلبات الله، ويَدخلوا في حقيقة كل حق صادر عن الله. هل فهمتم هذا؟ (أجل). يتضمن هذا المقطع شرحًا واضحًا للمبادئ المطلوب الالتزام بها. ابدأ بالسطر الأول. ("لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه".) هذا مبدأ يسهل تطبيقه وفهمه، ولا يسبب تطبيقه أي عبء أو ضغط عليك؛ فهو سهل للغاية. والسطر الثاني؟ ("أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا".) أنت شخص طبيعي تعيش في العالَم، وذلك كل ما تحتاج إلى إنجازه ("أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا".) ما دمتَ لا تخلو من قلب فبإمكانك فعله. لديك أربع وعشرون ساعة في اليوم. علاوة على عملك المعتاد، ووقت راحتك، ووجباتك، وعباداتك الروحية الشخصية، هل مِن السهل أن "أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وتقدِّم له قلبًا مخلصًا"؟ (من السهل فعله). يمكن فعله أثناء المشي أو تبادل الأحاديث أو الاستراحة؛ إذ لن يتعارَض مع أعمالك المعتادة، أو مع أداء واجبك، أو مع العمل الذي تقوم به. إنه شيء بسيط حقًّا! وبغض النظر عن قدرات المرء، ما دام يقدِّم قلبًا مخلِصًا ويسعى وراء الحق، فسوف يتوصل تدريجيًّا إلى فهم الحق، ويدخل في هذا الواقع بسهولة.

ما هو السطر التالي؟ ("آمِنْ بأنَّ الله هو قديرك قطعًا".) سأعود الآن وأسألكم جميعًا: هل تؤمنون بأن "الله هو القدير"؟ متى بدأت تؤمن بهذا؟ ما الأمور التي توصلت فيها إلى الإيمان بذلك؟ هل شهدتَ على هذا؟ هل اختبرتَ هذا؟ ماذا لو سألك أحد: "هل تؤمن بأن الله هو القدير؟" لعلك، نظريًّا، تقول دونما تردد: "الله هو القدير! كيف يمكن ألَّا يكون الله هو القدير؟" وماذا لو سألك ثانيةً: "هل الله هو القدير؟ ما الأمور التي توكلتَ فيها على الله وشهدتَ أفعاله؟ إلى أي درجة تجلّت قدرة الله فيك شخصيًّا؟ متى اكتشفتَ أن الله هو القدير؟ وما الأمور التي تشعر فيها أن الله هو القدير؟ إن أقررت بأن الله قدير وأنه لا شيء مستحيل معه، فلمَ أنت ضعيف للغاية في بعض الأحيان؟ لمَ لا تزال سلبيًّا؟ ولمَ لا تستطيع التخلي عن الجسد وممارسة الحق عندما يحدث لك أمر؟ ولمَ تعيش دومًا بموجب الفلسفة الشيطانية في تعاملاتك مع الآخرين؟ ولماذا لا تزال تكذب في كثير من الأحيان دون أن تشعر بتوبيخ الله؟ هل الله حقًّا هو القدير في نظرك؟ ما رأيك بالضبط فيما تشير إليه قدرة الله؟ هل تتماشى مع جوهر الله؟" إن وُجِّهت إليك هذه الأسئلة، فهل ستظل تجرؤ على الإجابة بهذا اليقين؟ عندما أسأل على هذا النحو، ينعقد لسان الناس عن الكلام. ليس لديك مثل هذا الاختبار، ولم تُقِم علاقة مع الله بهذا المستوى. ففي كل السنوات التي آمنت فيها بالله، لم تختبر مطلقًا سيادة الله، ولم تشاهد أبدًا يدَ الله، ولم تعاين السيادة التي يمارسها الله القدير على الناس والأحداث والأشياء. هذا أمر لم تَرَهُ أو تسمع به، فضلًا عن أن تختبره أو تشعر به شخصيًّا. لذا، فيما يتعلق بالسؤال "هل الله قدير في نظري؟"، أنت لا تعرف ولا تجرؤ على الكلام. يدل هذا على أنك تفتقر إلى مثل هذا الإيمان. بالنسبة إليك، ينبغي أن يصبح هذا السطر رؤيتَك، ويجب أن يكون أقوى دليل على أنك تؤمِن بالله وتتبعه. وهو أيضًا أحد جوانب الرؤية التي تدعمك وأنت تمضي قدمًا. ومع ذلك فأنت لا تجرؤ على الإجابة بيقين. لماذا؟ لأن إيمانك بالله ما هو سوى إيمان بأن الله موجود. لكنك حتى الآن لم تتبع الله حقًّا، ولم تؤسِّس علاقة بالله فعلًا، ولم تدخل بعدُ في حقيقة كلام الله، ولم تشارك بعدُ في اختبار الخضوع لسيادة الله، ولم تتحقق حتى الآن مباشرةً من حقيقة سيادة الله على كل الأشياء. أنت لم ترَ أو تختبر هذه الأشياء، فضلًا عن أن تفهمها. إنْ سئلتَ ببساطة: "هل الله هو القدير؟" فستجيب بالتأكيد: "أجل". وإنْ سئلتَ بعد ذلك كيف اختبرتَ هذا وكيف توصلتَ إلى هذا الفهم، فستنكِّس رأسك حتمًا وتعجز عن الكلام، دون أن تجرؤ على الإجابة. ما سبب هذه الحقيقة؟ (ليس لدينا اختبار في هذا الخصوص). أنت تتحدث من ناحية نظرية، وأنت في واقع الأمر تُعلن شفويًّا أنك مخلوق وتابع لله. لكنك منذ اليوم الذي بدأت فيه تتبع الله لم تؤدِّ قَط واجبات المخلوق. تتضمن مسؤوليتك قبول كلمة الله بوصفها أساس وجودك، واتخاذ كلمة الله باعتبارها المبدأ ومسار الممارسة لأداء واجبك، والدخول في حقيقة كلمة الله. وإن لم تكن قد دخلتَ بعدُ في وقائع الحق هذه، فما يعني ذلك ضمنيًّا؟ يعني ذلك أنك حتى وإن كنتَ تتبع الله، وحتى إن كنت قد تخليت عن عائلتك وعملك ومهنتك، واستطعت اتّباع الله حتى اليوم، فإن قلبك لم يَقبل الحق والحياة اللذين وهبهما الله للبشر، بل تتّبع بدلًا من ذلك الأشياء التي أنت نفسك تحبها ولم تتخلَّ عنها. هل يُعتبر هذا اتباعًا لله وخضوعًا لعمل الله؟ إن كنتَ لا تقبَل في قلبك أهداف الحياة، واتجاهاتها، ومعايير الحياة والعيش التي وضعها الله للإنسان، وإنما تردِّد فقط كالببغاء الكلمات التي تسمعها وتتفوه ببعض التعاليم، فهل يُعتبر هذا قبولًا للحق؟ على الرغم من أنك تتبع الله ويمكنك في الظاهر أن تؤدي واجبك، فإن قلبك لم يَقبل الحق. وعلى الرغم من أنك قد آمنت بالله لسنوات عدة، فإن المبادئ التي تعيش بحسبها، وأساليبك والمسار الذي تتبعه حياتك، لا تزال هي مبادئ الشيطان وأساليبه ومساره. أنت لا تزال الشخص القديم نفسه الذي كنتَه دومًا، ولا تزال تعيش بحسب شخصيتك الشيطانية وطريقة الإنسان الفاسد، ولم تتقبل المتطلبات والمبادئ التي تأتي من الله. من هذا المنظور الأساسي، ما تفعله ليس في الحقيقة اتباعًا لله؛ فأنت تعترف فحسب بأنك مخلوق وأنَّ الخالق هو إلهك. وعلى هذا الأساس النظري، تفعل القليل لأجل الله وتقدِّم له بعض التقدمات القليلة. في ضوء هذه الفرضية، أنت تعترف على مضض أن الله إلهك وأنك تتبعه، غير أن قلبك لم يقبل الله البتة على أنه حياتك وربك وإلهك. يعيدنا هذا إلى السؤال الذي طرحتُه للتوّ: "هل الله هو القدير؟" للأسباب الآنفة الذِكر، أنت لا تجرؤ على الإجابة بكل ثقة. الله قدير بالنسبة إلى كل الأشياء وإلى الكون بأكمله، أما بالنسبة إليك فيمكنك أنْ تعترف بأنّ الله قدير من الناحية النظرية، أما في الواقع فأنت لم تختبر أو تعاين ذلك. وفيما يتعلق بقدرة الله، لديك علامة استفهام مرسومة في قلبك. متى سيتمكن الناس من تأكيد الكلمات التالية بصدق: "الله هو القدير"، ويجعلون هذه الرؤية أساس إيمانهم به؟ لا يمكن للناس الإقرار بصدق بأن "الله هو القدير" إلَّا عندما يَقبلون هوية الله وجوهره ومكانته في قلوبهم، ويَدخلون في حقيقة كلام الله، ويحوِّلون كلام الله إلى أساس لوجودهم. إن تحقيق هذا الكلام هو في الواقع في غاية الصعوبة، ولكن الله جاء به موضحًا أهميته للإنسان. على المرء الذي يريد أن يختبِر هذا الكلام ويتحقق منه أن يقضي حياة كاملة وهو يفعل ذلك. ولكي يعطي إجابة صادقة ومؤكَّدة عن السؤال المطروح من خلال هذه الكلمات من صميم قلبه، فإنه يحتاج إلى قضاء حياة كاملة وهو يعمل على ترسيخ علاقة طبيعية بينه وبين الله، أي علاقة مخلوق مع خالقه. يُمكن تحقيق هذا كله على أساس تطبيق مبدأ "أحضِر مثل هذه الأمور أمام الله بوتيرة أكبر، وقدِّم له قلبًا مخلصًا". إن تطبيق هذا في الواقع بسيط تمامًا، ولكن ليس من السهل تحقيق الهدف الذي يطلبه الله فعليًّا. على المرء بذل وقت وجهد ودفع ثمن لذلك.

ما السطر التالي؟ ("يجبُ أن يكون لديكَ توقٌ كبيرٌ إلى الله".) هذه كل المتطلبات التي يطلُبها الله من الإنسان. إن أراد الناس فَهم الحق ونيل الخلاص، فيجب أن تتوق قلوبهم إلى هذا، وأن تكون لديهم الإرادة للسعي إليه، وأن يكون لديهم شوق حقيقي. ثم عليهم أن يمارسوا ويدخلوا وفقًا لمسار الممارسة الذي حدَّده الله. وتدريجيًّا سيُدخِل الله هؤلاء الأشخاص في حقيقة الحق وفي حالة صحيحة وطبيعية. سيفهَم أمثال هؤلاء الناس المزيد من الحقائق في كلام الله بطريقة عملية وعلى نحو متزايد. وفي نهاية المطاف، سيتم تدريجيًّا معالجة الحالات غير الطبيعية التي توجد لدى هؤلاء الناس، والفساد الذي يُكشف لديهم، وعصيانهم، من خلال أساليب عمل الله المختلفة في البيئات المتنوعة العديدة التي يرتبها. ما الذي ينبغي أن تفهموه إذًا؟ هو ما يلي: يجب إنجاز الأشياء التي من المفروض أن يفعلها الناس، والأشياء التي ينبغي أن يمارسوها، وذلك وفقًا لمتطلبات الله. عندما يمارِس الناس ويتصرفون وفقًا لمتطلبات الله، سيسيرون في المسار الصحيح الذي أوضحه الله لهم. وعندما يسير الناس في هذا المسار الصحيح، فسوف يمنحهم الله نصيبًا لائقًا في الوقت المناسب، وذلك بطريقته وبموجب متطلباته ومبادئه. ما الذي ينبغي أن يفهمه الناس هنا؟ إنَّ تعاوُن الناس، والثمن الذي يدفعونه، وما يبذلونه، هي أمور لا غنى عنها. على الناس أن يعملوا ويمارسوا طبقًا لمتطلبات الله، وألَّا يتصرفوا وفقًا للشهوات البشرية، أو على أساس التصورات والمفاهيم الإنسانية. ما النتيجة النهائية التي يتم تحقيقها، وإلى ّ مدى يستطيع المرء أن يتغير، وكم بإمكانه أن يربح: هل تُحدَّد هذه الأمور من خلال رغبات الشخص بمفرده؟ لا، فذلك شأن الله، وليس له علاقة بك. وفي نهاية الأمر، ماذا وكم يمنحك الله، ومتى يعطيك إياه، والسنّ الذي تحصل فيه على ما يُمنح لك: ذلك شأن الله، ولا علاقة له بك. ما هو قصدي بذلك؟ أقصدُ أنك لا تحتاج إلا للتركيز على ممارسة الحق، والدخول وفقًا للمسار الذي يعطيك الله إياه، والتصرف كما يليق بالمخلوق، وتقديم التعاون الذي ينبغي أن تقدمه. وفيما يتعلق بما ستحصل عليه ومقداره، ومتى ستحصل عليه، وكيف سيدبِّر الله هذه الأمور، فذلك شأن الله وسيحدُث في زمن الله. يقول بعض الناس: "إن مارستُ هذا، هل سأنال الخلاص في الآخرة؟ قولوا لي، هل ترون أنَّ بوسعه نوال الخلاص؟ إنّ هذه الكلمات والحقائق التي أنعم الله بها على الإنسان وزوَّده بها هي طريق الإنسان إلى الخلاص. إن مارستَ وفقًا لهذه الكلمات والحقائق من الله ودخلتَ في حقيقة كلمة الله، فهل ستظل بحاجة إلى القلق من أنك لن تُخَلَّص؟ ألا تزال تُمضي كل يوم منزعجًا وقلقًا خشية أن يتخلى الله عنك؟ أليس هذا ناتجًا عن ضعف الإيمان والإخفاق في فهم مشيئة الله؟ إن دخلتَ حقًّا في حقيقة الحق، وإن كان قلبك يشعر بالطمأنينة والفرح، وكنتَ تستطيع تقديم الشهادة من اختبار حقيقي، وفي قلبك علاقة طبيعية مع الله، فهل ستظل تقلق من أنك لن تحظى بالخلاص؟ لا تقلق؛ فهذا ليس شأنك، وما عليك سوى أن تمارس وتدخُل في كلمة الله؛ ففي كلمة الله لا يوجد سطر لا يتمتع بالأهمية. إن كلمة الله بكاملها هي الحق، والحق هو الحياة التي ينبغي للإنسان أن يمتلكها. إن كلام الله بأكمله هو ما يحتاج إليه الناس وينبغي أن يمتلكوه ليتحقق لهم الخلاص. إن اتّبعتَ كلام الله هذا في الممارسة العملية، ولكنك لا تزال قلقًا من أنك لن تُخَلَّص، فهل أنت أحمقُ وجاهل؟ هل أعصابك مصابة بفرط الحساسية؟ ستحظى بمزيد من المتعة إن أبديت التقدير لمشيئة الله بدلًا من تقبُّل أفكار عقيمة. إن سلكت المسار الصحيح، فإن الغاية النهائية التي تصل إليها ستكون هي الغاية الصحيحة؛ الغاية التي حدَّدها الله لك، ولن تضلَّ. ولذلك، إن مارستَ ودخلت في متطلبات الله، فلا داعي لأن تقلق بشأن ما إذا كان بإمكانك نيل الخلاص أم لا. ما عليك سوى الممارسة واتباع طريق الخلاص الذي أوضحه الله، فذلك هو الطريق الصحيح. يقول بعض الناس: "كيف سيكون الشعور بنيل الخلاص؟ هل سنشعر كما لو أننا نحلِّق في الهواء؟ هل سيكون شعورنا مختلفًا عن شعورنا الآن؟" هذا السؤال سابق قليلًا لأوانه، وليس هذا شيئًا تحتاج إلى معرفته في الحال. سوف تكتشف عندما تنال الخلاص حقًّا. يقول بعض الناس: "عندما أنال الخلاص، هل سيتجلَّى الله لي كما تجلَّى لأيوب؟" هل هذا طلب معقول؟ لا تطلب ذلك؛ فأنت ما زلتَ لا تعرف إن كان يمكنك الخلاص، فما فائدة بتقديم هذا الطلب؟ لا فائدة مطلقًا. على سبيل المثال، افرض أنك الآن في مدرسة ابتدائية، فينبغي أن تركز جيدًا على التفوق، وإتقان دروسك كلها، والوفاء بمتطلبات معلمك. لا تتفكر دائمًا حول "أي جامعة سأذهب إليها في المستقبل؟ ما نوع الوظيفة التي سأحصل عليها في الحياة فيما بعد؟" لا فائدة من التفكير بتلك الأشياء؛ فهو أمر بعيد كل البعد وهو غير واقعي. ما دمت تمارس وتدخل في أساليب ومسارات صحيحة، فسوف تتمكن حتمًا من تحقيق الهدف النهائي. وبالإضافة إلى ذلك، ما دام معك إرشاد الله، فما الذي لا تزال خائفًا منه؟ هل تؤمن بأن الله هو القدير؟ (أؤمن بذلك). الله هو القدير، فهل من الصعب على الله إذًا تخليص شخص صغير مثلك؟ لن تكون مهمَّة صعبة على الله أن يأخذ العالم بأكمله ويعطيه لك، فكيف يكون من الصعب أن يخلِّص إنسانًا فاسدًا صغيرًا؟ أما زلت بحاجة إلى أن تشعر بالقلق؟ لا تقلق بشأن ما إذا كان الله سيخلِّصك، ولا ما إذا كان كلام الله يمكنه أن يخلِّصك. بل عليك أن تقلق بشأن ما إذا كنت تستطيع فَهم كلام الله ويمكنك أن تجد مسارًا للممارسة فيه. عليك أن تقلق حول ما إذا دخلت الآن في حقيقة كلام الله، وما إذا كنت تسلك في أعمالك المسار الذي دلَّك الله عليه؛ فذلك أفضل كثيرًا، والتفكير في هذه الأمور عمليٌّ وواقعيّ. من غير المجدي القلق حيال أي شيء آخر.

ما هو السطر التالي؟ ("ترفض مبررات الشيطان ومقاصدَه وحِيَله. ترفض مبررات الشيطان ومقاصدَه وحِيَله".). ناقشنا هذا السطر للتو، ولذلك ينبغي أن يكون حل هذه المشكلة سهلًا. ليس على الإنسان سوى فهم أن "مبررات الشيطان ومقاصدَه وحِيَله" تنبع في معظم الأوقات من الأسباب والأعذار والنوايا والحيل المختلفة التي تنتجها شخصية الإنسان الفاسدة، وكذلك الأساليب التي يستخدمها مختلف الناس الأشرار وضعفاء الإيمان الذين تتواصل معهم. أما كيف يمكنك تمييز مثل هذه الأمور ورفضها، وما يتعلَّق بالاختيارات التي ينبغي أن تقوم بها، فذلك يعود إلى مسعاك الشخصي. اقرأ السطر التالي. ("لا تيأس. لا تكن ضعيفًا. اطلب بكُلِّ قلبك، وانتظر بكل قلبك".) لقد ناقشنا هذا السطر بالتفصيل كذلك. فكل سطر يعدُّ تحذيرًا وتذكيرًا للإنسان، ويمثِّل، في الوقت نفسه، نوعًا من الدعم والعون والمؤونة. هذه الكلمات بالطبع تحتوي على مقصد الله للبشرية، وتحمل فيض رجائه للبشرية. عندما يواجِه الناس الضَعف والمصاعب، لا يريد الله أن يراهم مُثبطين يَفقدون الرجاء ويفقدون الإيمان، ويفقدون العزيمة إلى السعي إلى الحق والخلاص، ويفقدون فرصة ربح الحق وأن يُكمِّلهم الله. لا يريد الله أن يكون الناس جبناء، وبدلًا من ذلك، مهما كان كم الصعوبات التي يواجهونها، ومهما كانوا ضعفاء، ومهما كان مقدار ما يظهر لديهم من فساد، فإنه يرجو ألا يستسلم الناس أبدًا، وأن يواظبوا خلال ذلك كله، ويستمروا في السعي إلى الحق، واتباع مسارات الممارسة التي أشار إليها الله لهم في سعيهم، وأن يظل لديهم قلب مفعم بتوق شديد إلى الله. يجب أن ينمو إيمان الناس بالله على نحو متزايد من خلال الاختبار وفهمهم لكلام الله، ويجب ألا ينسحبوا عندما يكونون ضعفاء، أو يصبحوا سلبيين عند مواجهة المصاعب، وينتحبوا ويُحجِموا بدلًا من السير قُدُمًا عندما يكشفون عن القليل من الفساد. لا يريد الله أن يرى مظاهرَ كهذه. يأمل الله أن يكون الناس على قلبٍ وفكرٍ واحدٍ معه، وألا يتغيروا في هذا الجانب لاسباب الوقت أو البيئة أو الموقع المادي، أو أي مواقف قد تحدث. إن لم تتغير رغبتك في طلب الله، ولم يتراخَ دأبك في طلب الله، فسوف يرى الله هذه الأشياء ويعرف قلبك الصادق. وفي النهاية، ما يُنعِم الله به عليك سيفوق بالتأكيد كل ما يمكنك أن تطلبه أو تفكر فيه. خلال عشرات السنين التي اختبر أيوب فيها سيادة الله، لم يجرؤ مطلقًا على تصوُّر أن الله سيكلمه أو يتجلَّى له بذاته. لم يجرؤ على تخيل ذلك، ولكن الله تجلَّى له بعد تجربته الأخيرة، مكلِّمًا إياه بنفسه من خلال زوبعة. ألا يفوق هذا كل ما يمكن أن يطلبه الإنسان؟ (أجل). يفوق هذا أي شيء يمكن أن يطلبه المرء، ولا يجرؤ أحد حتى على أن يتقبل الفكرة. أيًّا كان ما يطلبه الله، على الإنسان أن يقف في موضعه المناسب، وأن يفعل الأشياء التي يُفترض به أن يفعلها، ويسلك المسار الذي ينبغي أن يسلكه، ويؤدي الواجبات التي يُكلَّف بها دون أن يتجاوز ما طُلب منه، ويمتنع عن فعل الأمور التي يبغضها الله. كلما شعرتَ بأنك تبالغ في الطلب من الله، وأن طلباتك ناتجة عن رغباتك الجامحة وانعدام الإحساس، فعليك أن تَمثل فورًا بين يدي الله، وتركع أمامه، وتعترف بخطاياك. عليك أن تتوب بصدق وأن تعود من صميم قلبك. هذا ما يطلبه الله من البشر وما يرجوه لكل من يتبعه ويحب الحق.

هنا ننهي شركتنا حول هذا المقطع. بعد عقد عدد كبير جداً من جلسات الشركة، فقد أمَرت بما ينبغي الأمر به، وأفهمتكم ما هو لائق بالإنسان أن يفهمه. يُقصَد بهذا النوع من الشركة أن يخبركم بكيف تقرؤون كلام الله، ويعلّمكم طريقة قراءة كلام الله، ويعرّف الجميع أنه ليس من مقطع في كلمة الله قيل عبثًا. فهي كلها حافلة بمقاصد الله، وتحمل آمال الله. ومن هذا المنطلق، فإن كلام الله كله أشياء، سواء كانت عميقة أم بسيطة، ينبغي للإنسان أن يمتلكها ويلتزم بها. مجرد بضع كلمات بسيطة تحتوي على مبادئ الممارسة التي يتعين على الإنسان أن يلتزم بها، ومع ذلك لا يحقق أحد هذا. لا أحد يعير أي أهمية لهذه الكلمات القليلة من الله، ولا أحد يُقِيم أي اعتبار لها. قل لي، إلى أي مدى وصل انعدام الإحساس لدى الإنسان؟ في الواقع، تعد عبارة انعدام الإحساس وصفًا لطيفًا للأمر. والواقع أنه نتيجة لغطرسة الإنسان اللا محدودة يزدري الجميع هذه الكلمات، ولا يرغبون في رؤيتها أو قراءتها. ما الذي يودّون قراءته؟ إنهم يودون قراءة كلام فلسفيّ منهجيّ عميق وراقٍ. لا تتحدثوا عن تلك الكلمات العالية والعميقة؛ إن استطاع الناس فهم هذه الكلمات السهلة القليلة فهذا أمر كافٍ. ربما تبدو هذه الكلمات بسيطة، ويستطيع أي شخص يقرؤها أن يفهمها، لكن من يطبقها حقًا؟ من يستطيع حقًّا أن يأخذ الأشياء التي تحدث له أمام الله ويصلي؟ من ينتظر وقت الله دون أن يقلق بشأن الحلول؟ كم شخصًا يمكنه ممارسة هذا؟ حتى الآن، لم أجد أحدًا يراعي كلمات الله هذه ويمارسها، ولم أجد أحدًا اجتذبته هذه الكلمات وقدّر كلمات الله بعد رؤية مدى صدقها وإخلاصها ونفاستها. وبعد أن سمعتكم تعزفون هذه الترنيمة في هذه اللحظات، سألتكم كيف أكلتم وشربتم هذا المقطع من كلمة الله. هل اكتشف أحد مقصد الله من هذه الكلمات البسيطة الواضحة والمباشرة من خلال قراءتها مصليًا؟ هل قرأها أحد مصليًا حتى يجد مسار الممارسة الذي ينبغي للمرء فهمه والدخول فيه؟ هل فهم أحد أي حق منها؟ ما أسأل عنه هو: هل جنى أشخاص بعينهم ثمار الحقائق التي تحتوي عليها؟ هل كان لها تأثير؟ أظهرت شركتنا أن هذا لم يحدث في الواقع. قامتكم ضئيلة للغاية. يبدو أن معظم الكلمات التي تكلم بها الله عبر هذه السنوات لم تترسخ بعد فعلًا في قلوبكم. لم تصلوا إلى المستوى الذي تقدرونها فيه بصفتها حقائق. ليس هذا بشير خير. ليست إشارة جيدة. يقول بعض الناس: "نحن مشغولون جدًا بأداء واجباتنا كل يوم. ليس لدينا وقت للتفكر في كلام الله". الواقع أن السبب ليس أنهم لا يملكون الوقت، بل أنهم لا يبذلون الجهد أو ينتبهون. مهما يكن الواجب الذي يؤديه المرء، هل يؤثر في كيفية تفكره في كلام الله في قلبه؟ ألا يستطيع التفكر في كلام الله أثناء تناوله الطعام وراحته؟ يتوقف الأمر كله على ما إذا كانت لديه الرغبة. يظن الناس أن الانشغال الشديد يعني أن يشعر المرء بالرضا عن إنجازه. في الواقع، عندما يكون لديك وقت فراغ للتفكير، ستدرك أنك لم تتفكر قط في أي من كلمات الله في قلبك. لم تحتفظ بأي شيء، ولم تصبح الكلمات هي المرشد لحياتك والمعيار لممارستك. عندما تفكر في هذا ستشعر بالخزي. انشغالك ما هو سوى وهمٍ يخدعك. إنه يجعلك، نظرًا لإيمانك بالله، تشعر بأن حياتك مليئة وليست فارغة، وبأنك مختلف عن سكان العالم، وبأنك لا تتبع الأمور الرائجة في العالم. بل أنت من أكثر الناس عدلًا، فأنت تتعاون في عمل الله، وتقوم بأعمال عادلة. أنت تشعر بأنك مخلَّصٌ بالفعل، أو أنك قد انطلقت سلفًا في طريق الخلاص. يصل الأمر ببعض الناس إلى التفكير بأنهم غالبون بالفعل. وبالنظر إلى هذا كله، فإنكم تتبنّون حتى هذا النوع من المواقف تجاه ترنيمة بسيطة جدًا، وبضع كلمات بسيطة من كلمات الله، وهي أول ما عبر الله عنه. لم يربح أحد أي شيء أو يجد أي استنارة في هذه الكلمات، أو يطبقها من أي وجه. لا يمكنني رؤية أحد قد حصل على أي مكاسب أو نتائج لأنفسهم. هل هذا أمر جيد أم سيئ؟ (أمر سيئ). خلال هذه السنوات قمتم بواجباتكم بنشاط، وشغلتم أنفسكم بصورة خاصة بعمل الإنجيل. لقد حققتم بعض النجاح، ويراود قلوبكم جميعًا شعور رائع. بطريقة أو بأخرى، انتشرت كلمة الله وعمل الإنجيل، وتم إيصال كلمة الله إلى الناس في جميع الدول والمناطق، وغدا المزيد من الناس يأكلون كلمة الله ويشربونها. ظاهريًّا، يبدو أنك حققت النجاح، ولكن هل لديك أي فكرة عن ذلك الأمر العظيم في الحياة: خلاصك؟ بالنظر إلى الموقف الذي يتخذه الناس تجاه هذا المقطع من كلمة الله، ليس لديهم فكرة. وإذا استخدمنا تعبيرًا محليًّا، فإن جرّة القلم الأولى لم تتمّ. أخبروني، كيف هو شعوري وأنا أراكم على هذا النحو؟ إنما هي بضع كلمات بسيطة، غير أنني لا أزال بحاجة إلى أن أتوسع وأناقشها بالتفصيل معكم. كلامي شامل للغاية ومفرط في التفصيل. هل أنتم على استعداد للإصغاء؟ هل ستقولون إنني أبالغ في التذمّر؟ أنا لا أريد أن أتذمّر على هذا النحو أيضًا؛ فأنتم جميعًا تبدون مستقيمين، وتمتلكون جميعًا نصيبًا من العقل والمعرفة، ولدى معظمكم مهارة ما، ومع ذلك لا تولون أي اهتمام بالكلمات القليلة لهذه الترنيمة، ولم تضعوها في قلوبكم. وحتى الآن، لم يدخل أي شخص في واقع هذه الكلمات. في الواقع ذلك مصدر صداع وإزعاج! فما الجدوى إذًا من كل العمل الذي تقومون به في الكنيسة؟ هل هو لأجل الهدف الذي كان بولس يتكلم عنه عندما قال: "قَدْ جَاهَدْتُ ٱلْجِهَادَ ٱلْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ ٱلسَّعْيَ، حَفِظْتُ ٱلْإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ ٱلْبِرِّ؟" إن كان هذا هو الهدف فعلًا، فأنتم كلكم بولس، وما يتبع ذلك لا يمكن أن يكون جيدًا! (أجل). إن لم تجتهد في أكل كلام الله وشربه، فستُستبعَد عاجلًا أم آجلًا، ولن يُربحك الأمر شيئًا، وفي اليوم الذي تُستَبعد فيه ستقول: "ما الذي ربحته؟" لم تربح شيئًا، ولذلك فأنتم خجل تمامًا، حتى إنك تتمنى لو أنك كنت ميتًا. إنه لأمر مثيرٌ جدًّا للشفقة. فكلام الله غنيٌّ ووفير، ويتحدث عن جميع الأمور. من المؤسف أنك لم تضع قلبك أبدًا في السعي إليه، ولم تقرأ مطلقًا كلام الله بنية صادقة. من بين كلام الله الكثير كله، لا يحتل سطر واحد منه مكانًا في قلبك. إن لم تُستبعد، فمن يا تُرى قد يُستبعد؟ هل هذا هو حال الأشياء؟ (أجل). إنّ أكل كلام الله وشربه، وجعْل كلام الله ضمن واقعك: ذلك حدث كبير، وهو أهم من أيّ شيء آخر، وأهم من ولادة الجيل التالي، وأهم كذلك من القيام بواجب المرء، وأهم من اكتساب مهارة احترافية، وأهم من العمل على نشر الإنجيل، وأهم من كل شيء آخر. إن لم تكن قد دخلت في واقع كلمات الله، فمهما أديت من واجبات، ومهما قطعت من مسافات، فلن يكون لذلك كله أي قيمة. وفي النهاية، لن تحقق أي نتائج، ولن يسفر كل ما تفعله عن شيء. ومهما اجتهدت في الركض الآن، ومهما كان منصبك الحالي، أو العمل الذي تقوم به، أو أيًّا كانت الإنجازات الكبرى التي حققتها، فما هي سوى خيط من دخان يختفي في النهاية عن الأنظار. فقط عندما يدخل المرء في واقع كلام الله، ويحصل على الحق الذي يحويه، ويجد مبادئ الممارسة وسبلها واتجاهاتها في كلام الله، فلن يستطيع أحد أن يسلبه هذه الأشياء. ولن يكون لأدائه واجباته، والثمن الذي دفعه، معنى وقيمة إلّا بعد أن يدخل في وقائع الحق هذه، وعندها فقط سيقبله الله. وبعد أن تدخل في واقع كلمة الله وتمارس المبادئ والمعايير المطلوبة من كلمة الله في كل ما تفعله، عند ذلك لن يكون أداء واجبك عبثًا، وسيكون جزء منه مقبولًا من الله. هل تفهم؟ (أجل). أمّا إذا اعتمدت فقط على انضباط النفس، والمثابرة البشرية، والعقول والمواهب البشرية، وطرق الإنسان وأساليبه في تحمل المعاناة ودفع الثمن، فكل ما تفعله لا علاقة له بكلام الله. يجب أن يكون واضحًا لك ماذا ستكون النتيجة النهائية. بإمكان العديد من الناس أن يُحصوا حساباتهم الاقتصادية وحسابات التكلفة والعائد، ولكن لا أحد يحصي هذا الحساب. يبدو أنكم أذكياء تمامًا في التعامل مع الشؤون الخارجية، ولديكم وسائلكم وطرائقكم، وأنتم نبهاء، ولكنكم أهملتم أمر إيمانكم بالله وخلاصكم وأمر كيفية التعامل مع كلام الله، ولا تولون أي انتباه لهذه الأشياء. هل ظننتَ أنك بعدم الاهتمام يمكنك التهرب من القانون الذي يطلبه الله؟ وهل ظننتَ أنك بقليل من الجهد سيواتيك الحظ وتنجو من دينونة الله البارّة؟ لا تخدع نفسك! إن القوانين التي صنعها الإنسان كلها نتاج المعرفة والبصائر الإنسانية، وهي جميعًا تمثّل حذق الإنسان، وليست قوانين أنتجتها شخصية الله البارّة. لا تتبنَّ عقلية الحظ عندما يتعلق الأمر بخلاصك؛ إذ لا يمكنك أن تخدع سوى نفسك، ولا يمكنك أن تخدع الله.

ما أول شيء رائع يتعين عليك فعله في السعي إلى الخلاص؟ كُلْ كلام الله واشربْه حتى تفهم الحق وتدخل في الواقع. هذا أول شيء رائع. مهما كنتَ مشغولًا بأداء واجبك، ومهما تراكم لديك من عمل، فيجب رغم ذلك أن تخصص وقتًا تأكل كلام الله وتشربه فيه، لتجدَ فيه مبادئ ممارسة الحق وسبلها في كل الأشياء، ولتدخل في واقع الحق. هذا هو الهدف الوحيد للإيمان بالله. بمجرد أن دخلتَ في واقع الحق وحصلت على مبادئ الممارسة، فكلّ ما تفعله هو أداء مُرضٍ لواجبك، وسيغدو ذا قيمة ومعنى، وإلّا فإن كل ما تفعله إنما هو العمل، ولست تؤدّي واجبك، ولن يساعد هذا العمل على خلاصك. إذا لم تأكل كلام الله وتشربه، ولم تمارس كلام الله وتختبره، ولم تأخذ الدخول في واقع الحق على أنه شيء جدّيّ، وتقنع ببذل نفسك فحسب والقيام بالأشياء من دون الاهتمام بتطبيق الحق، ألن تكون بذلك أحمقَ؟ يظن الجميع أنهم أذكياء وموثوقون في عملهم. "بما أنني الآن هنا، فمن المؤكد أن هذا العمل سيُنفَّذ بإتقان. ما دمتُ هنا للمراقبة، فلن يزعج عملِ الكنيسة شيء. ما دمتُ لست خاملًا، وما دمت مستمرًا في القيام بواجبي في بيت الله، فسأنال الخلاص". لا تخدع نفسك؛ فالله لم يقل ذلك مطلقًا. ما دام المرء مستمرًّا في القيام بواجبه فسينال الخلاص. مصدر هذا خيال المرء وتفكيره القائم على التمني. إن الذين يقولون هذا لا يعرفون أنفسهم على الإطلاق، ولا يفهمون جوهر الحق فيما يتعلق بمدى عمق إفساد الشيطان للإنسان. ولهذا يمكنهم التحدث بمثل هذا الكلام السخيف. عبر كل العصور، ألم يكن أتباع الله جميعًا يقومون بواجباتهم؟ هل نالوا الخلاص؟ كلّا. هل هم مؤهلون لدخول ملكوت السماوات؟ كلّا. لقد فضح عمل الله في الدينونة في الأيام الأخيرة بوضوح عن حقيقة فساد الإنسان، وهذا يتيح للجميع الفهم، وتغيير المسار، وربح الحق، ودخول الواقع، مع التعرض لتغيرات حقيقية. هذا ما يطلبه الله من الإنسان. هل بإمكانك تحقيق تغيير حقيقي إذا ما ركزت فقط على أداء واجبك باستمرار؟ هل بإمكانك ربح الحق؟ هل يمكنك تحقيق الخضوع لله؟ ليس من فرصة. الأمر بالغ الأهمية هو وجوب سعي المرء إلى الحق، والخضوع لدينونة الله وتوبيخه، والحصول على الحق لكي يمتثل لمقاصد الله. من خلال قول هذه الكلمات، يدفع الله دم قلبه ثمنًا ويقدم حياته لأجل الإنسان. فإذا لم تقدِّرها، بل تجاهلتها واحتقرتها في قلبك على الدوام، دون أن تأخذ كلام الله أبدًا على محمل الجد، فهل يمكنك أن تحظى بالخلاص؟ هل يمكن أن تكون النتيجة النهائية جيدة بأية حال؟ أنت لا تحتاج حتى إلى التفكير فيها؟ ما أول شيء رائع عندما تؤمن بالله؟ هو أن تأكل كلام الله وتشربه لكي تفهم الحق، وبذلك تدخل في واقع الحق دون تأخير. ابدأ بالأشياء التي تحدث حولك، وبما يمكنك رؤيته والشعور به. استخدم كلمة الله لتتأمل في نفسك، واطلب الحق وحل جميع المشكلات، وحقق تغييرات حقيقية. إن لم تأكل كلمة الله وتشربها ولم تدخل في حقيقة كلمة الله، فإن فرصك في الخلاص معدومة. لقد تخليت تمامًا عن أي فرصة في الخلاص. بعد أن ينتهي عمل الله ستقول: "سابقًا أثناء عمل نشر إنجيل الله، قمت بدوري. سابقًا أثناء عمل نشر الإنجيل، دفعت الثمن وكرست وقتي وجهدي في هذه الخطوة المهمة وتلك". لكنك حتى ذلك اليوم، ما زلت لم تربح الحق، ولا يمكنك أن تأكل كلام الله وتشربه على نحو طبيعي، ولا أن تؤدي واجبك بصورة اعتيادية. في الأساس، لستَ شخصًا يخضع لله. عندها فقط ستعرف أنك قد تخليت بالفعل عن فرصتك في الخلاص. فهل فات الأوان بالفعل؟ ليس لديك أي فرصة؛ فقد وقعت بك الكارثة فعلًا، وكذلك أصبح موتك وشيكًا؛ ولذلك فإن هذه الفرصة للخلاص نادرة جدًّا، وعليك أن تقدّر كل يوم وكل دقيقة. ابدأ بالأشياء الصغيرة المحيطة بك أولًا، ثم انتقل تدريجيًا إلى مزيد من الأشياء وإلى أشياء أكبر. اطلب كلام الله واطلب الحق، وادخل في كلام الله وفي واقع الحق. عليك أن تكثر من الصلاة إلى الله في قلبك وأن تتقرب إليه. لا تدع قلبك ينشغل مطلقًا برغبات الجسد، وبأمور العالم الرائحة، وبأشياء شيطانية أخرى من هذا القبيل، بل دع كلام الله والحقّ يسيطران في قلبك، وسيبدأ قلبك بتقدير كلام الله. ما دام كلام الله والحق يشغلان مكانًا في قلبك ويقودان حياتك، فسيكون لحياتك هدف ونور يرشدانه، وسيعرف قلبك المتعة. إن فهمت ثلاثًا ثم خمسًا من كلمات الله، ثم عشر كلمات، ثم مئة كلمة، فستتجمع هذه الكلمات، وتدريجيًّا ستحتل هذه الكلمات قلبك شيئًا فشيئًا، وتقود أفكارك وتقود أعمالك وتقود حياتك. وشيئًا فشيئًا، ستدخل في واقع كلام الله، وستتمكن من استيعاب مزيدًا من مبادئ الحق، ولن تعود أفعالك تعتمد على إرادتك ورغباتك الفردية. وسوف تقل الشوائب التي تخالط أداءك لواجبك شيئًا فشيئا، وستتعامل مع الله على نحو متزايد بقلب مخلص، وسوف تتحول التعاليم التي تفهمها ببطء إلى واقع الحق، وبهذه الطريقة، سيكون هناك تغيير حقيقي في شخصتك الحياتية. ولن يعود أملك في الخلاص ضعيفًا أو خفيًّا، بل سيغدو ملموسًا وعظيمًا على نحو متزايد. وعندما تتمكن من رؤية هذا النور، فهذا هو الوقت الذي تبدؤون فيه بالفعل في ربح اهتمام بكلام الله واستثمار أمل كبير في أمر الخلاص. وفي وقت كهذا، سيسمح لكم الله تدريجيًا بفهم كلامه، ويُدخلكم في كلماته، ويحميكم من الوقوع في الإغواء وفي حبائل الشيطان ونفوذه المظلم، ويحميكم كذلك من التعقيدات والصراعات والأحقاد والنزاعات وغير ذلك. وبهذه الطريقة سيجعلك الله تحيا في النور وتحيا تحت إرشاد كلامه. هذه هي السعادة والبهجة والسلام. يبدأ تحقيق ذلك كله بتقدير كلام الله وممارسة كلام الله واختبارها من أجل فهم الحق. والواقع أن ذلك ليس بالصعب. إن استمعت كثيرًا إلى العظات، واستطعت ممارسة كلمات الله واختبارها، فسوف تتمكن تدريجيًّا من فهم الحق، وبهذه الطريقة، من خلال الانتقال التدريجي قليلًا في كل مرة، والتقدم خطوة بخطوة، لن تجد صعوبة في ذلك. والأمر الأساسي هو ما إذا كان المرء يحب الحق أم لا. إذا كنت تحب الحق، فإنك ستتمكن من خلال الإيمان بالله من الاهتمام بالأمور الصحيحة، والسعي من أجل الحق، والتركيز على قراءة كلام الله والتأمل فيه. تعلم التأمل في كلام الله، وقراءة كلام الله مصليًا، وعندئذ ستتمكن من فهم معنى كلام الله وستتمكن من اكتشاف طرق الممارسة في كلام الله، وستتمكن من فهم مقاصد الله، وستبدأ بفهم الحق. إذًا، تأمل في شخصيتك الفاسدة وتعرف عليها بناءً على فهمك للحق، وشرِّح جوهر شخصيتك الفاسدة، ثم استخدم الحق لمعالجتها. إن مارست ودخلت بهذه الطريقة، فستكون قادرًا على معرفة نفسك حقًّا، وسيكون من السهل التخلص من شخصيتك الفاسدة. سيبدأ الناس بالتغير دون حتى أن يدركوا، وذلك من خلال ربح المعرفة تدريجيًا وربح الاختبار تدريجيًا، والتمكن من فهم مقاصد الله والتخلص من الفساد تدريجيًا. هذه هي عملية الاختبار الحياتي. إن فهم الحق هو أهم الأمور. فما إن يفهم أحد الحق، سيعرف المعايير التي يطلب الله من الإنسان اتباعها، وسيعرف أيضًا لماذا يريد الله أن يقول هذا، والتأثير الذي يسعى لتحقيقه. وكذلك سيعرف أيضًا أن المعايير التي يتطلبها الله من الإنسان هي في الواقع قابلة جميعًا للتحقيق من قبل البشر. فهي جميعها أشياء يستطيع ضمير الإنسان وعقله تحقيقها. وهذه العمليات كلها مسألة دخول في الحياة. فدخول الحياة يتطلب منك الاجتهاد في أداء واجباتك، والسعي إلى الحق، والاجتهاد في ممارسة الحق، والصلاة إلى الله، والاتكال عليه لأداء واجباتك بإتقان. فمن خلال مثل هذا اختبار وممارسة، ستتحسن نتائجك تدريجيًا. والأشخاص الذين لا يحبون الحق لن يُبدوا اهتمامًا بمثل هذه الأشياء؛ فهم لا يشعرون بعبء ناحية دخول الحياة، ولا اهتمام لديهم بفعل ذلك؛ ولذلك على الرغم من أنهم قد آمنوا بالله سنين عديدة، فإنهم لا يستطيعون التحدث عن شهادتهم الاختبارية، والأشخاص الذين يحبون الحق ليسوا على هذه الشاكلة؛ إذ يمكنهم تدوين شهادات عن كل شيء اختبروه وكل فترة من فترات اختبارهم. إنهم يربحون حقًا من جميع اختباراتهم، حيث تتراكم هذه المكاسب عبر الأيام والشهور. وبعد عشرة أعوام أو عشرين عامًا سيكونون قد مروا بتغييرات كبرى، وفي ذلك الوقت يمكنهم تدوين شهاداتهم الاختبارية من دون جهد، وهم يرون أن عقد الشركة حول الحق ليس بالأمر الصعب، وهم يفعلون كل شيء على النحو اللائق من خلال أداء واجبهم.

هل أنتم أناسٌ يحبون الحق؟ هل لديكم قلوب بها توق شديد لله؟ هل لديكم قلوب مخلصة؟ من الصعب الإجابة، أليس كذلك؟ الواقع أن هذه النقطة واضحة لكم جميعًا في قلوبكم. وعندما تريدون أداء واجبكم بطريقة لا مبالية، وتودون أن تكونوا مراوغين أو متكاسلين، وأن تكونوا عنيدين ومتهورين، فهل تستطيعون إدراك هذا؟ هل بإمكانكم التمرد على الجسد؟ ما الاختيار الذي تتخذه؟ هل تختار ممارسة الحق أم رغبات الجسد؟ هل تختار الإيجابي أم السلبي؟ هل تختار المعاناة ودفع الثمن لكي تربح الحق، أم تختار مطاردة راحة الجسد؟ هذه هي الأسئلة التي ستستخدم في قياس ما إذا كان لديك قلب يحب الله ويخضع له حقًّا، وما إذا كنت تبذل نفسك بإخلاص لأجل الله. إن لم يكن لديك قلب مخلص لله، وكنت تحب فعل الأشياء بعناد وتهور، وكنت سعيدًا ما دمت راضيًا بينما تغضب وتعتريك نوبة غضب حين لا تكون راضيًا، وتريد التخلي عن واجبك عندما لا تسير الأمور على هواك، هل هذه هي الحالة الذهنية اللائقة؟ هل هذا هو ما يعنيه أن يكون لك قلب خاضع لله؟ وهل يمثّل هذا أداء واجبك بولاء؟ لماذا لا تمارس الحق؟ هل ذلك لأنك لا تفهم كلام الله؟ أم لأنك لا تحب الحق؟ يقول بعض الناس في أنفسهم: "كلام الله بسيط، لكن من الصعب تطبيقه. يطلب بيت الله من الناس دائمًا ممارسة الحق، لكن هذا صعب على الناس، ويسبب لهم كثيرًا من المشكلات. إن لم يكن قلبي مرتاحًا، فلا أمارس الحق. ما دامت الكنيسة لا تُخرجني أو تستبعدني، فسأختار أن أكون حرًّا ومسترخيًا وأن أفعل ما أريد". هل هذا شخص يؤمن حقًّا بالله؟ أليس هذا شخصًا عديم الإيمان؟ هذا هو الموقف الذي يتخذه عديمو الإيمان عند أداء واجباتهم. وبما أنهم لا يقبلون الحق، فهم يحبون الحرية والفسق، ويحبون اللا مبالاة. وبغض النظر عن كيفية تهذيبهم، فلا فائدة من ذلك؛ إذ لا تسمع آذانهم شيئًا من الشركة حول الحق. لا شيء يمكن فعله سوى استبعادهم وطردهم. وبما أنهم لا يقبلون الحق، لكنهم بدلًا من هذا مناوئون للحق، وهم غير مؤمنين، فلن يخلّصهم الله. أما الأشخاص الذين يحبون الحق، حتى عندما تنكشف شخصيتهم الفاسدة، فيمكنهم قبول تهذيبهم، ويمكنهم طلب الحق، والتأمل في أنفسهم، والتوصل إلى معرفة أنفسهم، ويمكنهم معرفة التوبة. هؤلاء هم الذين يريد الله أن يخلصهم. عندما لا يحب شخص الحق، يصعب عليه قبول الحق. ما الخطر الأكبر لهذا العجز عن قبول الحق؟ هو خيانة الله؛ فالذين لا يحبون الحق هم الأشد عرضةً لأن يخونوا الله، وقد يخونون الله في أي مكان أو زمان. وبإمكانهم خيانة الله عندما لا يسير أمر ثانوي بما يوافق هواهم. يمكن أن يخونوا الله لأنهم لا يستطيعون قبول تهذيبهم مرة واحدة، وعندما تواجههم كارثة فإنهم على الأرجح سيتذمرون ويخونون الله. ومهما يكن، فإن الذين لا يحبون الحق أو يقبلونه هم في خطر بالغ. فإمكانية أن ينال أحد الخلاص تتوقف على مدى حبه للحق والأمور الإيجابية، وكذلك على ما إذا كان يقبل الحق ويمارس الحق. استخدم متطلبات الحق لتقيس قامتك الحقيقية، وتميز نفسك، وتعرف حقيقة فسادك، وتدرك واقع طبيعتك. من ناحية، يساعدك التمييز هذا على معرفة نفسك والقدرة على نيل التوبة الحقة. ومن ناحية أخرى، يسمح لك بمعرفة الله وفهم مقاصده. العجز عن قبول الحق أحد مظاهر عصيان الله ومقاومته، والفهم الواضح لهذه المشكلة سيساعدك على سلوك طريق الخلاص. عندما يحب المرء الحق بصدق يمكنه أن يحظى بقلب به رغبة عارمة في الله، ويحظى بقلب مخلص، وبدافع لممارسة الحق والخضوع لله. وبامتلاكه القوة الحقيقية يتمكن من أن يدفع الثمن، ويكرس طاقته ووقته، ويتخلى عن منافعه الشخصية ويتخلى عن كل تعقيدات الجسد، مفسحًا الطريق لممارسة كلام الله وممارسة الحق وللدخول في واقع كلمة الله. وإن استطعت، من أجل دخول واقع كلمة الله، تخليت عن مفاهيمك وتخليت عن منافع جسدك وسمعتك ومكانتك وشهرتك ومتعتك الجسدية، إن استطعت التخلي عن كل هذا، فستدخل إذًا في واقع الحق تدريجيًا ومهما كانت لديك من مصاعب ومتاعب فلن تعود لديك أية مشكلات؛ إذ ستنحل بسهولة، وستدخل بسهولة في واقع كلام الله. إن دخول واقع الحق والقلب المخلص الذي به رغبة كبيرة في الله هما شرطان لا غنى عنهما. إن امتلكتَ قلبًا مخلصًا ولكنك جبان دائمًا، وتفتقر إلى الرغبة الكبيرة في الله، وتتراجع خائفًا عند مواجهة الصعاب، فذلك لا يكفي. وإن امتلك قلبك رغبة كبيرة في الله فحسب، وكنت متهورًا قليلًا، ولديك هذا التوق فقط، ولكنك تفتقر إلى القلب المخلص عندما تحدث لك أشياء، وتتراجع خائفًا، وتختار مصالحك الخاصة، فهذا أيضًا لا يكفي. أنت بحاجة إلى قلب مخلص وقلب به رغبة كبيرة في الله على حد سواء. فمستوى إخلاص قلبك وقوة رغبتك الكبيرة في الله يحددان قوة الدافع لديك لممارسة الحق. إن كنت لا تمتلك قلبًا مخلصًا وقلبك ليس به رغبة كبيرة في الله فلن تستطيع فهم كلام الله، ولن يكون لديك الدافع لممارسة الحق؛ وبذلك لا يمكنك الدخول في واقع الحق، وسيكون من الصعب عليك الحصول على الخلاص.

لا يعرف كثير من الناس بوضوح معنى أن ينالوا الخلاص؛ فبعضهم يعتقدون أنهم إذا آمن بالله مدة طويلة، فسينال الخلاص على الأرجح، بينما يعتقد البعض الآخر أنهم يفهمون كثيرًا من التعاليم الروحية، فمن المرجح إذًا أن ينالوا الخلاص، أو يعتقد البعض أن القادة والعاملين سيَخلُصون بالتأكيد. كل هذه مفاهيم وتخيلات بشرية. الأمر الأساسي هو أنه يتعين على الناس أن يفهموا ما معنى الخلاص. يعني الخلاص في الأساس التحرر من الخطيئة ومن تأثير الشيطان، والتحرر من الخطية، والتوجه بإخلاص إلى الله وطاعته. ماذا يجب عليك أن تمتلك حتى تتحرر من الخطية ومن تأثير الشيطان؟ الحق. إذا كان الناس يأملون في ربح الحق، فيجب أن يكونوا مجهزين بالكثير من كلام الله، وأن يكونوا قادرين على اختباره وممارسته، حتى يتمكنوا من فهم الحق ويدخلوا واقع الحق. وعندها فقط يمكنهم نيل الخلاص. وسواء كان يمكن للمرء أن يَخلُصَ أم لا، فلا علاقة لذلك بطول المدة التي آمن خلالها بالله، أو مقدار المعرفة التي يمتلكها، أو ما إذا كان يمتلك مواهب أو نقاط قوة، أو مقدار معاناته. الشيء الوحيد الذي له علاقة مباشرة بالخلاص هو ما إذا كان الشخص يمكنه اكتساب الحق أم لا. إذن، كم فهمت اليوم من الحقِّ بالفعل؟ وكم عدد كلمات الله التي صارت حياتك؟ في أيّ متطلَّبٍ من بين جميع متطلبات الله حققتَ الدخول؟ خلال سنوات إيمانك بالله، ما مقدار دخولك إلى حقيقة كلمة الله؟ إذا كنت لا تعرف، أو إذا لم تكن قد حققت الدخول في حقيقة أيٍّ من كلمات الله، فبصراحة، ليس لديك رجاء في الخلاص. خلاصك يُعد مستحيلاً. لا يهم ما إذا كنت تمتلك درجة عالية من المعرفة، أو إذا كنت تؤمن بالله لفترة طويلة، أو تتمتع بمظهر جيد، أو يمكنك التحدث بشكل جيد، وكنت قائداً أو عاملاً لعدة سنوات. إذا كنت لا تطلب الحق، ولا تمارس كلام الله وتجربته بشكل صحيح، وتفتقر إلى الخبرة الحقيقية والشهادة، فلا أمل لك في الخلاص. أنا لا يهمني كيف تبدو، وكم تملك من المعرفة العلمية، وكم عانيت، أو كم من الثمن قد دفعت. أقول لك ما يلي: ما لم تقبل الحق وما لم تدخل أبدًا في واقع كلام الله، فلا يمكنك أن تنال الخلاص. هذا مؤكد. إن أخبرتني ما مدى دخولك في واقع كلام الله فسأخبرك مقدار رجائك في الخلاص. والآن بعد أن أخبرتكم عن معايير قياس هذا الأمر، ينبغي أن تكون لديكم القدرة على قياسه بأنفسكم. ما الحقيقة التي تخبركم بها هذه الكلمات؟ استخدم الله الكلام ليخلق العالم، كما استخدم الكلام لإنجاز جميع أنواع الحقائق، وإنجاز الحقائق التي رغب الله في تنفيذها، وكذلك استخدم الكلام لتنفيذ مرحلتين من عمله. واليوم، ينفذ الله المرحلة الثالثة من عمله، وفي هذه المرحلة من العمل، تحدّث الله بكلمات أكثر مما تحدث به في أي مرحلة أخرى. هذا هو الوقت الذي تحدث الله فيه أكثر من أي وقت آخر في عمله على مدار تاريخ البشرية. إن كون الله قد تمكن من استخدام كلامه لخلق العالم، ولإنجاز كل الحقائق، وجلب كل الحقائق إلى الوجود من العدم، وتحويل الوجود إلى العدم – هذا هو سلطان كلام الله، وفي النهاية سيستخدم الله أيضًا الكلام لإنجاز حقيقة خلاص البشرية. واليوم يمكنكم جميعًا رؤية هذه الحقيقة، ففي أثناء الأيام الأخيرة لم يقم الله بأي عمل لا يرتبط بكلامه؛ إذ تكلم طوال الوقت، واستخدم الكلام طوال الوقت لإرشاد الإنسان إلى اليوم. بالطبع، استخدم الله الكلام أيضًا أثناء حديثه لحفظ علاقته مع الذين اتبعوه، واستخدمه لإرشادهم، ويتسم هذا الكلام بأهمية عظمى لأولئك الراغبين في الخلاص، أو الذين يرغب الله في خلاصهم، وسوف يستخدم الله هذا الكلام لإنجاز حقيقة خلاص البشرية. ومن الواضح أنه سواء تم النظر إلى هذه الكلمات من حيث محتواها أو عددها، وبغض النظر عن نوعيَّة هذه الكلمات وأي جزء تشكله من كلام الله، فإنها ذات أهمية قصوى لكل واحد من الراغبين في الخلاص. إذ يستخدم الله هذه الكلمات لتحقيق النتيجة النهائية لخطة تدبيره الممتدة لستة آلاف سنة. إنها كلمات ذات أهمية قصوى للبشرية، سواء للبشرية في هذه الأيام أو في المستقبل. فهي فِكر الله والقصد والدلالة العميقة لكلامه. فما الذي يتعين على البشرية فعله إذًا؟ على البشرية أن تتعاون في كلام الله وعمله، وألّا تتجاهله. ولكن طريقة إيمان بعض الناس بالله ليست هكذا: مهما يكن ما قاله الله، فهو كما لو أن كلامه لا يمت إليهم بصلة. فهم لا يزالون يسعون إلى ما يريدون السعي إليه، ويفعلون ما يريدون فعله، ولا يطلبون الحق بحسب كلام الله. ليس هذا اختبارًا لعمل الله. ثمة آخرون لا يلقون بالًا مهما كان ما يقوله الله، ولديهم يقين وحيد في قلوبهم: "سأفعل كل ما يطلبه الله؛ فإن أمرني الله بأن أذهب غربًا سأذهب غربًا، وإن أمرني بأن أذهب شرقًا سأذهب شرقًا، وإن أمرني بأن أموت سأدعه يراني أموت". ولكنَّ هناك أمرًا واحدًا فقط: إنهم لا يستوعبون كلام الله؛ إذ يقولون في أنفسهم: "يوجد عدد كبير جدًا من كلمات الله، وينبغي أن تكون أكثر مباشرة نوعًا ما، وينبغي أن تقول لي بالضبط ما ذا أفعل، فأنا قادر على طاعة الله في قلبي". مهما يكن عدد الكلمات التي يتكلم بها الله، فإن أناسًا كهؤلاء يبقون في نهاية المطاف عاجزين عن فهم الحق، ولا يستطيعون التحدث عن اختباراتهم ومعرفتهم؛ فهم أشبه بشخص من عامة الناس لا يفقه شيئًا من الأمور الروحية. هل تظن أن أناسًا كهؤلاء محبوبون من الله؟ هل يرغب الله في أن يكون رحيمًا بأمثال هؤلاء الأشخاص؟ (كلّا). من المؤكد أنه لا يرغب في ذلك؛ فالله لا يحب أمثال هؤلاء الناس. يقول الله: "لقد تحدثت بآلاف لا تعد ولا تحصى من الكلمات. فكيف بك – كشخص أعمى أو أصم – لم ترها ولم تسمعها؟ ما الذي تفكر فيه بالضبط في قلبك؟ أرى أنك لست أكثر من شخص مهووس بالجري وراء البركات والغاية الجميلة: إنك تسعى وراء الأهداف نفسها التي سعى إليها بولس. إن لم تشأ أن تستمع إلى كلامي، ولم ترغب في اتباع سبيلي، فلماذا تؤمن بالله إذًا؟ أنت لا تسعى وراء الخلاص، بل تسعى وراء الغاية الجميلة والرغبة في البركات. وبما أن هذا هو ما تخطط له، فإن أنسب شيء لك هو أن تكون عامل خدمة". والواقع أن كون المرء عامل خدمة مخلصًا هو أيضًا أحد مظاهر الطاعة لله، ولكن هذا هو المعيار الأدنى. ويعتبر البقاء عامل خدمة مخلصًا أفضل كثيرًا من الانغماس في الهلاك والدمار مثل غير المؤمن؛ ذلك أن بيت الله بصورة خاصة يحتاج إلى عاملي خدمة، وتعد القدرة على القيام بالخدمة أيضًا بمثابة بركة. وهذا أفضل كثيرًا – أفضل بدرجة لا مثيل لها – من كون الأشخاص أذنابًا لملوك الشياطين. لكن القيام بالخدمة لله ليس مرضيًا تمامًا لله؛ لأن عمل دينونة الله يهدف إلى خلاص الناس وتطهيرهم وتكميلهم. إن رضي الناس بمجرد أداء الخدمة لله فهذا ليس الهدف الذي يرغب الله في تحقيقه من خلال عمله في الناس، ولا النتيجة التي يرغب الله في رؤيتها. ولكن الناس تضطرم فيهم الرغبة؛ فهم حمقى وعميان: سحرتهم بعض المنافع التافهة واستنزفتهم، وصاروا يَعزِفون عن كلمات الحياة النفيسة التي نطق بها الله؛ إذ لا يمكنهم حتى معاملتها بجدية، فضلًا عن أن يقدّروها حقّ قدرها. وبالنسبة إلى عدم قراءة كلام الله أو عدم إعزاز الحق: هل هذا عمل ذكيّ أم غبيّ؟ هل بإمكان الناس تحقيق الخلاص بهذه الطريقة؟ على الناس فهم هذا كله. فلا رجاء لهم في الخلاص إلّا إذا تخلَّوا عن مفاهيمهم وتصوراتهم وركزوا على السعي إلى الحق.

يسأل بعض الناس: "يتطلب كلام الله من الإنسان أن يتخذ موقف كائن مخلوق، ويؤدي واجبه كمخلوق. لسنا مطالبين بأن يكون أحدنا إنسانًا خارقًا أو إنسانًا عظيمًا، لكنني أشعر دائمًا بمثل هذه الطموحات والرغبات. أنا لست راضيًا بأن أكون شخصًا عاديًّا. ما الذي ينبغي أن أفعل إذًا؟" هذه المشكلة بسيطة للغاية. لِمَ لا ترغب أن تكون شخصًا عاديًّا؟ إن سبرت أوّلًا أصل هذا السؤال فسوف تُحَلّ مشكلتك بسهولة. يتطلب الله أن يكون الإنسان صادقًا. هذا أهمّ الأمور من حيث المغزى. إن فهمتَ حقيقة من يفترَض أن يكون شخصًا صادقًا، فستعرف أن كون المرء صادقًا يعني أن يكون شخصًا يتمتع بإنسانية طبيعية، أي إنسانًا حقيقيًّا. ماهي العلامات الظاهرة للشخص الصادق؟ كون المرء شخصًا صادقًا يعني أن يكون إنسانًا طبيعيًا. ما الغرائز الطبيعية والأفكار والعقل لدى الناس الطبيعيين؟ كيف تبدو كلمات الأشخاص الطبيعيين وأفعالهم؟ بإمكان الشخص الطبيعي أن يتكلم من قلبه، وسيقول كل ما في قلبه بدون أي كذب أو خداع. إن استطاع فهم أمرٍ واجهه فسيتصرف وفقًا لضميره وعقله، وإن لم يستطع إدراكه بوضوح فسيقترف الأخطاء ويُخفق، وستساوره الشبهات والمفاهيم وتصوراته الشخصية، وستعميه الأوهام أمام ناظريه. هذه هي العلامات الخارجية للإنسانية الطبيعية. هل تفي هذه العلامات الخارجية للإنسانية الطبيعية بمتطلبات الله؟ كلا؛ فليس بإمكان الناس تلبية متطلبات الله إن لم يكونوا يمتلكون الحق. وهذه العلامات الخارجية للإنسانية الطبيعية هي مقتنيات شخص عادي فاسد. هذه هي الأشياء التي يولد الإنسان بها والأمور الأصيلة فيه. عليك أن تسمح لنفسك بإظهار هذه العلامات والمظاهر الخارجية. وبينما تسمح لنفسك بإظهار هذه العلامات والمظاهر الخارجية، عليك أن تفهم أنه هكذا تكون غرائز الإنسان الطبيعية ومقدرته وطبيعته الفطرية. ما الذي يتعين عليك فعله بمجرد أن تفهم هذا؟ عليك أن تنظر إلى الأمر نظرة صحيحة. ولكن كيف تضع هذه النظرة الصحيحة موضع التطبيق؟ يتم هذا من خلال قراءة المزيد من كلمات الله، إضافةً إلى تجهيز نفسك بالحق، وإحضار الأشياء التي لا تفهمها، والأشياء التي تساورك مفاهيم حولها، والأشياء التي قد تُصدر في أغلب الأحيان بسببها أحكامًا خاطئة على الله للتأمل فيها وطلب الحق لكي تحل جميع مشكلاتك. إن اختبرت مثل هذا لفترة من الزمن، فلا يهم إن أخفقت وتعثرت بضع مرات. أهم شيء هو أن باستطاعتك أن ترى بوضوح هذه الأشياء في كلام الله، وتعرف كيف تتصرَّف وفقًا للمبادئ ولمشيئة الله. وهذا يدل على أنك قد تعلمتَ درسًا. وبعد المرور بعدة سنوات من الإخفاقات والتعثرات، إن فهمت بوضوح جوهر الإنسان الفاسد، ورأيت أصل الظلمة والشر في العالم، وميّزتَ الأنواع المختلفة من الناس والأحداث والأشياء، فسيكون عندئذ بإمكانك التصرف وفقًا لمبادئ الحق. وبما أنك لستَ إنسانًا خارقًا ولا رجلًا عظيمًا، فلا يمكنك النفاذ إلى جميع الأشياء وفهمها. كما يستحيل عليك إدراك حقيقة العالم بلمحة، ولا إدراك حقيقة البشرية بنظرة، ولا فَهم حقيقة كل ما يجري حولك بلمحة. أنت شخص عادي. ينبغي أن تمر بإخفاقات كثيرة، وبفترات عديدة من الحيرة، وبأخطاء كثيرة في إصدار الأحكام، وبانحرافات عديدة. هذا يمكن أن يكشف تمامًا عن شخصيتك الفاسدة، ونقاط ضعفك وأوجه قصورك، وجهلك وحماقتك، مما يتيح لك إعادة فحص نفسك ومعرفتها، ومعرفة قدرة الله المطْلقة وحكمته الكاملة، وشخصيته. سوف تربح منه أشياء إيجابية، وسوف تفهم الحق وتدخل إلى الواقع. سوف ينطوي اختبارك على الكثير مما لا يسير وفقًا لرغبتك، ومما ستشعر معه بالعجز. في ظل هذه الأمور، ينبغي أن تسعى وتنتظر؛ ينبغي أن تربح إجابة من الله لكل مسألة، وأن تفهم من كلامه الجوهر الأساسي لكل مسألة، وجوهر كل نوع من الأشخاص. هذه هي الطريقة التي يتصرف بها الشخص العادي الطبيعي. يجب أن تتعلم قول: "لا أستطيع" و"إنه فوق طاقتي" و"لا يمكنني النفاذ إليه" و"لم أختبره" و"لا أعلم شيئًا على الإطلاق" و"لمَ أنا ضعيف إلى هذه الدرجة؟" و"لماذا لا أصلحُ لشيء؟" و"أنا بهذا المستوى من المقدرة الضعيفة" و"أنا بليد الإحساس وبطيء الفهم" و"أنا شديد الجهل حتى إنه سيستغرق الأمر معي عدة أيام قبل أن أتمكن من فهم هذا الشيء والاهتمام به" و"أحتاج إلى مناقشة هذا مع شخص ما". عليك تعلُّم الممارسة على هذا النحو. هذه علامة ظاهرية على اعترافك بأنك إنسان طبيعي وعلى رغبتك في أن تكون إنسانًا طبيعيًا. فأولئك الذين يعتبرون أنفسهم بأنهم العظماء والقديرون، ويظنون أنهم غير عاديين بل متفوقين وخارقين، لا يقولون: "لا أستطيع" و"إنه فوق طاقتي" و"لا يمكنني النفاذ إليه" و"لا أعرف، عليّ أن أتعلم، وعليّ أن أبحث عنه، وعليّ أن أجد أناسًا أعقد شركة معهم، وعليّ أن أسأل الأعلى". إنهم لا يقولون مثل هذه الكلمات مطلقًا؛ ولا سيّما بعد أن يحظى امرؤ كهذا بمكانة، فإنه لا يريد أن يعتقد الناس أنه شخص عاديّ، وأنه، مثل أي شخص آخر، توجد أمور لا يستطيع إدراكها، وأمور لا يستطيع فهمها. بل يريد دومًا أن يظنّوا خطأً أنه إنسان خارق. ولذلك عندما تحدث معه أمور، لا يحتاج إلى أن يستحضر مثل هذه الأمور أمام الله كثيرًا، وأن يقدم له قلبًا صادقًا، كما لا يحتاج إلى السعي؛ فهو يفهم ويتعلم ويدرك حقيقة كل شيء يحدث معه في غضون دقائق، ولا يعاني أي فساد أو ضعف، وليس ثمة شيء لا يستطيع إدراك حقيقته أو لم يختبره. وحتى إن وُجد شيء لم يختبره بعد فسيدركه بلمحة. إنه ببساطة إنسان خارق تمامًا. هل هذا مظهر لإنسانية طبيعية؟ (كلّا). إذًا، هل هو شخص طبيعيّ؟ حتمًا لا. فشخص من هذا النوع لا يعترف بأنه شخص عادي، وأن لديه مواطن ضعف وعيوبًا وشخصية فاسدة. فهل بإمكانه إذًا أن يَمثل أمام الله في أغلب الأحوال بقلب صادق لكي يطلب ويصلي؟ حتمًا لا. يدل هذا على أنه حتى الآن يفتقر إلى ضمير الإنسانية الطبيعية ومنطقها، ولا يعيش بحسب الإنسانية الطبيعية.

قولوا لي كيف يمكنكم أن تكونوا أناسًا عاديين وطبيعيين؟ كيف يمكن للناس، كما يقول الله، أن يأخذوا المكان المناسب لكائن مخلوق - كيف لا يمكنك أن تحاول أن تكون إنسانًا خارقًا، أو شخصية عظيمة؟ كيف لك أن تمارس لتكون شخصًا عاديًّا وطبيعيًّا؟ كيف يمكن فعل ذلك؟ من سيجيب؟ (قبل كل شيء، علينا أن نقرّ بأننا أشخاص طبيعيون وعاديون جدًا. توجد أمور كثيرة لا نفهمها ولا نستوعبها ولا ندرك حقيقتها. علينا أن نعترف بأننا فاسدون ولدينا عيوب، ومن ثمّ ينبغي أن يكون لدينا قلب مخلص ونَمثل كثيرًا أمام الله لكي نطلب). أولًا، لا تمنح نفسك لقبًا وتصبح مكبلًا به. قائلًا: "أنا القائد، أنا رئيس الفريق، أنا المشرف، لا أحد يعرف هذا العمل أفضل مني، لا أحد يفهم المهارات أكثر مني". لا تنشغل باللقب الذي اخترته لنفسك. فبمجرد قيامك بذلك، ستقيد يديك وقدميك، وسيتأثر ما تقوله وتفعله؛ كما سيتأثر تفكيرك العادي وحكمك على الأمور. لهذا يجب أن تحرر نفسك من أغلال هذه المكانة؛ أنزل نفسك أولًا من هذا اللقب والمنصب الرسمي، وضع نفسك في موضع شخص عادي. إذا قمت بذلك، فستصبح عقليتك طبيعية نوعًا ما. يجب أيضًا أن تعترف وتقول: "لا أعرف كيف أفعل هذا، ولا أفهم ذلك أيضًا – سأضطر إلى إجراء بعض البحث والدراسة" أو "لم أجرب هذا مطلقًا، لذلك لا أعرف ماذا أفعل". عندما تكون قادرًا على قول ما تفكر فيه حقًّا وتتحدث بصدق، ستتمتع بإحساس طبيعي. سيعرف الآخرون حقيقتك، وبالتالي ستصير لديهم نظرة طبيعية تجاهك، ولن تضطر إلى التظاهر، ولن يكون هناك أي ضغط كبير عليك، وبالتالي ستكون قادرًا على التواصل مع الناس بشكل طبيعي. العيش بهذه الطريقة حرٌّ وسهل؛ وكل من يجد الحياة مرهقة قد تسبب في ذلك بنفسه. لا تتظاهر أو ترتدِ قناعًا. انفتح أولًا حول ما تفكر فيه في قلبك، حول أفكارك الحقيقية، حتى يكون الجميع على دراية بها ويفهمها. نتيجة لذلك، ستتخلص من مخاوفك والحواجز والشكوك بينك وبين الآخرين. كذلك تتعثّر أنت بسبب شيء آخر؛ إذْ تعتبر نفسك دائمًا رئيسًا للفريق أو قائدًا أو عاملًا أو شخصًا له لقب ومكانة ومركز: إذا قلت إنك لا تفهم شيئًا ما، أو لا تستطيع أن تقوم بأمرٍ ما، ألستَ تشوه سمعتك؟ عندما تضع هذه القيود الموجودة في قلبك جانبًا، وعندما تتوقف عن التفكير في نفسك كقائد أو عامل، وعن الاعتقاد بأنك أفضل من الآخرين، وتشعر بأنك شخص عادي كأي شخص آخر، وأن هناك بعض المجالات التي تكون فيها أقل شأنًا من الآخرين - عندما تشارك الحق والمسائل المتعلقة بالعمل بهذا السلوك، يصبح التأثير مختلفًا، وكذلك الأجواء. إذا كانت في قلبك مخاوف دائمًا، إذا كنت تشعر دائمًا بالتوتر والعجز، وإذا كنت تريد التخلص من هذه الأشياء ولكنك لا تستطيع، فينبغي أن تصلي بجدّيّة إلى الله، وتتأمل في نفسك، وترى عيوبك، وتسعى نحو الحق. إن وضعت الحق موضع التطبيق فستحظى بنتائج. مهما فعلت، لا تتحدث أو تتصرف من منصبٍ معين أو تستخدم لقبًا معينًا. أولًا، نحِّ كل هذا جانبًا، وضع نفسك في موضع الشخص العادي. عندما يقول امرؤ: "ألستَ القائد؟ ألست مسؤولًا عن الفريق؟ عليك أن تفهم هذا"، تقول أنت في ردّك: "أين ورد في كلمة الله أنك، إن كنت قائدًا أو قائد فريق، يمكنك أن تفهم كل شيء؟ لا أفهم هذا. لا تستخدم عينيك لتحكم عليّ؛ فأنت تبالغ في متطلباتك. صحيح أنني قائد، ولكن فهمي للحق لا يزال ضحلًا جدًّا، ولا أعلم ما القرار الواجب اتخاذه؛ لأنني لم أختبر هذا الشيء، وما زلت لا أدركه. أحتاج إلى أن أصلي وأسعى. لقد قال الله: "لا تتعجل حلولًا لما لا تفهمه". أنت تريدني دائمًا أن أفهم الآن حالاً وأتخذ قرارًا في هذه اللحظة. ماذا لو اتخذتُ القرار الخطأ؟ من سيكون مسؤولًا عن ذلك؟ هل أنت قادر على تحمل المسؤولية؟ هل تريدني أن أرتكب خطأً؟ وبفعل ذلك، هل أنت مسؤول عني؟ علينا أن نعمل معًا، ونصلي ونسعى معًا، وأن نحسن التعامل مع هذا الأمر". هل يمكنك فعل هذا؟ هل من السهل فعل هذا؟ إن استطعت التحدث إلى الآخرين من قلبك فيمكنك عندئذ القول: "في الواقع، قامتي ضئيلة للغاية أيضًا. ما لم أسعَ وأصلِّ، فيمكنني أن أرتكب خطأً في أي وقت. أحيانًا، لا يسعني إلّا أن أرتكب أخطاءً. كم كان حجم قامتي في رأيك؟ لقد بالغتَ في إحسان الظنّ بي". عندما يسمع الشخص الآخَر ما تقول، سيشعر في قلبه أنك امرؤ في غاية الصدق، ويمكنك أن تتحدث من القلب. عندئذ لن يطلب منك كثيرًا جدًّا، بل يعمل معك بدلًا من ذلك. إن طبقتَ هذا فستغدو أكثر عقلانيةً في الأشياء التي تفعلها، ولن تقيدك وتربطك الشهرة والربح والمكانة، وسينعَم قلبك بالحرية، وستكون قادرًا على الحديث والتصرف بقلب منفتح، وعلى التعاون بانسجام مع الآخرين، ومعاملة الإخوة والأخوات بشكل صحيح. في هذا الوقت، ستصبح حالتك طبيعية على نحو متزايد، وستصبح أفعالك أكثر فأكثر عقلانية. سيكون بإمكان الجميع رؤية هذا والقول: "لقد تغير هذا القائد حقًّا؛ فهو يمتلك في الحقيقة ضميرًا وعقلًا، وقد عاش بحسب الإنسانية الطبيعية. بوجود مثل هذا الشخص قائدًا علينا، نربح أيضًا كثيرًا من المنافع!" في هذا الوقت، عندما تشارك في العمل من جديد، سواء كان سعيًا أم صلاةً أم ذهابًا إلى آخرين من أجل الشركة، فإن ما تفعله صواب ومناسب، ولن تتعرض لأي شكوك. إنك تتقدم بقوة وثبات في كل ما تفعله، ولا تقلقُ بشأن إيجاد حلول، وإنما تدع الأمور تجري حتى النهاية. ومهما واجهت فبإمكانك إحضاره بين يدي الله وتقديم قلبك المخلص. هذا مبدأ تستطيع ممارسته في كل الأمور. فالجميع، سواء كانوا قادة وعاملين أم إخوة وأخوات، هم أشخاص عاديون. عليهم جميعًا أن يطبقوا هذا المبدأ. لكل واحد نصيبٌ في ممارسة كلمة الله ومسؤوليةٌ عنها. قد تكون قائدًا، أو عاملًا، أو رئيس فريق، أو شخصًا مسؤولًا، أو شخصًا ينظر إليك باقي أفراد المجموعة بتقدير. وبغض النظر عمّن تكون، عليك أن تمارس بهذه الطريقة. انزع الهالة واللقب اللذين ترتديهما على رأسك، واخلع الأكاليل التي أضفاها عليك الآخرون، وستجد بعد ذلك أن من السهل أن تصبح شخصًا عاديًّا، وستتصرف بسهولة استنادًا إلى الضمير والعقل. وبعد ذلك، بطبيعة الحال، لا يكفي أن تُقرّ ببساطة بأنك لا تفهم ولا تعلم؛ فليس هذا هو الحل النهائي الذي يحل المشكلة. ما الحل النهائي؟ أحضر الأمور والصعوبات أمام الله لكي تصلي وتطلب. ليس كافيًا أن يصلي شخص ما بمفرده، بل عليك أن تقدم الصلوات بشأن هذا الأمر بمعية الجميع وأن تحمل على عاتقك هذه المسؤولية والالتزام. تلك طريقة رائعة لفعل الأشياء! سوف تتجنب سلوك مسار المحاولة لأن تكون شخصية عظيمة أو شخصًا خارقًا. إن استطعت فعل ذلك، فسوف تتولى لا شعوريًّا المكان اللائق بالمخلوق وتتحرر من أغلال الطموح والرغبة في أن تكون شخصًا خارقًا وشخصية عظيمة.

الوقوف في المكان اللائق بالمخلوق وأن تكون شخصًا عاديًا: هل هذا أمر يسهل فعله؟ (ليس سهلًا). أين تكمن الصعوبة؟ هي ما يلي: يشعر الناس دائمًا بأن رؤوسهم تعلوها هالات وألقاب كثيرة، ويمنحون أنفسهم هوية شخصيات عظيمة وأشخاص خارقين ومكانتهم، وينخرطون في تلك الممارسات والعروض الخارجية المصطنعة والزائفة. إن لم تتخلّ عن هذه الأشياء، وإن كانت تقيّد هذه الأشياء وتسيطر على كلماتك وأفعالك، فسوف تجد صعوبة في الدخول إلى حقيقة كلمة الله. سيكون من الصعب التوقف عن القلق بشأن الحلول لأشياء لا تفهمها، وإحضار هذه الأمور أمام الله أكثر، وتقديم قلب مخلص له. لن يكون باستطاعتك فعل ذلك؛ والسبب بالضبط هو أن مكانتك وألقابك وهويتك، وكل هذه الأشياء جميعها زائف وغير حقيقي؛ لأنها تتناقض وتتباين مع كلام الله، فهذه الأشياء تقيدك بحيث لا يمكنك المثول أمام الله؛ ما الذي تعود به هذه الأشياء عليك؟ إنها تكسبك المهارة في تمويه نفسك، والتظاهر بالفهم، والتظاهر بالذكاء، والتظاهر بأنك شخصية عظيمة وبأنك من المشاهير، والتظاهر لأنك قادر، والتظاهر بالحكمة، وحتى التظاهر بأنك تعرف كل شيء، وأنك قادر على كل شيء وعلى فعل كل شيء. وهذا يجعل الآخرين يعبدونك ويعجبون بك. سيأتون إليك بجميع مشكلاتهم، ويتكلون عليك ويتطلعون. وهكذا، فالأمر كما لو أنك تضع نفسك على نار لتُشوى عليها؟ قل لي، أهو شعور حسن أن تُشوى على النار؟ (كلّا). أنت لا تفهم، ولكنك لا تجرؤ على القول إنك لا تفهم. لا يمكنك إدراك حقيقة الأمر، ولكنك لا تجرؤ على القول إنك لا تستطيع إدراك حقيقة الأمر. من الواضح أنك اقترفت خطأً ولكنك لا تجرؤ على الاعتراف به. فقلبك يتألم، ولكنك لا تجرؤ على أن تقول: "إنه خطئي حقًا هذه المرة، وأنا مدين لله ولإخوتي وأخواتي. لقد سبّبتُ خسارة كبرى لبيت الله، ولكنني لا أملك الشجاعة لأقف أمام الجميع وأعترف بذلك". لِمَ لا تجرؤ على الكلام؟ أنت تعتقد: "أنا بحاجة إلى أرقى إلى مستوى السمعة والهالة اللتين منحني إياهما إخوتي وأخواتي، ولا يمكنني أن أخون الاحترام والثقة الكبيرين اللذين يحملانهما لي، فضلًا عن التوقعات الحماسية التي حملوها تجاهي سنين عديدة. ولذلك يتعين عليّ أن أستمر في التظاهر". ما صفة هذا التنكر؟ لقد حولت نفسك بنجاح إلى شخصية بارزة وإنسان خارق. يريد الإخوة والأخوات أن يأتوا إليك ليستفسروا ويستشيروا وحتى ليلتمسوا منك المشورة حول أية مشكلات تواجههم. يبدو أنهم لا يستطيعون أن يعيشوا من دونك. ولكن أليس قلبك يتألم؟ بالطبع، لا يشعر بعض الناس بهذا الألم. فضد المسيح لا يشعر بهذا الألم، بل يبتهج به، ظنًّا منه أن مكانته فوق الكل. لكن الشخص العاديّ والطبيعيّ يشعر بالألم عندما يُشوى على النار، فهو يشعر بأنه ليس شيئًا على الإطلاق، مثل شخص عادي بالضبط. إنه لا يعتقد أنه أقوى من الآخرين، وهو لا يرى أنه لا يمكنه إنجاز أي عمل فعلي فحسب، بل أنه أيضًا سيؤخر عمل الكنيسة وعمل شعب الله المختار، ولذلك فهو سيتلقى اللوم ويستقيل. هذا شخص لديه عقل. هل هذه المشكلة سهلة الحل؟ من السهل على ذوو العقل حل هذه المشكلة، ولكنها صعبة على من يفتقر إلى العقل. إن كنت بمجرد الحصول على المكانة تستمتع دون حياء بمنافع المكانة، بحيث تكون النتيجة أن تنكشف وتُستَبعد نظرًا لإخفاقك في القيام بعمل حقيقي، فقد جلبت هذا لنفسك وتستحق ما يصيبك! أنت لا تستحق حتى جزءًا قليلًا من الشفقة أو التعاطف. لِمَ أقول هذا؟ لأنك تصرّ على الوقوف في مكان عالٍ، وتضع نفسك على النار لتُشوى؛ لقد جرحت نفسك بنفسك. إن لم تُرد أن تجلس على النار وتُشوى فعليك بالتخلي عن كل هذه الألقاب والهالات، وباطلاع إخوتك وأخواتك على الحالات الحقيقية والخواطر التي في قلبك. وبهذه الطريقة يستطيع الإخوة والأخوات أن يعاملوك معاملة صحيحة ولا تحتاج إلى التنكر. والآن بعد أن أفصحت وسلطت الضوء على حالتك الحقيقية، ألا يشعر قلبك بمزيد من الارتياح والاسترخاء؟ فلماذا تسير بمثل هذا العبء الثقيل على ظهرك؟ إن بُحتَ بحالتك الحقيقية، هل سيحتقرك حقًا الإخوة والأخوات؟ وهل سيتخلون عنك حقًّا؟ قطعًا لا. بل على العكس، فإن الإخوة والأخوات سيستحسنونك ويعجبون بك لجرأتك في البوح بما في قلبك، وسوف يقولون إنك شخص صادق. لن يعوق هذا عملَك في الكنيسة، ولن يكون له أدنى تأثير سلبي فيه. إن رأى الإخوة والأخوات حقًّا أن لديك صعوبات فسوف يساعدونك ويعملون معك طواعية. ما رأيكم؟ أليس هذا ما سيكون عليه الحال؟ (أجل). إن من أغبى الأشياء أن تتنكر دومًا ليحترمك الآخرون. إن أفضل نهج أن تكون شخصًا عاديًّا بقلب سويّ، وأن تكون قادرًا على أن تفصح لشعب الله المختار بطريقة نقية وبسيطة، وتشارك كثيرًا في أحاديث من القلب. لا تقبلْ أبدًا أن يتطلع الناس إليك ويعجبوا بك وينهالوا عليك بالثناء الشديد، أو يقولوا لك كلمات مديح. يجب رفض هذه الأشياء جميعًا. على سبيل المثال، قد يقول بعض الناس: "ألستَ أستاذًا جامعيًّا؟ بما أنك واسع المعرفة، فلا بد أنك تملك فهمًا واسعًا للحق". قل لهم: "أي نوع من الأساتذة الجامعيين أنا؟ لا يمكن لأي مقدار من المعرفة أن يحل محل الحق. لقد سببت لي هذه المعرفة كثيرًا من المعاناة. إنها بلا فائدة تمامًا. لا ترفعوا من قدري، فما أنا سوى شخص عادي". بطبيعة الحال، يجد بعض الناس صعوبة في التخلي عن مكانتهم؛ فهم يريدون فعلًا أن يكونوا عاديين ومألوفين، وأن يقفوا في المكان اللائق بالمخلوق، وهم لا يودّون أن يعانوا هكذا، ولكنهم لا يسعهم التحكم بأنفسهم. إنهم يرون دومًا أنفسهم أناسًا متفوقين، ولا يمكنهم النزول عن مركزهم الرفيع، وهذه مشكلة. فهم يروق لهم الأمر عندما يلتف الناس حولهم ويرمقونهم بنظرات الإعجاب، ويحبون أن يذهب الناس إليهم بكل مشكلاتهم، وأن يتكلوا عليهم، ويستمعوا إليهم، ويتطلعوا إليهم. يعجبهم أن يعتقد الناس أنهم أناس متفوقون وخبراء في كل شيء، وأنهم عالمون بكل شيء بحيث لا يوجد شيء يتعذر عليهم فهمه، بل إنهم يعتقدون أنه سيكون أمرًا جيدًا ورائعًا إن اعتبرهم الناس غالبين. هذا أمر يتعذر علاجه. يتقبل بعض الناس المجاملات والأكاليل التي يمنحهم إياها الآخرون، ويؤدون دور الإنسان الخارق والشخص العظيم لمدة من الزمن، ولكنهم يشعرون بعدم الارتياح ويعانون الألم. ما الذي ينبغي لهم فعله؟ كل من يريد أن يمدحك في الواقع يضعك على النار لتُشوى، فعليك أن تبقى بعيدًا عنهم، وإلّا فجد فرصة لتكشف لهم حقيقة فسادك، وتتحدث إليهم عن حالتك الحقيقي، وتكشف لهم عن عيوبك وإخفاقاتك، وبهذه الطريقة، لن يعبدوك أو يتطلعوا إليك. هل من السهل فعل هذا؟ الواقع أن فعله سهل. إن لم تستطع حقًّا فعل هذا فيدل ذلك على أنك شديد الغطرسة والغرور؛ فأنت حقًا تعتبر نفسك إنسانًا خارقًا وشخصية عظيمة، ولا تكره إطلاقًا هذا النوع من الشخصيات أو تبغضه في قلبك. وعليه، فلا يمكنك سوى انتظار العثرات التي تخزيك في نظر الآخرين. إن كنت شخصًا ذا عقل فعلًا، فستبغض الشخصية الفاسدة التي تريد دومًا أن تلعب دور الإنسان الخارق والشخصية العظيمة وتشمئز منها. على الأقل، يجب أن يكون لديك هذا الشعور. وعندئذ فحسب يمكنك أن تكره نفسك وتتمرد على الجسد. كيف ينبغي أن تمارس لتكون شخصًا اعتياديًا، وشخصًا عاديًّا، وشخصًا طبيعيًّا؟ أولًا، عليك أن ترفض تلك الأشياء التي تتمسك بها وتتخلى عنها والتي تظن أنها جيدة جدًّا وذات قيمة، وكذلك تلك الكلمات السطحية الجميلة التي يستخدمها الآخرون في الإعجاب بك والثناء عليك. إذا كنت، في قلبك، على معرفة واضحة بشأن نوع الشخص الذي أنت عليه، وما هو جوهرك، وما هي إخفاقاتك، وما الفساد الذي تظهره، فعليك أن تتعاون علنًا مع أشخاص آخرين، حتى يتمكنوا من رؤية حالتك الحقيقية، ما هي أفكارك وآراؤك، حتى يعرفوا ما لديك من معرفة بمثل هذه الأشياء. مهما فعلت، لا تتظاهر أو ترتدِ قناعًا، لا تُخفِ فسادك وإخفاقاتك عن الآخرين، حتى لا يعرف أحد بأمرها. هذا النوع من السلوك الزائف هو عقبة موجودة في قلبك، وهو يمثل أيضًا شخصية فاسدة، ويمكن أن يمنع الناس من التوبة والتغيير. يجب أن تصلي إلى الله، وتتوقَّف للتفكير وتحليل الأشياء الكاذبة مثل الثناء الذي يمنحك إياه الآخرون، والمجد الذي يغمرونك به، والأكاليل التي يمنحونها لك، يجب أن ترى الضرر الذي تسببه لك هذه الأشياء - وعند القيام بذلك، ستعرف حدودك، وستصل إلى معرفة ذاتك، ولن ترى نفسك بعد ذلك على أنك إنسان خارق، أو شخصية عظيمة. بمجرد أن يكون لديك مثل هذا الوعي الذاتي، يصبح من السهل عليك أن تقبل الحق، وأن تقبل كلام الله وما يطلبه الله من الإنسان في قلبك، وأن تقبل خلاص الخالق لك، وأن تكون بثبات شخصًا عاديًا، شخصًا صادقًا وموثوقًا، وأن تقيم علاقة طبيعية بين نفسك - ككائن مخلوق، وبين الله - الخالق. هذا هو بالضبط ما يطلبه الله من الناس، وهو أيضًا شيء يمكنهم تحقيقه بالكامل. لا يسمح الله إلّا للأناس العاديين والطبيعيين بالمثول أمامه؛ فهو لا يقبل العبادة من أولئك المشاهير المتصنعون والزائفون والشخصيات العظيمة والناس الخارقين. عندما تتخلى عن هذه الهالات الزائفة، وتعترف بأنك شخص عاديّ وطبيعيّ، وتأتي إلى الله لتطلب الحق وتصلي إليه، سيكون القلب الذي تحمله له أكثر صدقًا، وستشعر بمزيد من الارتياح. وستشعر، في وقت كهذا، بأنك تحتاج إلى الله ليسندك ويعينك، وسيكون بمقدورك أن تمثل أمام الله أكثر لتطلب وتصلي إليه. قولوا لي: هل ترون أنه من الأسهل أن يكون أحدكم شخصية عظيمة أو إنسانًا خارقًا، أو شخصًا عاديًّا؟ (شخصًا عاديًا). نظريًّا، من السهل أن تكون شخصًا عاديًّا، لكنه من الصعب أن تكون شخصية عظيمة أو إنسانًا خارقًا، الأمر الذي يسبب الألم دائمًا. لكن عندما يتخذ الناس خياراتهم الخاصة ويطبقون ذلك، لا يسعهم إلّا أن يريدوا أن يكونوا إنسانًا خارقًا أو شخصية عظيمة. فهم لا يستطيعون أن يتمالكوا أنفسهم، وهذا ناجم عن جوهر طبيعتهم. ومن ثم فإن الإنسان يطلب خلاص الله. في المستقبل، عندما يسألكم شخص: "كيف يمكن للمرء أن يتوقف عن محاولة أن يكون إنسانًا خارقًا وشخصية عظيمة؟" فهل ستتمكنون من الإجابة عن هذا السؤال؟ كل ما تحتاجون إلى فعله هو ممارسة الطريقة التي وضعتُها. كن شخصًا عاديًّا، ولا تموّه نفسك، وصلِّ إلى الله، وتعلّم أن تفصح بطريقة بسيطة وتعلم أن تتكلم مع الآخرين من القلب. سوف تثمر مثل هذه الممارسة بطبيعة الأمر، وتدريجيًّا ستتعلم أن تكون شخصًا عاديًّا، ولن تسأم من الحياة بعد، ولا بالوجع والألم. فكل الناس أناس عاديون، لا فرق بينهم، باستثناء أن مواهبهم الشخصية مختلفة، ويمكن أن يختلفوا فيما بينهم إلى حدٍّ ما من حيث مستوى القدرات. ولولا خلاص الله وحمايته لارتكبوا جميعًا الشر ولَعانَوا العقوبة. إن استطعت الاعتراف بأنك شخص عادي، واستطعت من التحرر من داخل تصورات الإنسان وأوهامه الفارغة، وطلبت أن تكون شخصُا صادقًا وأن تقوم بأعمال صادقة، واستطعت الخضوع لله بهمة، فلن تعاني أية مشكلات، وستعيش بالكامل شبه الإنسان. الأمر بهذه البساطة، فلِمَ إذًا لا يوجد مسار؟ ما قلتُه الآن بسيط جدًا. هذا في الواقع هو الحال بالضبط. فالذين يحبون الحق يمكنهم قبوله تمامًا، وسيقولون أيضًا: "في الواقع، لا يتطلب الله من الإنسان أكثر من المعقول. يمكن تلبية جميع متطلباته بضمير الإنسان وعقله. ليس من الصعب على المرء أن يتقن أداء واجبه. إن تصرف شخص من القلب وكانت لديه الإرادة والرغبة في ممارسة هذا، فمن السهل تحقيق ذلك". غير أن بعض الناس لا يمكنهم تحقيق ذلك. فبالنسبة إلى الذين لديهم مطامح ورغبات على الدوام، ويودون دومًا أن يكونوا أشخاصًا خارقين وشخصيات عظيمة، رغم أنهم يريدون أن يكونوا أشخاصًا عاديين، ليس من السهل عليهم ذلك. إنهم يشعرون دائمًا بأنهم أعلى وأفضل من غيرهم، ولذلك فإن قلوبهم وعقولهم بكاملها تسيطر عليها الرغبة في أن يكونوا أشخاصًا خارقين أو شخصيات عظيمة. وهم لا يفتقرون إلى الرغبة في أن يكونوا أناسًا عاديين ويحافظوا على مكانتهم بصفتهم مخلوقات فحسب، بل يقطعون عهدًا بأنهم لن يتخلوا عن سعيهم ليكونوا أناسًا خارقين وشخصيات عظيمة، وهذا أمر يتعذر علاجه.

بعض الناس لا يطلبون الحق، ولا يصلّون إلى الله مهما واجهوا، ولا يتصرفون إلّا بناءً على رغباتهم ومواهبهم ومستوى قدراتهم. وحتى عندما يصلّون إلى الله فإنهم يكونون لا مبالين، وهم في قلوبهم يفكرون: "سواء أنارني الله أم لا فهذا شأنه. سأتصرف بالطريقة التي أرى أنها أفضل". يشعرون بأنهم قادرون تمامًا على معالجة هذه الأمور بأنفسهم، وأنهم أكْفاء تمامًا للقيام بالعمل الذي ينفذونه. بالنسبة لهم، ليست الصلاة إلى الله سوى إجراء سطحي. ما شاكلة أمثال هؤلاء الناس؟ هل بإمكانهم الإقرار بأنهم أناس عاديون وطبيعيون؟ هل يمكنهم الدخول في واقع كلمة الله؟ (لا، مطلقًا). هل يعتقد أمثال هؤلاء أن بإمكانهم فعل أي شيء؟ (أجل). هم يعتقدون أنهم حتى وإن لم يتصرفوا بما يتماشى مع كلام الله، يستطيعون التعامل مع أي شيء، وأنه يمكنهم إنجاز الأشياء من دون أي مشكلات أو صعوبات، من دون طلب كلام الله. أيّ مسار يسلكه أناس كهؤلاء؟ هل هو طريق طلب أن يكونوا أناسًا خارقين وشخصيات عظيمة؟ (أجل). ومهما كان حجم الفوضى التي يُحدثونها أو عدد التعديات التي يرتكبونها، فهي في نظرهم لا تعدّ شيئًا. وما داموا قد فعلوا أشياء كثيرة، وراكموا إنجازات معينة، وشعروا بدرجة ما من الإحساس بالفوقية، فإنهم يشعرون بأنَّ لديهم موارد وقدرات. يظنون أنهم أُناس عملوا بجدٍ وأنجزوا الكثير لبيت الله. ليسوا بحاجة إلى كلام الله. ليسوا بحاجة إلى عمل الله. وهم أنفسهم يمكنهم فعل أي شيء. أمثال هؤلاء الناس لن يَمثلوا مطلقًا أمام الله. يتباهون بأنه ما من شيء لا يستطيعون فعله. عندما يواجههم شيء، لا يصلّون إلى الله أبدًا، ولا يطلبون مبادئ الحق، فضلًا عن أن يعقدوا شركة مع إخوتهم وأخواتهم، ولا يطلبون أبدًا من الأعلى، فضلًا عن طلب الحق في كلام الله. هم يرون أن كثيرًا من الأشياء لم يتم التطرق إليها في كلام الله ولم توضَّح على نحو ملموس؛ ولذا فلا بأس في نظرهم في أن يعالجوا مثل هذه الأشياء بأنفسهم. دون أن يدروا، هم قد وضعوا الله جانبًا، ودون أن يدروا، هم يحتقرون الآخرين ويدوسون الجميع بالأقدام. إن الطريق الذي يسلكونه هو طريق أن يغدو المرء من المشاهير، أو شخصية بارزة وإنسانًا خارقًا، وفي نهاية المطاف، لا يمكن لشخص من هذا النوع أن يتمسك. لو طلبت منهم أن يتعلموا الإقرار بأنهم أشخاص عاديون، وأن لديهم قابلية لارتكاب أخطاء وتعديات، وكذلك الإخفاق، وأن لديهم الكثير من العيوب وأوجه القصور، فهل بإمكانهم فعل ذلك؟ (لا يمكنهم ذلك). إن طلبت منهم إزالة تلك الهالات والأكاليل، والتخلي عن التقدير العالي الذي يمنحهم إياه إخوتهم وأخواتهم، وعن هيبتهم ومكانتهم في الكنيسة، فهل سيوافقون؟ (لن يوافقوا). سيقولون: "كيف يمكنني التخلي هكذا برضا عن شهرتي وأكاليلي التي اكتسبتها بجهدي؟ أنا لست بذلك الغباء!" يرغبون بلهفة في أن يعاملهم مزيد من الناس بوصفهم أناسًا خارقين وشخصيات عظيمة، وهم لا يريدون أن يرى الناس أخطاءهم وعيوبهم ويعاملوهم على أنهم أشخاص عاديين. وهم يكرهون بدرجة أكبر أن يفضح الناس أخطاءهم وإخفاقاتهم وسلوكهم. هل يستطيع أمثال هؤلاء الأشخاص الإكثار من الوقوف أمام الله للصلاة وطلب الحق؟ (لا يمكنهم ذلك). حتى وإن مثلوا أمام الله للصلاة، هل سيكون لديهم قلب صادق؟ كلا. كل ما يقولونه ويفعلونه هو من أجل الإكليل الذي على رؤوسهم ومن أجل رفعتهم، وهم يفعلون الأشياء لكي يراها الجميع، لكنهم لن يقبلوا تمحيص الله، ولا يمكنهم تقديم قلب مخلص لله، وهو ما لا يمتلكونه. لا يمكنهم بأي شكل من الأشكال استيعاب مقاصد الله في كلمة الله والتصرف وفقًا لما يطلبه الله؛ ولذلك، حتى وإن كان هذا النوع من الأشخاص يريد أن يطلب الحق وأن يُخلَّص من الرغبة في أن يكون من المشاهير أو من الشخصيات العظيمة، فهو غير مخلص. إنهم لا يستطيعون التمرد على الجسد، ولا ممارسة الحق. أي نوع من الأشخاص هم؟ عديمو إيمان، وأضداد للمسيح. ما إن يحظى أضداد المسيح بالمكانة والنفوذ وشيء من الرفعة بين الناس حتى ينخرطوا بنشاط في إقامة مملكة مستقلة، ويمضوا في طريق لا عودة منه. ومهما أشركتهم مرارًا في شركة حول الحق أو هذبتهم، فسيكون ذلك هباءً. إن الشركة حول الحق في بيت الله، والحديث عن الشهادات الاختبارية، والسعي إلى محبة الله والشهادة له، والمشاركة في شركة حول الاستيعاب الخالص ومبادئ الحق – هذه الأمور الإيجابية ليست فعالة إلّا للذين يحبون الحق ولديهم تطلع هائل إلى الله. أما مع الذين لا يحبون الحق، والذين لا يسعون إلّا وراء البركات، والذين يحبون أن يلعبوا دور الإنسان الخارق والشخصية العظيمة، فإن هذه الأشياء لا فائدة منها على الإطلاق. إن أي حقائق وكلمات صحيحة وأشياء إيجابية هي جميعًا للذين يحبون الحق، ويحبون كلمة الله، ولديهم تطلع هائل إلى الله. بعد استماع الذين لا يمتلكون هذه المؤهلات إلى الحق، فهم أيضًا سيقولون إن الحق هو الصواب وهو الخير، لكنهم سيتدبرون ويفكرون: "ما الذي أعيش لأجله؟ لأجل الرفعة والمكانة والأكاليل والهالات ومكافآت الله. هل تظل لدي كرامة من دون هذه الأشياء؟ ما معنى حياتي؟ أليس الإيمان بالله مجرد وسيلة للسعي وراء المكافآت والأكاليل؟ الآن وقد دفعت الثمن بهذا القدْر الكبير من قلبي ودمي، وبعد الانتظار هذه المدة الطويلة، حان الوقت أخيرًا لكي يكافئ الله الصالحين ويعاقب الأشرار. هذا هو الوقت الذي ينبغي فيه أن أُتوَّج وأتلقى مكافأتي. كيف يمكنني أن أتنازل عن هذا لشخص آخر؟ أن أكون شخصًا طبيعيًّا، شخصًا عاديًّا، مثل كل الأشخاص الآخرين العاديين – ما الفائدة من العيش على ذلك النحو؟ أنا لست بذلك الغباء!". أليس مثل هذا الشخص عصيٌّ على العلاج؟ (بلى). لا تسعَ إلى إقناع أشخاص كهؤلاء؛ فالحق ليس لأجلهم، وليس ما يريدونه بالحق. لا يطلب هذا النوع من الأشخاص سوى البركات والأكاليل، وتتجاوز رغباتهم ومطامحهم حدود ما هو ضروري للناس الطبيعيين. لا يستطيع بعض الناس أن يتصور سبب تمسك شخص من هذه النوعية بالمكانة والسلطة وعدم تخليه عنهما. هذا هو جوهر هذا النوع من الأشخاص وطبيعته الفطرية. لا يمكنك اكتشاف ذلك لأن جوهرك يختلف عن جوهره، ولا هو أيضًا يمكنه أن يستوعبك. لا يعرف السبب في أنك غبيٌّ إلى هذه الدرجة؛ أنت لا تريد أكاليل جاهزة وهالات ورفعة، وبدلًا منها تودّ أن تكون شخصًا عاديًّا. هو يجد هذا شيئًا لا يمكن تصوره. يفكر هذا النوع من الأشخاص: "أنت تطلب الحق بضمير حي، وتمارس ما يأمرك به الله، وتفعل ما يأمرك الله أن تفعله، وتخضع لكل ما يأمرك الله أن تفعله. كيف يمكنك أن تكون بهذا الغباء؟". يعتقد أن صدق المرء وممارسته للحق من الغباء والجهل والبلادة، ويعتقد أنَّ اًلسعي وراء المعرفة ولعب دور الشخص المتفوق ذكاء. ونظرًا لظنه أنه يفهم كل شيء، فإنه يَخلُص إلى أن "حياة الشخص الذي يفتقر إلى المكانة والرفعة ولا يضع أكاليل على رأسه، ولا قيمة له بين الناس ولا سلطة ليتحدث، عديمة الجدوى. إذا كان المرء لا يعيش للشهرة، فلا بد أن يعيش للربح، وإذا كان لا يعيش للربح فلا بد أن يعيش للشهرة". أليس هذا منطق الشيطان؟ لا علاج لهم ما داموا يعيشون بمنطق الشيطان. لم يستطيعوا قط قبول أيٍّ من كلمات الله، أو الأمور الإيجابية، أو النصح الصحيح. إن لم يكن بإمكانهم قبول هذا، فما الذي يمكن فعله؟ هذا الكلام الذي نتحدثه ليس موجَّهًا إليهم. إنما هو موجَّه فحسب إلى الناس ذوي الإنسانية الطبيعية، والأشخاص الذين لديهم تطلُّع هائل إلى الله؛ هو موجه إلى هؤلاء الأشخاص فحسب. هؤلاء الأشخاص وحدهم هم الذين يستطيعون الاستماع بجدية إلى كلام الله والتأمل فيه، ونيل فهم للحق، والعمل وفقًا لمبادئ الحق، وأداء واجباتهم وفقًا لمتطلبات الله، وممارسة كلام الله واختباره في البيئات التي رتبها الله، والدخول تدريجيًّا في واقع الحق. أما أولئك الذين يضمرون في قلوبهم الازدراء والعداء للأشياء الإيجابية ولكلمة الله، فلا يمكنهم تقبّل أن يعيشوا حياة غير لافتة وغير مميزة، وأن يكونوا أشخاصًا عاديين، وأن يَمثُلوا أمام الله بضمير حي، وأن يطلبوا وينتظروا بكل قلوبهم بشأن أمور لا يفهمونها. هم لا يرضون بأن يكونوا شخصًا كهذا؛ ومن ثم فمن المستحيل على شخص كهذا أن يُخلَّص. لمْ يُعَدُّ ملكوت السماء لأجل هؤلاء الأشخاص. هل تفهمون؟ (نفهم). من يستطيع أن يكون الكائن المخلوق العاديّ والطبيعيّ الذي يتحدث الله عنه، وأن يقف في المكان المناسب لكائن مخلوق، ومن يرغب في أن يكون ذلك الشخص الأحمق الذي يزدريه الآخرون، ويستطيع قبول كلام الله والخضوع له بغض النظر عما يقول، وأن يَمثل كثيرًا أمام الله، ويطلب كثيرًا، ويمتلك قلبًا مخلصًا – يمكنه أن يصبح أحد الغالبين الذين يتحدث الله عنهم. من يصبح أحد الغالبين الذين يتحدث الله عنهم سينال أخيرًا ما وعد الله به البشرية، وهذا مؤكد.

عندما يزِنُ الله ما إذا كان امرؤٌ ما صالحًا أم سيئًا، وما إذا كان يطلب الحق، وما إذا كان يستطيع نيل خلاص الله، فإن الله يأخذ في الحسبان استيعابه لكلامه وموقفه من كلامه، ويأخذ في الحسبان ما إذا كان الشخص يمارس الحقائق التي يفهمها، وما إذا كان يستطيع قبول الحق عندما يُهذب وعندما يتعرض للتجارب. إنه يأخذ في الحسبان ما إذا كان الشخص يرغب في الله ويقبله بقلب مخلص. لا يحكم الله على مستوى تعليمه ومستوى قدراته وكم يملك من المواهب، والمسافات التي قطعها مسافرًا، أو حجم العمل الذي قام به. لا يأخذ الله هذه الأشياء في الحسبان ولا يرغب فيها. هب أنك تودّ دومًا أن تأخذ رغباتك ومطامحك إلى الله لتحصل بدلًا منها على مكافآت وأكاليل، لكنك دائمًا ما كنت تُغفل كلام الله وتتجاهله. على الرغم من أن الله قد تكلم بالآلاف فوق الآلاف من الكلمات، لا كلمة واحدة من الله تبقى في قلبك، ولا حتى كلمة من مواعظ الله أو تحذيراته أو تذكيراته، أو حتى دينوناته وتوبيخاته أو تعاليمه – ليس لديك في قلبك كلمة واحدة من هذه الكلمات. إنك لا تتخذ كلمة واحدة مما تكلم به الله شعارًا لك في قلبك. قلبك لا يتذكر كلمة واحدة من الله، وفي الوقت نفسه لا تدفع أي ثمن لممارسة كلام الله والدخول فيه. إذا كان هذا كله صحيحًا، فإن آخرتك وغايتك، من منظور الله، قد تحددتا بالفعل. إذا كنت في حضرة الله، في حضرة الخالق، غير متصالح مع أن تكون شخصًا عاديًّا أو معتادًا؛ وإذا تجرأت في حضرة الخالق على أن تتصرف بوقاحة؛ وإذا أردت دومًا أن تلعب دور الشخصية العظيمة أو الإنسان الخارق والاستثنائي، ولم تبقَ في المركز الذي منحك الله إياه، فما الذي لا تزال ترغب في الحصول عليه من الله؟ هل سيمنحك الله إياه؟ إن أراد الناس أن يحصلوا على ما وعد الله به الإنسان، فعليهم أولًا اتباع طريق الله. هذا هو التوجيه العام. ومن أجل التوجيه المحدد، يتعين عليهم الاستماع إلى كلام الله وممارسته. هذا المسار لن يوجههم توجيهًا خاطئًا أبدًا. استمع إلى كلام الله ومارسْه، وحوّل كلام الله إلى واقع حياتك، وإلى أساس ما تقوله ومبادئه واتجاهه وهدفه، وكيفية سلوكك ورؤيتك للأمور وفعلك للأشياء. معنى هذا أن ما تقوله والأحكام التي تصدرها لا بد أن تستند إلى كلام الله. ومتى اخترت الانخراطَ مع شخص من نوع ما وتجنُّبَ شخص من نوع آخر أو رفضه، فلا بد أن يكون أساسك هو كلام الله. حتى وإن غضبت من آخرين وشتمتهم، فيجب أن تكون لأفعالك مبادئ وسياق، وأن تنسجم أساسًا مع الحق. وبهذه الطريقة ستعيش بحسب واقع كلمة الله وتحظى باستحسان الله. إن طلب الدخول في واقع الحق هو عملية السعي إلى الحق والعيش بحسب الإنسانية الطبيعية لكي تصبح مخلوقًا مؤهلًا. وهو أيضًا عملية التحرر من محاولة أن تكون إنسانًا خارقًا، أو شخصًا استثنائيا وأحد المشاهير، أو شخصية عظيمة. إن أردتَ تفادي طريق المجاهدة لأن تصبح شخصًا خارقًا، وأحد المشاهير، وشخصية عظيمة، أو تفادي هذا النوع من طرق السعي، فعليك أولًا أن تخفض من هيئتك وتتواضع، وتعترف بأنك شخص، شخص غير مهم، وشخص لا يمكنه فعل شيء بدون إرشاد الله؛ مجرد شخص عادي. عليك أن تقرّ بأنك لا شيء في معزل عن الله وكلامه. أنت شخص راغب في قبول سيادة الخالق وتنظيمه. من دون النفَس الذي وهبك الله إياه، ومن دون كل الذي منحك إياه، فأنت جثة وعديم الفائدة. بطبيعة الحال، في الوقت الذي تعترف فيه بهذه الأشياء، عليك أن تَمثُل أمام الله وتقْبل كل كلام الحياة الذي تكلم به. والأهم من ذلك، عليك أن تدخل في واقع هذا الكلام الذي تحدث به الله، وتجعل كلام الله في حياتك، وتجعله أساسًا وركيزة لحياتك ووجودك، وأن تحوله إلى مصدر لبقائك وسند له خلال حياتك كلها. هذا هو مقصد الله وأسمى متطلباته للإنسان.

كان الموضوع الرئيسي اليوم لشركتنا: كيف تعامل كلام الله، وكيف تأكل كلام الله وتشربه، وكيف يجب على الناس أن يقدّروا كلام الله، وكيف ينبغي أن يمارسوا كلام الله لكي يدخلوا في واقع الحق ويحظوا بالخلاص. وبصورة رئيسية، فقد شاركنا في شركة حول أهمية كلمة الله. هذه الأشياء هي تحديدًا الأشياء التي تفتقرون إليها، والأشياء التي ينبغي للإنسان أن يمتلكها. إن لم أكن قد عقدت شركة معكم على هذا النحو فما كنتم لتتمكنوا من رؤية مثل هذه الأمور بوضوح. يبدو أنكم تمتلكون على بعض المعرفة اللاشعورية، ولكنكم لا تستطيعون شرح ما تعرفون بوضوح. يشبه الأمر كتابة مقال، عندما تُحدد الخطوط العامة، ولكنكم لا تزالون لا تستطيعون صياغة المحتوى. هذا هو حالكم الفعلي. تُعتبر شركة اليوم حول هذه الأشياء تذكيرًا وتحذيرًا لكم. كلام الله أهم شيء لكل شخص، ولا بديل للحق. بمجرد أن تفهموا هذه النقطة، ينبغي أن يكون لديكم مسار لكيفية الممارسة. عليكم أن تفعلوا المزيد لتأكلوا كلام الله وتشربوه، وتمارسوا كلام الله لكي تدخلوا في واقع كلام الله. ما الذي يجب أن تفعله إن شعرت أن قامتك ضئيلة للغاية، وأن مقدرتك على الاستيعاب قاصرة، ولم تستطع النفاذ خلال كلمات الله العميقة أو تصل إليها، ولم تتمكن من تطبيقها على نفسك؟ ابدأ بالأكل والشرب من الكلمات والعبارات الضحلة، وفي قلبك استظهِر الكلمات البسيطة وسهلة الفهم التي يمكنك ممارستها بنفسك، واجعلها المبادئ التي تتّبعها في الممارسة، وتصرف وفقًا لكلام الله. إنْ قال الله اذهب شرقًا فاذهب شرقًا، وإن قال اذهب غربًا فاذهب غربًا، وإن قال أكثر من الصلاة فأكثر من الصلاة. افعل كل ما يقوله الله. أن يظنّ الآخرون أنك أحمق أفضل من أن تكون ما يعتبره الشيطان شخصًا ألمعيًا وذكيًّا. وحدهم الذين يختارون أن يمارسوا الحق هادفين فحسب في ربح استحسان الله هم الأذكياء والحكماء حقًّا.

25 أيلول سبتمبر 2021

السابق:  فهم الحق بالغ الأهمية لأداء المرء واجبه جيدًا

التالي:  كيف يعبر الإنسان إلى العصر الجديد

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب

Connect with us on Messenger